Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

حول كتاب إساءة اقتباس يسوع لبارت إيرمان-2

$
0
0
 

 

 
 
 

 

 
الفصل الثالث "نصوص العهد الجديد"، و الفصل الرابع "البحث عن الأصول"، يأخذنا من إيرازموس و اول عهد جديد يونانى منشور، الى نص ويستكوت و هورت. تمت مُناقشة العلماء الرئيسيين من القرن السادس عشر حتى التاسع عشر. هذا هو أكثر ما فى الكتاب موضوعية و يعطى القراءة سحراً. لكن حتى هنا، إيرمان يُدخِل وجهة نظره بإختياره للمادة. كمثال، فى مناقشة الدور الذى قام به بينجل فى تاريخ النقد النصى (ص 109 - 112)، إيرمان يُعطى هذا العالم المُحافظ الألمانى ثناء عالى كعالم: فهو كان "مُفسر حريص جداً للنص الكتابى" (ص 109)، "بينجل درس كل شىء بكثافة" (ص 111). يتحدث إيرمان ايضاً عن التقدمات الخارقة التى لبينجل فى النقد النصى (ص 111 - 112)، لكنه لا يذكر أنه كان أول عالم هام يتكلم بوضوح عن عقيدة أرثوذكسية القراءات. هذا إهمال غريب، لأنه على الجانب الأول، فإن إيرمان يعرف جيداً هذه الحقيقة، لأنه فى الإصدار الرابع لـ "نص العهد الجديد"، الذى يؤلفه الآن بروس ميتزجر و بارت إيرمان، و الذى ظهر قبل سوء إقتباس يسوع بشهور فقط، يُلاحظ الكاتبان:"بطاقة مميزة و مثابرة، بينجل دبّر بمشقة، كل الإصدارات، المخطوطات، و الترجمات القديمة المتوفرة له. بعد دراسة طويلة، وصل الى الإستنتاج؛ أن القراءات المُختلفة أقل فى عددها من المُتوقع، و أنهم لا يؤثرون على اى بند من العقيدة الإنجيلية". على الجانب الآخر، يذكر إيرمان بدلاً من ذلك، ج. ج. فيتشتين، أحد مُعاصرى بينجل، الذى حينما كان فى عمره الرقيق، العشرين، إفترض أن هذه القراءات:"لا يُوجد لها أى تأثير مُضِعف على سلامة الكتب المقدسة، و كونها جديرة بالثقة"، لكن بعد سنين لاحقة، و بعد دراسة حريصة للنص، فيتشتين غير وجهات نظره بعد أن "بدأ فى التفكير جدياً حول قناعاته اللاهوتية". أنه من المغرى أن نُفكر بأن إيرمان قد يكون رأى توازى بينه و بين فيتشتين: كما كان فيتشتين، إيرمان بدأ حياته كإنجيلى حينما كان فى الكلية، لكنه غير آراؤه حول النص و اللاهوت فى سنوات نضوجه. لكن النموذج الذى يُقدمه بينجل - عالم وقور يصل لإستنتاجات مُختلفة بوضوح - قد تم التغاضى عنه صراحةً.
 
ما أُهِمل ايضاً بغرابة كان مُحرك تشيندورف لعمله الذى لا يكل فى إكتشاف المخطوطات و نشر إصدار نقدى للنص اليونانى مع آداة نصية Critical Apparatus كاملة. تشيندورف معروف بشكل واسع، كأكثر ناقد نصى كادح فى كل الأزمنة. و ما حركه كان رغبته لإعادة تكوين أقدم شكل للنص - و هو النص الذى آمن أنه يُدافع عن المسيحية الأرثوذكسية ضد التشككية الهيجيلة لـ ف. س. باؤر و تابعيه. لا شىء من كل هذا تم ذكره فى سوء إقتباس يسوع.
 
بجانب الإنتقائية فى إختيار العلماء و آرائهم، فهذه الأربعة فصول تتضمنان إهمالين غريبين. اولاً، لا يوجد اى مناقشة للمخطوطات المتنوعة تقريباً. يبدو على الأغلب، أن البرهان الخارجى ليس هو ما يبدأ به إيرمان. و ما أبعد من ذلك، فإنه كلما قام بتنوير قراؤه من العامة ثقافياً حول هذا المجال المعرفى، لكنه حقيقةً إنه لا يُعطهم التفاصيل حول أى المخطوطات الأكثر جدارة بالثقة، المخطوطات الأقدم..إلخ، فإن هذا يسمح له بالتحكم فى إلقاء المعلومات. لقد اُحبِطت كثيراً فى دراستى المُتمعنة للكتاب، لأنه يتكلم عن قراءات مختلفة دون ان يُقدم الكثير، هذا اذا قدم اساساً، اى من البيانات المُدعمة لهم. حتى فى فصله الثالث "نصوص العهد الجديد: الإصدارات، المخطوطات، و الإختلافات"، هناك مُناقشة قليلة للمخطوطات، بدون مُناقشة خاصة لكل مخطوطة على حِدة. فى الصفحتين اللتين تتعاملان خصيصاً مع المخطوطات، يتحدث إيرمان فقط عن عددهم، طبيعتهم، و القراءات,
ثانياً، إيرمان يُبالغ فى نوعية القراءات بينما يكاد لا يتحدث عن عددهم. يقول:"هناك قراءات مُختلفة فى مخطوطاتنا أكثر من كلمات العهد الجديد". فى مكان آخر يقول أن عدد القراءات مُرتفع جداً لدرجة 400000 قراءة. هذا حقيقى فعلاً، لكنه مُضللاً. أى شخص يُدرِس النقد النصى للعهد الجديد، يعرف ان هذه الحقيقة هى فقط جزء من الصورة، و أنها إذا تُرِكت هكذا امام القارىء بلا شرح، فإنها تُقدِم صورة مُشوهة. فى الوقت الذى ينكشف فيه ان الغالبية العظمى من هذه الخلافات غير هامة - تتضمن إختلافات فى التهجئة لا يُمكن حتى ترجمتها، ادوات تعريف للأسماء العلم، تغيير ترتيب الكلمات، و ما الى ذلك - و أن أقلية صغيرة جداً من القراءات، تغير معنى النص، فإن الصورة الكاملة تظهر فى الجوهر. فعلياً، مجرد 1 % من القراءات النصية لها معنى و قابلة للتطبيق,لكن الإنطباع الذى يعطيه إيرمان احياناً خلال الكتاب - و يُكرره فى حواراته - هو إنعدام الثقة بالجملة حول الكلمات الأصلية، و هى رؤية متطرفة بعيداً عما يتقبله هو.
يُمكننا شرح الأمور بهذه الطريقة. هناك تقريباً 138000 كلمة فى العهد الجديد اليونانى. الإختلافات فى المخطوطات، الترجمات، الآباء، تُكون نحو ثلاث أضعاف هذا الرقم. للوهلة الأولى، فهذه كمية مُدهشة. لكن فى ضوء الإحتماليات، فهى، عملياً، تافهة. كمثال، تأمل الطرق التى يُمكن ان نقول بها "يسوع يُحِب بولس"باليونانية:
 
1. ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ Παῦλον
2. ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ τὸν Παῦλον
3. ὁ ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ Παῦλον
4. ὁ ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ τὸν Παῦλον
5. Παῦλον ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ
6. τὸν Παῦλον ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ
7. Παῦλον ὁ ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ
8. τὸν Παῦλον ὁ ᾿Ιησοῦς ἀγαπᾷ
9. ἀγαπᾷ ᾿Ιησοῦς Παῦλον
10. ἀγαπᾷ ᾿Ιησοῦς τὸν Παῦλον
11. ἀγαπᾷ ὁ ᾿Ιησοῦς Παῦλον
12. ἀγαπᾷ ὁ ᾿Ιησοῦς τὸν Παῦλον
13. ἀγαπᾷ Παῦλον ᾿Ιησοῦς
14. ἀγαπᾷ τὸν Παῦλον ᾿Ιησοῦς
15. ἀγαπᾷ Παῦλον ὁ ᾿Ιησοῦς
16. ἀγαπᾷ τὸν Παῦλον ὁ ᾿Ιησοῦς
 
هذه الخلافات تُمثل فقط جزء بسيط من الإحتمالات. كمثال، إذا إستخدمت الجملة φιλεῖ بدلاً من ἀγαπᾷ، او اذا بدأت بأداة ربط مثل δεv, καιv أو μέν، فالخلافات المُمكنة ستنمو مُضاعفةً. بالإضافة الى عامل المرادفات كذلك (مثل κύριος بدلاً من ᾿Ιησοῦς)، إختلافات التهجئة، و الكلمات الإضافية (مثل Χριστός، أو ἅγιος مع Παῦλος)، و هكذا، قائمة الإختلافات الممكنة التى لا تؤثر على جوهر العبارة، تتزايد للمئات. إذا كانت عبارة بسيطة كهذه "يسوع يُحِب بولس"يُمكن ان يُوجد لها قراءات غير هامة كثيرة جداً، فإن مجرد 400000 قراءة ضمن مخطوطات العهد الجديد، يبدو كأنه كمية مُهملة.
لكن هذه الإنتقادات هى إعتراضات ثانوية. فلا يُوجد شىء حقيقى مُزلزل فى أول اربعة فصول. على العكس، ففى المقدمة نرى مُحرِك إيرمان، و آخر ثلاث فصول تكشف أجندته. فى هذه الأماكن خاصةً، فإنه مستفز و مُبالغ جداً و لا يتبع قواعده المنطقية. بقية مُراجعتنا سوف تُركز على هذه المادة.
 
خلفية ايرمان الإنجيلية
 
فى المقدمة، يتحدث ايرمان عن خلفيته الإنجيلية (ثلاث سنوات بمعهد مودى الكتابى، سنتين فى كلية ويتون حيث تعلم اليونانى لأول مرة)، ثم ماجستير فى اللاهوت و دكتوراه فى الفلسفة فى معهد برينستون. لقد كان فى برينستون حيث بدأ ايرمان فى رفض بعض ما تعلمه فى نشأته الإنجيلية، خاصةً أنه تصارع مع تفاصيل نص العهد الجديد. فهو يُشير الى ان دراسة مخطوطات العهد الجديد، خلقت شكوكاً فى عقله:"لقد كنت دائم العودة الى سؤالى الرئيسى: كيف يُمكن ان يُساعدنا القول بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله المعصومة، إذا كنا فى الحقيقة لا نمتلك تلك الكلمات التى أوحاها الله معصومةً، بل بدلاً من ذلك، الكلمات التى نسخها النُساخ، بعض الأحيان بشكل صحيح و بعض الأحيان (أحيان كثيرة!) بشكل خاطىء؟" هذا سؤال ممتاز، و قد تم إبرازه بشكل جلى فى سوء إقتباس يسوع، بشكل مُكرر خلال الكتاب. للأسف، ايرمان، حقيقةً، لم يقضى وقتاً أطول متصارعاً معه مباشرةً.
بينما كان فى برنامج الماجستير، أخذ كورس عن انجيل مرقس، من الأستاذ كولين ستورى. لأجل بحث الفصل الدراسى، كتب عن مشكلة حديث يسوع عن دخول داود للمعبد:"حينما كان آبياثار رئيس الكهنة" (مرقس 2 : 26). المشكلة المُحيرة المعروفة الممثلة إشكالاً للعصمة، لأنه تبعاً لـ 1 صم 21، كان أخيمالك والد آبياثار هو الكاهن حينما دخل داود المعبد. لكن ايرمان كان مُصمم ان يقوم بعمل ما رآه المعنى الواضح للنص، بهدف إنقاذ العصمة. يُخبر ايرمان قراؤه عن تعليق الأستاذ ستورى حول البحث:"دخل بإستقامة بداخلى. لقد كتب: ربما مرقس قد إرتكب خطأ". هذه كانت لحظة حاسمة فى رحلة ايرمان الروحية. حينما إستنتج ايرمان ان مرقس قد يكون اخطأ، "إنفتحت الحواجز على مصراعيها"ثم بدأ فى الشك فى الموثوقية التاريخية للكثير من النصوص الكتابية الأخرى، مما أدى الى "تغير زلزالى"فى فهمه للكتاب المقدس. يقول ايرمان:"الكتاب المقدس بدأ فى الظهور إلىّ ككتاب بشرى جداً...لقد كان هذا كتاب بشرى من البداية للنهاية".
ما يعوقنى بشكل جدير بالمُلاحظة فى كل هذا، هو كيف ان ايرمان يربط العصمة بالموثوقية التاريخية للكتاب المقدس. لقد كانت مسألة "كل شىء او لا شىء"بالنسبة له. لايزال يرى الأشياء كسوداء او بيضاء، فهو يختتم شهادته بهذه الكلمات:"انها نقلة جذرية من قراءة الكتاب المقدس كالطبعة الزرقاء المعصومة لإيماننا، حياتنا، و مستقبلنا، لرؤيته ككتاب بشرى جداً...هذه النقلة هى التى انتهيت لها فى فكرى الخاص، و التى أُسلِم بها تماماً الآن". يبدو أنه لا يوجد اى خلفية متوسطة فى رؤيته للنص. بإختصار، يبدو ان ايرمان يتمسك بما أسميه "النظرة الدومينية للعقيدة". حينما تسقط واحدة، كلهم جميعاً يسقطون. سوف نعود لهذا الموضوع فى الخاتمة.
الإفساد الأرثوذكسى للكتاب المقدس
 
الفصول 5، 6، و 7 هى قلب الكتاب. و هنا يُناقش ايرمان النتائج التى توصل لها فى تحقيقاته فى عمله الرئيسى، الإفساد الأرثوذكسى للكتاب المقدس. فصله الإستنتاجى يختتم بالنقطة التى يسوقها فى هذا المقطع:"أنه من الخطأ القول، كما يفعل البعض، ان التغييرات فى نصنا لا تحمل اى شهادة لما يعنيه النص، او الإستنتاجات اللاهوتية التى يتوصل لها القارئ منهم. فى الحقيقة، لقد رأينا ان القضية هي بالعكس".
لنتوقف لنُلاحظ نقطتين لاهوتيتين متزمتتين تم تأكيدهما فى سوء إقتباس يسوع: الأولى كما ذكرنا سابقاً، هى ان الحديث عن عصمة الكتاب المقدس لا صلة له لأننا لا نمتلك الوثائق الأصلية؛ و الثانية أن القراءات فى المخطوطات تُغير اللاهوت الأساسى للعهد الجديد.
 
المُغالطة المنطقية فى رفض عصمة الأصول
 
رغم ان ايرمان لم يُطور إحتجاجه الأول، فإنه يستحق الرد. نحتاج ان نبدأ بالتفريق الحريص بين الوحى الفعلى و العصمة. الوحى يرتبط بكلمات الكتاب المقدس، بينما العصمة ترتبط بحقيقة العبارة. الإنجيليين الأميركيين يؤمنون بشكل عام، أن النص الأصلى فقط هو المُوحى به. لكن هذا لا يعنى أن النُسخ لا يُمكن ان تكون معصومة. بالعكس، فهناك عبارات لا علاقة لها بالكتاب المقدس و يُمكن ان تكون معصومة. اذا انا قلت:"انا متزوج، و لدىّ اربعة ابناء، كلبين، و قطة"، فهذه عبارة معصومة. هى عبارة غير مُوحى بها، ولا علاقة لها بالكتاب المقدس تماماً، لكنها حقيقية. و بالمثل، سواء قال بولس "لنا سلام"او "ليكن لنا سلام"فى رومية 5 : 1، فإن كلا العبارتين حقيقيتين (رغم ان كل منهما لها معنى مختلف)، رغم ان واحدة فقط هى المُوحى بها. الإنتباه لهذا التمييز فى العقل اثناء الإهتمام بالقراءات النصية للعهد الجديد، سوف يوضح الأمور.
 
بغض النظر عما يعتقده الفرد عن عقيدة العصمة، فإن الإحتجاج ضدها بناء على الأصول الغير معروفة هو مُغالطة منطقية. و هذا لسببين. اولاً، نحن لدينا نص العهد الجديد فى مكان ما من المخطوطات. لا يوجد اى حاجة للتخمين، إلا ربما لمكان واحد او إثنين. ثانياً، النص الذى تقدمه لنا القراءات القابلة للتطبيق، ليس مشكلة أكثر صعوبةً للعصمة من مُشكلات أخرى موجودة بينما النص مُحكم. لنكن واثقين الآن أنه هناك فى القراءات النصية بعض التحديات للعصمة. هذا لا يُمكن انكاره. لكن ببساطة، هناك مشكلات أكبر تواجهنا حينما نأتى لموضوعات وجوه العصمة.
و هكذا، اذا كان التنقيح الحدسى غير ضرورى، و اذا كان لا يُوجد قراءة قابلة للتطبيق يُمكن ان تُسجل صورة على شاشة الرادار المُسمى "مشكلات العصمة"، فإن عدم إمتلاك الأصول هو نقطة موضع نقاش لهذه العقيدة. إنها بالتأكيد ليست نقطة موضع نقاش للوحى الفعلى بل للعصمة.
 

 

 
عقائد اساسية تأثرت بالقراءات النصية؟
 
نقطة ايرمان الثانية اللاهوتية تحتل الدرجة المركزية فى كتابه. تبعاً لذلك، فهى ستحتل بقية هذه المراجعة.
 
فى الفصلين الخامس و السادس، يُناقش ايرمان عدة نصوص تتضمن قراءات يُزعم انها تؤثر على العقائد اللاهوتية الجوهرية. يُلخص نتيجة تحقيقاته فى فصله الختامى كما يلى:"فى بعض الأحيان، معنى النص فى خطر، مُعتمداً على كيفية حل الفرد المشكلة النصية: هل كان يسوع رجل غاضب (مرقس 1 : 41)؟ هل كان مهتاج كليةً فى مواجهة الموت (عب 2 : 8 - 9)؟ هل أخبر تلاميذه انهم يقدرون على شرب السم دون ان يؤذيهم (مرقس 16 : 9 - 20)؟ هل أفلت زانية من بين مُقتنصيها بلا شىء سوى تحذير مُعتدل (يو 7 : 53 - 8 : 11)؟ هل علّم العهد الجديد بوضوح عن عقيدة الثالوث (1 يوحنا 5 : 7 - 8)؟ هل سُمى يسوع فعلاً "الإله الوحيد"فى يوحنا 1 : 18؟ هل يُوضح العهد الجديد ان حتى ابن الله نفسه لا يعرف متى سوف تكون النهاية (متى 24 : 36)؟ الاسئلة تأتى كثيراً، و كلهم مرتبطين بكيفية حل الفرد للصعوبات الموجودة بالتقليد المخطوطى كما تسلمناه".
 
من الواضح ان تلخيص كهذا مقصود به التركيز على المقاطع الإشكالية الرئيسية التى ناقشها ايرمان. هكذا، و تبعاً للقاعدة الرابينية المعروفة جداً:"من الأعلى للأسفل" a maiore adminus او الإحتجاج من الأكبر الى الأقل، فسوف نُخاطب هذه السبعة نصوص فقط.
 
المشكلة مع النصوص الإشكالية
 
ثلاثة من هذه المقاطع اعتبرهم علماء العهد الجديد غير اصليين - من ضمنهم غالبية علماء العهد الجديد الإنجيليين - لأكثر من قرن (مرقس 16 : 9 - 20، يوحنا 7 : 53 - 8 : 11، و 1 يوحنا 5 : 7 - 8).. رغم ذلك فإن ايرمان يكتب و كأن استئصال هذه النصوص يُمكن ان يُهدد قناعاتنا اللاهوتية. يصعب أن يكون هذا صحيحاً. (سوء نؤجل مناقشة أحد هذه النصوص، 1 يوحنا 5 : 7 - 8، للنهاية).
 
آخر إثنى عشر عدداً فى مرقس و قصة الزانية
 
فى نفس الوقت، فإن ايرمان يُشير الى موضوع صحيح. إن اي مراجعة عملية لأى ترجمة إنجليزية اليوم، تكشف ان الخاتمة الأطول لمرقس و قصة الزانية، موجودين فى أماكنهم المُعتادة. هكذا، ليس فقط نُسخة الملك جيمس و نُسخة الملك جيمس الجديدة بهم المقاطع (كما يُمكن ان يُتوقع)، لكن كذلك النُسخة الأميركية القياسية، النُسخة المُنقحة القياسية، النُسخة المنقحة القياسية الجديدة، النسخة الدولية الحديثة، النسخة الدولية الحديثة اليوم، الكتاب المقدس الأميركى القياسى الجديد، النسخة الإنجليزية القياسية، النسخة الإنجليزية اليوم، الكتاب المقدس الاميركى الجديد، الكتاب المقدس اليهودى الجديد، الترجمة الإنجليزية الحديثة. رغم ذلك، فالعلماء الذين أصدروا هذه الترجمات، لا يعهدون لأصالة هذه النصوص. الأسباب بسيطة بما فيه الكفاية: انهم غير موجودين فى أقدم و أفضل المخطوطات، و برهانهم الداخلى ضد أصالتهم بلا جدال. لماذا هم إذن مازالوا فى هذه الكتب المقدسة؟
 
الإجابة لهذا السؤال متنوعة. يبدو للبعض ان بقائهم فى الكتب المقدسة بسبب تقليد الجبن. يبدو ان هناك اسباب وجيهة لذلك. الأساس المنطقى نموذجياً هو أنه لا أحد سيشترى نسخة اذا لا يوجد بها هذه المقاطع الشهيرة. و اذا لم يشتريها أحد، فإنها لن تؤثر على المسيحيين. بعض الترجمات وضعت قصة الزانية بسبب تفويض من السلطات البابوية بإعتبارها مقطع من الكتاب المقدس. الكتاب المقدس الإنجليزى الحديث و الكتاب المقدس الإنجليزى المُنقح وضعوها فى نهاية الأناجيل، بدلاً من مكانها التقليدى. النُسخة الدولية الجديدة اليوم و الترجمة الإنجليزية الحديثة وضعوا كلاً من النصين بخط أصغر بين أقواس. بالتأكيد الشكل الأصغر يجعلهما من الصعب قراءتهما من قِبل الوعاظ. الترجمة الإنجليزية الحديثة تضع مُناقشة مُطولة حول عدم أصالة هذه الأعداد. غالبية الترجمات تذكر ان هذه القصص غير موجودة فى أقدم المخطوطات، لكن تعليق كهذا نادراً ما يُلاحظه القراء اليوم. كيف نعرف هذا؟ من موجات الصدمة التى قام بها كتاب ايرمان. فى الإذاعة، التليفزيون، الحوارات الصحفية مع ايرمان، قصة المرأة التى أُمسِكت فى الزنا هى دائماً اول نص يُقدم على انه غير أصيل، و هذا التقديم مُعَد لتنبيه المستمعين.
 
إطلاع العامة على الأسرار العلمية حول نص الكتاب المقدس ليس جديداً. إدوارد جيبون، فى كتابه الأعلى مبيعاً ذى الستة أجزاء، سقوط و إنحدار الإمبراطورية الرومانية، دوّن ان الفاصلة اليوحناوية، او الصيغة الثالوثية فى 1 يوحنا 5 : 7 - 8، ليست أصلية. و هذا قد صدم العامة فى بريطانيا فى القرن الثامن عشر، لأن كتابهم المقدس الوحيد هو النُسخة المُرخصة، التى احتوت على الصيغة. "آخرين قد قاموا بهذا قبله، لكن فقط فى الدوائر الدراسية و الأكاديمية. جيبون قام بهذا للعامة، بلغة مُزعجة". لكن مع صدور النُسخة المُنقحة فى عام 1885، لم يعد هناك أثر للفاصلة. أما اليوم، فإن النص لا يُطبع فى الترجمات الحديثة، و بصعوبة يُمكن ان يجذب اى عين له.
 
ايرمان تبع قافلة جيبون بتعريض العامة لعدم أصالة مرقس 16 : 9 - 20 و يوحنا 7 : 53 - 8 : 11. لكن المشكلة هنا مختلفة قليلاً. النص الثانى يتمتع بعواطف قوية. لقد كان مقطعى المُفضل الغير موجود بالكتاب المقدس لسنوات. انا حتى استطيع ان أعظ حوله كقصة تاريخية حقيقية، حتى بعد ان رفضت أصوليته الأدبية - القانونية. و نحن نعلم بالوُعاظ الذين لا يستطيعون الكف عنه رغم انهم ايضاً لديهم شكوك حوله. لكن هناك مشكلتين فى هذه الطريقة لفهم الموضوع. اولاً، حول شعبية النصين، فإن يوحنا 8 هو المُفضل بشكل ساحق، رغم ذلك فإن ترخيصات إعتماده الخارجية هى اسوء بشكل هام من مرقس 16. هذا التناقض مرعب. شىء ما ناقص فى معاهدنا اللاهوتية حينما تكون مشاعر الفرد هى الحكم فى المشكلات النصية. ثانياً، قصة الزانية من المُرجح جداً انها غير حقيقية تاريخياً. من المُحتمل ان تكون قصة كُوِنت من قصتين أخريتين مُختلفتين. هكذا، العذر بأن الفرد يستطيع المناداة بها لأنها قصة حدثت حقيقةً واضح انه غير صحيح.
 
بإستعادة الأحداث الماضية، فإن إبقاء هاتين القصتين فى كتبنا المقدسة بدلاً من إحالتهم للهوامش، يبدو و كأنه قنبلة، تنتظر فقط الإنفجار. كل ما فعله ايرمان هو انه اشعل الفتيل. درس واحد يجب ان نتعلمه من سوء اقتباس يسوع، أن اولئك الذين فى الخدمة يجب ان يعبروا الفجوة بين الكنيسة و الأكاديمية. يجب علينا ان نُعلِم المؤمنين. بدلاً من محاولة عزل عامة الناس عن الدراسة النقدية، يجب ان نُدرعهم. يجب ان يكونوا مُستعدين لوابل النيران، لأنه قادم لا محالة. الصمت المُتعمد للكنيسة لأجل ملء مقاعد أكثر فى الكنيسة سوف يقود جوهرياً الى الإرتداد عن المسيح. يجب ان نشكر ايرمان لأنه أعطانا انذار أيقظنا.
 
هذا لا يعنى ان كل شىء كتبه ايرمان فى هذا الكتاب من هذا النوع. لكن هذه الثلاث نصوص رأى ايرمان فيها صحيح. يجب ان نؤكد مرة أخرى: هذه النصوص لا تُغير اى عقيدة رئيسية، ولا أى ايمان مركزى. العلماء الإنجيليين نفوا أصالتهم لأكثر من قرن دون زحزحة نقطة واحدة من الأرثوذكسية.
 
مع ذلك، فإن الأربعة مشكلات النصية المتبقية تذكر قصة مختلفة. ايرمان يستند الى واحد من إثنين: اما "تفسير"او "دليل"، يعتبره غالبية العلماء فى أفضل وضع، مشكوك به.
 

Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles