Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Rudolf von Rheinfelden

$
0
0

 

 بدأت الدعاية السياسية القائمة على الخرافة مبكرا مع كل نظم الحكم عبر التاريخ، إلا أن نتائج المعركة التى وقعت فى عام 1080 بين القيصر هنرى الرابع وشقيق زوجته ردولف هذا كانت أول مرة يستخدم فيها سلاح الدعاية الدينية عمدا وبطريقة سياسية بغرض خلق هالة دينية حول الحاكم تساعده فى مجال التمكن من السيطرة.

 كنا قد عرفنا قصة الملك هنرى الرابع الذي تنازع مع البابا جريجور فى عام 1078 بسبب قرار البابا بمسئوليته وحده عن تسمية الاساقفة فى المناطق المختلفة وكيف أن الملك أرسل للبابا رسالة يحقره فيها ويناديه بإسمه الأول قبل أن يصبح بابا ويطلب منه أن يترك كرسى البابوية الذى ما حصل عليه إلا عن طريق الخديعة والتدليس - وهو نص الخطاب الذى تسبب فى قرار البابا بعزل الملك من عرشه.. كما عرفتم أن هذا الملك عندما إنتشر ذلك الخبر وتناقله مندوبو البابا فى المناطق المختلفة صدر إليه تحذير من أمراء المناطق ونبلائها بأنه إن لم يصل لتفاهم مع البابا جريجور حول ذلك الأمر فلا طاعة له عليهم ويعد قد غادر العرش فى عيونهم.. كما عرفنا أن الملك عندما حاول الوصول للبابا هرب البابا من روما إلى مدينة كانوسا فى شمال إيطاليا وهى مدينة عالية التضاريس تقع بين الجبال فلما حاول الملك الوصول للبابا وجد أن أمراء المناطق قد سدوا عليه الطرق مما إضطره إلى إتخاذ الطريق الصعب الوعر فى الجبال حتى وصل إلى كانوسا مرتديا أسمالا بالية زاحفا فى شتاء عام 1077 لكي يطلب الصفح من البابا الذى أمر بتركه فى الثلج بالخارج ثلاثة أيام كاملة ثم سمح له أخيرا بالدخول.. وقد عرفنا أن الملك فى الحقيقة كان هو الرابح من تلك المبادرة الغريبة إذ أن البابا بحكم منصبه الديني ملزم بكبح جماح عواطفه الشخصية ومجبر على أن يتصرف كممثل للمسيح على الأرض بمعنى أن الصفح كان هو رد الفعل الوحيد الذى يملك الباب القيام به إزاء الملك هنرى..

كما عرفنا أن الملك بعد ذلك بعدة سنوات قد إنتقم من نفس البابا وعزله وحدد إقامته حتى مات وحيدا معزولا عن كرسيه البابوي..
http://blog.marefa.org/node/872

لكن الأمر لم يكن بدون عواقب على الملك هنرى.

 كان الملك هنرى متزوجا من أخت رودولف فون راينفلدن وكان الأخير أميرا على منطقة شفابن      Schwaben (هي اليوم المنطقة التى تقع مدينة شتوتجارت عاصمة لها فى جنوب غرب ألمانيا).. والأمراء فى ذلك الوقت كانوا على درجة عالية من الأهمية حيث أن سكان المقاطعات لا يتعاملون فى حياتهم اليومية إلا مع هؤلاء الأمراء الذين يملكون الأرض وما ومن عليها. وكان الملك يرتكز فى سلطته على تأييد وتعضيد هؤلاء الأمراء، وهم كما عرفنا من قام بسد الطريق الممهد علي الملك هنرى عندما أراد الرحيل إلى روما لملاقاة البابا فاضطر للسفر عبر الطريق الوعر عبورا لجبال الألب.. وهؤلاء الأمراء كانوا من يجمع الضرائب من الفلاحين ثم يحتفظون بجزء منها لأنفسهم وجيوشهم ويوردون جزءا لملك.. وهذا النظام كان شبيهه منتشرا ايضا فى الدولة العثمانية تحت إسم الملتزم، الذى كان يورد للدولة مبلغا متفقا عليه ثم يقوم هو بمعرفته بجمع ما يحلو له من الشعب وفقا لهواه..

وهؤلاء الأمراء كانوا يؤدون قسم الولاء واحدا بعد الآخر أمام الملك وكان نصه "عدوك هو عدوي وصديقك هو صديقى وأعاهدك أن أظل وفيا حافظا لهذا العهد"..

وبسبب عزل البابا للملك هنرى أصبح موقفه ضعيفا إذ أن الحق الإلهي لابد له من قوة معنوية وقانونية تسنده، وكانت هذه القوة الروحية هي مباركة البابا لمن يراه مناسبا لحمل هذا الحق الإلهي.

وبسبب ضعف مركز الملك هنرى تجرأ بعض الأمراء وأحلوا نفسهم من طرف واحد من العهود التى قطعوها أمام الملك هنري وقاموا بانتخاب شقيق زوجته رودولف فون راينفلدن ملكا عليهم، ولكن لم يدخل جميع أمراء المملكة فى هذا التمرد بل فقط بعضهم.  و عندما عاد هنرى من كانوسا عقب حصوله على العفو البابوي (إضطرارا من البابا) وجد أن الأمراء منقسمون وأن السلطة تكاد تصيع من بين يديه وبالتالى وقعت قسمة فى الحكم فكان لابد من حسمها، وكعادة العصور الوسطي لم تكن الإنسانية فى جميع الثقافات تعرف من طرق الحسم سوى واحدا: الحرب..

وهكذا تلاقى الجيشان فى عام 1080 (15 عاما فقط قبل الدعوة البابوية لبدء الحملات الصليبية، ولعل هذه الحادثة هي التي نبهت البابا أوربان الثاني عام 1095 إلى أهمية إرسال جيوش الأمراء بعيدا عنه حتى لا تتكرر تجربة البابا جريجور السابع).

وتحدي الملك الشرعي (الذى حصل بالوراثة على حقه الإلهي هنرى الرابع) الملك الآخر الذى حصل على لقبه بانتخاب بعض الأمراء له ملكا، وهو فى نفس الوقت صهر الملك هنرى، الأمير رودولف فون راينفلدن وقبل كل منهما تحدي الآخر وقال هنرى لرودولف أنا الملك الشرعي بالحق الإلهي يا "سيد"فون راينفلدن، وهو ما يعنى أنه كملك لم يعد يعترف به ولا حتى أميرا بسبب خروجه عن "الشرعية".. فرد عليه رودولف بأن حقك قد سقط بعزلك من جانب البابا ومهانتك على أبواب قلعة كانوسا.

وبدأت المعركة وكانت حامية الوطيس وانتهت بانتصار الملك هنرى على قوات فون راينفلدن الذى لاقى حتفه فى تلك الموقعة.

وقد وجدت جثته عقب المعركة بلا يد حيث أن اليد اليمنى كانت منفصلة عن الجثة..

وقد قيل وقتها أن قطع اليد ما هو إلا جزاء رباني على الحنث بالقسم الذى أداه الأمير فون راينفلدن بالولاء للملك هنرى لدي توليه العرش، وأن الرب اراد أن يجعل من موته علامة على أهمية الولاء لصاحب الحق الإلهي فى الحكم والعرش فجاءت إصابته فى نفس اليد التي رفعها لكي يؤدى ذلك القسم من قبل.

إلا أن..

إلا أن البحث العلمي للجثمان فى القرن العشرين عن طريق الطب الشرعي قد أثبت أن اليد المقطوعة لم تنفصل عن الجسم إلا عقب الموت بمدة طويلة مما يعني أنها قد قطعت بفعل فاعل وعن غرض هو فى الغالب سياسي دينى كما جرت الأسطورة لمدة حوالى 900 عام.

أى أن أنصار الملك هنرى قد قاموا بقطع اليد والترويج للأسطورة الدينية السياسية بغرض إسباغ صفة دينية على الحكم الملكي تدعيما لنظرية الحق المقدس للملوك، والتى لم تهتز خلال التاريخ الأوروبي إلا من خلال إعدام الملك تشارلز الأول على يد كرومويل فى القرن السابع عشر كما عرفنا من قبل، أى بعد حوالى 600 عام..

هذه هى الدعاية الدينية لغرض سياسي، وهى كما شهدنا قد دامت لتسعة قرون كاملة ولم تتكشف أبعادها إلا حديثا جدا علي يد طبيب شرعي!!

 

والآن تشهد مصر شيئا مشابها لذلك يتمثل فى التذرع بمعجزات من جانب طرفي النزاع القائم..

وما نحتاج إليه الآن هو هذا الطبيب الشرعي الذى يسير على نهج زميله الالماني فينصح الأمة ويكشف الحقيقة

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles