تأليف : محمد السويسي
لم يعرف الإسلام زواج المتعة لا فقهياً أو شرعياَ ولافي أي غزوة عسكرية ، إن في فجر الإسلام أو ضحاه أو في مسيرته طوال عهد الخلفاء الراشدين والأمويين حتى بداية عهد العباسيين .
إذ لم يؤت على ذكر زواج المتعة إلا من قبل الأئمة الأعاجم من الفرس زمن ضعف الخلافة العباسية بتحريفهم تفسير القرأن مع تدوينهم الحديث لجهلم بالعربية وقواعدها وبلاغتها وبالتالي بأحكام القرآن وزواجره ونواهيه ، عدا سؤ النية بتعمد الإساءة للعرب والمسلمين معتمدين في ادعائهم على الآية الكريمة التالية في سورة النساء :
"فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم في ما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما" .
مما يدل على جهلهم بأحكام القرآن وتفسير آياته ، رغم وضوح الآية بأنها متعلقة بالزوجات وفق نكاح شرعي ، إلا إنهم جعلوا منها زواج دعارة لتوقيتها لهم بالمدة والزمن ،لساعة أو نهار او أسابيع أو شهر أو سنة وفق مبلغ متفق عليه سلفاً ، وكأن المرأة سلعة للمتعة والتسلية تباع وتشترى لمتعة الرجل ، متجاوزين رسالة الإسلام في العلاقة الزوجية والأسرية في سبيل بناء مجتمع إسلامي مثالي لخدمة البشرية .
ولو كان الأعاجم ملمين باللغة العربية كما العرب ، لأدركوا ان هذه الآية تتعلق بحقوق الزوجة المالية عند الطلاق بأن يدفع لها زوجها كامل الصداق وماتأخر من المهر إن وجد ، مقابل مامتع به من زوجته من إنجاب ، ومن خدمتها له ولأولاده من طهي وغسيل وترتيب وخلافه ، وليس لمتعة فراش فقط ، التي تتناقص مع الكبر في السن لتهمل مع تقدم الوقت وفق الطبيعة البشرية ، بعكس متعة الخدمات والواجبات المنزلية الضرورية الملزمة التي تقوم بها الزوجة في تلبية حاجيات زوجها وأولادها من أكل وشراب ورعاية .
إلا أن الأعاجم فسروا هذه الاية بما يحلو لهم لانحرافهم وجهلهم بأنها تعني المتعة الجسدية بالمرأة ، حتى لو كانت غير زوجته دون مراعاة لشعورها وكرامتها التي يحافظ عليها الإسلام بشدة وفخر واعتزاز . بل شطوا بعيداً بالقول زوراً أن دعارة المتعة بالزواج المؤقت كانت مشرعة من الرسول الكريم ، إلا أن الخليفة عمر بن الخطاب قد ألغاها لتعسفه بأحكام الإسلام ؟!
وفي ذلك كذب صريح وافتراء لأن الخليفة عمر كان من أشد الملمين بتعاليم الإسلام تنوراً واجتهاداَ. خاصة وأن القرأن الكريم تضمن بالتفاصيل قوانين الزواج وتكريم المرأة والزوجة ، إلا أنه لم يأت على متعة النساء بمعنى الدعارة المؤقتة كما يدعون تحت اسم الزواج ، لامن قريب أو بعيد .
كما نهى الرسول عنها وعن ارتكاب أي فعل شنيع أو مؤذ أثناء القيام بالغزوات وفتح البلدان العدوة .لذا لايمكن أن يقدم على طلب استعباد المرأة أو إهانتها من قبل جنوده بما يخالف النهج الأخلاقي للنص القرآني وخلق الرسول في التوصية بالمرأة والزوجة .وهذا النهج الأخلاقي النبوي نراه في توصية الرسول الكريم للصحابي المجاهد عبد الرحمن بن عوف في واقعة دومة الجندل في قوله :
"أغزوا في سبيل الله ، فقاتلوا من كفر بالله ، لاتغلوا ، ولاتغدروا ، ولاتمثلوا ، ولاتقتلوا وليداً ، فهذا عهد الله وسيرة نبيكم . أغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ".
وفي وصيته للجيش في موقعة مؤتة :
أغزوا ولاتغلوا ، ولاتغدروا ، ولاتمثلوا ، ولاتقتلوا وليداً ، أو إمرأة ، ولاكبيراً فانياً ولامنعزلاً بصومعة " .
وفق هذا النهج الأخلاقي للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في وصيته للجند أثناء الغزوات فإنه يستحيل عليه أن يدعو إلى دعارة المتعة تحت أي عنوان وإلى استعباد المرأة وإهانتها والحط من قدرها وكرامتها ، تحت مسمى زواج المتعة . وما هذا الإدعاء الشعوبي سوى افتراء من الأعاجم الفرس للنيل من الرسول والإساءة اليه قياساً على الإساءة لأصحابة والتهجم عليهم وعلى زوجته للطعن بنبوته طالما أنه لم يحسن إختيار زوجته ولا أصحابه .
وفي ذلك التشكيك بيان واضح للإساءة للرسول ورسالته السماوية وفق قوله تعالى : "وما ينطق عن الهوى .إن هو إلا وحي يوحي". وذلك ينطبق على زوجاته وأصحابه في حسن الإختيار والإنتقاء ورعاية الله له .
وعليه فإن قول البعض أن عمر بن الخطاب قد الغى سنّة سنّها الرسول ، فيها افتراء وكراهية للمسلمين والإسلام والعرب ، إذ يستحيل ان يسن الرسول سنة غير حسنة أو مسيئة أو مؤذية ، تعافها النفس والأخلاق على غير شيمة العرب ، حتى قبل الإسلام ، إلا من ضعاف النفوس والخبثاء واعداء الدين والجهلة .بدليل أن عمر بن الخطاب عندما فوتح بها ، نهى عنها بناء لتعاليم الإسلام وفهمه له وللنص القرآني ، إذ يستحيل أن يسن عمر سنة بدأها الرسول ويخالفها إذا كان لم ينه عنها في حياته ، وقد احسن عمر في رفضه لدعارة المتعة المنافية للخلق الإسلامية والعربية .
وجرأة ادعاء زواج المتعة من قبل الأعاجم ، الذي هو في مضمونه مجرد دعارة موصوفة ، ترافق مع الحديث الموضوع زمن ضعف الخلافة العباسية التي استعانت بالجند الأعاجم على عرب الشام والجزيرة ، فجندت الموالي من فرس وأتراك وديلم وصقالبة وروس ألخ ، بتوصية من أمهات الخلفاء وانحياز لهم ، اللواتي كن بمعظمهن من الأعاجم .
لذا تحكم هؤلاء الجند الأعاجم بالخلفاء الى حد أنهم كانوا يقيلون خليفة ويضعون آخر مكانه خلال يوم واحد بعد قتله إذا لم يتوافق واطماعهم ومصالحهم، بحيث أضحى الخليفة ألعوبة في ايديهم يمشي بأوامرهم وتعليماتهم خوفاً من البطش به .بينما انفرد ضباط الأقاليم ببلدانهم وحكموها خارج إرادة الخليفة ،وقد عصوا واستبدوا بها لتشرذم الإمبراطورية ، لذا كان الخليفة يرسل لهم الخلعة بالتعيين مرغماً دليل اعترافه بهم لأنه لاقدرة له على مواجهتهم مقابل مايرسلون له من أموال سنوية .
ولم يكتب الأعاجم الحديث المتواتر لحرص على الإسلام وفق ادعائهم ، بل لتمرير ماشاؤوا من الأحاديث المغلوطة والمحرفة التي تخدم ولايتهم على العرب على غيرتعاليم الإسلام ووصية عمر بن الخطاب وفق النص القرآني بما يتطابق وقوله تعالى :
"ولقد صرفنا في هذا القرأن من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً"
هذه الآية تدحض كل أعمال وأقوال الأعاجم في وضع الحديث المخالف لنص هذه الآية وما تلاها من آيات وتعاليم القرآن الكريم ، كما وتوصية عمر ابن الخطاب والخلفاء الراشدين منعاً لتسلل الأعاجم وجميع أعداءالعرب في الإفتراء على الدين الإسلامي بأحاديث موضوعة مخالفة لنص القرآن الكريم وسنة رسوله .
وبالفعل فإن الولاة العرب الأوائل تقيدوا بقوله تعالى وتعاليمه في تسيير أمور المسلمين كما جاء في هذه الآية بتصريف أمورهم بتعاليمه وفق سنة الرسول الكريم بشرح آيات القرأن في إقامة الصلاة و مناسك الحج ومطارح الزكاة وأحكامها ، وأحكام الصيام بسنة متوارثة الزامية محفوظة ، اكدها عمر بن الخطاب والخلفاء الراشدين والتزم بها بني أمية الى أن جاء بني العباس فاساؤوا للإسلام وللعرب من أجل السلطة ، فاستعانوا بالأعاجم بما يحملون من حقد على المسلمين وعرب الشام والجزيرة فاباحوا لهم كتابة الحديث ، بما يخالف النص القرآني لعدم الحاجة اليه ، وذلك للنيل من العرب .
وتطور الأمر مع الأعاجم في وضع الحديث لتغليب الحديث الموضوع على النص القرآني ، فصبوا جهدهم على الإساءة للرسول الكريم صلوات الله عليه وعلى آله بشتم أصحابه وأهل بيته وزوجته وتحريف آيات القرآن بالإدعاء أن كل ذلك قد جاء على لسان ابنته فاطمة ؟! وذلك بعد مئتي عام من وفاتها ؟! وفي ذلك افتراء واضح يدينهم ويظهر نواياهم المسيئة والمعادية للإسلام والعرب .
والدليل بأن الله قد خص العرب بالحكم والسلطة ونشر دعوة الإسلام وشرحه دون غيرهم هو في قوله تعالى في سورة آل عمران :
"كنتمخير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "
ومعنى ذلك أنهم أفضل عباد الله في شرح تعاليم الإسلام بلغة القرآن العربي وبالتالي ممارسة السلطة والحكم لما يتميزون به من خلق إسلامية وحرص على عبادة الله ووحدانية دون شرك به أو تعظيم لأي من مخلوقاته من بشر اوجماد أو حيوان . لذا لاتصح الولاية على المسلمين من غير العرب من أبناء الجزيرة ، من أجل نقاوة الدم العربي .