Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

"سيلفي"تنتظر "القاعدة"كي تصبح "دروني"!

$
0
0

 

 
إذا لم يحسم مصير تنظيم "القاعدة"، فالأرجح أن يكون صعباً على الأفراد التمتع بالقفزة المقبلة لصور "سيلفي الشخصيّة، بمعنى تحوّلها إلى صور "دروني" Dronie! يأتي الإسم من مزج كلمتي "سيلفي"Selfie  و"درون" Drone (= طائرة من دون طيّار يمكن التحكّم فيها عن بُعد). ولأن طائرات "درون"باتت ذراعاً أساسيّة لأميركا في حربها ضد "القاعدة"وأخواتها، يبدو مصير الصور الشخصيّة الفضائية "دروني"معلّقاً بتوازنات السياسة وحسابات القوى وصراعات الجغرافيا السياسيّة!
 
بحثاً عن "فيميو"
 
إنه زمن ما بعد الحداثة، وزمن ما بعد فضيحة سنودن وتجسس "وكالة الأمن القومي"الأميركية على العالم بأسره. بالأحرى إنّه زمن ينتظر فيه الأفراد حسم توازنات عسكرية عالميّة قبل أن يعرفوا ما هي الصورة التالية التي سيلتقطوها.
 
ففي أميركا، ربط بعض المشغوفين بالتقنيّات الرقمية والطيران معاً، هواتف ذكيّة في طائرات صغيرة من نوع "درون"التي يمكن التحكّم في مسارها عبر موجات الـ"واي- فاي" (نعم. نفس الموجات التي باتت تستخدم في المنازل والمطاعم والمقاهي للوصول إلى الانترنت)، كي يلتقطوا صوراً تعبّر عن عينهم في الفضاء.
 
هناك من بادر إلى صنع موقع متخصّص لتجميع صور "دروني"، يحمل إسم "فيميو" Vimeo. وبدأ بالعمل قبل أيام قليلة. ولا تتردّد الأميركية آلكسندرا داو، وهي صاحبة موقع "فيميو"، في القول بأنها هي من نحت مصطلح "دروني".
 
وبمجرد أن انتشرت تلك الهواية، اندلع نقاش ضخم في أميركا، ينتظر يندفع إلى الأمام في العام المقبل، مع انتقاله إلى أروقة الكونغرس وردهات المحكمة العليا في واشنطن. ولأن ما يحدث في الثقافة الأميركية، خصوصاً تلك المتشابكة مع المعلوماتية والاتصالات، يتردّد صداه عالميّاً، بات أحد مسارات ثقافة الصورة المعاصرة، مرهوناً بنقاشات تبدأ بالحرية الشخصية وحقوقها والحق في الملكيّة وأمديته ولا تنتهي عند الحرب على الإرهاب ومصائر "القاعدة"وأخواتها.
 
وهناك سابقة مهمة. فعندما انتشرت كاميرا الخليوي، ثار نقاش ضخم حول الحق في التقاط الصور في مكان عام. إذا كنت ماراً في الشارع، ربما تتشاجر مع حبيبتك أو تتحدث مع شخص عابر، هل يحق لكل من يحمل هاتفاً خليويّاً أن يلتقط صورة أو شريط عن تلك اللحظات الي يفترض أصلاً أنها جزء من حياتك الشخصيّة؟
سرعان ما تعقّد النقاش مع ميل الدول إلى نشر كاميرات في الشوارع، بالطبع بدعوى الحفاظ على الأمن وهو أمر وجد تبريره الأقوى في الإرهاب والحرب عليه، ما نسج خيطاً بين الحياة الشخصية للأفراد وبين "القاعدة"وأخواتها وتفرّعاتها والحروب عليها!
 
عن عري يتطوّر
 
في المقابل، بدا واضحاً أن مفهوم ما هو شخصي وحميم وذاتي، بات متغيّراً تحت تأثير التطور التقني، وهو أمر مهم ملاحظته لأنه كثيراً ما يغيب عن النقاش. استطراداً، هناك تغيير ملموس في مفهوم العري الجسدي في الأزمنة الحاضرة. فبإرادة حرّة تماماً، يميل الشباب إلى نشر صور لأجسادهم في أوضاع إيروتيكية، بل أنهم ينشرونها على صفحاتهم الشخصية في الشبكات الاجتماعية. وفي السياق عينه، بات التعري في الأمكنة العامة يمارس بوصفه حقّاً، بالأحرى جزءاً من الحق في امتلاك الجسد. ولعل الممارسة "المتطرفة"لناشطات "فيمن"و"عاريات الصدور"هي جزء من صعود ذائقة ثقافية جديدة.
 
الأرجح أنه من تلك الزاوية، يبدو ما تفعله "وكالة الأمن القومي"فائق الأذى على الأفراد، بل ربما بأشد من وقعه على الدول والمؤسسات. إذ تملك الأخيرة القدرة على مصارعة القوة الهائلة التي تمتلكها "وكالة الأمن القومي"وأدواتها في التجسس الإلكتروني الشامل. تدل مسألة التجسس على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ذلك الأمر.
 
في المقابل، يبدو الأفراد مكشوفين تماماً حيال العين المراقبة لـ"الأخر الأكبر"الأميركي وهي تمارس تمعّناً وتحديقاً مستمرين على مدار العالم والساعة. ولأن الأفراد المعاصرين هم أكثر تطلّقاً ومرونة (أكثر حريّة؟ لم لا؟) في التصرّف بأجسادهم وصورها، مع إحساس قوي بأنهم يملكونها بقوّة أيضاً، صار انكشاف الفرد المعاصر أمام العين المحدقة لذلك "الأخ الأكبر"الأميركي مقلقاً إلى أبعد الحدود، بل أنه متصادم مباشرة مع المفهوم الجديد للحرية الشخصية وحقوقها أيضاً.
 
حروب الـ"درون"في الأحياء!
 
الأرجح أنه من المهم تلمّس تلك المسارات المعاصرة والشبابيّة، عند التفكير في مسألة صور "دروني". بديهي القول أن ثمة فوضى مقلقة في الصورة الخياليّة لانتشار الـ"دروني"، الذي يحتمّ أيضاً انتشاراً مماثلاً لطائرات الـ"درون"أيضاً. هل تتخيّل حيّاً في بيروت عند انفلات أفراده في إطلاق طائرات "درون"كي يلتقطوا صوراً لبعضهم بعضاً، بالأحرى كي يخترقوا من الفضاء الحياة الشخصية والحميمة لبعضهم بعضاً؟
ولأن صور "دروني"لا تحصل من دون الطائرة الشخصية الصغيرة التي تملك استعمالاً حربيّاً أيضاً، يتجاوز النقاش بشأن "دروني"مسألة المال (ثمن الطائرة)، والمدى (تسير موجات الـ"واي فاي"نظرياً ضمن مائتي متر).
 
مثلاً، كيف يمكن رسم الحدود المقبولة، ضمن مفهموم الحرية الشخصية والحق الفردي في الحياة الشخصية، لأشياء مثل البيت والحديقة والشرفة والشباك؟ ماذا عن الوقت أيضاً؟ ماذا عن "دروني"الليل للجيران، إذا كان "دروني"النهار مقلقاً إلى حد يتلف الحرية الفردية؟
 
هناك أشياء ربما لا تحدث بشأنها نقاشات كثيرة، مثل استخدام "دروني"في مراقبة محاصيل الحقل والبستان والسهل. هناك شيء إسمه "الزراعة الدقيقة"  التي تستفيد من مراقبة المحاصيل بالكاميرات المحمولة على طائرات "درون". لكن، ماذا لو استخدمت في كاميرا الـ"درون"في التجسّس على محاصيل الآخرين، حتى لو بقيت الطائرة ضمن مجال الملكية؟ حتى في شأن زراعي واقتصادين لا يبدو النقاش عن "دروني"سهلاً.
 
في المقابل، تبدو "دروني"قفزة اخرى في مجال التوثيق البصري اللامتناهي للقرن 21، الذي تفجّر مع انتشار التقنيّات الرقميّة. من تابع "مونديال البرازيل 2014"، يعرف ذلك الأمر بوضوح، خصوصاً إذا جرت مقارنة كميات الصور والأشرطة (عدا عن كثافة البث المتلفز فضائياً) لـ"مونديال البرازيل"، مع ما كانه أمرها في مونديالات سابقة. هل يمكن تخيّل المونديال المقبل في ظل استخدام جمهور الاستاد لطائرات "درون"في التصوير؟ إذا جرى ذلك المونديال في موسكو، ماذا يكون موقف الرئيس بوتين من ذكل الأمر، وهو الذي "يتصادم"نظامه مع الشبكات الاجتماعية ومع التطور في مفهوم العري حاضراً على مدار الساعة؟ هل يجب توجيه السؤال إلى "فيمن"؟ يحتاج الأمر إلى نقاش مستقل.

Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles