Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

المفهوم الخاطئ هو مشروع فاشل وآخرته سيئة

$
0
0

 

 

كنت قد كتبت لكم كثيرا من قبل عن أحوال المهاجرين من العرب والمسلمين الذين يعيشون منذ عقود في الغرب وبالذات في أوروبا. وكنت قد أوضحت أن نسبة عالية من هؤلاء لم تستطع أن تحقق نجاحا في المجتمع الجديد الذي هاجروا إليه طواعية واختيارا..

ووصلنا الي نتيجة أن علاقة هؤلاء المهاجرين بالمجتمعات الغربية هي غريبة في بأبها يمكن تلخيصها في كلمات الإعجاب مع الكراهية‏ أو شئ مشابه لحال مدمن المخدرات، يتمني لو يقلع ولكنه لا يفعل أكثر من التمني... يحتقر المخدر  جدا ولكنه ضعيف الإرادة لا يستطيع الحياة بدونه.

 

والان لابد من إلقاء نظرة جديدة علي هذه القضية الشائكة‏ لأن الأحداث قد وضعتها في المقدمة ولأنها سوف‏ تؤثر بشدة علي مستقبل العلاقة بين طرفي البحر المتوسط شمالا وجنوبا..

 

فقد ألقى أحد أعضاء تنظيم داعش بيانا باللغة الإنجليزية يهدد الرئيس أوباما بأن مزيدا من الدم الأمريكي سوف يسيل فى الشرق لو أن غارات أمريكا على قوات هذه المنظمة لم تتوقف. وأشد ما أثار الخواطر فى الدول الغربية هو اللكنة البريطانية الواضحة التي تحدث بها ملقي هذا البيان والتي تشي بأنه قد ولد فى إنجلترا أو جاء إليها صغيرا جدا بحيث أن هذه اللغة أصبحت لغته الأصلية. وقد صنف خبراء اللغة هذه اللكنة بأنها لكنة جنوب إنجلترا أو بالذات لندن والمناطق المحيطة بها، وهذه المناطق هي موطن للغالبية الكاثرة من المهاجرين. وسواء كان ملقي هذا البيان مهاجرا من أصل إسلامي أو كان رجلا إنجليزيا أصله العرقي بريطاني فسوف يكون من حقه فى أي وقت أن يعود إلى بريطانيا عقب نهاية الحرب فى العراق وسوريا، إذ أن بريطانيا هي موطنه.

وهنا تكمن المشكلة الكبري..

 

والمفهوم الخاطئ الذى أعنيه هو تصور أن الخروج من الشرق إلى الغرب هو خروج من نوعية السفر للكويت أو السعودية أو الإمارات. فهذه المجتمعات لا تختلف كثيرا عن مجتمع مصر أو سوريا أو الأردن لا فى اللغة ولا فى القوانين ولا فى الثقافة العامة السائدة ولا فى الدين. كما أن هذه الدول لا تعطي المقيم على أرضها جنسيتها مهما طال به زمن المعيش ومهما كانت صحيفة حالته الجنائية هناك نظيفة. وهذه البلاد لا تعطي الأجانب حق إمتلاك الأراضى ولا تعطيهم كذلك حق العمل الحر، إذ لابد دائما من شريك وطني محلي فى كل ما يتم تأسيسه من أعمال حرة.. وبالتالي فالمقيم على أرض دول العمل يعرف أن إقامته هي فى جميع الحالات غير ممتدة بل لها نهاية يمكن حسابها منذ أول يوم يصل فيه إليها.

لكن المعيشة فى الغرب لها طباع تختلف تماما عن ذلك. فهناك إمكانية الحصول على الجنسية وهناك إمكانية تملك الأراضى ولديهم إمكانية القيام بالعمل الحر بدون حدود فى منافسة كاملة مع أهل البلاد الأصليين. وهناك إمكانية المساهمة فى الإنتخابات المحلية (فقط) حتي من قبل التجنس وهناك إمكانية الإقامة الدائمة الغير منقطعة أي الهجرة بما تحمله الكلمة من معني كامل.

ولكن فى مقابل ذلك هناك اللغة السائدة التي تختلف كثيرا جدا عن اللغة الأصلية وهناك الدين المختلف بكل المواريث التاريخية لذلك الإختلاف، وهناك الزواج المختلط الذى ينتج عنه أولاد مرتبطون بالثقافة المحلية التي ولدوا داخلها وهي الثقافة التي تؤثر حتي على الأولاد الناتجين عن زيجات غير مختلطة.

وهناك فوق كل ذلك وأهم منه الثقافة المحلية التي تنهض على أسس لا علاقة لها بالأسس التي تنهض عليها الثقافة العربية والإسلامية السائدة فى هذا الزمان.

فحق الأبناء فى النقاش والإعتراض على الآباء مكفول لهم بالقانون وحق الدولة فى فرض التباعد بين الآباء وأبنائهم فى حالات العنف أو التعسف في إستخدام حق التربية هو حق أصيل من حقوق الدولة. والمساواة الكاملة بين الجنسين سواء فى الحقوق أو الواجبات هي واحدة من تلك القيم الصادمة للشرقيين.

ثم أن هناك أمور أخري تصدم الشرقيين وتعذبهم بشدة مثل حقوق المثليين وحرية الإعتقاد الديني..

وتكون نتيجة كل هذا اللبس هو رفض من جانب  كثيرين ممن هاجروا، رفضهم للمجتمعات التي هاجروا إليها، وهو رفض لقيمها ولما ترمز إليه هذه القيم.

والخطأ كما رأينا ليس صادرا عن المجتمعات الغربية ولكنه صادر عن مفهوم خاطئ فى ذهن معظم المهاجرين حول طبيعة هذا الخروج الإرادي الطوعي من بلادهم.

هذا عن المفهوم الخاطئ..


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles