على هامش فضائح النظام البائس و من أصطحبهم معه من بؤساء فى زيارة المانيا، وقعت مصر على عقود بقيمة ٩ مليار دولار مع شركة سيمنز الصناعية لإنشاء ثلاث محطات لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة ١٤،٤جيجاوات أى ما يعادل حوالى ٦٠ فى المائة من إنتاجنا الفعلى الحالى و لا يعادل ٥٠ فى المائة كما يدعى الإعلام بالأرقام المتضاربة على صفحات جرائده المختلفة. المشروع ضخم و طموح و يبدو جيداً للغاية و نحن فى أمس الحاجة لمثل هذه المشروعات نظراً للأزمة المجحفة التى تمر بها بلادنا فى مجال الطاقة. المحطات ستعمل بالغاز بواسطة تربينات سيمنز Siemens H-Class gas turbines و هو إختيار موفق جداً من حيث الكفاءة العالية التى تتميز بها هذه المولدات المتطورة و لكن هناك العديد من التحفظات على هذا المشروع الضخم، لم يتم حتى الآن الإعلان عن الجهات التى ستقوم بتمويل المشروع و هناك حالة تعتيم تامة على ذلك من قبل الحكومة المصرية و أيضا من شركة سيمنز الصناعية التى صرحت للوول ستريت چورنال _دون الخوض فى أى تفاصيل_ أن هناك بنوك دولية و محلية ستقوم بتمويل المشروع و التأمين على القرض سيكون بمعرفة شركات ألمانية. حتى الآن لا يوجد أى تصريح للحكومة المصرية بهذا الشأن. حالة التعتيم هذه تثير الشبهات حول الشِق الإقتصادى لهذا المشروع خاصةً و أن سيمنز تحوم حولها العديد من شبهات الفساد و الرشى.
- لماذا لم يتم حتى الآن الإعلان عن جهات الإئتمان التى ستُقرض مصر ٩ مليار دولار مع إعلان نسبة الفوائد و التكاليف الإدارية بما فيها تكلفة التأمين على إقتراض مبلغ مهول مثل هذا؟
- لماذا لم يتم عمل موقع خاص بالمشروع على شبكة اﻹنترنت و ذلك لنشر التقرير الفنى و دراسة الجدوى لهذا المشروع مع عرض كل التفاصيل على الرأى العام المصرى؟
- إن كان لدى الحكومة المصرية تقرير فنى شامل و دراسة جدوى متقنة للمشروع، فلماذا لم يتم عمل مناقصة كى تتلقى الحكومة عروض من شركات أخرى مثل توشيبا اليابانية؟
سيمنز أعلنت أن هذا المشروع هو أكبر مشروعاتها _منذ إنشائها_ على الإطلاق و هو بالفعل مشروع ضخم و لذلك فهو يستحق منا الأهتمام و المتابعة.
- كم عدد التربينات التى سيتم توزيعها على المحطات الثلاثة؟
- هل من الممكن تجميع هذا الكم من التربينات على أرض مصر لتحفيذ سوق العمل بخلق وظائف عمل للمهندسين و الفنيين المصريين و للإستفادة من نقل خبرات تكنولوجيا التجميع و التشغيل؟
المحطات الثلاثة ستقام إحداها فى بنى سويف و الثانية شمال بحيرة البرلس على البحر المتوسط و الثالثة فى العاصمة الإدارية الجديدة. شركة أوراسكوم للإنشاء المعروفة بالتهرب الضريبى ستقوم ببناء المحطات الثلاثة حيث أعلنت أوراسكوم أن هناك مبلغ ١،٧ مليار دولار تم تجهيزه بمعرفة القابضة للكهرباء لتمويل الشِق الإنشائى و السويدى للكابلات ستقوم بإعداد النظم الكهربائية للمشروع، كل هذا سيكون تحت إشراف سيمنز التى ستلتزم بتسليم المحطات الثلاثة -تسليم مفتاح- لمصر فى خلال ٣٨ شهرا من تاريخ توقيع العقود يوم ٥ يونية ٢٠١٥. لا يوجد أدنى شك فى أن المشروع سيساهم فى رفع قدرة مصر على إنتاج الطاقة الكهربائية و لكن أزمة الطاقة فى مصر ستظل قائمة لأن هذه المحطات ستعمل بالغاز الذى إن لم تتمكن الحكومة من توفيره بالكميات المطلوبة ستتوقف المحطات الثلاثة. عدم توفير الوقود اللازم لتشغيل لمحطات التوليد بسبب الفساد فى قطاع النفط المصرى هو السبب الرئيسى فى أزمة الطاقة الكهربائية فى مصر و هذا ما أصبحنا نعانى منه بشكل مزمن.
- إذا كان لدينا عجز مزمن فى إمداد محطات التوليد بالوقود اللازم، لماذا إذاً نلجأ للتعاقد على بناء ثلاث محطات تعمل بالغاز فى ظل هذا العجز المزمن؟
حلول أزمة الطاقة عديدة و متوفرة داخل صندوق و لا تحتاج لعبقرية و تفكير خارج الصندوق. الطاقة الهيدروليكية هى أحد أهم مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية و يمكننا عمل سلسلة محطات توليد عظيمة بها تربينات تعمل بحركة المد و الجزر فى مياه مطروح بالبحر المتوسط أو فى مياه البحر الأحمر بخليج السويس. هناك دول عديدة تعانى من أزمة الطاقة منها بريطانيا التى لجأت لهذا الحل و أطلقت مشروع Swansea Tidal Lagoon بتكلفة ١٢ مليار جنيه إسترلينى تقريبا و ذلك لعمل "بحيرة مد و جزر" بمساحة قدرها ١١ كم٢ تقريباً فى مياه خليج سوانسى Swansea Bay لتفادى الإعتماد على البترول كمصدر تقليدى لإنتاج الطاقة الكهربائية. هذا المشروع البريطانى له شِق سياحى لجنى المزيد من الأرباح لتغطية جزء لا بأس به من التكاليف. إذا كانت تكاليف المشروع البريطانى باهظة، فإن المشروع الذى سيتكلف فى بريطانيا ١٢ مليار جنيه إسترلينى من الممكن أن تنخفض تكلفته بكثير إذا تم تنفيذه على أرض مصر.
- متى سنعمل من أجل من مرضاة الله و من أجل مصر؟
- متى سنخرج من تحت عباءة الفساد و الرشى؟
- إلى متى سنظل عالة على المجتمع الدولى؟
- متى سنتخلص من السفهاء أصحاب العقول الصدِأة الذين تقوقعوا فى مستنقعات الفساد العفنة؟
- متى سنخرج للنور؟
الله نور السموات و الأرض.
ا