بقلم : محمد السويسي
مشاهد التعذيب لمساجين إسلاميين ملتحيين ومعروفين من مشايخ ورجال دين في سجن رومية في لبنان التي تداولتها المواقع الإعلامية بالأمس هي رسالة تدل على سقوط الدولة لصالح المليشيات والأحزاب التي تمددت داخل كل مؤسسات الدولة وإداراتها بعقلياتها وممارساتها السلبية .
إذ يستحيل على مؤسسات عسكرية ان تمارس هكذا اساليب قروسطية إلا من عناصر متمردين على إداراتهم ورؤسائهم لأنهم يعلمون علم اليقين مدى عقوبة هكذا ممارسات تثير تمرداً شعبياً على الدولة وتؤذي سمعة لبنان دولياً .
وهذه الممارسات الوحشية ضد أفراد مدنيين ملتحين بحجة انهم عناصر إرهابية دون اي محاكمة على مدى سنوات طويلة أشبه بممارسات سجن "أبو غريب"والمليشيات المذهبية الطائفية والتكفيرية في سوريا والعراق الممولة والمسيرة من الخارج .
مما يدل على ان هذه الممارسات ضد المساجين ونشرها على الملأ كانت متعمدة وموحى بها من طرف سياسي معين لإرهاب المواطنين وبث الذعر بينهم .
وكأنه إعلان من المليشيات المسلحة عن سقوط القانون والعدالة وبالتالي سقوط الدولة والوطن لصالح الإرهاب المستقوي بالخارج بأسلوب المليشيات العراقية والسورية والحوثية .
ورغم ذلك فإنه لايجب ان ينظر الى هذه الممارسات الإجرامية ضد المساجين الإسلاميين ورفضها من منظار طائفي ، بل يجب رفضها من منظار وطني إنساني ، لأنها ممارسات ضد الأخلاق والعدالة والقانون والحكومة والدولة والمؤسسة العسكرية التي نحرص عليها لإنقاذ الوطن من المليشيات المسلحة يوم يرفع الغطاء عنها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وتستغني عن خدماتها المتعددة والمتشعبة التي يندرج ضمنها حماية حدود إسرائيل ومستعمراتها من هجمات المقاومة الفلسطينية .
لذا ومن هذا المنطلق فإن إعلان تجمع علماء المسلمين في طرابلس بالدعوة الى معاقبة المسؤولين عن هذه الجريمة كاف تماماً .
اما دعوتهم الى الإضراب المفتوح حتى معاقبة المسؤولين فإنها مزايدة في غير محلها تسىء اليهم وللمسلمين .
إذ أين هم من هذا الإملاء والتباهي بالقوة والتهويل ؟ وما قدراتهم العسكرية ونفوذهم السياسي لتطبيق إنذارهم كما يفعل حزب الله عندما يقرر تحدي الدولة ؟ لاشيء؟..
لذا كان يجب ان يتركوا هذا الأمر للمسؤولين والسياسيين من نواب ووزراء ليعالجوه ، وكذلك لهيئات المجتمع المدني بتحركها السلمي .
فالهيئات الدينية عودتنا على تحركها الفاشل المزمن ، علماً بأن بعضها موال للجماعات الإيرانية والسورية في مسألة مشاكل التبانة وقصفها من الجبل على مدى سنوات طويلة للتغطية على فشل السياسيين عندما اخذت هذه الهيئات الأمر بيديها بالنيابة عنهم دون اي صلاحية لديها سوى القرقعة وحب الظهور على الإعلام ، الى حد سعيها التوسط لحل مشكلة عرسال المتعلقة بخطف جنود لبنانيين من قبل مجموعات إرهابية التي افتعلتها إيران بالتعاون مع المخابرات السورية لإحراج الجيش اللبناني وتوريطه دون طائل في معارك الداخل السوري سنداً لحزب الله والنظام السوري ، بما اساء للمسلمين واللبنانيين اشد إساءة .
فلما تكرار الأمر وركب الموجة على طريقة الأحزاب اليسارية في ستينات القرن الماضي التي تبين فيما بعد ان معظم تحركاتها كانت بتوجيه من اجهزة مخابراتية ودول اجنبية.
فهل ان العلماء المسلمين في توجههم السياسي عند كل أزمة داخلية حلوا محل الأحزاب الذين سبق ان افتضح امرها ونبذت من كافة المواطنين لفقدان الثقة بها كتجار سياسية ومال ؟!
ومع ذلك فإن أي تحرك سياسي لرجال الدين في هذا الشأن يقع في موضع الشبهة ، مع وجود مفتي بإمكانه التحدث بإسمهم .
خاصة وان هؤلاء العلماء يجهلون مايجري على الأرض وما يحاك ضد طرابلس من مؤامرات في الخفاء ، إلا إذا كانوا مشاركين بها وجزء منها مع حمايتهم ودفاعهم الدائم عن شعار "قلعة المسلمين طرابلس "الذي وضعه عملاء لإيران معروفين عند مدخلها في وقت سابق وساندوه بإعلامهم المغرض للإساءة لطرابلس بالإدعاء لدى الغرب بأنها إمارة قندهارية تكفيرية وفق المخطط الإيراني المعلن في محاولة لتحريض امريكا واخذ موافقتها لاجتياح طرابلس من قبل قوات الحرس الثوري وحزب الله وتدميرها وتهجير اهلها بنفس الأسلوب الذي جرى ويجري في العراق وسوريا ؟
وباختصار فإن هذه التسريبات المصورة المخيفة المتعمدة من سجن رومية لأعمال وحشية ضد ملتحين بأسلوب سجون ابو غريب ونمطه يقصد بها الفتنة المذهبية والطائفية وتفجير الوضع .
ولاشك انها من ضمن المخطط الإيراني الأمريكي الجاري في العراق وسوريا لاستحضار داعش الى لبنان تحت دعوى الدفاع عن المسلمين المضطهدين المظلومين المسحوقين من ظلم الدولة وحزب الله .وذلك في سياق المخطط الأمريكي لتقسيم سوريا ولبنان مع اقتراب غياب الأسد عن المشهد السياسي ؟
وفي نفس السياق والتوقيت فإن الجنرال ميشال عون حليف إيران وسوريا وحزب الله يطرح بالحاح مشروع الفدرالية والتقسيم في لبنان لتحصل كل طائفة على حقوقها المهدورة ، خاصة مع تعذر إنتخاب رئيس للجمهورية حتى الآن رغم مرور اكثر من عام .
والسبب في هذا التأخير ان حزب الله يصر على إنتخاب حليفه الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية أو لارئيس .؟!
ولكن رغم كل ذلك فإن قرار إنتخاب الرئيس في لبنان هو بيد الولايات المتحدة الأمريكية وليس بيد إيران او الدول العربية مجتمعة وإلا لتم انتخاب رئيس عند استحقاق موعده الدستوري قبل عام ولتم نزع سلاح حزب الله لعودة الأمن الإستقرار الى لبنان .
والسبب في تأخير أمريكا لانتخاب الرئيس في لبنان هو انها ربطت مصيره بانتهاء الأزمة في سوريا التي تعدل خريطتها بين فترة واخرى وفقاً لتصارع القوى على الأرض واختلاف مناطق نفوذها في مد وجزر .