صاحب النظر البعيد ... قتلوه !!
أتذكر منذ وقت ليس بعيد، مجرد شهور، أن المحاضر في مادة القانون والدين في جامعة هومبولدت وقف ليشرح طبيعة ونشأة الطائفة الدينية وفق أحكام الدستور الألماني الذي هو في الواقع لا يحوي أية أحكام مقيدة بالذات في شأن الأديان، بل بالعكس يشجع إنشاءها بأن أطلق النص عليها بلا أية قيود لا من مواده ولا من القانون.
وقد قال المحاضر وقتها أن الدولة لكي تري الطائفة الدينية (التي تتشكل وفق نظام أسهل حتي من نظام قانون الجمعيات إذ يكفي لإنشائها 3 اشخاص فقط) قال المحاضر أن الدولة لكي تري هذه الطائفة فلابد لها أن تكون علي شكل مسجل قريب من شكل الجمعية ولكن أسهل كثيرا في إنشائه. أي أن الشرط رغم وجوده إلا أنه سهل جدا في تحققه.
وهذا الوضع المميز للصورة القانونية ذكرني بأمر قديم ربما لم يأخذ حظه من إهتمام المؤرخين والمراقبين.
في عام 1972 وقبيل طرد الخبراء الروس من مصر عرض الرئيس السادات علي الفلسطينيين وبالذات علي ياسر عرفات أن يقيموا حكومة فلسطينية في المنفي لكي يكون ذلك بمثابة تمهيد للتفاوض مع إسرائيل. ولكنه بالطبع لم يذكر هذا الجزء الثاني من المقترح بل دعا فقط إلي الجزء الأول.
وبالطبع لأن الرئيس السادات لم يكن يؤخذ مأخذ الجد في تلك الفترة عقب فوات عام الحسم بلا أي حسم فقد فوّتت الصحافة المصرية القضية ولم تهتم بها.
والحقيقة أن هذا الإقتراح لم يلق أي صدي من جانب الرأي العام ولا الصحافة ولم يقم أحد بمناقشة مزاياه وعيوبه والنتائج التي قد تترتب عليه. حتي أنا شخصيا لم أقرأ عنه إلا في مجلة الحوادث اللبنانية التي كانت تباع في مصر بكل حرية ولكن لم تكن منتشرة مثل الأهرام مثلا أو آخر ساعة والمصور.
وقد قرأت أيامها حديثا للمجلة المذكورة مع ياسر عرفات قام فيه بالإستهزاء بالفكرة وصورها علي أنها توطئة لتصفية القضية والسير في ركاب الإمبريالية وتحقيق أهداف الحركة الصهيونية وخيانة القومية العربية وكل تلك الألفاظ المؤثرة صوتيا فقط والتي لا تعني شيئا في عالم الحقيقة. وبالطبع لم يكن الرئيس السادات علي إستعداد لتضييع مزيد من الوقت مع عرفات ولا غير عرفات واعتبر بطريقته البراجماتية الشهيرة أن الموضوع قد إنتهي وأنه قام بما يمليه عليه واجب النصح والتبصير وكان ما كان.
لكنني الآن عدت إلي هذه الدعوة القديمة للرئيس السادات وأعدت التفكير فيها.
فتجربة الحكومة في المنفي هي ليست بدعة جاء بها الرئيس السادات بل هو طريق متبع في كثير من الحالات كان أشهرها حالة الحكومة الفرنسية في المنفي في لندن عقب غزو فرنسا من جانب ألمانيا عام 1940. وكانت هذه الحكومة في المنفي برئاسة الجنرال ديجول هي نواة كل حركة المقاومة الفرنسية وهي التي تسلمت الحكم عقب إنزال النورماندي. كذلك كان للبولنديين حكومة في المنفي أيضا في لندن منذ قامت قوات هتلر بغزو بلادهم في أول يوم من أيام الحرب العالمية الثانية وظلت قائمة حتي عام 1990 حين سقط النظام الإشتراكي الشيوعي الذي كانت تقف منه موقفا مناهضا. والجزائر أيضا كان لها أيام حرب الإستقلال حكومة في المنفي توجه وتنظم وتفاوض وقت اللزوم.
ما هو الدور الذي يمكن لجومة في المنفي أن تقوم به؟ وما هي المثالب علي الفكرة؟
بالطبع هنا تأتي الإجابة علي السؤال الأول من قول المحاضر الذي ذكرته في البداية، فكما أن الدولة الألمانية تحتاج إلي صورة قانونية لكي "تري"الطائفة الدينية فالمجتمع الدولي يحتاج إلي حكومة أو تنظيم واضح يمثل الإقليم محل النزاع. وهذه ميزة ِعظمي في إقامة حكومة في المنفي. ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد.. فهناك المزيد بل الأهم..
كان الرئيس السادات في الفترة التي سبقت حرب أكتوبر مقلا في أحاديثه الصحفية متحفظا في خطابه الرسمي لا يكثرفيه ولا يخرج عن النصوص المكتوبة وأغلب الظن أنه كان يدري أن الناس لا تريد أن تعتبره زعيما قادرا علي الحسم بالسلاح. كذلك كانت مظاهرات الطلبة وأحيانا العمال والمشاحنات بين المسيحيين والمسلمين هي كلها ظواهر للحياة السياسية المصرية في الداخل تجعله عازفا عن الدخول في مناقشات. وبالتالي إمتد هذا العزوف إلي شأن الحكومة الفلسطينية وأصبح الموضوع خلال نهاية صيف 1972 نسيا منسيا وخصوصا بعد واقعة طرد خبراء الإتحاد السوفيتي من مصر في يوليو من ذلك العام الحاسم.
والذي بدأت أتفهمه في هذا السن المتاخر الآن هو أن الفكر السياسي والقانوني السائد في معظم بقاع العالم (حتي ظهور فكرة العولمة التدليسية) هو فكر يقدس كائن الدولة ولا يسمح تقريبا بمساءلتها. وبالطبع فإن رجلا مثل هنري كيسنجر ذا خلفية أوروبية ودراسة في الولايات المتحدة كان واحدا من هؤلاء المفكرين بهذه الطريقة.
والحقيقة أنه لا يمكن إفتراض أن فكرة الرئيس السادات بإقامة حكومة في المنفي مصدرها هنري كيسنجر لأن الفكرة علي ما هو واضح لنا جاءت قبل أن يبدأ الرئيس السادات في التفاوض السري مع كيسنجر عن طريق حافظ إسماعيل في الولايات المتحدة الأميركية، إذ أن هذا التفاوض لم يحدث إلا عقب قرار طرد الخبراء السوفيت.
ولكن ربما إشتم الرئيس السادات هذه الروح من خلال مستشاريه ومن ضمنهم بالطبع حافظ غانم الذي كان أستاذ قانون دولي عام في كلية الحقوق.
وعلي كل حال فالأحق بنسب هذه الفكرة إليه هو الرئيس السادات وحده إلي أن يثبت لنا خلاف ذلك.
المهم هو أن فكرة وجود تنظيم شبيه بالدولة أو حكومة ولو في المنفي هو في ذاته عاصم من الزوال. وهذا هو الفضل الأعظم لفكرة الحكومة في المنفي.
وهذا التحليل يقف معاكسا علي خط مستقيم للتحليل الذي قال به ياسر عرفات أيامها من أن الحكومة الفلسطينية في المنفي هي "تصفية"للقضية !!! ومن غير الواضح لي حتي اليوم كيف يجيء إنشاء حكومة في المنفي والإعلان عنها وتسمية أعضائها مساويا لتصفية القضية؟؟
ولو طبقنا مبدأ إعفاءالدولة دائما من عواقب كل ما تفعله علي كل ما نراه حولنا نجد أن إسرائيل تقوم بما تقوم به وتبرر ذلك دائما بأنه يقع في مصلحة الدولةraison d'etat
وليس هناك أي سبب يمنع من إفتراض أن الرئيس السادات كان يفكر بهذه الطريقة لكي يضع إسرائيل في خانة الضرورة إلي أن تعترف بأن للفلسطينيين حقوقا بدليل أن هناك دولة (أو حكومة ولو كانت في المنفي). بل أن هذا الإفتراض هو الأقرب للواقع. فكل ما جري بعد ذلك من أمر وحتي اليوم يثبت أن الرعب الإسارئيلي الكامل يقع في سيناريو إقامة دولة فلسطينية. وهذه الدولة كانت مطلبا مصريا قبل أو أثناء كامب ديفيد ولكنها رفضت وخرجت الإتفاقية الإطارية إلي النور بدونها. ثم كانت مطلبا فلسطينيا في بدايات التفاوض من أوسلو إلي كامب ديفيد الثانية ورفضت أيضا. وهي اليوم أبعد ما يمكن لها أن تكون عن القبول الإسرائيلي، رغم كل الكلام الذي يهدر في الزعم بأنها هي الهدف النهائي.. فالهدف النهائي لإسرائيل هو ليس قتل الفلسطينيين ولا حبسهم ولا أي شيء من ذلك، بل هو منع قيام الدولة، تماما مثلما كان ياسر عرفات يردد منذ 44 عاما مع الفارق أنه كان رجلا جاهلا يهذي ولا يعي ماذا يقول بينما إسرائيل تعرف جيدا ما تقول به.
بل أكثر من ذلك..
عندما هزمت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ودخل الحلفاء إلي كامل إقليمها إحتلالا ووجب تقديم رجالها إلي المحاكمة، ماذا حدث؟ وكيف كان الموقف القانوني؟
كان الموقف القانوني هو إفتراض نهاية الدولة الألمانية (الرايش الثالث) نهاية بالضربة القاضية، ثم بعد فنرة 4 سنوات أنشئت دولة ألمانية جديدة هي جمهورية ألمانيا الإتحادية في الغرب إلي جانب دولة أخري ايضا جديدة هي جمهورية ألمانيا الديموقراطية في الشرق بينما وقع الجميع علي وثيقة وفاة الدولة القديمة، رغم بقاء نفس السكان ونفس الإقليم ونفس الثقافة.. فماذا يعني ذلك؟
إنه يعني نفس ما ذكرته منذ البداية، أن الدولة مقدسة وهي إما أن تعيش في قدسيتها أو تموت !!
خذ أيضا الحرب الأهلية في الولايات المتحدة مثالا آخرا علي ذلك.
كان إتفصال الولايات وخروجهم من إتفاق الإتحاد هو سبب قيام الحرب. والمدقق في الأمر يعرف أنه لم يكن هناك أي تنسيق بين الولايات المنفصلة (الكونفدرالية) وبعضها ولكنهم مع ذلك كانوا حريصين علي إعطاء هذا التجمع الغير متناسق مظهر الدولة المقابلة للدولة الإتحادية، فأنشأوا كيانا وهميا أسموه الكونفدراليين. ولماذا فعلوا ذلك؟ أظن من خلال هذه الأفكار أنهم كانوا يريدون الحماية التي تسبغها صفة الدولة علي كل ما تقوم به من خطايا بحيث لا تعاقب.
وأكثر من ذلك..
الولايات المتحدة نفسها قامت عقب إخراج الهنود من أراضيهم ثم إخراج بريطانيا من كامل إقليم الولايات مع الحرص علي توقيع الحاكم البريطاني علي وثيقة تفيد بأنه لم تعد هناك لبريطانيا أي حقوق علي الأرض وأن علاقتها بها قد إنتهت قانونيا. وقد حكمت المحكمة العليا بعد ذلك بحوالي 50 عاما بأن عقود بيع الأرض من الهنود إلي غير الدولة الفيدرالية هي عقود باطلة لأن الدولة الفيدرالية لها حق الشفعة علي كامل الأراضي التي يتصرف فيها الهنود. والسبب في ذلك هو أن هذه الاراضي لم تكن خاضعة لسلطان الهنود الحمر في إطار دولة ولكن في إطار سائب لا نظام قانوني له، وبالتالي لم تكن علاقتهم بالارض علاقة ملكية كما نعرفه في مفهوم الدول، بل مجرد حق إستغلال لو اراد أن يتصرف فيه فعليه أن يسأل الدولة أولا. (حكم المحكمة العليا في قضية جونسون وجراهام ضد ماكنتوش من عام 1823)..
وفي هذا السياق لم يعد أحد يسأل عما جري للهنود وعن كيفية إنشاء الدولة الجديدة علي هذه الأرض.
وكل الاراضي الواقعة في العالم الجديد سواء كانت لاتينية أو أنجلوساكسون قد تم الحصول عليها بهذا الاسلوب، إنشاء دولة.
وقد كان هذا هو السند القانوني لقيام دولة بيضاء تماما في قلب أفريقيا السوداء، أن الأرض لم تكن مملوكة لأي طرف أو بمعني أصح كانت أرض جنوب أفريقيا أرضا سائبة لا سلطة لأي دولة عليها.
وإسرائيل نفسها لم تنشأ بطريقة مختلفة، بل كانت حريصة كل الحرص علي ألا تترك الأمور سائبة لحظة واحدة عقب النهاية الرسمية للإنتداب البريطاني يوم 14 مايو 1948 فأعلنت قيام الدولة لكي تصبح شرعية ولا ينبش أحد في ماضيها. بينما كان العرب ينامون في جهلهم تماما مثل ياسر عرفات عام 1972.
بل وأكثر من ذلك..
القانون الدولي به قاعدة هامة تقول بعدم جواز ضم الأراضي المحتلة بالقوة (أراضي الغير). وهذا النص يعني بمفهوم المخالفة أن الاراضي السائبة لا يوجد ما يمنع من ضمها لكونها غير محتلة، إذ لا صاحب لها.
وهذا الوضع السائب كان هو أساس حق الفتح الذي ذاع إستعماله في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والذي بمقتضاه إستولت الدول الأوروبية علي اراضي شاسعة عبر كل اصقاع العالم والذي ايضا بمقتضاه تتنافس دول معينة اليوم علي أراضي القطب الشمالي.
وأراضي فلسطين كانت بالضبط في هذا الوضع، سائبة ما بين 14 مايو ليلا وأول دقيقة من دقائق يوم 15 مايو عندما أعلن قيام إسرائيل. أي أنها لحظة قانونية ليس لها إمتداد حقيقي في الزمان ولكنها لازمة لانتقال السيادة من اليد البريطانية لليد الإسرائيلية. فبريطانيا لم تسلم اليهود شيئا وإنما مجرد تركت الارض ورحلت. وبعد رحيلها نشأت نظريا هذه اللحظة القانونية التي دخلت فيها إسرائيل قبل العرب وأعلنت دولتها علي الأرض السائبة.
ونفس هذا الوضع كان موجودا في الجزائر التي تولت فيها جبهة التحرير السلطة عقب مرور هذه اللحظة القانونية ذات الطول صفر.
وعلي ذلك لابد لكل أرض أن تكون ملحقة بطريقة ما بدولة حتي يكون لها وضع قانوني، وهذا يذكرنا بالضبط بما قاله أستاذ مادة الدين والقانون في محاضرته التي بدأت بها من أن الدولة تحتاج إلي "نظارة"أو جهاز رؤية لكي تري الطوائف الدينية وتتعامل معها وهذا الجهاز هو تنظيم الطائفة الدينية.
وبالقياس يمكن إعتبار أن النظام القانوني العالمي لا يستطيع رؤية أحقية ممارسة السلطة إلا من خلال نظارة أو جهاز رؤية إسمه الدولة.
والحقيقة أن رجلا فلاحا مصريا واحدا فهم هذه الحقائق وأدركها بفطرته بلا تعليم جامعي ولا دراسة قانون وهو أنور السادات، فكان حريصا جدا علي إلحاق أرض سيناء بأسرع وسيلة بالسيادة المصرية لكي لا يهبط بها الزمان إلي منزلة الارض السائبة فتصبح منهبا لكل من اراد.
ولأنه كان رجلا واعيا لم يعجب المصريين فقتلوه، إذ أنهم يميلون أكثر لرجل آخر جعجاع كاذب يتلاعب بأحلامهم ويدغدغ غرائزهم وفي النهاية يفقدهم أرضهم ولكنه يحافظ علي رمزهم..
والمؤكد هو أن ياسر عرفات قد فكر بالطريقة العربية العاطفية الطفولية التي إما أن تحصل علي كل شيء أو تمارسة عملية "القمص"باللغة المصرية الدارجة ويصبح العالم بأسره في عيونها مذنبا متآمرا. فالسبب الأول هو أن الحكومة الفلسطينية في المنفي كانت تعني بالنسبة لعقله عام 1972 أولا الإعتراف بإسرائيل كدولة لها "حق ما"في المنطقة، حق يجعلها صاحبة شرعية. ثانيا كان هذا الإنشاء للحكومة الفلسطينية سيفضي إلي توقف العلميات الفدائية التي كان ياسر عرفات يراها "كفاحا مسلحا ضروريا". وبالفعل في نفس ذلك العام في الخريف وقعت حادثة القرية الأوليمبية في ميونيخ والتي كانت تستهدف رياضيين من إسرائيل. وهذه الحادثة في ميونيخ بالذات كانت هائلة الأثر في إستهجان العالم للقضية الفلسطينية ولمنظمة التحرير لأنها أظهرت القيادة الفلسطينية في مظهر سيئ للغاية أمام كل وفود العالم ونجم عنها توقف الدورة الأوليمبية في ميونيخ وقطع أحداثها بنهاية دموية.
والسببان هما من أغبي الأسباب التي قد يسوقها شخص مسؤول عن قضية سياسية واجتماعية، ولكن هؤلاء هم قادتنا من العرب. ومالم يكن ياسر عرفات قادرا علي فهمه بحكم تكوينه العاطفي هو أن مجرد كسب صفة الحكومة أو الدولة (حتي ولو منفية) يجعله قادرا علي الوقوف في وجه إسرائيل دبلوماسيا ويجعله يعامل من قبل المجتمع الدولي بطريقة أكثر إحتراما.
ولقد بح صوت الرئيس السادات في خطابه العام عقب الحرب وعقب إتفاقيتي فض الإشتباك مخاطبا العرب ومخاطبا الشباب (جيلنا ومن هم أكبر منا سنا خصوصا ربيبي منظمة الشباب الإشتراكي) بأن مصر قد إعترفت بالفعل بإسرائيل بمجرد قبول قرار 242 لعام 67 في عهد دبلوماسية عبد الناصر وأن نص القرار يقول بأن الإنسحاب يتم من الأراضي العربية مقابل حق كل "دول" المنطقة في العيش بسلام !! أي أن إسرائيل حصلت بموافقة مصرية عام 67 علي الحق في العيش بسلام.. ولكن أحدا لم يستمع إليه. تماما كما يحدث اليوم في معظم القضايا التي يشارك فيها العامة.