"هي علاقة قد لا يفهمها البعض عندنا بمقاييسنا الشرقية وذلك كما لا يفهمها أيضا البعض في أوربا المحافظة، ولكنها إحدى العلاقات التاريخية التي تقوم على أعمق وأصدق ما تقوم عليه العلاقة بين الرجل والمرأة، وقد أغنت الحياة الأدبية والعاطفية للعصر كله، وهي علاقة لا بد أن يفهمها ويستشعرها شبابنا وفتياتنا لأن الثورة الاشتراكية هي أيضا ثورة في أعم علاقة إنسانية وهي العلاقة بين الرجل والمرأة".
وهذه العبارات المسمومة لا تعني أكثر من قلب للمفاهيم الأصيلة التي يعرفها الناس جميعا عن العلاقات الشرعية بين المرأة والرجل حسبما أحل الله ذلك وأن كل علاقة غير هذه، أو من هذا النوع الذي يجهر به سارتر وسيمون هو نوع من الدعارة والزنا والفساد الذي لا يقره عرف ولا شرع، والذي لا يرضى عنه أي دين أو أي مذهب، أو أي نحلة فحين يحاول أمثال محمد عودة من الشيوعيين تحسين هذه العلاقة وتصويرها على هذا النحو الفاسد إنما يروجون لمفهوم معروف في الشيوعية وفي المذاهب المادية، وهو الإباحية؛ فإذا قيل أنها أغنت الحياة الأدبية والعاطفية، فبماذا أغنتها إلا بتلك الصفحات المسمومة السوداء التي تصور علاقة غير شرعية بين رجل وامرأة، والتي تصور أسوأ من هذا، تلك الانحرافات التي تتصل بالكاتبة في علاقات أخرى، وهذا هو ما يسميه محمد عودة وغيره ثورة في العلاقات الإنسانية أي هدم لكل القيم؛ إن العلاقة بين سارتر وسيمون وما كتب عنها هي أسود صفحة في تاريخ العلاقات بين المرأة والرجل على السواء؛ لأنها هدم للمجتمع والدين والخلق على السواء، ويكفي من دجله وبيان كذبه ومغالطاته مقاله في صحيفة "الجمهورية"الأربعاء (١٩ أبريل ١٩٦٧) في الصفحة الأخيرة وتحت عنوان بالخط العريض "ليس من المستحيل التوفيق بين الإسلام والماركسية"ورد عليه العلامة المجاهد محمود عبد الوهاب فايد في مقال نشر بمجلة الاعتصام في عدد صفر ١٣٨٧ هـ - الموافق ١١ مايو ١٩٦٧ م تحت عنوان بديل: "من المستحيل التوفيق بين الإسلام والماركسية - الإلحاد والإيمان ضدان لا يجتمعان".
* مدرسة صلاح جاهين الإلحادية:
صلاح جاهين ومصطفى حسين وردتهما وتطاولهما على النبي - صلى الله عليه وسلم -:
نقلت الصحافة العربية فنا غريبا من فنون النقد الاجتماعي والسياسي هو الكاريكاتير أو الصور الساخرة، وهو عمل يقوم على السخرية من كل القيم ويحارب كل مفاهيم الأصالة في سبيل إضحاك القارئ، وتبدأ الحملة فيه على كل وجه من وجوه الخير من نقد لعلماء الدين أو زي المرأة المسلمة أو الغمز للصوم والصائمين، أو الهجوم على شهر رمضان أو إذاعة التفاهات من الكلمات والفكاهات والعبارات النازلة، وقد كان من أسوأ هذه الصور كاريكاتير الشيخ متلوف الذي استمر في مجلة روزاليوسف سنوات في نقد لاذع لكل القيم التي يمثلها عالم الإسلام، بل إن صلاح جاهين قد جاوز بعد ذلك كل الحدود حين أجرى الكاريكاتير على أعلى قيم الإسلام، وسخر هذا الملحد كثيرا من الإسلام وجعل كاريكاتيره الغمز واللمز وحرب الإسلام.
- وجاء مصطفى حسين فرسم الديك وزوجاته وكتب تحته: "محمد أفندي والزوجات التسع"يعني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجاته أمهات المؤمنين، ونشرت أيضا جريدة المساء المصرية التي يملكها مجلس قيادة الثورة المصرية سنة ١٣٨٢ هـ - ١٩٦٢ م صورة كاريكاتيرية تتمثل في وجه إنسان ورجل يقول: "أهو دا محمد أفندي اللي اتجوز ٩"والهدف معروف من وراء هذه الإشارة كما نشرت جريدة صباحية كاريكاتورية رسما للاعب كرة وهو يضرب عمامة أحد علماء الأزهر بدلا من كرة القدم.
وعلى أثر حادث الإرهابيين في فيينا رسم صورة كتب تحتها يصف الإرهابيين بهذه الأوصاف خديجة مائير، أحمد ليفي إلى آخر هذه الأسماء لماذا اختار هذه الأسماء الإسلامية الكريمة ليصلها بأبغض الأسماء.
- عامله الله بما يستحق - وإلى مزابل التاريخ ذهب هو ومدرسته وتلامذته وعلى رأسهم:
سندريللا الشاشة العربية تلميذة صلاح جاهين سعاد حسني والجزاء من جنس العمل:
- {ولا يظلم ربك أحدا} هذه التي أفسدت الشباب والفتيات برقصها ومرحها ودلها وأدوارها الماجنة وألهبت الشباب بحركات وجهها، وكان جزاؤها من جنس عملها، أبدلها الله بمرحها كبتا نفسيا وعزلة لم ينجها منها العلاج في أكبر مصحات بريطانيا وأصيبت بشلل في وجهها وزيادة في وزنها وشرخا في عمودها الفقري، فقبح منظرها ثم كانت الخاتمة انتحارا أو قتلا ..
ومن المعلوم أنها غرقت في كدر الشيوعية بسبب زوجها السابق الشيوعي، وبسبب أستاذها صلاح جاهين.
*** * سيدة الشاشة العربية وتمثيلها لفيلم "أريد حلا"وفيه من التطاول على الشريعة ما فيه:
كيف قبلت تمثيل هذا الفيلم وهو محاولة خبيثة للنيل من الشريعة الإسلامية والطعن في تعاليمها فالقصة التي قام عليها تصور حياة شابة اكتشفت بعد الزواج أن زوجها رجل فاسد الطباع منحرف الأخلاق فلجأت إلى القضاء الشرعي تطلب الطلاق للضرر، واستطاعت أن تثبت ذلك الضرر، وبدلا من أن ينصفها ذلك القضاء سد في وجهها أبواب الرحمة باسم الدين وضيق عليها منافذ الحياة باسم تعاليم الشريعة الإسلامية ثم ألجأها إلى رهبانية رهيبة لا يعرفها الإسلام، رهبانية امتصت رحيق شبابها وحيويتها وجعلها تصرخ "أريد حلا"ولم تجد حلا فعاشت للعذاب والشقاء، وهكذا صوروا لها الإسلام وصوروه لكل من شاهد الفيلم، الإسلام الذي أعز المرأة ورفعها إلى المستوى الإنساني بعد أن كانت تعامل معاملة السائمة والعبيد في أمريكا والذي سوى بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات، وجاء بتشريع كامل شامل ينظم الأسرة ويضمن للمرأة كافة أسباب الحياة الكريمة زوجة وبنتا وأما.
- ونتساءل كيف حدث هذا، فتتجه أصابع الاتهام إلى المخرج فهو مسلم بحكم شهادة الميلاد، وهو من ألد أعداء الإسلام بحكم نزعته واتجاهه، لقد أخذ قصة تنقد بعض أوضاع المحاكم الشرعية في مصر فحولها إلى معول لهدم الشريعة، واستند في إخراجها إلى عناصر لا دينية ولها انتماءات ماركسية ثم أعد لها دعاية ضخمة بلغت تكاليفها أكثر من ميزانية الفيلم نفسه وطبعا دفعت هذه المبالغ جهات لها مصلحة في النيل من الإسلام وزعزعة إيمان ضعاف النفوس من أبنائه، والعجيب أن الرقابة على الأفلام في مصر صرحت بالفيلم مع التقدير الشديد، والهيئات النسائية رحبت به ترحيبا خياليا واعتبرته الدفاع الصحيح عن المرأة التي ظلمها الإسلام، والأعجب أن أحدا من علماء الأزهر لم يتنبه إلى خطورة ما يهدف إليه الفيلم وخطورة الحملة الدعائية التي صاحبت ظهوره، وجعلته يعرض في الدول العربية وجعلت الناس يتهافتون على مشاهدته، ثم جعلت نساء البلد الذي أنتجه يطالبن بضرورة تعديل قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين مستوردة من الكتلة الشرقية (أمينة الصاوي).
* يوسف وهبي فنان الشعب المدمن للخمر لا يرى تحريم الخمر:
ما أصدق ما قال هنري فورد في كتابه "اليهودي العالمي"بأن اليهود من أجل تحقيق غايتهم قد سيطروا على ثلاثة أشياء: البنوك للربا، والسينما لتقديم مفاهيمهم المسمومة، ومعامل الملابس والمساحيق والعطور، وسواها من مستلزمات الموضة؛ بل ونزيد هنري فورد شيئا رابعا وهو الصحافة .. فها هي الصحافة العربية تدافع عن الخمر بنشر إعلاناته، وإيراده في كل قصة ورواية، بل وتدافع عنه عن طريق شاربيه ومدمنيه الذين يدافعون عنه أمثال يوسف وهبي (مجلة روزاليوسف - العدد ١٤٥٧).
- قال: لا أرى أي شيء طالما أن الضرر أو النفع يعود على الشخص نفسه، فأنا أمقت تحديد الحريات ما دامت هذه الحريات تعبر عن إطلاق القيود في المجتمع، وكل امرئ مسئول عن عمله وكل فرد هنا له عقل يعرف كيف يتصرف به؛ فإن من يمنع شيئا بالقوة مثل من يمنع اللص من السرقة بوضعه داخل أربع جدران، وتحريم الخمر يماثل أمر الحاكم بأمر الله الذي قضى على زراعة الكروم ليمنع الناس من شراب النبيذ.
وينسى يوسف وهبي أو يتجاهل مدى الأخطار الاجتماعية التي تصيب شارب الخمر وتحريم الشرائع والأديان لها، بل ويتجاهل ما يقوله الأطباء من أخطارها على الكبد والمعدة والعقل.
* يوسف شاهين وتزوير التاريخ .. يجعل شعار صلاح الدين الدفاع عن العروبة .. ويجعل عيسى العوام -البطل المسلم الشهيد- نصرانيا:
حملت سينما يوسف شاهين وفيلمه "الناصر صلاح الدين"سموما صليبية حين صور معارك "حطين"وفتح القدس على يد البطل المسلم الكردي صلاح الدين صورها على أنها معارك عربية أو مصرية ضد القوى الأجنبية الغازية مع إخفاء وتجاهل وحجب البعد الإسلامي - وهي معارك بين الغرب الصليبي وعالم الإسلام وأنها كانت تستهدت اقتلاع الإسلام من جذوره .. ويصور يوسف شاهين صلاح الدين أنه بطل عربي يكثر في حديثه الكلام عن العرب والعروبة وهذا دجل، وبلغ دجل يوسف شاهين وكذبه وزوره أنه جعل عيسى العوام مسيحيا يعلق الصليب على صدره، ويكفي أن أذكر من المصادر التاريخية التي كتبها ثقات علماء المسلمين الذين عاصروا عيسى وعايشوه ما يكفي لإلقام هذا الدجال يوسف شاهين حجرا.
- يقول القاضي بهاء الدين بن شداد في كتابه "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية"أو "سيرة صلاح الدين"تحت عنوان "ذكر قصة العوام عيسى -رحمه الله-: "ومن نوادر هذه الواقعة ومحاسنها أن عواما مسلما يقال له عيسى، وكان يدخل إلى البلد (١) بالكتب والنفقات على وسطه ليلا، على غرة من العدو، وكان يغوص ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو، وكان ذات ليلة شد على وسطه ثلاثة أكياس فيها ألف دينار وكتب للعسكر، وعام في البحر فجرى عليه من أهلكه وأبطأ خبره عنا، وكانت
عادته أنه إذا دخل البلد طار طير عرفنا بوصوله، فأبطأ الطير، فاستشعر الناس هلاكه، ولما كان بعد أيام بينما الناس على طرف البحر في البلد، وإذا البحر قد قذف إليهم ميتا غريقا فافتقدوه فوجدوه عيسى العوام، ووجدوا على وسطه الذهب، وشمع الكتب، وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رؤي من أدى الأمانة في حال حياته، وقد أداها بعد وفاته إلا هذا الرجل، وكان ذلك في العشر الأخير من رجب (١) "اهـ.
فما يقول يوسف شاهين الصليبي الدجال؟! وهل هذا من الأمانة أن تجعل من شهيد مسلم نص ابن شداد على إسلامه نصرانيا؟!!
* ومن تزويرهم للتاريخ:
وإن تعجب فاعجب من قول العصراني الدكتور محمد عمارة عن صلاح الدين الأيوبي أنه "القائد الإقطاعي البارز؟! " (٢).
"ويأسف الدكتور عمارة لانتصار المسلمين في الحروب الصليبية؛ لأنها أعادت الحيوية للإقطاع العربي، فلقد كانت الحروب الصليبية مرحلة من الأحداث الكبرى التي أتاحت للإقطاع العربي فترة من استرداد الحيوية والنشاط" (٣).
- د. محمد عمارة الذي يصف الفتح العثماني بأنه "طوفان الدمار التركي وأرجال الجيش العثماني الذي لف العالم العربي بردائه الأسود أكثر من أربعة قرون" (٤).
وانظر إلى سقطة أخرى من سقطات محمد عمارة فقد قال عن عمر بن الخطاب "فقد كان رائد التمييز بين السياسة والدين مع معارضة جمهور الصحابة له، ولقد بنى الدولة الإسلامية على هذا التمييز (١) أي: أن عمر بن الخطاب كان العلماني الأول في الإسلام وانظر إلى طامة أخرى من طوامه إذ قال عن حروب الردة:
"فحروب الردة لم تكن حروبا دينية، ولا حرب علي مع خصومه كانت دينية؛ لأنها كانت حربا في سبيل الأمر، أي الخلافة والرئاسة والإمامة وهذه سلطة ذات طبيعة سياسية ومدنية، ومن ثم كانت الحروب التي نشبت لأجلها سياسية ومدنية هي الأخرى" (٢).
- وصفهم قراقوش بأنه رمز لكل مستبد جائر، مع أنه من أبطال الإسلام العظام وهو نائب صلاح الدين:
وراء ذلك كله الأسعد بن مماتى وله كتاب "الفاشوش في أحكام قراقوش"وسار ذلك مسرى النار في الهشيم وسط العامة والخاصة إلا من له إطلاع واف على كتب التاريخ.
- يقول ابن خلكان: "إن صلاح الدين كان يعتمد في أحوال المملكة عليه، ولولا وقوفه بمعرفته وكفايته ما فوضها إليه".
وكان القاضي الفاضل وزير صلاح الدين لا يدع رسالة يأتي فيها ذكر الأمير العظيم بهاء الدين قراقوش حتى يملأها مدحا وثناء عليه، وعلى جده ونشاطه وصبره وإخلاصه وأمانته، ثم ذلك ما عرفه الصليبيون فقالوا عن شخصية بهاء الدين قراقوش أنها شخصية رجل محارب، له روح غريبة،
.أدهشت الصليبيين وأثارت إعجابهم بشجاعة صاحبها، ومهارته وقدرته حتى نظروا إليه على أنه جندي وقديس معا" (١).
- قال عنه العماد الأصفهاني في وفيات سنة سبع وتسعين وخمسمائة وهي السنة التي مات فيها بهاء الدين قراقوش: "وفيها توفي الأمير بهاء الدين قراقوش، وهو من القدماء الكرماء، وشيوخ الدولة الكبراء، أمير الأسدية ومقدمها، وكريمها ومكرمها، ولم أر غيره خصيا لم تقاومه الفحول، ولم يؤثر في مجال مأثراته المحول، وله في الفتوحات والغزوات مواقف معروفة ومنامات موصوفة وهو الذي احتاط على القصر حين استتبت على متوليه أسباب النصر، وذلك قبل موت العاضد بمدة.
ولما خطب لبني العباس بالديار المصرية، تسلم القصر بما فيه، واستظهر على أقارب العاضد وبنيه، وتولى عمارة الأسوار المحيطة بمصر والقاهرة، وأتى فيها بالعجائب الظاهرة وكان معاذ الالتجاء، وملاذ الارتجاء.
- ولما احتاج السلطان صلاح الدين إلى إقامة الجسور، وتطهير الترع، وتشييد القلاع والأسوار المحيطة بالبلاد لتقيها شر الغارات التي قد تأتي إليها من جانب الفرنج تارة، والشيعة المنبثين في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي تارة أخرى لم يكن لهذه المشروعات العظيمة إلا الأمير قراقوش، ولعل أول ما قام به الأمير من ذلك قلعة الجبل، ثم قلعة المقس، وهي برج كبير بناه الأمير على النيل، وبنى بالقرب منه أبراجا أخرى، ثم أقام سورا عظيما على حافة الصحراء الغربية، واستغرق منه ذلك من عام ٥٦٧ هـ حتى ٥٦٩ هـ، ثم أمره السلطان صلاح الدين ببناء سور يحيط بالقاهرة وتم له ذلك، "وأمن .أهل القاهرة من يد تتخطف ومجرم يقدم ولا يتوقف"كما قال القاضي الفاضل، وسر السلطان برسالة القاضي وبخادمه قراقوش، وعلم أن الله تعالى يريد بدولته خيرا، إذ قيض لها مثله ومثل وزيره القاضي الفاضل.
- ومن أعماله العظيمة بناء سور حول عكا بعد أن تهدم من شدة القتال، وحاصر الفرنج عكا عامين، ذاق فيهما الأمير والمسلمون معه الأمرين، بل ذاقوا هنالك أقسى ما عرفته المحنة الصليبية من ألم وتحملوا فيهما أشق ما مر بها من جهد ونصب، ودخل الصليبيون عكا، وانهالوا على أهل المدينة نهبا وذبحا وأسرا، وكان الأمير نفسه ممن أسر بعد أن ثبت ثبات الأبطال وصبر صبر الرجال، وشد من عزائم من معه من الجنود، وبقي في الأسر حتى أفرج عنه حين عقد الصلح، وكان يوم الإفراج عنه يوم سرور عظيم؛ إذ فرح به السلطان الناصر صلاح الدين الفرح كله، لما كان له عليه وعلى الإسلام كله من الحقوق، فبقي الأمير إلى جانب السلطان ينيبه عنه في أخطر المواقف لم يفارقه حتى فارق صلاح الدين هذه الدنيا.
- هذه صفحة في إنصاف بطل من أبطال تاريخنا "وما أضيع الأمة حين يكون حاضرها لا أصل له ولا ماض ولا تاريخ".
* أهل الفن وتجارة الغرائز .. الكعبة .. والراقصة!!:
عرضت في عام ١٩٩١ م مسرحية في مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة وفوجئ المشاهدون بمشهد تظهر فيه الكعبة المشرفة -قبلة المسلمين ورمز وحدتهم ومحل حجهم ومكان تطهرهم- وقد خرجت منها راقصة ترقص بصورة فاضحة، ثم تتحول الكعبة إلى برميل بترول!!!
جرى هذا المشهد في مسرحية تعالج "الزار"الذي يلجأ إليه العوام الجهال، فما العلاقة بين الكعبة والزار؟!.
- واستخدمت الكاتبة صافيناز كاظم قلمها في التنبيه إلى الجريمة ومرتكبيها الذين يستعدون -فيما بعد- ليبولوا في حلوقنا (!! ) (المصور ٦/ ٩/١٩٩١ م) بعد أن جرحوا مشاعر المسلمين ومقدساتهم، وهاجت الدنيا وماجت، ولكن الذين قدموا المسرحية أو ساعدوا على تقديمها، حققوا لأنفسهم شهرة كبيرة ودعاية عظيمة، بل أتيح لهم أن يظهروا على شاشة التلفزة للناس بعيون جريئة: لم نكن نقصد!! أو أن الناس فهموا خطأ!! ثم كان لسان حالهم يقول للجمهور: موتوا بغيظكم.
- من يتصدى لهذه البذاءات يوصف بالتطرف والتخلف والسلفية والردة والظلامية ... إلى آخر القاموس البذيء الذي يستخدمه أصحاب هذه السفالات، وأنصارهم من حملة الأقلام غير المتوضئة (١).
* المسرحية التي تسخر وتستهزئ بالملائكة .. (الرجل اللي ضحك على الملائكة! ):
والمسرحية المصرية التي تستهزئ بملائكة الرحمن بعنوان "الرجل اللي ضحك على الملائكة"وتقوم فكرتها على أن الآخرة لا بد أن يكون فيها عمل وتجعل الملائكة في وضع ساخر، حيث يضحك مدير الشركة الذي سلب ونهب في الدنيا على الملك فيقطع ورقة من دفتر حسابه بعد أن أجبر على اعتبار نومه عبادة، متمسكا بأن هنا مبدأ دينيا فلما ذهب الملك للاستفتاء سرق ورقة إدانته.
- واستخدمت الكاتبة صافيناز كاظم قلمها في التنبيه إلى الجريمة ومرتكبيها الذين يستعدون -فيما بعد- ليبولوا في حلوقنا (!! ) (المصور ٦/ ٩/١٩٩١ م) بعد أن جرحوا مشاعر المسلمين ومقدساتهم، وهاجت الدنيا وماجت، ولكن الذين قدموا المسرحية أو ساعدوا على تقديمها، حققوا لأنفسهم شهرة كبيرة ودعاية عظيمة، بل أتيح لهم أن يظهروا على شاشة التلفزة للناس بعيون جريئة: لم نكن نقصد!! أو أن الناس فهموا خطأ!! ثم كان لسان حالهم يقول للجمهور: موتوا بغيظكم.
- من يتصدى لهذه البذاءات يوصف بالتطرف والتخلف والسلفية والردة والظلامية ... إلى آخر القاموس البذيء الذي يستخدمه أصحاب هذه السفالات، وأنصارهم من حملة الأقلام غير المتوضئة (١).
* المسرحية التي تسخر وتستهزئ بالملائكة .. (الرجل اللي ضحك على الملائكة! ):
والمسرحية المصرية التي تستهزئ بملائكة الرحمن بعنوان "الرجل اللي ضحك على الملائكة"وتقوم فكرتها على أن الآخرة لا بد أن يكون فيها عمل وتجعل الملائكة في وضع ساخر، حيث يضحك مدير الشركة الذي سلب ونهب في الدنيا على الملك فيقطع ورقة من دفتر حسابه بعد أن أجبر على اعتبار نومه عبادة، متمسكا بأن هنا مبدأ دينيا فلما ذهب الملك للاستفتاء سرق ورقة إدانته.
***
* كوكب الشرق:
كوكب الشرق ضاع قومي لما ... تاه في حبك القطيع وهاما
- يقول صالح جودت شاعرهم في قصيدة عنوانها "دور الشعر والفن في تعزيز أخلاق الأمة أو انحلالها"في الملتقى الفكري الإسلامي التاسع بمدينة تلمسان بالجزائر، أول شهر رجب سنة ١٣٩٥ هـ!!!.
وبئس ليل ما به آهة ... من أم كلثوم ومن أسمهان (١)
أي والله هكذا!!!
- خدريهم يا كوكب الشرق:
- قال الشيخ يوسف العظم: "يقولون إن أم كلثوم ظاهرة عجيبة، وأضيف، وظاهرة تخديرية رهيبة، ما أصابتنا كارثة، أو حلت بنا مأساة إلا وقفت تغني لليل، والخمر والحب الضائع، حتى في أعقاب الكارثة المدمرة، في الخامس من حزيران، وقفت تغني للمترفين، والدم البريء يسيل على كل رابية، والعار الأسود يجلل جباه المخدرين والمخدرات، ممن راحت تصفع وجوههم، ولا يشعرون "هذه ليلتي وحلم حياتي"لعل هذا الضياع الذي أصاب الأمة، وهذا الخدر الذي سرى في أعصابها هو الذي دعا صحفيا إلى القول في صحيفته البيروتية مباهيا دون خجل: "إني أعرف مكانة أم كلثوم عند العرب، وأعرف كذلك أن حب الكثيرين لها يوازي حبهم لفلسطين" (٢).
***
- يقول يوسف العظيم:
"كوكب الشرق"لا تذوبي غراما ... ودلالا وخرقة وهياما
لا ولا تنفثي الضياع قصيدا ... عبقريا أو ترسلي الأنغاما
فدماء الأحباب في كل بيت ... تتنزى وتبعث الآلاما
وجراح "الأقصى"جراح الثكالى ... ودموع الأقصى دموع اليتامى
أيها الشعب خدرته "الليالي" ... مثقلات تفجرت آثاما
فعن الحق تارة يتلهى ... وعن النور تارة يتعامى
يتهاوى على ذراع طروب ... أو لعوب في حضنها يترامى
وإذا الشعر بالكئوس تغنى ... والنواسي عانق الخياما
وأنين الكمان صار أذانا ... في حمى البيت والنديم إماما
وإذا ليلتي وحلم حياتي ... لم تحطم في فجرها الأصناما
فإلام الجهاد يا "كوكب الشر ... ق"وما بالنا نهز الحساما
لا تغنى الخيام يا "كوكب الشر ... ق"وتسقى من راحتيه المداما
ففلسطين لا تحب السكارى ... وربى القدس لا تريد النياما
ولو أن الخيام يبعث حيا ... هوت الكأس من يديه حطاما
"كوكب الشرق"شاع قومي لما ... تاه في حبك القطيع وهاما
قد أطاعوا الهوى فضلت دروب ... سلكوها وقد أباحوا الحراما (١)
منحوك الإعجاب يا ويح قومي ... وعلى الصدر علقوك وساما
ناوليهم من راحتيك كئوسا ... وامنحيهم من ناظريك ابتساما
واجعلي الفن ردة وضياعا ... لا أحاسيس أمة تتسامى
ودعيهم في كل واد يهيمون ... ن سكارى ونكسى الأعلاما
خدريهم باللحن يا كوكب الشر ... ق وصوغي من لحنك استلاما
أيها السادة الكبار سلاما ... قد قتلتم في كل نفس سلاما (١)
- اعجب يا أخي: بعد هزيمة حزيران بأيام سئلت أم كلثوم عن أهم صفة في عبد الناصر؟ فقالت: إنسانيته (٢).
- هل غاب وعيك يا كوكب الشرق أم خدرت قومك.
- العندليب عبد الحليم حافظ الذي صفق طويلا للدجاجلة وضيع شباب الأمة:
في أول يونيه ١٩٦٧ نشر في العمود الثالث من الصفحة الأخيرة بجريدة الأهرام أي: قبل الحرب بأربعة أيام خبر نصه:
"وضع مجدي العمروسي مدير صوت الفن جميع الإمكانيات تحت تصرف إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة، كما بدأ في طبع ٤٠ ألف صورة كارت بوستال عليها صورة عبد الوهاب، و٤٠ ألفا عليها صورة عبد الحليم حافظ، و٤٠ ألفا عليها صورة نجاة الصغيرة، و٤٠ ألفا عليها صورة شادية على كل منها إهداء من صاحبتها .. سترسل من الغد إلى جنودنا الرابضين في الجبهة" (٣).
- وفي كتابها "جندي من إسرائيل"تقول ابنة موشي ديان عن أيام ما قبل المعركة مباشرة "كانت إذاعات العدو (١) تقول: قاتل وأم كلثوم معك في المعركة .. قاتل وعبد الحليم معك في المعركة".
نعم .. إنه عبد الحليم حافظ المسئول أمام الله عن ميوعة الشباب وتخنثهم وضياعهم في تيه الأغاني والحب وكل ما هو محرم .. يكفي فيلم واحد من أفلامه "أبي فوق الشجرة"فما ظنك بتدمير شباب أمة بالكامل.
- أليس هو الذي غنى "قدر أحمق الخطا .. سحقت هامتي خطاه"، أما علم الناس أغيته الداعية إلى الاشتراكية الساخرة من الرجعيين
ونطبل لك كده هو ... ونزمر لك كده هو
ونقول لك يا عدو الاشتراكية ... يا خاين المسئولية
أليس هو القائل "انتصرنا"في وقت الهزيمة.
- نذكر الناس بأغنيته التي حولت الشعب إلى قطيع يأتمر بأمر الطاغية "جماهير الشعب تدق الكعب .. تقول كلنا صاحيين"، لقد كان عبد الحليم صوتا للشمولية في قسوتها، وبشاعتها ضد شعبها وأمتها، وكان لسانا للقمع الذي أخضع الشعب لسطوته وقهره، كان رمزا لزمن الهزائم والعار، وعده العدو جنرالا يحارب به النظام معاركه الخاسرة دائما.
لماذا عبد الحليم وشقشقاته وطقطقاته التي ترضي الزعيم الفلتة المفلوتة من دورة الزمان؟!
في ذكرى وفاة المطرب عبد الحليم حافظ العشرين -بل وفي كل سنة- فرضت أجهزة الدولة الإعلامية زفة عن عبد الحليم في أكثر من عشر محطات إذاعية وأكثر من عشر قنوات تلفزيونية، فضلا عن جرائد السلطة ومجلاتها طوال أسبوعيين تقريبا، وفي كل أوقات البث والإرسال موضوع عبد الحليم .حافظ في مجال الأغنية، ومجال السينما، ومجال الموسيقى، ومجال الأسرة ومجال الصحة، ومجال الزواج السري ... إلخ.
ووضعت عبد الحليم في صورة البطل القومي الذي لا تتم الوطنية والقومية والثورية إلا بمعرفة تاريخه منذ التقت به إحدى المذيعات في الطريق وقدمته للجمهور حتى رحيله في إحدى المدن الأوربية ذات يوم من شهر مارس .. مات وأنبوبة العلاج قد وصلت إلى حنجرته .. أي والله حنجرته حيث الأحبال الصوتية مكان الغناء ولا يظلم ربك أحدا .. والجزاء من جنس العمل، تعلق صوره على صدور الشباب من الجنسين وفي الشوارع وعلى الأرصفة ويصور في صورة البطل الذي تفتقده الأمة ليخلصها من متاعبها وهؤائمها، وفي الوقت نفسه تحل ذكرى شيخ الأزهر جاد الحق والشيخ الغزالي فما سمع صوت ولا حديث ولا تعليق من أجهزة الدعاية الحكومية.
- إن عبد الحليم حافظ وزمانه في خانة غير مرغوبة بالمعايير الصحيحة للشعوب الحية التي تحترم دينها وتبحث عن الحرية والأمل الحقيقي (١).
إيه يا زمن عبد الحليم حافظ .. زمن تنطق فيه الرويبضة .. السفيه يتكلم في أمر العامة يصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق.
وطاولت الأرض السماء سفاهة ... وقال الدجى للصبح أنت مؤسسي
فقالوا لظلمات الليالي "تنفسي" ... وقالوا لشمس الصبح "مالك عسعسي"
وشاهدت غوريللا تباهي بحسنها ... قطيع ظباء مائسات وكنس (٢)
وشاهدت من يشري العزيز بدرهم ... ومن باع ماء الوجه فيها وبأبخس
وأصبح للشوك الأثيم معارض ... ولم أر فيها من ورود ونرجس
وجاء ضرير القوم يلعن مبصرا ... ويسخر من "سحبانها" (١) كل أخرس
ومادرها (٢) يزرى بحاتم طيئ ... وينكر نبت الجود في كل مغرس
وألقوا أمين القوم في قاع مظلم ... وصفق أقوام للص مدلس
فقلت وفي حلقي الممزق غصة ... وقد ضاق من كرب الخزايا تنفسي
"لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها، وحتى سامها كل مفلس" (٣)
* موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب يحضر أول زواج بين الشواذ في مصر لرجلين ويباركه:
لن نتكلم عن حرمة الموسيقى وأنها صفة الفساق، ولن نتكلم عن حياة محمد عبد الوهاب الخاصة، فقد أفضى إلى ما قدم .. لكن لا يستطيع أي صادق من معارفه أن ينكر حضوره ومباركته لأول زواج بين شاذين في واحة من واحات مصر .. وقد نشرت الجرائد المصرية ذلك .. ولا تعليق على ذلك إن كان بالقوم حياة .. حتى قال أحدهم ساخرا من هذه الرموز الخليعة:
وموسيقارنا عبد الوهاب ... وكوكب شرقنا نبحت سنينا
وذاك العندليب أخو الغراب ... أنتركه لدعوى الطاهرينا
ورقص الشرق ذا فن تجلى ... وذا تسبيح عين الشاكرينا
..
* فنان الشعب سيد درويش يموت وهو يتعاطى الحشيش والأفيون:
موسيقار الشعب سيد درويش يموت وهو يتعاطى المخدرات والحشيش والأفيون، أي والله وباعتراف أمه كما جاء في المجلات، ولا عجب فهذا دأب الكبار والرموز دائما. فقد "كان كبار مسئولي الدولة في السلطة الناصرية والساداتية بعدها من المدخنين للحشيش، بالإضافة إلى بعض فناني الدولة مثل نجيب محفوظ، وأحمد مظهر، وشاعر النظام الناصري صلاح جاهين وشيخه سيد مكاوي" (١) واسلمي يا مصر.
* عادل إمام الإرهابي الكبير والمهرج يصف فرج فودة بـ "أخي الشهيد":
عادل إمام الذي سخر من الحجاب والمحجبات، ومثل الإسلاميين بأقبح الصور وعدهم من "طيور الظلام"، وقال عن فرج فودة "أخي الشهيد"أي شهادة وهو مرتد؟!!. وستذهب كما ذهب إلى مزابل التاريخ.
* لطفي الخولي اليساري:
هو القائل: "إن اليسار في مجتمعنا هو الوريث الحقيقي لدين محمد ابن عبد الله ولدين عيسى بن مريم ولفضل أبي بكر وعمر، وهي محاولة فاسدة وكاذبة ومضللة ترمى إلى رفع دعاة الشيوعية من الحضيض إلى قمة الأنبياء والصحابة وقادة الفكر، وهيهات أن يصلوا إلى مستوى أقدامهم أو أفعالهم (٢).
* كامل زهيري يريد هدم التراث كله:
أخطر دعاوى الصهيونية والماركسية ما أعلن عنه كامل زهيري حين قال
للأستاذ علي الجندي: إننا نريد أن نهدم القديم كله .. التراث كله وليس الشعر فحسب (١).
* الدعوة إلى المصرية والفرعونية:
- ومن دعاتها: أمين إسكندر ..
من الأفكار المسمومة التي نشرها كتاب الصحف قول أمين إسكندر:
"إن مصر حافظت على وجودها وشخصيتها القومية إزاء الأديان، وإن الأديان التي عرفتها مصر سواء بالنشأة أو بالانتساب لم تغير من مصر طابعها القومي وإنما تحولت إلى جزء من هذا الطابع، كان لمصر مسيحيتها الخاصة وإسلامها الخاص".
وهذه نغمة مسمومة كاذبة فليس هناك إسلام مصري مختلف، وليست مصر كما يقولون أخضعت الإسلام، الحقيقة أن روح الإيمان التي عرفت في مصر قبل الإسلام وقبل المسيحية إنما هي ثمرة من ثمار الحنيفية السمحاء التي حمل لواءها دين الله الإسلام الذي دعا إليه سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وهو صاحب كل الميراث الخلقي والروحي الذي عرفته المنطقة العربية قبل الإسلام بألف وأربعمائة سنة، وهذا هو ما كان موجودا في مصر قبل الإسلام ولا ريب أنه من الإسلام نفسه. {هو سماكم المسلمين من قبل}، {أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا}.
ذلك أن هناك علاقة كاملة بدأها إبراهيم -عليه السلام- في هذه المنطقة بدعوة التوحيد الخالص وختمها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وجاءت في ثناياها رسالة موسى ورسالة عيسى وسائر الأنبياء، فلماذا هذا التضليل الكاذب بإعلاء شأن العنصريات والقوميات والإقليميات على هذا النحو البغيض، إن شخصية
مصر الحقيقية في جوهرها هي عصارة التوحيد والدين الحق، ولم يكن لمصر شخصية أساسية مطلقا قبل الإسلام، فقد نبذت مصر الدين واللغة التي امتدت خلال الحضارة الرومانية قبل الإسلام ألف سنة (١).
* فهمي عبد اللطيف:
- يقول الأستاذ أنور الجندي في كتابه "الصحافة والأقلام المسمومة" (ص ٢٣٠): "هناك محاولة للقول بأن "روح مصر"أكبر من "روح الإسلام"، وأن مصر أرض وعبقرية أولا ثم يجيء الدين والقيم، هذا ما يذهب إليه الكثيرون منهم فهمي عبد اللطيف إنهم يقولون أن عطاء النيل هو الذي كون روح الشعب المصري، وهل يمكن أن تتكون روح الأمم من المادة، الحقيقة أن الأديان والقيم هي التي تشكل روح الأمم، أما هذه الأهرام الشامخة التي يعتزون بها فإنها تمثل مفهوم دين الفراعنة الوثني، ذلك الكلام الخادع، قهر الفناء الذي يحطم حياة الحي وسبعة آلاف سنة، الحقيقة أن مصر عرفت التوحيد باكرا وعرفت رسالة السماء في إدريس وإبراهيم وفي يوسف وأنها هي مصدر تلك الأصالة وليس النيل أو الأهرام كما يدعون".
* محمد رفعت - شفيق غربال، ومحمد صبري والدعوة إلى القومية المصرية:
"كانت الصحافة العربية حاضنة الدعوة الإقليمية، ثم الدعوة القومية المفرغة من القيم الإسلامية، وكانت الدعوة الوطنية، وكانت الدعوة إلى إحياء الفرعونية والفينيقية، وحملت الصحافة لواء الدعوة إلى كتابة التاريخ من وجهة نظر مصرية
الفكرتان بالنقد والتفنيد، أما أولاهما فهي تدعو إلى ولاء واضح مع فرنسا التي كانت تقود سياسة الدعوة المتوسطية، أما دعوة العقاد فقد كانت تدعو إلى الإقليمية وتجمد المثل العليا وتمزق وحدة العرب (١).
وسقط العقاد سقطته مثلما سقط سقطته الكبرى يوم أن دافع عن البهائية ومجد البهاء الذي ادعى الألوهية وهنا يعلم الناس مدى أهمية تقييم الناس والقادة والعمالقة، والقمم الشوامخ في ضوء الإسلام وميزانه .. الإسلام وحده.
* كمال الملاخ وزكي شنودة والمسيحية السياسية والفرعونية:
فكرة القومية المصرية بديلا للعروبة، امتدت لتؤسس نمطا من التفكير والتوجه لدى عدد من مفكري النصارى وكتابهم في مصر، وبخاصة أولئك الذين أسسوا ما يسمى بالمسيحية السياسية من خلال كتاباتهم وأبحاثهم من أمثال كمال الملاخ وزكي شنودة مؤلف "تاريخ الأقباط"وكأنهم يقولون "أبعدوا شبح العرب عن مصر .. العرب استعمروا مصر وشوهوا وجهها الحضاري" (٢).
- ويتكلم الأستاذ أنور الجندي عن الخطوط العامة التي تحتاج إلى دراسة وبحث في مجال الأدب واللغة والتراث فيتحدث عن محاولة طرح طابع فرعوني على الفكر العربي الإسلامي، وهذه محاولة تستشري في كتابات كمال الملاخ ولويس عوض وزكي شنودة، وطائفة كبيرة من "المصريولوجيين"الذين يحاولون أن يردوا القيم والأخلاق والتقاليد والعادات التي يحفل بها المجتمع العربي الإسلامي إلى الفرعونية، وكلما جرى الحديث حول فن من الفنون، تحدثوا عن الفن الفرعوني والطب الفرعوني، والحكمة الفرعونية، وهذه محاولات باطلة لأن الخيوط التي بين أيدينا عن العصر الفرعوني قليلة وضئيلة وساذجة ولا تستطيع أن تكون صورة حضارية أو صورة أدبية لغوية، فقد تقطعت الأسباب بيننا وبين ذلك العصر البعيد وجاء الإسلام خلال أربعة عشر قرنا فقضى على اللغة والتقاليد والعادات القديمة، وهي دعوة معارضة لروح الأمة المتدفقة التي تربط مصر بالعروبة والإسلام، انفصلت آثاره وأخباره بينما تسحب ستائر الصمت عن ميراث حي يتدفق بالحياة متصل بأمجاد هذه الأمة في صورتها العربية الإسلامية جميعا، وليس معنى هذا أن يغمض الطرف عن الآثار الفرعونية فهي مفخرة من مفاخر مصر، وجزء من تاريخ العرب؛ لأن الذين أقاموها كانوا يمثلون مرحلة ضخمة من مراحل الحضارة والتقدم الذي جاءت به أديان السماء، وكانت الموجة الفرعونية أصلا صادرة عن جزيرة العرب كما أكدت أبحاث العلماء الأجانب والمصريين، وقد أثبت القاموس الذي أعده (أحمد كمال باشا) أن أغلب الكلمات الفرعونية ذات أصل عربي، ومثل هذا يقال في الموجات الفيفيقية والآشورية والبابلية والبربرية، وذلك تحقيق تاريخي استغرق أعواما وأعواما حتى قيلت فيه كلمة الحق بعد أن استغلته مؤامرات الغزو الاستعماري والثقافي في الثلاثينات (١).
- هذه المحاولات التي تحاول الكلام عن الفرعونية القديمة إنما تصدر عن حقد دفين وعبث بالغ.
وإخناتون للتوحيد داع ... قديما قبل كل المرسلينا!!
أإخناتون عابد قرص شمس ... بزعم الكفر شيخ المسلمينا؟!
"فميمكم"و"صادكم"وراء ... غدت وثنا وطاغوتا لعينا
* غالي شكري يغمز كل ما له اتصال بالتراث أو الدين أو الوطنية ويصفه بالعقم في كتابه "ثقافة تحتضر":
جاء غالي شكري ليغمز كل ما له اتصال بالتراث أو الدين أو الوطنية من الشعر، ووصفه بالعقم مع تأكيده للخطة التغريبية التي يعمل عليها شعراء الرفض، وشعراء العامية، وهكذا دافعت الصحافة عن هذه المفاهيم المسمومة وأفسحت لها ومكنت لهؤلاء الذين ظهروا في ذلك الاتجاه من أن يتفتحوا في رحابها وأن تلمع أسماؤهم، والهدف هو ضرب اللغة العربية وضرب القيم والأخلاق من خلال ما تحمل هذه الكتابات من مفاهيم مضللة زائفة منحرفة وإحلال ظلام الوجودية والمادية والإباحية المعقدة ومفاهيمها الضالة محل روح الأصالة والرحمة والعدل والتوحيد الخالص الذي يمثله الأدب العربي الأصيل، بل إن هذه الموجة قد زلزلت مفاهيم الكثيرين فانحرفوا عن عمود الشعر الأصيل إلى هذا الاتجاه أمثال، محمود حسن إسماعيل، وعبد الرحمن الخميس وغيرهم (١).
- ويقول الأستاذ أنور الجندي في كتابه "محاولة لبناء منهج إسلامي متكامل" (٤/ ٥٩٧ - ٦٠٠):
"يقول غالي شكري في كتابه "ثقافة تحتضر"فهل يعني بها ذلك الركام الذي قدمته كتابات الماركسيين والشيوعيين والوجوديين خلال تلك السنوات العجاف فلم يكن ممثلا لفكر هذه الأمة وقيمها، أم أنه يقصد بالثقافة التي تحتضر الثقافة الإسلامية العربية، الواقع أن الثقافة التي احتضرت فعلا هي تلك الكتابات المسمومة التي قدمتها هذه المجموعة من الشعوبيين، والتي لم تكن في حقيقتها تمثل جوهر هذه الأمة أو فكرها أو روحها، كما يطلق عليه .."تراث الإنسانية"وإنما تراث الإنسانية الصحيح هو معطيات الأديان السماوية المنزلة التي جاءت بالحق من ربها قبل أن تفسدها تفسيرات الحاخامات والرهبان، ونحن إذا عدنا إلى أصول هذا التراث في الحنيفية السمحة التي جاء بها إبراهيم -عليه السلام- وامتدت في رسالات موسى وعيسى ومحمد وجدنا التراث الصحيح الذي يمكن أن يسمى تراث الإنسانية جمعاء، أما تلك الأوهام والأهواء التي قدمها سقراط وأرسطو وأفلاطون أو مزدك، وماني ومجوس؛ فإن هذا ليس تراث إنسانية ولكنه أهواء البشرية حين انحرفت عن رسالة الدين الحق المنزل، ولذلك فإنه من الغش للناس أن يقول لهم أن هذا تراثهم؛ وإذا كان غالي شكري يعتبر أن كتابات هذه المرحلة الماركسية التغريبية هي بمثابة ثقافة تحتضر فإنا نصدقه في هذا التصور، ولكن لا نرى أن غياب الدولة العصرية هو مصدر النكسة، وإنما نرى أن غياب الأصالة العربية في فهم أمور السياسة والاجتماع والاقتصاد استمدادا من المنهج الأصيل هي مصدر النكسة، وإن محاولة الادعاء بالدولة العصرية هي محاولة مضللة؛ فإن تلك المراحل الطويلة التي قطعتها أمتنا من الهزيمة إلى النكبة إلى النكسة، إنما كانت تحت لواء الدولة العصرية جريا إلى المفهوم الغربي الليبرالي وتحولا إلى المفهوم الماركسي الشيوعي وكلاهما لم يكن أكثر من محاولة لدحر هذه الأمة وتدمير شخصيتها، ولقد تبين بعد النكسة أن الطريق الصحيح هو طريق الأصالة الذي خدعت عنه هذه الأمة بتلك المصطلحات والشعارات، وإن أمثال غالي شكري إنما كانوا ولا يزالون يدعون هذه الأمة إلى أن تصفي وجودها بالانصهار في العالمية الممزقة أو الأممية الضالة، في ظل حضارة تحتضر وثقافة تنهار، وفي إطار أزمة المادية المعاصرة سواء في الشرق أو في الغرب أما مراجعة كتابات قسطنطين زريق وعمر فاخوري ومطاع صفدي؛ فإن ذلك كله لن يزيد الأمر إلا إحساسا بالغربة وتجاوز الحقيقة الواقعة، فتلك
كلها دعوات تحاول أن تخرج العرب من أصالتهم وتدعوهم إلى مفازات التيه والضياع وهي بعيدة عن التماس الخيوط الأصيلة لهذه الأمة، ولن يغني غالي شكري وشيعته شيئا إعادة الكتابة عن شبلي شميل وفرح أنطون؛ فإن حركة اليقظة الإسلامية قد كشفت فساد هذا الاتجاه، وبطلان تلك الدعوات إلى اتخاذ أسلوب التطور الاجتماعي منطلقا لبناء المجتمع العربي الإسلامي، بل إن أصحاب القوى الدافعة لهذه السموم إلى مجتمعنا غيروا خطتهم من بعد وقدموا بدائل رفضها الفكر الإسلامي أيضا سواء ما كتبه إسماعيل مظهر وما قدمه سلامه موسى، أما تلك الخيوط التي يتشبث بها التغريب والشعوبية، وهي كتاب "الشعر الجاهلي"لطه حسين، و"الإسلام وأصول الحكم"لعلي عبد الرازق؛ فإنها خيوط واهية، هي خيوط العنكبوت فهذه لم يعد لها أثر حقيقي بعد أن تكشفت خلفياتها الضالة وغاياتها المسمومة، وأهواء أصحابها، فليكف التغريب ورجاله عن إعادة الكلام عن هذين الكتابين اللذين مزقتهم الأجيال الجديدة ورفضت ما فيهما من تضليل، أما كتابات سلامةموسى فإن الأمر قد أصبح واضحا وجليا الآن، وقد تكشفت الأغراض التي كانت تدفع هذا الكاتب وتسوقه إلى تلك المحاولات التي فشلت جميعها وباءت بالخسران.
- ويعلق الأستاذ خالد محيي الدين البرادعي على أسلوب غالي شكري في كتابه "شعرنا الحديث إلى أين"فيقول: إنه يرفض التراث رفضا مطلقا بعصبية وانفعال بحجة أن التراث الأدبي لأمتنا مرتبط بالدين إن لم يكن وجد لخدمة الدين أصلا، وبذلك اكتسبت اللغة العربية صفة القداسة لارتباطها بقداسة الدين، هذه الفكرة المهلهلة المكذوبة أصلا وتاريخا وتفسيرا، إني أدعو إلى مراجعة مؤلفات الأصمعي والجرجاني وابن رشيق وغيرهم من النقاد القدامى الذين نفوا أن تكون القيم الدينية مرتكزا لإعطاء الشعر قيمة فنية وجمالية من خلال هذا الخط المشبوه ينفذ غالي شكري لمصافحة المنبوذين والتائهين ومعانقة الشعراء الذين من خلال عقدهم رفضوا بدورهم تراث أمتهم، وأسقطوا نقمتهم على كل ما خلفه لنا الأوائل دون غربلة أو تمحيص، ويتساءل البرادعي: هل كتب غالي شكري كتابه هذا لإضفاء هالة من الرضا والتشجيع على النعرة الإقليمية في فكرنا، إما لاقتلاع الإنسان العربي من شعوره بأنه عربي، وإحداث صدع رهيب بينه وبين ماضيه من جهة لزرعه على سهول اليتم التاريخي والضياع الحضاري، وبينه وبين حاضره المعاش من جهة ثانية، وذلك عن طريق تشكيكه بقدرته على مواجهة هذا الواقع، وبينه وبين مستقبله من جهة ثالثة، وهو يعمل كذلك على إطفاء هذا الشعاع الشاعري المتوقد الذي طلع علينا من مناضلينا في الأرض المحتلة، مع أن التركيز الدقيق على فقدان الشاعرية لدى الأصوات الأصيلة التي أقلعت عن حداة قوافل المجد، ويرى أن كتابات غالي شكري هي امتداد لدعوة إنهاء هذه الأمة تاريخيا ووجودا، فهو يمشي مع عدد من الشعراء الذين نبذوا جماهيريا وهربوا إلى منادرهم السوداء، ينتطحون عصاراتهم المرة باسم الرؤيا الشعرية الجديدة، فكتبوا أشياء لا تمت إلى الشعر العربي بصلة تحت اسم التجديد.
- ويقول الأستاذ البرادعي: الخط الثاني الذي اختاره ناقدنا كان "كسر جوهر اللغة العربية، على حد تعبيره وهو يدعو إلى ذلك دون مواربة ولا يكفي كما يقول أن يكسر الشعراء الشباب "ميزان الخليل"ويتخطوه بل عليهم أن يحطموا جوهر اللغة، وقد ترك هذه الدعوة عائمة مطاطة بلا تجديد أو تأطير، ولم تفهم ما هو المقصود من "كسر جوهر اللغة"، هل يكون بتأنيث المذكر وتذكير المؤنث أم كسر جوهر اللغة هو إلغاء حركات الإعراب أو وضعها على ذوق قائلها بدون حساب، ويصل الأستاذ البرادعي إلى الإجابة على تساؤلاته، فيقول: الجواب الوحيد هو تمزيق القرآن وإزالته من الوجود،
هذا الحدث الهائل هو ما يشغل بال غالي شكري ولا يستطيع النوم والهدوء ما دام القرآن هذا الكتاب الذي يمدنا بالفصاحة والبلاغة وحسن التعبير، وجمال الروي وفن الأداء، ويتحدث البرادعي عن الخط الثالث لدعوة غالي شكري وهي رفض الشعر المفهوم وتسمية أصحابه بالرجعيين والسلفيين، وكل قصيدة تطرب وتمتع فهي ليست في رأيه فنا وليست شعرا، ولذلك هو يدعو إلى كتابه الشعر بالطريقة الأحلامية مفردات غير متراصفة لصفة لا علاقة بالموصوف والرمز لا علاقة له بالصورة والاسم لا يمت إلى الفعل بصلة.
هذه هي دعوته: التحلل المطلق من كل مفهوم ينقل في صورة شعرية، أو كل صورة تنقل لنا فكرة عن جلال الفن ومن هنا ينفذ إلى مفاهيم السريالية: لا ترابط ولا فكر ولا وجود؛ وإنما الهلوسة والهذيان والجنون المطلق وغاية دعوته الشك في كل ما أنجبت أمتنا ولن تجد سبيلا إلا التوجه إلى الغرب، وقد خصص لنا مدرستين لتخرجا شعراء عربا هما: أليوت وازرا أباوند، متجاهلا طبعا أن الأديب نتاج بيئته وأن لكل أمة لغة فنها وجمالها ورونقها.
وهو يدعو إلى تحطيم الأصنام التي تعوق تقدمنا الشعري ومنها القرآن، هذه العقدة المزعجة التي تركتها الصليبية في رأس غالي شكري والمعول الهدام الذي حمله إزاء تراثنا الخالد، وهو يتبع كتابات الموتورين والحاقدين والناقمين على تاريخنا وحضارة أمتنا فيدعو الشعراء إلى التخلي عن كل ما خلف الأقدمون وعن كل المناهج الشعرية السائدة في بيئتنا المعاصرة، وأن يتجهوا نحو الغرب، وهكذا نجد أن كل واحد من دعاة التغريب والشعوبية يركز على ثغرة معينة ويتخذها منطلقا له إلى طريق الهدم والتدمير"ا. هـ.
* غالي شكري وعداؤه لكل ما هو إسلامي:
غالي شكري متعصب شديد التعصب ضد الإسلام وتصوراته وكان من
....
....أعضاء التنظيمات الشيوعية وانتهى به المطاف فيها إلى تشكيل "حزب العمال الشيوعي"وعمل مع الكاتب المتعصب الراحل "لويس عوض"في جريدة الأهرام "ثم هاجر إلى بيروت في عهد الرئيس أنور السادات ليعمل هناك في مجال الصحافة، ثم رحل إلى باريس ليعمل في الصحف المهاجرة التي أصدرتها ليبيا والعراق، وعاد منذ سنوات ليعمل في الأهرام من جديد وليصبح من كتابه "الكبار"وقد منحته "السربون"درجة الدكتوراه من المستوى الثالث (= ماجستير) بالرغم من أنه لا يحمل إلا شهادة متوسطة تقديرا لبعض خدماته الدينية!!!.
- وانظر إلى بعض عناوين لمقالاته في مجلة "الوطن العربي":
- العدد (١٩٣ - ٧١٩) الصادر في (٢٣/ ١١/١٩٩٠) مقال له بعنوان: "الإسلام السياسي من الفكر إلى الإرهاب"، "الجاهلية الجديدة بدأت"، "الخلافة العثمانية"، "العلمانية كلمة السر لتكفير العالم".
- في العدد (١٩٤ - ٧٢١) الصادر في (٣٠/ ١١/١٩٩٠) يكتب غالي شكري: "لا برنامج للإسلام السياسي سوى الإرهاب - الإخوان يسلكون طريق الانتهازية السياسية، والجماعات تتبنى أسلوب الاختراق".
- في العدد (١٩٦ - ٧٢٢) الصادر في (١٤/ ١٢/١٩٩٠) يكتب غالي شكري فيقول: "محمد عمارة يميز بين الدين والدولة -العلمانية تطابق المجتمع الإسلامي فلسنا بحاجة إليها- الأمة مصدر السلطات".
- في العدد (١٩٩ - ٧٢٣) الصادر في (٤/ ١/١٩٩١) يكتب غالي
شكري عن "التجربة السياسية في السودان، فيقول: السودان مفترق الطريق -قوانين سبتمبر- يقصد قوانين تطبيق الشريعة -هي الجسر المضاد للديمقراطية- ويكثر من الحديث من الإرهابي السلفي، والسلفية بملابس عسكرية.
- العدد (٢٠٠ - ٧٢٦) الصادر (١١/ ١/١٩٩١) يكتب غالي شكري "مكاشفات بين الأضواء والظلال، يتحدث فيها عن ثقافة الإرهاب، كما يسميها التي تتحدث عن الإسلام ولا تؤمن بزعماء العلمانية في مصر الذين يرون الدين مجرد عبادات ولا يؤمنون بالخلافة ويصرون على التبعية للغرب" (١).
ويكتب مدير التحرير في العدد ذاته مرحبا بهجرة اليهود السوفيت إلى العالم العربي - وهذه المجلة "مجلة الوطن العربي"ممولة من العراق وتخدم "حزب البعث العربي الاشتراكي ومبادئه"وما خفي كان أعظم يا صدام .. أيها الخائن القذر والعميل الوقح .. وعدو الإسلام وقاتل المسلمين.
* د. محمد النويهي، حملته الشرسة على الإسلام، واعتباره حجر عثرة في سبيل تحقيق الغزو الفكري، ويدعو المسلمين إلى التخلي عن مقدساتهم وتصوراتهم وقيمهم:
- يقول الدكتور محمد النويهي: "ليس هدفي أن أبسط رأي الشخصي في العقيدة الدينية وصحتها أو فسادها، وحاجة الإنسان إليها أو استطاعته الاستغناء عنها، ويقول: هل أعني أن يتجه مثقفونا إلى العمل على اقتلاع العقيدة الدينية من قلوب الناس، وإزاحة العقيدة الدينية عن طريق ثورتنا الثقافية الشاملة، هل عنيت الحملة على الدين ومحاولة تحرير الناس من سطوته، هكذا يبدأ محمد النويهي حملة التشكيك في القيم الأساسية لأمتنا العربية الإسلامية، ثم يقول: إن موقف المعاداة للدين نفسه ومحاولة إلغائه هو ما اتخذه بعض المحررين وأنفقوا جهودهم فيه في مختلف الثورات التحريرية وبخاصة في الثورتين العظيمتين اللتين عرفهما تاريخ الإنسانية، الثورة الفرنسية (أواخر القرن الثامن عشر) والثورة الشيوعية (أواخر القرن العشرين)، ويقول: إن الأديان الكبرى كانت في بدايتها حركات تحرير عظيمة وإنما صارت أداة جمود وتحجر وأداة ابتزاز وسلب حين زالت عنها فورتها الثورية الأولى واستولت عليها الطبقات الحاكمة فحولتها إلى وسيلة لاستيفاء الامتيازات الموروثة وعرقلة حركات التجديد في شئون الفكر والتغيير في شئون المجتمع، والذي يقرأ هذه النصوص في كتابات النويهي يدهش؛ لأنه يجدها منقولة نقلا يكاد يكون تاما من بروتوكولات صهيون، ومن البيان الذي أصدره ماركس ولينين بالدعوة الشيوعية الماركسية، فهو يجمع بين العنصرين المتفرقين المتكاملين "الماركسية والصهيونية"في إهاب واحد، فتلك دعواهما وهكذا طريقهما، وهكذا فهمهما للدين ودعوتهما إلى التخلص منه، إن النويهي يعلن في صراحة تامة وجرأة كاملة أنه يقوم بمهمة أساسية هي: محاولة تغيير فهم الناس لماهية الدين ورسالته في الحياة الإنسانية، وكيف يقنع الناس بألا يتخذوا من الدين حجر عثرة يقيمونه أمام كل رأي جديد ومذهب جديد، وما يدعو إليه النويهي هذا ليس إلا مفهوما باطلا وزائفا لعلاقة الدين بالحياة الإنسانية بعامة من ناحية، وبعلاقة الإسلام بالمجتمعات الإسلامية، فالدين إطار لحركة الناس والمجتمعات في الطريق الصحيح يرسم لهم رسالة الإنسان في هذه الحياة ويضع الضوابط التي تحمي شخصيتهم والعلاقات بين الفرد والفرد، وبين الفرد والمجتمع وبين الفرد والخالق الكبير؛ فإذا صدقت دعوى النويهي فهو يريد أن يعود الناس هملا يتصرفون وكأنهم ليسوا مسئولين عن حركتهم في الحياة، وهذا مفهوم لا ديني محض، لا يقول به إلا الماديون الذين ينكرون علاقة المجتمعات والأمم بالأديان، ثم يجهل مفهوم الإسلام الجامع بين تشكيل العلاقة بين الله
.والإنسان وبين الإنسان والإنسان والإنسان والمجتمع، فالذي يقول به النويهي هو ما قال به رجال الفكر الحر من الملاحدة والماديين والإباحيين في الفكر الغربي الذين كانوا في الحقيقة من خريجي المحافل الماسونية ومن أتباع الفلسفة التلمودية الصهيونية التي تهدف إلى تدمير المجتمعات والتي أقامت الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية جميعا لتحطم القيم الخلقية والدينية في المجتمعات الغربية ولتحتويها داخل أتون الفكر الأممي الذي يستهدف تمزيقها وضربها، والذي كان دائما متقررا في عقول وأذهان دعاتها وفي ذهن الدكتور النويهي أن الشيوعية وليدة اليهودية العالمية كالصهيونية تماما، وإنهما يحاولان احتواء البشرية كلها وأن النويهي واحد من دعاة هذه المحاولة في أفق الفكر الإسلامي، فهو حين يبدأ حياته تابعا للفكر الغربي في بريطانيا تنم كتاباته عام ١٩٤٠، وما بعدها في مجلات الدعاية البريطانية على هذا الولاء، ثم هو حين يكتب عن الشعر الحر في مجلة الرسالة ويمجد الذين يتخذون الرموز المسيحية من الشعراء المسلمين أمثال صلاح عبد الصبور وأدونيس، إنما يكشف جانبا من هويته وهدفه ثم هو حين يقول لمناقشيه (في مجلة الآداب) عن الماركسيين أنه وهم دعاة للتقدمية يجب أن يتضامنوا للقضاء على الفكر الأصيل، ثم يجابه الإسلام وتاريخه وجماعته بما لا يقبله الماركسيون أنفسهم اقرأ (الآداب - نوفمبر ١٩٧١) وما قبلها تعرف ما هي الرسالة وما هي الدعوة التي جند النويهي نفسه لها مرتين: المرة الأولى حين دعا إلى ثورة ثقافية جعل قوامها الحملة على الإسلام نفسه الذي اعتبره كحجر عثرة في سبيل تحقيق الغزو الفكري والسيطرة التلمودية الماركسية، وقد جاءت دعوته هذه بعد النكسة إعلانا منه بضرورة أن يتخلى المسلمون عن كل مقدساتهم وتصوراتهم وقيمهم وأنه لا سبيل لانتصارهم على الصهيونية إلا بأن يصبحوا غربيين تماما، قد تجردوا من التراث والتاريخ والقيم وفي مقدمتها القرآن، ومن هنا نجد محاولته في إيجاد الالتباس إزاء مفاهيم الإسلام كقوة قادرة على بناء المجتمعات وما حاوله من التشكيك في شريعته ونظامه بجمع خيوط واهية وشبهات مضللة شأنه في ذلك شأن أبو رية في الحديث النبوي وعلي عبد الرازق في مسألة الخلافة - وقد كان جل اعتماده على ما كتبه شعوبي آخر عن (أزمة الفكر الإسلامي) وكل هذه محاولات لا تلبث أن تتجمع لتظهر بصورة أشد عنفا في مؤتمر الحضارة الذي عقد في الكويت حيث برز القادة الشعوبيون: زكي نجيب محمود، والنويهي، وأدونيس، وطرحوا سمومهم وأحقادهم في وجه المسلمين والعرب، واستعملوا كل أساليب الاحتقار والانتقاص للإسلام ودعوته ورسوله وقيمه ولغته وتاريخه.
- إن على النويهي أن يدرك أنه لن يخدع أحدا فالغربيون والمستشرقون قبل المسلمين أهل الدين يعلمون أن الإسلام يختلف من المسيحية، وأن هذه الحملة التي بدأها فولتير وروسو وديدرو، وتابعها نيتشه وماركس وفرويد على التفسيرات المسيحية وعلى الدين بجملة، لا يمكن بأي حال أن تنتقل إلى أفق الفكر الإسلامي، وإذا أغرتهم التلمودية بنقلها رغبة في إثارة الشبهات والسموم بين أبناء الإسلام فإننا نؤمن بأنها لن تكون إلا زوبعة في فنجان وأنها لن تستطيع أن تصل إلى شيء، وإن الإسلام عميق الجذور لا تستطيع أعتى القوى أن تدمرها أو تستأصلها.
- ليس الإسلام مذهبا لعصر من عصور الإنسان، ولا لبيئة من البيئات حتى يتصور النويهي وأضرابه أنه لا يستطيع الاستجابة لعصر آخر أو بيئة أخرى، وأن نظرية النويهي هذه نظرية مادية، وهو يكشف بكتاباته تلك من هويته الخصيمة وعن مادية فكره وعن اعتقاده الباطل بأن الإسلام ليس دينا ربانيا سماويا؛ بل إن عباراته توحي بأسوأ من هذا، توحي بأنه يرى أن الدين شر على البشرية، وأن على البشرية أن تتخلص منه، ولكنه يرى أن من الكياسة أن تتم هذه العملية على مراحل، وهو في هذه المرحلة يرى مسايرة الدين ثمة مع دعوة الناس إلى التحرر منه، وإذا كان هذا هو رأيه فماذا في ذلك يختلف عما تقول "بروتوكولات صهيون"أو عما يقول جارودي في كتابه "ماركسية القرن العشرين"أو عما يقول دعاة الفلسفة المادية والشيوعية والوجودية وغيرهم، الحق أن النويهي بهذا الأسلوب قد كشف نفسه وحرق أوراقه، ولم يستطع أن يكسب مثقفا واحدا فضلا عن تلك الحملات العنيفة التي وجهت إليه في كتابات الكتاب ومنابر المساجد، والأندية والجماعات الأدبية والثقافية في العالم الإسلامي كله مما وضعه في صفوف الشعوبيين والتلموديين والتغريبيين العتاة" (١).
- محمد حسنين هيكل عراب الناصرية ودجالها الكبير، جنرال وفيلسوف هزيمة يونيو ٦٧