Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

فى الحروب 3

$
0
0

ومن الثابت أيضا أن جنرالات الجيوش تصاب بشىء يمكن أن يقال عنه عشق القتل للقتل نفسه وليس لتحقيق هدف الحرب، وقد كان هذا هو حال الحروب قبل أن يكتب الجنرال الألمانى كارل فيليب كلاوسفيتز كتابه المشهور عن الحرب وطبيعتها وفلسفتها من حيث كونها وسيلة وليست غاية فى ذاتها وسأعود لاحقا للحديث عن هذا الكتاب.
ولعل أفضل مثال لهذه الظاهرة هو مسلك الجنرال الأمريكى دوجلاس ماك آرثر الذى كان قائدا للقوات الأمريكية فى المحيط الهادى والذى هزم اليابان بفعل القنبلة الذرية.. وكان هذا الرجل يريد ضرب الصين الشعبية بالقنبلة الذرية أيضا بعد قيام ثورتها الشيوعية فى عام 1949 وبعد مساعدتها لكوريا الشمالية فى غزو جارتها الجنوبية عام 1950 ولكن الرئيس ترومان إضطر فى النهاية إلى إقالته حتى لا يتسبب فى حرب عالمية جديدة..
كذلك فإن عملية غزو خليج الخنازير لدخول كوبا وقلب نظام حكم كاسترو فيها قد مولتها ونظمتها المخابرات الأمريكية عن طريق إرسال مقاتلين من كل جنوب أمريكا وبالطبع من كوبا ولكنها فشلت بسبب سوء التنظيم وعندها طالبت هيئة الأركان الأمريكية الرئيس بإصدار قرار تحريك الطيران الأمريكى لقصف المواقع الكوبية إلا أن الرئيس كيندى رفض بشدة قائلا أننا لجأنا لهذه الطريقة حتى لا تتورط القوات الأمريكية فى قتال وعلى ذلك لن نتورط حتى لا نعطى السوفيت فرصة للتدخل.. وترك المقاتلون المستأجرون من المخابرات يلاقون مصيرهم المحتوم وإنا لله وإنا إليه راجعون.. وكل ذلك فى أجواء من حنق العسكريين على الرئيس وجبنه وضعف قيادته كما رأوها هم..
وفى حالة شبيهة نرى الجنرال نورمان شوارتسكوف الذى كان قائدا عاما لقوات الحلفاء فى الكويت أثناء تحريرها من الإحتلال العراقى قد أدلى بتصريح بعد الحرب قال فيه أنه لو خلى بينه وبين دخول العراق لحاقت بصدام هزيمة تعادل فى حجمها التاريخى موقعة كانيه التى وقعت فى القرن الثالث قبل الميلاد.. وهذه مبالغة تعبر عن زهو الجنرال بنفسه بطريقة غير متناسبة مع الواقع حيث أن تلك المعركة وقعت بين بين هانيبال القرطاجى والإمبراطورية الرومانية عند مدينة كانيه والتى حضر إليها هانيبال بالأفيال من طريق لم يكن مخلوق يتوقعه عابرا شبه جزيرة أيبيريا فى شتاء قاس مما مكنه من مفاجأة الرومان فى عقر دارهم بعد أن كانوا ينتظرون قدومه عن طريق البحر فخيب ظنهم.. وهى معركة بالفعل تاريخية لم يكن لها مثيل لا قبل ولا بعد حيث حصدت قوات هانيبال ما لا يقل عن 50 ألف جندى رومانى وأفنتهم عن بكرة أبيهم ولم يبق من الجيش الرومانى سوى 3 أو 4 آلاف مقاتل إنسحبوا إلى روما.. ومقولة شوارتسكوف تعبر عن جهل بالتاريخ أو عن عنجهية مخزية فلا مقارنة بين تحالف جيوش يملك كل وسائل التنصت والإستطلاع والتكنولوجيا المتقدمة للغاية ومعزز بفتاوى إسلامية تبيح قتال المسلم للمسلم وتمويله مضمون 200% بواسطة كثير من الدول الصناعية كألمانيا واليابان وكوريا الشمالية وكلها لم تدخل تلك الحرب بل إقتصر دورها على التمويل، هذا من ناحية، وهى معركة تمت فى مواجهة قوات جيش دولة من العالم الثالث تستورد كل سلاحها ولا تنتج شيئا وكانت خارجة لتوها من حرب إستنزاف طويلة إستغرقت 8 سنوات دمرت فيها البنية الأساسية كما أن مورد السلاح الأساسى لها قطع عنها قطع الغيار بل وأبطل فاعلية أسلحتها الحديثة التى كان قد باعها للعراق من قبل، لا مجال لمقارنة تلك المعركة بمعركة هانيبال الذى فاجأ الرومان وكانوا هم الطرف الأقوى كثيرا جدا وكان قادما لتوه من رحلة مرهقة عبر جبال الألب فى شتاء قارس مع وسائل غاية فى البدائية.. فالجنرال قد لعب النصر السهل برأسه ودفعه إلى أن يدلى بتلك التصريحات الغير مسئولة.. وهذا الجنرال شوارتسكوف نفسه هو من قال عنه رئيسه فى تلك المعركة وهو رئيس الأركان الأمريكى كولن باول أنه مسرف فى إستعمال الذخيرة وأن قراراته كانت كثيرا تخلو من المحتوى العسكرى فقد ضرب مقر حزب البعث فى بغداد عدة مرات وهو مبنى مدنى لا قيمة عسكرية له وكان مهجورا حتى من قبل أن تبدأ الحرب مما حدا بكولن باول أن يتصل به طالبا تفسير لهذا الإهدار فى الذخائر الغالية (صواريخ توما هوك تبلغ قيمة الواحد منها عدة ملايين من الدولارات).. أى أن شوارتسكوف لم يكن أداؤه على هذا المستوى المرتفع من الحرفية العسكرية الذى كان يرى نفسه عليه..
وفى النهاية إضطر الرئيس الأمريكى جورج بوش إلى نهره عن دخول العراق وإيقافه ووقعت بينهما مشادة كلامية أخطأ فيها شوارتسكوف ولكن بوش فضل عدم تصعيد الموقف واكتفى باعتذار الأول حيث أنه لم يكن يريد للأمر أن يتطور وهو داخل فى إنتخابات قريبة..
وخطأ مشابه لذلك وقع فيه هتلر لدى غزوه لروسيا عام 1941 عندما أصدر لضباطه أمرا بعدم الإحتفاظ بالأسرى من مسئولى الحزب الشيوعى وقتلهم فورا، أى أن من يموت مدافعا عن بلاده ومن يستسلم سوف يلاقيان ذات المصير !!! وناهيك عن تعارض هذا الأمر مع القوانين التى وقعت عليها تقريبا كل دول العالم، فهذا القرار حفز من إستماتة الروس فى الدفاع عن أرضهم مما زاد من المقاومة وزاد من خسائر الألمان.. وهذه أيضا عنجهية ومبالغة فى الثقة بالنفس ما كان لها أن تحدث لو أن صاحب القرار كان يستمع لمستشارين من العقلاء، ولكن هتلر كان يرى فى نفسه أنه GRÖFAZ وهى لفظ يختصر الكلمات الآتية Größter Feldherr Aller Zeiten ومعناها أعظم قائد عسكرى فى كل العصور وذلك نظرا للإنتصارات المبدئية التى حققها الجيش الألمانى فى بولندا وبلجيكا وفرنسا.. وكلنا نعلم كيف إنتهى به الأمر منتحرا بالسم والرصاص ثم حرقت جثته بناءا على أوامره وعثر عليها السوفيت وأخفوها 25 عاما حتى تخلصوا منها عام 1970 بإلقاء رمادها فى نهر الإلبه عند مدينة ماجدبورج .. فياله من أعظم قائد عسكرى فى كل العصور وياللمهانة التى حاقت بتاريخه..
وأظن أن شارون فى إسرائيل كان قد أصيب بهذه الظاهرة مرتين، مرة فى حرب 67 ومرة فى حرب 73 ؟
فالحرب لها عند من يطيلون ممارستها نوع من السحر أو البريق يجعلهم يرفضون العودة للحياة المدنية ويتمنون للحالة الإستثنائية أن تدوم للأبد لأنهم يعتقدون أنهم سوف ينتصرون على طول الخط، وهذا بالطبع نوع من أنواع الجنون..
ولابد للمرء أن يعترف أن المعدات الحيثة كانت دائما هى السلاح الأمضى فى نجاح الغزوات فى الحروب، وليس فقط شجاعة الجنود..فقد بدأ القادة يدركون أهمية العثور على أنواع جديدة من الأسلحة تستطيع قهر العدو الذى لا يعرف هذه المخترعات والمعارف.. فمثلا وجد الباحثون الإنجليز أن قوة دفع الفارس الراكب الذى يحمل رمحا فى يده تتضاعف ما لا يقل عن 150 مرة لو أن هذا الفارس الراكب يستند فى ركوبه على مهماز مثبت فى حزام معلق على ظهر الجواد.. وكانت هذه الطريقة هى الوسيلة السحرية فى معركة هيستنجز عام 1066 لغزو إنجلترا من جانب النورمانديين الفرنسيين.. وكل الصور التى بقيت من هذه المعركة توضح أن فرسان النورمانديين بقيادة الأمير وليام كانوا جميعا يمتطون الجياد المزودة بهذا المهماز الحديدى بينما تعرض الصور فرسان الملك هارولد الإنجليزى راكبين لجياد بلا مهماز مما أدى إلى مفاجأة الإنجليز مفاجأة ضخمة تتلخص فى القوة الدافعة الكبيرة التى يتمتع بها الخيالة الفرنسيون بالنسبة للقوة الهزيلة المتاحة للخيالة الإنجليز، فمجرد تثبيت القدم فى هذا المهماز رفع عن كاهل الفارس الفرنسى عبء الحفاظ على توازنه على الحصان، وهو عبء كبير يضيع كثيرا من جهد راكب الحصان، بحيث أصبحت قوة دفع للحصان تنتقل بأكملها إلى ذراع الفارس الراكب الحامل للرمح الطويل مما جعله يصرع كل ما يقف فى طريقه وهكذا حقق الفرنسيون نصرا على عدو كان لا يقل عنهم عددا ولا خيلا.. والراجح أن هذا المهماز هو إختراع صينى إنتقل للغرب الأوروبى عن طريق الدولة البيزنطية ومنها دخل إلى أوروبا فى القرن التاسع ولم تكن تعرفه من قبل..
كذلك ففى الحملات الصليبية لجأ الفرسان الفرنجة إلى بناء الأبراج الخشبية التى تسمح لهم بالهجوم على أسوار المدن التى يريدون حصارها والقفز إلى داخل الأسوار.. وقد إبتدع هؤلاء الفرنجة وسيلة تجعل حرق الأبراج صعبا وذلك عن طريق لف الهيكل الخشبى للبرج بجلد الذبائح الطازجة بحيث يكون الجزء الخارجى من جلد الحيوان هو المواجه للخشب ولا يظهر للعدو سوى السطح الداخلى للجلد وهو مما لا يسهل حرقه.. فرد عليهم العرب باختراع قنينات صغيرة من الفخار لها غطاء كزجاجات العطر تملأ بالنفط ويلقيها المدافعون على هذه الأبراج وسط سخرية المهاجمين من إنعدام تأثيرها.. ولكن الواقع أن المفاجأة كانت تكمن فى كون هذه القنينات تنكسر من صدمة الإرتطام بالبرج الخشبى فتغرق سطح البرج بالمحتوى النفطى للقنينات ولا يبق على المدافعين سوى إلقاء شعلة بسيطة على البرج بعد قذف تلك القنينات فيتحول البرج إلى شعلة من اللهب يحترق كل من بداخلها من الجنود ولا يستطيعون الهرب حيث أن اللهب ينتشر بسرعة كبيرة وفى محيط كبير يستحيل تخطيه قبل أن يحترق من يحاول الخروج منه..
أما بطليموس الإغريقى فى مصر فقد إبتدع وسيلة بسيطة لإيجاد أثر نفسى على عدوه تتلخص فى ربط كمية سعف النخيل فى الحمير العادية التى تتواجد بكثرة فى مصر مما ينشأ عنه سحابة غبار كثيف فى الصحراء يراها العدو عن بعد فيظن أن الجيش المهاجم جيش جرار كبير الحجم هائل العدد بينما كان هو (بطليموس) صاحب العدد الأقل والتدريب الأسوأ، وهذه الخدعة ساهمت فى فرار كثير من جنود الجيش المهاجم لظنهم أنهم لن يكسبوا جيشا كبيرا ينتج عنه هذا الغبار الهائل..
وفى حرب الخليج بدأت الطائرات الأمريكية الحرب بإلقاء أجساد معدنية تبدو على الرادار العراقى وكأنها طائرات مما حفز مواقع الصواريخ العراقية لإطلاق النار فكشفت للطائرات عن موقعها وأرسلت إحداثياتها على الفور للطائرات المهاجمة وبالتالى أمكن ضربها جميعا قبل بدء القتال فتحققت لأمريكا السيادة الجوية منذ اللحظة الأولى فى المعركة..
وفى الحرب العالمية الثانية كان الإنجليز يريدون تعطيل ماكينة إنتاج السلاح الألمانى وكلها مصانع واقعة فى منطقة حوض نهر الرور فى غرب ألمانيا وهى المنطقة الغنية بخام الحديد، وهذه المنطقة بها سدود عديدة للتحكم فى مسار النهر، فكان الحل هو تدمير هذه المجموعة من السدود حتى تغرق منطقة الرور وتتعطل المصانع، وكانت الطائرات لا تستطيع توجيه القذائف بالإحداثيات كما هو الحال اليوم، بل كانت تلقى وابلا من القنابل التى تسقط رأسيا ولكن هذه القنابل لم تكن تصطدم بجسم السد مباشرة حيث أنه يميل بزاوية .. فاخترع الإنجليز قنبلة أسموها dam buster أو محطمة السدود وكانوا يلقونها قبل السد فى المجرى أمامه وكانت تقفز عدة قفزات حتى تصطدم بجسد السد المائل فتحطمه مما ينشأ عنه شرخ أو كسر يفتح المجال للمياه التى تدمر كل ما وقف فى طريقها، وكان هذا السلاح حاسما فى معركة ما قبل دخول ألمانيا..
وفى حرب صربيا إبتدع الأمريكان سلاحا جديدا هو القنابل التى تعطل محطات الكهرباء (اعتقد أنها قنابل تسمى مغناطيسية) بحيث ينقطع التيار عن المدن والقواعد وتتعطل شبكات الصواريخ والرادارات..
وهذه الحيل البسيطة كانت دائما عاملا حاسما فى تحديد الفائز والمنهزم..
وأثناء غزو الإسبان لأرض المكسيك عقب إكتشاف القارة الأمريكية إستطاع عدد قليل من الجنود الإسبان إخضاع كل مملكة الآزتيك عن طريق صناعة البارود من عنصر الكبريت الذى وجدوه متوافرا على الحوائط الداخلية لفوهة بركان خامد وتعرفوا عليه فأدلوا بجنود من الوحدات الخاصة بالحبال إلى الفوهة لكى تكشط هذا المسحوق من الحوائط وتعبئه فى أكياس ولم يكنوا بحاجة لكمية كبيرة بل هى عدة عشرات من الكيلوجرامات جمعها هؤلاء الجنود ثم صعدوا من جديد على الحبال فأنتجت ذخيرة هائلة التأثير أنهت المعارك ولم يمض عامان وكانت أرض المكسيك بأسرها قد غدت من ممتلكات إسبانيا..
وفى الحرب العالمية الثانية كان هدف هتلر من إحتلال مصر هو الوصول لآبار بترول إيران والعراق التى كانت فى يد بريطانية حيث أنه لا يملك مصادر بترول ولما فشلت هذه الخطة عام 1942 جمع هتلر علماؤه وقال لهم أن ألمانيا ليس بها بترول ولكنها غنية بالفحم فعليكم التوصل لوقود يستخرج من الفحم ويكون صالحا للإستخدام فى الدبابات مثل البنزين.. وقد عكف العلماء على ذلك واستخرجوا هذا الوقود بالفعل ولكن كانت كمياته لا يمكن إنتاجها بكميات كبيرة على مستوى صناعى فى وقت قليل ولكنهم على الأقل نجحوا فى مهمتهم..
والغالب أن الإنجليز هم أول من تنبهوا لأهمية العلوم فى إنتاج السلاح المتطور ولهذا إستطاعوا فى وقت قليل حكم أجزاء كبيرة من العالم رغم قلة عددهم، وهو ما ورثته عنهم الولايات المتحدة التى كانت حريصة جدا على الإستيلاء على علماء ألمانيا بعد الحرب وكانت تمتلك قوائم مسبقة بالأسماء التى يراد لها أن تكون فى حوزة أمريكا ولم يعاقب أى منهم على تعاونه مع صناعة السلاح الألمانية وأشهرهم قاطبة هو فيرنر فون براون الذى كان يجهز صواريخ لضرب الولايات المتحدة وفى النهاية كانت محركات صواريخه هى ما أوصل أمريكا إلى القمر عن طريق برنامج أبوللو الذى كان رئيسه الفنى هو نفس الشخص: فيرنر فون براون..
وإذا كان الإنجليز هم أول من تنبه لذلك فى العصر الحديث فإن الصينيين أول من تنبه لهذه الأهمية فى العصر القديم فقد كانت أسهمهم ذات طرف مدبب على شكل مخروط ثلاثى يخترق ويدخل لعمق كبير داخل جسد من توجه إليه هذه السهام فتتمكن منه بسرعة كبيرة وتشل حركته بسبب إصابة الاعضاء الداخلية للضحية وذلك خلافا للأسهم ذات الطرف المدبب المفلطح ثنائى الوجه والتى كان يمكن لمن أصيب بها أن ينزعها ثم يستكمل القتال بسبب سطحية الجرح الناتج عنها..
والسيوف الصينية كانت مقوسة حتى تكتسب الضربة الموجهة من هذه السيوف عزما إضافيا ناتجا عن تحرك السيف حركة طولية على إمتداد نصل السيف فتحدث عملية الذبح بسرعة كبيرة وبسهولة ويسر..
والصين حالة غريبة بالفعل فى التاريخ، فقد كان يمكن لها أن تتحول إلى قوة عظمى مبكرا جدا ولكنها بالفعل كانت كما يقال عنها تنين نائم.. فقد كان الصينيون قد إستطاعوا بناء سفن ضخمة للغاية مكونة من عدة طوابق تفوق السفن المعروفة فى كل من الشرق الأوسط وأوروبا سواء فى العصور القديمة الرومانية أو فى العصور الوسطى وكان بها مخازن ضخمة للمياه العذبة تجعلها صالحة للإبحار مددا طويلة للغاية ولكن إمبراطور الصين الذى لا أذكر إسمه الآن قد أوقف البعثات الصينية التى كانت تنوى غزو البحار بهذه السفن التى لا تقهر ولو أنها كانت قد إستعملت لتغير وجه التاريخ حيث أنهم بهذه السفن العملاقة كانوا أجدر من الأوروبيين باكتشاف أمريكا مثلا وقد تزامن هذا القرار مع بدء أوروبا فى غزو العالم الجديد فخرج الصينيون بإرادتهم من السباق وفاز الأوروبيون بالغنيمة.. بل أنهم دخلوا الصين نفسها وأقاموا فيها مناطق تجارة حرة رغما عن إرادة الإمبراطور الصينى وعندما بدأ الصينيون فى المقاومة أرسل إليهم الأوروبيون جيوشهم لإخماد حركة المقاومة فوقعت أحداث حركة البوكسر فى بداية القرن العشرين وبذلك خضعت الصين من جديد..
وفى نهاية القرن الثامن عشر عرض جورج ما كارتنى على إمبراطور الصين توقيع إتفاقيات تجارية لتصدير السلع الإنجليزية للصين التى كانت تعتبرها إنجلترا سوقا لا يمكن التنازل عنه وأثناء اللقاء لم ينبطح ماك كارتنى على الأرض أمام اقدام الإمبراطور كما هى العادة الصينية فى حديث الأباطرة بل جثا على ركبة ونصف فقط مما أثار عليه حفيظة الإمبراطور فرفض عرضه وصرح بأن الصين لا تريد سلعا أجنبية.. وكان هذا هو سبب حرب الأفيون التى شنتها إنجلترا على الصين حيث كانت تجلب الأفيون من البنغال التى كانت جزءا من أراضى إنجلترا فى الهند وتشحنه على سفن الأسطول البريطانى الحكومى وتدخله إلى المناطق الحرة ليتسلمه تجار صينيون لتهريبه إلى الداخل حيث أن التجارة مع العالم الخارجى لم تكن ممكنة سوى عن طريق هذه المناطق الحرة فقط ولابد من وكيل صينى مصرح له بالتعامل مع الأجانب.. وهذه جريمة فى حق الإنسانية تفوق الهولوكوست فى بشاعتها وليس عندى أرقام عن عدد ضحايا الأفيون ولكننى أتصور أنه كان أكبر من عدد ضحايا الهولوكوست لأن هذه الحرب إستمرت سنوات عديدة وتكررت مرتين فى حرب الأفيون الأولى والثانية..
وعلى كل حال فالصين اليوم تسير على طريق تعويض هذه الفرص وهاهى تغزو العالم بالفعل ولكن عن طريق البضائع وليس بالسلاح... وبالمناسبة فإن إسم أمريكا فى اللغة الصينية هو الترجمة الحرفية لكلمة "الأرض الجميلة".. وعلى الأمريكيين مهمة صعبة فى مواجهة هذا الخطر!!!


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles