هذا نموذج لما يمكن ان تقدمه المؤسسات الثقافية المحترمة من عمل ثقافي رصين، مواكب للقضايا المصرية التي تتفجر في نفس الوقت، سلسلة جديدة صدرت عن دار الكتب المصرية مخصصة للدراسات الافريقية.
الكتاب الاول منها «نهر النيل في العلاقات المصرية الاثيوبية» للباحثة شيرين مبارك فضل الله، تمتد المساحة الزمنية للبحث من عام 1952 وحتي 1974، وتكشف عن دقائق الامور في العلاقات المصرية - الاثيوبية خلال عهود الرؤساء المتعاقبين، محمد نجيب، جمال عبدالناصر، انور السادات، ويشير رئيس تحرير السلسلة السيد فليفل إلي تدهور العلاقات بعد حادث الاغتيال الذي تعرض له الرئيس الاسبق مبارك واهماله العلاقات مع افريقيا كلها مما انعكس علي العمل الوطني بأبلغ الضرر، في نفس الوقت نجد الزعيم جمال عبدالناصر مثالا لرجل الدولة الحريص علي مصالحها الحيوية، متسقا مع ثوابت حكام مصر العظام، الحرص الدائم علي العلاقات الحسنة مع دول منابع النيل، في عام 1954 وجه الرئيس ناصر الدعوة إلي الامبراطور هيلا سلاسي لزيارة مصر محاولا توطيد العلاقات وازالة التوتر من ناحية اثيوبيا التي كان قادتها يشكون في دعم مصر للثوار المسلمين في إرتريا »استقلت فيما بعد« واقليم اوجادين والصومال، تأجلت الزيارة عدة سنوات، منها مرة لوفاة شقيق الامبراطور والحداد الرسمي ولم تتم الا في عام 1959، ورغم كل الحساسيات وثورية عبدالناصر فقد دعم وجود منظمة التعاون الافريقي في اديس ابابا عاصمة الامبراطور المحافظ بدلا من وجود المنظمة في عاصمة بلد افريقي ثوري مثل غينيا او غانا، تستعرض الباحثة وضع النهر في العلاقات وتعتمد علي مصادر غير مطروقة منها الارشيف السري لوزارة الخارجية المصرية، وتنتهي الي نتيجة ملخصها ان الاستغلال الامثل لمياه النهر، وخلق وتفجير طاقته الانمائية لابد ان يتم من خلال التعاون بين البلدين، سيؤي هذا إلي استئصال الفقر ومسبباته، وتوفير وسائل التقدم، ومن خلال البحث نكتشف سوء ادارة اثيوبيا لمواردها المائية التي لو أُديرت بكفاءة وعلم لما كانت الحاجة الي هذا السد العملاق الذي يهدد الحياة في مصر. الكتاب ضروري لفهم القضية الخطيرة المطروحة الآن بخصوص السد الاثيوبي، معرفة الماضي تؤدي إلي افضل الوسائل لعلاج مشاكل الحاضر، يقع الكتاب في 270 صفحة، ويوجد في منفذ البيع امام دار الكتب برملة بولاق.