يبدو أن التعتيم المقصود علي المأساة الانسانية في سوريا قد أدرك العالم العربي، أربعة ملايين لاجيء في الاردن وتركيا وبلدان أخري خرجوا من ديارهم ليس لديهم إلاما تقدر الأيدي علي حمله، القادرون منهم لجأوا إلي هنا أو هناك. افتتح بعضهم أعمالا صغيرة يتعيشون منها وربما اضطر بعضهم الي الانخراط في صفوف قوي لا صلة لهم بها وربما يفسر هذا وجود بعض السوريين في رابعة العدوية.
لكن ملايين المشردين علي حدود البلدان المجاورة أمضوا الشتاء القارس في البرد الثلجي، ما يقرب من مليون طفل، تاه بعضهم واختطف النفاسون بعضهم لبيعهم في اسواق الرقيق حتي اصبح من المعروف أن هناك فتيات جميلات دون العاشرة كان الزواج الشكلي من إحداهن لا يكلف إلا خمسمائة جنيه، أي أقل من مائة دولار، كيف لايهز ذلك ضمير الانسانية عامة والضمير العربي خاصة، نجح التعتيم الاعلامي المتقن من الغرب تحديدا في اخفاء الجرائم التي لم تعرف مثلها هجمات التتار في عصور الهمجية، رأينا علي شاشات التليفزيون احد اعضاء الجماعات الارهابية يأكل قلب جندي سوري نيئا، تفرجنا عليه ونحن في بيوتنا آمنين، في الدفء، علي شاشات التليفزيون وكأن الموقف في فيلم رعب خيالي. لايوجد في سوريا صحفي عربي واحد ينقل الحقيقة، لايوجد اعلامي اجنبي متجرد يبرز للعالم أفظع مأساة في تاريخ البشرية، بل إن الاعلام العربي ساهم في تبرير الجرائم ولعبت القناة القطرية الدور الرئيسي عندما كانت تقسم الشاشة الي مربعات هذه من درعا وتلك من حلب والأخري من حمص، وكأن سوريا كلها تهدد بالثورة، فهمنا التزييف عندما رأينا ذلك يستخدم مع مصر، كان التخطيط أن يحدث ما جري في سوريا هنا في مصر ولكن ثورة الشعب المصري في يونيو أفسدت المراد.
هنا سؤال، ما هي الحدود بين الثورة والهدم المرعب، الثورات تقوم لإنهاء أوضاع أنظمة فاسدة لا لتهدم دولا وتسويها بالعدم، اسقاط نظام فاسد لا يعني اسقاط وطن وتحويل اهله كله الي لاجئين، الي رقيق يباع ويشتري، في أعتي الحروب هناك قوانين تحكم الصراع، يحاسب من يقتل الاسري بعد استسلامهم او بيد العُزل كما جري من النازي ضد اليهود والأقليات فما البال بمن يأكلون اعداءهم فور سقوطهم؟
الآن تتصارع العصابات الارهابية فيما بينها بوحشية، نريد أن نعرف، ما هي حقيقة هؤلاء، من داعش ومن النصرة ومن وراء جيش الاسلام في العراق والشام، في حلب إحدي اجمل مدن العالم وقدرة علي التعايش تم تدمير التراث الاسلامي والمسيحي والثقافي، لم نسمع صوتا يحتج، صمت مفروض ليس له سابقة، فقط من يتردد اسمه وكأنه الشيطان بشار الأسد، فليذهب بشار إلي حيث يريد شعبه وليس حسب ما تريده العصابات الارهابية التي تتصارع الآن علي المغانم، لنتذكر دائما أن ما يجري في سوريا كان مقدمة لما ينبغي ان يجري في مصر، مصير سوريا ومصر دائما مرتبط، وحتي الآن يوجد بيننا من له مصلحة ومن يخطط لتطبيق المأساة الكبري في مصر ولكن علي نطاق أوسع ولولا يقظة الشعب المصري وجيشه لواجهنا نفس المصير. ما يجب ان نسعي لايقاظه إيقاظ الضمير، ضمير البشرية والعربي منه خصوصا.