منذ الستينات أتردد علي البر الغربي للأقصر، البر الغربي للابدية، حيث تغيب الشمس يودع المصريون الراحلين الي الغرب، الي الابد، مراقدهم اصبحت جزءاً من التراث الانساني. غير أنها مهددة بالاندثار، من عصابات اللصوص المحترفين الذين ظهروا بكثافة مع وهن الدولة وتضعضعها بعد ثورة يناير. لا يوجد احصاء دقيق بما تم نهبه من المواقع المعروفة أو تلك التي لم تكتشف بعد خاصة في منطقة ابو صير وما تم سرقته من المتحف المصري وما دمر في الاسلامي، غير أن الخطر الحقيقي هو طريقة التعامل مع المراقد التي تعتبر من كنوز البشرية وتحفل باللوحات الفنية التي تضارع الفن الحديث، بيكاسو اعظم الفنانين في القرن العشرين اعتبر لوحة النائحات في مقبرة راموزاً وحركة ايديهن منطلق الفن الحديث وأساسه.
في اسبانيا كهوف رسم الانسان البدائي عليها خطوطاً توحي بالوحوش والمخاطر التي كانت تتهدده، قيمة الكهوف في تاريخها القديم. لا يمكن مقارنتها باللوحات الجدارية في مقابر المصريين القدماء ومع ذلك يجب ان نتعلم من تجربة الاسبان، حرصاً علي هذه الكهوف الاصلية جري انشاء نماذج دقيقة لها علي مقربة وتلك هي المسموح بزيارتها، اما الاصول فللمتخصصين فقط، هذا ما يجب ان يتم بالنسبة للمراقد المصرية القديمة، ويمكن أن يضم المتحف الكبير بعض النماذج الدقيقة للمشهور منها مثل مرقد نفرتاري، وتوت عنخ آمون، وسيتي الاول ورمسيس السادس والمهندس سنموت والكاهن آي والفنان سنجم رع وباشادو، وفي الصحراء الممتدة غرب القرنة يمكن انشاء نماذج مطابقة للاصول التي يجب اغلاقها وقصر زيارتها علي العلماء والمتخصصين.
الوضع الحالي كارثي. في السنوات السابقة علي ثورة يناير شهدت حركة السياحة كثافة شديدة، يوجد مرقد رائع الجمال لفنان اسمه سنجم رع في منطقة دير المدينة، وتلك القرية التي اكتشفها الفرنسيون عام ٣٠٩١ كانت مخصصة للفنانين الذين يقومون برسم مراقد الملوك الكبار وهؤلاء يتبعون المعبد (هابو)، والقرية في حالة جيدة وماتزال محتفظة بتفاصيل الحياة اليومية، ما ازعجني دخول المئات من السياح الي المقبرة ومثيلاتها يومياً، هذا يؤدي إلي اختفاء الالوان تدريجياً وقد لاحظت في مرقد «منا» الجميل بهتان بعض الرسوم خلال العشرين عاماً الاخيرة، هذا ما يجب ايقافه فوراً بانشاء نماذج مطابقة تكون لزيارة العوام أما أهل الاختصاص فيسمح لهم بالزيارة بعد اجراءات محددة ومشددة، التنبيه لهذه المخاطر ليست ترفاً الآن، اذ يجب ان نطلق العنان للخيال فيما يتعلق بالتراث القومي خاصة ان الافق ينبيء بمستقبل افضل رغم مصاعب الحاضر.