بقلم : محمد السويسي
تقوم الثقافة التعليمية في المدارس الإسرائيلية على تلقين تلامذة المدارس منذ الصغر عقيدة الأرض المستردة التي تعني الإستيلاء على أراضي الفلسطينيين لتقليص أعدادهم وتهجيرهم من وطنهم مع تضييق لقمة عيشهم ، وهم يلقنون تلامذتهم هذه الفلسفة على أساس أنها عقيدة قابلة وملزمة في التطبيق وفقاً للتوراة ، ليس في أراضي إسرائيل فحسب بل وفي الأراضي العربية المحتلة أي على كامل أرض فلسطين في الضفة القطاع وحتى الجولان ، أي الأراضي التي احتلت عام 67 ولاتزال ، فيما يشار إليها رسمياً كجزء من أرض إسرائيل الكبرى .
ووفق هذه الإيدولوجية فإن الأرض المحتلة هي الأرض المستردة من غير اليهود إلى أصحابها الأصليين من اليهود ! وبالتالي فهي أرض "مستردة "، مع إنتقال ملكيتها من غير اليهود إلى اليهود ولو غصباً .
وهذه الملكية يمكنها أن تكون أما ملكية خاصة أو ملكاً للصندوق القومي اليهودي أو للدولة اليهودية . أما الأرض التي لازالت بحوزة الفلسطينين أو العرب فإنها تعتبر أرضاً "غير مستردة " . وهكذا عندما يقدم يهودي على شراء أرض من غير اليهود فإنها تعتبر أرضاً "مستردة " .
ولكن إذا أقدم شخص عربي أو غير يهودي على شراء أرض من يهودي فإنها تعود أرضاً غير مستردة مرة أخرى ، وبالتالي فإن النتيجة الحتمية لهذا التدبير هو الطرد أو مايسمى "الترحيل "أو "الترانسفير"الذي يطال المواطنين "الأغيار "كافة من مساحة "الأرض التي "أستردت " . وبالتالي فإن يوتوبيا "الإيديولوجية اليهودية "التي تبنتها إسرائيل هي عقيدة الأرض المستردة لفلسطين بأكملها .
وعلى نحو مماثل فإن الكيبوتز الذي كان اللبنة التي أُنشأت عليها إسرائيل وفقاً لدعايتها في خلق مجتمع مثالي إقتصادي فإنه لايقبل في وسطه أي عضو من العرب أو من غيرهم إذ يطلب الأعضاء المحتملين من المهاجرين الجدد من قوميات أخرى أن يتحولوا عن ديانتهم واعتناق الديانة اليهودية للسماح بضمهم إلى الكيبوتز والإستفادة من خيراته . لذا فلا عجب من تعصب شبيبة الكيبوتزات وعنصريتهم وعدوانيتهم الدائمة ضد الفلسطينيين وفق العقيدة التي يلقونها ضمن الكيبوتز .
إن هذه الإيدلوجية الحصرية العدوانية هي التي حددت عمليات الإستيلاء على أراضي فلسطين في الخمسينات ثم في أواسط الستينات ، وفي المناطق المحتلة بعد العام 1967 ، وليس "الحاجات الأمنية "كما تدعي إسرائيل . وهذه الإيديولوجية هي التي أملت أيضاً الخطط الإسرائيلية الرسمية من أجل "تهويد الجليل "والإستيلاء على القدس وتهويدها والسعي لتهويدها . وهذا المصطلح الغريب يعني تشجيع وحث اليهود على الإستيطان في الجليل بمنحهم تقديمات مالية سخية .
ولكن الإستيلاء على الأرض العربية وفق عقيدة الإسترداد يعني ضمناً أكثر من "التهويد "الأقليمي . فالصندوق القومي اليهودي المدعوم بقوة من كافة الوكالات الرسمية الإسرائيلية ، خاصة من الشرطة السرية ، ينفق مبالغ ضخمة من الأموال العامة من أجل "استرداد "أي أرض يرغب "الأغيار "في بيعها ، خاصة في القدس وكامل أرض فلسطين ، وبالتالي منع أي محاولة يقوم بها يهودي لبيع أرضه لغير اليهود وذلك بدفع سعر أعلى مغر له .