Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

هيئة التنسيق والأمن /طرابلس لبنان(2)

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

تشكلت هيئة التنسيق الشمالية في مدينة طرابلس أثناء الحرب الأهلية بين عامي 1975و1977 . ومع غياب الدولة وانفراط عقد الجيش والقوى الأمنية مع سيطرة المليشيات على الأرض .  فساب الأمن في المدينة  والفوضى وأصبحت الغلبة للسلاح الذي استباح أصحابه المدينة فنهبت بيوت من غاب اصحابها عنها ، هرباً من الفوضى إلى الجبال أو إلى الخارج ، تحت دعاوى طائفية وأخرى إقطاعية . حيث بدأوا بنهب بيوت المسيحيين ومن ثم المسلمين بحجة أنهم أثرياء إقطاعيين ،مع تصاعد النقمة عليهم لاستهدافهم بيوت المسيحيين ، فتحججوا بالإقطاع المالي في نهب بيوت المسلمين وكل مقيم في المدينة غائب عن منزله ؟!

ولم يكن هؤلاء السارقين سوى مجموعات من اللصوص لجأت للأحزاب بسلاحها وانتسبت اليها لتنعم بالغطاء الملائم لسؤ أعمالها في السرقة والنهب . ولم تكن قيادات الأحزاب قادرة على ردع هؤلاء لأنهم اضحوا الغالبية من حملة السلاح في تنظيماتهم التي تكاثر أعداد أفرادها مع  انفجار الحرب الأهلية إذ لم يكن لديها قبل ذلك أي مسلحين ، إذ كان نضالها بالكلمة وليس بالسلاح الى أن انفجر الوضع ، لينتشر السلاح والمليشيات والفوضى دون أي ضابط .

مع غياب الدولة وعجز الأحزاب عن الحلول محلها في ضبط الأمن ، إنتشرت حواجز المسلحين ليلاً للسلب والتعديات ، فكانوا ينصبون الحواجز عند منتصف الليل لإرهاب الناس وابتزازهم ونهبهم والإستيلاء على سياراتهم ، ومن كان يحاول الهرب كانوا يطلقون عليه النار ويردونه داخل سيارته . فضج الناس وعلت الصرخة ، وأضحى قادة الأحزاب خائفون على أنفسهم وعائلاتهم إن تأخروا ليلاً ، فانصاعوا للمحتجين من هيئات المجتمع االمدني وفعاليات المدينة بتشكيل قوة أمنية تتولى الحراسة ليلاً عند مقاطع الطرق الرئيسية مع تشكيل دوريات مشتركة جوّالة من الأحزاب وحركة فتح الفلسطينية وأخرى ثابتة عند مفترقات الطرق الرئيسية للقبض على أفراد الميلشيات الذين ينصبون الحواجز لاعتقالهم وسجنهم .

إلا أن المفاجأة انه عند إعداد قوة الحراسة الليلية امتنعت الأحزاب عن تزويدها بالعناصر اللازمة بحجة أنهم لايملكون السلاح ؟!أي رفضوا المشاركة فيها لأن معظم من كان يسرق هم من عناصرهم  الذين كانوا يشكلون فرقاً اشبه بالعصابات للدخول الى البيوت المهجورة والمحلات  وخلعها وسرقة محتوياتها بما فيه المفروشات ؟! إلا أن تشكيل هذه القوة المسلحة من المتطوعين من غير الحزبيين خفف كثيراً من التعديات ومن سرقة المنازل .

كان ثلاثون عنصرياً عدداً كافياً لبسط الأمن ومنع تهريب المواد الغذائية من المدينة على ندرتها ، منعاً لاختفائها والوقوع في المحظور .  إذ اختفت عناصر الشرطة العسكرية والبلدية من المخافر لمعاداة الأحزاب لها وخوفاً من سلبها أسلحتها .

ولكن المشكلة الرئيسية التي واجهت هذه القوة هي تأمين تعويضاتها المالية الشهرية ، فلجأوا الى لجنة التموين التي دعت لإجتماع مع تجار المدينة وافقوا فيها على دفع ليرة واحدة يومياً عن كل شوال دقيق زنة مئة كلغ مع التعهد بعدم رفع اسعار الخبز ، وقد نجح الأمر .

وامام قطع الطريق الساحلي بين بيروت وطرابلس من قبل القوات اليمينية المسيحية من حزبي الكتائب والقوات فإنه تعذر على أهل مدينة طرابلس والشمال الإنتقال الى بيروت للتزود بالسلع الغذائية المختلفة خوفاً من أعمال القتل الطائفية  . لذا فإن صغار تجار المدينة عمدت إلى إستيراد المواد الغذائية الضرورية من قبرص لقربها ، تضمنت المعكرونة والسمن والزيوت والحليب والقهوة ،ولكن ذلك لم يكن كافياً لعدم استيراد الدقيق والحبوب ولضآلة الكميات المستوردة .

أمام نشاط دائرة الإقتصاد في طرابلس وتواصلها مع الوزارة في العاصمة تم تخصيص مطحنة في طرطوس من أجل مدينة طرابلس فقط ، وهي مطحنة صغيرة جداً لاتزيد امكانياتها   عن العشرة إلى خمسة عشرة طناً من الطحين يومياً ، بينما طرابلس وعكار والقضاء تحتاج الى سبعون طناً وفقاً لتعداد السكان وقتذاك  .

 لذا عمدت الوزارة الى استيراد الطحين الى مرفأ اللاذقية حيث كان ينقل بالشاحنات الى طرابلس و كل المدن اللبنانية باستثناء مناطق المليشيات العائدة للأحزاب اليمينية في جبل لبنان لعدم حاجتها ، إذ وضعت يدها على إهراءات القمح والمطاحن في المرفأ الواقع في منطقتها وصادرتها لحسابها مجاناً ، رافضة  السماح للوزارة بالسحب منه للتوزيع على المناطق الأخرى .

أما بالنسبة للمواد الغذائية فقد ذهب وفد كبير من أحزاب طرابلس في زيارة للرئيس حافظ الأسد وعرضوا عليه مشكلة معاناتهم من نقص المواد الغذائية فأحالهم بعد استقباله لهم الى نائب الرئيس عبد الحليم خدام الذي أظهر تعاوناً تاماً في تلبية حاجات طرابلس والشمال ، شرط أن يكون الأمر عن طريق مندوب من وزارة الإقتصاد في طرابلس استكمالاً للتعاون القائم بينهما على صعيد توريد الطحين وشحنه .

وبالفعل عمدت سوريا الى تزويد حاجة طرابلس بمعظم المواد الغذائية التي تحتاجها مقابل دفع ثمنها بحوالات مصرفية او شيكات مصدقة صادرة لصالح بنوك غربية محددة .

خلال هذه الأزمة الغذائية اتصلت حركة فتح بتعليمات من ياسر عرفات بأن هناك باخرة في عرض البحر ستصل الى طرابلس خلال ايام محملة بالمواد الغذائية لتوزع بين المخيمات الفلسطينية وسكان المدينة مجاناً كهدية دعماً صمود طرابلس .

وبالفعل وصلت باخرة ضخمة ، إلا أن القبطان سلم كمية قليلة منها لاتتعدى العشرون طناً من المعلبات مدعياً ان هذه هي كل الكميات المرسلة معه ، بينما يصر الفلسطينيون ان هناك أكثر من مئتي طن من المواد الغذائية المختلفة مستغلاً عدم معرفة الأحزاب بالبحث في حمولة الباخرة فلجأوا عندها إلى مندوب وزارة الإقتصاد في هيئة التنسيق للإستفهام من القبطان عن حمولة الباخرة ، وقد اعطاهم القبطان مانيفست الباخرة بعد أن نزع منه خريطة العنابر لسؤ نيته منكراً ان يكون لديه هذه الخريطة ، إذ كان ينوي بيعها في عرض البحر لبعض الجزر من المافيات في محيط البحر الواسع ثم يكتب تقريراً أنه تعرض للسلب في مرفأ طرابلس بسبب الحرب ؟! ولكن بعد التحقيق والضغط تبين ان هناك العديد من العنابر المملؤة بالمواد الغذائية من معلبات وحليب وجبن وأرز وسكر وخلافه وزعت بين الأحزاب والمخيمات الفلسطينية لتصبح معظم هذه الكميات عند التجار  بعد أيام من توزيعها ، كما جرت العادة في كل إعانة غذائية مجانيّة لسؤ أمانة المشرفين .

وكما وأن حزب البعث العراقي برئاسة النائب الطرابلسي عبد المجيد الرافعي قدم هدية من الدولة العراقية عبارة عن  شاحنات عديدة من الطحين خبزت ووزعت مجاناً على المواطنين كما عشرات الأطنان من التمور العراقية وصلت براً عن طريق سوريا ووزعت على الجمعيات والمواطنين مجاناً .

وبالإضافة لما كان يأتي إلى طرابلس  من قبرص واليونان وتركيا لنشاط ابنائها في الإستيراد وشجاعتهم ، فإن المدينة لم تعان اي ضائقة غذائية وإن عانت بعض المصاعب والنقص لفترات عدة .

 

 

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles