يواصل الوزير بتاح حوتب الذي عاش منذ خمسة وأربعين قرنا تدوين نصائحه وحكمه لمن سيصير رئيسا: يقول:
- إذا كنت رئيسا يصدر أوامره إلي جمع غفير من الناس. اغتنم كل فرصة للعمل الخيّر، بحيث يكون سلوكك لا غبار عليه، الحقيقة والعدالة ثروتهما تدوم، ومنذ خلقهما لم تتعرضا للعواصف ويعاقب كل من يخرج عليهما، إنهما صراط يمتد امام الجاهل، اما الخسة فلم يسمح لها أبدا بالرسو في أي من الموانئ، قد تستطيع الدناءة أن تحقق الثروات ولكن قوة الحقيقة،- العدالة هي في دوامها، ويستطيع المرء أن يقول إنها الثروة التي كان يمتلكها أبي.
- لا تبث الرعب بين الناسوإلا فسيعاقبك الإله بالمثل، إذا فكر انسان أن يعيش بهذا الاسلوب فإن فمه سيحرم من الخبز، لا تسمح للخوف من الناس أن يظهر فمشيئة الاله هي التي ينبغي أن تظهر، وسنعمل علي ان يعيش الناس في سلام، عندئذ سيحضرون ويعطونك من تلقاء أنفسهم.
- اتبع رغبتك علي امتداد حياتك، لاتفعل أكثر ما هو محدد لك، إن إبادة لحظة هو أمر يمقته الاله، لاتصرف نشاطك إلي الأعباء اليومية بدافع من الاهتمام المبالغ فيه بشئون دارك، وعندما تأتي الثروة اتبع رغبتك لأن الثراء لايكتمل إذا لم يكن المرء سعيداً.
- أعرض عن الشر أيا كان، وابتعد بشكل خاص عن أفعال الطمع لأنه مرض موجع لا شفاء منه، يبعد عنك جميع المترددين عليك، انه مذل الآباء والامهات والأخوة والأخوات علي السواء، وتجعل وداعة الصداقة حادة، وتبعد الصديق عن صديقه، وتفرق بين الزوج وزوجته، سيعيش طويلا ذلك الرجل الذي تكون الحقيقة - العدالة هي خط سلوكه، والذي يسير حسب خطواتهما وبفضل ذلك سيتمكن من كتابة وصية، اما الرجل الفاسد لن يكون له قبر.
- ابق زوجتك بعيدا عن القيادةلأنها قد تثير العواصف.
القائمة طويلة، غير أنني أدعو إلي تأمل هذه النصوص التي كتبت في زمن بعيد، علي ضفتي النيل، وكان العالم يغط وقتئذ في سبات الجهل، تقول العالمة الفرنسية كلير لالويت التي ترجمت هذه النصوص من الهيلوغريفية إلي الفرنسية، إن النزعة الانسانية المتسامية لهذه المباديء وتنوعها وتباينها تدل علي أن مصر القديمة قد عرفت منذأقدم العصور حضارة رفيعة المستوي وفكرا عميقا حول شئون الإنسانية، ليت من يريد أن يصبح رئيسا يضع هذا الميراث أمامه.