Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

تقلبات اوغندية

$
0
0

هذه حلقة ثالثة من ذكرياتي في الستينيات والسبعينيات بعنوان 
ساحكي لكم...3
امل ان تكون مفيده وخاصة للمؤرخين لعلاقات مصر ببقية افريقيا ... وان كنت لاحظت رغم عدد من التعليقات عدم اهتمام ابناء الدراسات التاريخية بالامر للاسف الشديد رغم عدم احتمالي الجهد لهذا العمل المركز واملي ان انجح وخاصة مع وجود بعض المذكورين المهمين احياء ..... لمن يطلب شهادتهم ...!!

سأحكى لكم- 3
تقلبات اوغندية
حلمي شعراوي

لم أكن أتصور وأنا أرافق "وفد أوغندا"ضمن وفود المؤتمر الأول لتضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية فى القاهرة يناير 1958 وممثلاً للرابطة الأفريقية رغم عدم تخرجى بعد من جامعة القاهرة، أن من أرافقه فى قطار الصعيد إلى الأقصر وأسوان هو الزعيم "اجناسيوس موسازى "رئيس "حزب المؤتمر الوطنى الأوغندى UNC "، وأن زميله الذى سيبقى ممثلاً للحزب فى القاهرة هو "جون كالى"المناضل الوطنى الذى قيل أنه اغتيل فى أغسطس 1960، وقبل استقلال أوغندا بعامين.


إگناسيوس موسازيكان "موسازى"كبيراً بين الوفود، ويبدو صامتًا حكيماً بما اعتبرناه صمتاً ملكياً من نوع صمت الملك "الكاباكا"فى كمبالا، وكان ذلك خلافاً "لجون كالى"الذى لابد أنه اغتيل بسبب حيويته البالغة بين عواصم العالم، كان متحدثاً لبقا، ووسيماً، ومجادلاً بين الروس والصينيين ومتحدياً قوياً للسياسة البريطانية فى شرقى وأنحاء أفريقيا... فضلاً عن اعجاب الجميع به، مما يوحى بقدرته على استقطاب الحشد الأفريقى ضد الاستعماريين.....

Kabaka-Mutebiنقلتنى "الونسة"إلى جانب "موسازى"، واعجابنا المتبادل بما يرويه لى عن نظام اللوكيكو (برلمان مملكة بوغندا إحدى ممالك أوغندا) وهيمنة "الكاباكا"على شعبه بتقاليده التاريخية ،وعن دوره فى تكوين اتحاد الفلاحين بأوغندا قبل تأسيس الحزب 1952 . كما راح يحدثنى عن روعة الطبيعة فى كمبالا عاصمة المملكة والبلاد، وصاحبة التلال السبع، وطريقها الغاباتى الساحر إلى "جنجا"حيث يرقد "سد أوين"عند أول مخرج لمياه بحيرة فيكتوريا إلى مصر... كل ذلك سحرنى مثلما سحرتنى شخصيته وزميله الشاب، وأخذت أحاول مبادلته الحكى بانجليزية ركيكة عن ظاهرة الصحراء الممتدة المحيطة بضفاف النيل العظيم! وشريطه من القرى وبعض المدن، حتى نزلنا بالوفود كلها إلى "بنى مزار"قرية عبد الناصر، لتعكس الجفاف والفقر معاً بما أذهل الرجل ، ومنعه حياؤه من الصراخ ألماً على قرية الزعيم! أو القرية المصرية عموماً.. لا أدرى....

قابل "موسازى"عبد الناصر كعادة قادة حركات التحرر الوطنى الزائرين خاصة مع زياراتهم الأولى للقاهرة، لتنظيم ما ستقدمه مصر من عون لهذه القيادات والحركة. وكان أبرزها المقرر : فتح مكتب دائم ، ونفقات ممثل الحركة ومساعده، ومتحدث فى البرامج الموجهة.... هذا خلاف أية منح دراسية، أو عون وتسهيلات لوفود تمر بمصر إلى العالم الخارجى. باعتبار القاهرة- كما أعلن لهم عبد الناصر فى أكثر من مناسبة- نافذة حركات التحرر على العالم الخارجى ، بما فيها من دبلوماسيين ووسائل اتصال تحرمهم منها الدولة المستعمرة لبلادهم.
لم تحتل حركة تحرير أوغندا مكانتها لسبب خاص إلا أنها جزء من حوض النيل الذى يتوجب الحضور السياسى فيه بقوة ، بينما كانت تحاول بريطانيا إبقاءه تحت قبضتها ، مكملة فيه سياستها فى السودان . كما بدأت فيه اسرائيل تسللها المنظم . ولم نشعر أن أوغندا جزء من "السياسة المائية"لمصر كما يروج حاليا . ولم نكن نحن الشباب، فى الرابطة الأفريقية نشعر إلا أننا نقاوم الدول التى اعتدت علينا فى 56 ، ( فرنسا وبريطانيا وإسرائيل ) لذا كان مكتب الكمرون ( المستعمرة الفرنسية ) مثل أوغندا وكينيا أهم ما نفتخر بوجودها فى مصر .

ومع بقائى فى الرابطة الأفريقية عقب التخرج ، ثم تعيينى فى الشئون الأفريقية بالرئاسة منذ أواخر 1960، توثقت علاقتى الخاصة والعامة مع "جون كالى"مثل غيره من ممثلى حركات التحرر الأفريقية. كان "كالى"حريصاً على حشد العائلات الأوغندية بالقاهرة من حوله، وكان معظمهم بالطبع من مسلمى أوغندا، العاصمة أو الشمال المتأثر بالسودان. بدأ بعضهم فى الأزهر ومنه يسعون إلى التعليم المدنى، وبرز بينهم أصدقاء أعزاء... وكاد كالى يترشح لمنصب عال مع استقلال أوغندا 1962 ولكنه تم اغتياله ( حادث طائرة فى كييف! ) فأخذ مكانه "على سنيونجا"وإبراهيم موكيبى اللذين احتلا مكانتهما بعد ذلك بين القيادات الأوغندية كممثلين للمسلمين أو عارفين بالحركة الدولية فى سكرتارية التضامن الأفروآسيوى، حتى صاروا استشاريين للرؤساء أوبوتى ثم موانجا، مبتعدين عن عيدى أمين بسبب رعونته (1971/1979) ، حيث التزم "سنيونجا"جانبا حتى وفاته ، بينما صار "موكيبى"وزيرا وزيراً للخارجية والداخلية فى عهد "موسيفينى"ثم سفيراً فى أواخر القرن ، وحتى الآن بين القاهرة ودار السلام وغيرها.

 

Ibrahim Mukiibiوطوال هذه الفترات بقيت العلاقة حميمة بهم وبمجموعات أوغندية لا أستطيع هنا حصرها (أذكر يوماً جاء "إبراهيم موكيبى "وهو وزير للخارجية الأوغندية إلى القاهرة أواخر الثمانينيات، وإذ به فى منزلى دون أى إخطار، لأجد أولادى "مى وأيمن"يبلغانى عند مدخل الشقة "أنكل إبراهيم هنا"توقعت بسرعة أصدقاء مثل إبراهيم فريح كعادته أو"إبراهيم نصر الدين "من تلامذتى المقربين وإذ به "معالى الوزير"إبراهيم موكيبى! لم تسعفه الظروف لترتيب مناسب ، فجاء لبيت يعرفه! وهو يعلم أنى انتقلت لموقع المعارضة فى مصر .ولم يشأ حسب قوله أن يزعج الجهة الحكومية المستضيفة بالترتيب معى!).


Milton Oboteوسأعود بالقارىء مضطراً إلى مسيرتى مع مكتب أوغندا لحزب المؤتمر الوطنى الأوغندى UNC، وكيف تخلص اولو الغرض من "جون كالى "، بينما أرهق الانجليز حزبه فى أوغندا ليخسر انتخابات الاستقلال لصالح حزب "ملتون أوبوتى"زعيم حزب مؤتمر الشعب الأوغندى UPC (لاحظ كلمة Congress) . وهو الحزب الأكثر ارتباطاً بأبناء الشمال تحفظاً على نفوذ أبناء مملكة بوغندا فى الجنوب بزعامة الكاباكا، وموسازى... ويحرمنى ذلك من زيارة أوغندا مع استقلالها 1962 مثلما توفر لى فى عدد من دول المنطقة، بل ويحرم مصر نفسها لسنوات من تقارب، أسسته مع شعب أوغندا بمشاركة بريطانيا فى بناء سد أوين 1954 و حتى مشاركة أوبوتى فى قدر من زعمه عن "الديموقراطية الاجتماعية رغم أنه بدا مفضلاً الهوى البريطانى والإسرائيلى، على ذلك الهوى السارى فى وادى النيل (سودان ثورة أكتوبر، ومصر الناصرية).

 

كان وضع أوغندا طوال فترة "أوبوتى" 1962/71 ضبابياً بجوار تنزانيا المتحركة بين مختلف القيادات، وكينيا التى حسمت أمرها مع الرأسمالية الغربية، ولا أذكر أنى زرت أوغندا إلا مروراً فى إحدى المرات خطفاً ، لشوقى لرؤية خزان أوين...! وهناك نزلت مع المهندس المصرى الرابض بجوار الخزان- حسب اتفاق الإنشاء- في مصعد صغير لقياس معدل بحيرة فيكتوريا الذي يقوم به كل صباح ومساء ، ويبلغ به وزارة الرى بالقاهرة... ورأيت أسرة ذلك المهندس فى منزل متواضع فى وسط غاباتى كثيف حول السد، والأوز والبط من حولهم فى بيئة مصرية لم أرها إلا فى قرية منوفية!).

فى نفس الوقت كانت دار السلام بعد ثورة زنجبار، وإعلان اتحاد تنزانيا ، وغليان الطبقة الوسطى ضد سياسة المجتمع متعدد الأجناس لصالح الأسيويين والأوربيين، وانتفاضات طلبة جامعة دار السلام فى "الكامبس"الشهير (المدينة الجامعية) من أجل تحول اشتراكى مثل السائد فى غانا أومصر... ، وقد أجبر ذلك نيريرى على إصدار "إعلان- أروشا"المبشر بالنوايا الاشتراكية وفلسفة "الأوجماعا ujamaa الجماعية الأفريقية الشبيهة بالاشتراكية الأفريقية والعربية... فى ذلك الوقت (الميثاق المصرى 1962، وخطاب الفجر النكرومى 1965) . وإلى جانب ذلك كانت دار السلام قد اختيرت من منظمة الوحدة الأفريقية 1964 مقراً "للجنة تنسيق تحرير المستعمرات".... وحيث صدر القرار أثناء القمة الأفريقية الأولى بالقاهرة 1964، فقد دفعت القاهرة والجزائر وسودان ثورة أكتوبر نشاطها بقوة مقابل، دفء محدود من غانا، واستقبال إجبارى من قبل"نيريرى"إزاء دفء الموقف الشعبى فى "دار السلام"، مما جعلها مركزاً هاماً للعمل الأفريقى "الثورى"لدعم الكفاح المسلح، وتدريب المناضلين، و دفع سياسة المقاومة عموماً. Hashim Mbitaواشترطت دار السلام أن يكون أمينها العام من تنزانيا "هاشم مبيتا "وقد أسمى د.بطرس غالى فى تحليلات له عن نشاط لجنة المنظمة ، أنه كان "تدخلاً أفريقيا"فى الشئون الداخلية لدول أوربية كبيرة (صاحبة الشأن فى المستعمرات....!) صدر عن قوة مركز الأفارقة ساعتها!

(لا أنكر أنى تحمست- وقد أكون سعيت!- إلى منصب مساعد الأمين العام لهذه اللجنة مرشحاً مطلوباً من مصر، وكدت أذهب مع أوراقى إلى دار السلام ، لولا ترشيح السيد كمال رفعت ساعتها متحمساً لطبيب شاب، وطنى فعلاً حصل عليها... أحببته وتصادقنا بعد ذلك!).


Joshua Nkomoتكررت زياراتى لدار السلام فى هذه الأطر من الاجتماعات والأنشطة، فأقابل ثوريين من زنجبار تارة، أو ممثلى حركات التحرير كامتداد لمن أنسق بينهم فى القاهرة تارة أخرى. (أذكر كيف تطور الموقف فى روديسيا الجنوبية (زيمبابوى الآن) أثناء وجودى مع محمد فايق فى دار السلام قبل إعلان إيان سميث لاستقلالها من جانب واحد UDI أكتوبر 1965 وقراره جمع ما يسمى بالمناضلين فى السجون إذا تحركوا. وكيف قرر"جوشوا نكومو"زعيم حزب "زابو "السفر فوراً إلى "سالسبورى" (هراري الان ) ليكون بين المناضلين من زملائه وأبنائه. وسار إحساس بمخاطر ذلك على حياته، وعدم جدواه كثيرًا للقضية التى تتطلب إثارة العالم الخارجى.... والتففنا حول الرجل ، وبذل السيد محمد فايق جهداً لتفهم منطقه... وإذ بنا نقتنع جميعاً بما قال... مع وعدنا له بالمساعدة (ولا ننسى أن مصر و11 دولة أفريقية قررت قطع العلاقات مع بريطانيا احتجاجاً وتأكيدا لمسئوليتها عن المستعمرة وشعبها...).


عبد الناصر والثورة الأفريقية، تأليف محمد فائقوكتبت يوماً عند عرضى لكتاب محمد فايق عن "عبد الناصر و الثورة الأفريقية"، والذى كتبه فى سجنه (71/1981).. أن من عاشر ثوار حركة التحرر الوطنى لابد أن يتعلم الصمود وذكرت واقعة جوشوا نكومو.!
كان دفع الحركة السياسية فى "دارالسلام"قوياً لصالح دور تنزانيا فى شرق أفريقيا ، وكانت المنطقة تغلى، وهى كما قال "شواين لاى "، "ناضجة للثورة "تساندها حركة شعبية، وثمة تنافس صينى سوفيتى ينفذ هنا وهناك، وحركات تحرير تدفع المقاومة المسلحة فى محيط تنزانيا (موزمبيق، روديسيا.... الخ) ويكاد إعلان أروشا يحرك المجتمع التنزانى على النمط المصرى أو الغانى أو الغينى (وفق مبدأ كل حركة مسلحة تخلق وضعاً ثورياً مجاوراً).

محمود ممدانيلكن انقلاب غانا ضد نكروما 1966، بل وتغيير قيادة بن بللا فى الجزائر ونكسة عبد الناصر فى مصر، ثم انقلاب مالى..الخ جعل كل أجواء أفريقيا مكسوة بالضباب... وفى أوغندا وقع الانقلاب العسكرى 1971 وبقيادة رعناء مثل عيدى أمين !. وراحت أوغندا بين 1971 و 1979 فى عزلة مع جيرانها، اللهم إلا تقلباته بين إسرائيل والعرب، والآسيويين، فكسبت إسرائيل علاقة عسكرية دائمة، وكسب العرب إقرار أن "قضية فلسطين قضية أفريقية"فى كمبالا 1975، وخسر الآسيويون تجارتهم، ودخلت طائفة الإسماعيلية والأباضية من الهنود والعمانيين والشيرازيين فى مأزق إضافى بالمنطقة!). ورغم ارتياح أبناء الشمال الأوغندى بقيادة أبنهم الجديد عقب تجاهل "أوبوتى"( الشمالى أيضاً) لهم إلا أن "الباغندة"والتورو وأنكولى (وسط غرب) وغيرهم عانوا منه الكثير. واختلط الطبقى، فى القبلى، فى الطائفى بشكل مثير، كما جاء فى كتابات المثقفين الأوغنديين البارزين "ياش تاندون"و"محمود ممدانى"و"دانى نابوديرى"ممن عرفتهم فى تلك الفترة فى دار السلام وكانوا مع تلميذهم الأصغر "يورى موسيفينى "الذى يدرس فى الجامعةـ ويناضل مع جبهة تحرير موزمبيق ( فريليمو) وفى إطار الجمعية الأفريقية للعلوم السياسية AAPS نمت العلاقة مع هؤلاء جميعا بدءًا من 1974.

كنت أقابل ثلاثتهم، وكأننى أتعامل مع ممثلى حركات التحرير، وكانت لهجتهم الماركسية "الماوية"عالية النبرة"، حتى أننى عندما دعوت مجلس تلك الجمعية للاجتماع فى القاهرة 1978 باعتبارى نائباً لرئيس الجمعية وبمساعدة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو) وحماس شخصى من الراحل محيى الدين صابر، ذهبت معهم إلى مبنى الأهرام للغداء مع باحثى مركز الدراسات الاستراتيجية، وبدأ "تاندون ""ونابوديرى "خاصة فى هجوم على نظم الطبقة الكمبرادورية فى أفريقيا والعالم العربى. فزع بعض الحاضرين ولا أذكر من منهم أسمى المجموعة الأفريقية "الشهب الحمراء Red prism""! ، وخشيت ساعتها أن يتكرر معى أو مع أحد بالمركز ما جرى لصديقنا المغربى"محمد بوزيدى"فى العام السابق على هذا الاجتماع، وعقب مؤتمر للجمعية بالرباط بضيافة الجامعة،و طرحت الأوراق بهذه اللغة، ففصل بوزيدى من العمادة فى اليوم التالى لرحيلنا! لكن ربنا ستر معنا،( مع أنى أيضاً فقدت وظيفتى فى أمانة شئون السودان بعد ذلك بأشهر قليلة لأسباب أخرى تتعلق بمعارضة كامب ديفيد!) . هكذا أصبح المثقفون الأوغنديون ظاهرة يسارية خاصة، يقابلهم بدرجة ما يساريو جامعة زاريا (أحمدو بللو) فى شمال نيجيريا، وكان الأوغنديون أقرب لجامعة دار السلام منهم لكمبالا. ومع ذلك لم تنقطع صلتى بكمبالا فى شكل آخر للعلاقة...

Paulo Muwangaجاء للقاهرة فى أوائل السبعينيات "بول موانجا" Paul Muwanga"أو باولوموانجا فى نطق آخر ..... 
جاء كعضو بارز فى اتحاد الفلاحين (أو المزارعين) القوى بين الباغندة، وكتلميذ لموسازى الزعيم الأوغندى الذى نعرفه.... وبهدف التحرك ضد عيدى أمين الممالىء لإسرائيل فى أول عهده والتقى بالطبع مع "على سنيونجا""وإبراهيم موكيبى "فى القاهرة باعتبارهم وطنيين زملاء جون كالى من قبل ، ومن رموز المسلمين فى أوغندا وإذ بعيدى أمين يطرد الإسرائيليين ويراسل القذافى ومصر. ويأتى "موانجا سفيراً لبلاده، ويعد مع القاهرة مؤتمر القمة الأفريقية فى كمبالا 1975 ليحضره السادات –بعد حرب أكتوبر- حضوراً مهيباً!
كانت المجموعة الأوغندية- كما أصبح السفير موانجا- أصدقاء حميمين معى بل وبعلاقة أقرب للعائلية.
ومع تقلب سياسة عيدى أمين ، نال مجموعة القاهرة ما نالها من تشتيت، مما جعلهم على صلة "بجبهة تحرير أوغندا"بقيادة اليساريين "إياهم"فى دار السلام...!.

عيدي أمين في جدة بعد تنحيتهوتحقق حلم "الثوار"حين اهتاج عيدى أمين على الرئيس نيريرى وقرر غزو تنزانيا!أواخر1978
وإذ بنيريرى يأخذ المسألة بجدية تجعله أكثر فاعلية مع أبناء أوغندا فى دار السلام الذين قرروا "الزحف"المسلح على كمبالا على نمط زحف "ماو"العظيم، ! لكنه هنا بمساعدة الجيش التنزانى.! ولن أحكى هنا تاريخاً مروياً فى كتب علمية ، ولكنى أتحدث عن روايات سمعتها شخصياً أو تشاع خارج الكتب. إذ بينما يسمى الثوار ما تم زحفاً شعبياً لخلع عيدى أمين فى أبريل 1979 ، فإن مختلف المصادر التقليدية تتحدث عن "غزو عسكرى تنزانى"لصد هجوم عيدى أمين المتوقع... (ذكرت ذلك مؤخراً للأصدقاء فى اجتماعات أفريقية بعد أحداث 30 يونيو 2013 فى مصر ، لنفرق معا بين الزحف العسكرى "والثورى", خاصة إذا صدقت رواية زحف الشعب الأوغندى، أو الشعب الأثيوبى والأريترى والمالى والكونغولى إلى العواصم اوائل التسعينيات من القرن الماضي!) وبوصول "الأصدقاء"جميعاً إلى كمبالا، ومع تطورات مرصودة فى الكتب ، أصبح "تاندون"و"نابوديرى"من الوزراء، كما أصبح"بول موانجا"تدريجياً رئيساً للمفوضية العسكرية الحاكمة، وفيها موسيفينى وزيرًا للدفاع!

وخلال عام واحد تقلبت الرئاسة بين أكثر من رئيس، وصمد "موانجا"رئيساً للمفوضية وموسيفينى فى وزارته ، وخرج "الراديكاليون"من الوزارة غاضبين ، بل وبدوا مهددين بالسجن ، ليتحول"تاندون"و "نابوديرى"لاجئين فى نيروبى ويسكن"ممدانى"فى حدائق جامعة ماكيربرى (كمبالا) ملتزماً الصمت!!

فى أثناء حضورى لندوة فى نيروبى فى ربيع 1980 فوجئت بوضع أصدقائى الثوريين لاجئين فى بلد غير ثورى! وتناقش معى طويلاً، "ياشن تاندون"و"نابوديرى"، معاملين إياى كمن يقول "شفت صاحبك"؟! يقصدون سلوك "موانجا"وجناحه معهم! ذاكرين أنهم بدورهم سيذهبون للكفاح المسلح ضده لإسقاطه مثل عيدى أمين.! وعندما ذكرتهم بصعوبة تكرار التاريخ، وإمكان التفاوض حول الأمر كله، فوجئت باقتراحهم أن أذهب لكمبالا، لطرح التصالح أو يلجأون لإعداد جبهتهم للقتال!

Dani Wadada Nabudere(وكان ل "نا بوديرى"نفوذ فى غرب أوغندا المستعد لمنافحة الباغندة والشماليين....!)...
وكانت مغامرة طريفة حقًا حين توجهت لسفارة أوغندا فى نيروبى لأقول للسفيرة : أريد موعداً مع الرئيس موانجا! وبسرعة لأنى أغادر نيروبى خلال يومين!... وبين ذهول السفيرة واضطرارها لكتابة برقية للرئاسة، جاءها الرد بسفرى حالاً لكمبالا"...وعلى حسابها" .. لمقابلة الرئيس "بول موانجا".!... حكيت له ظروفنا فى مصر مع السادات، وإذ به يأمر بإقامتى فى جناح السادات بالفندق الذى بناه عيدى أمين للرؤساء الأفارقة فى قمة 1975! وهو ما لا يكاد الأصدقاء يصدقونه "لطرافته, وعادة لا أروى ذلك إلا بوجود السفير إبراهيم موكيبى سفير أوغندا حالياً بين دارالسلام والسعودية ,والذى كان حاضراً مع الراحل على سنيونجا لمقابلاتى مع موانجا، والتى بدأت فور وصولى من المطار إلى قلب اجتماع المجلس الثورى برئاسة "موانجا"! بل وقد استدعى الرئيس موانجا فى إحدى المقابلات يورى موسيفينى وزير الدفاع من الطابق الأعلى ليروى لى سوء أفعال "إخوانى الفلسطينيين"فى مساعدة عيدى أمين ، ومقاومتهم معه لحركة الثورة، مما جعل قيادة الثورة تصادر كافة مصالحهم بعد النجاح. وساعتها انتهي النقاش في هذه المسألة بتحميلى ملف الفلسطينين إلى أى من قيادتهم فى القاهرة , مع ،استعداده للمصالحة لاهتمامه بالقضية الفلسطينية . وحملت كل ذلك للأخ السفير محمد صبيح مساعد أمين عام الجامعة العربية حالياً، ولا أدرى ماذا تم بعد ذلك....

أما "مصالحة"اصدقائي من المعارضة الراديكالية، أو قبول التفاوض وفق نقاشنا السابق ، فأعترف أنى لم أستطيع أن أوثر بالحصول على "الاعتراف المتبادل"بالموقفين، بسبب عناد الطرفين . وأكاد أكون رجعت إلى نيروبى دون انجاز يذكر إلا "استمرار الحديث عن التفاوض!"ووعد "موانجا"باستمرار الاتصال بى عبر سفارتهم فى القاهرة مع محاولات التهدئة ، التى ذهبت بها الرياح .


ذلك ان تقلبات أوغندا لم تتوقف... اضطر المجلس العسكرى أو "المفوضية "إلى إجراء انتخابات عامة ديسمبر 1980 ليعود "أوبوتى وحزب المؤتمر الشعبى"إلى الرئاسة (بعد عشر سنوات من انقلاب عيدى أمين ضده!) ، ولم تمض بضعة أشهر على الرئيس الجديد "أوبوتى"و"بول موانجا"فى منصب نائب الرئيس , حتى وضع السيد النائب فى السجن بتهم الاختلاس ! ويتحرك موسيفينى مغادرا منصبه إلى النضال المسلح.. منطلقاً من أحراش "غرب أوغندا"، ثم يسقط أوبوتى نفسه ....1985 ! بينما يذهب أصدقائى "أشتاتاً"بين أكسفورد ودار السلام ونيويورك (كولومبيا) ولا يعو د ون إلى مواقعهم بالطبع باستثناء السفير موكيبى، الذى عاد مع موسيفينى المنتصر مرة أخرى إلى كمبالا عام 1986 . 


Yuweri Museveniويبدو أن تلميذ العلوم السياسية فى دار السلام أوائل السبعينيات، ذاكر درس التقلبات الأوغندية جيداً ... ليبقى على الكرسى حتى كتابة هذه السطور فى أول يونيو 2014...! 

تقابلنا فى أكثر من مؤتمر, فكانت الابتسامة المتبادلة فقط بقايا ذكرى التقلبات الأوغندية!

القاهرة 1-6-2014

 

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles