هاهى نصوص معاهدة القسطنطينية
إن جلالة ملك بريطانيا العظمى وإيرلندا وإمبراطور الهند وجلالة إمبراطور ألمانيا وملك بروسيا وجلالة إمبراطور النمسا وملك بوهيميا إلخ وملك هنغاريا وجلالة ملك أسبانيا وباسمه الملكة الوصية على المملكة ورئيس جمهورية فرنسا وجلالة ملك إيطاليا وجلالة ملك هولندا ودوق لوكسمبرج إلخ وجلالة إمبراطور الدول الروسية وجلالة إمبراطور الدولة العثمانية
.
رغبة منهم في إبرام اتفاق فيما بينهم خاص بوضع نظام نهائي لضمان حرية جميع الدول في استعمال قناة السويس في كل وقت وفي تكميل نظام المرور في القناة المذكورة المقرر بمقتضى الفرمان الصادر من الباب العالي بتاريخ 22 فبراير سنة 1866 (2 ذي القعدة سنة 1282) والمؤيد للشروط التي منحها سمو الخديوي قد عينوا ممثلين لهم المذكورين بعد ( ) الذين اتفقوا بعد تقديم أوراق الاعتماد والتثبت من صحتها على المواد التالية:
مادة 1 - تظل قناة السويس البحرية بصفة دائمة حرة ومفتوحة في زمن السلم كما في زمن الحرب لجميع السفن التجارية والحربية بدون تمييز بين جنسياتها.
وبناء على ذلك فقد اتفقت الدول العظمى المتعاقدة على عدم إلحاق أي مساس بحرية استعمال القناة سواء في زمن السلم أو في زمن الحرب.
ولن تكون القناة خاضعة مطلقا لاستعمال حق الحصار البحري.
مادة 2 - تقرر الدول العظمى المتعاقدة نظرا لما تعلمه من لزوم قناة المياه العذبة وضرورتها للقناة البحرية أنها أحيطت علما بتعهدات سمو الخديو قبل شركة قناة السويس العالمية فيما يختص بقناة المياه العذبة وهي التعهدات المنصوص عنها في الاتفاق المبرم بتاريخ 18 مارس سنة 1863 والمشتمل على ديباجة وأربع مواد.
وتتعهد الدول العظمى بعدم المساس بسلامة القناة ومشتقاتها وعدم إتيان أية محاولة لسده.
مادة 3 - تتعهد الدول العظمى المتعاقدة أيضا بعدم المساس بالمهمات والمنشآت والمباني والأعمال الخاصة بالقناة البحرية وقناة المياه العذبة.
مادة 4 - بما أن القناة البحرية تظل في زمن الحرب طريقا حرا ولو كان ذلك لمرور السفن الحربية التابعة للدول المتحاربة عملا بالمادة الأولى من هذه المعاهدة قد اتفقت الدول العظمى المتعاقدة على عدم جواز استعمال أي حق من حقوق الحرب أو إتيان أي فعل عدائي أو أي عمل من شأنه تعطيل حرية الملاحة في القناة أو في المواني الموصلة إليها أو في دائرة نصف قطرها ثلاثة أميال بحرية من هذه المواني حتى ولو كانت الدولة العثمانية إحدى الدول المتحاربة.
ويمتنع على البوارج الحربية للدول المتحاربة أن تباشر داخل القناة أو في المواني المؤدية إليها عمليات التموين أو التخزين إلا بالقدر الضروري جدا ويتم مرور السفن المذكورة في القناة في أقصر زمن ممكن وفقا للأنظمة المعمول بها ولا يجوز لها الوقوف إلا لضرورة قضت بها مصلحة العمل.
ولا يجوز أن تزيد مدة بقائها في بور سعيد أو في خليج السويس على 24 ساعة إلا في حالة التوقف الجبري وفي هذه الحالة يجب عليها الرحيل في أقرب فرصة ممكنة. ويجب أن تمضي 24 ساعة بين خروج سفينة متحاربة من إحدى مواني الدخول وبين قيام سفينة أخرى تابعة للدول المعادية.
مادة 5 - لا يجوز لدول الأعداء في زمن الحرب أن تأخذ أو تنزل في القناة أو المواني المؤدية إليها جيوشا أو معدات وأدوات حربية غير أنه في حالة حدوث مانع طارئ في القناة يجوز ركوب أو نزول الجيوش في موانئ الدخول على دفعات بحيث لا تتعدى الدفعة الواحدة ألف رجل مع المهمات الحربية الخاصة بهم.
مادة 6 - تخضع الغنائم في جميع الأحول للنظام نفسه الموضوع للسفن الحربية التابعة للدول المتحاربة.
مادة 7 - لا يجوز للدول أن تبقى سفنا حربية في مياه القناة بما في ذلك ترعة التمساح والبحيرات المرة.
ولكن يجوز للسفن الحربية أن تقف في المواني المؤدية إلى بور سعيد والسويس بشرط ألا يتجاوز عددها اثنين لكل دولة.
ويمتنع على الدول المتحاربة استعمال هذا الحق.
مادة 8 - تعهد الدول الموقعة على هذه المعاهدة إلى مندوبيها بمصر بالسهر على تنفيذها. وفي حالة حدوث أمر من شأنه تهديد سلامة القناة أو حرية المرور فيها يجتمع المندوبون المذكورون بناء على طلب ثلاثة منهم برياسة عميدهم لإجراء المعاينة اللازمة وعليهم إبلاغ حكومة الحضرة الخديوية الخطر الذي يرونه لتتخذ الإجراءات الكفيلة بضمان حماية القناة وحرية استعمالها. وعلى كل حال يجتمع المندوبون مرة في السنة للتثبت من تنفيذ المعاهدة تنفيذا حسنا.
وتعقد هذه الاجتماعات الأخيرة برياسة قوميسير خاص تعينه حكومة السلطة العثمانية لهذا الغرض ويجوز أيضا لقوميسيرا لحضرة الخديوية حضور الاجتماع كذلك، وتكون له الرياسة في حالة غياب القوميسير العثماني.
ويحق للمندوبين المذكورين المطالبة بنوع خاص بإزالة كل عمل أو فض كل اجتماع على ضفتي القناة من شأنه أن يمس حرية الملاحة وضمان سلامتها التامة.
مادة 9 - تتخذ الحكومة المصرية في حدود سلطتها المستمدة من الفرمانات والشروط المقررة في المعاهدة الحالية التدابير الضرورية لضمان تنفيذ هذه المعاهدة.
وفي حالة عدم توافر الوسائل الكافية لدى الحكومة المصرية يجب عليها أن تستعين بحكومة الدولة العثمانية التي يكون عليها اتخاذ التدابير اللازمة لإجابة هذا النداء، وإبلاغ ذلك إلى الدول الموقعة على تصريح لندن المؤرخ 12 مارس سنة 1885، وعند اللزوم تتشاور معها في هذا الصدد.
ولا تتعارض أحكام المواد 4 و5 و7 و8 مع التدابير التي ستتخذ عملا بهذه المادة.
مادة 10 - كذلك لا تتعارض أحكام المواد 4 و 5 و 7 و 8 مع التدابير التي قد يرى عظمى السلطان وسمو الخديو اتخاذها باسم صاحب الجلالة الإمبراطورية ليضعا، بواسطة قواتهما وفي حدود الفرمانات الممنوحة، الدفاع عن مصر وصيانة الأمن العام.
وإذا رأى صاحب العظمة الإمبراطورية السلطان أو سمو الخديو ضرورة استعمال الحقوق الاستثنائية المبينة بهذه المادة يجب على حكومة الإمبراطورية العثمانية أن تخطر بذلك الدول الموقعة على تصريح لندن.
ومن المتفق عليه أيضا أن أحكام المواد الأربعة المذكورة لا تتعارض إطلاقا مع التدابير التي ترى حكومة الإمبراطورية العثمانية ضرورة اتخاذها لكي تضمن بواسطة قواتها الخاصة الدفاع عن ممتلكاتها الواقعة على الجانب الشرقي من البحر.
مادة 11 - لا يجوز أن تتعارض التدابير التي تتخذ في الحالات المنصوص عليها في المادتين 9 و 10 من هذه المعاهدة مع حرية استعمال القناة. وفي الحالات المذكورة يظل إنشاء الاستحكامات الدائمة المقامة خلافا لنص المادة الثامنة محظورا.
مادة 12 - إن الدول العظمى المتعاقدة- تطبيقا لمبدأ المساواة الخاص بحرية استعمال القناة ذلك المبدأ الذى يعتبر إحدى دعائم المعاهدة الحالية - قد اتفقت على أنه لا يجوز لأحدها الحصول على مزايا إقليمية أو تجارية أو امتيازات في الاتفاقات الدولية التي تبرم مستقبلا فما يتعلق بالقناة. ويحتفظ في جميع الأحوال بحقوق تركيا كدولة ذات سيادة إقليمية.
مادة 13- فيما عدا الالتزامات المنصوص عنها في هذه المعاهدة لا تمس حقوق السيادة التي لصاحب العظمة السلطان وحقوق صاحب السمو الخديو وامتيازاته المستمدة من الفرمانات.
مادة 14 - قد اتفقت الدول العظمى المتعاقدة بأن التعهدات المبينة في هذه المعاهدة غير محددة بمدة الامتياز الممنوح لشركة قناة السويس العالمية.
مادة 15 - لا يجوز أن تتعارض نصوص هذه المعاهدة مع التدابير الصحية المعمول بها في مصر.
مادة 16 - تتعهد الدول العظمى المتعاقدة بإبلاغ هذه المعاهدة إلى علم الدول التي لم توقع عليها مع دعوتها إلى الانضمام إليها.
مادة 17 - يصدق على هذه المعاهدة ويتم تبادل التصديقات في القسطنطينية خلال شهر أو قبل ذلك إن أمكن، وإثباتا لما تقدم قد وقع عليها المندوبون المفوضون وختموها بخاتم شاراتهم.
تحريرا في القسطنطينية في 29 أكتوبر سنة 1888
إنتهى نص المعاهدة
بقراءة نص المادة 13 من إتفاقية القسطنطينية يصطدم المرء بالحقيقة التى تشير إليها هذه المعاهدة. فالمادة تتحدث صراحة وبدون لف ولا دوران عن أن السيادة السلطانية قد تم الإعتداء الصارخ عليها بهذه النصوص ولكنه يعود ليؤكد "فيما عدا الالتزامات المنصوص عنها في هذه المعاهدة لا تمس حقوق السيادة التي لصاحب العظمة السلطان وحقوق صاحب السمو الخديو وامتيازاته "إلخ.. أى أن النص يعترف بأن الإلتزامات تتعارض مع مبدأ السيادة. ثم تجىء المادة رقم 14 بما هو أشد وأنكى حيث تمتد بمقتضاها أحكام المعاهدة إلى ما بعد إنتهاء فترة الإمتياز الممنوح للشركة أى ما بعد عام 1968 موعد عودة القناة لمصر. وهذان النصان بالإضافة إلى نص المادة الأولى تشكل ثلاثتها سلخا لقناة السويس عن أرض مصر أو البلد الذى له السيادة على مصر. ولولا وقوف إنجلترا موقفا صلبا فى ذلك المؤتمر بأن أضافت نص المادة العاشرة لانسلخت القناة بالفعل وأصبحت مياها دولية تماما كالبحر العالى. كل ذلك وتركيا لم تبد أى إعتراض رغم كونها صاحبة الحق السيادى على مصر حتى سقوطه عنها عام 1914 بوضع مصر تحت الحماية البريطانية ثم إرسال جنود مصريين لكى يحاربوا إلى جانب الجيش البريطانى ضد جنود السلطان خليفة المسلمين !!! وهذه وحدها جريمة فى حق مصر إرتكبها الباب العالى من ضمن ما إرتكب من جرائم فى هذا الموضوع
ثم أن نص المادة الرابعة يشير بصراحة إلى أن القناة تظل مفتوحة للملاحة المدنية والعسكرية لكل الدول حتى ولو كانت تركياالعثمانية هى نفسها دولة محاربة !! أى أن الدولة صاحبة الأرض (الدولة العثمانية سابقا ومصر حاليا) عليها أن تفتح إقليمها للدول الأخرى لكى تمر حتى لو كانت هذه الدول الأخرى هى من الدول المحاربة ضد تركيا (أو مصر الآن)!! يعنى صاحب الأرض يفتحها لعدوه !!
ثم إقرأ نص المادة الخامسة الذى يعطى الحق للدول المتحاربة لكى تنزل قوات على أرض مصر "فى حالات حدوث مانع طارىء فى القناة"أى أنه لو كانت القناة غير صالحة للملاحة يصبح ممكنا للجنود المحمولين على ظهر السفن أن ينزلوا بسلاحهم إلى أرض مصر ليعبروا المسافة بين المينائين عن طريق البر !! وكأن مصر أصبحت ملزمة بتدبير بديل برى للقناة فى حالة توقف الملاحة بها لأى سبب طارىء !! وهو نص يهدر البقية الباقية من سيادة مصر لأن الغرض من الإتفاقية هو ضمان فتح الملاحة البحرية بالقناة فإن كانت القناة مغلقة بسبب "مانع طارىء"فلماذا تأتى هذه الجيوش إلى أرض مصر؟ بل وتكون مصر ملزمة بأن تنزل الجيوش بمهامها وسلاحها إلى أرض مصر لكى "تعبر"بدون سفن!! ولست أدرى بوجود حالة شبيهة بمثل هذا النص فى كل إتفاقيات الدول ذات السيادة.
أما عن موضوع مد سريان المعاهدة إلى ما بعد فترة الإمتياز فهو أمر يتعارض تماما مع مفهوم السيادة حيث أن الإمتياز يعنى مركز قانونى إستثنائى لفترة من الزمان ثم تعود القناة لتصبح أرضا ومياها مصرية داخلية كما أسلفت فى البداية.
وفى الفترة التى تلت توقيع معاهدة القسطنطينية كانت إنجلترا هى السلطة ذات السيادة الفعلية De Facto فى مصر بأسرها بينما إحتفظت الدولة المصرية بالسيادة القانونية De Jure باعتبارها مندوب عن السلطة القانونية العليا أى الباب العالى.
وفى عام 1909 حدث أن بطرس غالى رئيس الوزراء إقترح مد إمتياز قناة السويس لمدة 50 عام أخرى لكى ينتهى فى عام 2018 ولكن هذا الإقتراح قوبل بطلقات رصاص أردته قتيلا وأنهت حياة الرجل وأنهت معه الحديث فى هذا الشأن.
وفى صيف عام 1914 وقع حادث سراييفو الذى سارع بالتطورات المؤدية إلى حرب عالمية كبرى كانت أول خطوات إنجلترا فيها هى فرض الحماية البريطانية على مصر وحدها رغم كونها جزءا من الإمبراطورية العثمانية التى كانت تحارب فى صف ألمانيا ضد الحلفاء بقيادة إنجلترا. وهذا الوضع جعل إنجلترا تتحدث باسم الحكومة المصرية فى الشئون الدولية فاعتمدت على المادة العاشرة من معاهدة القسطنطينية والتى تسمح للخديو باتخاذ إجراءات الدفاع عن مصر. (عقب نفى الخديو عباس إلى ترؤكيا التى كان يقضى بها إجازة الصيف لم يعد هناك خديو بل أصبح هناك فراغ قانونى حتى جاء السلطان حسين) . واستمر الحال هكذا والقناة فى يد بريطانية حتى وضعت الحرب أوزارها وأعلن عن مؤتمر للصلح فى فرساى بالقرب من باريس فأعلن ملاك الأراضى المصريون عن عزمهم حضور المؤتمر وعرض قضية مصر على المؤتمر وتقدموا بهذا الطلب لصاحب السلطة الفعلية فى البلاد وهو المفوض البريطانى المقيم فى القاهرة الذى رد طلبهم قائلا أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم مما حمس أفراد الشعب إلى القيام بحملة جمع توقيعات لهذا الوفد تثبت تمثيله لإرادة الشعب وسافر الوفد المصرى بالفعل إلى باريس ولكنه لم يصل إلى شىء فقامت ثورة 1919 عند نفى سعد ورفاقه. وفى ظل كل هذه الأحداث كانت القناة شأنا لا يتم عنه أى حديث بل كان الحديث عن "القضية الوطنية"وهو مصطلح لا يقترب من وضع الشركة العالمية لقناة السويس البحرية كما كان يطلق عليها أيامها.
وفى النهاية صدر تصريح 28 فبراير 1922.