مُصطلح التنصيب الذى يتشدق به الإعلام يتعلق فقط بالحكم الملكى أو الأمبراطورى و لا يمكن أن يتعلق بمرشح فائز فى إنتخابات الرئاسة أثناء دخوله ساحة الحكم. الرئيس فى أى نظام ديمقراطى هو مُجرد موظف عام و له حدود لا يمكن أن يتعداها بمُقتضى الدستور و القانون معاً.
الإعلام المصرى المُتدنى مهنياً -برموزه من قادة حملة التضليل- يهوى أن يذهب بمصر نحو الإستبداد. هذه هى الحقيقة سواء إذا كانت المنظومة الإعلامية تعمل من تلقاء نفسها أو أن هناك من يأمرها بذلك. لكن الشعب المصرى الكادِح يجلس و يترقب المشهد كاملاً و لا يمكن لحملة التضليل الإعلامى أن تحجب عنه رؤية الحقيقة أو رؤية الإتجاه الذى سيتم إقتياد مصر نحوه لاحقاً. الشعب يعلم جيداً أن الحالة الإقتصادية للبلاد قد وصلت إلى الحضيض و يعلم أيضاً أن حفل التنصيب الرئاسى سيتكلف عشرات إن لم يكن مئات الملايين و تكاليف هذا الحفل تُعتبر حالة من البذخ الغير مُحتمل فى ظل سوء الأحوال المعيشية و الأعباء التى تتحملها الطبقة الكادحة. الشعب لا يرى الواقع من خلال حملة التضليل التى يتبناها إعلام المصاطب - التوك شو-، بل يرى الواقع من خلال الآلاف و الآلاف من المرضى الذين يتسولون مصاريف العلاج و مئات الآلاف الذين يعملون فى وظيفتين دون راحة و لا يتقاضون ما يفى بإحتياجتهم و يدرى أن هناك ظلم كبير قد وقع عليه من قِبل الفاسدين و لا يزال هذا الظلم مستمراً.
الكل يرى أن نفس الأشكال المُستفزة من أفراد عصابة اللص جمال مبارك عادت لتطفو فوق السطح الآن كى تحظى بالتقرُب من صانع القرار أملاً فى حماية ثرواتهم المُكدسة التى تم نهبها من خيرات مصر. هؤلاء اللصوص هم الذين حولوا مصر من دولة ذات نظام إدارى فاسد إلى دولة تدير الفساد بشتى أنواعه و لا يمكن أن ينسى الناس عصر حكومة عصابة رجال الأعمال و الحقبة التى شهدت فيها مصر زيادة مُرتفعة فى عدد المليارديرات بالتوازى مع إزدياد معدلات الفقر و بلوغه إلى أسوأ الحدود. هؤلاء اللصوص هم الذين قَولبوا الإقتصاد المصرى و جعلوه يسبح فى فلكهم و فسادهم بزعامة اللص جمال مبارك و أُستاذه اللص الهارب بطرس غالى. النظام الإقتصادى لايزال قائماً على حرمان الطبقة الكادحة من الخيرات و الموارد و إمتصاص دمائهم و تسخيرهم. الأمل الآن ينحصر فى تعديل النظام الإقتصادى كى يكون قائم على العدالة و إخراج الإقتصاد من حالة القولبة التى حتماً ستخدم اللصوص إذا لم يتم تعديله. إذا ظلت دائرة صُنع القرار ترى أن الحل دائماً يكمُن فى ترك النظام الإقتصادى كما هو -دون تعديله- مع إعطائه بعض المُسكنات الخليجية و إقامة بعض المشروعات لإظهار نسبة إيجابية فى النمو إقتصادى، فإن ذلك سيتسبب فى إزدهار وضع اللصوص و إرهاق الكادحين. النمو الإقتصادى فى هذه الحالة لن يستفيد منه المواطن الكادح بل سيزداد حلقه جفافاً لأن الإقتصاد لايزال فى قالب بطرس غالى. النمو الإقتصادى يُعبر فقط عن مدى دوران عجلة رؤوس الأموال داخل الساحة الإقتصادية و لا علاقة له بعدالة التوزيع، الدليل على ذلك أنه عندما بلغ معدل النمو الإقتصادى ٧ فى المائة فى العقد الماضى كانت الطبقة الكادحة تئن من الغوص فى أعماق الفقر. إن عودة اللصوص بأموالهم الفاسدة إلى الساحة الإقتصادية لغسلها لن يكون فى ى مصلحة مصر، لإن اللص أتى بأمواله كى يضعها فى مغسلة الساحة الإقتصادية من أجل مزيد من التلاعب و السرقة و لم يأتى ليعمل أو يُفيد المجتمع. إحتواء هؤلاء اللصوص لن يُفيد مصر و يعنى إضفاء شرعية على الأموال التى نهبوها من المال العام و خيرات الدولة. مصر بحاجة لتعديل النظام الإقتصادى بقواعد تصب فى مصلحة الأغلبية العظمى. نظام إقتصادى يراعى العدالة الإجتماعية، يفيد المجتمع و يصنع كرامة للفرد و يضعه فوق الربح و يضع العمل قبل الثروة.
الشعب الآن ينظر جيداً إلى الساحة و يدرى بنوعية المتواجدين عليها سواءً كانوا من الشرفاء أو اللصوص أو الإرهابيين أو الذين يروجون لجَر كرسى العرش إلى ساحة الحكم كى يجلس عليه الرئيس الفائز بعد تنصيبه.