Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

من التاريخ

$
0
0

عقب حادث سيارة أصيب فيه تقاعد السيد/ ونستون تشرشل عن العمل السياسى وتفرغ للكتابة بدءا من عام 1932 وقد قرر أن يشاهد الظواهر التى إعتبرها مهمة فى ذلك الوقت فسافر إلى ألمانيا فى قمة صعود الحركة القومية الإشتراكية التى لم تكن بعد قد وصلت للحكم.
وجاءت مشاعر وإنطباعات تشرشل عن هذه الحركة متباينة ومتعارضة.. فهو من ناحية كان يتخوف من "هؤلاء الشباب المتحمس الذين يطوفون شوارع المدن الألمانية وفى عيونهم إصرار على الحصول على شىء واحد وهو السلاح.. وهؤلاء لن يرحموا أحدا لو حصلوا عليه حيث أن هدفهم الأساسى هو إستعادة الأراضى التى فقدوها فى الحرب الأولى ثم تهديد أركان السيطرة البريطانية على العالم".. هكذا كانت كلماته التى خطها بيده.. ومن ناحية أخرى لم يكن معارضا لهذا الإتجاه حيث أنه رأى فيه حائط سد منيع ضد إنتشار الشيوعية التى بدأت فى الإتحاد السوفيتى وكانت هى أيضا تهدد الإمبراطورية الإستعمارية البريطانية.. وهو بهذا يمكن إعتباره فى حالة حيرة بين خيارين كلاهما مر.. ولكن صعود هتلر للسلطة وممارساته شبه العسكرية داخل ألمانيا وشحنه للناس ثم غزواته الغير عسكرية لكل من النمسا وتشيكوسلوفاكيا وإعادة تسليح منطقة الراين على حدود فرنسا جعلت تشرشل يقرر أن فى هذا النظام خطر كبير على إمبراطورية بلاده وربما يكون خطرا أكبر من خطر الشيوعية التى كانت فى النهاية لا تحكم سوى بلدا متخلفا يحتاج لسنوات عديدة حتى يصل إلى درجة تهديد الوضع العالمى.
وفيما بعد عندما إستدعى للوزارة كوزير بحرية إشتد إنتقاده اللاذع للنازية وأصبح يجاهر علنا بوجود خطر ألمانى على كل أوروبا وكان من منتقدى سياسة التهدئة التى كان رئيس الوزارة السيد/ تشمبرلين يتبعها مع ألمانيا والتى أنتجت إتفاق ميونيخ الشهير عام 1938 وكان يصيح فى كل مكان بأن الألمان لن يكتفوا بما حصلوا عليه وأن هتلر لا يمكن الوثوق به على أى حال
وعندما قامت الحرب كان من غلاة المطالبين بشحذ كل الجهود فى كل أركان العالم لصد الهجمة النازية إلى أن تم إحتلال فرنسا وتغير رئيس الوزراء الضعيف تشمبرلين ليصبح تشرشل نفسه رئيس الوزراء.. وقد كان أول قرار يظهر مغالاته فى معاداة النازية هو تدمير الأسطول الفرنسى الرابض فى الجزائر والذى يتبع حكومة فرنسا الممالئة للنازيين فكانت هجمة شرسة بالطائرات على ذلك الأسطول تسبب عنها مقتل ما لا يقل عن 1200 بحار فرنسى فى نفس الوقت الذى كان يحتضن فيه الجنرال ديجول قائد حركة المقاومة الفرنسية الذى إنتقل إلى لندن لينظم المقاومة فى الداخل.
ويذكر التاريخ أيضا أن تشرشل صرح بأنه على إستعداد لوضع يده فى يد الشيطان لكى يستطيع هزيمة ألمانيا النازية وطبق هذه المقولة بالفعل فى تحالفه مع ستالين الذى كان يعده حتى سنوات قليلة من أخطر قادة العالم على السلام العالمى.
ونعرف ايضا من التاريخ أن تشرشل كان هو العقل الإستراتيجى المدبر لعمليات الغارات الجوية المكثفة للغاية على أراضى المانيا وبالذات على المدن حتى تهب الجماهير فى المانيا لكى تزيل النظام النازى، وهو ما لم يحدث.. كما أنه طلب من قادة جيشه إستعمال الغازات السامة فى غاراتهم على المدن الألمانية لكى ينهى الحرب بسرعة إلا أن العسكريين قد رفضوا هذا الإقتراح مما جعله ينتقدهم علنا فى كتبه التى طبعت بعد الحرب.
وفى المرحلة النهائية للحرب قرر تشرشل تكثيف الغارات أكثر وأكثر على المدن ومراكز تجميع اللاجئين المدنيين وكان يركز على مجهود الطيران أكثر من أى سلاح آخر فى الحرب حيث أنه شخصيا كان قد تعلم الطيران قبل ذلك بثلاثين عاما وكان منبهرا بإمكانيات سلاح الطيران فى حسم المعارك حتى أن 200 ألف مدنى قد سقطوا فى هذه الغارات على المدن الألمانية خلال الشهور الأخيرة فى الحرب حيث لم يكن هناك جيش داخل ألمانيا يمكن إستهدافه بل فقط مدنيون.
سوف يذكر التاريخ دائما أن أول من أدرك تفوق سلاح الطيران فى التاريخ كان هو ونستون تشرشل الذى تدرب بنفسه على الطيران فى قرابة سن الأربعين قبل قيام الحرب العالمية الأولى مباشرة وكان منبهرا بالقدرة العسكرية الفائقة للطائرة فى مواجهة القطع البحرية أو الجيوش البرية.. وإن كان هذا الكلام اليوم عادى ومعروف فهو لم يكن كذلك فى ذلك الزمان.
ويذكر التاريخ أيضا أن تحطيم الأسطول الإيطالى الراسى فى ميناء تارانتو لمنع السفن الإيطالية من المساهمة فى المجهود الحربى الألمانى بعد أن أعلنت إيطاليا إنضمامها للجانب الالمانى، سيذكر التاريخ أن هذه الغارة التى وقعت قبل أكثر من عام من غارة بيرل هاربور كانت فاتحة عمل الطيران كسلاح فعال فى الحروب الحديثة.. ومما يذكر أن الطائرات التى أقلعت من على ظهر حاملات الطائرات البريطانية الراسية فى المتوسط كان مداها لا يسمح بالهجوم ثم العودة وبناءا على ذلك ركبت لها خزانات إضافية لتطيل من مداها (نفس ما قامت به إسرائيل عام 1967 مع ملاحظة أن عزرا وايزمان رئيس القوات الجوية الإسرائيلية فى تلك الحرب كان هو نفسه طيارا فى السلاح الجوى البريطانى فى ذلك الوقت) كما هاجمت الطائرات ذات العدد القليل مخازن السلاح وخزانات الوقود بحيث إشتعل الميناء كله وأصبح غير صالح للإستعمال لمدة طويلة بعدها.
وكل هذه التكتيكات كانت بالإتفاق مع ونستون تشرشل الذى كان كما أسلفت منبهرا بقدرات الطائرة .. كما أن هذه التكتيكات هى ما نفذته القوات الجوية اليابانية بشبه تقليد محكم بعد ذلك بأكثر من عام لتحطيم الأسطول الأمريكى الباسيفيكى الراسى فى بيرل هاربور.
أما عن إستعمال الطائرة فى الحروب البرية فهذا له موضوع آخر.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles