الرئيس الأمريكي باراك اوباما قرر عشية أمس، 7 أغسطس 2014، القيام بضربات جوية للقضاء على خطر داعش الذي يهدد العراق.
استخدام التطرف الإسلامي لترويع شعوب المنطقة لرسم خرائط جديدة ليس بالأمر الجديد. فما نشهده اليوم في العراق هو نسخة طبق الأصل لما حدث في العراق أيضاً في عام 1930، من ارهابيين معظمهم سعوديين، اجتاحوا العراق وتفننوا في جز الرؤوس والتمثيل بجثث ضحاياهم. ومثل الحدث الأقدم، تتدخل دولة غربية لتريح المنطقة من شرور أولئك السفاحين بإبادتهم - ولا مانع من ترسيم الخريطة كذلك. فبينما المشرق مشدوه بأهوال إخوان ابن سعود، وتهديدهم بهدم قبر الرسول وتحرشهم بالمحمل المصري والحجاج من أرجاء العالم، تم سلخ لبنان ولواء الإسكندرون عن سوريا، التي تفتتت بقيتها إلى أربع دول: دمشق وحلب وجبل الدروز، جبل العلويين. وتسارع تشكيل المستوطنات المؤسسة للدولة الجديدة، إسرائيل.
الأمر يذكرنا بقيام سلاح الجو الملكي البريطاني، في يناير 1930، بغارات جوية على قوات "جماعة الإخوان"السلفية النجدية، أو "إخوان من طاع الله" (ولا علاقة لها بجماعة الإخوان المسلمين الني تأسست في مصر)، والتي تجمعت في المنطقة التي هي الآن حفر الباطن بشمال السعودية والخاصرة الغربية للعراق. وكانت تحاصرها من الشمال القوات البريطانية بالعراق ومن الجنوب قوات عبد العزيز آل سعود. فأبيد عشرات الآلاف منهم في يناير 1930.
تكتيك إعلام الترويع[تحرير]
سبب الغارات البريطانية المعلن كان وقف فظائع وأهوال غارات قطع الرؤوس والنهب التي يشنها الإخوان السلفيون على مدن العراق، البصرة وشرق السعودية. وكان أهم تلك الهجمات إغارة الإخوان على مركز شرطة البصرة وذبحهم جميع جنود وضباط المركز، إلا واحد أطلقوه ليروي ما رأى. كما قاموا بمهاجمة قوافل الحجاج لفرض تعاليم الوهابية عليهم أو القتل.
نشأتهم[تحرير]
"إخوان من أطاع الله"السلفيون أنشأهم ومولّهم وسلّحهم ونظـّمهم ضابط المخابرات البريطاني، سانت جون فيلبي (الحاج عبد الله فيلبي)، في نجد عام 1914، بقيادة فيصل الدويش وسلطان بن بجاد. وأشرف على تنظيم دروس يلقيها عليهم الشيخ "محمد بن عبد الوهاب"، صاحب الحركة الوهابية". وكان يتم تجنيدهم بزيارات للإمام محمد بن عبد الوهاب، يشرف عليها فيلبي، لأفخاذ أكبر قبيلتين في نجد، "مطير"و"عنزة".
الغرض من إنشاء تنظيم إخوان من أطاع الله كان تكوين جيش لإبن سعود (عبد العزيز آل سعود)، أمير الدرعية الذي كان يتلقى راتباً شهرياً من سانت جون فيلبي. وذلك لمد سلطة ابن سعود على مملكة الحجاز المتحضرة،وإمارة جبل شمر (حائل) المتحالفة مع السلطان حسين كامل، حاكم مصر ومع الدولة العثمانية الآيلة للسقوط.
نجح "إخوان من أطاع الله"في ترويع أرجاء الجزيرة العربية بأفعال دموية نقشعر منها الأبدان لبث الرعب والإرهاب في قلوب المعارضين. وكان السلطان ابن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب يباركان أفعالهم في احتلال حائل والحجاز. بل أن ابن سعود سمح لهم بنهب جدة ومكة لمدة ثلاثة أيام، زادوها لخمس، كمكافأة لهم على احتلالهما. وما أن فتح الإخوان مكة، حتى كان أول خطيب للحرم المكي في عهد آل سعود، ولعدة شهور، هو فضيلة الشيخ عبد الله (سانت جون) فيلبي، الذي كتب في مذكراته أنه لم يعتنق الإسلام قط.
ويجدر ذكر أن كل معارك ابن سعود كانت تقوم على الإخوان كجيشه الرئيسي، وكانت تصاحبهم كتيبة مدفعية بريطانية بقيادة الكولونل "وليام شيكسپير" (غير الكاتب الشهير). وقد لقي شيكسبير مصرعه في معركة جراب ضد إمارة حائل في 1915.
كان "إخوان من أطاع الله"أداة هامة في تنفيذ خريطة سايكس-بيكو للشرق الأوسط الجديد أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. الولايات المتحدة خرجت غاضبة من الحرب العالمية الأولى، التي تقاسمت غنائمها بريطانيا وفرنسا. وبدأت شركات النفط الإنگليزية في اكتشاف النفط في الجانب الإيراني من الخليج. فسعى الأمريكان لموطئ قدم في الساحل العربي للخليج.
http://www.marefa.org/index.php/شركة_النفط_الأنگلو-فارسية
دخل الأمريكان الشرق الأوسط وجندوا سانت جون فيلبي (وتابعه عبد العزيز آل سعود) ضد بريطانيا.
بعد ذلك، في 1927، بدأت غارات "الإخوان السلفيون"على العراق، مما أزعج بريطانيا بشدة. وتدفق التمويل الأجنبي من جهات عدة على "إخوان من أطاع الله"، فبدأوا انتفاضة ضد ابن سعود، الذي أصبح ملكاً. واتهم الملك عبد العزيز بريطانيا بأنها تسلح وتمول "إخوان من طاع الله"عبر الكويت لتقوم بهجماتها ضد السعودية وضد العراق. فأجمعت بريطانيا والسعودية على ضرورة التخلص منهم. فكانت مذبحة السبلة، حيث حاصرهم ابن سعود من الجنوب والبريطانيين من الشمال، ثم أبادهم الطيران البريطاني عن بكرة أبيهم.
ييخواني : استغلال التطرف الإسلامي في مولد الصين الحديثة في 1930[تحرير]
لم يكن استغلال المتطرفين الإسلاميين محصوراً على المشرق العربي، ففي أواخر العشرينات ومع الثلاثينات برز تنظيم "ييخواني"الإسلامي المتطرف في الصين، والذي دعمته الدول الغربية ومعها اليابان (حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية) في الحرب الأهلية الصينية ضد الشيوعيين. وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، أعلن الييخواني الجهاد على اليابانيين. وكانوا طرفاً رئيساً (حليفاً للزعيم اليميني چيانگ كاي-شك) في تلك الحرب التي راح ضحيتها الملايين. وسقط الييخواني بين فكي كماشة اليابانيين والشيوعيين، فبدأت حملة إبادة هائلة للجيوش المسلمة في الصين ولم يك چيانگ كاي-شك في موقف يمكنه من مد يد العون لحلفائه. وبعد استقلال الصين الشعبية، لجأ قائد الييخواني الجنرال المسلم ما بوفانگ إلى مصر عام 1952 وحتى 1955، ثم استقر في السعودية.
فهل غادر الشعراء من متردم؟
إلى متى سنظل أداة في يد الآخرين؟