من المعروف أن الوجود الإسلامي في أوروبا قديم وأصيل، فقد تلقى الفاتحون المسلمون منذ القرن الثامن الميلادي الدعوة من الموحدين الإسبان، ثم من الموحدين البوشناق في وسط أوروبا لإنقاذهم من الاضطهاد الروماني بغطاء ديني تثليثي. ولبى المسلمون النداء وفتحوا تلك البلاد بيسر كبير، وأقاموا فيها حضارات تعددية زاهرة، حتى أوشكوا في القرن الثامن أن يصلوا إلى قلب فرنسا وسويسرا. ورغم أنهم ردوا على الأعقاب فقد أنشأوا في شبه الجزيرة الأيبيرية واحةً حضاريةً مثلت أهم الجسور والقنوات التي نقلت الأنوار إلى أوروبا وأخرجتها من ظلماتها.
ولم ييأس المسلمون من الوصول إلى قلب القارة، فلم تمض غير ثلاثة عقود على سقوط غرناطة، بعد أن سقطت الممالك الإسلامية في الجنوب الإيطالي، حيث كانت جسراَ مهماً لنقل الأنوار إلى القارة المظلمة، حتى وقفوا على مشارف روما ثم فيينا مخترقين بلاداً أوروبيةً كثيرةً.
ورغم أن المسلمين ردوا مرة أخرى على أعقابهم فقد حافظوا على واحات حضارية في البلقان مثّلت نماذج حضارية رائعة في التعايش بين الكنائس والمساجد، وكانت سراييفو نموذجاً حضارياً متفوقاً قاوم، ولا يزال، كل بقايا مواريث التعصب العرقي والديني(1).
وعقب سقوط الأندلس لجأ أكثر من 150 ألف عربي ومسلم إلى جنوب فرنسا. وإبان الاحتلال الفرنسي لأفريقيا استقدمت جماعات عمالية للعمل في الصناعة وفي شق الأنفاق والطرقات، وأغلبها من دول المغرب العربي (المغرب- الجزائر- تونس). ثم جاءت موجات متعاقبة من الهجرة بعد الحرب العالمية الثانية، إذ شهدت حقبة إعادة بناء القارة الأوروبية استقدام دولها للعمال المهاجرين من تركيا ودول المغرب العربي وشرق وجنوب أوروبا (إيطاليا وأسبانيا والبرتغال واليونان). كما لعب استقلال المستعمرات الأوروبية في شمال أفريقيا وآسيا وأفريقيا -جنوب الصحراء- دوراً كبيراً في زيادة معدل الهجرة من هذه المستعمرات إلى القارة الأوروبية كما في حالة المهاجرين من دول المغرب العربي ودول أفريقيا الفرانكفونية إلى فرنسا. وفى هذا الإطار، استقر مليون جزائري في فرنسا عقب توقيع اتفاقيات ايفيان 1962، وتكرر النموذج نفسه مع سكان المستعمرات الهولندية في إندونيسيا وسورينام، إضافة إلى الهجرة من موزمبيق وأنجولا إلى البرتغال خلال عقد السبعينيات(2). وشكلت تلك الموجة ما عرف باسم الجيل الأول، الذي اتسم بأنه جيل من العمال النشطين الذين يعملون في أشق المهن وأدناها، ويقبلون، في أحيان كثيرة، أجوراً أقل بكثير من الأوروبيين، ويعيشون في غرف ضيقة، ويرسلون جزءاً مما يكسبون لأهلهم في بلادهم الأصلية.
استقر بعض هؤلاء المهاجرين، وربما كانت نسبتهم كبيرة خاصة مع زواجهم من أجنبيات وإنجابهم وحصولهم على جنسية بلد المهجر الأوروبي، ومن ثَم تكونت جاليات مسلمة في مدن بعينها مثل "آخِن"في ألمانيا، أو "أمستردام"في هولندا، أو "أنتورب"في بلجيكا، وظهر عنصر جديد عند هذه الجاليات هو أن الدين يجمعها وليس الانتماء القومي أو القبلي، مثل جاليات مهاجرة أخرى من دول أوروبا الجنوبية الفقيرة كاليونان ويوغوسلافيا وقبرص في هذا الوقت، أو أفريقيا أو غيرها من مستعمرات دول أوروبا(3).
ويُعد عام 1973 علامةً فارقةً على صعيد الهجرة إلى الدول الأوروبية، فمع ظهور الأزمة الاقتصادية في أوروبا، ولجوء معظم الحكومات الأوروبية إلى فرض القيود على استقدام العمالة المهاجرة من خارج أوروبا، بدأت تلك الحكومات تنتهج سياسة لم الشمل العائلي للمهاجرين المقيمين فيها، مما أدى إلى ظهور ما يسمى بـ الجيل الثاني من المهاجرين الذين قدموا من بلدانهم الأصلية للّحاق بعائلاتهم، حيث شهدت المرحلة الممتدة من النصف الثاني من السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات صراعاً بين المسلمين والمجتمعات الأوروبية من أجل الاعتراف بالإسلام كديانة رئيسية من خلال إنشاء المساجد وأماكن العبادة والمقابر والمذابح الشرعية(4). وقد وجد هذا الجيل نفسه منصهراً بصورة أكبر في المجتمع الأوروبي الذي عمل وتعلم فيه، ولا يعرف له أرضاً أو وطناً غيره، ولكنه وجد نفسه أيضاً معزولاً ومُقصى من خلال آليات الرفض الاقتصادي، وظهور ظاهرة الخوف من الأجانب التي أخذت شكل "الإسلاموفوبيا"أو "خوف الإسلام والمسلمين"(5).
أما على الجانب البريطاني فقد كان الوفود إليها كثيفاً من شبه القارة الهندية نتيجةً لطول الاحتلال البريطاني للهند، وللتقسيم الذي حدث بين الهند وباكستان، والذي دفع الكثير من الباكستانيين إلى الهجرة إلى بريطانيا. وفي البلقان ودول الاتحاد السوفياتي سابقاً تجذر الوجود الإسلامي نتيجةً للفتوحات الإسلامية أيضاً، ولوصول التجار العرب والمسلمين إلى تلك الأصقاع.
ويتضح من هذه اللمحة التاريخية السريعة أن الوجود الإسلامي اليوم في أوروبا ليس وجوداً طارئا أو استثنائيا، ولم يعد مجرد جماعات مهاجرة للعمل لا تلبث أن تعود إلى بلدانها، بل أصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي لسكان القارة. وثمة أجيال ولدت وعاشت وأضحت جزءاً لا يتجزأ من المجتمعات الأوروبية، التي يتجه معظمها إلى الشيخوخة، في حين أن أغلبية المسلمين هي من جيل الشباب الذين لا بد أن تقع على عاتقهم مستقبلاً مهمات ومسؤوليات كثيرة داخل هذا المجتمع(6). وقد بات الوجود الإسلامي المتنامي داخل هذه المجتمعات ظاهرةً معترفاً بها على نحو غير مسبوق، وأصبح المسلمون يشكلون أقليةً دينيةً تأتي في المرتبة الثانية بعد المسيحية في كثير من الدول الأوروبية.
وزاد الاهتمام بالظاهرة الإسلامية في أوروبا، كما يرى بعض المهتمين بالشأن الإسلامي في الغرب، حدوث تغير نوعي كبير في الوجود الإسلامي في تلك القارة، كان أبرز مظاهره انتقال الهجرة الحديثة المؤقتة للمسلمين إلى هجرة دائمة، وتغير نوعية المهاجرين من العمال البسطاء إلى هجرة العقول والكفاءات، إضافةً إلى مظهر مهم يتمثل في دخول أعداد كبيرة من الأوروبيين الإسلام، وانتشار الإسلام في طبقات مختلفة من المجتمع، وعدم اقتصاره على إسلام بعض أفراد النخبة الأوروبية. ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة عن عدد المسلمين في الدول الأوروبية مجتمعة، ولا عددهم في دولة معينة، فقد كشفت دراسة أجريت في ألمانيا مؤخراً عن أنّ عدد المسلمين في أوروبا مجتمعةً يصل حالياً إلى نحو 53 مليون نسمة، من بينهم نحو 16 مليون مسلم يسكنون في دول الاتحاد الأوروبي(7)، أي ما نسبته 6 % من مجموع سكان أوروبا الذي يبلغ 705 مليون نسمة.
وبانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي سوف يبلغ عدد مسلمي أوروبا نحو 119 مليون نسمة، أي ما يوازي نحو 15.4% من إجمالي عدد سكان القارة الأوروبية.
وقد نتج عن ظاهرة تنامي عدد المسلمين في أوروبا قضية اندماجهم في مجتمعاتها، واحتلال هذه القضية حيزاً كبيراً من اهتمام حكومات الاتحاد الأوروبي والمسلمين على حد سواء.
تحدّيات الاندماج
تواجه قضية اندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية، وخاصةً بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، وما تلاها من تفجيرات في اسبانيا وبريطانيا تحديات ومعوقات عديدة. وتحقيقاً للموضوعية في الكشف عن هذه التحديات والمعوقات سيعتمد البحث على تقارير أصدرتها مؤسسات أوروبية، وأخرى إسلامية.
يشير تقرير أصدره اتحاد هلسنكي العالمي، سنة 2005، عن المسلمين كضحايا لعدم التسامح والتمييز في الاتحاد الأوروبي منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول إلى أن المسلمين في أوروبا لا يعيشون في جماعات موحدة، وما يميز هذه الجماعات أنها ليست متجانسة، بل لها خلفيات عرقية وثقافية ولغوية وأخرى اجتماعية متباينة، وهي تنتمي إلى مذاهب إسلامية مختلفة. ولكن رغم ذلك ثمة صفات مشتركةً تجمع بين الجاليات الإسلامية في مجتمعات الاتحاد الأوروبي، منها أن متوسط أعمار أفرادها أقل منه لدى الفئات الأخرى من السكان، وأنهم يعيشون في ضواحي المدن أو في مراكز التجمع السكاني الكبرى، وقد يتصاعد عددهم بسبب ارتفاع معدل المواليد بينهم. كما أن دول الاتحاد الأوروبي ليست متجانسة في تعاملها مع مواطنيها المسلمين، أو المقيمين فيها، وتوجد فروق كبيرة فيما يتعلق بالحقوق المدنية، فبينما نجد نصف المسلمين في فرنسا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا يحملون جنسيات تلك البلاد، نجد نسبة من يحملون الجنسية الألمانية والدنماركية منهم يقل عن عشرين بالمائة، وبذلك فإن الاعتراف الرسمي بالإسلام، واكتساب الجنسيات يشكلان أهمية كبرى في علاقة كل من هذه الدول مع المسلمين المقيمين فيها.
ويبين التقرير أن المناخ الاجتماعي الذي يعيش فيه المسلمون في الدول التي جرى عليها البحث قد ساء منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، وأن الأحكام المسبقة وألوان التمييز تجاه المسلمين قد ازدادت أيضاً، بل أصبح "مسموحاً"في بعض دول الاتحاد الأوروبي بـ "مواجهة المسلمين بالعداء واستخدام التعبيرات المعادية ضدهم"، رغم أن المحاكم كانت لها بالفعل يد في الدفاع عن حقوق المسلمين.
وقد شكّل نجاج الأحزاب اليمينية الأوروبية الفاشية الجديدة والمعادية للأجانب بعد أحداث سبتمبر/ أيلول تحدياً كبيراً أمام الأقليات العرقية والدينية وحتى الديمقراطية السياسية الأوروبية. وأكثر مما يعاني منه المسلمون هو أن بلاغة تلك الأحزاب لا تتضمن فقط تخويفا من الأجانب ولكنها معادية لهم أيضاً. كما ساعدت "الحرب ضد الإرهاب"تلك الأحزاب المتطرفة في طرح مضامين تعصبية ومعادية للأجانب في الصحف اليومية، وذلك بتعبيرات معادية للمسلمين وإصدارهم أحكاماً مسبقة ضد الأجانب.
وينتهي تقرير اتحاد هلسنكي العالمي إلى التأكيد على استحالة وجود وصفة سحرية قد تساعد في التغلب على عدم التسامح والعنصرية، وفي الوقت عينه على الصعوبات التي تواجه قضية الاندماج، التي لن يكتب لها النجاح بالمجهود الفردي(8).
وفي عام 2006 اتهم تقرير صادر عن هيئة حقوق الإنسان التابع للمفوضية الأوروبية، الدنمارك ودولا أوروبية عدة بانتهاك حقوق المسلمين، إضافة إلى اللاجئين والمهاجرين الذين يعيشون في تلك الدول. وأورد التقرير أن الدانمارك تمارس كافة الأساليب ضد المواطنين غير الأوروبيين وحتى الدنماركيين من أصول أجنبية، خصوصاً في أماكن عمل المسلمين وفي مساكنهم، فضلاً عن العقبات التي تواجه المسلمين الصوماليين منهم، فهم الأكثر تعرضا لتلك الممارسات العنصرية عند ارتيادهم لبعض الأماكن العامة مثل المطاعم والمحلات التجارية.
ومن أبرز الأساليب العنصرية التي تمارسها السلطات الدنماركية ضد اللاجئين المسلمين، حسب التقرير، عدم الاعتراف بهم بوصفهم ديانة، وعدم السماح لهم بإنشاء مساجد، ومنعهم من ارتياد مطاعم وأماكن عامة وعدم التسامح معهم، وإقرار قوانين مجحفة بحقهم، وآخرها قانون مكافحة الإرهاب، الذي يسقط الجنسية الدنماركية عن كل شخص يحمل جنسيتين ويدان بالإرهاب داخل الدنمارك وخارجها، وفرض قيود على ارتداء الحجاب وأكل اللحوم الحلال، وكذلك منعهم من بناء مقابر خاصة بهم؛ فالمسلم إذا توفي في الأرض الدنماركية فأمامه خياران: إما أن يدفن في موطنه الأصلي، أو يجري دفنه في مقابر يملكها مسيحيون.. والعديد من مظاهر التمييز العنصري الأخرى.
يمارس العديد من الأحزاب، على رأسها حزب الشعب الدانماركي الذي يتمتع بنفوذ متنامٍ في الدانمارك، دوراً مناهضًا للوجود الإسلامي في البلد، ويطالب بترحيلهم من البلاد. ويستخدم الحزب الاشتراكي الليبرالي الخطاب نفسه على الرغم من كونه حزباً يسارياً من المفترض أن يدعم حقوق الأقليات. وظهرت تصريحات عنصرية خطيرة لبعض الزعماء السياسيين تدعو إلى طرد المسلمين من الدنمارك، وتجميعهم في معسكرات وترحيلهم.
وتنسجم الآراء المتطرفة لهؤلاء الزعماء مع إحصاء أكد أن 31 % من المواطنين الدانماركيين يرون أن قدوم أشخاص من أتباع أديان مغايرة يمثل إزعاجاً لحياتهم اليومية، وهي النسبة الأولى من نوعها بين دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك إحصاء يظهر أن 80 % من الشعب الدانماركي لم يتعامل مع مسلمين البتة، وهو ما يضعه على رأس المجتمعات الأوروبية انغلاقًا وجهلاً بمبادئ الدين الإسلامي لدرجة أن ما يتوفر لديهم عن الإسلام ضعيف جداً، ومصدره الوحيد وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية.
ويعد هذا التقرير الثاني من نوعه الذي تصدره المفوضية الأوروبية ضد الدنمارك، إذ سبق أن أصدرت في عام 2001 تقريراً مشابهاً حول انتهاك الدنمارك لحقوق الأقليات(9).
وأكد تقرير أعدته لجنة مسلمي بريطانيا، التي تُعدّ مركزاً فكرياً جرى تأسيسه لمكافحة العنصرية في لندن، تزايد عمليات الاضطهاد لكل ما هو إسلامي في بريطانيا خلال الأعوام التي أعقبت تفجيرات نيويورك ومدريد ولندن، وتزايد ظاهرة الإسلاموفوبيا، محذراً من أن هذه العمليات تؤدي إلى تنامي شريحة من الشباب الساخط بين المسلمين مما قد يجعلهم يشكلون قنبلةً موقوتةً يحتمل أن تنفجر في أعمال عنف عرقية، مؤكداً أن مسلمي بريطانيا يشعرون بأنهم دخلاء على بلادهم ، لكن الوضع يتزايد، وهو ما يتطلب من كل الهيئات العامة القيام بعمل إيجابي في منع التمييز على أسس دينية، مع ضرورة تشكيل لجان لرصد تأثير الدين على الحياة العامة .
وأشار التقرير إلى أن بعض الجاليات المسلمة ترى نفسها منعزلةً في "جيتوهات"، كما أن المسلمين يشعرون بعدم القبول في المجتمع البريطاني، حيث يُنظر إليهم على أنهم عدو الداخل أو طابور خامس، وأنهم واقعون تحت حصار مستمر، وهذا أمر يسيء إلى المجتمع، كما هو للمسلمين أنفسهم. وطالب التقرير بضرورة البحث عن علاج سريع لهذا الوضع، منتقداً منظمات تحسين العلاقات العرقية لتباطؤها في التصدي لهذه المشكلة (10).
وفي تقريره الشامل عن أوضاع المسلمين في أوروبا لعامي 2004-2005 خصص مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فقرةً عن المؤشرات السلبية أكد فيها على تزايد حدة ما يسمى ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتحول شعار الحرب على الإرهاب إلى شعار الحرب على الحجاب، والخلط المتعمَّد للربط بين الإرهاب والإسلام، لاسيما من قبل الأحزاب والجمعيات الأوربية اليمينية، والتي جعلت أحد أبرز أهدافها طرد المسلمين من المجتمعات الأوربية. وقد أسهم ذلك في تزايد مظاهر التضييق على المسلمين الأوربيين، في حياتهم اليومية وفى مناسباتهم الدينية. ففي فرنسا ارتفعت أشكال العنصرية ضد المسلمين، وشملت أغلب المدن الفرنسية، وبرزت بوضوح المشاعر العدوانية في وسائل الإعلام الفرنسية إزاء الجالية الإسلامية، حيث تعمَّدت بعض الصحف والقنوات التليفزيونية تقديم صورة الإسلام بشكل يشوبه مغالطات عديدة وصورة مقلوبة وغير مطابقة لواقع الإسلام. وفى بريطانيا جرى ربط الإسلام بالإرهاب، وبرزت المشاعر المعادية للمسلمين، خاصة من قبل غلاة اليمين، وعملت وسائل الإعلام على زيادة جرعة الكراهية العرقية والدينية والتشوية المستمر الذي يتعرض له الإسلام والمسلمون. وبرز الأمر أكثر وضوحاً، في هولندا، حيث ظهرت فيها موجة أعمال عدائية ضد المسلمين وتشديد الخناق عليهم أو ترحيلهم. وفاقم من حدة ذلك توجهات الحكومة التي يقودها لفيف من الأحزاب اليمينية المتشددة، التي تعمل منذ توليها السلطة عام 2003 على تنفيذ برامج ذات طابع عدائي ضد الأقليات الأجنبية، باتخاذ حزمة إجراءات، أو تبني تشريعات بدعوى منع التحريض على العنف أو الإرهاب. وفى إيطاليا ظهرت مجموعة من المشكلات التي واجهت الجالية المسلمة فيها، خاصةً في ضوء عدم اعتراف السلطات الرسمية بالإسلام كدين رسمى، عكس الحال مع اليهودية والبوذية. ويكمن جوهر المشكلة في الثقافة الأحادية للكنيسة الكاثوليكية التي تعتبر الآخرين خارجين عن العقيدة وغير آدميين، وعدم توسيع مفهوم من هو الإيطالي، والذي يمكن أن يكون مسلماً، عوضاً عن الحياة على هامش المجتمع. يضاف إلى ذلك دور اليمين الإيطالي المتطرف وتظاهراته ودعوته الحكومة لطرد الجالية الإسلامية في البلاد وفرض قيود عليها، وبمنع المسلمين من دخول إيطاليا، وإغلاق جميع المراكز الإسلامية والمساجد في كل أنحاء المدن الإيطالية (11).
وفي الحقيقة كان لوسائل الإعلام الغربية دور سلبيّ للغاية في تعميق الخلاف بين الإسلام والغرب، من خلال التحكم في تقديم صور مشوهة عن الإسلام وأوضاع مسلمي أوروبا في أذهان الكثيرين؛ تلك الصور السلبية التي تهدف إلى خلق حالة خوف من الإسلام لدى الأوروبيين، وخاصةً بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول ، وإعلان شعار الحرب على الإرهاب. وشحنت تلك الصور بحوادث الاعتداءات العنصرية التي تعرض لها المسلمون هناك. وركّز معظم وسائل الإعلام الأوروبية في تناوله للقضايا الإسلامية والمسلمين على ثلاثة محاور رئيسة هي:
- النظر إلى المسلم على أنه معادٍ للغرب.
- إظهار القيم الإسلامية المعادية لقيم الحضارات الغربية.
- إظهار القيم الإسلامية التي تشجّع الرجعية والإرهاب (12).
وفي هذا الصدد يؤكد المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد في كتابة (تغطية الإسلام) أن وسائل الإعلام الغربية كانت تبثُّ رسالةً، مفادُها: "أن الإسلام لا ينتمي إلى أوروبا، ولا إلى المجموعة الصناعية، وأنه يمثِّل على الدوام إزعاجاً لها"(13).
ويجب أن لا ننسى دور الإعلام الصهيوني في دعم القوى العنصرية في أوروبا، وتأجيج العداء ضد المسلمين، فغالباً ما يقف اللوبي الصهيوني وراء الإعلام والأفلام والثقافة السائدة التي تصنع المخيلة الأوروبية عن الإسلام، وتصوغ الرؤية التي ترى المسلمين خطراً على أوروبا، وليسوا أهلاً للثقة. ويمكن ضرب مثال واحد على ذلك، من بين عشرات الأمثلة، بكتابات دانيال بايبس، الصحفي في جريدة نيويورك صن، وجيروزاليم بوست، ومؤسس نظرية "الرعب الإسلامي"، الذي ما انفك منذ أكثر من عقد يشن حملةً مسعورةً ضد العرب والمسلمين، ويحذر الأوروبيين والأميركيين من تناميهم في المجتمعات الغربية ويثير كرههم منهم، ويخيفهم من أسلمة أوروبا وأميركا في المستقبل، ويحاول تأليب الرأي العام الأوروبي بتصوير ما حدث في بريطانيا وأسبانيا وفرنسا على أنه "انتفاضة"، باعتبار أن هذه الكلمة التي ترعب الإسرائيليين سيكون لها نفس التأثير أو المفعول في أوروبا عامةً! كما يرسم بايبس صورةً مستقبليةً قاتمةً لهذه القارة زاعماً أن الكاتدرائيات الضخمة ستصبح بقايا أثريةً، فإما أن تُهدم أو تتحول إلى مساجد. وستذبل الثقافات القومية مثل الفرنسية والايطالية والبريطانية، وتذوي لتحل محلّها الهوية الإسلامية!(14).
ولكن رغم دأب هؤلاء المتطرفين والعنصريين الحثيث على عزل الإسلام في أوروبا وتشويهه ومنع نموه الكيفي والكمي، وإذا ما أمكن تهجيره، فإن الذي يقف موضوعياً في وجه هذا المخطط ليس فقط بقايا فكر التنوير المنبثة في الثقافة السياسية السائدة في العصر التي لم تعد تقبل شن حروب إبادة وتطهير عرقي كما حصل في البوسنة، بل العقبة الاقتصادية المتمثلة في الحاجة الثابتة والمتزايدة إلى اليد العاملة المهاجرة بسبب تفاقم العجز السكاني في القارة الشائخة، بما يجعل دول الاتحاد الأوروبي محكوماً عليها، رغم كل الضجيج المثار ضد المهاجرين، باستيراد ملايين العمال سنوياً، فكيف والحال هذه يمكن تصور تهجير ملايين المسلمين معظمهم مواطنون؟
ولذلك فإن ما يجعل الهدف الموضوعي من الحملات ضد الوجود الإسلامي في أوروبا من قبيل المزايدة السياسية الحزبية، إذ أن المهاجرين كبش فداء، يلقي عليهم اليمين-مناكفة لليسار- مسؤولية انتشار البطالة، وحتى الوساخة أحياناً، فضلاً عن الإرهاب. ويرد اليسار مدافعاً عن قاعدته الانتخابية بالتضييق على المهاجرين الموجودين، وتشديد الرقابة على استيراد المزيد منهم. لكن الجميع عندما يحكمون يفتحون الباب لمهاجرين جدد ربما مع الحرص على النوعية (15).
ومن هنا فإن دمج المسلمين في المجتمعات الأوروبية أمر واقعي، إن لم يكن حتمياً، وأحد أهم التحديات أمام الاتحاد الأوروبي، رغم أن مصطلح الاندماج من المصطلحات الملتبسة الذي يخضع لتفسيرات متعددة ومتباينة في بعض الأحيان؛ لأنه يتخذ من الثقافة الذاتية نقطة انطلاق لمحاولة استيعاب الآخر ضمن منظومته الثقافية، كما أنه مصطلح يختلط بمصطلحات أخرى تقترب منه بدرجات متفاوتة، مثل: التماثل، والتجانس، والتأقلم، والتكيّف، والإدراج الثقافي، والإلحاق الحضاري (16).
الاندماج من وجهة نظر إسلامية
يلمس أحد الباحثين العرب كيفية تغيّر نظرة المسلمين إلى أنفسهم وحاضرهم ومستقبلهم في مجتمعاتهم غير الإسلامية من خلال مقارنة أجراها بين محاولتين فكريتين كانت لهما أهمية وتأثير في تشكيل رؤية المسلمين لأنفسهم في بلاد البلقان، في زمنين مختلفين، أحدهما ينتمي إلى حقبة الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين، حين دعا الدكتور علي عزت بيجوفيتش، إلى ما اسماه (الإعلان العالمي)، في كتاب له صدر عام 1981م، والثاني ينتمي إلى ما بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول حين دعا الدكتور مصطفى تسيريتش، رئيس هيئة العلماء في البوسنة والهرسك، إلى إعلان إسلامي آخر، أطلق عليه (إعلان المسلمين الأوروبيين). في الإعلان الأول نظر بيجوفيتش إلى اندماج المسلمين في أوروبا بالعالم الإسلامي، وربط مصيرهم بمصير الأمة الإسلامية، ونهضتهم بنهضة العالم الإسلامي، على قاعدة الاشتراك في الهوية. وفي الإعلان الثاني نظر تسيريتش إلى اندماج المسلمين في أوروبا بمحيطهم الأوروبي، على قاعدة المواطنة والعقد الاجتماعي والسياسي. وقد جاء الإعلان الثاني بمثابة نداء موجه باسم المسلمين الأوروبيين إلى الاتحاد الأوروبي، داعياً إلى عقد اجتماعي يؤسس لعلاقة المواطنة على أساس "أن حماية الهوية ليست بالعزلة لأنها ستؤدي إلى ضمور الهويات وتكلسها".
يؤكد إعلان تسيريتش أن المسلمين الأوروبيين ملتزمون بالكامل وبشكل صريح بحكم القانون العادل، ومبادئ التسامح، وقيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وبالاعتقاد أن كل إنسان له الحق في أن تُصان حقوقه الضرورية الخمسة، وهي: النفس، والدين، والعقل، والمال، والعرض. ومن الواضح أن هذا الإعلان يشجع الأوروبيين على الاعتراف الرسمي بالإسلام والمؤسسات الإسلامية في أوروبا، وحمايتهم من جرائم التطهير العرقي، والإبادة الجماعية.
وتكشف المقارنة بين الإعلانين عن جدلية الهوية والانتماء، وطبيعة التطور التراكمي في تجدد الفهم لهذه الجدلية، التي لها طبيعة الحضور الملح. بمعنى أن وضعيات المسلمين في مجتمعاتهم غير الإسلامية كان لابد لها أن تتطور مع مرور الوقت صوب الالتفات إلى مسألة المواطنة، بوصفها إطاراً لتحسين أحوالهم العامة، ومدخلاً للمطالبة بحقهم في المشاركة السياسية، ومساواتهم مع جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، وتأكيداً لرغبتهم في التفاهم والتعايش، مع مختلف مكونات التعدد والتنوع العرقي والقومي، اللغوي واللساني، الديني والمذهبي في مجتمعاتهم. وعلى خلفية أن الهوية لا تتعارض أو تتصادم مع مفهوم المواطنة، ومن ثم فإنها لا ينبغي أن تتحول إلى عامل يدفع إلى الانغلاق والانكفاء على الذات، أو الممانعة عن التفاعل والمشاركة السياسية، وفي قضايا الشأن العام. كما لا ينبغي أن تتحول الهوية إلى عامل يدفع إلى القطيعة أو الصدام، أو العزلة بكافة صورها الشعورية والحسية، وهجران الآخرين تحت أية ذريعة كانت، إلا في ظل أسباب قاهرة من الصعب التحكم بها، وهي التي يقررها العقلاء(17).
ويبدو لنا أن هذه النظرة هي التي بات يأخذ بها أغلب المؤسسات والمنظمات الإسلامية في أوروبا اليوم، ومنها المجلس الأوروبي للاستفتاء والبحوث، ولذلك لاحظنا أن البيان الختامي للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته العادية السابعة عشرة المنعقدة بمدينة سراييفو/ البوسنة والهرسك في أيار/ مايو2007 قد أقرّ بأن مواطنة المسلمين في المجتمع الأوروبي أمر مشروع من حيث المبدأ، تسعه مقاصد الدين الإسلامي، إذ تمثّل هذه المواطنة جسراً بين العالم الأوروبي والعالم الإسلامي مما يعود على العلاقة بين الطرفين بالخير. وهي لا تخالف الولاء الشرعي، إذ لا يلزم من وجود المسلم في غير ديار الإسلام الالتزام بما يخالف دينه من مقتضيات المواطنة، كالدفاع عنها إذا اعتدي عليها، والأصل أن يكون المسلمون في مقدَّمة من يدفع الضرر عن بلده، كما لا يحل له أن يشارك في أي اعتداء تقوم به بلده على أي بلد آخر سواء كان إسلامياً أم لا. ومن واجبات المواطنة التعايش واحترام الآخر، والتزام القيم الأخلاقية كالعدالة والتعاون على الخير، والنصح من خلال القوانين السائدة لإصلاح ما يضر البلاد أو العباد. كما أن اندماج المسلمين الإيجابي في المجتمع الأوروبي لا يتعارض مع مبدأ الولاء والبراء، فإذا ما أعيد إلى معناه الأصلي الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة فإنه لا يكون معارِضاً لمواطنة المسلمين وتفاعلهم مع المجتمع الأوروبي. ويتجلى هذا التفاعل بالمشاركة في التنمية الحضارية أخذاً وعطاءً، التي من شأنها حين تُُصبح ثقافة للمسلمين، أن تيسّر الاندماج الإيجابي والمواطنة الصالحة.
ولكن الاندماج موضوع البحث محفوف بالمزالق، وهو مُعرض إلى أن ينتهي بالذوبان كما حدث في تجارب سابقة للمسلمين؛ لذلك ينبغي أن تُحدَّد له ضوابط وقواعد تسير به في مساره الوسط المُنتج، وتعصمه من الانعزال أو الذوبان، منها:
أ- تحديد معنى الاندماج المطلوب، وتحديد محتواه، بحيث يتميز عما يُراد منه من قبل بعض الجهات حيث تعني به الذوبان. ولذلك ينبغي السعي إلى التحاور مع المؤسسات الأوروبية للاتفاق على مفهوم مشترك للاندماج.
ب- أن يكون مُقيّداً بالمحافظة على خصوصية المسلم الممثلة في العقيدة والشعائر والأخلاق والأحكام الشرعية خصوصاً ما كان منها قطعياً، وأن تكون المرونة فيه في سياق ما هو قابل للاجتهاد من أحكام الدين.
ج- أن يتم من خلال احترام القوانين التي تُنظم المجتمعات الأوروبية.
د- أن يكون مبنياً على أساس من البحث العلمي للواقع الأوروبي.
هـ- أن يقوم على استثمار الفرص والإمكانات الكثيرة المُتاحة في المجتمع الأوروبي.
و- أن يكون قائماً على أساس من الحوار المستمر مع مُكونات المُجتمع الأوروبي الثقافية والسياسية والاجتماعية.
إن أهم آليات الاندماج وأسبابه هي تزكيةَ الفرد والجماعة المسلمة؛ وذلك للارتقاء به وبها إلى مستوى المثالية والقدوة في المجتمع الأوروبي. وتعتمد سبل تحقيقه على الاعتناء بالدور المهم لمؤسسة الأسرة، فهي المحضن الذي يتربى فيه الفرد على هويته الإسلامية، وعلى العلاقة بمجتمعه الذي يعيش فيه بالتفاعل المثمر. كذلك هي المحضن الأول لتمكين صفة المواطنة الصحيحة المقتضية احترام المجتمع والسعي في تحقيق مصلحته، مع بذل الجهد في تأهيل الأسرة المسلمة لتقوم بدورها الفاعل في القيام بدور الاندماج الإيجابي.
وتأتي سائر المحاضن المؤثرة في تكوين شخصية المسلم، كالمدرسة الإسلامية، والمركز، والمسجد، والنادي، جميعها في سياق التأهيل لاندماج إيجابي في المجتمع الأوروبي.
وتؤدي المنظمات الإسلامية في أوروبا دوراً مهماً في الاندماج الإيجابي، وذلك بدءاً بالتوعية بالمفهوم الصحيح للاندماج، والتمكين لثقافة "المؤسسة"في المسلم الأوروبي، إذ أن هذا المجتمع الذي يعيش فيه مجتمع مؤسسي، ولا يمكن الاندماج فيه إلاّ من خلال هذه الثقافة التي تمكِّن المسلم من التعامل مع المجتمع تعامل المشاركة المنتجة التي هي باب مهم من أبواب المجتمع. ولا يُخفى ما للمؤسسات من دور مهم في الانفتاح على المجتمع الأوروبي فيعرَّف من خلالها بالإسلام وقيمه، وتكون جسراً بينه وبين المسلمين في أوروبا، وهذا سبب لتحقيق الاندماج الفاعل.
إن مقتضيات اندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية مسؤولية مشتركة بين المسلمين أفراداً ومؤسسات من جانب، وبقية المجتمع الأوروبي أفراداً ومؤسسات من جانب آخر. وإن من أهم مقتضيات الاندماج التي تُطلب من المسلمين، التي لا حرج فيها عليهم، بل إن الإسلام يحث عليها، ما يأتي:
أ- ضرورة معرفة لغة المجتمع الأوروبي وأعرافه ونظمه، والالتزام تبعاً لذلك بالقوانين العامة.
ب- المشاركة في شؤون المجتمع والحرص على خدمة الصالح العام.
ج- العمل على الخروج من وضع البطالة؛ ليكون المسلم فاعلاً منتجاً يكفي نفسه وينفع غيره.
أما أهم مقتضيات الاندماج التي يفترض أن يحققها المجتمع فهي:
أ- العمل على إقامة العدل وتحقيق المساواة بين جميع المواطنين في سائر الحقوق والواجبات، وبالخصوص حماية حرية التعبير والممارسة الدينية، وكفالة الحقوق الاجتماعية وعلى رأسها حق العمل وضمان تكافؤ الفرص.
ب- مقاومة مظاهر العنصرية والحدّ من العوامل المغذية لمعاداة الإسلام، وخصوصاً في مجال الإعلام.
ج- تشجيع مبادرات التعارف الديني والثقافي بين المسلمين وغيرهم بما يحقق التفاعل بين أبناء المجتمع الواحد.
وفي الواقع أن سياسات "الاندماج"المتبعة في الدول الأوروبية تتراوح، كما يرى البيان، بين اتجاهين: اتجاه يغلّب جانب الانصهار في المجتمع ولو أدّى ذلك إلى التخلي عن الخصوصيات الدينية والثقافية للفئات المندمجة، واتجاه آخر يدعو إلى ضرورة الموازنة بين مقتضيات الاندماج ومقتضيات الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والدينية. وأن الاتجاه الثاني هو الذي يعبّر عن الاندماج الإيجابي، الذي يجب أن تحدد مقتضياته بوضوح، ويجري الاتفاق على أنه مسؤولية مشتركة بين المسلمين أفراداً ومؤسسات من جانب، وبقية المجتمع الأوروبي أفراداً ومؤسسات من جانب آخر. ولذلك فقد خرج البيان بجملة توصيات ومقترحات للمسلمين في أوروبا، من أهمها:
1- الالتزام بالقوانين الخاصة بحقوق المواطنة وواجباتها.
2- الالتزام بالقوانين واللوائح الموضوعة من قبل الجهات الرسمية.
3- العمل على تحسين صورة الإسلام والمسلمين عن طريق الالتزام بقيم الإسلام ومبادئه العظيمة وإقامة البرامج التي تعرف بالإسلام وقيمه الحضارية.
4- تجاوز العادات والتقاليد الموروثة المسيئة للإسلام.
5- إقامة دورات وبرامج تعمل على تحقيق الاندماج الإيجابي والتفاعل المثمر.
6- النهوض بالدعاة والعاملين بين المسلمين وتأهيلهم ليكونوا قدوةً حسنةً في تحقيق التفاعل الإيجابي، وإعداد نخبة تتقن لغة الحوار مع الغرب للحديث عن الإسلام وتقديم صورته المشرقة له.
7- إقامة المراكز الإسلامية المتكاملة التي تشمل إلى جوار المسجد: المكتبة والنادي الثقافي والاجتماعي والرياضي والمطعم وغير ذلك من الإمكانات، وقيامها بأنشطة مختلفة، مع التركيز على أنشطة الاندماج.
8- المشاركة الإيجابية والفعالة في مؤسسات المجتمع المدني والأنشطة البيئية والاجتماعية في الحي والمدينة وعلى مستوى الدولة.
9- بناء العمل المؤسسي، والبعد عن التمحور حول العرقية والمذهبية والطائفية والحزبية.
10- تشكيل لجان حقوقية قانونية للدفاع عن حقوق الأقليات ومناهضة التمييز العنصري.
11- السعي إلى الاعتراف الرسمي بالإسلام كدين، وبالمسلمين كأقلية لها حقوقها التي كفلتها الشرائع والدساتير والمواثيق، على غرار الأقليات الدينية الأخرى في التمتع بحقوقهم كاملة.
كذلك أوصى المجلس المسلمين المقيمين في أوروبا بما اعتاد أن يوصي به ويؤكد عليه من مراعاة الحقوق كلها، وأن يعطوا الصورة الطيبة والقدوة الحسنة من خلال أقوالهم وتصرفاتهم وسلوكهم. وأن يلتزموا الحوار الهادئ والأساليب السليمة في معالجة قضايا الخلاف، بعيداً عن مناهج التشدد ومسالك التطرف التي تشوه صورة الإسلام، وتسيء أبلغ الإساءة إلى المسلمين عامة وإلى الأقليات المسلمة خاصة، فيتلقفها خصوم الإسلام والجاهلون به للتشنيع عليه والتخويف منه ومن أهله واستعداء الأمم عليهم.
كما خرج البيان بتوصيات لأصحاب القرار ومؤسسات المجتمع المدني في الدول الأوروبية، تمثلت بـ:
1- السعي إلى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المسلمين والتي يلمسونها في بعض المعاملات والدوائر الأوروبية.
2- فتح قنوات الاتصال مع الأقليات المسلمة على جميع المستويات.
3- إقامة برامج ودورات لتعريف المسلمين بالقوانين السائدة والحقوق والواجبات.
4- فتح باب العمل والدراسة أمام المسلمين ومعاملتهم كغيرهم من الأقليات دون تحيز.
5- تنبيه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لتبني الموضوعية في تناولها لقضايا الإسلام والمسلمين(18).
الاندماج من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي
رغم تقدم أكثر من مليون ونصف شخص بطلب للهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي سنوياً، فإنها لم تبدأ بالتركيز على قضية الاندماج إلا مؤخراً. وفيما يتعلق بالمسلمين ثمة تمايز وفروقات بين هذه الدول في عمليات دمجهم تبعاً لقوانين كل بلد أوروبي وثقافته على حدة، مع ضرورة إدراك أن النشاط الإسلامي مسموح به في حدود عدم إحداثه تغييرات في بنيات المجتمعات الأوروبية، وفي مستوى لا يسمح ببزوغ منظومة إسلامية واحدة في أوروبا.
يقول فرانكو فراتيني، نائب رئيس المفوضية الأوروبية: إن"الاندماج يعني أن يتفق الناس على نفس المبادئ الرئيسة، أي أن المهاجرين يجب أن يقبلوا القوانين والأسس والقيم الرئيسة المتبعة في أوروبا مثل حقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة وغيرها. ويجب على كل من يرغب في الاندماج في دول الاتحاد الأوروبي أن يحترمها"(19). ولا يخفي فراتيني مطلب الاتحاد الأوروبي بأن يكون الإسلام في دياره "إسلاماً أوروبياً". وتعقيباً على هذا المطلب يقول بعض المسلمين إن الدعوة إلى إسلام أوروبي "ليس أمراً يعني هدم الإسلام نفسه، لأن خطوط الإسلام العامة وأصوله الأساسية ستظل محفوظةً، ولا تنازل عنها. والبعض يسأل: لماذا يستطيع الصيني أو الهندي أو المكسيكي أو غيرهم أن يعيشوا في هذه المهاجر الغربية، من دون أن يفقدوا هوياتهم الأصلية، وهذا ما لم يُطلب من المسلمين أصلاً، وهو سؤال قاس وخشن، ولكن يجب أن نطرحه على أنفسنا قبل أن يطرحه الآخرون، الذين يتحرجون من طرحه حتى لا يُتهموا بالعنصرية"(20). إلاّ أن بعضاً آخر من المسلمين يرى أن الاندماج من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي يعني أن يصير المواطن المهاجر أو المسلم أوروبياً أولاً ثم مسلماً ثانياً، أو ما يسمَّى أحياناً بالاعتدال، وهذا في رأيه خلط وتعدٍّ على حق المواطن والفرد في اختيار أولويات انتماءاته، لأنه يؤدي إلى تعنت وقسر، ومن ثَم ضغط واضطهاد. ولكن من جانب آخر يشوب فهم المسلمين للاندماج، أحياناً، الباطل ويؤدي إلى عدم الفهم وعدم التفاهم حينما يعتقدون بأنه حقوق دون واجبات، والتزامات من قِبَل الدولة دون التزامات بالمقابل من جهة الفرد(21). وفي هذا السياق يؤكد كتاب (استراتيجية العمل الثقافي في الغرب) الذي أصدرته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسسكو) "أن مخطط إدماج الأقليات المسلمة في الكيان الثقافي الغربي غالباً ما يلقى معارضة ومقاومة كبيرة من المسلمين؛ بسبب حرص الجاليات المسلمة على التمسك بذاتيتها الثقافية وخصوصيتها الإسلامية"(22). ونجد تعبيراً لهذه المعارضة، تمثيلاً لا حصراً، في إجابة أحد أئمة المساجد في أوروبا على سؤال حول واقع الإسلام في الغرب وسبل دعم اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الأوروبية مع الحفاظ على خصوصياتهم الثقافية والدينية، حيث يقول: "أخشى أن يُستعمل مصطلح الاندماج، كما استعمل لفظ الإرهاب، فهي كلمة مطاطة.. فماذا يراد من المسلمين في قضية الاندماج؟ هل المطلوب أن ينسى المسلم هويته وأن ينسى حضارته وثقافته ودينه ولغته، وأن ينسى كل شيء؟ هذا في بعض البلاد للأسف هو المفهوم السائد للاندماج، ليذوب المسلم في المجتمع بحيث لا يبقى له من ثقافته ودينه، بل من اسمه شيء"(23)!
تاريخياً يمثّل اعتراف الإمبراطور النمساوي فرانز جوزيف سنة 1912 بالإسلام ديناً رسمياً، أقدم اعتراف رسمي بهذا الدين في أوروبا، ورغم ذلك فإن أول جمعية إسلامية دينية أنشئت في فيينا سنة 1979، أي بعد ما يقرب من سبعين عاماً، ولم يجرِ تدريس التربية الدينية لأبناء المسلمين إلا عام 1982، إلا أن أعداد المسلمين تضاعفت فيها خلال عشرين عاماً أربعة أضعاف. ولا يمثل ارتداء الحجاب مشكلة كبيرة للمسلمات فى النمسا سواء فى المدارس أو الجامعات أو دوائر العمل، حيث يقر الدستور النمساوي ويحمى حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات المعترف بها، ومن ذلك اعتبار المناسبات الدينية الإسلامية أيام عطلات رسمية لأبناء الجالية، والذبح الحلال، والانتهاء من بناء أول مقبرة إسلامية مستقلة فى العاصمة على مساحة 34 ألف متر مربع.
ومثل هذا الاعتراف الرسمي وتنظيم الجالية لصفوفها من خلال الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية ساعد مسلمي النمسا في تحقيق اندماج شبه كامل في المجتمع مع الحفاظ على خصوصيتهم وتقاليدهم وهويتهم الإسلامية، في ضوء مناخ يسمح بالتعايش السلمي بين مختلف الأديان. ويُعدّ حال المسلمين في هذه الدولة نموذجياً إلى حد كبير مقارنةً بأحوال نظيراتها في دول أوربية أخرى.
وفي اسبانيا اعترفت الحكومة الاسبانية بالإسلام عبر قانون الحرية الدينية الذي أصدرته عام 1976. وفي إطار مساعي تهدئة التوترات التي أعقبت تفجيرات مدريد، التزمت الحكومة الاشتراكية عدم إصدار أي قانون يحظر ارتداء الحجاب على غرار ما حدث في فرنسا وبعض الولايات الألمانية، رغم مطالبة قوى اليمين بذلك. كما سمحت الحكومة، استناداً إلى القانون العلماني للبلاد، الذي يفرض المساواة بين الأديان، وقانون الإصلاح التربوي الصادر عام 2004، بتدريس الإسلام، الذي كان غائباً باستثناء سبتة ومليلية بشمال المغرب، وذلك لأول مرة في عدد من المدارس الأسبانية، في المدن الكبرى. ومؤخراً خصصت هذه الحكومة مبلغ ملياري يورو لعملية دمج المسلمين في المجتمع الاسباني.
وفى بلجيكا يُعدّ الإسلام ديناً رسمياً معترفاً به منذ عام 1968، وقد صادقت الحكومة البلجيكية عام 1975 على إدخال دروس التربية الإسلامية ضمن البرامج المدرسية لأبناء الجالية، ولم تعترض على ارتداء بعض النساء المسلمات الحجاب، حتى عند أخذ الصور الخاصة ببطاقات تحقيق الشخصية.
وفى ألمانيا، التي شهدت جدلاً كبيراً حول كيفية الوقوف أمام ظاهرة التطرف الإسلامي في المجتمع الألماني، برزت بعض الجهود لتنظيم العلاقة بين الجالية المسلمة وبين السلطات في الولايات الألمانية، حيث قدم حزب الخضر في ولاية شمال الراين مبادرة دعت إلى تنظيم قانوني للعلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية في الولاية وممثلي منظمات الجالية الإسلامية فيها، تمهيداً لتطبيق بنود قانون حماية الأقليات الساري بالولاية على مسلميها بصورة توفر لهم أعلى مستوى من مستويات الحماية.
وفى السويد أعلنت الحكومة عام 2002 عن اعتزامها توزيع دليل تعليمي عن الإسلام على طلبة المدارس لمواجهة موجة الخوف من الإسلام، وزاد الضغط من قبل النخب السياسية الحاكمة والمثقفة على ضرورة أن يسود مبدأ حوار الحضارات، وتحديداً بين الإسلام والغرب، والتأكيد على ما توفره القوانين السويدية من حرية للمسلمين في أداء شعائرهم وتأكيد هويتهم، وتوفير حماية كاملة لهم، وتقديم كل الدعم والتسهيلات بما في ذلك المادية حتى يؤدي المسلمون مناسكهم وشعائرهم، وعدم سماحها لأي سويدي أو غيره بالمساس بحرمة الإسلام، ومنح ملايين الكرونات للمساجد والجمعيات الإسلامية سنوياً (نصف مليون دولار)، وتسهيل حقها في استدعاء أئمة من بلدان إسلامية، في إطار ما يعرف بمجتمع متعدد الثقافات والمعتقدات(24).
هذه أمثلة على وجود مؤشرات إيجابية من طرف بعض دول الاتحاد الأوروبي على حل مشكلات اندماج مواطنيها من المسلمين في مجتمعاتهم اندماجاً إيجابياً يحترم خصوصيتهم الثقافية والدينية. ويمكن الوقوف على وجهة نظر الاتحاد تجاه مسألة الاندماج من خلال دعوته إلى وضع برامج وخطط عمل محددة للتعامل مع قضايا الهجرة إلى أوروبا واندماج الأجانب فيها، في سياق حاجة الاتحاد إلى المزيد من المهاجرين.
لقد قررت المفوضية الأوروبية هذا العام تخصيص 825 مليون يورو لدعم مشاريع الاندماج في الاتحاد الأوروبي على مدى خمسة أعوام. وتمهيداً لذلك عقد الوزراء المسؤولون عن الاندماج في الاتحاد، إضافة إلى وزراء الدول المرشحة للانضمام إليه، وهي كروآتيا ومقدونيا وتركيا، اجتماعاً خاصاً قبل عدة أشهر في مدينة بوتسدام الألمانية، بحثوا فيه آفاق التعاون بين دول الاتحاد حول كيفية وضع الحلول والآليات المناسبة للتعاطي مع قضايا الاندماج وإشكالاته بطريقة فاعلة. ومن أبرز ما طُرح في هذا الاجتماع، حسب وزير الداخلية الألماني فولفجانج شويبله، أن قضية اندماج ملايين المهاجرين الذين يعيشون في أوروبا مسألة لها أولوية قصوى، وأحد أهم التحديات أمام الاتحاد الأوروبي. ويتوقف نجاح عملية الاندماج على السياسة الداخلية للدولة بشكل كبير، حيث ثمة عدد من الدول التي تعطي اهتماماً خاصاً للاندماج، مثل أسبانيا، إلا أن التعاون على المستوى الأوروبي في غاية الأهمية، لأن الكثير من المشكلات تتشابه، ومن الخطأ إضفاء الطابع المركزي على كل شيء.
ومن بين النماذج الإيجابية لعملية الاندماج في الاتحاد الأوروبي، والتي يمكن أن تكون مثلاً يحتذى في الدول الأخرى، حسب رأي فراتيني، النموذج الألماني الذي عرضه في الاجتماع، مشيراً إلى مبادرة ألمانيا بعقد المؤتمر الإسلامي الأول في برلين، خلال شهر سبتمبر/ أيلول 2006، لدعم آليات اندماج المسلمين في المجتمع الألماني(25).
ويشار إلى أن هذا المؤتمر قد ناقش عدة قضايا مهمة تتعلق بحياة المسلمين في ألمانيا، وشكّل بداية مسيرة ثلاث سنوات من النقاش بين المسلمين والدولة الألمانية، من أجل التوصل إلى اتفاق بين الجانبين فيما يخص القضايا الاجتماعية والقانونية المختلفة. وقد حذّر وزير الداخلية الاتحادي المجتمع الألماني من وضع المسلمين بأكملهم في سلة واحدة واتهامهم بالإرهاب بسبب حالات فردية لمسلمين متطرفين. وأكد على أهمية اندماج المسلمين في المجتمع الألماني لأنهم جزء من المجتمع الألماني ومن تاريخه وحاضره. وطالب الجمعيات الإسلامية المختلفة بتنظيم أنفسها ليصبح لها متحدث واحد يمثلها أمام الحكومة، مشترطاً عليها، إذا أرادت معاملةً مساويةً لمعاملة الدولة مع الكنائس، أن تحقق شروطاً تنظيمية محددة(26).
وإذا ما قارنا بين وجهتي نظر المسلمين وحكومات الاتحاد الأوروبي حول الاندماج، اللتين عرضنا أبرز ملامحهما، نجد أن نقاط التلاقي بينهما أكثر من نقاط التباعد، فكلتاهما تؤكد على مبادئ أساسية هي: الالتزام بالقوانين الخاصة بواجبات المواطنة وحقوقها، والأسس والقيم الرئيسة المتبعة في أوروبا مثل حقوق الإنسان، والديمقراطية، واللوائح الموضوعة من قبل الجهات الرسمية، والمشاركة الإيجابية والفعالة في مؤسسات المجتمع المدني، والأنشطة البيئية والاجتماعية في الحي والمدينة وعلى مستوى الدولة، وبناء العمل المؤسسي، والبعد عن التمحور حول العرقية والمذهبية والطائفية، واعتبار المسلمين جزءاً أساسياً من المجتمعات الأوروبية، ومن تاريخها وحاضرها ومستقبلها.
المراجع:
(1)- راشد الغنوشي، "مستقبل الوجود الإسلامي في أوروبا"، موقع الراية الالكتروني: www.rayah.info.
(2)- التقرير الاستراتيجي العربي: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية 2004- 2005. www.ahram.org.eg
(3)- الدكتور أسامة القفاش،"الإسلام والمسلمون في أوروبا بعد 11 سبتمبر"، الموقع الالكتروني: www.elnafeas.net، وكذلك "الأقليات المسلمة في الدول الأوروبية أمل وألم 2"موقع مفكرة الإسلام الالكتروني: www.islammemo.cc.
(4)- تقرير مركز الأهرام، المرجع السابق.
(5)- الدكتور أسامة القفاش، المرجع السابق.
(6)- عدنان برجي، "مستقبل المسلمين في أوروبا"، موقع مجلة النبأ الالكتروني: www.annabaa.org، العدد 70 أيار 2004.
(7)- موقع مفكرة الإسلام الالكتروني: www.islammemo.cc .
(8)- د.علاء الحمارنة، "تقرير اتحاد هلسنكي العالمي"، موقع قنطرة الالكتروني: www. qantara.de .
(9)- موقع الفرقان الالكتروني: www.al-forqan.net.
(10)- بسيوني الوكيل، "تزايد الاضطهاد ضد مسلمي بريطانيا"موقع الاسلام اليوم الالكتروني: www.islmtoday.net.
(11)- تقرير مركز الأهرام، المرجع السابق.
(12)- د. محمد سعد الكتاتني "الإسلام والغرب.. نقاط الاتفاق والاختلاف"، موقع المركز العالمي للوسطية الالكتروني: www.wasatiaonline.net.
(13)- إدوارد سعيد، تغطية الإسلام/ ترجمة. محمد عناني، القاهرة: رؤية للنشر والتوزيع 2005
(14)- ضياء بخيت، "التحريض الغربي ضد الإسلام (3)"الموقع الالكتروني: www.egypty.com. وكذلك جريدة الزمان "التشدد يحفز المتطرفين علي الكراهية والاعتدال يكرس الحوار"، لندن 2007/09/28.
(15)- راشد الغنوشي، المرجع السابق.
(16)- "مسلمو أوروبا وقضية الاندماج والتأقلم"، الموقع الالكتروني: www.alrahma-moschee.de.
(17)- زكي الميلاد "المسلمون في المجتمعات غير الإسلامية وجدلية الهوية والانتماء"، جريدة عكاظ السعودية، العدد 1998، الأربعاء 06 ديسمبر 2006.
(18)- "المسلمون في أوروبا: المواطنة والاندماج"موقع نبأ الالكتروني: www islamicnews.net.
(19)- "الاتحاد الأوروبي يدعو لوضع آليات محددة المعالم للتعامل مع الاندماج"، الموقع الالكتروني: www.dw-world.de.
(20)- مشاري الذايدي، "الإسلام الأوروبي والإسلام الهندي "! لندن جريدة الشرق الأوسط، 22 أغسطس/ آب 2006.
(21)- الدكتور أسامة القفاش، المرجع السابق.
(22)- "مسلمو أوروبا وقضية الاندماج والتأقلم"، المرجع السابق.
(23)- "الغرب يستخدم الاندماج سلاحاً ضد المسلمين، الشيخ حسين محمد حلاوة، إمام مسجد المركز الإسلامي في ايرلندا"، الموقع الالكتروني لمجلة المجتمع الكويتية www.almujtamaa-mag.com.
(24)- تقرير مركز الأهرام، المرجع السابق.
(25)- "الاتحاد الأوروبي يدعو لوضع آليات محددة لمواجهة مشكلات الاندماج"، المرجع السابق.
(26)- "تحديات كبيرة أمام المؤتمر الإسلامي الأول في برلين"، الموقع الالكتروني: www.dw-world.de.
المصدر: موقع مداد القلم