تأليف : محمد السويسي
بدأت أسس الشراكة التجارية بين أمريكا والصين في بداية السبيعينات من القرن الماضي مع زيارة هنري كيسنجر لتطبيع العلاقات مع الصين بتوجيه من رأسماليي وول ستريت التي توجت بزيارة الرئيس ريتشارد نيكسون في العام 1972 .
هذه الزيارة كانت مفاجئة للجميع ، إلا أنه لم يكن أحد يدري ماهو الهدف من هذه الزيارة من دولة تمثل قمة الرأسمالية لدولة شيوعية تعتبر قمة الإشتراكية والتطرف ضد العالم الرأسمالي في خطابها السياسي ؟.
إلا أن زيارات متعددة سبقت لتجار أمريكيين للصين وقتذاك من أجل شراء البضائع ، هي التي فتحت الباب ومهدت للشراكة الصناعية والتجارية فيما بعد بين أمريكا والصين .
إذ أن الأمريكيين كانوا يلحون في طلبياتهم على مواصفات إنتاجية معينة لتطابق مواصفات اسواقهم التجارية في النوعية والجودة التي كان يفتقر اليها الصينيون في سلع معينة بينما يبرعون في سلع أخرى . وبما أن الصينيون كانوا لايملكون المهارات الفنية والمعدات اللازمة لتلبية الرغبات الأمريكية ، فقد اقترح الأمريكان عليهم أن يسمحوا لهم ببناء بضعة مصانع لديهم لتصنيع السلع التي يرغبون بها ، ولكن بأيد صينية يدربونها شرط ان تكون بنفس الأجر الذي يدفع للعمال في الصين ، نظراً للفارق الكبير بين تدني أجر العامل الصيني وارتفاع أجر العامل الأمريكي بما يزيد عنه بعشرين ضعفاً تقريباً وقتذاك .
وجد الصينيون في هذا العرض الأمريكي فرصة لنقل التكنولوجيا الغربية لكافة أنواع السلع التي يحتاجون اليها ، فخصصوا لهم ارضاً صناعية واسعة ، سهلت للرأسمالية الأمريكية في وول ستريت التخطيط لانفجار الأزمة المالية العالمية في العام 2007 ليبدأ نقل المصانع الأمريكية مع رساميلها ، بعد إعلان إفلاسها ، الى الصين مع تدريب مجموعة كبيرة من الأيدي العاملة الصينية على استخدام المصانع الأمريكية بما يكفي للتوسع في الإنتاج السلعي بشراكة صينية أمريكية بكلفة رخيصة وجودة عالية ، وبالتالي بدء إنتقال بعض رؤوس الأموال الأوروبية واليابانية للإستثمار في الصين في هذه المصانع المشتركة بترافق مع مصانع أخرى أوروبية تنقصهم لسلع استهلاكية معينة .
هذه النقلة كانت إيجابية بالنسبة للصين إذ لم ينقل اليها رؤوس الأموال والتكنولوجيا الغربية وتشغيل الأيدي العاملة فحسب ، بل فتحت لها الأسواق الأمريكية والأوروبية على مصراعيها وما يتبعها من زبائن جاهزة غب الطلب في كل أنحاء العالم بما لم تكن تحلم به .
إلا أن ذلك تسبب بسلبيات كبيرة على المجتمع الأمريكي والأوروبي لنزوح الرأسمال الغربي نحو الصين وارتفاع البطالة وزيادة حدة الفقر فيه بما أربك الحكومات الغربية ، إذ كان الإعتقاد انه يمكن التعويض عن إفلاس المصانع بدفع تعويضات بطالة للعاطلين عن العمل لفترة قد لاتزيد عن العام او العامين ومن ثم يبدأ الجميع يتأقملون بأعمال تجارية بسيطة وزراعية وحرفية ، إلا أن "حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر"، إذ أن البطالة تفاقمت لفقدان السيولة المالية الشرائية بين ايدي المواطنين التي انعكست على صغار الباعة بتراجع الطلب على السلع الإستهلاكية لديهم وتزايد الأيدي الحرفية أو المهنية التي تفوق بأعدادها حاجات السوق ، وبالتالي تضخم الإنتاج الزراعي مع الإقبال الكثيف على العمل فيه لزحف عمال المدن العاطلين عن العمل نحو الريف والقرى بحيث زاد الإنتاج كثيراً عن حاجات السوق ؛ زاده بلّة توقف روسيا عن استيراد المنتوجات الزراعية الغربية المقدرة بخمسة مليارات دولار سنوياً رداً على العقوبات التي فرضت عليها عقب حرب القرم .
وبالفعل فإن تلك الأزمة الطارئة بين روسيا والغرب التي لم تكن متوقعة ، أربكت امريكا وأوروبا تجاه الروس ، بحيث يطالب المزارعين الغربيين حكوماتهم بالتعويض عليهم وإلا توقفوا عن الزراعة نهائياً منعاً لتزايد الخسائر . كما وأنها مشكله واجهتها أمريكا مع حلفائها الأوروبيين الذين بدأت أنظارهم تتجه نحوها لإيجاد مخرج لهذه الأزمة التي ورطتهم بها مع تبعيتهم لها ، أما باستيراد منتوجاتهم الزراعية أو إيجاد أسواق أخرى بديلة لهم ؛ وهو مأزق ليس بالهين إذ أن سياسات أمريكا الخارجية هي التي وضعت الجميع في هذا المأزق مع تطبيق إتفاقية منظمة التجارة العالمية التي عجلت في تفجير الأزمة المالية لسلبياتها .
لذا فإن أمريكا بدأت حالياً بعد طول تفكير ، بتعديل خططها الفوضوية تجاه منطقة الشرق الأوسط ، إذ انها كانت قد اجتهدت بالتعاون مع إيران منذ العام 2003 ، إثر احتلال العراق ، الى خلق توترات أمنية دائمة في المنطقة تعيق دولها بما فيها إيران عن التفرغ للبناء الإقتصادي ، الصناعي والزراعي ، خوفاً من منافسة شراكتها التجارية مع الصين ، إذ أنه لولا التورط الإيراني مع أمريكا على احتلال العراق والتمدد فيه ومن ثم محاولة التوسع اللامجدي في المنطقة من خلال المليشيات المحلية الموالية لها وتورطها في سوريا على حساب قدراتها المالية ونشاطها الإقتصادي ، لكانت إيران بتعاون مع الدول العربية قادرة وإياهم على إنماء المنطقة وبالتالي منافسة السلع الصينية الأمريكية بسلع وطنية محلية عربية إيرانية .
ولكنه الدهاء الغربي بادعاء صداقتها لإيران كذباً ، بهدف إشغالها في خصام مع العرب لتبذير أموالهما معاً بالإنفاق على الأمن والدفاع والقتال فيما لاطائل منه ، إذ أن أمريكا هي المستفيد الأول من هذا النزاع المتفجر بين دول ضعيفة مغلوبة على أمرها .
وخطة أمريكا الجديدة عقب مؤتمر جدة ، بالتعاون مع أوروبا والدول العربية ، استدعت تدخلها عسكرياً مباشرة بالطيران الحربي في سوريا والعراق بقصف مناطق المليشيات الإرهابية التكفيرية المسلحة التي كانت واشنطن بالأصل وراء تشكيلها ، كما القاعدة سابقاً ، لإرهاق قدرات المنطقة إقتصادياً ومالياً ، من اجل إعادة الأمن والإستقرار بين الدول العربية مع فقدان إيران السيطرة على الوضع في كل من سوريا والعراق بما لم تتوقعه أمريكا ، لذا اعلن الرئيس باراك أوباما
في 7/8/2014 عن أعادة تقسيم خريطة سوريا والعراق ووفاة إتفاقية سايكس بيكو التي لم يعد لها من وجود مع انتهاء صلاحيتها ؛ وحدد تقسيماً جديداً يقوم على ثلاث دول :
دولة كردية في شمال العراق ودولة داعش الإسلامية في الوسط حتى الداخل السوري ، وثالثة شيعية في جنوب العراق على ان تكون عاصمتهم بغداد ضمن جمهورية كونفدرالية ؟! .
والقصد من هذا التقسيم هو إعادة بعث الإستقرار في كل من العراق وسوريا ووقف الإقتتال نظراً لفشل إيران في هذه المسعي بعد سنوات طويلة من تواجدها بتفويض من أمريكا .
إذ أن احداث اوكرانيا والخلاف مع روسيا بشأنها قلب المعادلات والمخططات جميعها لإعادة تصويبها بما يتوافق والمصالح الغربية ، فكان مؤتمر جدة الذي تطلب التعاون الغربي مع العرب وإيران معاُ من أجل إعادة الإستقرار للمنطقة وبالتالي إعادة البناء من الأضرار التي خلفها اعمال الإرهاب على مدى سنوات طويلة ، من جراء احتلال العراق ، بحيث يؤدي الأمر الى إيجاد فرص كبيرة للعمل وبالتالي توفير السيولة بين أكبر شريحة من المواطنين لاستيراد السلع الزراعية وخلافها من أوروبا من أجل التعويض عن مستوردات السوق الروسي الذي فقدوه من جراء أزمة اوكرانيا .
مع فرط التحالف الأمني الأمريكي الروسي بتوزيع مناطق النفوذ بينهما في العالم واختلال المعادلات السابقة بالعودة الى الحرب الباردة كما كانت في السابق بين الإتحاد السوفياتي وأمريكا ، تحول الأمر الى تنافس إقتصادي بين الجبارين بتسابق لتوظيف الأموال وإنشاء التكتلات الإقتصادية و المالية مع دول العالم . فكان تكتل البريكس من دول البرازيلوالصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا ، بما يشبه الحلف في السعي لإنشاء صندوق مشترك للإستثمار يتراوح محتواه بين 50 و100 مليار دولار ، إلا أنه لايرقى الى الشراكة المتينة بين أمريكا والصين ، إذ انها شراكة حقيقية في استثمار الرأسمالية الأمريكة أموالها في تصنيع بضائعها في الصين بكلفة متدنية ، اما البريكس فهو تعاون وتبادل في فتح الأسواق فيما بين أعضائه ؛ لذا لم يكن مستغرباً ان تكون الصين عضواً فيه باحثة عن مصلحتها في الإستثمار في هذه الدول مع فائض الأموال لديها بإقامة مصانع لها في هذه الدول بأيد صينية بما تملك من خبرة صناعية متقدمه وبالتالي المساهمة في مختلف المشاريع الإنتاجية والإستثمارية .
ودخول الصين في مجموعة حلف البريكس يعني دخول أمريكا بطريقة غير مباشرة بصفتها شريكة لها في معظم المشاريع الإنتاجية والتجارية ، وبالتالي فإن دخول الصين وتوسعها هو دخول للشريك الأمريكي وتوسعه بطريقة غير مباشرة في هذا الحلف التي أقيم أصلاً بمواجهة القوى الإقتصادية الأمريكية ، إلا أنها لم تكن موفقة بإدخال الصينيين اليه ، الذي يعني إدخال الشريك الأمريكي بشكل فعلي ؛ ولاشك أنهم يعلمون ذلك ولكن لاحيلة لهم .
هذه الشراكة الصينية الأمريكية جعلت الوضع صعباً بالنسبة للدول الأخرى مع اتباع الصين السياسة الإغراقية السلعية التي عجزت عن مواجهتها دول عدة مع وجود نظام الحد الأدنى للأجور لديها ، الذي تفتقده الصين والمانيا وهو سر استمرارهما ونجاحهما في مواجهة الأزمة المالية التي اسقطت بلدانها مشكلة توالي إرتفاع الأجور بما يعني توالي ارتفاع اسعار السلع بما لايحتمل مع عدم قدرتها على منافسة الأسعار الإغراقية للسلع الصينية والآسيوية والهندية . إلا أن بعض دول أمريكا اللاتينية بدأت تحاول اللحاق بالركب مع تخليها عن هذا المبدأ بتركها حرية الأجر لكل مؤسسة أو مصنع بما يتلائم مع قدراته المالية وفق نظام المنافسة الحرة ؛ لذا بدأت بعض الرساميل الأجنبية تتسابق نحو المكسيك للإستثمار فيها مع تدني أجر العامل لديها الذي يعتبر في أسوأ حالاته افضل من تفشي البطالة وتناميها .
ومع هذا التنامي للشراكة المالية الإقتصادية التجارية الصناعية بين أمريكا والصين فإن ذلك سيؤدي الى تراجع دور روسيا كقطب سياسي عالمي مواجه لأمريكا لضعف نقدها مع وهن إقتصادها ومؤسساتها المالية لفساد نظامها في تورط بعض أركان السلطة في أعمال تجارية فاسدة عديدة باحتكارها من خلال عائلاتهم وأصدقائهم وأقاربهم عدا الإستفادة من المال العام بما يعرقل النمو والنهضة المرجوة بشكل حكمي ، على عكس النظام الأمريكي الذي يقتصر نشاطه على القطاع الخاص دون اي شراكة من قبل الحكام ، وكذلك الصينيين ، وهذا سر نجاحهما معاً .
لذا فإن هذه الشراكة الإقتصادية المتينة ستؤدي الى تطور الصين بشكل هائل لتصبح القطب الآخر كدولة عظمى في مواجهة أمريكا بديلاً عن الروس الذين يسعون الى الإبقاء على مواقعهم بالقوة والإرهاب على حساب نموهم الإقتصادي وهذا مستحيل .إذ ان الدول العظمى اذا لم يكن لها من قاعدة إقتصادية قوية ونقد نقوي فيستحيل ان تكون دولة عظمى ولو أطلقت على نفسها هذا التعريف ، إذ أن القوة تبدأ بالإقتصاد كما هي الصين التي لاتستعمل السلاح أو الإرهاب ضد اي دولة أخرى وقد غزت العالم وفرضت نفسها بسلعها الرخيصة الثمن دون إطلاق رصاصة واحدة .
ومع هذا التطور العالمي للإقتصاد نتساءل أين الدول العربية من هذا التطور والمتغيرات الإقتصادية المستجدة على الصعيد الدولي ؟!
مع كل الحملات الظالمة الذي تساق ضد الحكومات العربية من شعوبها ، فإن لبنان هو الأول بين الدول العربية الذي كان يستطيع ان يتبوأ موقعه بين دول العالم الثالث المتقدمة والتفاعل معها في الصناعة والزراعة ومختلف الأنشطة الإقتصادية نظراً لثروة ابنائه العلمية لولا تحالف الإقطاع المالي الحاكم مع المليشيات المسلحة التي يرعاها في تحالف وشراكة معها ، لتعينه منذ العام 1975 على حصر أعماله التجارية في العاصمة بيروت بتعطيل كل المرافق الرسمية المنتجة في طرابلس من سكة حديد ومطار ومصفاة نفط ومرفأ ومحطة كهرباء ،- التي كانت قد أنشئت من حكومة الإنتداب الفرنسي كرافد اساسي للخزينة العامة لأهمية موقعها التجاري التاريخي وملائمته - ، رغم ما في ذلك من أضرار على الخزينة والوطن بما ادى التي تراكم 65 مليار دولار ديناً عليه لسؤ ممارسات هذه الطبقة الرأسمالية وجشعها ، بحيث يستحيل إيفاء هذاالدين ما لم تعد هذه المرافق إلى العمل في مدينة طرابلس كما كانت عليه من قبل.
إذ أن هذا التعطيل القسري لهذه المؤسسات الرسمية قد أضر الخزينة بحوالي عشرة مليارات دولار سنوياً ، إلا أنه يحقق ارباحاً تقدر بحوالي خمسة مليارات دولار سنوياً لهذا الإقطاع المالي بشراكة مع المليشيات ، لأنه لو أعيد تشغيلها فقد تتضائل ارباحه الى مليار دولار سنوياً تقريباً بما يجعله يصرف النظر نهائياً عن إعادة تشغيلها مع تقديمه مصالحه الخاصة على مصالح الوطن . ولولا أن المليشيات المسلحة الحزبية تعمل بإمرته وحمايته لما استطاعت الإستمرار حتى الآن في تهديم اقتصاد الوطن لدوام استمرار أرباحها اللامشروعة .
وبالإنتقال من لبنان الى الخليج ، خاصة المملكة العربية السعودية فإنها ووجهت منذ عقود بمعارضة أمريكية وإعاقة لمعظم مشروعاتها الزراعية ، خاصة زراعة القمح التي تعتبر مادة استراتيجية ضرورية اعترضت عليها بحجة الخوف من نفاذ المخزون المائي ، علماً انها لم تعترض على إهدار مخزون المياه الجوفية بليبيا لمشروع النهر العظيم في العام 1983 الذي لم يكن من حاجة ملحة له لقلة أعداد السكان الذي لم يتجاوز الخمسة ملايين نسمة ، وقتذاك ، كانت قادرة على الإكتفاء بمياه الآبار المتعددة لمشاريع فردية صغيرة الى جانب مشاريع تحلية المياه .
إضطرت المملكة تحت ضغط أمريكا وغضبها الى إيقاف زراعة القمح التي لاتشجع زراعته لدى الدول المغلوبة على أمرها نظراً للفائض الهائل لديها التي تتطع دائماً الى تصريفه للخارج عدا تطويع الدول الفقيرة لسياساتها من خلاله .
ولما حاولت المملكة إستثمار اراض زراعية في السودان أو الحبشة أو مصر أو سوريا كانت امريكا تعرقل كل جهودها في هذا السبيل بوسائل متعددة ، إلا أن معظمها يتعلق بتعمد الإضطراب الأمني في تلك الدول وفي المنطقة وبث الإرهاب فيها من أدوات محلية وإقليمية لإعاقة اي نهوض إقتصادي او صناعي أو زراعي . لذا فإنه لابد من إعادة النظر في شأن الزراعة الداخلية من قمح وعلف وخضار في دول الخليج بالسماح للزراعات الصغيرة والمتوسطة بالتوسع بالقرب من الآبار ، لأن المياه يعود معظمها الى جوف الأرض عند الري ، خاصة في المساء ، عدا توفر مياه الشرب من مشاريع تحلية المياه في المملكة مع توفر صناعة معظم قطع الغيار اللازمة لها . ومن الأجدى استحداث ربط مائي بين المملكة وسائر دول الخليج لدوام توفرالمياه وتطوير تحليته ، ومن ثم الإنتقال للإستثمار الزراعي في الخارج بعقود مبتكرة تفرضها الضرورة والحاجة في شراكة حقيقية بين صاحب الأرض والشريك الخليجي ، بما يتيح الزيادة في إنتاجها والإهتمام بها من قبل صاحب الأرض الأصيل .
ومع أن المملكة لديها اكثر من ثلاثمئة ألف طالب يدرسون في الجامعات الغربية بمختلف الإختصاصات في محاولة منها لتطوير مجتمعها الداخلي نحو الحداثة ، إلا أن تخرج هؤلاء الطلبة لايعتبر كافياً في تطوير المجتمع السعودي وبناء إقتصاده مستقبلاً ، إذا لم يتم تحديث النقل الداخلي وتيسيره بتذليل كل العقبات أمامه ليصبح بأقل تكلفة ممكنة مع العمل والتخطيط لتوفير السيولة المالية بين ايدي المواطنين إلى جانب تحقيق كافة التأمينات الإجتماعية والتعويضات للرجل والمرأة معاً .
أما على الصعيد الصناعي فإن تبادل الإستثمارات بين دول الخليج وبين الدول الصناعية الكبرى الأقل اجراً كالصين هو افضل استثمار لخلق مجتمع علمي لديها ؛ على أن تبدأ كما الأمريكيين بشراكة مع الصينيين على بناء مصانع لحسابهم في الصين واستثمارها ومن ثم شراء مصانع من عندهم للتصنيع في الخليج لدوام التعاون والتوسع به في تدريب مهنيين سعوديين وخليجيين .
إلا انه يجب ان يترافق ذلك بإنشاء مؤسسات مصرفية ومالية خليجية في العالم الغربي وفي أمريكا بالذات لحفظ المال العربي من الضياع في البنوك الغربية التي يتعمد اصحابها على إفلاسها عمداً بين فترة وأخرى كلما ارتفعت السيولة الأجنبية بها كعمل من أعمال النصب والإحتيال ، إلا أنهم يبررون ذلك بأن هذا المال لاوظيفة له لموديعه من رؤساء الدول وكبار مسؤوليها والإ لما اودعوه لديهم ، وهو عذر اقبح من ذنب ، إلا أنه قد يكون فيه شيء من الصحة ، ولكن لايبرر سرقته ونهبه .