(ملحوظة: أعتذر إن كانت هذه المادة مُعادة بالنسبة للبعض، لأنها منشورة سابقا، غير أنني أقصد بها الأخوة الذين لم يطلعوا عليها بعد)
ذكرى هذه الثورة العربية(الربيع العربي) تثير ذكريات عزيزة، مؤلـِمَة ومُلهِمَة، لاسيما لأنها تشبه، مع الفارق، ومن بعض الجوانب، وثبة العراق الكبرى في عام 1948، التي استمرت من 4 كانون ثاني إلى 27 منه. أي يصادف تاريخها بل يتداخل مع الثورة التونسية والثورة المصرية، اللتين أسقطتا إثنين من أقسىى وأخطر الأنظمة في الوطن العربي. بينما أسقطنا في تلك الوثبة معاهدة بورت سموث وحكومة صالح جبر، التي عقدت المعاهدة، بصرف النظر الآن عن مناقشتها في ضوء الأوضاع التي تلتها حتى اليوم.
كانت ثورة شعبية بكل المقاييس، إذ واصلت الجماهير الغاضبة تظاهراتها السلمية طوال شهر تقريبا. وخلالها تحولت المظاهرات إلى مجازر دامية سالت فيها الدماء الغزيرة، لاسيما من جانب زملائي الطلاب العُزّل إلا من الحجارة، من أهمها؛ واقعة الكلية الطبية ومعركة كلية الهندسة ومعركة الجسر(جسر الشهداء) ومعركة باب المعظم. وحدث في أثنائها عصيان عام أغلقت خلاله جميع المرافق العامة والخاصة. وسقط في هذه التظاهرات المئات من الطلبة والمواطنين العاديين، بين قتيل وجريح، نتيجة استخدام الذخيرة الحيّة من جانب شرطة النظام، ومن بين الضحايا الذين نعرفهم : قيس الألوسي وشمران العلوان وجعفر الجواهري والحمّال دحام .
و كان لي، وأنا في مرحلة الدراسة الثانوية، شرف المشاركة في جميع الأيام الحاسمة والدامية للمعركة. وقد شهدت سقوط بعض الزملاء المتظاهرين، كان أحدهم يتقدم خلفي مباشرة.