تأليف : محمد السويسي
مجرد طرح هذا السؤال عن طوفان ثالث قد يأتي ويغرق العالم سيبادر الجميع الى التساؤل والإستفهام بالقول ، وهل هناك من طوفان سبق طوفان نوح أوآخر سياتي بعده ؟
السؤال قد يبدو غريباً ، ولكن لو اطلعنا على تركيبة الكون ومسيرته وتعقيداته فإن طرح هذا السؤال لن يبدو غريباً ولكن مع ذلك لايمكن لأحد من العلماء الإجابة عن هذا السؤال بشكل دقيق وقاطع .
ولكن مع ذلك فقد نجيب عليه بأنفسنا إن تحدثنا عن الطوفان الأول ، وأسبابه ونتائجه ، الذي لم يلحظها اي من العلماء او يشيرون اليه ، إذ لازالوا في جهل له حتى الآن وإن تحدثوا عن نتائجه دون ان يدركوا المسببات التي سآتي على ذكرها فيما يلي .
كل علماء الأرض والفضاء يتحدثون عن اختفاء الديناصورات والحياة عن الأرض في مرحلة ما قبل 65 مليون عام دون ان يتوصلوا الى نتيجة مقنعة لكيفية اختفاء هذه الديناصورات وباقي الحيوانات ، إلا انهم يردونها الى اسباب عدة اهمها هو ان نيزكاً ضخماً قد ضرب الأرض فقضى على كل الديناصورات واشكال الحياة فيها ؟!.
كلام طفولي لانه يدل على العجز في إعطاء الجواب المقنع كما العجز عن معرفة حقيقة ماحصل .
نعم جواب غير مقنع ، لانهم في سياق حديثهم وتحليلاتهم فإن هذا النيزك قد ضرب الأرض في مكان معين حدده اكثرهم في القطب الشمالي لانهم وجدوا فيه هياكل ديناصورات وافيال ماموث وحيوانات شبه سليمة .
حسناً ولكن كيف نفسر وجود هياكل ديناصورات او أجزاء منها ومن حيوانات أخرى في أمريكا وروسيا والصين و آسيا وأفريقيا والبحر المتوسط وكافة انحاء الكرة الأرضية الأربع ، إذا كان النيزك المذكور قد اقتصرت ضربته على القطب الشمالي ؟!
لذا لابد من تفسير مقنع لما حدث إذ يستحيل على نيزك أو زالزال قد طال منطقة جغرافية معينة ان يطال الحياة على كافة انحاء الكرة الأرضية .لذا فلابد من ان هناك حدثاً ما قد أصاب الكرة الأرضية جميعها وادى الى إختفاء الحياة عنها .
فما هو هذا الحدث الخطير ، وما هي ماهيته ؟
لاشك ان هذا الأمر يعود لحدث كوني اشد هولاً في تاثيراته السلبية من النيازك وهو المادة السوداء التي سنحصل من خلال عرضنا لطبيعتها ودروها جواباً عن اسئلتنا المحيرة والعصيّة حتى الآن في شأن اختفاء الديناصورات والطوفان الماضي والمتوقع .
المادة السوداء :
إن الدور المتميز للمادة السوداء هي أنها مع ولادتها أو تشكلها بالقرب من موقع الإنفجار الكوني وبالتالي عند طرفي توسعه فإنها تقوم بتجميع ذرات الغبار الدقيقة والناعمة المسحوقة جداً نحو داخلها ، مما أكسبها شبه لزوجة في نواتها أشبه بالسخام على جوانب المدفأة .
لأن عناصرهذه المادة عبارة عن ذرات فاقدة لألكتروناتها وخامدة في بروتوناتها الى حد العدم ، وهذا مايجعلها كثيفة جداً في وسطها لتستطيع أن تشكل قوة مغناطيسية إيجابية بما يسمح بالتشكل إلى كتلة واحدة ، إنما مغايرة في طبيعتها عن كل ماحولها بحيث أنها لاتنسجم ولاتتآخى مع أي عنصرأو جسم من الكواكب والنجوم الأخرى بما يحرمهم من أي مقدرة أو قوة مغناطسية سلبية ملائمة لمواجهتها وطردها أو إبعادها عنهم إن شاءت أن تجاورهم أو تمر بقربهم أو تعبر فيما بينهم.
إذ أن لكل نجم من النجوم أوالكواكب حدوداً إقليمية محسوبة بدقة في الفضاء بحيث لايتعدى أحدها على الأخر بفعل السلاح الذي يملكه كل منهم ، وهو المغناطيسية السلبية الإيجابية التي تفرض احترامها على الجميع وتلزم كل كوكب ونجم في موقعه وعند حدوده وفق القانون الكوني المحكم.
ولكن رغم هذا السواد الداكن للمادة السوداء وإنعدام أي بصيص أو نور أو إضاءة داخلها أو منها ، يوحي وكأنها عنصر سلبي في الكون . ولكن مع التعمق في دورها فإننا سندرك أهميتها بل وضرورتها في حفظ الكون وسلامته واستمراره . وقبل أن استرسل بالتحدث عن دورها فلابد من الإشارة أن تشكلها عند حدود التوسع الكوني يتطلب حجماً معيناً لها لتستطيع الإنطلاق والسياحة في الكون ، ولذا ستظل ملتصقة بهذه الحدود لالتهام المزيد والمزيد من الغبار الدقيق لعدة مليارات من السنين الى أن يصبح لديها الحجم والقوة المطلوبتان للإنفصال والإبتعاد عن موقع ولادتها للسياحة في الفضاء .
وهنا في سيرها وابتعادها عن مكان ولادتها تظهر أهمية دورها الفريد في تجميع أدق عناصر الغبار المتفلتة عن التوسع الكوني ،المنتشرة في الفضاء بين الكواكب والنجوم التي قد تشكل خطراً على التوازن الكوني والأخلال به مع تكاثرها المطرد ، ولولا ان تلتقطها المادة السوداء فإنها ستسود الكون وبالتالي تقضي على هذا الجمال الأخاذ للفضاء بحيث ينعدم ضؤ النجوم والأقمار والشموس فيه وبالتالي تنعدم الحياة على الأرض ، كما وأنها قد تخل بالتوازن المغناطيسي بين الكواكب والنجوم وتؤدي الى انهيارها .
ورغم إيجابية دور المادة السوداء فإن لها سلبيات مؤذية في حال إن مرت على كوكب فيه حياة ، فإنها تسلبه روحه إن حل في وسطها بما تسود عليه من غبار أسود كثيف يسبب إلإلتهابات والموت لكل مخلوق فيه بما يحدث له من ضيق في التنفس وبالتالي انقطاع الأوكسجين والإختناق ، وهذا ماحدث قبل 65 مليون عام حين مرت إحدى كتل المادة السوداء واحتوت درب اللبانة بأكمله وبالتالي الأرض فأهلكت كل ماعليها من حيوان وطير بإعدام الحياة فيها فكانت هي السبب الأساسي والرئيسي في إبادة الديناصورات وكل مايدب على الأرض أو يطير في السماء باستثناء المخلوقات التي تعيش في المياه كالأسماك أوالتي التجأت الى كهوف تحت الماء كالحيوانات البرمائية. فالمادة السوداء تتميز عن الكواكب والنجوم في أنها ، مع انعدام مغناطيسيتها ، تنطلق فور ولادتها دون أي عائق في السير في الفضاء للقيام بواجباتها التي خلقت لأجلها لتنظيف الكون من مخلفات الغبار لتحتفظ به بهي الطلعة ومتلألأ .
وهي عند ولادتها ككتل متعددة مستقلة عن بعضها البعض ، تكون متجاورة إلا أنها تنطلق دفعة واحدة تقريباً ، كما خيول السباق التي تنطلق من حظائرها بسرعة شبه متقاربة ، لتردفها بعد وقت دفعة أخرى بعد استكمال ولادتها . وعليه فإن الأرض لن تشهد أي خطر من إحتواء مادة سوداء أخرى لها قبل مرور بضعة مليارات من السنين على الأقل ، ولكن لايعني هذا أنها قد اجتازت مرحلة الخطر ،إذ أنه بعد خمسمائة عام ونيف وفقاً للمسيرة الكونية قد تمر كتلة من المادة السوداء بمحاذاة من مجرتنا وتغمر الأرض ببعض أطرافها فتملؤها بالغبار الأسود كالدخان مما سيسبب الألتهابات في الأعين مع طفح جلدي وضيق في التنفس يؤدي الى الإختناق ، كما وقد تحجب نور الشمس لأسابيع عدة الى أن تتابع مسيرتها وقد خلفت ورائها آثاراً سلبية على البشر والحيوانات.
والواقع أن تأثيرها هذا وإن كان سلبياً إلا أنه سيعتبر أمراً هيناً لأن أطرافاً منها هامشية جداً ، رقيقة وخفيفة ،هي التي ستغمر طرفاً من الأرض ،خاصة وأن خط سيرها يبعد كثيراً عن موقع مجرتنا التي إن دخلت في وسطها فلن تبقى عليها حياة .
إذ أن المادة السوداء تكون عادة كثيفة في وسطها و قليلة الكثافة عند أطرافها ؛ وما أضرارها تلك سوى لأنها تحتوى في ذراتها أكثر من مائة عنصر ، وهو أكثر مما على الأرض من عناصر ، إلا أنها جمعياً عناصر خامدة تبقي المادة السوداء على طبيعتها دون تعديل معظم حياتها .
وهذا الخمود في ذراتها هو من ميزاتها لأنه عنصر التجانس الذي يجمع فيما بينها ، مما يتيح لها الإنطلاق في الفضاء بتحررها من مغناطيسية الأجسام الأخرى من الكواكب والنجوم ومن مغناطيسية سلبية ذاتية تعيق سيرها ، وذلك لانعدام النواة الملتهبة من الهليوم داخلها التي يجب أن تشكل حقلها المغناطيسي كما هو مفترض لجذب عناصرها وبالتالي تكتلها واستقرارها، مما يجعل الأمر محيراً ومستغرباً ويدعو الى التساؤل ، ماالذي يجعل المادة السوداء العديمة النواة والحقل المغناطيسي قادرة على التكتل ، مع ضعف ذراتها وانعدام الكتروناتها ؟!
ولكن السؤال الأهم هو ماالذي يمنع تكاثرها ، مع التوسع الكوني الحاصل والتحامها فيما بينها مستقبلاً واتحادها ؟ وبالتالي تصبح مادة سلبية مقلقة بما قد تشكل من تهديد دائم ومقلق على استمرار الحياة في الكون .
الواقع إن الأمر هو غير ذلك تماماً ، فمن أعظم أدوار المادة السوداء أنها في سيرها الدائم في الفضاء تلتقط ذرات الغبار فيه لتحافظ على نظافته المطلوبة لاستمراره في الحياة ، ولكن دورها الأهم والأعظم أنها في الأساس ليست سوى مادة خام خامدة لكل عناصر الطبيعة الذرية التي قام عليها الكون قابلة للتشكل والتحول في حال اتحادها مع عناصر أخرى تحييها وتبعثها باشكال جديدة متعددة وجميلة تساهم في تجدد الكون وإثرائه وهذا مايحصل دائماً.
ولكن كيف يتم هذا الإتحاد والتحول ومع أي من العناصر أو الأجسام ؟
ومع إدراكنا لطبيعة المادة السوداء فإنها بكثافتها عندما تقترب من الأرض فإنها ستحررها من الجاذبية المضادة الضاغطة للمجرات الأخرى لتندفع المياه من داخلها بانفجار هائل نحو الخارج بترافق مع ذوبان المحيطات مع انحباس الحرارة وارتفاعها بفعل هيمنة المادة السوداء الكثيفة الذرات على وجه الأرض .
ومن هنا فإن الديناصورات التي اختفت عن سطح الأرض فإنها ساحت في مختلف انحاء الكرة الأرضية بفعل الطوفان واندفاع المياه في جميع انحائها ناقلة جثثها وجثث الحيوانات الأخرى من مكان الى آخر ومن قارة الى أخرى .
أما الطوفان ألاخر قد تمت الإشارة اليه في الكتب السماوية وبعض الملاحم القديمة الجدارية الأثرية المنقوشة الذي يقدر حدوثه الى 500 عام مضت .
اما الطوفان الثالث فأمره متوقع بشكل جزئي ولكن ليس قبل مئات السنين الذي بدأت نذره بذوبان للثلوج في القطب الشمالي من الكرة الأرضية الذي ينذر باقتراب إحدى كتل المادة السوداء من الأرض لرض .
وهذا الذوبان الثلجي معرض للذبذبة بين اندفاع وانحسار ، مما يعني اتساع هامش اطراف المادة السوداء الذي يتأتى من الإلتقاط للذرات الهائمة في مسيرتها المستقيمة التي لاتعرف الإنحراف .
ولكن مع اتساع هامشها عند منتصفها خلال سيرها فإن هذا الهامش مع رقته وشفافيته فإن ذراته قد تغطي جزءاً من شمال الأرض بما فيه امريكا الشمالية بأسرها وروسيا مما يعني هلاكاً واسعاً يتمدد نحو منتصف الكرة الأرضية على مدى اسابيع ثم ينحسر كلياً لثبات موقع الأرض ومسيرتها . ولكن لن يحدث ذلك وفق الشواهد الطبيعية وطبيعة حركة المادة السوداء قبل عدة مئات من السنين .
أعتقد بعد هذا الشرح فإننا بتنا ندرك ونعرف عن طوفانين حدثا في الزمن الغابر ، أما الثالث فإنه سيكون طوفاناً جزئياً وفق حركة الكون أو بالأحرى وفق مسيرة وحركة المادة السوداء .
وعليه فلن يكون هناك طوفاناً ثالثاً كاللذان سبقا إلا يوم القيامه مع انفجار الجبال وبالتالي انفجار الكرة الارضية والبحار والمحيطات وانكماش الكون بعد تناثره ليعود الى بداياته كقبضة اليد .