طريق الحرير
هنا تكثيف لبعض الافكار التي يوحي بها هذا التطور الانساني الكبير
طريق الحرير ....حزام صينى حول العالم
حلمى شعراوى
أثارت أنباء تخفيض قيمة "اليوان "الصينى ، دهشة الكثيرين فى أنحاء العالم لاشاراته الأولى إلى انخفاض معدل
نمو الناتج القومى ...الخ .
لكن رغم عدم صلتى بالمسائل الاقتصادية الفنية ، اندهشت أيضا من زاوية أخرى فى الأخبار ، هى الإعلان المتكرر لأجهزة الإعلام الصينية وأصدقائها عن الأبعاد "العالمية ""للحزام الاقتصادى لطريق الحرير وجناحه البحرى " !. والذى يجرى الحديث حول بلوغ مخصصاته للتنمية 5و2 تريليون دولار وفق تصريح للرئيس الصينى مؤخرا ! ومثل هذا الحديث عن هذا المشروع الذى تطوق به الصين العالم كله شمالا وجنوبا مستمر طوال العامين الأخيرين ، مرة بسبب الهجوم الاقتصادى بالمشروع فى وسط آسيا ، وأخرى عن طرق السكك الحديدية تبع المشروع فى شمال أوربا ، مرورا بالمجروحتى شبه جزيرة أيبيريا ، وثالثة عن المرور بإيران حتى غرب آسيا ، ورابعة عن الوصول للخليج ، والقرن الأفريقى عبر البحار والمحيطات ، للوصول ثانية إلى المتوسط وجنوب أوربا ...! وليس ذلك كله من باب أضغاث الأحلام ، ولكن ثمة اتفاقيات وقعت مع حوالى خمسين دولة ، واتفاق على
مشاريع الترتيبات وصل إلى أكثر من 160 مليار دولار...!
نحن إذن أمام مارد ضخم ، ليس سهلا تصوره فى حالة ضعف تستدعى تخفيض العملة أو الإنفاق ، إلا إذا كان المارد يختبر آلية جديدة للتعامل مع العالم الذى يحاول تطويقه ، فضلا عن حديث آخر عن محاولة فرض "اليوان"الصينى كعملة دولية بما وراءها من أسواق ناتجة عن سيولة التجارة بعد التخفيض.
ما يهمنا هنا ، ومن وراء الدخول فى بعد اقتصادى لانجيده ، هو تساؤل فلسفى عما إذا كانت العولمة قد بدأت تكتشف طريقا آخر غير الهيمنة السياسية والعسكرية لدول "الناتو"ومن لف لفها ؟ أم أنها تغوص فى اقتصاديات جديدة ، مازالت تعزف لحن الاقتصادوية الصينية دون انشغال بهيمنات أخرى ؟ أم أن الصين تقترب من العام العشرين مبكرا وقد كان حديث الصينيين دائما إجابة لأى تساؤل سياسى ، بأن ننتظر حتى 2020 لنسمع منها
الجديد ...وها قد بدأنا نسمع ...!
ما سمعناه من وفد شعبى صينى ، حضرت استضافته من قبل منظمة التضامن الأفريقى الآسيوى مؤخرا ، أنهم
يريدون "كل الخير ، لجميع الناس "...!وأنهم بالفعل رسل سلام واستقرار ..! ، وأنهم إلى جانب تخصيص 50مليار من قبل مساعدات وديون لأفريقيا ، فإنهم خصصوا 40 مليارا لصندوق "طريق الحرير" ...الخ ...الخ ...بل ويشاركون في صندوق منظمة "بريكس "الذي يبلغ مائة مليار دولار ..! ولذلك بدات بعض المصادر الغربية تتحدث عن "وفاق بيكين "الذي قد يحاصر "وفاق واشنطن "ونفوذ البنك والصندوق الدوليين ..... وهذا معني البحث عن خصائص
العولمة الجديدة بقيادة الصين ...!
ولأننا فى مصر نعيش هاجس قناة السويس الجديدة نهارنا وليلنا ، فقد اتجه التفكير ، والنقاش أحيانا ، إلى هذه القضية ، وهل تعنى خطوط "الحزام الحريرية "من وسط آسيا لأوربا ، أو إلى القرن الأفريقى ، تأثيرا سلبيا على القناة ؟، أم أن المجئ إلى المحيط الهندى جنوبا سيتبعه بالضرورة الصعود إلى السويس ؟. وقادنى الهاجس ، لأقترح على الوفد الصينى _ان جاز لمثلي ان يخاطب المارد الصيني !,"_ التفكير"فى أنهم من القرن الأفريقى ، سيكونون إذن فى قلب حوض النيل ومنظمة "كوميسا"واسعة النطاق ، بل والمنظمات الإقليمية جنوب ذلك الخط فى شرق وجنوبى أفريقيا وهو بدوره خط كيب / كايرو. فهم هنا إذن أمام حجم مصر كله وليس أمام القناة وحدها . قلت ذلك ولا أخفى خوفى من تهديد أى من هذه "الخطوط الحريرية"للقناة الجديدة ...وكالعادة لا يجيب
الصينيون حيث يجيدون الاستماع ...!
شجعنى صمتهم على التفكير الصامت بدورى ، حول اهتمام "حزامهم الحريرى "بوسط آسيا وتوقيع اتفاقيات مع إيران فى حدود 20مليار دولار فى استثمارات الطاقة ..وغير ذلك من تطور سيفرضه تحرير إيران من المقاطعة الغربية ..وعين الصين فى نفس الوقت على دول الخليج ...
إذن فسوف نكون أمام توسع إيرانى ، رفقة صديق ذي وضع جديد ، فهل ستكتفى إيران بالاستفادة من ذلك فى وسط آسيا أساسا ، لتلعب أمام التنافس الصينى الروسى – الذى يظهر بدوره بسبب خطة الروس لاقامة تكتل أوروآسيوى ، أم تلعب إيران فى اتجاه ساحات الشرق الأوسط وغرب آسيا والخليج ..بنفس روح "كل الخير ..لكل الناس .."التى عبر عنها الوفد الشعبى الصينى ؟
هنا ،على العقلاء أن يوقفوا خفة الحديث – أو استخفافه – عن صراع الشيعة والسنة ، وطوائف المشرق والمغرب ، لأننا سنبدو بذلك صغارا أكثر من اللازم ..والمسألة تتعلق كما قلت بعولمة جديدة ..لابد أن نستكشف فيها روح الصين الجديدة ، وطبيعة الحزام الذى ستطوق به العالم ...
14-8-2015