Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all 560 articles
Browse latest View live

تاريخ الأزهر منذ البدايات

$
0
0
الجامع الازهر
 
 
الجامع الأزهر 359-361 هجرية = 970-972م.هو من أهم المساجد في مصر و اشهرها في العالم الإسلامي . وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف عام وحامي حمى السنة بالرغم من أنه أنشأ لغرض نشر المذهب الشيعي عندما تم فتح مصر على يد جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر ، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في شهر جمادى الأول سنة 359 هجرية = 970م في إنشاء الجامع الأزهر وأتمه في شهر رمضان سنة 361 هجرية = 972م فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة وهو أقدم أثر فاطمى قائم بمصر.وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع ، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء بنت الرسول وإشادة بذكراها. جامعا ومدرسة لتخريج الدعاة الفاطميين, ليروجوا للمذهب الإسماعيلي الشيعي (الشيعة السبعية) الذي كان مذهب الفاطميين. وكان بناؤه في اعقاب فتح جوهر لمصر في 11 شعبان سنة 358 هـ /يوليو969م. حيث وضع أساس مدينة القاهرة في 17 شعبان سنة 358 هـ لتكون العاصمة ومدينة الجند غربي جبل المقطم . ووضع أساس قصر الخليفة المعز لدين اللَّه وحجر آساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ / 970م.
استغرق بناء الجامع عامين. وأقيمت فيه أول صلاة جمعة في 7 رمضان 361 هـ/972م. وقد سمي بالجامع الأزهر نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء التي ينتسب إليها الفاطميون. وفي سنة 378هـ/988م جعله الخليفة العزيز بالله جامعة يدرس فيها العلوم الباطنية الإسماعيلية للدارسين من إفريقيا وآسيا. وكانت الدراسة بالمجان. وأوقف الفاطميون عليه الأحباس للإنفاق منها على فرشه وإنارته وتنظيفه وإمداده بالماء، و رواتب الخطباء والمشرفين والأئمة والمدرسين والطلاب. وبعدما تولي صلاح الدين سلطنة مصر منع إقامة صلاة الجمعة به وجعله جامعا سنياً. وأوقفت عليه الأوقاف وفتح لكل الدارسين من شتي أقطار العالم الإسلامي. وكان ينفق عليهم ويقدم لهم السكن والجراية من ريع أوقافه. وكانت الدراسة والإقامة به بالمجان. وللأزهر فضل كبير في الحفاظ علي التراث العربي بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد وعلى اللغة العربية من التتريك واللغة التركية أيام الحكم العثماني لمصر سنة 1517م وأيام محمد علي باشا سنة 1805. وكان للأزهر مواقفه المشهودة في التصدي لظلم الحكام والسلاطين المماليك لأن علماءه كانوا أهل الحل والعقد أيام المماليك. ففي سنة 1209هـ/1795م، يروي الجبرتي في يومياته بأن أمراء مماليك إعتدوا على بعض فلاحي مدينة بلبيس فحضر وفد منهم إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي وكان شيخا للأزهر وقتها. وقدموا شكواهم له ليرفع عنهم الظلم. فغضب وتوجه إلى الأزهر, وجمع المشايخ. وأغلقوا أبواب الجامع. وأمروا الناس بترك الأسواق والمتاجر. واحتشدت الجموع الغاضبة من الشعب. فأرسل إبراهيم بك شيخ البلد لهم أيوب بك الدفتردار، فسألهم عن أمرهم. فقالوا: نريد العدل ورفع الظلم والجور وإقامة الشرع وإبطال الحوادث والمكوسات (الضرائب)، وخشي زعيم الأمراء مغبة الثورة فأرسل إلى علماء الأزهر يبرىء نفسه من تبعة الظلم، ويلقيها على كاهل شريكه مراد بك. وأرسل في الوقت نفسه إلى مراد يحذره عاقبة الثورة. فاستسلم مراد بك ورد ما اغتصبه من أموال، وأرضى نفوس المظلومين. لكن العلماء طالبوا بوضع نظام يمنع الظلم ويرد العدوان. و اجتمع الأمراء مع العلماء. وكان من بينهم الشيخ السادات والسيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ البكري والشيخ الأمير. و أعلن الظالمون أنهم تابوا والتزموا بما اشترطه عليهم العلماء. وأعلنوا أنهم سيبطلون المظالم والضرائب والكف عن سلب أموال الناس والإلتزام بإرسال صرة مال أوقاف الحرمين الشريفين والعوائد المقررة إليهم وكانوا ينهبونها. وكان قاضي القضاة حاضراً. فكتب على الأمراء وثيقة أمضاها الوالي العثماني وإبراهيم بك ومراد بك شيخا البلد.
 
الأزهر والاحتلال الفرنسي لمصر
 
عندما غزا الفرنسيون مصر بقيادة نابوليون بونابارت عام 1798م أشعل علماء الأزهر الثورة ضدهم من داخل الأزهر الشريف والتي عرفت بثورتي القاهرة الأولى والثانية بعدما دخلت قواته بالخيول صحن الأزهر. وألقت بالمصاحف وعاثت فيه إفسادا. وضرب الجامع بالمدافع من فوق القلعة. وكانت هذه الواقعة قد عجلت بإنسحاب الفرنسيين من مصر. وفي عام 1805م استطاع علماء الأزهر أن يفرضوا على الخليفة العثماني الوالي محمد على باشا ليكون واليا علي إيالة مصر العثمانية, بعد أن أخذوا عليه المواثيق والعهود بأن يقيم العدل بين الرعية.
نظام التعليم بالأزهر 
 
 
 
تاريخ الازهر الشريف ، بحث كامل عن تاريخ الازهر الشريف
 
 
شهد الأزهر أول حلقة درس تعليمي عندما جلس قاضي القضاة أبو الحسن علي بن النعمان في (صفر 365 هـ/أكتوبر 975م) ليقرأ مختصر أبيه في فقه آل البيت. ثم قام الوزير يعقوب بن كلس الفاطمي بتعيين جماعة من الفقهاء للتدريس و أجري عليهم رواتب مجزية، وأ قام لهم دوراً للسكن بجوار المسجد. وكان يطلق عليهم المجاورون وبهذا اكتسب الأزهر لأول مرة صفته العلمية بإعتباره معهداً للدراسة المنظمة. وظل الأزهر علي هذا المنوال من تدريس الفقه الشيعي وتعليم وتأهيل دعاة مذهب الفاطميين. حتي توقفت الدراسة به تماما في العصر الأيوبي لأن الأيوبيين كانوا يعملون على إلغاء المذهب الشيعي، وتقوية المذهب السني بإنشاء مدارس لتدريس الحديث والفقه كما كان متبعا في جامع عمرو بالفسطاط أيام الفاطميين. و قل الإقبال على الأزهر. لكنه استرد مكانته في العصر المملوكي بعدما أصبح تدرس فيه الفقه والمذاهب السنية فقط. فشهد إقبالا وازدحم بالعلماء والدارسين، وبحلقات العلم التي كانت تضم العلوم الشرعية واللغوية من فقه و حديث وآداب وتوحيد ومنطق وعلم الكلام. وعلم الهيئة والفلك والرياضيات كالحساب والجبر والهندسة. وكان الطالب يلتحق بالأزهر بعد أن يتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وحفظ القرآن دون التزام بسن معينة ليتردد على حلقات العلماء ويختار ما يريد من العلماء القائمين على التدريس. وكان الطالب غير ملتزم بالانتظام في الدراسة؛ فقد ينقطع عنها لفترة ثم يعاودها. ولم تكن هناك لوائح تنظيمية تنظم سير العمل أو تحدد المناهج والفرق الدراسية وسنوات الدراسة. والطالب لو أصبح مؤهلا للتدريس والجلوس موقع الشيوخ استأذنهم وقعد للدرس. فإذا لم يجد فيه الطلاب ما يرغبون من علم، انفضوا عنه وتركوا حلقته، أما إذا التفوا حوله، ولزموا درسه، ووثقوا فيه، فتلك شهادة بصلاحيته للتدريس. بعدها يجيزه شيخ الأزهر. فيحصل علي شهادة الإجازة في التدريس. وظل هذا النظام متبعا حتى الخديوي إسماعيل عندما أصدر أول قانون للأزهر سنة (1288 هـ/1872م) لتنظيم حصول الطلاب على الشهادة العالمية، وحدد المواد التي ييمتحن فيها الطالب بإحدى عشرة مادة دراسية شملت الفقه والأصول والحديث والتفسير والتوحيد والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق. و طريقة الامتحان بأن يقوم الطالب بالجلوس فوق أريكة المدرس، والممتحنون أعضاء اللجنة يتحلقون حوله في وضع الطلبة. فيلقي الطالب درسه. ويقوم الشيوخ بمناقشته في مختلف فروع العلم. وقد يستمر الامتحان لساعات طويلة لا تقطعها اللجنة إلا لتناول طعام أو لأداء الصلاة. حتى إذا اطمأنت من تمكن وتاهيل وحفظ الطالب أجازته وأعطته درجات لتحديد مستواه. فالدرجة الأولى تمنح للطالب الذي يجتاز جميع المواد أو معظمها، والدرجة الثانية للذي يقل مستواه العلمي عن صاحب الدرجة الأولى، ولا يسمح له إلا بتدريس الكتب المتوسطة، أما الدرجة الثالثة فحاملها لا يُسمح له إلا تدريس الكتب الصغيرة للمبتدئين. ومن كان يرسب في الامتحان فكان يمكنه إعادة الإمتحان مرة أخرى أو أكثر دون التزام بعدد من المحاولات. ويحق لمن حصل على الدرجة الثانية أو الثالثة أن يتقدم مرة أخرى للحصول على الدرجة الأعلى. وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني صدر قانون سنة (1314 هـ/1896م) لتطوير الأزهر. وقد حدد القانون سن قبول التلاميذ بخمسة عشر عاما مع ضرورة معرفة القراءة والكتابة، وحفظ القرآن وحدد المقررات التي تُدرس بالأزهر مع إضافة طائفة جديدة من المواد تشمل الأخلاق ومصطلح الحديث والحساب والجبر والعروض والقافية والتاريخ الإسلامي والإنشاء ومتن اللغة ومبادئ الهندسة وتقويم البلدان. وأنشأ هذا القانون شهادة تسمى "الأهلية"يتقدم إليها من قضى بالأزهر ثماني سنوات ويحق لحاملها شغل وظائف الإمامة والخطابة بالمساجد، وشهادة أخرى تسمى "العالمية"، ويتقدم إليها من قضى بالأزهر اثني عشر عاماً على الأقل، ويكون من حق الحاصلين عليها التدريس بالأزهر.
وصدر المرسوم الملكي رقم 26 لسنة 1936م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها للقيام على حفظ الشريعة الإسلامية وأصولها وفروعها واللغة العربية وعلى نشرها, وتخريج علماء يوكل إليهم تعليم علوم الدين واللغة بالمعاهد والمدارس. وحدد المرسوم اختصاص هيئة كبار العلماء وقصر كليات الأزهر على ثلاث هي: كلية الشريعة و كلية أصول الدين و كلية اللغة العربية. كما حدد دور المعاهد الأزهرية في تزويد الطلاب بثقافة عامة في الدين واللغة، وإعدادهم لدخول كليات الأزهر دون غيرها.
وفي عام 1956م قام الرئيس جمال عبد الناصر فوق منبر الأزهر ليعلن القتال ضد العدوان الثلاثي ( بريطانيا وفرنسا وإسرائيل). وصدر القانون رقم 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له. فنص: الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وآثره في تقدم البشر ورقي الحضارة، وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا والآخرة. كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها، وتعمل على رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية، وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافية الدينية والعربية ولغة القرآن. وتخريج علماء عاملين متفقهين في الدين، يجمعون إلى الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح، كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربط بين العقيدة والسلوك. وتأهيل عالم الدين للمشاركة في كل أسباب النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطيبة، وعالم الدنيا للمشاركة في الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. كما تهتم بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات الإسلامية والعربية والأجنبية. ومقره القاهرة، ويتبع رياسة الجمهورية". و أوضحت المادة الثانية من القانون رقم 103 لسنة 1961م ملامح الأزهر الجديد، وأنه يعيش بالإسلام في واقع المجتمع، وينفث روح الدين في شتى مجالات العمل في الدنيا، ويأخذ مكانه في العالم من خلال هذا الدور الذي يربط علوم الدين بالدنيا، و نصت على: يرأس الأزهر الشريف الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر. وقد وضع القانون المشار إليه اختصاصات شيخ الأزهر فنصت المادة (4) على الآتي: شيخ الأزهر الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشؤون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية في الأزهر وهيئاته، ويرأس المجلس الأعلى للأزهر".
وحاليا جامع الأزهر كمسجد يتبع وزارة الأوقاف ولا يتبع مشيخة الأزهر الموجودة بمقرها الجديد بحديقة الخالدين بالدراسة .
مشايخ الازهر عبر التاريخ
 
 
 
 
 
 
الشيخ الامام حسونة النواوى
 
 
عين فى مسجد محمد على بالقلعة لتدريس مادة الفقه وكذلك فى مدرسة دار العلوم و مدرسة الحقوق يعد الشيخ حسونه النواوى ثانى اثنين جمعا بين منصب شيخ الأزهر ومنصب مفتى الديار المصرية وهو من مواليد عام 1255 هـ 1839 م وعين شيخا للجامع الأزهر عام 1313 هـ 1896 م وظل بهذا المنصب حتى عام 1317 هـ 1900 م وتركه ثم عاد إليه عام 1327 هـ 1909 م وقد توفى رحمه الله عام 1924 م بعد أن ظل فى بيته عدة سنوات وفى مشيخة الشيخ حسونه صدر قانون لتنظيم الأزهر عام 1895 م وهذا القانون استهدف تنظيم الأزهر من الناحية الإدارية وعقبه شكل مجلس الأزهر وبين هذا القانون كيفية الدراسة بالأزهر وكفل انتظامها وادخلت الأزهر علوم لم تكن تدرس به من قبل كالحساب والهندسة والجبر والجغراقيا والتاريخ والخط ولقد بين هذا القانون أن مدة الدراسة بالأزهر 13 عاما يعطى للطالب بعد ثمانى سنوات شهادة الأهلية ثم بعدها يعطى العالمية بعد أن يكون قد أمضى أربع سنوات من آثاره العلمية سلم المسترشدين فى أحكام الفقه و الدين
 
 
 
الشيخ الامام سليم بن ابى فراج البشرى
ولد فى محلة بشر من قرى محافظة البحيرة عام 1248 هـ 1832 مـ تلقى علومه بالأزهر على يد علمائه الأجلاء كالشيخ الباجورى و الشيخ عليش و الشيخ الخنانى الذى استخلفه فى قراءة أمهات الكتب مع تلامذته فباشر عمله فى التدريس و ذاع صيته و تخرج على يديه كثير من الأزهريين النابهين بجانب تدريسه للعلوم فى الأزهر كان شيخا و نقيبا للمالكية و عضوا ً فى مجلس إدارة الأزهر تولى المشيخة عام 1317 هـ 1900 مـ و استقال من المنصب عام 1320 هـ 1902 مـ ثم عين مرة ثانية وفقا لشروطه عام عام 1327 هـ 1909 مـ و بقى بالمنصب حتى لقى ربه عام 1335 هـ 1916 مـ على الرغم من أعبائه فى المشيخة و نقابة المالكية لم يترك التدريس و التأليف و قيادة الحركة الإصلاحية كانت له مواقف تشهد بشجاعته و بعد نظره و حكمته مما رفع من شأن الأزهر علماء و طلابا من آثاره العلمية 1 حاشية تحفة الطلاب لشرح رسالة الآداب فى الأدب 2 حاشية على رسالة الشيخ عليش فى التوحيد 3 شرح نهج البردة 4 الاستئناس فى بيان الأعلام و أسماء الأجناس فى النحو 
 
 
 
 
الشيخ الإمام محمد أبو الفضل الجيزاوى
ولد بقرية وراق الحضر من قرى محافظة الجيزة سنة 1264 هـ 1874 مـ و تلقى تعليمه بالأزهر على يد أفاضل العلماء مثل الشيخ عليش و الشيخ العدوى و الشيخ الإنبابى و غيرهم عين عضوا فى إدارة الأزهر فى عهد الشيخ البشرى ثم وكيلا للأزهر سنة 1326 هـ 1908 مـ و لم يترك التدريس طوال هذه الفترة تولى المشيخة سنة 1335 هـ 1917 مـ عاصر أحداث الثورة المصرية سنة 1919 مـ و ما تلاها من صراع بين الشعب و مستعمريه و حكامه وقاد مسيرة الأزهر فى خضم تلك الأحداث حتى لقى ربه سنة 1346 هـ 1927 مـ استصدر قانونا فى سنة 1923 مـ تقدم به خطوة نحو الإصلاح يتضمن 1 خفض كل مرحلة من مراحل التعليم بالأزهر إلى أربع سنوات 2 إنشاء أقسام التخصص فى التفسير و الحديث و الفقه و الأصول و النحو و الصرف و البلاغة و الأدب و التوحيد و المنطق و التاريخ و الاخلاق ويلتحق بها من يحصل على العالية 3 تأليف لجنة لإصلاح التعليم بالأزهر انتهت إلى وجوب تدريس العلوم الرياضية التى تدرس بالمدارس المدنية منح اسمه وسام العلوم و الفنون من الطيقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آ ثاره العلمية الطراز الحديث فى فن مصطلح الحديث حاشية على شرح العضد فى أصول الفقه كتاب تحقيقات شريفة 
 
 
 
 
الشيخ الامام محمد مصطفى المراغى
ولد بالمراغة من مراكز سوهاج سنة 1298 هـ 1881 مـ حفظ القرآن الكريم ثم حضر إلى الأزهر فتلقى علومه علي كبار علمائه مثل الشيخ محمد عبده وقد تأثر به وأفاد منه علما ومنهجا في الإصلاح اتسم الشيخ المراغي بسعة الأفق ولم يكن يكتفي بدراسة الكتب بل جعل يقيل علي كل مصادر المعرفة بعد أن حصل على العالمية سنة 1904 م عمل بالقضاء في السودان ثم تدرج في المناصب حتى عين رئيسا للمحكمة الشرعية العليا سنة 1923 م ثم عين شيخا للأزهر عام 1928م و استقال عام 1929 م ثم عاد الى المشيخة مرة ثانية عام 1935م وبقي بها حتى وفاته سنة 1945 م كان مولعا بالإصلاح فى كل مجال عمل فيه ففى حقل القضاء شكل لجنة لتنظيم لائحة الاحوال الشخصية برياسته ولم يتقيد بمذهب ابي حنيفة كما كان المتبع آنذاك وكان في هذا متأثرا بنزعة شيخه الاستاذ الإمام محمد عبده تزعم الدعوة الي فتح باب الاجتهاد وتوحيد المذاهب حتى تتوحد الأمة دارت بينه وبين أغاخان سنة 1938 م محادثات بهدف تكوين هيئة للبحث الديني تستهدف التضامن بين الهيئات التعليمية في العالم الإسلامي والعمل على تبسيط قواعد الدين الإسلامي وتعاليمه ومحاولة التوفيق بين المسلمين علي اختلاف مذاهبهم وتأكيد الروابط فيما بينهم في مشيخة الأزهر ألف لجانا لدراسة قوانين الأزهر والعمل على إصلاحها كما شكل لجنة من كبار العلماء تتولي الإفتاء فيما يعرض عليها من أمور المسلمين عدل في نظام هيئة كبار العلماء وأضاف شروطا لاختيار أعضائها واسماها جماعة كبار العلماء انشأ مراقبة للبحوث والثقافة الإسلامية عام 1945 م وتختص بالنشر والترجمة والعلاقات الإسلامية والبعوث الإسلامية والدعاة منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر من آثاره العلمية 1 الأولياء والمحجورون نال بها عضوية هيئة كبار العلماء في الفقه 2 تفسير جزء تبارك 3 بحث في وجوب ترجمة معاني القرآن الكريم 4 مباحث لغوية وبلاغية 
 
 
 
الشيخ الامام محمد الاحمدى الظواهرى
ولد بقرية كفر الظواهرى بمحافظة الشرقية سنة 1295 هـ 1887 مـ و نشأ فى بيت علم و صلاح حصل على العالمية من درجة الأولى ودرس بمعهد طنطا الاحمدى و ذاع صيته من الناحيتين العلمية و الصوفية ألف كتابه العلم و العلماء وفيه دعوة إلى الإصلاح تلك التى كان يقف لها الشيخ الشربينى بالمرصاد عين شيخا لمعهد طنطا و كان متحمسا للإصلاح و انعكس ذلك على المعهد و طلابه ثم عين عضوا بالمجلس الأعلى للأزهر تولى المشيخة عام 1348 هـ 1929 مـ فأقبل على الإصلاح وصدر القانون رقم 49 لسنة 1930م الذى تضمن إنشاء كلية الشريعة و كلية أصول الدين و كلية اللغة العربية و تخصص المادة لتخريج مدرسين للكليات و تخصص المهنة الدعوة القضاء التدريس تضمن القانون كذلك تأليف هيئة تسمى مجلس الأزهر الأعلى و لها حق النظر فى اللوائح و القوانين برياسة شيخ الأزهر و عضوية الوكيل و المفتى و مشايخ الكليات انتقل إلى رحمه الله عام 1944 م منح اسمه وسام العلوم و الفنون من طبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آ ثاره العلمية 1 العلم و العلماء فى الإصلاح 2 رسالة الأخلاق الكبرى 3 السياسة و الأزهر مقالات و مذكرات 4 الوصايا و الآداب 5 مقادير الأخلاق 
 
 
الشيخ الامام مصطفى عبد الرازق
ولد الشيخ مصطفى بن حسن بن احمد بن محمد عبد الرازق بقرية ابو جرج من قرى محافظة المنيا سنة 1304 هـ 1885 م وحفظ بها القرآن الكريم ثم حضر الى القاهرة حيث تلقى تعليمه بالآزهر على ايدي علمائه الأجلاء ومنهم الأستاذ الإمام محمد عبده توطدت الروابط بين الإمام محمد عبده وبين والده حسن باشا عبد الرازق وكان ذا ثقافة دينية ازهرية فضلا عن مكانته الاجتماعية والسياسية تأثر الشيخ مصطفي بالإمام محمد عبده تأثرا كبيرا ودفعه ذلك الى الاهتمام بتراث الشيخ جمال الدين الأفغاني ايضا نبغ الشيخ مصطفي في دراسته ونال شهادة العالمية من الدرجة الأولي عين بالتدريس بمدرسة القضاء الشرعي ولكن طموحه دفعه الى الاستزادة من العلم فارتحل الي فرنسا ليجمع الى ثقافته ثقافة الغرب من خلال جامعة السوربون و وافاد من دراسته الفلسفة والآداب عاد ليتدرج في الوظائف سكرتيرا لمجلس الأزهر سنة 1916م ثم مفتشا في المحاكم الشرعية سنة 1921 م ثم استاذا للفلسفة في كلية الآداب سنة 1927 م تقلد منصب وزارة الأوقاف عدة مرات ثم تقلد المشيخة سنة 1945 م صادفته عدة صعاب لدى توليه المشيخة ومضى الشيخ في طريقه للإصلاح واستطاع أن يجمع حوله العلماء ولكن عاجلته المنية سنة 1947 م من آثاره العلمية 1- ترجمة فرنسية لرسالة التوحيد للشيخ محمد عبده بالاشتراك مع الاستاذ ميشيل برنارد 2- رسائل بالفرنسية عن معنى الإسلام ومعنى الدين في الإسلام 3- التمهيد لتاريخ الفلسفة 4- فيلسوف العرب والمعلم الثاني 5- الإمام الشافعي 6- الإمام محمد عبده 7- بحث في حياة البهاء زهير وشعره 
 
 
 
الشيخ الامام محمد مأمون الشناوى
ولد في الزرقا من مراكز دمياط حاليا سنة 1878 م ولما اتم حفظ القرآن حضر الى القاهرة وتلقي تعليمه في الأزهر و نال اعجاب اساتذته الأعلام ومنهم الشيخ محمد عبده والشيخ الإمام ابو الفضل الجيزاوي نال شهادة العالمية سنة 1906 م واشتغل بالتدريس بمعهد الإسكندرية حتى سنة 1917 م ثم عين قاضيا شرعيا لما ذاع صيته العلمي والخلقي اختاره المسئولون اماما للسراي الملكية بعد صدور قانون تنظيم الأزهر سنة 1930 م عين عميدا لكلية الشريعة ثم عضوا في جماعة كبار العلماء سنة 1934 م فوكيلا للأزهر مع رياسته للجنة الفتوي سنة 1944 م وفي سنة 1948 م عين شيخا للأزهر وسع من دائرة البعثات للعالم الإسلامي وأرسل النوابغ لإنجلترا لتعلم اللغة الإنجليزية توطئة لإيفادهم الي البلاد الإسلامية التي تتخاطب بالإنجليزية أفسح المجال أمام الوافدين الى الأزهر من طلاب البعوث ويسر لهم الإقامة والدراسة اختط للمعاهد الدينية خطة تغطي عواصم الأقاليم حيث افتتح في عهده خمسة معاهد جديدة وصل إلي اتفاق مع وزارة المعارف ليكون الدين الإسلامي مادة اساسية بالمدارس و أن يتولي تدريسها خريجو الأزهر اسهم في الحركة الوطنية سنة 1919 م بقلمه ولسانه انتقل الى رحمة الله في سنة 1950 م منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر 
 
 
 
 
الشيخ الامام عبد المجيد سليم
ولد سنة 1882م فى قرية ميت شهاله من قرى المنوفية وتلقى تعليمه بالأزهر على يد علمائه الأفاضل ومنهم الإمام الشيخ محمد عبده حصل على العالمية من الدرجة الأولى عام 1908م عاصر أحداث وطنه وشارك فيها وشغل الكثير من المناصب الدينية فى الأزهر والقضاء الشرعى الإفتاء وكان لآرائه الدينية صدى بعيد فى العالم الإسلامى كافة أشرف على الدراسات العليا فى الأزهر ورأس لجنة الفتوى وأسهم فى إصلاح الأزهر أثر عنه اشتغاله بالتقريب بين المذاهب الإسلامية وله فى هذا المجال كثير من المراسلات مع علماء البلاد الإسلامية كان فقيها حرا لا يتقيد بمذهب معين وإنما يتعمق الأدلة وهو فى هذا متأثر بأستاذه الإمام محمد عبده انتقل إلى رحمة الله عام 1954م مُنح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية فتاويه وتبلغ بضعة عشرة ألف فتوى مقالاته وآراؤه ودراساته فى الصحف والمجلات وبخاصة رسالة الإسلام 
 
 
 
الشيخ الامام ابراهيم حمروش
ولد فى قرية الخوالد مركز ايتاى البارود محافظة البحيرة سنة 1880م ونشأ بها فحفظ القرآن الكريم ثم حضر إلى القاهرة وتلقى تعليمه بالأزهر درس على أعلام العلماء كالشيخ محمد عبده والشيخ أبو خطوة والشيخ بخيت وغيرهم حصل على العالمية من الدرجة الأولى سنة 1906م عمل مدرسا بالأزهر ثم قاضيا فى المحاكم الشرعية ثم شيخا لمعهد أسيوط سنة 1928م ثم شيخا لمعهد الزقازيق ثم عميدا لكلية اللغة العربية عند إنشائها سنة 1932م ثم شيخا لكلية الشريعة سنة 1944م كان رئيسا للجنة الفتوى وعضو مجمع اللغة العربية منذ إنشائه سنة 1932م تولى المشيخة فى سبتمبر سنة 1951 وأعفى من منصبه فى فبراير سنة 1952م إثر أحد مواقفه الوطنية انتقل إلى رحمة الله فى نوفمبر 1960م منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية عوامل نمو اللغة بحث نال به عضوية جماعة كبار العلماء فصول ودراسات فى مجلة المجمع اللغوى مقالات وأبحاث عديدة فى الصحف والمجلات 
 
 
الشيخ الامام محمد الخضر حسين
ولد بمدينة نفطة بتونس سنة 1293 هـ 1876م وحفظ القرآن الكريم ثم التحق بجامعة الزيتونة 1307هـ 1889م ونال شهادة العالمية سنة 1321هـ 1903م تولى التدريس فى الزيتونة وأنشأ مجلة السعادة العظمى سنة 1321هـ ثم ولى قضاء بنزرت بتونس عام 1324هـ 1905م إلى جانب التدريس والخطابة بمسجدها ثم استقال وعاد إلى الزيتونة للتدريس بها ثانية وفى سنة 1325هـ اشترك فى تأسيس الجمعية الزيتونية عين مدرسا فى سنة 1326هـ بمدرسة الصادقية وهى المدرسة الثانوية الوحيدة فى القطر التونسى كرس قلمه وبيانه لمحاربة الاستعمار وتنقل بين أقطار عربية وغربية كثيرة حتى استقر به المقام فى القاهرة حيث حصل على العالمية من الأزهر وأصبح من علمائه و أساتذته تجنس بالجنسية المصرية وشارك فى النشاط العلمى والعملى وعين رئيسا لتحرير مجلة الأزهر عام 1349هـ 1931م عين عضوا بمجمع اللغة العربية منذ إنشائه فى سنة 1366هـ صدرت مجلة لواء الإسلام فعُهد إليه رياسة تحريرها فى سنة 1370هـ تقدم برسالة القياس فى اللغة العربية ونال بها عضوية جماعة كبار العلماء تولى مشيخة الأزهر فى سنة 1371هـ 1952م واستقال لأسباب صحية سنة 1373هـ انتقل إلى رحمة الله سنة 1377 هـ سنة 1958م مُنح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية كتاب القياس فى اللغة العربية نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم نقد كتاب فى الشعر الجاهلى ديوان خواطر الحياة 
 
 
 
الشيخ الامام عبد الرحمن تاج
ولد بأسيوط سنة 1896م وحفظ القرآن ودرس مبادئ العلوم الدينية والعربية ثم التحق بمعهد الإسكندرية الديني سنة 1910م ونال شهادة العالمية سنة 1923م عين مدرسا بمعهد أسيوط ثم أنتقل إلى معهد القاهرة سنة 1931م ثم عين مدرسا بكلية الشريعة سنة 1933م ثم عين عضوا بلجنة الفتوى ممثلا للمذهب الحنفى سافر فى بعثة الأزهر إلى جامعة السربون بفرنسا وعاد ليعين فى كلية الشريعة فى قسم تخصص القضاء الشرعى وعضوا بلجنة الفتوى نال عضوية جماعة كبار العلماء برسالته السياسة الشرعية ثم عمل استاذ للشريعة الإسلامية بكلية حقوق عين شمس واختير عضوا فى لجنة الدستور وعين شيخ للأزهر سنة 1954م أخذ خطوة فى طريق الإصلاح فقرر تدريس اللغات الأجنبية وظل شيخ للأزهر إلى أن عين وزيرا فى سنة 1963م أصبح عضوا بمجمع اللغة العربية مُنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1955م انتقل إلى رحمة الله سنة 1975م مُنح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية البابية وعلاقتها بالإسلام بالفرنسية رسالة الدكتوراه السياسة الشرعية فى الفقه الإسلامى رسالة عضوية كبار العلماء الأحوال الشخصية فى الشريعة الإسلامية مذكرة فى الفقه المقارن حكم الربا فى الشريعة الإسلامية شركات التأمين من وجهة نظر الشريعة الإسلامية 
 
 
 
الشيخ الامام محمود شلتوت
فى الثالث و العشرين من أبريل عام 1893 ولد محمود شلتوت منية بنى منصور إحدى قرى مركز ايتاى البارود بمحافظة البحيرة والتحق بكتاب القرية وأتم حفظ القرآن الكريم ثم التحق بمعهد الإسكندرية عام 1906 م وكان الأول دائما فى سنوات دراسته إلى أن نال الشهادة العالمية عام 1918م وفور تخرجه عين مدرسا بمعهد الإسكندرية ثم نقل مدرسا بالقسم العالى فى الأزهر بالقاهرة فى عهد الشيخ مصطفى المراغى وقد كان الشيخ شلتوت من أكبر مؤيدى الشيخ المراغى فى دعوته و اتجاهاته لإصلاح الأزهر وعندما استقال الشيخ المراغى من منصبه فصل الشيخ شلتوت وكان ذلك فى عام 1931م فى عهد وزارة صدقى و كان معه عدد من علماء الأزهر مثل الشيخ محمد عبد اللطيف دراز و الشيخ عبد الجليل عيسى و الزنكلونى و العدوى و فصلوا جميعا فى عهد الشيخ الأحمدى الظواهرى وقد اتجه الشيخ شلتوت للعمل بالمحاماة فى المحاكم الشرعية فكان يترافع فى قضايا الوقف والزواج والطلاق والنفقة وذاع صيته لدى المتقاضيين ورغم ذلك استمرت علاقة الشيخ شلتوت بالأزهر فظل ينفخ فى زملائه ويخلق بينهم تيارا إصلاحيا وعمل بجهده على تقويته وفى فبراير 1935م أعيد الشيخ شلتوت إلى عمله بالأزهر وعين مدرسا بكلية الشريعة بعد خمسة أعوام من عزله ولما نجحت حركة الأزهريين وعاد الشيخ المراغى إلى مشيخة الأزهر عين الشيخ شلتوت وكيلا لكلية الشريعة فى عام 1937اشترك الشيخ شلتوت ممثلا للأزهر فى مؤتمر القانون الدولى المقارن مدينة لاهاى فى هولندا وقد عين الشيخ شلتوت عضوا بمجمع اللغة العربية عام 1946 ومراقبا عاما للبحوث والثقافة بالأزهر عام 1950م ومستشارا للمؤتمر الإسلامى ووكيلا للأزهر عام 1957م ثم عين شيخا للأزهر عام 1958 م وظل فى المنصب حتى وفاته كان الشيخ شلتوت صاحب نشاط ملحوظ فى الحياة الثقافية والدينية عن طريق العديد من المحاضرات التى كان يلقيها فى المنتديات العامة والأحاديث الإذاعية والتى مازال حتى الآن يذاع منها حديث الصباح كما كان عالما مجددا واسع الأفق يدعو إلى الحرية المذهبية المستقية على فهم الإسلام وكان يرفض العصبية الطبقية والتعصب الأعمى لمذاهب فقهية معينة وكان يتطلع لتحقيق الوحدة الإسلامية واصدر فتواه عندما كان شيخا للأزهر بجواز التعبد على المذهب الفقهى للشيعة الإمامية وهو المذهب الجعفرى كسائر مذاهب أهل السنة وقد كان الشيخ شلتوت فى طليعة المنادين بالتجديد والإصلاح فى الأزهر وهو يعد تلميذا نجيبا فى مدرسة الشيخ محمد عبده و الشيخ المراغى و الشيخ عبد المجيد سليم فقد حمل راية الإصلاح والتجديد من بعدهم عندما عين شيخا للأزهر وقد طالب بإعادة النظر فى مناهج الأزهر وقال أننا نريد انقلابا محببا إلى النفس وقد وجدت دعوته أذانا صاغية فصدر فى عهده قانون تطوير الأزهر عام 1961 م وهو بذلك أول من ادخل اللغات الأجنبية ضمن مناهج الدراسة بالأزهر كما ادخل فقه الشيعة فى مناهج الدراسة إلى جانب المذاهب الأربعة كان الشيخ شلتوت فقيها مجتهدا صاحب رأى وله فتاوى جريئة فى المعاملات المالية التى لم تكن معروفة لدى الفقهاء السابقين فقد أفتى بجواز الأرباح المحددة بنسب الأسهم فى الشركات التعاونية وللشيخ عدة مؤلفات هامة وتحظى هذه المؤلفات بالانتشار الواسع فى شتى أنحاء العالم العربى والاسلامى ولا تزال حتى الآن يعاد طباعتها وتوزيعها فى فترات زمنية متقاربة ومن أهم مؤلفاته فقه القرآن والسنة و مقارنة المذاهب و يسألونك وهى إجابات عن أسئلة فى موضوعات شتى و منهج القرآن فى بناء المجتمع و المسئولية المدنية و الجنائية فى الشريعة الإسلامية و القرآن والقتال و القرآن والمرأة و تنظيم العلاقات الدولية فى الإسلام و الإسلام و الوجود الدولى و تنظيم النسل و رسالة الأزهر و إلى القرآن الكريم و الإسلام عقيدة و شريعة و من توجيهات الإسلام و الفتاوى و تفسير القرآن الكريم و العشرة أجزاء الأولى وقد نال الشيخ محمود شلتوت ألوانا من التكريم من مختلف الدول الإسلامية التى زارها فقد منحته جامعة شيلى درجة الزمالة تقديرا لجهوده فى خدمة العلم ونال وسام النبيلين من ملك المغرب والدكتوراه الفخرية من الجامعة الإسلامية الحكومية بجاكرتا باندونيسيا وفى يوم 13 ديسمبر1961 ليلة الإسراء والمعراج ليلة الجمعة و فى مستشفى العجوزة لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن أتم سبعين عاما وسبعة اشهر وعشرين يوما فى خدمة الإسلام لتودع الأمة الإسلامية عظيما من عظمائها قلما يجود الزمان بمثله 
 
 
 
 
الشيخ الامام حسن مأمون
ولد فى سنة 1894م فى بيت علم ودين فحفظ القرآن والتحق بالأزهر وبعد حصوله على الثانوية التحق بمدرسة القضاء الشرعى وتخرج منها سنة 1918م عمل بالقضاء الشرعى وترقى فيه حتى أصبح قاضيا عاما وذاعت شهرته فتم تعينه قاضى قضاة السودان سنة 1941م ثم عاد إلى القضاء الشرعى بمصر سنة 1947م وتدرج فى مناصبه حتى منصب رئيس المحكمة العليا الشرعية سنة 1952م عين مفتيا سنة 1955م وفى سنة 1964م تولى مشيخة الأزهر وظل فى منصبه حتى ثقل عليه المرض فاستعفى من منصبه فى سبتمبر سنة 1969 منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1970م انتقل إلى رحمة الله عام 1973م منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية الفتاوى دراسات وأبحاث فقهيه السيرة العطرة الجهاد فى الإسلام 
 
 
 
الشيخ الدكتور الامام محمد الفحام
ولد فى الإسكندرية سنة 1894م وحفظ القرآن الكريم وتلقى تعليمه بمعهد الإسكندرية الأزهرى وواصل دراسته بالأزهر ونال شهادة العالمية سنة 1922م عين مدرسا للعلوم الرياضية بمعهد الإسكندرية بجانب العلوم الدينية والشرعية ثم نقل إلى كلية الشريعة مدرسا للمنطق والبلاغة سنة 1935م سافر فى بعثة إلى فرنسا سنة 1936 وعاد منها يحمل الدكتوراه من السوربون سنة 1946 عمل مدرسا بكليات جامعة الأزهر وجامعة الإسكندرية ثم تولى عمادة كلية اللغة العربية سنة 1959 تولى مشيخة الأزهر سنة 1969 وفى عام 1972 انتخب عضوا بمجمع اللغة العربية وفى عام 1973 استعفى من المشيخة فأجيب إلى طلبه منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1973 انتقل إلى رحمة الله عام 1980 منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية رسالة الموجهات فى المنطق سيبويه وآراؤه فى النحو المسلمون واسترداد بيت المقدس 
 
 
 
 
الامام الدكتور عبد الحليم محمود
ولد سنة 1910 بقرية أبو حمد مركز بلبيس بمحافظة الشرقية حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر سنة 1923 م حصل على العالمية سنة 1932 م ثم سافر إلى فرنسا حيث حصل على الدكتوراه سنة 1940 م فى الفلسفة الاسلامية بعد عودته عمل مدرسا بكليات الأزهر ثم عميدا لكلية أصول الدين سنة 1964 م و عضوا ثم امينا عاما لمجمع البحوث الاسلامية فنهض به و أعاد تنظيمه عين وكيلا للأزهر سنة 1970 م فوزيرا للاوقاف و شئون الأزهر ثم تولى مشيخة الأزهر سنة 1973 م ألف لجنة لتقنين الشريعة الإسلامية فى صيغة مواد قانونية ليصدر بها قانون فى مجلس الشعب فى عهده تضاعفت عدد المعاهد الابتدائية والإعدادية والثانوية كما زادت كليات جامعة الأزهر زيادة واضحة انتقل إلى رحمه الله عام 1978 م منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية التصوف عند ابن سينا فلسفة ابن طفيل الإسلام والعقل التصوف الإسلامى الحارث بن أسد المحاسى رسالة دكتوراه بالفرنسية الفلسفة اليونانية مترجم عن الفرنسية
 
 
 
 
الإمام الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار
ولد بقرية السالمية مركز فوه بمحافظة كفر الشيخ فى العشرين من اكتوبر سنة 1910 م حفظ القرآن الكريم بمكتب القرية ثم التحق بمعهد دسوق الدينى ثم معهد الإسكندرية ثم التحق بكلية أصول الدين وتخرج من الكلية بتفوق عام 1939 م ثم التحق بتخصص الدراسات العليا قسم العقيدة والفلسفة وحصل على العالمية بدرجة مع لقب أستاذ فى العقيدة والفلسفة سنة 1945 م فى فبراير سنة 1946 م تم تعيين فضيلته مدرسا بكلية أصول الدين وفى سنة 1949 م اختاره الأزهر عضوا فى بعثاته التعليمية إلى انجلترا حتى حصل عل الدكتوراه بتفوق فى الفلسفة العامة من كلية الآداب بجامعة أدنبره ثم عاد أستاذا بكلية أصول الدين وفى سنة 1955 اختير مديرا للمركز الإسلامى بواشنطن حتى عام 1959 م ثم عاد أستاذا بكلية أصول الدين وفى سنة 1963 م اختاره الأزهر رئيسا لبعثته الأزهرية فى ليبيا وفى سنة 1968 م صدر قرارا جمهوريا بتعيين فضيلته امينا عاما للمجلس الأعلى للأزهر وفى سنة 1970 صدر قرارا جمهوريا بتعيينه أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية وفى سنة 1974 م عين وكيلا للأزهر وفى سنة 1978 م صدر قرار جمهورى بتعيينه وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر وفى آخر يناير سنة 1979 صدر قرار جمهورى بتعيينه شيخا للأزهر منح قلادة الجمهورية سنة 1981 م إلى أن توفى إلى رحمة الله فى اليوم الثانى عشر من جمادى الأولى سنة 1402 هـ الموافق الثامن من مارس سنة 1982 م من آثاره العلمية الوجود والخلود فى فلسفة بن رشد العقيدة والأخلاق فى الفلسفة اليونانية العالم بين القدم والحدوث رسالة عن الحرب والسلام فى الإسلام بالإنجليزية 
 
 
 
 
الشيخ الامام جاد الحق على جاد الحق
ولد فى 5 من ابريل عام 1917 م فى قرية بطره مركز طلخا دقهلية حفظ القرآن الكريم فى كتاب القرية ودرس بالجامع الأحمدى بطنطا سنة 1930م ثم بمعهد القاهرة الدينى حصل على الشهادة العالمية من كلية الشريعة عام 1943 م والعالية مع تخصص القضاء الشرعى عام 1945 م بدأ حياته العملية فى المحاكم الشرعية سنة 1946 م ثم عين موظفا قضائيا بدار الإفتاء ثم أمينا للفتوى عام 1952 م ثم قاضيا بالمحاكم الشرعية عام 1954 م ثم تقلد مناصب القضاء ثم انتدب مفتشا قضائيا بوزارة العدل سنة 1974 م فمستشارا بمحاكم الاستئناف سنة 1976 م عين عضوا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ومجلس الأمناء باتحاد الإذاعة والتليفزيون عين مفتيا للجمهورية فى 26 من أغسطس عام 1978 م ثم وزيرا للأوقاف فى 4 من يناير عام 1982 م عين شيخا للأزهر فى 17 من مارس سنة 1982 م منح وشاح النيل بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر من آثاره العلمية الأحكام القضائية التى اشتملت على بحوث واجتهادات فقهيه فى التطبيق البحوث الفقهية والتقارير الفنية فى التفتيش على أعمال القضاء بالمحاكم الفتاوى وهى تحت الطبع مع مجموعة الفتاوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1895م 
 
 
 
الشيخ الامام الدكتور محمد سيد طنطاوى
ولد فضيلته بقرية سليم الشرقية مركز طما محافظة سوهاج في 28 أكتوبر 1928 م. 2- تلقى تعليمه الأساسي بقريته وحفظ القرآن الكريم ثم التحق بمعهد الإسكندرية الدينى سنة 1944 م وبعد انتهاء دراسته الثانوية التحق بكلية أصول الدين وتخرج منها سنة 1958م ثم حصل على تخصص التدريس سنة 1959 م ثم حصل على الدكتوراه في التفسير والحديث بتقدير ممتاز في 5 سبتمبر 1966م. 3- عين فضيلته مدرسا بكلية أصول الدين سنة 1968 م ثم عميدا لكلية أصول الدين بأسيوط سنة 1976 ثم عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين سنة 1985 م ثم مفتيا لجمهورية مصر العربية في 28 أكتوبر 1986 م ثم عين شيخا للأزهر الشريف في 8 من ذى القعدة سنة 1416 هـ الموافق 27 من مارس 1996 م . 4- أعير خلال عمله بجامعة الأزهر إلى الجامعة الإسلامية بليبيا من سنة 1972 م إلى سنة 1976 م ثم رئيسا لقسم التفسير بالدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من سنة 1980 م إلى 1984 م . 

 


البورصة وضرورة تثبيت أسعارالأسهم

$
0
0

بقلم : محمد السويسي

 

بعد كل ندوة أو مؤتمر إقتصادي تجابه بأسئلة عدة تتضمن الإستنكار او الإستفسار لماذا الدعوة إلى تجميد أسعار الأسهم ؟

 وماهي إيجابيات ذلك ؟ وهو سؤال في محلة لتوضيح الأمر لعدم إقتناع القطاعين المالي والإقتصادي بجدوى ذلك لتعارضه مع مصالحهم ، مع إتباعهم مدرسة "وول ستريت "رغم سلبياتها ، وقد أوصلت الإقتصاد الأمريكي إلى الهاوية في الثلاثينات التي لم ينقذها منها سوى إتفاقية "برايتون وودز"التي كانت قمة العبقرية المالية التي أعطت للنقد الأمريكي قوة أسطورية دون تغطية ذهبية ، دُعمت ورسخت بخلق الذرائع والدوافع لإشعال الحرب العالمية الثانية التي أدت إلى تدمير اوروبا وجزءاً من آسيا واحتلال الدول العربية والإستيلاء على فلسطين .

 وكان الحزب النازي العنصري في الثلاثينات ، وفقاً لتحليلات الكتاب الروس منتصف الستينات في كتاب أصدروه بعنوان "من صنع هتلر"، قد نُظم سراً وحُرض من قبل الصهيونية العالمية وتمويلها لشن الحروب التدميرية للمنشآت والمصانع في أوروبا بهدف إفقارها وتعطيل إقتصادها ، ولإجبارها على التوجه نحو أمريكا لاستيراد البضائع من أغذية وآلآت ومصانع ومعدات عسكرية ، وبذلك تتخلص أمريكا من فائض البضائع المكدسة لديها في المستودعات بما يعيد تنشيط إقتصادها لعقود طويلة بمكيافيلية إجرامية مفرطة على حساب دماء ملايين القتلى ألأبرياء نتيجة الحرب ، مما عزز من قيمة الدولار مع إشتداد الطلب عليه بحيث أضحى وحدة نقدية عالمية ومقياساً للقيم أقوى من الذهب أحياناً .

 لقد نجحت أمريكا بهذا التخطيط الشيطاني الذي كان قد أشار إليه عملاق الصناعة الأمريكية "هنري فورد"في كتاب له بعنوان "اليهودي العالمي أكبر مشكلة في العالم "، إذ حذر من تسلل اليهود إلأوروبيين إلى أمريكا والإستيلاء على الصناعة والإعلام فيها ، لأن ذلك سيكون بداية النهاية لحرية القرار الأمريكي في السياسات الدولية والتنظيم الإقتصادي والمالي . ولقد صحّت تنبؤات هنري فورد ، لأنه كان مشاركاً في بعض السياسات الخارجية لأمريكا وتأمين معظم حاجياتها من الآلة الحربية والمعدات الثقيلة ، وبالتالي مطلعاً على وضع أوروبا وما يجري فيها .

وكان من نتائج الحرب العالمية الثانية الإستيلاء على أموال اليهود والأوربيين في البنوك من قبل الصهيونية العالمية بحجة إفلاسها وتهريبها إلى أمريكا والإدعاء بأن النازيين هم من استولوا على تلك الأموال المودعة من ذهب ونقد وأودعوها في الخارج ؟!.

 ولكن السؤال المطروح مع إنتهاء الحرب وانهزام النازية هو : أين ذهبت مدخرات المواطنين الأوربيين التي كانت موجودة في مصارفهم بالمليارات ؟!

بالطبع لم تجرؤ أوروبا على إثارة الموضوع وقد أضحت مَدِينَةً لأمريكا بتحريرها من النازية وحمايتها من خطر التوسع السوفياتي الذي اكتسح قسماً كبيراً من اوروبا واحتلها في ما كان يعرف بأوروبا الشرقية ، عدا الخوف من معاداة السامية إن أثير هذا الموضوع ، وقد أسكتها تقديم المساعدة الأمريكية لإعادة بنائها بقيمة 13 مليار دولار بموجب مشروع مارشال .

 ومن هنا سادت الصهيونية بقوة مالية هائلة في صناعة القرار الأمريكي بما جنته من الأموال الأوروبية نتيجة الحرب المعدة من قبلها ، خاصة وأن كبار العائلات اليهودية هي من كانت تشرف على هذه البنوك و تديرها ، كما وأن الحرب التي أعلنتها النازية على اليهود وتمجيد العنصر الآري عجل تماماً في ترحيل الأموال من كافة أنحاء أوروبا نحو أمريكا . وبذلك سقط تحذير "هنري فورد "واستولت الصهيونية على الصناعة والتجارة والإعلام في أمريكا و حازت على القرار السياسي فيها بما يتناسب ومصالحها مع تدخلها في العمليات الإنتخابية لأعضاء الكونغرس ولرئاسة الجمهورية بقوتها الإعلامية والمالية .

 ومع التراجع الإقتصادي الأمريكي في الربع الأخير من القرن العشرين حاولت أمريكا والصهيونية إعادة تكرير سيناريو هتلر والنازية ، بخلق بن لادن والقاعدة كعدو لأمريكا والغرب لنهب أموال العرب والمسلمين ، بحيث جعلوا منهما أسطورة كرتونية مشابهة لحكايات سوبرمان وطرزان والرجال الخارقين الخرافيين الذين هم جزء أساسي من صناعة الفكر السينمائي الأمريكي ، ولما لم تؤت "أسطورة القاعدة"ثمارها عمدوا مع بداية هذا القرن إلى التدخل العسكري المباشر باحتلال أفغانستان والعراق والسعي إلى تقسيمه وتقسيم اليمن والسودان وبذر الشقاق بين الإيرانيين والعرب بقصد دفعهم للحرب والتقاتل فيما بينهم ، كما سبق وأن فعلوا بأوروبا ، لإحياء الترسانه الصناعية العسكرية لدول الغرب في تصنيع السلاح وبيعه للمتقاتلين في محاولة عقيمة لكسر الجمود الإقتصادي والتخفيف من حدة البطالة لديهم .

 ومع فشل كل تلك المخططات العقيمة لجأت أمريكا إلى الكي بإعلان الإفلاس المتعمد لأعظم المؤسسات المالية لديها خريف العام 2008 وبالتالي الإستيلاء على آلاف المليارات من أموال الدول العربية التي اعتادت بدون سبب وجيه إيداع معظم أموالها في البنوك الأمريكية ، رغم توقع مصادرتها بين لحظة وأخرى كما جرت العادة في أوقات وظروف سابقة .

ولكن السؤال الذي لايزال مطروحاً بعد هذه الإحتلالات و"تأميم"المؤسسات المالية إن صح التعبير بالإستيلاء على أموالها بإفلاس إحتيالي :

هل أن أمريكا قد تخلصت من أزمتها المالية الحادة ؟ بالطبع لا نظراً لغلبة الفساد السياسي والإداري فيها بشكل خطير الذي يمنع ويعرقل تقديم الحلول الملائمة التي سنأتي على إيرادها .

 

والقصد من إيراد تنظيم القاعدة الوهمي كمثل ، فلأنه كذبة دنكوشتية صنعها الغرب وأطلقها لتشكل الغطاء للإضرار بمصالح الأمة العربية ، وماذلك إلا إفلاس سياسي يدل على المأزق المالي والإقتصادي والإجتماعي الذي يجتاح أمريكا بحيث تورطت في أعمال إرهابية غير مفيدة لاستعادة وضعها المالي ؛ فالحروب لاتخلف سوى الفقر للشعوب المغلوبة أو الضعيفة بحيث تفقد قدرتها الشرائية لصالح السلع الرخيصة بديلاً عن السلع الأمريكية الغالية الثمن وبالتالي تزيد من مشاكل المصانع الأمريكية وصعوباتها .

 وبالمقارنة ، بين الأمس واليوم ،فإن أمريكا هي التي تحملت تكاليف ثمن البضائع التي أرسلت إلى أوروبا زمن الحرب العالمية الثانية تحت شعار مشروع مارشال نظراً لأنها ، أي اوروبا ، كانت في وضع المفلس وقد دمرت ونهبت أموالها مع إنتهاء الحرب ولم تتمكن مطلقاً من تسديد أثمانها ، كما ولم تكن الحكومة الأمريكية لتتمكن من تحمل هذه النفقات لولا اتفاقية برايتون وودز التي تخلت عن التغطية الذهبية لصالح النقد الأمريكي الورقي .

 

الأسهم والبورصة :

 كانت الأسهم عبارة عن صك بِقيَم حقيقية شبه ثابتة لشراكة بين مجموعات مالية غنية أو متوسطة من أجل بناء مشروع صناعي أو تجاري يتطلب مالاً يتعذر على شخص واحد القيام به ، ولم يكن ثمن الأسهم ليزداد إلا بنسب بسيطة وفقاً لنسب أرباحه وبعد مرور وقت طويل ، ومن هنا نجحت الصناعة الأمريكية ، بتواز مع النهضة الأوروبية ، واتسعت منذ الثورة الصناعية وتطور الآلة حتى بدايات القرن العشرين حيث ظهر التنافس الحاد بين القارتين ، أمريكا وأوروبا، في إنتاج السلع والتنافس على الأسواق التجارية في آسيا والشرق الأوسط اللذان كانا لايزالان رهينة لشركة الهند البريطانية و"ورثتها"من الأوروبيين ، فكان لابد مع تسلل الرأسمال اليهودي إلى أمريكا مع تعاظم قواها العسكرية واتساع أسواقها الداخلية للبضائع المختلفة ، وتنامي الشعور القومي للأمريكيين لتعزيز إنتاجهم وحمايته بفرضهم المكوس العالية على البضائع المستوردة .

 ومع كل هذا الحرص فلقد بدأ الكساد يدب في توريد السلع الأمريكية مع ضعف أسواقها الخارجية قياساً بأوروبا ، فكان لابد من ضرب الإقتصاد الأوروبي وتدمير مصانعه بتحريض من الصهاينة وتمويل الإستعدادات العسكرية بعد استحداث فتنة ما ، إعتمدت على الحس القومي بين الشعوب الأوروبية ، فكان إستحضار شخص عنصري ملائم كهتلر هو الشرارة المناسبة لاقتتال الأوروبيين إنطلاقاً من ألمانيا ، ووسيلة ناجحة ، ليس لضرب إقتصادها فحسب بل ونهب مدخراتها المالية الموجودة في المصارف تحت عنوان الحرب .

ولقد نجح هذا التدبير من اليهود الصهاينة الذين لازالوا يتبعونه ، فاحترفوا المهن المصرفية وتملكها وتفرغوا لها للسيطرة على معظم القطاعات والمؤسسات المالية للإستيلاء على أموال الناس وأموال الحكومات الأجنبية المودعة في المصارف الأمريكية والغربية في زمن السلم ،بعد كل عقد ونصف تقريباً بادعاء إفلاسها .

 ولإحكام السيطرة اليهودية على السوق الأمريكية ، كان هذا التطور في أسواق "وول ستريت"في نيويورك ، بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث أكبر تجمع للجاليات اليهودية الأمريكية الثرية من الأموال الأوروبية ، فعمدت إلى صالات البورصة بالتعاون مع السلطات الأمريكية وموافقتها إلى طرح الأسهم في بازار المزايدات الوهمية خارج الرقابة المالية بحجة إمتصاص التضخم المالي للمحافظة على قوة النقد الأمريكي وسيادته في الأسواق العالمية ، مما يعني السيطرة الحكومية على كبريات الشركات الإحتكارية الضخمة لإفلاسها عند اللزوم وإعادة تجزئتها بشكل مؤسسات عائلية صغيرة مما يتيح تشغيل أكبر للأيدي العاملة المستقلة لأضعاف سلطة الإتحادات العمالية التي كانت تقلق الأمريكيين ، وقد غذت مخاوفهم كتابات "كارل ماركس"وخطابات لينين النارية التي كانت تبنىء بقرب سقوط الرأسمالية الأمريكية من الباب العمالي . وما كانت المكارثية سوى صوت اليهود لإحكام السيطرة علىى السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية والسيطرة على مجلسي الشيوخ والكونغرس مما زاد من نفوذ الصهاينة في الإمساك بالقرار المالي الأمريكي وبالتالي نشر الفساد الإداري والسياسي بما يُمكّنهم من حماية مصالحهم مع إمساكهم بسلطة المال .

 

التلاعب بالأسهم وضررها على الإقتصاد :

 إن التلاعب بأسعار الأسهم جعل الشركات الأمريكية وبالتالي الإقتصاد الأمريكي برمته بيد اليهود الصهاينة ولن أتوسع فكل من هو ملم بالسياسات المالية ومسيرة البورصة يدرك تماماً كيف بالإمكان إفلاس أي مصنع أو شركة مما بلغت قوتها بالتلاعب بأسهمها من خلال سوق البورصة ودعاياتها . ولكن هذا التلاعب اللامسؤول بأسهم الشركات الضخمة برفع أسعارها بسبب الجشع ، يؤدي أحياناً إلى رفع أسعار السلع بتناسب مع ارتفاع قيم الأسهم لمزيد من خداع المساهمين وبالتالي ضعف إستهلاكها من قبل المواطنين مع ضيق إحتياجاتهم أو متطلباتهم وفقاً لمدخولهم .

وهذا التلاعب بأسعار الأسهم كان بداية لكساد منتوجات المصانع الأمريكية مع إرتفاع أسعارها بصورة طردية متوازية ، وبالتالي كان هذا الإرتفاع الغير ضروري مضراً بالإقتصاد الوطني مع بداية غزو الصناعات الإستهلاكية الصينية للأسواق الأمريكية ولأسواق العالم أجمع .

 ومع هذا التورط اللامسؤول لم يعد بالإمكان التراجع أو إعادة التقويم الإقتصادي لمواضع معينة لإصلاح الحال المتردي الذي يقتضي بداية تخفيض الأجور لوقف ارتفاع أسعار السلع وقد أضحت حقاً مكتسباً يصعب إنتزاعه ، لذا عمدت الرأسمالية الأمريكية بما تضم من شراكة بين اليهود والأمريكيين إلى الخروج من هذا المأزق الحالي منذ بداية الأزمة المالية العالمية إلى إعادة "تهريب "أموالها نحو أوروبا والصين بشكل رئيسي لإعادة توظيفها في مصانعها مع إتساع اسواق صادراتها ، خاصة وأن أجر العامل الصيني الشهري يكاد يعادل أجر العامل الأمريكي اليومي وقد يقل أحياناً مما يرفع أسعار السلع الأمريكية بشكل كبير يعجز عن المنافسة ؛ وتلك كارثة حقيقية يواجهها الإقتصاد الأمريكي الذي يتخبط في كيفية الخلاص من أزمته الحالية التي حاول التهرب منها بحروب الخارج التي تزيد من أزماته وتعقدها ، إذ أن تركيبة النظام الأمريكي تجعله غير ذي حاجة لأموال البلدان الأخرى ، التي يسعى إليها بكل الأساليب والطرق ،إلا للإبقاء عليها في حالة من التخلف العلمي والصناعي لإجبارها على شراء منتجاته ، وكان هذا الأمر مقبولاً قبل نهوض الصين الإقتصادي ، أما الآن فقد أضحى الأمر معقداً وخطيراً بالنسبة للوضع الإقتصادي الأمريكي .

وهنا نتسأل ونطرح السؤال الشهير عند الأزمات .. ماالعمل ، لوقف هذا الإنهيار الأمريكي المتسارع والمضطرم تحت الرماد بقوة نحو إنفجار إجتماعي مرتقب وفق القوانين الإقتصادية ؟

 

كيفية تجاوز الأزمة المالية :

 إن التصرف والتخبط الأمريكي منذ بدء الأزمة المالية التي اجتاحتها تنطبق والمثل السائر"أنا أعمى مابشوف أنا ضرّاب السيوف"، وهذا أمر مؤسف لأنه يزيد من الطين بلة . وليس من مخرج له سوى بالإقدام على قرارت جريئة بقدر الزلزلة التي أعلن فيها جورج بوش الحرب الصليبية لغزو أفغانستان والعراق ،عدا نشر الإرهاب والفوضى في العالم بادعاء الخوف من طوطم وهمي صنعته أمريكا واطلقت عليه أسم "القاعدة"مما وضعها في موضع الشك عن مسؤوليتها في تفجير برجي نيويورك التي أدانها العالم الإسلامي ، وأثار الهزؤ والسخرية من ضحالة وسخافة السياسات الأمريكية وقلل من إحترام مسؤوليها لمحاولتهم الإستهزاء بعقلية الشعوب وفهمها بما ينطبق عليه القول "الغبي من استغبي الناس ".

 لذا فإن الإصلاح المالي والإقتصادي يقتضي من الأمريكيين للخروج من مأزقهم ، مايلي :

 أ-التوسع في الضمانات الصحية والإجتماعية وتعويضات البطالة لتشمل كافة الشرائح دون إستثناء والتمسك بها لتكون قاعدة صلبة لإعادة النظر في كل القوانين المالية والضريبية برفع نسبها على الأرباح إلى حدود 99% ، بعد تخفيض سقف مستوى الأرباح وتحديده بما يتلائم ومكافحة التضخم المالي .

 ب- تخفيض الأجور إلى الحد المقبول ، بداية لتخفيض أسعار السلع لإعادة رواجها لتصبح قادرة على المنافسة للبضائع الأجنبية إلى حد ما ، بما يضمن لجم تزايد أعداد المصانع والمؤسسات التجارية المغلقة وبالتالي وقف تنامي البطالة والجريمة .

 ج- تصفية المصانع الضخمة ماأمكن بمنع إقراضها من البنوك منعاً لتلاعبها في أسواق البورصة على حساب مدخرات المواطنين ، وإعادة تشجيع الصناعات والمصانع العائلية الصغيرة لأنها تعتمد على المنافسة والقبول بالأرباح مهما تدنت بما يكفيها سد حاجاتها الضرورية بالتخلي عن الرفاهية التي كانت تحياها ، مع إلغاء الفائدة على الودائع المصرفية بصورة نهائية لحث المواطنين على المشاركة والتعاون بإعادة البناء الصناعي والتجاري .

 د- إعادة تنظيم أسواق البورصة بما يتلائم والوضع المستجد بتثبيت أسعار الأسهم على أن تصدر الشركات أسهماً إسمية متنوعة على ثلاثة درجات بأسعار مختلفة بين عشرة ومائة دولار ، وإلغاء أسهم لحامله لمنع المضاربات وأعمال الإحتيال التي كانت ترفع من أسعار الأسهم إلى ثلاثمائة ضعف أحياناً ! مما يعني زيادة أسعار السلع بشكل مؤذ مما يفقد القدرة على شرائها مع وجود سلع منافسة مستوردة .

 وقد يتم التلاعب بقيم الأسهم بأعمال المضاربة الإحتيالية بما يؤدي إلى تخفيض أسعارها إلى أدنى مستوى رغم وجود الأصول الفائضة التي تزيد عن قيمها ولكن الخوف والجهل مع وجود الدعاية المؤذية هو الذي يؤدي إلى إفلاس الشركة أو المصنع مع فقدان المساهمين الثقة بها وبأسهمها .

 لذا كان من الضروري تثبيت سعر الأسهم لكسب ثقة المواطنين ليقبلوا على شرائها توخياً للربح بدل الإحتفاظ بمدخراتهم في البنوك دون فائدة ، وبذلك يساهمون في إعادة إعمار بلادهم والتخفيف من حدة البطالة ، شرط إلغاء الفوائد المصرفية على ودائع الإدخار لإنجاح الأمر .

 ه- وقف العمل بإتفاقية "منظمة التجارة العالمية "التي ليست سوى خدعة تورطت بها أمريكا من قبل واضعيها من المستشارين اليهود بحجة الهيمنة على أسواق الخارج وسيطرة البضائع الأمريكية الزراعية والصناعية مع رفع الرسوم عنها من قبل البلد المستورد الموقع على الإتفاقية ، مما أدى إلى عكس المتوقع منها مع فقدان معظم الدول النامية قدرتها على الإستيراد للبضائع الأمريكية كما في الماضي مع فقدان موردها الأساسي من الرسوم الجمركية ، عدا إرتفاع أسعارها قياساً لسلع منافسة من دول أخرى .

 إن مجرد قراءة بنود هذه الإتفاقية لمنظمة التجارة العالمية فإنك تعجب كيف أن دولة عظيمة كأمريكا قاصرة عن إدراك أن كل بند فيها يؤدي إلى ضرر بالغ في تجارتها وإقتصادها ويفسح المجال لدول أخرى موقعة عليها الإستفادة منها على حسابها . إلا أننا نستنتج من هذا الجهل أن أمريكا أضحت إمبراطورية عجوز مصابة بالخرف الحيزبوني وفقدان الذاكرة بحيث تسير بتسارع إلى حتفها المحتوم ، وفقاً لمنطق التاريخ في عمر الأمم ، بما أنها لاتستطيع التمييز بين الصواب والخطأ ،وهذا أمر مؤسف ينعكس سلباً عليها وعلى العالم أجمع .

 

Nostalgia 4

$
0
0

وهنا لابد من وقفة أمام بعض العناصر الغير مفهومة من الصورة.

كانت مخابرات ألمانيا الشرقية من الأجهزة الأقدر فى العالم. وقد نجحت هذه المخابرات عدة مرات فى إختراق مراكز القوة الغربية بسهولة لا يحلم بها أي شخص يعمل فى هذا المجال.

فى عام 1963 كانت الفتاة الشابة إيلين روميتش تعيش مع والديها فى واشنطن حيث يعمل والدها فى المكتب الحربي التابع لسفارة ألمانيا الغربية لدي الولايات المتحدة. وكانت هذه الأسرة قد نزحت من شرق ألمانيا إلى غربها قبل ذلك بحوالي 9 سنوات. وقد تداخلت روميتش مع المجتمع العسكرى الأمريكي وكانت تغشي النوادي الخاصة بالضباط ونجحت فى التعرف علي شخصيات عسكرية كبيرة وانتهي بها المطاف إلى التعرف على الرئيس جون كيندي شخصيا. وكان الرئيس يدعوها إلى حفلات البيت الأبيض الخاصة وإلى إستعمال حمام السباحة الخاص بالرئيس ونشأت بينهما علاقة حميمة أقلقت رجال مكتب المباحث الفيدرالي الذى كان يرأسه أحد الخصوم السياسيين للرئيس وهو إدجار هوفر. واكتشف الأمريكيون أن روميتش علي علاقة بجهاز المخابرات الألماني الشرقى وتم إبلاغ المدعي العام روبرت كيندي، المشرف على عمل مكتب التحقيقات الفيدرالي بالأمر وكادت رئاسة كيندي أن تنتهي بفضيحة وعزل من المنصب لولا أن كيندي الشقيق قد تصرف بسرعة وأمر بترحيلها إلى ألمانيا لأن إقامتها قد إنتهت.

وفى عام 1974 إضطر المستشار الألماني الغربي فيللي براندت إلى الإستقالة من المنصب بسبب ثقته الغير محدودة فى أحد مساعديه ويدعي جونتر جيوم الذى كان أيضا قد نزح من الشرق إلى الغرب مع زوجته وإبنه قبل حوالي 20 عاما ونجح فى الصعود علي التدرج التنظيمي للحزب الإشتراكي الألماني بحيث أنه إقترب من براندت وأصبح مساعدا له بعد توليه منصب المستشارية وكان يسرب كل مقابلاته وأخباره إلى الشرق. وقد كان براندت مولعا بالنساء ويقال أن جيوم عرف هذا الضعف وكان يحاول دائما إستغلاله لمصلحته حتي يظل قريبا من المستشار.

كانت المخابرات الشرقية بالفعل ناجحة فى رصد كل حركة فى غرب ألمانيا وكانت مسيطرة على الدولة الشرقية بالكامل وقد بلغ عدد العاملين بها من مكشوفين ومستترين أكثر من 150 ألف رجل وامرأة ومراهق. وقد إتبعت المخابرات الألمانية الشرقية نظاما لا إنساني فى جمع المعلومات حيث كانت ترسل شبابا يقيمون علاقة غرامية مع سكرتيرات وعاملات فى الأجهزة الحساسة فى الدولة الغربية ويقنعوهن بالزواج والحياة معهم وبعد أن يحصلوا منهن على المطلوب من الوثائق والأسرار يختفون فجأة ويعودون إلى ألمانيا الشرقية لممارسة الحياة الأصلية هناك حيث لهم زوجات وأولاد وحياة كاملة ويتركون الزوجة الأخري فى الغرب حتي ولو كانت حاملا أو أما لطفل. وكان يطلق على هذه الطريقة أسلوب روميو، أى العاشق المحب. وهو إسم مقتبس من مسرحية روميو وجوليت الشهيرة.

وفى جميع الحالات كانت تقارير هؤلاء الجواسيس تذهب إلى إدارة العمليات الخارجية بوزارة أمن الدولة التي كان يقودها إريش ميلكه وزير أمن الدولة. وكانت إدارة العمليات الخارجية واقعة فى يد السيد/ ماركوس فولف. وماركوس فولف شخصية غامضة تكاد تكون أسطورية تجمع بين الأضداد وتحار فى فهمها النفوس.

فهو ألماني يهودي من عائلة عالية الثقافة وقد بدأ حياته صحفيا وقام بتغطية أحداث محكمة نورنبرج عام 1945 و1946 مكلفا من جانب سلطات الإحتلال السوفيتية فى القطاع الشرقي.

وبعد ذلك إختفى لفترة ولم يكن أحد يعلم أنه هو العقل المدبر خلف كل تلك الضربات الأمنية للغرب.

وعندما تم إلتقاط صورة له فى ستوكهولم فى منتصف ثمانينات القرن العشرين عرفت ملامحه للمخابرات الغربية لأول مرة، إذ أن كل ما كان معروف عنخ هو إسم كودي فقط. وهذه الصورة الملتقطة أدت إلى أن يستقيل من منصبه.

وفى أعقاب إنهيار الشيوعية وقعت ملاحقات قضائية للمسئولين عن قتل الهاربين من الدولة الشرقية إلى الدولة الغربية لألمانيا ولم يجد المحققون دليلا واحدا مكتوبا ضد هونيكر بأنه أمر بإطلاق النار على من يحاول الهرب. وتمت محاكمة الجنود الصغار الذين قاموا بالفعل بإطلاق النار بأنفسهم ولكن أحدا من الكبار لم يحاكم بطريقة جدية.

وهناك ثلاثة من الشخصيات الألمانية الشرقية كان لكل منهم مصيرا يختلف عن مصير الآخرين.

رئيس الدولة هونيكر.

وزير أمن الدولة ميلكه.

رئيس العمليات الخاصة فولف.

كيف بعت صنعاء أيها الرئيس؟

$
0
0

وهو فى طريقه إلى نيويورك، توقف عبدربه منصور هادي في لندن، قيل لي: «برنامجه مزحوم بشكل كبير، ووقته قصير، ولكنك الوحيد الذي ستحظى بلقائه من الإعلاميين، هو يرحب بك».

دخلت وسلمت عليه. قلت كيف اليمن؟ نظر إلى وجهي المتصحر، وقال: مثل سيارة تسير على رمال متحركة. ونحاول بكل حيلة أن نخرجها من الرمل. صدقته حينها، قلت في نفسي، هو بدوي لا يكذب، وأنا لم يزل بداخلي بدوي صغير، رغم طول الإقامة في لندن، يصدق ما يقال. قلت له: لعل السائق يخرجها من الرمل ذات يوم. ابتسم، ثم تكلمنا في التاريخ والحروب الكثيرة التي مرت على اليمن، وقال: الحروب يجب أن تقف. صدقته. لم يكن أمامي خيار سوى أن أصدقه.

بعدها بشهور بدأ مؤتمر الحوار، واختارني هادي على قائمته لمؤتمر الحوار، وذهبت إلى صنعاء، وتمت مسرحية الحوار التي غطت أكبر جريمة كان يعد لها الحوثيون، بالتعاون مع الثعبان الأكبر. كان زملاء لي قد بدؤوا يحذرون من هادي، أما أنا فقد كنت أراه مسيح اليمن الجديد، وكنت أرقب لحظة الخلاص بعشق من يرى المسيح خارجاً من صفحات الإنجيل يحيي موات شعب إسرائيل، ويفتح العيون التي عميت بفعل غبار الأيام والأزمان وثارات الناس.

ودارت الأيام، واستلمت رسالة من صديق يقول لي فيها: أنت إما مخدوع في هادي، أو مأجور له. آلمتني العبارة، وطويت على ألم جرحي، وظللت متمسكاً بالأمل في هادي حتى آخر نفس في هذا الحلم، الذي حوله هادي فيما بعد إلى كابوس جعلني أمشي في «إدجوير رود»، وسط لندن منكس الرأس، عندما يلقاني ذلك الجزائري الذي كان يقول لي دائماً: «أنتم، اليمنيين، أصل العرب وفخرها». صرت اليوم أتحاشى أن أرى أي عربي خشية أن يرى فيَّ صورة هادي، وهو يسلم مفاتيح صنعاء لهولاكو، الذي سمعته بعدها بأيام يقول إن صنعاء هي رابع عاصمة عربية تسقط في يده.

قال لي أحد المسؤولين البارزين إن هادي أمر مستشاره العسكري والأمني علي محسن الأحمر يوم السقوط، أن يتوجه إلى مقر ما كان يعرف باسم الفرقة الأولى مدرع، وإنه سيمده بالدبابات للدفاع عن صنعاء من بوابتها الشمالية. وانتظر القائد العسكري، ولم تأت الدبابات، ليكتشف أن رئيسه أراد أن يتخلص منه في معركة لم يكن معه فيها أكثر من 500 من المقاتلين، مقابل آلاف المقاتلين من الحوثيين وجماعة صالح. هادي، أنت رجل خارج من صفحات كتب الأساطير القديمة التي تحدثنا أن الملوك كانوا عندما يريدون التخلص من قادتهم العسكريين، يرسلونهم إلى معارك خاسرة.

ليس السؤال اليوم: هل يستحق الأحمر هذا المصير أم لا؟ لكن السؤال هو: كيف يمكن أن يأمنك أحد بعد ما حدث؟ كنت أبرئ هادي من تهمة التآمر، كنت أقول هادي غير وزير دفاعه، محمد ناصر أحمد، الرجل الآخر الذي خدعني ذات يوم، بحروبه الكاذبه على الإرهاب في الجنوب، تلك الحروب التي كان يستغلها ليتيح الفرصة للحوثيين لقضم الأراضي في الشمال. قال لي وزير لقيته في لندن «كانت حروب وزير الدفاع على القاعدة في شبوة مجرد دعاية إعلامية».، وقال إنه يسعى لتسليم الشمال للحوثيين ليسيطر هو على الجنوب. يا إلهي! ما أكثر الشبه بين هادي ومحمد ناصر أحمد الذي أراه على صورة علي عبدالله صالح.

هادي باع صنعاء، ثم خرج في اليوم الثاني ليقول للناس إنها لم تسقط. الرجل الذي يكثر من قراءة كتب المؤامرات العالمية، والكتب التي تتحدث عن إعادة رسم الخرائط في الشرق الأوسط، يظن نفسه أحد القادة الذين سيعيدون رسم خرائط المنطقة، حسب تصريحات مسؤول في حكومته. يريد أن يرفع لمجلس الأمن أسماء المعرقلين للمبادرة الخليجية، الذين يتآمرون عليه، وهو أكبر معرقلي المبادرة، لو كان الزمان يمشي على قدميه لرأينا هادي وصالح والحوثي مطاردين دولياً، لكننا في زمن يمشي بالمقلوب. مرحباً بكم يا سادة إلى زمن عبدربه منصور هادي، الرجل الذي قال لي ذات يوم، إنه يحاول أن يسوق السيارة وسط الرمال المتحركة، لأكتشف فيما بعد أنه أصلاً ليست لديه رخصة لقيادة سيارة على الأسفلت، في ظروف عادية، فكيف بقيادة سيارة تلتهمها رمال الصحراء.

هادي أنت خطيئتنا الكبرى ولعنتنا الأزلية. التزمت بمواجهة الحوثيين على أبواب صنعاء، وطلبت من السعوديين المليارات، ثم لما عدت إلى صنعاء سلطت على السعوديين الأمريكيين لمنع تدخلهم ضد البرابرة الجدد الذين هجموا على صنعاء، مثل جراد قادم من عام 1948. ماذا تسمي هذا في مقاييس الرجال أيها البدوي الذي ما احترمت رجلاً بعد الشـــهيد إبراهيم الحمدي كما احترمته؟

اعذرني أيها الرئيس. أنا اليوم اكتب خارج حدود العقل، اكتب وجعي ووجع الملايين الذين خرجوا يصوتون لك، وخذلتهم جميعاً. وجع خالد الآنسي الذي جئته مساء في خيمته بساحة التغيير، وعلى إصبعي حبر انتخاب هادي، فقال لي: انتخبت؟ قلتُ: نعم، قال: آمل ألا تندم. هأنا يا خالد أعض الإصبع التي انتخبتْ هادي، ندماً وغيظاً وحسرة.

كان الحوثيون يتقدمون في صوفان شمال صنعاء، والأمريكيون يسألون وزير دفاع هادي: ما الذي يحدث؟ ومحمد ناصر أحمد، يقول: مجرد مناوشات بين الحوثيين ورجال علي محسن، ولما وصل الحوثيون إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، ونهبوا ما فيها من عتاد عسكري، كان القائد العام للقوات المسلحة لا يزال يصرح: «الجيش يقف على الحياد»، وهو الذي قال عندما سئل: لماذا لا يواجه الحوثيين؟ قال لسائله: تريدوننا أن نخلصكم من الحوثيين، ثم ترجعون أنتم علينا. بالله عليك يا هادي، أهذا وزير دفاع، أم تاجر دماء؟ كيف يكون لبعض الناس هذه القدرة الرهيبة على أن يسببوا الكوارث، ثم يتعايشوا معها!

لكنها مدرسة واحدة، مدرسة المكر السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله، مدرسة هادي الذي وجه وزير الداخلية بإطلاق الرصاص على أقدام المتظاهرين، ثم أبلغ الحوثيين، بأنه لا يرغب في التصعيد، وأن الحل سيكون سياسياً، لكي يورط وزير داخليته فيما بعد. هذه غابة لا دولة أيها الرئيس، وكيف لا تكون تلك غابة، وأنت يوم سقوط صنعاء لا ترد على تلفونات المدافعين عن صنعاء من مسؤوليك العسكريين والمدنيين.

يؤسفني أن اكتب مقالاً كهذا، يؤسفني أنني صوت لك، اعتذر للناس الذين ربما أسهمت بكتاباتي ولقاءاتي المتلفزة في خداعهم عن حقيقة أمرك. قبل شهور يا هادي، لو رشحت نفسك لرئاسة الجمهورية في انتخابات رئاسية لفزت بنسبة عالية، أما اليوم، فأتحدى أن تفوز حتى بأصوات الذين قدمت لهم صنعاء على طبق من ألم وعار. لن ينتخبك الجنوبيون لأنهــــم يرونك صورة صالح، ولن ينتخبك الشماليون، لأنك بعت العاصـــمة، ولن ينتخبك الحوثيون لأنهم يحتقرونك، ولن ينتخـــبك الإخوان لأنهم ذاقوا منك ما لم يخطر لهم على بال، أما صالح فقد كان أدرى الرجال بك حين جعلك يوما ما نائباً له، ومن عادة نائب الرئيس في بلداننا أن يكون بمواصفاتك أيها الرئيس.

قلت لأحد قيادات الحراك في بريطانيا: لقد باع هادي صنعاء. قال لي: كيف تنتظر ممن هرب من عدن في 1986 أن يدافع عن صنعاء في 2014!

سيحاكمك الزمان يا هادي، والويل لك من حكم التاريخ، الذي كان يمكن أن تكون فيه رقماً صعباً لولا أنك رضيت أن يجعلك الحوثيون صفراً على الشـــمال. الويل لك، ولنا الله.

المصدر القدس العربي

كيف سقطت صنعاء؟

$
0
0

يؤكد الشارع اليمني والسلطة أيضا وجود مؤامرة خلف سقوط صنعاء، لكن الخلاف يدور حول تحديد هوية من يقف وراءها. فبينما ألقى الرئيس عبد ربه منصور هادي باللوم على الخارج، أكد مراقبون أنه ووزيري دفاعه وداخليته كانوا طرفا في سقوط العاصمة.

عبده عايش-صنعاء

ثمة إجماع في الشارع اليمني على وجود مؤامرة خلف سقوط صنعاء في أيدي جماعة الحوثي، وانقلب شك البعض إلى يقين مع تأكيد الرئيس عبد ربه منصور هاديأن ما حدث كان مؤامرة كبيرة أعدت سلفا وتحالفت فيها قوى خارجية وداخلية تجاوزت حدود الوطن.

واعتبر هادي في خطاب ألقاه الثلاثاء بقصر الرئاسة أمام رؤساء وأعضاء مجالس النواب والشورى والوزراء، أن "المؤامرة كبيرة"، متهما من وصفهم بالانتهازيين من الداخل بالمشاركة فيها.

لكن القيادي بجماعة الحوثي علي القحوم قال في اتصال مع الجزيرة إن من أسماهم "الشرفاء"في الجيش والأجهزة الأمنية أيدوا "الثورة"من خلال عدم مواجهة "اللجان الشعبية"، في إشارة إلى مسلحي الجماعة.

وأكد أن وزير الدفاع بنفسه سبق أن دعا العناصر الأمنية في الجيش والداخلية إلى عدم مقاتلة مسلحي الحوثي الذين دخلوا صنعاء.

هادي: أطراف داخلية وخارجية شاركت
في المؤامرة الكبرى 
(غيتي)

أطراف المؤامرة
وبالنسبة للشارع اليمني، فإن أطراف المؤامرة هم الحوثيون والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي ووزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد.

ويعتقد كثيرون أن "المؤامرة"نفذت بالتحالف مع أطراف خارجية تعادي ثورات الربيع العربي، وخاصة أميركا وبعض الدول الخليجية التي خططت لضرب تيار الإخوان المسلمين ممثلا في حزب التجمع اليمني للإصلاح وإقصائه من المشهد السياسي.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي صادق الروحاني إن ما يحدث في صنعاء هو ذروة العملية الاستخبارية الكبرى المسماة "كوديا" (حرث الأرض) "والتي تنفذها المخابرات الإيرانية بالتنسيق مع وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.أي) بالاتفاق مع هادي ووزير دفاعه. لكن الحوثيين لن يتركوا أحدا ممن تآمروا معهم".

واعتبر الروحاني في حديث للجزيرة نت أن ما جرى انقلاب عسكري كامل الأركان، وهو نفس سيناريو إسقاط ثورتي مصر وليبيا، لكن المرعب أن البلد مقدم على صراع مفتوح وأنهار من الدم، على حد قوله.

من جانبه يؤكد الخبير في النزاعات المسلحة علي الذهب أن "المؤامرة"واضحة وإسقاط صنعاء بيد الحوثيين بدأ منذ إسقاط عمران يوم 8 يوليو/تموز الماضي، قائلا إن الرئيس هادي ووزير دفاعه يتحملان مسؤولية ما جرى.

وأضاف أن قصة التآمر بدأت مع استهداف اللواء 310 في محافظة عمران، وهو أقوى وحدة عسكرية بشمال صنعاء إذ يمتلك قوة ضاربة، والتآمر على قتل قائده العميد حميد القشيبي أهم القادة العسكريين المؤيدين لثورة 2011 ورفيق اللواء علي محسن الأحمر.

الذهب: هادي طرف في المؤامرة
وعمل على تفتيت الجيش (الجزيرة نت)

تواطؤ سياسي
وأكد الذهب أن الحوثيين لم يسقطوا عمران بأنفسهم، بل كان هناك تواطؤ سياسي واصطفاف قبلي ومذهبي بمؤازرة من جنود وضباط من قوات الحرس الجمهوري ووحدات عسكرية أخرى من الموالين للمخلوع صالح.

وقال إنه خلال معركة صنعاء سمح للمسلحين الحوثيين باستهداف مقر الفرقة الأولى والتلفزيون بشمال غرب العاصمة مع إمدادهم بالسلاح والمقاتلين من داخل مخيماتهم بحي الجراف في شارع المطار.

وأضاف أن القوات الأمنية والعسكرية لم تعترض طريق الحوثيين، كما لم تتحرك ألوية الاحتياط وظلت ساكنة في مواقعها.

وقال الذهب إن هادي دفع اللواء علي محسن الأحمر لقيادة المعارك ضد هجوم الحوثيين، لكن الأخير لم يجد أي دعم أو إمداد من الوحدات العسكرية وألوية الاحتياط ولا من الطيران.

وأشار إلى أن هادي أمر الأحمر بوقف القتال والانسحاب من مقر الفرقة الأولى مدرع التي كانت هدف الحوثيين الرئيسي من الحرب.

واعتبر أن هادي عمل على تفتيت قوات الجيش اليمني وخاصة تلك التي أيدت الثورة ضد المخلوع صالح، وقام عبر عملية هيكلية بتوزيع ألوية الجيش في مناطق بعيدة عن مركز العاصمة لتقطيع أوصالها.

المصدر:الجزيرة

Nostalgia 5

$
0
0

عندما تدافعت حركة المظاهرات فى أكتوبر عام 1989 قرر المكتب السياسي للحزب الشيوعي عقب نهاية الإحتفالات مباشرة إقالة الرئيس هونيكر من منصبه ومنحه إجازة لكي يستجم وكان ذلك معناه تحديد إقامته فى مكان بعيد عن برلين. وعندما سقط السور وأصبح من المحال إيقاف عجلة التوحيد عن الدوران سافر هونيكر إلى موسكو هربا من إحتمال ملاحقته قضائيا إلا أن أحداث الإتحاد السوفيتي نفسه دفعت بالحكومة الروسية إلى إعادته إلى برلين حيث دخل السجن بتهمة إصدار أوامر ضرب النار على من يحاول الهرب من الشرق للغرب.

إلا أن محاكمته كانت فى الأساس شأنا سياسيا كما أن المحققين لم يهتدوا إلى أى أمر كتابي صادر عنه وبالتالي تفتق ذهن السلطات إلى أن صحته معتلة ولا يستطيع مواصلة المحاكمة فخرج متهما كما هو ولم تبرئه أي محكمة. وكانت زوجته قد غادرت البلاد إلى شيلي حيث تعيش إبنتهما. وكانت رغبة هونيكر اللحاق بهما ولكن نظرا لاتهامه الجنائي كانت أمواله واقعة تحت الحجز بحيث أنه لا يستطيع حتي شراء تذكرة السفر.Arafat und Erich Honecker

وعند هذه اللحظة تطوع أحد النجوم ممن كانوا حاضرين فى الصف الأول من ضيوف إحتفال الذكرى الأربعين لإنشاء ألمانيا الديموقراطية قبل ذلك بعدة أعوام فى أكتوبر 1989 بأن يدفع هو ثمن التذكرة: الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

سافر هونيكر إلى سانتياجو ومات بعد ذلك بفترة قصيرة حيث أنه كان بالفعل فى مرض الموت وانطوت صفحته إلى الأبد.

أما إيريش مليكه الوزير القوي جدا بوزارة أمن الدولة والذى كان يعرف كل شىء داخل ألمانيا الشرقية فقد قدم للمحاكمة بتهمة قتل شرطي فى مدينة برلين عام 1930 فى فترة الفوضي التي عمت جمهورية فايمار حين كانت القوتان السياسيتان النازية والشيوعية تتناحران على السلطة فى ظل دولة مفككة عقب الحرب العالمية الأولي. وكان هةنيكر بالطبع عضوا فى الحركة الشيوعية وقام بقتل شرطي دورية فى أحد تلك المظاهرات. ولكن لم يمكن القبض عليه حيث أنه هرب إلى الإتحاد السوفيتي قبلة الشيوعيين فى ذلك الزمان. ولما كانت جريمة القتل لا تتقادم فى ألمانيا فقد فتح التحقيق من جديد وقدمت عريضة الإتهام ودخل ميلكه السجن بالفعل ولكن نظرا لظروفه الصحية وتقدمه قى السن، حيث كان قد جاوز الخامسة والثمانين، فقد توقف نظر الدعوي وأخلي سبيله لعدم قدرته على الإستمرار إذ أنه بفعل السن والصدمة والمرض فقد ذاكرته وأصبح ذاهلا لا يعي شيئا حوله حتي مات بعد ذلك بقليل فى برلين.

 

ويبقي ماركوس فولف هو الشخصية صاحبة القصص الأشد إثارة والأكثر غموضا..

عبر كثيرون من أصدقاء الصبا لهذا الرجل فى لقاءات تليفزيونية أجريت عقب سقوطماركوس فولف ألمانيا الشرقية عن دهشتهم الشديدة من أن رجلا فى ثقافة وعلم وخلفية ماركوس فولف يقبل القيام بدور فى ذلك النظام القهري. فقد كان والده طبيبا وأخوه مخرج سينمائي والعائلة بأسرها من المثقفين اليساريين الذين إضطهدوا على يد نظام هتلر خلال الثلاثينات مما دفعهم إلى الهرب إلى الإتحاد السوفيتي.

وهو رجل ذواق للفن ومحب للقراءة والثقافة ويعشق الموسيق ولا يبدو عليه أنه من هؤلاء الضباط الذين يعملون فى مجال المخابرات. ولكنه عقب عودته من الإتحاد السوفيتي عمل صحفيا ثم إختفي لفترة كان خلالها يتلقي تدريبات فى الإتحاد السوفيتي.

وكان قسم العمليات الخاصة بمخابرات ألمانيا الشرقية هو أقوي قسم فيها وله أكبر قدر من الميزانية المرصودة. وكانت المخابرات تلجأ إلى حيل غير شريفة مثل نظام التجسس المعروف بإسم روميو والذى تسبب فى عدة محاولات للإنتحار من جانب السيدات الغربيات لدي إكتشافهن حقيقة الروميو.

فولف في ستوكهولموقد إستقال فولف من منصبه عقب أن نجحت المخابرات السويدية فى تصويره فى ستوكهولم فى أوائل الثمانينات. وجاءت هذه الإستقالة فى صالحه حيث أنه لم يتعرض لأي مساءلة قضائية حول نشاطه أثناء الحرب الباردة. واتضح فيما بعد أن خروجه من دائرة الملاحقة إنما جاء بناءا على شفاعة أو وساطة إسرائيلية. ولا يقع السبب كما يعتقد البعض فى يهوديته، بل فيما هو أعمق من ذلك كثيرا.

فقسم العمليات الخارجية كان ينسق أيضا ويقوم بتدريب الفصائل الفلسطينية خلال السبعينات والثمانينات. وقد رأينا ياسر عرفات جالسا على منصة ضيوف الشرف الكبار فى إحتفالات الذكرى الأربعين.

والذى لم يكن يعرفه عرفات عندما كان يقوم بتهنئة هونيكر بالعيد الأربعيني، هو أن جميع أسرار الفصائل الفلسطينية المتدربة فى ألمانيا الشرقية أو المتعاونة مع مخابراتها فى عمليات خارجية كانت تنقل بانتظام إلى المخابرات الإسرائيليةالتي نجحت فى تجنيد فولف. وهكذا كانت حكومة ألمانيا الشرقية تسير فى إتجاه وماركوس فولف يسير فى الإتجاه المعاكس، فقط فيما يتعلق بالأمور الفلسطينية الإسرائيلية.

بل أكثر من ذلك.

فى عام 2002 قرأ المواطن الألماني أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قررت إعادة الأرشيف شبه الكامل من أوراق مخابرات ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا بعد فحصها والإحتفاظ بما كانت تراه مناسبا لها، إذ أن هذا الأرشيف قد إنتقل بالكامل (لا أحد يعرف كيف) خلال أحداث الثورة عام 1989 إلى حيازة الولايات المتحدة الأمريكية. ولا أظن أنا شخصيا أن ماركوس فولف كان بعيدا عن تلك العملية.

ختام وإفصاح

وهكذا فقد رأينا كيف كانت الحياة تسير في ألمانيا الشرقية سواء فى مجال الحريات أو العمل أو السفر أو الإقتصاد أو الأمن.

فهل يعقل أن يحن عاقل إلى الحياة فى ظل هذا النظام؟

إن لفظ Nostalgia  يعني فى اللغة الحنين العاطفي إلى الماضي. وبالفعل فهناك كثيرون من مواطني ألمانيا الشرقية يجاهرون بحنينهم إلى تلك الحياة وإلى الأيام "الجميلة"التي عرفوها فى ظل النظام الشيوعي.

ولله فى خلقه شئون.

الغارة على العالم الإسلامى-١

$
0
0

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم



هذا كتاب هام وخطير، يتحدَّث فيه أعداء الإسلام بصراحة عن كل مخططاتهم لهدم هذا الدين واستعباد أهله، قام بنشره منذ سبعة وثلاثين عاماً أستاذنا الفاضل الحبيب السيد محب الدين الخطيب وصدر عن (المطبعة السلفية ومكتبتها) التي أنشأها الرجل الكبير في القاهرة لما يعلمه من خطورة الفكر والثقافة التي أصبحت اليوم من أفتك أسلحة العمل السياسي ...



واليوم، يسعد هذه (الدار السعودية للنشر) أنْ تصدر الطبعة الثانية لهذا الكتاب من مهبط الوحي ومهد القداسات لتُذّكِّر الغافلين وتُوقظ النائمين، ولتردِّد من جديد صرخة أستاذنا الجليل السيد محب الدين الخطيب جزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
 
بسم الله الرحمن الرحيم



[مقدمة الطبعة الأولى]:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد الهُداة والدُعاة والمصلحين، سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



في يوم من أيام سنة ١٣٣٠ هـ - وكنتُ أشتغل في تحرير "المؤيد " - أقبل عليَّ زميلي السيد مساعد اليافي وقال: شيء جديد لم أكن أتوقعه!
قلت: وما هو؟
قال: إنَّ ("مجلة العالم الإسلامي " la Revue du monde musulman ) التي كانت إلى الآن مجلة اجتماعية أدبية، تحولت
 
في هذا الشهر إلى مجلة تبشيرية. انظر، إنها أصدرت عددًا ضخمًا ليس فيه غير بحث واحد، وهو بحث تبشيري يدور حول ما تقوم به إرساليات التبشير البروتستانتية في العالم الإسلامي وما قيل في المؤتمرات التي عقدتها تلك الإرساليات في أوقات مختلفة. وقد جعلت المجلة عنوان هذا البحث (الغارة على العالم الإسلامي) أو (فتح العالم الإسلامي).



قلت له: إنَّ المجلة الفرنسية بنشرها هذا العدد الخاص بأعمال المُبَشِّرِينَ البروتستانت تقول للمبشرين الكاثوليك: أنظروا كيف سبقكم الآخرون إلى الغارة والفتح، فيجب أنْ تضاعفوا جهودكم وتنظروا في أساليبهم فتستفيدوا منها. ونحن أيها الأخ - بصفتنا مسلمين - يجب علينا أنْ نعلم ما يكيده لنا هؤلاء وأولئك، وأنْ نجعل أمتنا على علم بما يُنصب لها من شراك وما يبيَّتُ لها من شر. فأقترح عليك أنْ تترجم فصول هذا البحث فصلاً بعد فصل وتنشره في "المؤيد "تباعًا فيقف المسلمون على ما يُكاد لهم به من هذه الناحية.



فقال لي صديقي السيد مساعد، ولكن البحث طويل، والوقت الذي نعمل فيه هنا مشغول بالواجبات الأخرى.
قلت: نتعاون أنا وأنت على هذا الخير، ولا نعد هذا من واجباتنا في قلم التحرير، بل من واجباتنا نحو الإسلام والشرق. وأرى أننا عندما نفرغ كل يوم من عملنا اليومي تملي عَلَيَّ ترجمة فصل من الفصول بأي الألفاظ شئت وأنا أصوغ ما تمليه عَلَيَّ.
 
بعبارة عربية، فنتمكن من أداء هذا العمل بنصف الوقت اللازم له.
قال: حسن!
وفي نفس ذلك اليوم دفعنا للمطبعة مقدمة المسيو ل. شاتليه Le Chatelier رئيس تحرير "مجلة العالم الإسلامي "بعد أنْ وطأنا له توطئة باسم قلم تحرير "المؤيد ".



وما كادت هذه المقالات المتسلسلة تنتشر في مصر والعالم الإسلامي حتى كان لها وقع عظيم جدًا وبعثت اليقظة في كثير من الناس. ونقلتها عن "المؤيد "مجلات وصحف متعددة - منها مجلة "المنار "في القاهرة، وجريدة "الإخاء العثماني "في بيروت، وضاق صدر كُتَّاب "مجلة العالم الإسلامي "نفسها وأمثالهم من أنصار التبشير والاستعمار من ذيوع هذه الفصول بين المسلمين، لأنهم يَوَدُّونَ أنْ يقوم التبشير بأعماله والمسلمون نيام. فدارت مناقشة بينهم وبين "المؤيد "حول هذا الموضوع، تولى كاتب هذه السطور الإجابة عليها.



وقد جاءت مناسبات ذكرتُ فيها مقالات "الغارة على العالم الإسلامي "لكثير من أصدقائنا فكنت أراهم لا علم لهم بها، لأنَّ هذا شيء مضى عليه نحو عشرين سَنَةٍ، فاقترحوا عَلَيَّ أنْ أعيد نشر ذلك في "الفتح "، وأنْ أضعه بين أيدي الناس في كتاب مستقل، فأجبتُ سُؤْلَهُمْ



محب الدين الخطيب.
 
تَوْطِئَةُ مِنَ "المُؤَيِّدِ ":
عن عددها الصادر في ٢٠ ربيع الثاني ١٣٣٠ هـ.



في فرنسا جمعة إسمها (الإرسالية العلمية المغربية) مؤلفة من المستشرقين الذين درسوا الكتب الإسلامية والعادات الشرقية واللغة العربية وغيرها من لغات المسلمين خدمة لجامعات فرنسا السياسية والدينية والاقتصادية.



وقبل خمس سنوات أخذت هذه الجمعية تنشر في باريس مجلة كبرى مُصَوَّرَةً في كل شهر اسمها "مجلة العالم الإسلامي "يكتب فيها كبار المستشرقين، كالمُسيو ل. شاتليه رئيس تحريرها، وهو أيضًا أستاذ المسائل الاجتماعية الإسلامية في إحدى جامعات فرنسا، وكالمسيو لويس ماسينيون المستشرق الذي كان في مصر منذ سنتين، وغيرهما من المشتغلين بالموضوعات الإسلامية.



ويذكر القُرَّاءُ أننا كنا ترجمنا بعض أبحاث هذه المجلة منذ صدورها ليطلع القراء على آراء الكُتَّابِ الفرنساويين في آدابنا
 
وعاداتنا. وآخر ما ترجمناه عنها فصول للمسيو شاتليه عن (المركز الاقتصادي للعالم الإسلامي).



ولقد كانت هذه المجلة قبل الآن ظاهرة بمظهر علمي تكون الغايات السياسية فيها بالدرجة الثانية، إلى أنْ تم لفرنسا احتلال المغرب أولاً ثم دخلت [فاس] في طورها الأخير، وحلَّ بعد ذلك ما حل بطرابلس فظهرت هذه المجلة كغيرها بمظهرها الحقيقي الذي تكون فيه الدروس العلمية ذريعة لغايات سياسية ودينية.
من ذلك أنَّ "مجلة العالم الإسلامي "نشرت في أحد أجزائها الأخيرة بحثًا مطولاً أو كتابًا مفصلاً عنوانه (الغارة على العالم الإسلامي) أو (افتتاح العالم الإسلامي) سيطلع القراء على ترجمة هذه الفصول واحدًا بعد واحد، فيعلموا كيف تتبدل اللهجات بتبدل الحالات، وتتبين المقاصد مع انكشاف الحوادث. 
 
 
مقدمة المسيو شاتليه عن إرساليات التبشير البروتستانتية:



قلنا في سنة ١٩١٠ عندما كنا نخوض على صفحات هذه المجلة في موضوع السياسة الإسلامية: «ينبغي لفرنسا أنْ يكون عملها في الشرق مبنيًا قبل كل شيء على قواعد التربية العقلية (١) لتسنى لها توسيع نطاق هذا العمل والتثبت من فائدته. ويجدر بنا لتحقيق ذلك بالفعل أنْ لا نتقتصر على المشروعات الخاصة التي يقوم الرهبان المُبَشِّرُونَ وغيرهم بها لأنَّ لهذه المشروعات أغراضًا اختصاصية ثم ليس للقائمين بها حول ولا قوة في هيئتنا الاجتماعية التي من دأبها الاتكال على الحكومة وعدم الإقبال على مساعدة المشروعات الخاصة التي يقوم بها الأفراد فتبقى مجهوداتهم ضئيلة بالنسبة إلى الغرض العام الذي نحن نتوخاه، وهو غرض لا يمكن الوصول إليه إلاَّ بالتعليم الذي يكون تحت الجامعات الفرنساوية، نظرًا لما اختص به هذا التعليم من الوسائل العقلية والعلمية المبنية على قوة الإرادة».



«وأنا أرجو أنْ يخرج هذا التعليم إلى حَيِّزِ الفعل ليثبت في دين الإسلام التعاليم المستمدة من المدرسة الجامعة الفرنساوية!».



هذا ما ارتأيناه يومئذ وسيظهر ما يؤيده في الفصول التالية المتعلقة بإرساليات التبشير البروتستانتي الأنجلو سكسونية والجرمانية الدائبة على العمل في العالم الإسلامي حتى أصبحت أهميتها تفوق بكثير ما اعتاد الفرنساويون أنْ يتصوروه، لأنَّ النشاط وقوة الجأش التي يظهرها القائمون بأعمال هذه الإرساليات تختلف عن التي تمتاز بها أُمَّتنا.



وكنا منذ أمد بعي نود أنْ نخوض في ذكر تفاصيل أعمال هذه الإرساليات التي اشتهرت بخطتها ووفرة الوسائل التي أعدتها وتوسلت بها لمقاومة دين الإسلام.



وحسبنا أنْ نستشهد بإرسالية التبشير الكاثوليكية في بيروت لتكون موضوع التفكير والتأمل في فرنسا، إذ بالرغم من كون (كلية القديس يوسف اليسوعية) التي تدير أعمالها هذه الإرسالية لا تأثير لها على النشوء الفكري في المحيط الإسلامي، فإنَّ التعاليم التي تنشرها وتبثها كان لها الحظ الأوفر في انتشار الأفكار الفرنساوية في سورية والقطر المصري.



نعم، إنَّ غاية المدرسة اليسوعية وطريقة التعليم فيها تختلفان عن غاية وطريقة المدرسة الكلية الفرنساوية. في غلطة (الأستانة) إلاَّ أنَّ النتائج كانت متقاربة من حيث تعميم التعاليم والأفكار التي تنشرها اللغة الإفرنسية. ومن هذا يتبين لن أنَّ إرساليات التبشير الدينية التي لديها أموال جسمية وتدار أعمالها بتدبير وحكمة تأتي بالنفع الكثير في البلاد الإسلامية من حيث أنها تبث الأفكار الأوروبية.



إلاَّ أنَّ لإرساليات التبشير مطامع أخرى كما يتبين من الجملة الآتية التي استخرجها من رسالة أرسلها إلى جزيرة البحرين (قرب عمان) في ٢ أغسطس سَنَةَ ١٩١١ حضرة القسيس المحترم صموئيل زويمر منشيء "مجلة العالم الإسلامي "الإنكليزية وهو يبني فيها صروح آمال شامخة على أعمال المُبَشِّرِينَ البروتستان قال: «إنَّ لنتيجة إرساليات التبشير في البلاد الإسلامية مزيتين: مزية تشييد ومزية هدم، أو بالحري مزيتي  تحليل وتركيب. والأمر الذي لا مرية فيه هو أنَّ حظ المُبَشِّرِينَ من التغيير - الذي أخذ يدخل على عقائد الإسلام ومبادئه - الخُلُقِيَّةِ في البلاد العثمانية والقُطر المصري وجهات أخرى هو أكثر بكثير من حظ الحضارة الغربية منه. ولا ينبغي لنا أنْ نعتمد على إحصائيات (التعميد) في معرفة عدد الذين تَنَصَّرُوا رسميًا من المسلمين، لأننا هنا واقفون على مجرى الأمور ومتحققون من وجود مئات من الناس، انتزعوا الدين الإسلامي من قلوبهم، واعتنقوا النصرانية في طرف خفي» اهـ.



ولا شك في أنَّ إرساليات التبشير من بروتستانية وكاثوليكية، تعجز عن أنْ تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها، ولا يتم لها ذلك إلاَّ ببث الأفكرا التي تتسرب مع اللغات الأوربية فبنشرها  اللغات الإنجليزية، والألمانية والهولندية والفرنسية، يتحكك الإسلام بصحف أوروبا، وتتمهد السبل لتقدم إسلامي مادي، وتقضي إرساليات التبشير لبانتها من هدم الفكرة الدينية الإسلامية، التي لم تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزلتها وانفرادها.



أما ما يقوله حضرة مكاتبنا (زويمر) عن وجود مئات المسلمين اعتنقوا النصرانية سرًا وينتظرون فرصة للجهر بها، فذلك أمر لا يمكننا البَتُّ فيه مع حضرة الكاتب.



على أنه ليس من الحوادث الغريبة أن ينتصر بعض أفراد ينتمون إلى أصل فارسي أو هندي، لأن اختلاف النِحَلِ والاعتقادات في هذه العناصر هو من مزاياها الاجتماعية، وكذلك الحال في الوسط السامي المتصل بالأصل العبرانين، ولكن من النادر المستغرب أن تقع حوادث التنصير في بيوت السادة العلوية وبين الباتان  (الأفغانيين) الخُلَّص الموجودين في بلاد الهند أو مشايخ الهند وجيرانهم الأفغانيين، والأتراك والتركمانيين والعرب الحقيقيين والبربر.



ولا ينبغي لنا أن نتوقع من جمهور العالم الإسلامي أن يتخذ له أوضاعًا وخصائص أخرى إذا هو تنازل عن أوضاعه وخصائصه الاجتماعية، إذ الضعف التدريجي في الاعتقاد بالفكرة الإسلامية، وما يتبع هذا الضعف من الانتفاض والاضمحلال الملازم له سوف يُفْضِي - بعد انتشاره في كل الجهات - إلى انحلال الروح الدينية من أساسها لا إلى نشأتها بشكل آخر.



على أن المناقشة في هذه المسألة لا طائل تحتها، لأن الآراء تنبعث من وجهة التفكير، فلنقتصر إذن على القول بأن سير العالم الإسلامي تدرج نحو انحلال أفكاره الدينية وزوالها، وذلك أمر طبيعي  ممكن التحقيق. أما فرض تدرج المسلمين إلى اعتناق المسيحية، فخارج عن حد الإمكان لأن المسلم كالمسيحي واليهودي لا تجذبه التعاليم العصرية إلى الاعتقادات الدينية.



ولكننا نعود فنقول: إنه مهما اختلفت الآراء في نتائج أعمال المُبَشِّرِينَ، من حيث الشطر الثاني من خطتهم وهو (الهدم) فإن نزع الاعتقادات الإسلامية ملازم دائمًا للمجهودات التي تبذل في سبيل التربية النصرانية. والتقسيم السياسي الذي طرأ على الإسلام سيمهد السبل لأعمال المدنية الأوروبية، إذ من المحقق أن الإسلام يضمحل من الوجهة السياسية، وسوف لا يمضي غير زمن قصير حتى يكون الإسلام في حكم مدينة محاطة بالأسلاك الأوروبية.



قد يظهر لإخواننا المسلمين أننا نتصرف في مستقبلهم بحرية وبدون تكليف، ولكن من منهم ينكر  أن العالم الإسلامي أصبح هدفًا لغلطات فتيان جمعية "الاتحاد والترقي "، الذين ورثوا عبد الحميد واستعانوا بوسائله السياسية بعد أن خلعوه، ولم تكن أمامهم وسيلة لانقاذ السلطنة العثمانية والخلافة الإسلامية، غير تنظيم حكومة مؤلفة من ولايات إسلامية متحدة، وكل وسيلة غير هذه كانت تؤدي إلى نتيجة لا بُدَّ منها وهي تقسيم المملكة.



ولم نر الكلام على عواهنه، ولم نقصد غير تقرير حقيقة راهنة، عندما نَبَّهْنَا المسلمين من قُرَّاءِ مجلتنا - قبل احتلال طرابلس الغرب بستة أشهر - إلى ما تخبئه الأيام للآستانة، التي ستقع بين مخالب ألمانيا وروسيا.



إن إرساليات التبشير البروتستانية الأنجلوسكسونية تعلق أهمية كبرى على الحال الجديدة التي ظهر بها العالم الإسلامي، وقد رأينا أن نذكر معها  إرساليات التبشير الألمانية لما عقد بينهما من الأواصر والروابط في مؤتمري سَنَة ١٩٠٦ وَسَنَةِ ١٩١١، ولم يبق ارتباطهما متقصرًا كسابق عهده على تناوب كرسي الأسقفية البروتستانية في بيت المقدس.



وليس من المستغرب - ونحن نبدي إعجابنا بأعمالها - أن نلح بمزاحمتها ومسابقتها، خصوصًا وأن السيطرة على أهم الأسواق البشرية صارت متفوقة على هذه المزاحمة والمسابقة. وكنا نود لو كان في الوقت متسع لبسط القول، وإيضاح مجرى الأمور في هذه المسألة بحذافيرها لأنها جديرة باهتمام رجال فرنسا بلا إضاعة وقت. إلا أننا اضطررنا إلى الاقتصار على جمع بعض أمور وقفنا عليها وسنبينها هنا على قدر الإمكان.



ونحن نكتفي بعرض هذه الأمور من غير تعليق عليها، لأننا اقتطفناها من مؤلفات وفصول شتى ونظمناها  على الترتيب المتبع في هذه الظروف وأن المسألة التي تهمنا سوف تبدد شكوك ذوي البصيرة والروية لدى اطلاعهم على ما نعرضه أمام أنظار قُرَّاءِ مجلة "العالم الإسلامي ".



ونؤمل من ذوي الشأن في إرساليات التبشير البروتستانية، أن لا ينكروا علنًا انتهاج هذه الخطة التي هي بالطبع خطة مجلتنا، وهم أعلم الناس بعواطفنا وشعورنا نحو عملهم الذي لا يمكننا أن نذكر أهميته المقرونة بإلحاحنا في ذكر الضرورات التي تقتضيها السياسة الفرنساوية الوطية، كيما تحول مجهوداتها إلى التعليم التابع لطريقة المدارس الجامعة الفرنساوية، وذلك أشد العوامل تأثيرًا على بلادنا لتدخل في بلادنا لتدخل في حلبة المسابقة لنشر التعليم العقلي. 
 
تَارِيخُ التَّبْشِيرِ:
اقتصرت مجلة "العالم الإسلامي "في هذا الفصل على تلخيص كتاب "مشروع التبشير "الذي ألفه المستر (أدوين بلس) البروتستاني، ثم أعاد طبعه قبل عشر سنوات، فزاد عليه زيادات أخرى وسماه "ملخص تاريخ التبشير "ذكر فيه إرساليات التبشير البروتستانية على اختلاف نزعاتها منذ نشأتها في القرون الغابرة إلى أيام الطبعة الثانية للكتاب، مع بيان ما بين هذه الإرساليات من ارتباط وتضامن.



وقالت مجلة "العالم الإسلامي ": إن هذا السِفْرَ  نفيس في بابه، يتسنى لقارئه أن يقف على حقيقة أعمال الإرساليات البروتستانية، في بلاد الشام حتى أواخر القرن التاسع عشر، إلا أننا ننكر على مؤلفه عدم إشارته إلى الإرساليات الكاثوليكية، وهذا موضع الضعف في كتابه في أعمال إرساليات التبشير جميعًا على اختلاف نزعاتها. ولو كان المُبَشِّرُونَ الكاثوليك والبروتستان الذين يجتمعون في بلاد إسلامية، ينتبوهون إلى أن انقسامهم يحط من قدرهم ويقلل هيبتهم ويوطد أركان الإسلام، لكانوا على الأقل يوهمون بأنهم متفقون ظاهرًا، خصوصًا وأن انقسامهم هذا يمهد للإسلام السبيل لاستمداد مبادئ الحضارة من إرساليات المُبَشِّرِينَ من غير أن يقتبسوا أفكارها الدينية. ولا ريب أن نخبة الأذكياء المسلمين في مصر وسوريا - عندما يقفون على هذه التفرقة الموجودة بين الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانية والعلمانية التي  تتجاهل كل منهن الأخرى - لا يترددون في الحكم على مذاهب النصرانية بأنها قد فقدت التوازن بالرغم من الخدم التي تأتي بها الحضارة الأوروبية.



واستأنفت مجلة "العالم الإسلامي "بعد هذا الاستطراد كلامها على كتاب المستر بلس، فقالت: إنه ينقسم إلى قسمين، الأول في تاريخ التبشير العام وطرائقه، والثاني في موقف الإرساليات البروتستانية وأعمالها في البلاد.



ويقول المؤلف: إن تاريخ التبشير المسيحي، يرجع إلى صدر النصرانية ومبتدأ تأسيسها. ثم ذكر الذين قاموا بوظيفة التبشير بالنصرانية في القرون الوسطى فقال: إن «ريمون لول» الإسباني هو أول من تولى التبشير بعد أن فشلت الحروب الصليبية في مهمتها، فتعلم لول اللغة العربية بكل مشقة، وجال في بلاد. الإسلام وناقش علماء المسلمين في بلاد كثيرة.



وفي الفصل الثالث ذكر المؤلف المُبَشِّرِينَ الكاثوليك والدور الذي لعبوه في ثورة البوكسر الصينية وتدخلهم في شؤون القضاء. وهنا انتقدت مجلة "العالم الإسلامي "الكاثوليكية على هذا المؤلف البروتستاني، اقتصاره على ذكر تاريخ المُبَشِّرِينَ الكاثوليك، في ثماني صفحات فقط وقوله: إن المسلمين ينظرون إلى الطقوس والاحتفالات الكاثوليكية باشمئزاز. ووصفت المجلة هذا القول بأنه لا يشف عن محبة مسيحية ...



وفي الفصل الرابع: وصف المؤلف تنظيم إرساليات التبشير في القرون الوسطى، في الهند وجزائر السند وجاوه، واختلاط المُبَشِّرِينَ بالمسلمين منذ ذلك الحين وأشار إلى «بترهِيْلِنغ» الذي احتك بمسلمي سواحل أفريقيا وإلى اهتمام هولنده بالتبشير في جاوة في أوائل.  القرن الثامن عشر حتى قسمت جاوه لهذه الغاية إلى مناطق، لكل منها كنيسة ومدرسة، وقال: إن عدد الذين تنصروا سَنَةَ ١٧٢١ بلغ ١٠٠٠٠٠ وكان النصارى في سيلان سَنَةَ ١٧٢٢ (وكانت يومئذ تحت سلطة هولندة) يبلغ عددهم ٤٢٤٠٠٠ وتساءل عما بقي منهم الآن وقال: إن المسلمين كانوا فيها قليلين فصاروا الآن فئة كثيرة.



ثم ذكر تحريك البارون «دو ويتز» ضمائر النصارى سَنَةَ ١٦٦٤، إلى تأسيس مدرسة كلية تكون قاعدة لتعليم التبشير المسيحي، وتعلم فيها لغات الشرق للطلاب الذين يناط بهمه أمر التبشير. فارتأى أحد أحبار الكنيسة أن يعهد إلى الأروام بمسؤولية تبشير الأتراك، ثم فشل البارون في مشروعه.



وسرد المؤلف تاريخ تنظيم الإرساليات البروتستانية من دانمركية وإنجليزية وألمانية وهولندية، وأخبار اتصال  بعضها ببعض، وأسماء الملوك والأمراء الذين كانوا عضدًا لها وَمُؤَيِّدِينَ لأعمالها في القرن السابع عشر وما بعده في كل أقطار العالم.



وانتقل إلى البحث في أعمال هذه الإرساليات في القرنين الأخيرين فقال: إن المستر كاري هو الذي فاق أسلافه في مهنة التبشير، فدرس لغة اللاَّتِينِ واليونان والفرنسيس والهولنديين والعبرانيين، كما تعلم كثيرًا من العلوم. ولما نشر كتبه في التحريض على التبشير قوبلت بالاستحسان، ففتح له باب الاكتتاب وذهب إلى الهند لهذا الغرض وصارت الأموال ترسل إليه ثم طلب أن يرسل له رجال يؤازرونه في التبشير، فتأسست سَنَةَ ١٧٩٥ «جمعية لندن التبشيرية» وما [تمت] أن تأسست جمعيات على شاكلتها في «اسكوتلندة» و «نيويورك» وانتشرت هذه الفكرة في ألمانيا. والدانمرك وهولندة والسويد ونروج وسويسرا وغيرها، وتعذر على الإفرنسيين أن يقوموا بشيء من هذا القبيل لانشغالهم بالثورة التي آلت إلى الانقلاب المشهور.



وتأسست جمعيات فرعية كثيرة مثل «جمعية التبشير في أرض التوراة العثمانية».



وبلغ الشغف بهذا العمل، إلى أن تأسست إرساليات تبشير طبية على سبيل التجربة، لتلحق بالإساليات العامة فنجحت نجاحًا باهرًا، لذلك أخذت تنمو وتزداد وتألفت لها أقسام نسائية وأرسل بعضها إلى الهند والأناضول.



وفي سَنَةِ ١٨٥٥ أسست «جمعية الشبان المسيحيين» من الإنكليز والأمريكان، ووظيفتها إدخال ملكوت المسيح بين الشبان، وعقد تلاميذ المدارس النصرانية في.  نورثفيلد مؤتمرًا، اجتمع فيه ٢٥٠ مندوبًا عن ٨٠ مدرسة، تكلفت بتقديم ١٠٠ شاب للتطوع في نشر الدين المسيحي، ومن هؤلاء تألفت «جمعية الشبان المتطوعين للتبشير في البلاد الأجنبية». ويقول المؤلف أنها لعبت دورًا مُهِمًّا في تبشير المسلمين على الخصوص، لأن شعارها كان نشر الإنجيل بين أبناء الجيل الحاضر. ثم تبع ذلك تأسيس جمعيات التبشير في كل بلاد البروتستان. وفي سَنَِةِ ١٨٩٥ تأسست «جمعية إتحاد الطلبة المسيحيين» في العالم، وهي تهتم بدرس أحوال التلاميذ في كل الأقطار وببث روح (المَحَبَّةِ) بينهم، فالتحق بها ١٠٠.٠٠٠ طالب وأستاذ يمثلون أربعين قومًا، فنشأ عن وجود هذا العدد العظيم ميل إلى الانتفاع به، ولذلك تأسست سَنَةَ ١٩٠٢ «جمعية تبشير الشبان». ومن وظائف هذه الجمعيات الأخيرة استماله النساء والبنات والشبان والطلبة.  إلى استماع صوت المبشرين. ثم تقرر سَنَةَ ١٩٠٧ أن تؤسس جمعية أخرى، لتبشر الكهول فأسست وأخذت تباشر أعمالها، وترفع التقارير بهذا الشأن.



هذا ملخص القسم الأول من كتاب المستر «بلس»، فيما يتعلق بتاريخ إرساليات التبشير وأعمالها في بلاد الإسلام.



وأما القسم الثاني، فخاص بذكر مراكز تنظيم هذه الإرساليات، وإدراة أعمالها في كل قطر على حدة. وإلى القارئ ملخص هذا القسم.



أَفْرِيقْيَا:
قال المستر «بلس»: «إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في أفريقياوالمسلم  هو العدو اللَّدُودُ لنا، لأن انتشار الإنجيل لا يجد معارضًا لا من جهل السكان، ولا من وثنيتهم، ولا من مناضلة الأمم المسيحية وغير المسيحية. وليس خصمنا هو العربي الذي يرتاد البلاد للاتجار بالرقيق - لأن هذه التجارة صارت صعبة - بل إن هذا الخصم المعارض، هو الشيخ أو الدرويش صاحب النفوذ في أفريقيا، أكثر مما هو كذلك في فارس، فالشيخ والدرويش يجوبان شواطئ البحر الأحمر والنيجر، والمغرب، وواداي، ويبثان في الأهالي أن المهدي ينتظر ظهوره، وسينشر الإسلام في كل الأقطار. وقد ظهر مهدي منذ سنين فحارب الإنكليز ثم توفي فتولى الأمر بعده خليفة غُلِبَ على أمره.



أما الشيخ السنوسي، العدو الألد للنفوذ الفرنسي والإنكليزي فله تقاليد أخرى».



ويقول المستر «بلس»: «إن طلبة الأزهر، يعتقدون. بالمهدي. وأما المغاربة، فلا يزال يدور في خلدهم إمكان الجهاد، وهو يرى أن الملحمة الكبرى بين أوروبا والإسلام ستنشب في غربي أفريقيا أو في شمالها. ولا ينبغي أن نستدل على حقيقة هذه الملحمة المنتظرة بالقتال الذي حدث في السودان.



دخل المُبَشِّرُونَ الكاثوليك ربوع أفريقيا منذ القرن الخامس عشر، أي في أثناء الاكتشافات [البرتغالية] وبعد ذلك بكثير أخذت ترد إرساليات التبشير البروتستانية إنكليزية وألمانية وكذلك إرساليات التبشير الفرنسوية.



ولم تهتم جمعية الكنيسة البروتستانية بالتبشير في أفريقيا الغربية إلا منذ سَنَةِ ١٨٠٤، حيث تعاونت إرسالياتها وانكفأت على الكونغو، وهذه الجمعية تقاتل الآن بمؤازرة الأسقف «صموئيل كروتز» الزنجي سلطة الإسلام المتدفق في النيجر الغربية.



وفي سَنَةِ ١٨١٩ اتفقت هذه الجمعية مع الأقباط  وألفت في مصر إرسالية عهدت إليها نشر الإنجيل في أفريقيا الشرقية، وقررت إرسال مبشرين إلى الحبشة، ولكنها فشلت على أثر المنافسة بين اليسوعيين والبروتستان.



ثم أخذ المُبَشِّرُونَ السويديون والإنكليز يرتادون غربي أفريقية، وتبعهم مبشرو المدرسة الجامعة فهبطوا مدينة «ممباسة» ثم عززت ألمانيا إرسالياتها عقب اتساع مستعمراتها لكن سرعان ما ظهرت المنازعات بين الكاثوليك والبروتستان وكان أهم ذلك في «أوغندة» بين مبشريها الوطنيين والرهبان البيض الذين ألف إرساليتهم الكاردينال «لافيجري».



وتوفد المُبَشِّرُونَ على أفريقية الوسطى عقب بعثة «لفنستون» و «ستانلي» سَنَةَ ١٨٧٨، فاقتسموا مناطقها مع اختلاف جنسياتهم بين ألماني واسكتلندي وإنكليزي ومورافي، وهؤلاء انتشرت إرسالياتهم بدون انقطاع من  شرقي أفريقية إلى أواسطها حتى الخرطوم والحبشة وبلاد الجلا، وجاءت هذه الإرساليات بنتائج حسنة.



أما بلاد المغرب، فلها مبشرون خاصون بها ترسلهم «جمعية تبشير شمال أفريقية» وهم منشرون في الغرب والجزائر وتونس وسائر بلاد المغرب، ومنهم المُبَشِّرُونَ والأطباء التابعون لهم. ولقد شاع أن ذوي الأمر في فرنسا وإيطاليا حانقون على رجال التبشير! إلا أن حاكم الجزائر طمأن بال الأسقف «هارتزل» في الأيام الأخيرة وصرح له بأنه ينظر إلى أعمال المُبَشِّرِينَ ببعض الاستحسان.



وقبل الانتهاء من الكلام على أفريقية، لا نرى بُدًّا من الإشارة إلى جزيرة مدغشقر التي يقوم فيها المُبَشِّرُونَ البروتستانت بخدمة مهنتهم بكل جد ونشاط.



آسْيَا الغَرْبِيَّةِ:
كان للمبشر «هنري مارتن» يَدًا طولى في إرسال. المُبَشِّرِينَ إلى بلاد آسيا الغربية، فبعد أن أقام في الهند مدة، عَرَّجَ على فارس والبلاد العثمانية، وتوفي سَنَةَ ١٨١٢، وهو الذي ترجم التوراة إلى الهندية والفارسية والأرمنية، ومن بعده أخذت إرساليات التبشير تشد الرحال إلى الأناظول وفلسطين، واتخذت لها مراكز في إزمير والقسطنطينية وبيت المقدس، وتصدرت للتبشير في صفوف النسطوريين على حدود فارس والسلطنة العثمانية، وفي صفوف اليعقوبيين فيما بين النهرين. وفي مقدمة هذه الجمعيات لجنة التبشير الأمريكية، إلا أن جمعيات اليهود الإنكليزية سبقتها إلى بعض البلاد العثمانية مثل إزمير والآستانة وسلانيك، فافتتحت فيها مدارس دينية ومعابد. ومنذ سَنَةِ ١٨٤٩ أخذت ترد إرساليات أخرى على هذه البلاد فقسمتها إلى مناطق وأصابت لجنة التبشير الأمريكية منطقة قبائل النصيرية في سوريا فأخذت على عاتقها تنصير هذه القبائل وذهب قسم من هذه الجمعية إلى بلغاريا لِيُنَفِّذَ  خطته هناك.



ولما حدثت حوادث سَنَةِ ١٨٦٠ في سوريا توجهت الأنظار إلى جبل لبنان، وبعد عشر سنوات انتشرت لجنة التبشير الأمريكية، في البلاد العثمانية عدا سوريا.



وعلى أثر تأسيس الكنيسة البروتستانية في الآستانة سَنَةَ ١٨٤٦، صارت الآستانة مركزًا عَامًّا آمنًا لأعمال المبشرين.



أما موقف الحكومات الإسلامية أمام إرساليات التبشير، فكان يختلف باختلاف البلاد، فالقبائل المستقلة في بلاد العرب عَدُوَّاتٌ لَدُودَاتٌ لِلْمُبَشِّرِينَ، وبلاد الفرس سائد عليها نفوذ روسيا، والسلطة الإسلامية في القطر المصري اسمية فقط. وكانت الحكومة العثمانية تبدي ضروب الاستبداد نحو المُبَشِّرِينَ على اختلاف مذاهبهم، بسبب الدور السياسي الكبير الذي يمثله نفوذ المبشرين.
 
على مسرح المسألة الشرقية. وكانت معاملة الحكومة العثمانية للمبشرين تتحسن بواسطة سفراء الولايات المتحدة.



ولقد شَمَّرَ المُبَشِّرُونَ عن ساعد الجد في ترجمة الكتاب المقدس "التوراة "و "الإنجيل "إلى كل لغات الشرق بأسلوب سهل يتسنى فهمه لكل الطبقات.



وأكبر ما يثير قلق المستر "بلس "، مؤلف هذا الكتاب، هو الدور الذي ستقوم به الدولة العثمانية في الحوادث المقبلة! .. ما دامت أنظار القبائل السنوسية الشديدة البأس متجهة نحو السلطنة العثمانية، التي يحكمها أمير المؤمنين وفيها بيضة الإسلام. ومثل السنوسيين الأمم الأخرى البعيدة عن الأستانة مثلى بخارى وخيوة والهندوالبلاد الإسلامية الشاسعة.



الهِنْدُ:
انتشرت إرساليات التبشير في الهند عقب إرسالية. جمعية لندن التبشيرية، التي قام بها (كاري) ثم تبعتها الإرساليات الأمريكية والإسكتلندية والهولندية والنروجيه وغيرها، وكلها تؤدي وظيفتها بنشاط وتقوم بأعمالها بكل دقة.



وكان كل هؤلاء في بادئ الأمر قد وقعوا في الحيرة لأنهم لم يعلموا بمن يبدأون في التبشير، وهل يسهل بث النصرانية في البرهمي أو المسلم المتنور أو الهندي العامي؟



ثم اهتدوا إلى التقاط الأطفال، الذين يعضهم ناب الفاقة والفقر، فيحسنون إليهم ويستجلبونهم نحوهم، ومؤتمر التبشير الذي عقد في شيكاغو، قرر أن ينظر في وسائل تعميم التبشير في الهند ونشر النصرانية وتفسير تعاليمها بين كل طبقات الأهالي.
 
جَزَائِرُ المَلاَيُو:
يوجد في شبه جزيرة الملايو وجزائرها المجتمعة عقائد ونزعات سقيمة، لأن أهالي هذه البلاد اعتنقوا الإسلام في القرن الثالث عشر، وموجوا به ما علق من عقائدهم القديمة، ثم اقتبسا شيئًا من مذهب الكاثوليك عقب ظهور البرتغاليين ومن مذهب البروتستان بعد استيلاء الهولنديين على هذه البلاد، والهولنديون أبدوا قسوة وعدم تسامح في القرون الوسطى لنشر عقيدتهم، وفي هذه الأيام ذهبت إرساليات كثيرة إلى الملايو لتبشيرهم بالنصرانية.



الصِّينُ:
في هذه المملكة مسلمون كثيرون بعددهم قليلون بالنسبة إلى مجموع سكان البلاد. وتاريخ ذهاب إرساليات. التبشير إلى الصين يرجع إلى سنة ١٨١٣ م، ولما افتتحت الثغور الصينية بعد ذلك انتشر فيها المُبَشِّرُونَ والأطباء والممرضون التابعون لهم انتشارًا هائلاً واتسع نطاق أعمالهم وجاء بثمرات كثيرة.
 

الطلاق كما الخلع لايقع باللفظ ، إلا بحكم معلل من القضاء

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

الطلاق كما الخلع شبه مستحيل في الإسلام ومن الصعب تطبيقه إلا وفق شروط صعبة جداً تحتاج الى قاض للبت بها وليست مجرد كلمة تلفظ دون مسؤولية يتفوه بها الزوج  ليدمر عائلة بأكملها التي  هي جزء من مجتمع إسلامي متكامل محصن ،  وإلا انهار هذا المجتمع إذا تركنا الأمر على غاربه .

 إذ أن الطلاق لايقوم في الفقه أبداً  إلا بموافقة قاض شرعي غير مختل وعلى علم واسع جداً في أصول الفقه ومقاصد الشريعة بعد أخذه بالأسباب وعرض الصلح ...

ولو رمى الرجل الطلاق على زوجته شفهياُ ألف مرة فإنه لايقع إلا بحكم قاض إذا اقتنع وأخذ بالأسباب وأقرت بها الزوجة ،  اوقبلت به  ووافقت على الطلاق كما سبق في موافقتها على الزواج في الأساس . إذ أن الطلاق مشروط بموافقتها شرعاً إلا أنه قد  يقع على غير موافقتها  لعلة يأخذ بها القاضي إذ اقتنع بالأسباب .

وتقصير العلماء  هو الذي جعل الطلاق أمراً هيناً بمتناول العامة والأخذ به كمتعة قابلة للتغيير من سقط المتاع  وكأن المرأة سلعة للبيع والشراء على مذبح الشهوات بما لايقره الإسلام وفق مزاج صاحبها وشهواته بما في ذلك من اذى مع إنعدام الإيمان  والأخلاق .  لذا لايصح الطلاق دون أمر قضائي معلل حيث سيعرض على الله من قبل الزوجة يوم الحساب إن كان فيه ظلماً  .

ومن الجدير لفت النظر أنه لم تحصل اي عملية طلاق منذ فجر الإسلام حتى نهاية العصر الأموي إلا بأمر قضائي لدى الولاة والقضاة ، إلى  أن جاء العصر العباسي  بثورة على الأمويين على اكتاف الأعاجم.

 وضاع الدين نظراً لان الأعاجم ، خاصة الفرس ، قد تولوا معظم القضاء والفتوى فشاع الفساد إذ طبقوا عاداتهم الوثنية التي حملوها معهم على الدين بما شابها من عيوب في مضمونها .فأضحت المرأة مجرد متعة للرجل التي سمت على واجباتها الزوجية والعائلية في تربية مجتمع إسلامي متنور .لأن رجال الدين والقضاة المسلمين والحكام منذ ايام العباسيين وحتى الآن لهم مصلحة في هذا الإنفلات .لذا أباحوا الطلاق دون أذن قضائي ليذلوا المرأة على غير نظرة الإسلام اليها بضرورة احترامها لما فيه مصلحة للأمة نظراً لعظم دورها في نشأة الأسرة . ولازالت المرأة ذليله في ممارسات بعض الأزواج أو المجتمع ضدها ، على غير مقاصد الشريعة وتوصية الرسول.

 قد يبدو هذا الكلام غريباً ، بالطبع لان غالبية المسلمين تجهل حكم الإسلام في مسألتي الزواج والطلاق وشروطهما .

وفيما يلي بيان الشرع الإسلامي في الطلاق والخلع :


أخذ الإسلام بمبدأ الطلاق على النحو الذي كان مألوفاً في العرب ولكنه أخضعه لأحكام استبعد فيها سؤ إستعماله ورتب للمرأة حقوقاً لم تكن تحظى بها في الجاهلية .
ففي الجاهلية كان الرجل يطلق إمرأته للمرة الأولى ، وقبل أن تنقضي عدتها يراجعها ، ويفعل ذلك عدة مرات مادامت في العدة وبذلك كان يضارها ؛ وقد شكت إمرأة لرسول الله ماصنع زوجها فنزلت الآية : "الطلاق مرتان ، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ".
ففي هذه الآية تحدد الطلاق بمرتين . ففي الأولى يكون رجعياً ، بمعنى أنه يحق للرجل أن يراجع زوجته قبل إنقضاء عدتها . أما إذا طلقها مرة أخرى أو مضت عدتها ولم يراجعها ، فتَبين منه ولا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد . وبذلك قطع الإسلام سؤ إستعمال الطلاق وحمى المرأة من مضارة زوجها . وإذا طلقها بعد ذلك مرة ثالثة فتبين منه بينونة كبرى لاتحل له إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره ويدخل بها ثم يطلقها بإرادته ، وفي ذلك يقول تعالى :

"فإن طلقها فلا تحل له من بعد ، حتى تنكح زوجاً غيره "وذلك بعد قوله : "الطلاق مرتان " . وبذلك نهى الإسلام عن الزواج الصوري الذي كان يدعو إليه ( المحلل ) في الجاهلية ، واشترط أن يكون الزواج حقيقياً لاشبهة فيه أو تواطؤ.
والطلاق حق يملكه الرجل ، ويمكن للمرأة أن تملكه .في الجاهلية كان بعض النسوة من الشريفات يشترطن على أزواجهن أن يكون أمرهن بيدهن ، أي يكون لهن حق تطليق أنفسهن متى شئن . وكانت علامة التطليق ألا تصنع المرأة طعاماً لزوجها أو أن تحول باب خبائها ، فإن كان قِبَلَ المشرق حولته قِبَلَ المغرب ، فيعلم الزوج أن زوجته طلقت نفسها فلا يأتيها . ويروي صاحب الأغاني أن ماوية زوجة حاتم الطائي طلقته وكان أمره بيدها ، وذلك أنه جاءها فرأها حولت باب خبائها فانصرف .
وقد أخذ الإسلام بحق المرأة في أن تشترط على زوجها تطليق نفسها منه ، فإذا قالت طلقت نفسي منك ، أو اخترت نفسي ، كانت طلقة بائنة عند أبي حنيفة ، بحيث لاتحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد ؛ وعند الشافعي كانت طلقة رجعية بحيث يمحو الزواج أثر الطلقة إذا راجعها في العدة . وهذا ماأخذ به قانون الأحوال الشخصية المصري والسوري ، على أن يبقى للزوج حق طلاقها متى شاء لآنه صاحب الحق الأصلي في التطليق ، ومنحه المرأة حق تطليق نفسها منه إنما هو تفويض لايسلبه حقه الأصيل .
ولقد أباح الإسلام الطلاق على أنه ضرورة ملزمة في بعض الحالات ، وشرعه على أعظم الحكمة والمرؤة . وعليه قرن القرآن الكريم آيات الطلاق بالتنبيه على رعاية حدود الله التي شنها وخوّف من الظلم .
قال تعالى :"تلك حدود الله فلا تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه "/سورة البقرة :229 / .
وقال : "وتلك حدود الله يبيّنها لقوم يعلمون " /سورة البقرة : 230 / .
وقال :"وتلك حدود الله ، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه "/ سورة الطلاق /.
وقال : "ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه" /سورة البقرة : 231 /.
وقال : "واعلموا أن الله يعلم مافي أنفسكم فاحذروه" /سورة البقرة:235 /.
وفي الحديث الشريف نهي عن الطلاق وتحذير من الجري وراء الهوى كقوله ۖ "أبغض الحلال عند الله الطلاق "وقوله "لعن الله كل ذواق مطلاق"وقوله : "لعن الله الذواقين والذواقات" . وقوله : "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة ".
هذا ماجاء به الإسلام إذ نظم الطلاق وقيده بقيود شداد ، فأقام الحياة الزوجية على دعائم وطيدة وأبطل ماجرى عليه العرب وغيرهم من نظم لاتصلح للبقاء وعدل بعضها بعضها تعديلاً يتفق ومصلحة الأسرة ، وابتكر نظماً جديدة تقلل دواعي الطلاق وتضيق إباحته وتخفف آثاره التي تترتب عليه إذا ماوقع .
الخلع :
من سماحة الإسلام ورحمته بالزوجة وإنصافاً لها ، أنه أفسح للمرأة أن تختلع من زوجها إذا كرهت منه أموراً لاتطيقها . وهذا الخلع هو المال الذي تقدمه الزوجة لزوجها ليطلقها ، أي تفدي نفسها بالمال أو بمنفعة تقدمها للزوج كإرضاع ولده أو حضانته دون أجر ، أو أي تعويض يتفقان عليه . ولا يراب الخلع إثماً على المرأة ولا على الرجل .
وقد إستدل العلماء على جواز الخلع بقوله تعالى :"فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، تلك حدود الله فلا تعتدوها" /سورة البقرة : 229 / .
وقد شكت إمرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله ۖ أنها لاتعتب على زوجها في خلق ولا دين ، ولكنها لاتطيقه بغضاً ، فقال لها النبي :"أتردين عليه حديقته؟ قالت نعم ، فقال الرسول لثابت :"إقبل الحديقة وطلقها تطليقة ، فردت عليه حديقته ، وفرق الرسول بينهما . وكان ذلك أول خلع في الإسلام .
ونرى عمر ابن الخطاب قد أخذ بمبدأ الخلع ، أشفق على إمرأة تشكو أمرها إلى الله وهي تطوف ، فبعث عمر إلى زوجها فوجده متغير الفم فطلب منه أن يطلقها أو يخالعها على مال ، فخالعها على مال وخلعها من عصمته لقاء خمسمئة درهم .
وقد جعل الإسلام حق المرأة في إفتداء نفسها مقابل حق الرجل في الطلاق ، فإذا كرهت المرأة معايشة زوجها كان لها الحق في طلب خلعها من عصمته ، وبذلك يتوازن حقها في طلب الخلع مع حقه في طلاقها إذا كره أحدهما الآخر .
الطلاق والخلع بأمر القاضي :
وإذا رفض الزوج خلع إمرأته رفعت أمرها إلى القاضي ، فإذا امتنع الصلح بينهما ، أمر القاضي أن تدفع المرأة إلى زوجها ماقبضت من مهر ، أو يقرر القاضي التعويض الذي ينبغي أن تدفعه إلى الزوج ؛ فإن لم يرض ألزمه القاضي بالقبول ويثبت واقعة الخلع ويكون الطلاق بائناً .
وهكذا فإن الإسلام قد رفع من شأن المرأة وأكسبها حقوقاً لم تكن لها ، ومن هذه الحقوق مايتصل بالطلاق والتطليق . إذ خول الإسلام الزوجة أن تختلع من زوجها كما سبق أن عرضنا ، كما أباح لها أن تشترط في العقد حقها في تطليق زوجها كما تقدم . كما خول الإسلام الزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها في حالات عدة منها :
1- أن تحل بشرط اشترطته في عقد الزواج ، على ألا يكون شرطاً يتعارض مع الحياة الزوجية القائمة على الإستمساك بالعشرة أو مخالفاً لحدود الله .
2- أن يؤذيها أذىً لاتستقيم معه العشرة ولا طاقة لها بالصبر عليه .
3- أن يكون قد خدعها أنه موسر ثم تتبين أنه معسر لايجد ماينفق عليها .
4- أن يكون به عيب شرعي ينافي الزوجية أو تغّيب عنها غيبة طويلة لسنة أو أكثر .
5- أن يمتنع عن الإنفاق عليها مع قدرته . أما إذا أعسر ولم يجد ماينفقه عليها ثم طالبته بالإنفاق أو طلبت الطلاق ، فقد اختلف الفقهاء على عدة أقوال :
أحدها يذهب إلى أن الزوج يجبر على الإنفاق أو الطلاق .
والثاني يرى أن يطلقها الحاكم بعد أن يؤجله شهراً أو نحوه ثم يطلقها طلقة رجعية ، فإذا أيسر له أن يراجعها .
والثالث يقضي بأن للزوجة الخيار ، فإن شاءت أقامت مع زوجها وتكون نفقته ديناً لها في ذمته ، وإن شاءت طالبت بالطلاق . أما إذا صبرت الزوجة ولم تطالب بالتفريق فلا شىء .
ويرى بعض الفقهاء أن المرأة تُكلف ان تنفق على نفسها وعلى زوجها إن كان معسراً وهي غنية /زاد المعاد : 4/218-225 /.
والذي يتبين من هذه الآراء وهذه المناقشات التي دارت بين العلماء أن الإعسار ليس السبب وحده في الطلاق وإنما هو تبرم بحال الزوج ورفض الزوجة العيش معه من مالها أو عملها أو كسبها ، أما إذا تعاونت معه وكسبت من عملها أو أنفقت من مالها فإن هذا خير له ولها .

 


تعطيش الجيم

$
0
0

 

 

حنت ابنتي حديثا جدا علي ما يبدو الي أصلها المصري وحجزت كورس لغة عربية فصحي في ألمانيا..

ومعلمتها ‏شابة مصرية في حوالي الثلاثين من العمر محجبة .

وهي تتذكر جيدا عددا معقولا من الكلمات العربية التي كانت متداولة في المنزل  حيث أنني فى البداية كنت أصر علي الحديث باللغة العربية  فكانت بحكم الفضول الطفولي تسمع وتراقب.

وبما أنها قد التحقت بهذا الكورس بكامل إرادتها الطوعية وعن رغبة ذاتية فهي مهتمة للغاية باللغة العربية وتريد بالفعل أن تصل فيها الي درجة طيبة. ولذلك فهي تسألني باستمرار عن كلمات ومصطلحات وخلافه.

‏ولما كانت معارفها في العربية مبناها ما كانت تسمعه مني في المطبخ أو أثناء حديثها اليومي فقد جاءت تلك المعارف مؤسسة علي النطق العامي المصري، الذي لا يتفق تماما مع النطق العربي الفصيح الذي هي الآن بصدد دراسته.

ومن أهم هذه الاختلافات قضية تعطيش الجيم.

فالأصل في اللغة العربية هو تعطيش الجيم حتي أن معلم الكيمياء في الصف الثالث الثانوى أخبرنا عن صديق له اسمه عبد الجواد اعير للعمل في العراق وكاد العراقيون أن يفتكوا به لأنه ينطق اسمه بالطريقة المصرية مما يجعل المعني يتبدل في الفهم العراقي الي عبد القواد!!

ولكن الشئ الملحوظ أن الشعب الوحيد الذي لا يعطش الجيم من بين كل الشعوب العربية هم المصريون.

وأتذكر جيدا جدا أنني في فترة الصبا كنت استمع الي خطب الجمعة في الراديو وفي المسجد واصغي الي بيانات المفتي في أول رمضان والعيد وخلافه وكانت كل حروف الجيم التي ترد بهذا الخطاب الديني الرسمي بلا تعطيش..

وليس لدي من تفسير  لهذه الظاهرة الشاذة عن جميع قواعد ممارسة القوة السياسية والسلطان إلا أن هذا النطق ربما لم يكن له وجود فى اللغة الفرعونية القديمة، فالجيم المعطشة تختلف طريقة نطقها عن الشين العميقة بل هي خليط بينها وبين الدال.
ففي العادة يفرض المحتل ثقافته عن طريق عنصري لغته وقانونه إن هو أراد  هضم الأرض التي قام بضمها. وهذا هو الأسلوب الذى تبعته كل قوي الإحتلال عبر التاريخ الإنساني المتراكم وقد كان أحدثهم المستعمر المستوطن الأوروبي فى كل من أمريكا وأستراليا.
إلا أنني بإمعان التفكير فى هذا الأمر ربما أكون قد توصلت إلي نتيجة أخرى وهي أن مصر لها طريقة كامنة وأسلوب مستتر فى الحفاظ علي بعض من التميز عن كل القوي التي قامت بغزوها عبر التاريخ الطويل.
فالإسكندر الأكبر مثلا إضطر أن يسبغ على نفسه صفة الإله الفرعوني حتي يلقى القبول، وكذلك فعل البطالمة من بعده وحتي زالت دولتهم بموقعة إكتيوم التي جاءت بالحكم الروماني.

والغزو الروماني لمصر كان فاتحة خير على من قام به وهو جايوس أوكتافيوس الذى هزم مارك أنتوني وحليفته الإغريقية كليوباترا. إذ أن أوكتافيوس تحول بعد ذلك إلى الإمبراطور أوجوستوس الشهير جدا فى التاريخ الروماني والذى تسمي الشهر الزائد الآخر علي إسمه بعد الشهر المسمي على إسم يوليوس. فغزو مصر كان فى العصور القديمة هدفا ستراتيجيا عالي القيمة يضمن لصاحبه سموا علي كل منافسيه..

ولم يكن الإستيلاء على مصر فقط هدفا عالي القيمة بل لابد أنه كان أيضا له سعر. والسعر الذى كان يدفعه المحتلون لمصر هو غالبا التعاضي عن أمثال هذه الأمور التي لا تمنع المحتل من الإستغلال الإقتصادي للمصريين وفى نفس الوقت تعطيهم الشعور بالإختلاف والتميز. وكلنا نعرف محتوي الخطاب الذى بعث به القنصل البريطاني فى القاهرة لحكومة بلاده فى بداية الحرب العالمية الأولي يحذرها بشدة من تنفيذ فكرة ضم مصر نهائيا إلى إنجلترا بحيث تذوب فيها وتمحي هويتها كدولة ويصبح سكانها رعايا إنجليز.. وهذه كانت هي الفكرة السائدة فى لندن.. إلا أن خطاب القنصل - الذى تعده الحكومات المتحضرة مستودع خبرتها فيما يتعلق بالتعامل مع الدولة التي يقيم فيها - قد إجتز هذه الفكرة من أساسها وساد فى النهاية فكر القنصل ولم تضم إنجلترا مصر  إلي ممتلكاتها وظلت مصر موجودة ولكن تحت الحماية.

فالحفاظ على الشعور القومي المصري كان على إمتداد العصور هام جدا بل وحيوي لكي يستطيع المصريون التعامل مع واقع الإحتلال.

وبنفس الطريقة ومن خلال هذا الإفتراض يمكن النظر إلى التاريخ الديني لمصر..

لو أن المرء قد استعرض التاريخ الديني لمصر منذ عهود الفراعنة الي نهاية القرن العشرين فلن يجد نهجا مختلفا عما وجدناه في مجال اللغة، أي أن المصريين يتاقلمون علي الظروف المتباينة تاقلما ليس كاملا بل يحتفظون بشئ ما يعطيهم الإحساس بالتميز ويشبع عندهم العزة القومية.

مقومات إقتصاد الدولة وعجز الحكومات العربية

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

بناء إقتصاد الدولة أمر معقد  يتطلب اشخاصاً مميزين جداً  وملهمين الى حد العبقرية في الإلمام بالشأن الإقتصادي ووضع الخطط الملائمة والمتابعة والإحاطة بالمشاكل الحقيقية للدولة والمجتمع والأسرة والفرد قائمة على المعرفة   الواسعة  لعلم الإقتصاد والفقه الديني  والتاريخ والجفرافيا والعلوم السياسية والإدارة  والقانون والأدب والخبرة التجريبية على الأرض ، عدا فهم حركة المال وطرق توظيفه وإنفاقه .

ومن هنا فإن إيجاد أمثال هؤلاء الأشخاص يعتبر أمراً نادراً كالذي يبحث عن جوهرة في سعة من الأرض .

إذ أن نظام بناء إقتصاد الدول ليس شأناً عادياً ، إذ ان النجاح به يؤدي الى بناء أمة وينهض بها لتحلق في فضاء الصناعة  والمال والتجارة والزراعة القائمة على العلم والمعرفة والخبرة .

فنظام بناء الدول يختلف كلياً عن بناء إقتصاد الشركات ، لأن إقتصاد الشركات يسعى لمنفعة مجموعة من الأشخاص محدودي العدد ، اما إقتصاد الدول فيسعى الى بناء أمة وخلق  المناخ الملائم لنهوض الشركات والمؤسسات والتجارات الكبيرة منها والمتوسطة والصغيرة والفردية .

ويعتبر النظام الإقتصادي الأمريكيهو الأكثر تطوراً في العالم كإقتصاد دولة حديث  بما يملك من جرأة في التغيير والمبادرة والتجدد الدائم ، مما يعني إدراكاً لما  يحيط به من مشاكل يظل واعياً لمعالجتها بالإنتقال من مرحلة الى أخرى بشجاعة منقطعة النظير ؛ وهذا ماساعد على الإستمرار في قوة النقد الأمريكي وعالميته لصعوبة منافسته مع تحفز الفكر الإقتصادي الأمريكي لأي تغيير .

إلا أن مشكلته هو فقدان الحس الإنساني والأنانية المفرطة وانعدام الأخلاقيات  تجاه مواطنيه من أجل الصالح العام للدولة ، وايضاً تجاه الشعوب الأخرى؛   كالرجل الذي يحرق  حرجاً من اجل إشعال سيجارة .

إذ أن الإقتصاد الأمريكي بني وفق ظروف قاسية لاإنسانية عند إقامة الدولة ، دفعته ليبيد شعباً بأكمله وهم الهنود الحمر، سكان البلاد الأصليين ، دون أن تأخذه شفقة أو رحمة بهم لتعذره عن تدجينهم ضمن خططه الإقتصادية مع رفضهم الإندماج في مشاريعه لبناء الدولة  ، حيث عوض عنهم بأقنان من أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وشعوب دول أخرى من اجل مد السكة الحديد في جميع أنحاء القارة الأمريكية  وإقامة المشاريع الزراعية والصناعية الضخمة من أجل تدعيم بناء الدولة .

 إلا أن مايجب لفت النظر اليه هو أن الإقتصاد الأمريكي اعتمد في بنائه على القطاع الخاص من الشركات الضخمة قبل أن تأخذ الدولة دورها في إصدار النقد الورقي الذي اضحى عملة عالمية بديلاً عن الذهب  في التداول بين الدول ، وإنشاء المصرف المركزي .

الإقتصاد الأوروبي : لم تعرف أوروبا بداية تكوين إقتصاد الدولة إلا مع بدء الثورة الفرنسية التي انفجرت في العام 1789 ، حيث كانت تخضع لنظام إقتصادي إقطاعي موزع بين الكنيسة والملوك والنبلاء تستوفي فيها معظم الأتاوات من المزارعين في أراض واسعة تعذر فيها بناء إقتصاد دولة متكامل متماسك ، وبالتالي تعذر بناء دولة بالمعنى الحقيقي  بما يتطلب ذلك من شروط  ومواصفات كانت معدومة قبل قيام الثورة .

ورغم النهوض الإقتصادي الهائل الذي حققته أوروبا عقب الحرب الثانية في النهوض الصناعي بدعم أمريكي من خلال  مشروع مارشال ، إلا أن إقتصادها بدأ يتراجع قبل أكثر من عقدين لهيمنة الطبقة الرأسمالية وامساكها بالسلطة من خلف الكواليس بحيث بدأت تخضع للضغوط الأمريكية في إقامة منطقة اليورو وفي التوقيع على إتفاقية منظمة التجارة العالمية الأمريكية ، التي تسببت بانهيار إقتصاديات العالم وقد ألغت الحدود التجارية والرسوم الجمركية وأطاحت بموارد معظم الدول الأوروبية وتلك الموقعة عليها الى الأبد ، خاصة وأنه قد سبق ان اعتمدت هذه الدول في مداخليها على ضريبة المضافة ، بديلاً عن الضرائب والرسوم ، استجابة لضغوط الرأسمالية المرتبطة مصالحها مع الرأسمالية الأمريكية على حساب مصالح مواطنيها واقتصادهم ، لتبدأ المأساة الأوروبية في تراجع مصانعها وتجاراتها وإفلاس مؤسساتها المالية ،  زادها بلة ارتفاع أسعار النفط الى أربعة أضعاف خلال مدة وجيزة مما عجل في انهيار إقتصادها لفساد حكامها أو لجهلهم ، وفي كلا الحالتين فالأمر مصيبة .

الإقتصاد العربي : رغم الماضي التليد للإقتصاد  العربي فجر الإسلام وضحاه كإقتصاد دولة ، فإن الإقتصاد العربي حالياً وفقاً لإمكانيات  الوطن العربي المالية يعتبر الأكثر تخلفاً في العالم لانعدام المواصفات التي تجعل منه إقتصاد دولة لتخلف وفساد وجهل حكوماته ومواطنيه  ، بينما كان يعتبر الإقتصاد العربي الإسلامي خلال عهد الخلفاء الراشدين والعهد الأموي اعظم إقتصادات دول العالم على الإطلاق منذ فجر التاريخ وحتى الآن .إذ قام الإقتصاد العربي الإسلامي حينذاك على أسس متنية من حسن الجباية والتوزيع على أسس أخلاقية وإنسانية ، مع حفظ حقوق الدولة ومصالحها ومصالح شعبها من خلال جيش قوي نقي بعروبته مخلص لبلده وأمته ودينه وعقيدته للحفاظ على الأمن ومصالح الدولة العليا  ومصالح مواطنيها واستمرارها ، لانه دون أمن متين قوي فإنه من الصعب ان تقوم الدولة بواجباتها المتعددة ، وأهمها الجباية من أجل دعم الدولة ومنعتها وتحقيق كافة الضمانات الإجتماعية لمنع الفقر والعوز والتسول ، مع ضمان صحي شامل واهتمام بحاجات  المرأة الأرملة والمطلقة وحفظ كرامتها لمتابعة دورها الإسري بتربية اولادها والقيام بواجباتها تجاههم .

واستمر هذا الإزدهار الإقتصادي الإجتماعي العربي  قائماً حتى نهاية العهد الأموي وبداية عهد الدولة العباسية قبل اضمحلالها مع تعاظم نفوذ الأعاجم في قطاعي الجند  والإدارة بما أدى إلى إضعاف الدولة لسؤ أخلاقهم وجشعهم وفسادهم لضعف إيمانهم بما جبلوا عليه من خسة وغدر ولؤم في أصولهم ، حيث أدت ممارساتهم الشعوبية الحاقدة  في تعمد تفتيت قوى الدولة واضعاف نفوذها الى تراجع في التأمينات الإجتماعية وتردي الأمن وشيوع  الفقر وتنامي العوز ، كما تراجع هيبة الدولة واحترامها من  حكام الأقاليم الذين تجرأوا عليها في العصيان والقضم .

وفي العودة إلى أمريكا فإن مبادرات الدولة في بناء إقتصاد الدولة ودعمه يتم من خلال المؤسسات المالية الرسمية بالتعاون مع الرأسمالية الوطنية في وول ستريت ، بحيث ان الدولة قد تسخّر جيوشها وترسلها الى اي دولة في العالم لخدمة مصالحها الإقتصادية دون اي تردد إلى حد انها شاركت  بشكل مباشر مع أوروبا  في الحرب العالمية الثانية ، رغم بعد المسافة والخطر العسكري  عن اراضيها ، دعماً لمصالحها بحيث لاتمايز أو تفاضل بين المصلحة  الخاصة والعامة ، بل إن الإقتصاد العام هو في خدمة الإقتصاد الخاص  لشموليته بما يقتضي بناء  إقتصاد الدولة .

وإقتصاد الدولة يتعدى الحدود في سبيل نموه ومنعته ،  بحيث تقدم امريكا القروض والمساعدات والهبات للدول الأخرى التي تدور في فلكها ، وتقيم علاقات ودية معها من اجل توفيرالسيولة بين ايدي مواطنيها لتصريف سلعها من اجل إبقاء عجلة مصانعها نشطة في الإنتاج والتصريف ، ومع ذلك فقد تقع في أخطاء جسيمة  بالنسبة لمواطينها ولحلفائها كما سآتي على ذكره في السياق .

وتعود تلك الأخطاء أكثر الأحيان من إجتهادات خاطئة لجيل جديد قليل الخبرة ، او بالأحرى لايملك الإلهام اللازم والضروري للتطوير واقتراح المبادرات الملائمة اللازمة بما تقتضي من بعد نظر ومقدرة على التحليل الضروري لبناء إقتصاد دولة متطور ومتين . ومن هنا وقعت أمريكا في أخطاء مميتة عندما شجعت اوروبا على بناء منظمة اليورو وألزمتها بإتفاقية منظمة التجارة العالمية بما فيها من شروط مجحفة ، بحجة المعاملة بالمثل ، إلا أنها لاتتقيد بها عندما لاتتفق ومصالحها ، وقد  وضعت بنود هذه الإتفاقية من قصر نظر مقترحيها بحيث تراكمت الأخطاء المالية والتراجع الإقتصادي والمالي والزراعي والكساد لدى أوروبا وجميع الدول  الموقعة عليها ، بما أدى الى التعجيل في إنفجار الأزمة المالية العالمية وبالتالي إفلاس اوروبا ومصانع ضخمة ومؤسسات في أمريكا وشركات كبرى .

 إذ ان واضعي هذه الخطة نظروا الى مصالح أمريكا دون ان يدركوا ان الإقتصاد العالمي اضحى دورة حيوية متكاملة تربط دول العالم ببعضها البعض ، وبالتالي فإنه لايمكن وضع اي خطة لاتراعي مصالح الدول الأخرى لدوام استمرارها .

ومثل هذه الإتفاقيات المجحفة توقع عادة من بعض الدول أما لفساد من حكامها أو لقصر نظر منهم في فهم أخطارها وسلبياتها ، أو تجنباً لاستعداء أمريكا مع إصرارها الشديد وضغطها على دول العالم للتوقيع عليها .

قد يستغرب البعض هذا القول لاعتقادهم بأن دولة عظمى كأمريكا لايمكن ان تخطىء في مخططاتها الإقتصادية ،ورأيهم هذا يعود لعدم استيعابهم لمسيرة الإقتصاد الأمريكي وبالتالي الإقتصاد العالمي . ولكن نسأل في نفس ، الوقت أليست روسيا دولة عظمى ايضاً ؟! ومع ذلك فإن إقتصادها لايتماثل وعظمتها وإمكانياتها المالية ومواردها الطبيعية ؛ وبنظرة مقارنة مع سياسات أمريكا الخارجية وحملاتها العسكرية خارج حدودها اليس هناك من أخطاء ؟!سيأتي الجواب حتماً بالإيجاب  .

وعليه  فطالما انها تخطىء في سياساتها العسكرية فلما لاتخطىء في الشأن الإقتصادي والسياسي ايضاً وأيضاً ؟.

رغم ماتسببت به إتفاقية منظمة  التجارة العالمية من سلبيات على الإقتصاد الغربي  والإقتصاد الأمريكي بشكل خاص ، فإن امريكا عالجت الموضوع بشكل جرىء بمبضع جراح ماهر خارج العاطفة التي تعيق المسؤولين عن إتخاذ قرارات استراتجية مصيرية عند اللزوم ، كالتي اتخذتها أمريكا في العام 2007 إزاء تداعيات الأزمة المالية . إذ انها مع تراجع صادراتها الى الخارج بتأثير من فقدان السيولة بين ايدي المواطنين في الداخل والخارج ، بفعل سلبيات بعض بنود اتفاقية منظمة التجارة العالمية التي حرمت هذه الدول من معظم مواردها وأورثت الكساد لبضائعها  لفقدان لسيولة بين ايدي مواطينها  مع تنامي البطالة بشكل حثيث وبالتالي تراجع الإستيراد للسلع الأمريكية ، فإن مخططي السياسة الإقتصادية الأمريكية تجنبوا الغاء اتفاقية التجارة العالمية ، رغم اعتراض شعوب ودول عدة عليها ، اذ ردوا تراجع صادراتهم  الى ارتفاع في قيم أكلاف إنتاجها وعلى رأسها ارتفاع أجور اليد العاملة ،  ، لذا فكروا بإجراء آخر وهو تصنيع منتوجاتهم بأقل أجر ممكن  وجدوه في تدني اجور اليد العاملة الصينية  الى الحد الأدنى الذي لم يحلموا به ليتم تدريبها على إنتاج السلع  الأمريكية بنقل بعض مصانعهم اليها .

لذا عمدوا من خلال تعمد الأزمة المالية وتفجيرها ، الى إفلاس المؤسسات المالية والمصارف والمصانع وأسواق البورصة الأمريكية في كارثة حقيقية ،  القصد منها لجم التضخم المالي ودفع سكان المدن الطارئين للعودة الى قراهم مع بدء تراجع اليد العاملة الزراعية لأصناف استهلاكية يومية في نظرة مستقبلية وآنية في نفس الوقت ، بهدف تعزيز الزراعة المحلية وتطويرها  تلافياُ لأزمة غذائية مستقبلية بدأت تذر قرنها مع تغيرالمناخ وجفافه وتصحره ، كما التخلص من تنامي  ارتفاع الأجور الذي كان الأساس في إضعاف الصادرات الأمريكية للخارج لارتفاع كلفتها ، لتتوجه الرأسمالية الأمريكية وبعض الأوروبية  الى التصنيع في الصين بأقل كلفة ممكنة .

وبالعودة الى العالم العربيفإن سبب تخلفه علمياً و صناعياً وإقتصادياً هو بسبب جهل حكوماته عن كيفية بناء إقتصاد الدولة الذي يقتضي بضرورة ملحة تحقيق وإقرار  كافة التأمينات الصحية والإجتماعية من ضمان شيخوخة وتعويضات بطالة للعاطلين عن العمل وإلغاء العمل بنظام الحد الأدنى للأجور ، كما والغاء الضريبة على القيمة المضافة إلا على المصانع التي تنتج سلعها من مواد محلية ،كما  وتأمين مواصلات النقل العام  والمترو والهاتف والكهرباء والإنترنت بأسعار متدنية ورفض توقيع إتفاقية منظمة التجارة العالمية مقابل العمل بنظام ضريبي عادل وملائم ، بالإضافة لدعم الزراعة والصناعة بتقديم الخدمات والمساعدات اللازمة .

وبما ان كل هذه الضرورات الإقتصادية لبناء الدولة والنهوض بها شبه ممعدومة في العالم العربي  ، فإنه من الصعب ان يتطور  بالسرعة اللازمة لتخلف حكوماته وسؤ اختيار وزرائه وفق معادلات سياسية فاسدة لفساد حكامه من أنظمة جمهورية  فاسدة قائمة على الديكتاتورية في  التجديد والتوريث بما يؤدي الى انعدام العدالة وفساد القضاء والإدارة بما يوازي فساد النظام ويماثله .

ووفق هذه المعطيات الفاسدة والإهمال فإنه يتعذر على الدول العربية النهوض الإقتصادي والصناعي للحاق بالدول الغربية طالما أنها لم تصلح انظمتها نحو العدالة والديمقراطية واحترام الحريات العامة والقانون والدستور ، التي هي الأساس  لبناء دولة قوية تقوم على اقتصاد  قوي سليم .

بوركينا فاسو.. وتجربة «الربيع الأفريقي»

$
0
0

أطلقوا على أحداث «بوركينا فاسو» في نوفمبر 2014 وبسرعة ملفتة صفة «الربيع الأسود»؛ أي "الربيع الأفريقي"، كما نطق بذلك بعض المتظاهرين المحتجين في «واجادوجو » العاصمة، أو في «بوبا ديالاس»، ثاني أكبر المدن. وقد شوهدت بالفعل لافتات تحمل كلمة ‏Degage ‬بمعنى ‬إرحل ‬، ‬بل ‬إن ‬المخلوع «بليز ‬كومباورى» ‬صرح ‬قبل ‬رحيله «أنه ‬فهم ‬الرسالة» ‬بنفس ‬طريقة «‬بن ‬علي»، ‬وسحب ‬مشروعه ‬لتعديل ‬الدستور ‬لصالحه ‬كما ‬فعل «‬مبارك»! لذلك ‬كله ‬استحق ‬الحدث ‬أن ‬ينسب ‬إلى ‬حالات «انتفاضات ‬الربيع»‬، حتى ‬عندما ‬انتهت ‬المظاهرات، ‬قام ‬الشباب ‬بكنس ‬الشوارع ‬كما ‬فعلوا ‬في ‬ميدان ‬التحرير! كما أن ‬وجود ‬حوالى ‬نصف ‬مليون ‬حول ‬القصر ‬الجمهورى ‬ومقار ‬الدولة ‬والتلفزيون، ‬وبدعم ‬بعض ‬الجنود، يشير ‬ إلى ‬تمرد ‬حقيقي ‬ارتفع ‬باستمراره ‬لبضعة ‬أيام ‬إلى ‬درجة «‬الانتفاضة»، ‬التى ‬عادة ‬ما ‬يتحرك ‬حولها ‬الأُصلاء، ومختطفوا الثورات في ‬وقت ‬واحد !

فظهر الجيش بقياداته التقليدية وبشبابه أيضاً! وظهر بعض قادة الحركة السياسية المعروفة بماضي حضورها في الحياة السياسية، رغم فترة قهر الرئيس المخلوع «كومباوري» وظهر رؤساء قبليون. وخاصة من القبيلة الكبرى المسيطرة على وسط البلاد، قبائل «الموسى»، بل وملكها المنسي «موجو نابا» ! وبسرعة أيضاً ظهرت القوات الفرنسية لتصاحب «كومباوري» الهارب من القصر، إلى حدود «كوت ديفوار» وأمنها الفرنسي أيضاً هناك، بل وظهرت قوة فرنسا كقوة استعمارية سابقة لتعلن ضرورة عودة الحياة المدنية في أقرب وقت ( نمط فرنسي) أو إعلان الترقب (نمط أميركي) .

كان كل ذلك مبشراً بانتفاضة تكررت في «بوركينا فاسو» عام 2011 ( بعد مقتل طالب) بل وقبل ذلك في عام 1982 . وفي كل الحالات السابقة يسارع ضباط الجيش باحتواء الموقف في شكل انقلابي ، وادعاءات متنوعة، لكن بعضها أيضاً كان بحجم حركة «سانكارا» الثورية (1983-1989).

 

وفي ظل ظروف صعبة بمنطقة الغرب الأفريقي ، تواجه فيها كافة المصالح الآن ضغوط الموقف المضطرب من ليبيا إلى عناصر تهريب وإرهاب واسعة النطاق في كافة منطقة الصحراء الكبرى حتى حدود موريتانيا وجنوب الجزائر، فإن القوى الغربية والإقليمية، لابد أن تندفع لضمان الاستقرار والأمن في «بوركينا فاسو» ...حيث جيش هذا البلد بقيادة «كومباوري» كان الشرطي الأقوى في المنطقة بدعم فرنسي ومساعدات القيادة الأميركية لأفريقيا «أفريكوم». وكان الرئيس «كومباوري» هو عراب المصالحات في حالات ساحل العاج ، ومالي، ومشاكل تشاد والنيجر مع ليبيا، كما جعل بلاده تشتهر أنها الممر الآمن للسلاح والمخدرات، وتبييض الأموال!

لم يكن ذلك هو حال هذا البلد في عهد « توماس سانكارا» بشهرة جيشه الوطني وإصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية وسمعته الدولية الواسعة، لكن هذا حال اختلاف الأزمنة فاختلفت معها قيمة «بوركينا فاسو» ! حتى وقعت الانتفاضة، وبسرعة ملحوظة تحاول أطراف كثيرة تدارك الموقف، فقفز دور قوى محلية وإقليمية ودولية، وتحركت المنظمة الفاعلة في المنطقة وهي «الإيكواس» (منظمة دول غرف أفريقيا الفرانكفونية والأنجلوفونية على السواء)، لضمان الاستقرار في الإقليم حتى لو لم تتعاون مع الاتحاد الأفريقي نفسه، بينما تحرك الاتحاد الأفريقي، ضامناً هذه المرة تعاون الكثيرين معه في اتخاذ مظهر الأمين على النظم الديمقراطية في أفريقيا.

ثم بدت الرغبة في سرعة استقرار تقليدي مع القوى السابقة والدستور القديم لترشيح مدني للسلطة الجديدة يكون مناسباً لخيارات أصحاب المصالح، ذلك أن ثمة خوفاً واضحاً من ميراث الحركة الوطنية القديمة وتراث «سانكارا» الوطني الاجتماعي في نفوس الجيل التالي ممثلاً في حوالى ثمان منظمات «سنكاراوية» من بين أكثر من 50 تنظيماً سياسياً واجتماعىاً آخر معلنين حالياً، ممن واجهوا «كومباوري» طيلة هذه السنوات ولم يفلحوا في خلعه لكثرة ما واجهوا من عسكر «كومباوري» وتجاهل الغرب لمطالب الديمقراطية التقليدية التي ترفع فرنسا والولايات المتحدة شعارها عند الضرورة.

والآن تتحرك الأحداث بسرعة، تثبت فيها القوى السياسية ذات التاريخ الشعبى أنها يمكن أن تواصل الضغط مستفيدة من أجواء المنطقة المتخوفة من فكرة الربيع الديمقراطى، ولذا يتراوح الموقف عند كتابة هذه السطور بين رغبة العسكريين في البقاء لأطول فترة ممكنة لترتيب الأوضاع ، وبين رغبة الجميع في التوازن السياسي خلال العام المقترح لنقل السلطة في ظل توازن مماثل بين قوة العسكريين والقوى السياسية الوطنية‏‭ .

تقسيم المقسّم في السودان

$
0
0

في عصر « داعش» و«القاعدة»، تهتز نظم وشعوب من هول التهديد بمزيد من التفتيت في العالم العربي، مثلما تهتز أفريقيا من عنف «بوكو حرام» في غربها، وحركة شباب المجاهدين في شرقها، ويكاد العنصر الخارجي من تدخلات وأسلحة..الخ يبدو فاعلاً أولياً في الموقف بما يجعل التدويل حلاً دائماً بدوره، لكن الحالة السودانية، تعكس حتى الآن نموذجاً مختلفاً إلى حد ما.

فالعامل الداخلي، ممثلاً في التكوينات والتقسيمات المتراكمة تتفاعل بشكل جديد بين المركز والهامش في السودان، بل وثمة تجاهل ظاهر– في رأي عدد من الباحثين- من المركز تجاه الهوامش جميعاً، وتقليل المشروع المركزي، أو«مثلث العاصمة» من مخاطر التهميش، وقيام هويات خاصة، على مستقبل البلاد.

 

الباحثون السودانيون لا يكلون من البحث حول ظروف تعرض السودان لكل هذه الانقسامات في العقود الأخيرة، ثم ظروف استمراريتها بهذا الشكل، مع أنه كان نموذجاً لفترات طويلة، لنظرية الوحدة في التنوع.

هكذا يرى الموقف الدكتور عبد الغفار محمد أحمد، وهو واحد ممن صاغوا مثل محمد عمر بشير«بونا ملوال» بل و«فرانسيس دينج»، تعبير التنوع والوحدة، وصولاً إلى حالة الوحدة في التنوع بالسودان.

فلماذا وصل الآن، عبد الغفار محمد أحمد ونخبة من جيله إلى البحث في السودان المقسم أو الانقسام المستدام، وذلك في كتابه الأخير بعنوان: «السودان المنقسم Divided Sudan» من تحريره وزميله النرويجي ج».

سوربو«(بلجراف ماكميلان 2013)، وهو ما اقترح تسميته «السودان وتقسيم المقسم» لأن عنوانه الفرعي «الصراع المستمر في بلد متنازع عليه»، الدكتور عبد الغفار محمد أحمد وزملاؤه، يعرضون في كتاب «السودان المقسم» المادة الوفيرة عن مسيرة السودان الحديث والحوارات والانقسامات والاحتمالات من حوله! لينتهوا في الواقع إلى خلاصة تطرح عدة سيناريوهات أوقعهم هو أكثرهم مرارة !

فالكتاب يقدم مادة سوسيولوجية وسياسية تُعنى بالأوضاع الموروثة، والحديثة لتجعل استخلاص «تقسيم المقسم» حقيقة واقعة تتفق وعنوانه.

مؤلفو الكتاب يرون منذ البداية أن انتهاء الصراع الرئيسي بين الشمال والجنوب، بل وحتى أجواء «الربيع العربي»، لم تؤد إلى نهاية الصراعات، بل استمرت أقوى، بل وتكاد تصبح مستقلة عن مدى العلاقة بدولة جنوب السودان، بما نراه في قضية «آبيي» و«دارفور»، «وجنوب كردفان»، و«النيل الأزرق»، إذ يتعدد الصدام مجدداً مع «الحركة الشعبية» بشمال السودان – وتتعقد مشكلة البترول، وتتعدد الاتفاقات السياسية مع حركة أو أخرى في الأطراف دون إنجازها، ويقع الانقسام الداخلي في كافة الحركات السياسية والإسلامية، بين تقليديين وإصلاحيين.

ويظل جوهر المشكلة على ما يبدو عند أكثر من مساهم في الكتاب (عبد الوهاب الأفندي، محمد صالح، عطا البطحاني)، هو موقف الحكم الثابت وفق ما جاء في تصريح الرئيس السوداني بالقضارف -19 ديسمبر 2010، أنه إذا انفصل الجنوب لن يكون هناك حديث عن التنوع الثقافي أو العرقي، بل ستكون الشريعة والإسلام أساس الدستور كدين رسمي، والعربية لغة رسمية !

يرصد الكتاب هذا التحدي الدائم عند «الجبهة الإسلامية»، في معظم فصول الكتاب لأن ذلك ما يفسد أي اتفاق منذ اعتبرت الجبهة هويتها، هي المعبرة الفعلية عن مركزية النخبة الحاكمة في الخرطوم، والمستفيدة مما لم تكن المنشئة، لكل انقسامات المناطق المهمشة حتى لو اضطر الحكم إلى تشجيع انقسامات «الفولبي» أو«الفلاتة»، أمام عناصر عربية في شرق السودان أو «دارفور الشرقية». والكتاب يعالج مشاكل القبلية و«تسييس العرقية «Ethnocracy وفق هذه الرؤية، مع استمرار خطط النظام الدائمة لتقسيم المقسم في «دارفور» و«النيل الأزرق» و«ابيي» و»النوبة». وذلك بإنشاء القوى العسكرية، أو القبلية البديلة لهذا أو ذاك، وتحويل تقسيمات الإدارة الأهلية التقليدية إلى هويات قبلية محلية، وحتى نال ذلك قوات الدفاع الشعبي المفروض أن تكون مركزية، ويساعد ذلك في تقوية هوية المهمشين واستقلالهم عن الجنوب نفسه.

والحكم السوداني يراهن دائماً على انقسام المعارضة من جهة، أو بالأحرى خداعها، بينما لا يهم النخبة المركزية في الخرطوم، صراعات «الهلال» المهمش، من دارفور للنيل الأزرق، حيث تفتقد عناصر هذه المناطق التنسيق مع المعارضة الرسمية أو التأثير في العاصمة! وفي تقدير مؤلفي الكتاب أن الموقف تبلور مبكراً في مشروع للجبهة الإسلامية (كمركز) ضد مشروع «الحركة الشعبية»، سواء الأصلية أو الشمالية، التي تبني على ما يبدو تحالفها مع الجبهة الثورية كمشروع شمالي مواجه لـ«الجبهة الإسلامية»، مهما انطلق من الأطراف، وهذه في تقديري سسيولوجيا جديدة للوحدة المحتملة في السودان.

تعالج فصول الكتاب ما يضعه المحرران في خلاصة عن السيناريوهات المحتملة في السودان، أولها فرص الحلول التقليدية عن طريق الإصلاح الديمقراطي والدستور، وهذا يتطلب المستحيل لضرورة تنازل المؤتمر الوطني عن هيمنة الحركة الإسلامية والاعتراف بالتنوع، ويصعب ذلك بعد أن سلموا بالجنوب مقابل قوة مركز دولتهم.

وثاني الاحتمالات ما يسمونه، «الإبحار مع الريح»، أو قل التسليم بالوضع الراهن للأسف ممثلاً في استمرار الانقسامات والصراعات في الأقاليم، ومشاكل الهوية، خاصة مع تزايد حدة الأزمة الاقتصادية، وحدة لغة المركز تجاه الآخرين، أما الأمل البعيد في السيناريو الثالث، ففي احتمال استمرار الصراعات من دون حروب واسعة.

..

ومع هذا الامل المحدود لا تتوفر اختراقات كبرى في واقع الصراعات القائمة في الهوامش، بسبب عدم حل الأزمات، ولأن حروب الأطراف لا تشكل خطرا على نخبة الخرطوم! ومعنى ذلك تبلور هويات الأطراف على أساس صراعي بما يضمن استمرار سيطرة الخرطوم، ومن هنا يبدو الحل السلمي الشامل بعيداً، إلا إذا توفرت الاجراءات الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان، وإتاحة الفرصة أمام استعادة فلسفة السودان الجديد.

صعوبات الحوار الوطني في السودان

$
0
0

ما زال الموقف الأفريقي يكشف اختلافاً واضحاً بين تفرد حالة السودان في معالجته لقضية الحوار الوطني بهذا التشدد المتتابع رغم وضوح الأزمة، وبين الموقف في أكثر من بلد أفريقي آخر بقبول الحوار الوطني من أجل الاستقرار، مهما كان الرأي في طبيعته. وأقرب هذه التمثلات، ما نراه في كينيا، حيث يرتب الرئيس كنياتا الموقف الداخلي بتوافق حكيم يجعله يذهب إلى لاهاي للمحكمة الجنائية الدولية، ويعود إنقاذاً لبلاده من تهديد وخسائر المقاطعة، وهو الموقف الذي نعاني الأمرين من افتقاده على أي مستوى عربي، وأحدثه حالة السودان، حيث ثمة رفض لأية تفاهمات داخلية جادة لإنقاذ البلاد من توترات في عصر "داعش"و"القاعدة"! وما نراه طوال السنوات الأخيرة هو الجري وراء ما يسمى بالحوار في مختلف العواصم الأفريقية والأوروبية دون أن تصدر عن النظام الحاكم صفقة تاريخية من قلب الخرطوم نفسها للخروج من الأزمة، بدل المكايدات من قبيل القول بأن "لا يهمنا ضياع البترول -بانفصال الجنوب طبعاً- لأن عندنا الذهب"، الجاري الحديث عن اكتشافاته!

في أجواء هذه المكايدة قرأت نصاً مثيراً للحزن لباحث ممن يقدرون على التفكير السياسي في السودان، وشارك في العمل السياسي طويلاً، وهو "الواثق كمير"في ورقة بعنوان "إلى قوى التغيير.. هل نعيد اختراع العجلة"؟ -سبتمبر 2014.. والدكتور "الواثق"صاحب الخبرة مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، والزعيم "جرنق"و"التجمع الديمقراطي"، وحتى حركة المعارضة في تشكلاتها الحديثة.

ويبدو أنها نفس مشاعر الألم، هي التي سيطرت على باحث جاد آخر ذي تجربة في البحث الاجتماعي، والهموم المجتمعية في السودان، وهو "د. عبدالغفار محمد أحمد"، الذي أرسل لي مؤخراً كتابه المحرر بعنوان Sudan Divided أو "السودان مقسماً"، والذى حرره مع زميله النرويجي "ج. سوربو"ونخبة من الباحثين، ونشرته "بلجراف ماكميلان"، بنيويورك 2013 بما سنعود لعرضه لاحقاً.

 

دراسة "الواثق كمير"تراجع بعض الأفكار السائدة في دوائر الثوريين، بل و"الإصلاحيين"أيضاً، وتلقي بحجر ثقيل في حجر المعارضة السودانية، لابد أن يدفعها إلى مراجعات عميقة. هو يراجع شعار "إسقاط المعارضة للنظام"بهذه التحالفات السياسية، أو عن طريق "الانتفاضة الشعبية"و"العمل الثوري المسلح". ويرى أن هذه الشعارات المرفوعة لا ترتبط بخطط جاهزة للتغيير السياسي والاجتماعي الاقتصادي، أو التنسيق المتكامل من أجلها. أو أنها تستفيد من مراجعة التجارب السابقة، سواء تجارب انتفاضة 1964 أو 1985، أو حتى القراءة الجيدة لتجارب "ثورات الربيع العربي"!، ولذا فهو يسمى شعار الانتفاضة لإسقاط النظام الآن نوعاً من محاولة إعادة اختراع العجلة!

ولا أريد هنا أن أفصل في عرض دراسة "الواثق"، لأنها منشورة حديثاً على أكثر من موقع، ولكني أريد فقط أن أحيط القارئ بمصادر ما يشبه الإحباط عند "الواثق"وغيره من المثقفين السودانيين، إلى أن تتغير فلسفة المعارضة السودانية جذرياً إزاء جمود النظام، وهو الشعور الذي نقلته لي دراسة "عبدالغفار محمد أحمد"، وزملائه عن المحاولات الفاشلة التي لم تؤد إلا لزيادة تقسيم المقسم!

إحباطات الواثق، في جمل قصيرة – تتركز في استخلاصاته التالية – في تقديري طبعاً-أن الأحزاب السياسية التقليدية وغير التقليدية في السودان لم تقم بالانتفاضات، أو تقود الجماهير إليها، إنما التحقت بها بعد قيامها!

إن النظام القائم في السودان – وأعتقد في غيره- لا يخاف الأحزاب، ولكن خشي هبات الجماهير. ومنذ الفترة الانتقالية في السودان 2005-2011، حيث كان يمكن حدوث نضج سياسي كبير، لم تنضج الحركة السياسية أو الشعبية ديمقراطياً، وإنما تحولت "الحركة الشعبية/ شمال"إلى الثورة المسلحة، كما تحولت المعارضات في مناطق الأطراف الأخرى إلى نفس الاتجاه، ولم يحقق ذلك تقدماً لأن القوى السياسية تفتقد التنسيق بشكل مؤثر على الحركة، فلم تتوافق على فكرة إسقاط النظام، أو تتعاون بشكل جاد مع حركة الثورة المسلحة، ويبدو أنه حتى ظروف 1964، 1985 نفسها لا تتكرر، إزاء ضعف النظم الحاكمة ساعتها مقارنة في الوقت الحالي بقوة سيطرة "الجبهة الإسلامية"، على النقابات والجيش، وهما كانا عنصري التغيير الأساسية من قبل.

المعارضة التي تتطلع للحوار لا تنظم صفوفها، وهى عبر وثائق "الفجر الجديد"، ولقاء باريس، والجبهة الثورية، تكشف دائماً عن انقساماتها أمام النظام نفسه الذي يطرح ويسحب دعاوى الإصلاح وفق ظروفه هو!

يحذر "الواثق"في هذه الظروف من شعار الانتفاضة كما رأينا، كما يحذر من شعار إسقاط النظام الذي يؤدي إلى تفتيت الدولة، وليس إلى التغيير الهيكلي المنشود في النظام.

الواثق يطلب رؤية مستقبلية واضحة –بعيداً عن إعادة اختراع العجلة بالانتفاضة – لعدم توفر عناصرها. ولكن يمكن توحيد القوى السياسية، في شكل مؤسسي قومي يضع فهماً موضوعياً للدين بعيداً عن السياسة، لإعادة تأسيس دولة المواطنة مع توافق كل القوى بما فيها حزب "المؤتمر الوطني"الحاكم لتكوين كتلة تاريخية من أجل ذلك. بدلاً من سقوط الدولة نتيجة تفتيت القوى القائمة في الصراعات المختلفة، وخاصة القائمة في المناطق المهمشة، فضلاً عن التدخلات الخارجية المحتملة من دول الجوار أو إيران لإنقاذ النظام!

الحوار الذي ينقذ الموقف فيما استخلصه من عرض "الواثق"السابق لابد أن يأتي حقيقياً، ليس لمجرد "الإيهام"أو "الوثبة"السابق التلويح بها من قبل النظام حديثاً وسحبها مؤخراً، ولا استخدام فزاعة التقسيم لما بقي من السودان، ولا بإيقاف الحركات النضالية لإجبار المؤتمر الوطني على الجلوس على مائدة النظام.

ولم أفهم –مع القارئ العربي – كيف ستتشكل "الكتلة التاريخية” مع حضور عناصر "الحشد الإسلامي"، الذي ينسى اختلافاته أو تنوعه أمام أي تكتل ديمقراطي حقيقي حتى من أجل إنقاذ الدولة بتأجيل قضية النظام. ثمة تقدير بالطبع لقلق "الواثق"على العملية الثورية التي يأمل أن تتحول لعملية ديمقراطية.. والمشكلة أن معظم نظمنا منشغلة بتعبئة –أو ترضية –الخارج من حولها، وتكسب من ذلك أحياناً، بديلاً عن الانشغال بتطوير الموقف الداخلي الذي يحتاج لتجذير العملية الديمقراطية شعبياً ورسمياً.. من أجل بعض التراضي، حتى على طريقة الرئيس الكيني!

تشغيل معرض طرابلس لبنان الدولي .. من هنا نبدأ

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

إن السؤال المطروح دائماً لدى هيئات المجتمع المدني وفعاليات المدينة والسياسيين والحكومة هو :

من أين نبدأ لإعادة إعمار مدينة طرابلس  و النهوض بها ؟

من المفترض ان يكون الجواب التلقائي البديهي هو أن نبدأ من منطقة التبانة الجريحة المهدمة ، وهو كلام سليم مئة بالمئة إذ أن التبانة تاريخياً كانت تلقب بسوق الذهب لأنها كانت ملتقى جميع الأنشطة التجارية لمحافظة الشمال للوافدين من عكار والكورة والبترون وجبيل وجونية  ، حتى الداخل السوري المجاور من حمص حتى حدود تركيا حيث كانوا يشترون منها  البضائع لمخازنهم .

ولكن بعد حرب السنتين تغير كل شيء على الأرض ، إذ عُطلت جميع مرافق مدينة طرابلس الحيوية من قبل الدولة بتواطىء مع الإقطاع المالي الحاكم صاحب النفوذ الأقوى  في لبنان ليعيد احتكارها في العاصمة وجوارها ، بشركات وإنشاءات  ومصانع مماثلة ، بشراكة مع المليشيات والأحزاب المسلحة دون وازع أو ضمير مع إفتقاد الحد الأدنى من الوطنية والشعور بالمسؤولية والأخلاق وقد استبد بهم الطمع للمتاجرة بمصالح المدينة التي استبد بها الفقر والعوز والجوع من جراء ذلك  ، إلى حد استعانة بعض الفقراء من أبنائها بمستوعبات الزبالة لتأمين لقمة عيشهم اليومي وسد جوعهم كيفما اتفق  مع تفشي البطالة  تحت أعين المسؤولين والمعنيين دون أن يلقوا بالاً للأمر لسؤ حظ المدينة وقد ابتليت بنواب اضحوا نوائباً بعد وصولهم للبرلمان بأصواتها ليستغلوا موقعها في المعادلة اللبنانية للوصول الى مواقع وزارية دون أن يلقوا بالاً للإهتمام بمدينتهم لإعادة تشغيل مرافقها المعطلة لوضع حد للفقر والعوز فيها ، مرتاحين لدجل  زمرة من المنافقين والمستشارين المداهنين حولهم من عديمي الخبرة والأخلاق  كما ممارسات أزلام الإقطاع السياسي البائد ، ولا أظلمهم وإلا لما كانت المدينة على هذا المستوى من الإهمال والتخلف والفقر .

لقد كنت فيما مضى في موقعهم السياسي والوظيفي الحكومي الرسمي لزعامات سبقت فقدمنا للمدينة والدولة والخزينة والعمال والشعب على صعيد لبنان ، خدمات قصرت عنها كل هذه الفعاليات مجتمعة وأزلامها . لذا أدرك تماماَ  الفرق بين مستشار السؤ والمستشار الحسن الخبير الذي  على خلق ؛ ولكن أمثال هذا المستشار  اضحى نادر الوجود لدى القيادات السياسية الحالية .

إلا أن النجاح في خدمة المدينة والعمل من أجلها يتطلب التعفف والإيثار والسهر ونظافة الكف اولاً وأخيراً ؛ وإلا فالفشل هو العنوان كما حال إداء نواب طرابلس والشمال الحاليين ومعاونيهم  ، وقد أشكل  على بعضهم الأولويات الى حد الإضرار الشديد بالمدينة وأهلها كما حال مشروع النائب روبير الفاضل وللأسف الذي يصر عليه دون أن يأخذ برأي اهل المدينة وهيئات المجتمع بضرروة التخلي عنه ،  ولاغرابة في ذلك  إذ أنه ولد  على عكس والده ، وفي فمه ملعقة من الذهب ، لذا عجز عن تحديد  اولويات المدينة وحاجاتها الضرورية .وقد اعتمدته مثلاً يُضرب في سؤ إداء نواب طرابلس وفهمهم لمشاكل أبناء مدينتهم وحاجاتها .

إن  مشروع النائب روبير الفاضل البحري هو ترف لغني يريد أن يلهو  بين الفقراء ،  في غير الزمان والمكان والأوان ، كالثري يدعو اهل التبانة الفقراء المعدمين إلى عشاء من الكافيار لسد جوعهم بدل ان يطعمهم على مدى شهر كامل أرزاً ولحماً وخضاًراً بكلفة هذا العشاء ، ومن هنا عارضت المدينة مشروعه المؤذي  إلى أقصى الحدود ،  مستنكفاً التحدث عن خلفياته المعيبة ومراميه .

ونعود الى الأوليات التي يجب ان نبدأ بها للنهوض بمدينة طرابلس ، فإنه مع تعذر البدء في بناء التبانة لعدم وجود خطة إنمائية شاملة بشأنها ،  فإن كل الأموال والهبات التي تمنح وتخصص لها لن تجدي نفعاً ، لأنها ستقتصر عندها على الترقيع والتصليح  وبعثرة المال وضياعه  مع إعلام مضلل مخادع بالوعود الوردية ، ولكن ليس لإعادة البناء .

 وعند التمعن بحال المدينة نجد ان نواب طرابلس وفعالياتها وهيئات المجتمع المدني التي اضحت بممعظمها موالية وأزلام للفعاليات السياسية التي تنظر كنظرتها وتعمل كعملها لانتهازيتها وضعف شخصيتها ،  بما يعني تضاعف البلاء على أهل المدينة نحو مزيد من الفقر والتخلف والإهمال .

لذا كانت افضل واقرب واسهل الأولويات للنهوض بطرابلس ،  إلى حين وضع خطة ملائمة جدية لإعادة إعمار التبانة ،  هو أن يبدأ إعادة الإعمار بتشغيل مرافق طرابلس المعطلة ، وأولها المعرض لسهولة تشغيله . وقد استمعنا في إحدى الإذاعات ، الى ان احد فعاليات طرابلس السياسيين قد كلف لجنة لإعداد خطة لتشغيل معرض طرابلس  .وهذا عمل وتصرف جيد ،ولكن لننتظر جدية هذا التكليف وما سيصدر عنه من إيجاب ، نتمنى ان يكون  قبل قيام الساعة .

وعليه فإننا  نجد انه من الضروري عرض الوسائل والأفكار الأفضل لتشغيل هذه المرفق الهام بما له من نتيجية إيجابية في التخفيف من حدة الفقر والنهوض بالمدينة .

أفضل الخطط  لتشغيل المعرض :

من المؤسف ان الخشب المُسنّدة التي تتولى إدارة المعرض لم تستطع ان تتقدم بأي خطة لتشغيله حتى الآن ، وقد جاء السياسيين بهذه الإدارة المعاقة على شاكلتهم ، الذين كان يجب ان يعتذروا عن مناصبهم طالما أنهم عاجزون عن القيام بمهماتهم في التقدم بأي مشروع أو اقتراح لتشغيله منذ أن تولوا مسؤولياتهم وحتى الآن ، فكانوا كما خيال المآتة في سهل واسع منبسط .

لابد ان اعطي فكرة بعدة اسطر عن المعرض قبل تقديم إقتراح تشغيله . إذ أنه يشغل حوالي مليون متر مربع تقريباً اقتطعت من بساتين طرابلس التي اضمحلت من بعده وبارت . فضاعت البساتين ومواردها ، كما ضاعت الأراضي في مشروع اثبتت الأيام انه مشروع وهمي ، لتعنت إقطاعيي بيروت بعرقلة تشغيله ، بتواطىء مع المليشيات المسلحة على مختلف إنتماءاتها وشعاراتها ، إذ ان المعرض قد انتهى العمل من تجهيزه بداية العام 1975 وحُدد افتتاحه في حزيران من نفس  العام  لتنفجر حرب السنتين قبل شهرين من تدشينه وذلك بتخطيط من الإقطاع المالي  في  العاصمة وجوارها المعارضة  لافتتاحه على غير رضاها . إذ اعتبرته مضراً  بمصالحها ووكالاتها الحصرية في بيروت لمختلف أنواع السلع التي يعتمدن على تصريف معظمها في طرابلس ومحافظة الشمال .ولو افتتح هذا المعرض وقتذاك فإن تجار طرابلس  كانوا سيستغنون عن تجار العاصمة ليستوردوا مباشرة من الشركات العارضة في المعرض  بأقل من أسعار تجار العاصمة بنسبة بمعدل خمسون بالمئة وما فوق . عدا عن أن تشغيل المعرض سيستقطب عشرات الآلآف من مختلف أنحاء العالم سيوصون بطلباتهم التي ستكون على حساب مصالح الإقطاع المالي في الحد من أرباحهم ، لذا تعاقدوا مع بعض المليشيات المسلحة  لتفجير حرب السنتين وسرقة محتويات المعرض وتجهيزاته بأكملها لتعطيل تشغيله .

وبالفعل انتهت الحرب وعجزت الدولة عن تأمين المال اللازم لإعادة تجهيز المعرض وتشغيله خوفاً من تجدد الحرب لتقيم فيه قوات الردع العربية المؤلفة من الجيش السوري وتجعله ثكنة عسكرية لها ، بما قطع الأمل من تشغيله نهائياً .

 ومع خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 فإن الدولة اللبنانية لاتزال على امتناعها من تشغيله ، إلا أنه كان قد تم تأجيره في العام 2004  لشركة "هوليدنغ"الصينية بمبلغ مليون دولار سنوياً بشراكة مع بعض وكلاء البضائع الصينية في لبنان منذ خمسينات  القرن الماضي ، فجن جنون الإقطاع المالي المتحالف مع المليشيات الشعوبية  لتبدأ أعمال الإرهاب في مدينة طرابلس دون توقف الى حد القصف من جبل محسن للمدينة ، الموالي للمليشيات الشعوبية ، بتناغم مع مجموعات مسلحة ممولة في التبانة من نفس الإقطاع المالي لتتناغم مع قصف الحبل لاعطائه شرعية إستمراره بحجة الدفاع عن المدينة ، بما لاحاجة له مطلقاً مع وجود الجيش اللبناني الذي حسم المعركة مؤخراً خلال أيام ووضع حد لهذه المأساة الدموية التي أوقعت آلآف القتلى والجرحى على أسس مذهبية طائفية شعوبية بغيضة لم تعرفها طرابلس في تاريخها القريب والبعيد لحسّها العروبي الوطني .

 وكانت أشرس  معركة عدائية ضد المدينة قد جاءت مع إعلان الشركة الصينية ، المشار اليها أعلاه ، انها خلال اسابيع  ستعمد إلى افتتاح المعرض للبضائع الصينية مما زاد من أوار القصف من جبل محسن . ولم يتوقف إلا بعد أن اعلنت الشركة الصينية انه لم يعد لها من مصلحة لافتتاح المعرض نظراً لانتشار الإرهاب والقصف  وتردي الأمن في المدينة، لينتهي القصف على إثرها وتنسحب المليشيات الطائفية من الجبل مع بداية عهد حكومة تمام سلام .

وأهمية المعرض الصيني الذي حاربته المليشيات المسلحة العدوانية المافياوية شريكة الإقطاع المالي الحاكم ، هو أنه كان قد أعلن بأنه سيصبح ممثلاً تجارياً للشركات الصينية لجميع دول البحر المتوسط وكافة الدول العربية وجزء من افريقيا وأوروبا ، بحيث انه إذا توجه احد التجار من هذه الدول المحددة  للصين لاستيراد سلعة ما،  فإنهم يمتنعون عن بيعه وإعادته الى معرض طرابلس لشراء حاجاته  بعد فتح الإعتمادات اللازمة .

إلا أن أرباح المعرض بما سيجلب من آلاف الزبائن للشراء منه عدا مئات الاف السياح كل عام من مختلف الجنسيات ، سيحقق عشرات الملايين من الدولارات بدءاً ومن ثم مئات الملايين بعد سنوات ثلاث ، مما اغضب المليشيات المسلحة لان لاحصة لها فيها فعمدت الى تعطيل مشروع الشركات الصينية  قصداً بتفجير الوضع في طرابلس على حساب دماء الشهداء الأبرياء وتدمير البيوت دون وازع أو ضمير  .

ا-لذا فإن افضل الخطط لتشغيل المعرض وقد إستتبب الأمن هو أن تقوم مجموعة مليئة بدعم من النواب الثلاث ، ميقاتي ، صفدي ، فاضل ، متحدين أو منفردين ، بتأسيس شركة تجارية تضم بعضاً من أبناء المدينة تقوم باستثمار  المعرض بنفس السعر الذي سبق ان استأجرته الشركة الصينية وهو مليون دولار سنوياً لتشجيع استثماره ، على أن تعمد هذه الشركة الى استقدام الشركات العالمية من كافة انحاء العالم كوكلاء لها ، خاصة الشركات الصينية مما سيخلق الآف فرص العمل  ، بشكل مباشر وغير مباشر ، من آلاف المحلات التجارية والمؤسسات في طرابلس وسائر محافظة الشمال  التي سينشط عملها مع توفر السياح بمئات الالآف سنوياً ،مما سيعيد مجد مدينة طرابلس  التجاري والإقتصادي كما كانت قبل مئات الأعوام حيث كانت تضم الكثير من الفنادق والخانات التي اختفى معظمها لانتفاء السياح .

ب-كما أن هناك خطة أخرى وهو إجراء مزايدة عالمية لتأجير المعرض حيث سيجذب ذلك عشرات الشركات الأجنبية لما سيحقق المعرض من أرباح كبيرة ، على ان يشترط على المستثمرين  جذب الشركات الصينية  بشكل رئيسي ومن ثم باقي الشركات الغربية .

كانت تلك مجرد أفكار لتشغيل معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس بشكل دائم دون انقطاع طوال العالم .  ولن ادخل في التفاصيل ولا في كيفية جنى الأرباح لان المستثمرين المخضرمين والشركات المعنية بهذا الأمر أكثر خبرة مني في التطبيق على الأرض بما لديهم من أموال وتسهيلات مصرفية ، إلا أنه بالإمكان بدءاً جذب جميع وكلاء السيارات لعرض سياراتهم الجديدة المستوردة ، كما تخصيص جناح ضخم للموبيليا التي اشتهرت بها طرابلس من مختلف انحاء لبنان .

 وسعرتعويض الإشغال التشجيعي لعرض البضائع والسلع  داخل قاعات المعرض هو من يجذب   جميع الشركات في لبنان وخارجه لعرض منتوجاتهم المتنوعة ، كما ويجلب الزبائن والسياح من مختلف بلدان  العالم عدا الداخل اللبناني .

 

مطلوب فيدل كاسترو فورا للعمل في مصر بشروط مغرية 1‎

$
0
0

 

كنت دائما اقرأ فى الصحف الأجنبية أن خطابات الرئيس فيدل كاسترو تمتاز بالطول المبالغ فيه حيث أنه يظل يخطب فى الناس لثلاثة ساعات متواصلة بلا راحة ولا إنقطاع. وهذا النوع من الخطابات متوافر بشدة فى الدول الإشتراكية حيث أن النظرية الإشتراكية تفترض فى الجمهور جمعا من العمال والفلاحين البسطاء من ناقصي التعليم ومن حرموا من الثقافة العامة ولذلك ينبغي على القائد الإشتراكى الحق أن يضمن خطابه الجماهيري قدرا لا بأس به من التعليم والشرح لقضايا المجتمع الثورى سواء الداخلية أو الخارجية والمتعلقة بكافة شئون إدارة الديالكتيك (الجدلية)  الثورية التي تهدف إلى أن توصل الكفاح الشعبي البطل إلى غايته من بناء مجتمع الرخاء والسلام حيث لا يستغل الإنسان أخاه الإنسان إلخ...

وهذا الكلام الذى نضحك عليه الآن ونتهكم من ألفاظه الضخمة ومحتواه الهزيل ليس فى حقيقته تافها كما يبدو..

فهذا الكلام يتم تنفيذه فى المجتمعات الإشتراكية بهذه الطريقة ولكنه ينفذ أيضا فى المجتمعات الديموقراطية بنفس القدر من الحرص والعناية ولكن بطريقة كامنة لا تظهره كما هو الحال فى مجتمعات الثورة الإشتراكية.

ولولا هذا الكلام لما فاز شخص لا يزيد معامل ذكائه IQعن 15 بأكبر قدر من الاصوات الإنتخابية المباشرة popular voteفى التاريخ الأمريكي كله فى إنتخابات الرئاسة فى الولايات المتحدة عام 2004.

فى زيارة كيسنجر الأولي للصين عام 1971 تحضيرا لزيارة الرئيس نيكسون قابله رئيس الوزراء شواين لاي فى المطار واصطحبه فى نفس السيارة إلى مقر إقامته. وقد روي كيسنجر فى مذكراته أن أول شىء لفت نظره فى شوارع بكين كان القدر الكبير من صحف الحائط المعلقة علي الجدران بالإضافة إلى اللافتات المكتوبة باللغة الصينية والتي كانت منتشرة فى كل الشوراع تقريبا. وقد سأل مضيفه بالفعل عنها فرد عليه رئيس الوزراء بقوله هذه هي وسيلتنا فى الإتصال بالجماهير والتواصل معهم. أليس لديكم فى الولايات المتحدة سبل للإتصال بالجماهير؟ فرد عليه كيسنجر بسرعة: بالطبع لدينا الصحافة والتليفزيون. فرد عليه لاي ونحن أيضا لدينا هذه الوسيلة، ولكل مجتمع وسيلته للتواصل مع قيادته.

والحقيقة أن كيسنجر لم ينتقد ذلك فى كتابه بل علي العكس أثني علي ذكاء رئيس الوزراء الصيني وقوة ملاحظته التحليلية.

ففي الديموقراطيات يكون الأثر السياسي للإعلام أكبركثيرا مما هو فى الدكتاتوريات. فالديموقراطية توجب على من يريد ترشيح نفسه أن يحاول إيجاد رضا الناخبين بكل الوسائل. والناخبون بدورهم لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا خبايا القضايا وأسرار الحكم والدولة،  بل هم فقط يريدون الإطمئنان على مستقبلهم الذي يودعونه بين يدي المرشح لو أنه فاز.

وكيف يمكن للناخبين أن يحصلوا على هذا الشعور بالإطمئنان إن لم يكن عن طريق ما يقدمه الإعلام من تغطية ومعلومات؟

ولهذا فإن نفوذ الإعلام علي السياسة فى الديموقراطيات هو من الأركان الرئيسية التي تبني عليها تلك النظم، وهو ما دفع البعض إلى تسمية الصحافة السلطة الرابعة إلى جانب سلطات الدولة الثلاث المعروفة.

وقد حرصت جميع الديموقراطيات بلا إستثناء على إدراج مصطلح حرية المعلومات والحق فى الحصول عليها ضمن الحريات والحقوق الأساسية التي لا تفريط بشأنها ولا تنازل عن ممارستها. والسبب فى ذلك جد واضح، وهو ألا تتكرر ماساة الحروب الهائلة التي كان مبناها مخادعة الجمهور الجاهل ووعيده بأشياء غير واقعية أو لا يمكن تنفيذها إلا عن طريق الإجرام، كما وقع فى المانيا وإيطاليا واليابان، وأيضا الولايات المتحدة فى جنوب شرق آسيا.

وقد شهدت ألمانيا عددا لا باس به من قضايا تعارض الإعلام مع السياسة وخرج من معظمها الإعلام منتصرا على السياسة مستندا إلى رغبة شعبية حقيقية فى المعرفة والإطلاع مضافا إليها أمانة فى نقل المعلومات من جانب الإعلام الذى يقع بالكامل فى يد القطاع الخاص.

فهناك قضية مجلة دير شبيجل ضد الحكومة الألمانية وبالذات وزير الدفاع فرانس يوزف شتراوس.

وهناك قضية دار أكسل شبرنجر للنشر ضد حكومة فيللي براندت.

وهناك قضية مجلة دير شبيجل مرة أخرى ضد السياسي فرانس يوزف شتراوس.

ثم هناك قضية دير شبيجل ضد المستشار الألماني هلموت كول.

وكل هذه القضايا كانت تدور حول نقطة حق الإعلام فى النشر وحق الحكومة فى رسم السياسات بطريقة منفردة.

وقضية دير شبيجل ضد فرانس يوزف شتراوس كانت أبرزها وأعمقها وأكثرها تأثيرا.

ففى قمة الحرب الباردة وقعت أزمة صواريخ كوبا عام 1962 وباتت البشرية على شفا حرب نووية لا ولن تبقي على أخضر أو يابس. وبالطبع فإن ألمانيا البلد المقسوم بالأسلاك الشائكة ومحطات ضرب النار التي تدار أوتوماتيكيا عند أول بادرة إختراق كان أول بلد سيعاني من تلك الحرب حيث أن الالماني كان يقف مستعدا بكامل سلاحه ليقتل به شقيقه الألماني على الجانب الآخر من الستار الحديدي.

وقد تقصت مجلة دير شبيجل التي يشتهر عنها دقة معلوماتها ونفاذها إلى معظم دوائر المجتمع، تقصت وعرفت بوجود قصور كبير فى دفاعات المانيا الغربية وأن الجيش الغربي - الذى كان عمره وقتها لا يزيد عن سبع سنوات – ليس مستعدا بأي شكل من الاشكال لخوض الحرب إن هي وقعت وأن هزيمته سوف تكون نكراء لا هوادة فيها. وقبل أن تنشر المجلة هذه المعلومات أخذت رأي واحد من ألمع أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي فى البرلمان وهو البرلماني هلموت شميدت عن هامبورج، وقد شطب من المقال ما رآه ماسا بالأمن القومي وأجاز النشر بناءا على علمه بالأمر ومعرفته بدرجات السرية المتعددة.

ونشرت الصحيفة المقال ........وقامت بعدها القيامة..


قمة العشرين والمساهمات المالية السعودية ؟!

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

تشرك الولايات المتحدة الأمريكية المملكة العربية  السعودية من بين كل الدول العربية في قمم العشرين نظراً لثرائها ، فقط من أجل نهب اموالها حيث ساهمت المملكة ب/15/ مليار دولار في مؤتمر القمة الأخير  الذي انعقد في بريزبن استراليا منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2014 ، التي سينفق معظمها لدعم الإقتصاد الأوروبي بدفع رواتب الموظفين الحكوميين ونفقات التأمينات الإجتماعية في منطقة اليورو بعد أن تم تهريب الرساميل في هذه الدول من قبل الصناعيين لتوظيفها في الصين وآسيا والمانيا .
وكان على السعودية الا تدفع اي مساهمة في مؤتمر القمة هذا او أي قمم أخرى إذ لامشاركة لها في القرار السياسي الأمريكي بالشأن العربي كما هو لإيران التي لم تشركها أمريكا عمداً من اجل توفير المال لتنفيذ المشروع الأمريكي في العراق وسوريا وسائر المنطقة العربية لتفتيت جيوشها وتقويض اقتصادها .
إن الإطلاع على مناقشات ومقرارات قمة العشرين الحالية والتي سبقتها تشعرك بالذهول والإحباط معاً لمأساة أوروبا بما آلت إليه أحوال مواطني منطقة اليورو من تدهور إقتصادي نتج عنه الفقر والبطالة والضائقة  المعيشية التي لم تكن متوقعة ؛ بل كان المتوقع من هذه القممم  أن تنهض بالشعوب الأوروبية نحو مزيد من الرفاهية  مع إزالة الحدود وتوحيد النقد ، في نفس الوقت الذي لازالت الأزمة المالية الأمريكية تراوح مكانها مع تصاعد سلبياتها وتأثيراتها على الوضعين الإقتصادي والمعيشي في أمريكا والعالم .

وهنا يتساءل المواطن العادي كما معظم الإقتصاديين عن أسباب تفاقم هذه الأزمات وتصاعدها في الدول الغربية على متانة إقتصادها وعظمتها  رغم مرور سنوات ومحاولات عدة لإصلاح هذه الأزمة . إلا أن الفشل كان رائد هذه المحاولات بما لم يعد مقبولاً مع تفاقم البطالة والمصاعب والإحتجاجات .

والسؤال المهم الذي يطرحه العامة قبل المتخصصين هل ان حكومات أمريكا وأوروبا عاجزتان عن حل هذه المشاكل والمصاعب ؟

والجواب ، إنه ليس هناك من مشكلة إقتصادية لايمكن معالجتها شرط توفر الإستعداد للعمل من قبل أصحاب المشكلة والقرار . ومن هذا المنطلق فإن مخططي الإستراتيجة المالية والإقتصادية في وول ستريت بشراكة مع المانيا ودعم من الصين يرون  في هذه الأزمة حلاً لمستقبل الإقتصاد الغربي لا أزمة كما قد يعتقد البعض من غير اهل الإختصاص ؟!

كما ويرون  فيها بداية إجراء وقائي ومعالجة ضرورية لإعادة هيكلة الإقتصاد العالمي تجنباً لمشاكل مستقبلية عدة ، مع تعذر تفجير حرب عالمية ثالثة ، تصب جمعيها في تجنب الفائض الصناعي وتراكم الإنتاج الصناعي بما يزيد عن حاجات الإنسان رغم تنوع السلع الإستهلاكية .

لذا فإن إجتماع قمة العشرين الحالي الذي انعقد في مدينة بريزبن في استراليا ، وكذلك الذي سبق ان انعقد في المكسيك في 18و19 يونيو/حزيران برغبة أمريكية إنما رمي إلى تطبيع الخطة الألمانية - الأمريكية في اجتراح خطط  مغايرة للخطط الإقتصادية التقليدية . وما مؤتمر قمة العشرين الذي سبق ان انعقد  في المكسيك إلا محاولة لإقناع دول منطقة اليورو للمحافظة على اليورو والمنطقة وعدم تفكيكها مقابل مساعدات مالية من الدول المشاركة ، بدعم رئيسي من ألمانيا ، ببضع مئات من مليارات الدولارات للصناديق الحكومية للقيام بواجباتها الإجتماعية ودفع مستحقات القطاع العام .

إلا أن الهدف الأساسي من جمع المال في كل مؤتمر قمة يعقد ، إنما يرمي الى مساعدة المؤسسات المصرفية بشكل رئيسي يتقدم على مساعدة الصناديق الحكومية بما هو مخطط له في إعادة صياغة الإقتصاد العالمي الجديد وفقاً لما سآتي اليه في الشرح والتفصيل .

 

الدور الأمريكي : لقد بدأت الولايات المتحدة في وضع الخطط الإقتصادية والمالية الجديدة مع إستشعارها بخطر النمو الإقتصادي الصيني وتوسعه في العالم بأسعاره الإغراقية المذهلة مع الربع الأخير من القرن العشرين بما لايمكن مواجهته إلا بحرب عالمية ذرية تستهدف الصين بشكل رئيسي أو اعتماد التفاهم معها والسعي لاستغلال الأيدي العاملة الصينية الرخيصة في موطنها بأموال أمريكية في محاولة للإستفادة من طوفان الإنتاج الصيني بمحاولة احتوائه .

ولم يكن الأمر معقداً مع بدء المفاوضات بهذا الشأن  إذ رحب الصينيون باستثمار رؤوس الأموال الأمريكية في الصين وكذلك الأموال الأوروبية  ، تفادياً للصدام معهم ، على غيرماكانوا يتوقعونه .

 

مقررات قمة العشرين في المكسيك : إن مقررات هذه القمة تشعرك بالذعر والأسى على مستقبل أوروبا الصناعي وتعذر نهوض دول العالم الثالث وما سيؤول إليه الأمر من تنام للفقر والبطالة وتراجع المستوى المديني والمعيشي ، مع الإصرار على رفع رسوم الحماية الجمركية عن المستوردات من دول أوروبا في نص صريح واضح مما يدل على إصرار الرأسمالية العالمية على تنفيذ مخططاتها بتوجيه الإقتصاد الجديد الذي يجب أن تتخلى فيه المجتمعات الأوروبية عن البحبوحة التي عاشتها شعوبها ، بفضل مشروع مارشال وقتذاك ، لنصف قرن من الزمن منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الأمس مع تنامي ارتفاع الأجور وتزايد أسعار السلع التي لم تعد تتلائم ومنافسة أسعار السلع الصينية الرخيصة الثمن التي لايمكن مواجهتها إلا بتخفيض أجور اليد العاملة في العالم الغربي قاطبة  .

 وبما أن الإتحادات العمالية ،  كما تكاليف مستوى المعيشة ومتطلباتها ، لاتسمح بتخفيض الأجور الى الحد الملائم لمواجهة الصين ، كما رأينا في اعتصامات اليونان وتظاهراتها في وقت سابق ، فإن الرأسمالية الأمركية في قمم العشرين الماضية قد استحصلت على مساهمات من الدول المشاركة بقيمة 450 بليون دولار توضع بتصرف صندوق النقد الدولي لإنشاء صندوق إنقاذ لمنطقة اليورو ، لمساعدة صناديق الدول المتعثرة ومصارفها في محاولة يائسة لمنع تفكك منطقة اليورو .

إلا أن هدف صندوق الإنقاذ الأساسي ليس مساعدة موازنات دول منطقة اليورو المتعثرة فحسب ، وإن كان مجبراً على ذلك وفق شروط معقدة مجحفة ، بل مساعدة المصارف الأوروبية لإقراض الأفراد والمؤسسات والشركات لمشاريع منتجة تحد من البطالة ، ولكن بتوجه رئيسي غير معلن يهدف إلى دعم القطاع الزراعي والتوسع فيه  لإعادة إحياء الإقطاعات الزراعية الضخمة  والمتوسطة  لسد احتياجات القرى للنهوض بها كما قبل الثورة الصناعية الكبرى بداية القرن الثامن عشر ؛ كما وأيضاً سد حاجات الزراعات العائلية الصغرى في محاولة للوصول الى أدنى حد للأجور خلال عقدين من الزمن مع الإكتفاء الذاتي بالإعتماد على النفس مع اختلاف متطلبات الريف عن المدن في توسع الإنفاق مع تعدد الحاجات .

وقد هيأت الرأسمالية العالمية تنفيذ هذا التوجه واستبقته برفع أسعار الحبوب لعدة أضعاف بما يغري سكان القرى على العودة للزراعة والتوسع فيها مع إرتفاع أسعارها .  وتلك أفضل طريقة برأيهم لمواجهة التمدد الصناعي الصيني ومحاربته مع اتباع  نهجه الزراعي وطرقه في سد حاجات الفرد للحد من توجه أبناء الريف نحو المدن الصناعية بما يزيد عن طاقتها الإستيعابة وبالتالي بوار الأرض الزراعية وخراب القرى .

إنطلاقاً من هذا التوجه للرأسمالية العالمية نحو إعادة إحياء المجتمعات الزراعية على أنواعها بمضمونها  الإقطاعي والعائلي والفردي بقوانينه وعاداته ، فإنه يهدف إلى إعادة تموضع الديمغرافية السكانية وتشكيلها في كل دولة بشكل إنمائي متوازن قدر الإمكان . إذ أن التوجه الصناعي المكثف قد ولد إنفجاراً سكانياً في المدن انعكس أزمة في السكن والسير بما لايطاق ، وبالتالي تضخم الأجور وتفشي البطالة والفلتان الأمني وارتفاع الجريمة بما يخرج عن نطاق السيطرة .

من أجل ذلك سعت  ألمانيا بتفاهم مع وول ستريت إلى مزيد من الضغط على أوروبا بمحاولة إيجاد آلية من خلال إتحاد مصرفي اوروبي للتدخل في ضبط موازنات دول منطقة اليورو لقاء منحها المساعدات المالية لسد العجز ،على أن تترافق مع إصلاحات بنيوية وإدارية وقضائية للتشدد في ملاحقة الممتنعين عن دفع الضرائب وفق سياسة تقشف صارمة مدروسة تهدف الى التخفيف من أعداد الموظفين لصرف مئات الآلآف منهم ودفعهم نحو الريف حيث مواقعهم الأصيلة قبل نزوحهم للمدينة وإقامتهم فيها للبحث عن عمل .

وهي خطة علاجية إستئصالية يصرون عل تمريرها وإقرارها لمعالحة الأزمة الإقتصادية في مواجهة الصين ، رغم وجود خطط بديلة أكثر ملائمة يتجاهلونها لأنها تقتضي مساهمة الأثرياء في إنجاحها بما تقتضي من العودة للضرائب بنسب تصاعدية ملائمة على الأرباح كما وفرض الحماية الجمركية على المستوردات ، وهذا أيضاً يرفضونه لأنه لايتلائم مع مصالحهم التجارية والصناعية .

لذا فإننا ،إيجازاً لما مر معنا أعلاه ، فإننا مقبلون في المستقبل القريب على مجتمع زراعي أوروبي أمريكي واسع مع حصر الإنتاج الصناعي بشكل رئيسي في المانيا والصين حيث ستنحصر التوظيفات الرأسمالية الأوروبية الأمريكية الضخمة فيهما .

 

الغارة على العالم الإسلامى-2

$
0
0

 

مُؤَتَمَرُ القَاهِرَةَ التَّبْشِيرِيُّ عَامَ ١٩٠٦ م:
كان القسيس "زويمر "رئيس إرسالة التبشير العربية في البحرين أول من ابتكر فكرة عقد مؤتمر عام يجمع إرساليات التبشير البروتستانية للتفكير في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين وفي سنة ١٩٠٦ أذاع اقتراحه وأبان الكيفية التي يكون بها فوضعت هذه الفكرة علىبساط البحث في (مسيور) من ولاية (أكرا) في الهند، لأن هذه الولاية ذات أهمية كبرى من حيث المسائل الإسلامية لوجود مدرسة (عليكر) هناك ثم عرض الاقتراح علىمؤتمر التبشير الذي ينعقد في مدينة (مدراس) الهندية كل عشر سنوات فأجاز عقده. وإن اتخاذ الهند قاعدة لتأسيس النظامات الخاصة  بتبشير المسلمين بالنصرانية أمر طبيعي وبديهي، لأن [مسلمي] الهند أخذوا علىعاتقهم منذ القرن التاسع عشر تأييد السياسة الإنكليزية للتغلب علىالهندوس.


ولما تقرر عقد المؤتمر شرع القسيس (زويمر) وزميل له يعدان المعدات لتأليف لجنة مؤقتة تضع برنامج مذكرات المؤتمر وتدعو المُبَشِّرِينَ المنتشرين في كل البلاد للاشتراك به.


وفي يوم ٤ أبريل من سنة ١٩٠٦ افتتح المؤتمر في القاهرة في منزل عرابي باشا في باب اللوق وبلغ عدد مندوبي إرساليات التبشير ٦٢بين رجال ونساء. وكان عدد مندوبي إرساليات التبشير الأمريكية التي في الهند وسوريا والبلاد العثمانية وفارس ومصر واحدًا وعشرين ومندوبو إرساليات التبشير الإنكليزية خمسة واشتركت في المؤتمر الإرساليات الأسكتلندية والإنكليزية المنفرجة والألمانية والهولندية والسويدية وإرسالية التبشير الدانماركية الموجودة في بلاد العرب. 
انتخب القسيس (زيمر) رئيسًا للمؤتمر، وعين معه نائب رئيس وكتبة، وحددت أيام الجلسات.
وهذا برنامج المسائل التي تفاوضوا فيها:


ملخص إحصائي عن عدد المسلمين في العالم، الإسلام في أفريقيا، الإسلام في السلطة العثمانية، الإسلام في الهند، الإسلام في فارس، الإسلام في الملايو، الإسلام في الصين، النشرات التي ينبغي إذاعتها بين المسلمين المتنورين والمسلمين العوام، التنصر، الارتداد، وسائل إسعاف المُتَنَصِّرِينَ المضطهدين، شؤون نسائية إسلامية، موضوعات تتعلق بتربية المُبَشِّرِينَ والعلاقات بينهم وكيفية التعليم في الإسلام.


وهذه الموضوعات جمعت علىحدة في كتاب كبير [اسمه] "التبشير بالنصرانية بين المسلمين "ثم صنف القسيس زويمر كتابًا جمع فيه بعض تقارير عن التبشير وسماه "العالمالإسلامي ".


وَسَائِلٌ لِتَبْشِيرِ المُسْلِمِينَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ:
جمع هذا الكتاب ونشره القسيس (فليمنغ) الأمريكي وكتب عليه هذه الكلمة «نشرة خاصة» بمعنى أنه طبع ليتنقل في أيدي فئة خاصة من رجال التبشير لا ليطلع عليه كل الناس. وقد ضمنه المباحث التي دارت في مؤتمر القاهرة واختتمه بندائين استنهض بإحداهما همم رجال النصرانية ليجمعوا أقواهم ويتضافروا بأعمال مشتركة وعمومية فيستولوا علىأهم الأماكن الإسلامية والنداء الثاني خاص بأعمال نسائية.

أما الفصل الأول من الكتاب فيبحث في الطريقة التي ينبغي إنتاجها في التبشير وعما إذا كان مفيدًا ضم إرساليات تبشير المسلمين إلى إرساليات تبشير الوثنيين وفضل بقاءهما منفصلتين.


وفي البحث أيضًا عما إذا كان الإله الذي يعبده المسلمون هو إله النصارى واليهود أم لا؟ وقد صرح (الدكتور لِبْسِيُوسْ) في مؤتمر القاهرة بأن إله الجميع  واحد إلا أن القسيس زويمر خالفه في هذا الرأي فقال: إن المسلمين مهما كانوا موحدين فإن تعريفهم [لإلاههم] يختلف عن تعريف المسيحيين، لأن إله المسلمين ليس إله قداسة ومحبة ..


وفي الفصل الثاني والثالث بحث الصعوبات التي تحول دون تبشير المسلمين وذكر الوسائل التي يمكن استجلابهم بها وتحبيب المُبَشِّرِينَ إليهم. وأهم هذه الوسائل العزب بالموسيقى الذي يميل إليه الشرقيون كثيرًا، وعرض مناظر الفانوس السحري عليهم، وتأسيس الإرساليات الطبية بينهم، وأن يتعلم المُبَشِّرُونَ لهجاتها العامة واصطلاحاتها نظريًا وعمليًا، وأن يدرسوا القرآن ليقفوا علىما يحتويه، وأن يخاطبوا العوام المسلمين علىقدر عقولهم ومستوى علمهم، ويجب أن تلقى الخطب عليهم بأصوات رخيمة وبفصاحة، وأن يخطب المبشر وهو جالس ليكون أشد علىالسامعين، وأن لا تتحلل خطاباته كلمات أجنبية عنهم، وأن يبذ عنايته في اختيار الموضوعات، وأن يكون واقفًا علىآيات القرآن والإنجيل عارفًا بمحل المناقشة، وأن يستعين قبل كل شيء بالروح القدس والحكمة الإلهية، ومن.  الضروري أن يكون خبيرًا بالنفس الشرقية وأن يستعمل التشبيه والتمثيل أكثر مما يستعمل القواعد المنطقية التي لا يعرفها الشرقيون.


وختم المؤلف هذين الفصلين بأن أكثر المسلمين الذين تنصروا إنما هم من العامة والأميين.


وفي الفصل الرابع يأتي ذكر الصعوبات التي تقف في سبيل تبشير المسلمين المتنورين وهذه الصعوبات هي التي جعلت المؤتمر يترك المذاكرة في بادئ الأمر بمسألة التنصير، فخاض في البحث عن الوسائل التي يكون لها تأثير - ولو قليلاً - علىالناشئة الإسلامية لتدرك الأمور الاجتماعية والخلقية والأدبية.


وهنا قال سكرتير المؤتمر: «إن الخطة العدائية التي انتهجها الشبان المسلمون المتعلمون اضطرت المُبَشِّرِينَ في القطر المصري إلى محاولة إعادة ثقة الشبان المسلمين بهم، فصار هؤلاء المُبَشِّرُونَ يلقون محاضرات في موضوعات اجتماعية وخلقية وتاريخية لا يستطرون فيها إلى مباحث.  الدين، رغبة في جلب قلوب المسلمين إليهم». وأنشأوا بعد ذلك في القاهرة مجلة أسبوعية اسمها "الشرق والغرب "افتتحوا فيها بَابًا غير ديني يبحثون فيه بالشؤون الاجتماعية والتاريخية، وأسسوا أيضًا مكتبة لبيع الكتب بأثمان قليلة والغرض من ذلك استجلاب الزبائن ومحادثتهم في أثناء البيع.


وقد مضى علىذلك ثلاث سنوات تسنى فيها للمبشرين أن يتوصلوا إلى النتائج الآتية:


الأولى - أنهم عرفوا أحوال البلاد وأفكار المسلمين وشعورهم وعواطفهم وميولهم.


الثانية - أنهم حصلوا علىثقة عدد من المسلمين بهم.


الثالثة - أن المُبَشِّرِينَ تحققوا أنهم بتظاهرهم في وداد المسلمين وميلهم إلى ما تطمح إليه نفوسهم من الاستقلال السياسي والاجتماعي والنشأة القومية يمكنهم أن يدخلوا إلى قلوبهم.


وبناء علىهذا ساعد المُبَشِّرُونَ الشبان المسلمين في تأسي جمعية الغرض منها إيجاد صلة وتقرب بين الطبقة المتعلمة والطبقات المتعددة التي تتألف الأمة منها وإنماء روح الاتفاق. هذه هي الطريقة التي استحسنها المُبَشِّرُونَ بعد أن علموا أن الأمور التي يتذرعون بها وتكون صبغتها دينية لا ريب أن عاقبتها الفشل. ولكن المُبَشِّرِينَ الذين هم علىشيء من الجرأة يقولون إنهم سمعوا بعض المسلمين يشكون من الزواج في الإسلام وتعدد الزوجات وتربية المرأة وعدم وجود التسامح الديني.


وكل ما خاض فيه المؤتمر من هذه المباحث يختص بالمجهودات التي يبذلها المُبَشِّرُونَ لتبشير الشبيبة الإسلامية التي تعلمت علىالطريقة الأوروبية وفي مدارس الحكومة وما يلقونه من الصعوبات والفشل في تنصيرها. 
أما الذين تعلموا علىالطريقة الشرقية في الأزهر وما يماثله فلم يتكلم أعضاء المؤتمر عنهم إلا بعض اقتراحات ونظريات: من ذلك أن أحد أعضاء المؤتمر أفاض في وصف ما للجامع الأزهر القديم من النفوذ وإقبال الألوف عليه من الشبان المسلمين في كل أقطار العالم. وتساءل عن سر نفوذ هذا الجامع منذ ألف سنة إلى الآن ثم قال: «إن السنيين من المسلمين رسخ في أذهانهم أن تعليم العربية في الجامع الأزهر متقن ومتين أكثر منه في غيره والمتخرجون من الأزهر معروفون بسعة اطلاعهم علىعلوم الدين وباب التعليم مفتوح في الأزهر لكل مشايخ الدنيا خصوصًا وان أوقاف الأزهر الكثيرة تساعد علىالتعليم فيه مجانًا لأن في استطاعته أن ينفق على٢٥٠ أستاذًا. ثم تساءل عما إذا كان الأزهر يتهدد كنيسة المسيح بالخطر، وعرض اقتراحًا يريد به إنشاء مدرسة جامعة نصرانية  تقوم الكنيسة بنفقاتها وتكون مشتركة بين كل الكنائس المسيحية في الدنيا علىاختلاف مذاهبها لتتمكن من مزاحمة الأزهر بسهولة وتتكفل هذه المدرسة الجامعة بإتقان تعليم اللغة العربية».


ثم قال: «إن في الإمكان مباشرة هذا العمل في دائرة صغيرة وهي أن تخص أولاً بتعليم المسلمين المُتَنَصِّرِينَ وتربيتهم تربية إسلامية ليتمكن هؤلاء من القيام بخدم جليلة في تنصير المسلمين الآخرين».


وختم كلامه قائلاً: «ربما كانت العزة الإلهية قد دعتنا إلى اختيار مصر مركز عمل لنا لنسرع بإنشاء هذا المعهد المسيحي لتنصير الممالك الإسلامية».


وفي الباب الخامس: ذكر المؤلف ما دار في المؤتمر عن النشرات التي ينبغي للمبشرين إذاعتها لتنصير المسلمين. وقد ظهر للمؤتمر أن التوراة مترجمة إلى معظم اللغات الإسلامية وأكثر لهجاتها، أما أدبيات التبشير ومؤلفاته فمترجمة إلى اللغات الإسلامية المهمة فقط.


وقد اقترح أحد المندوبين أن تراجع المؤلفات التي قدم عليها العهد لإصلاحها واستخدامها في تبشير المسلمين المتنورين الذين اقتبسوا علومهم في المعاهد العصرية مثل مدرسة أكسفورد وبرلين، وأشار إلى وجوب تخفيف اللهجة في المجالات الدينية.


وقال مندوب آخر: «إن الحاجة شديدة إلى نشر كتب في الموضوعات الدينية الآتية:
أسماء وألقاب المسيح التي في الأناجيل، طبيعة الخطيئة الأصلية، ضرورة الغفران، الجنة وكيفية الحصول عليها، الروح القدس وأعماله، عقيدة سر  التجسد، الإنسان فرد اجتماعي وخالقه ليس كذلك، وأن الإله الاجتماعي يشمل الثالوث، الشيطان وكيفية الخلاص منه».


إِرْسَالِيَاتِ التَّبْشِيرِ الطِبِّيَّةِ:
خاض المؤتمر بعد ذلك في مسألة إرساليات التبشير الطبية، فقام المستر (هاربر) وأبان وجوب الإكثار من الإرساليات الطبية لأن رجالها يحتكون دائمًا بالجمهور ويكون لهم تأثير علىالمسلمين أكثر مما للمبشرين الآخرين. وهنا ذكر المستر هاربر حكاية طفلة مسلمة عني المُبَشِّرُونَ بتمريضها في مستشفى مصر القديمة ثم ألحقت بمدرسة البنات البروتستانية في باب اللوق، وكانت نهاية أمرها أن عرفت كيف تعتقد بالمسيح بالمعنى المعروف عند النصارى. وذكر أيضًا عن رجل مسلم كان يحضر محاضرات المُبَشِّرِينَ لإثارة  الجلبة والضوضاء، واتفق أنه مرض فدخل مستشفى المُبَشِّرِينَ وبعد أن لبث فيه مدة شفي وخرج منه فصار يحضر المحاضرات في هذه المرة ولكن بخشوع زائد وبعد ذلك بقليل تعمد وأصبح نصرانيًا علىمذهب البروتستان.


ثم قام الدكتور أراهارس طبيب إرسالية التبشير في طرابلس الشام فقال: «إِنَّه قَدْ مَرَّ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَثُلاثُونَ عَامًا وَهُوَ فِي مِهَنَتِهِ فَلَمْ يَفْشَلْ إلاَّ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ وَذَلِكَ عَقِبَ مَنْعِ الحُكُومَةِ العُثْمَانِيَّةِ أَوْ أَحَدِ الشُّيُوخِ لاثْنَيْنِ مِنْ زَبَائِنِهِ مِنَ الحُضُورِ إِلَيْهِ».


وأورد إحصاء لزبائنه فقال: «إِنَّ ٦٨ فِي المِائَةِ مِنْهُمْ مُسْلِمُونَ وَنِصْفُ هَؤُلاَءِ مِنَ النِّسَاءِ. وَفِي أَوَّلِ سَنَةِ مَجِيئِهِ إِلَى حَيْثُ يُبَشِّرُ بَلَغَ عَدَدُ زَبَائِنِهِ ١٧٥ وَفِي آخِرِ سَنَةٍ كَانَ عَدَدُهُمْ٢٥٠٠» وختم كلامه قائلاً:  «يَجِبُ عَلَى طَبِيبِ إِرْسَالِيَاتِ التَّبْشِيرِ أَنْ لاَ يَنْسَى وَلاَ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّهُ مُبَشِّرٌ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ثَمَّ هُوَ طَبِيبٌ بَعْدَ ذَلِكَ».


وقام بعده الدكتور تمباني وذكرالصعويات التي يلقاها الطبيب في التوفيق بين مهنتي التبشير والطب كما حدث معه هو. إلا ان ما بذله من المجهودات قد أعانه علىالنجاح حتى تمكن من تأسيس مستشفى التبشير من طريق الاكتتابات. وكان أول مكتتب لهذا المستشفى التبشيري رجلاً مسلمًا.


وخطب الأستاذ سمبسون بعد ذلك - في بيان فضل الإرساليات الطبية - ومما قاله: «إِنَّ المَرْضَى الذِينَ يُنَازِعُهُمْ المَوْتُ بِوَجْهِ خَاصٍّ لاَ بُدَّ لَهُمْ مِنْ مُرَاجَعَةِ الطَّبِيبِ، وَحَسَنٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا الطَّبِيبُ (المُبَشِّرَ) فِي جَانِبِ المَرِيضِ عِنْدَمَا يَكُونُ فِي حالَةِ الاِحْتِضَارَ التِي لاَ بُدَّ أَنْ يَبْلُغَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَفُرَادِ البَشَرِ».
ثم خطبت المس (أناوستون) فتكلمت عن إرسالية التبشير الطبية في مدينة طنطا قائلة: «إِنَّ ٣٠ فِي المِائَةِ مِنَ الذِينَ يُعَانُونَ فِي مُسْتَشْفَى هَذِهِ الإِرْسَالِيَّةِ هُمْ مِنَ الفَلاَّحِينَ المُسْلِمِينَ وَأَكْثَرُهُمْ مِنَ النِّسَاءِ. أَمَّا طَرِيقَةَ التَّبْشِيرِ فِي هَذَا المُسْتَشْفَى فَهِيَ أَنْ يُذْكَرَ الإِنْجِيلُ لِلْمَرْضَى بِأُسْلُوبٍ بَسِيطٍ لاَ يَدْعُو إِلَى التَّطَرُّفِ فِي المُنَاقَشَةِ إِذْ المُسْتَشْفَى يَجْمَعُ بَيْنَ جُدْرَانِهِ نِسَاءً وَرِجَالاً».


الأَعْمَالُ النِّسَائِيَّةُ فِي التَّبْشِيرِ:
كان لهذا الموضوع اهتمام كبير من أعضاء المؤتمر لأنه خاص بنصف مسلمي العالمفقالت المس (ولسون): «إِنَّ النِّسَاءَ المُبَشِّرَاتِ يَسْتَعِنَّ فِي الهِنْدِ بِالمَدَارِسِ وَبِالعِيَادَاتِ الطِبِّيَّةِ وَزِيَارَةِ قُرَى الفَلاَّحِينَ لِيَنْشُرْنَ النَّصْرَانِيَّةَ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ».
وخطبت المس (هلداي) في حث المُبَشِّرِينَ علىالرفق بالمرأة المسلمة.


وتناوبت السيدات المبشرات الخطابة في أخبار نجاحهن في المناطق التي انتدبن للتبشير فيها. فقالت إحداهن: «إِنَّ المُسْلِمَاتِ الفَارِسِيَّاتِ يُظْهِرْنَ مَيْلاً شَدِيدًا لِلْعِلْمِ بِالرَّغْمِ مِنْ جَهْلِهِنَّ بِاِتِّسَاعِ نطاقِهِ وَهُنَّ يَعْتَقِدْنَ أَنَّ الذِي يَعْرِفُ جُغْرَافِيَّةَ البِلادِ نَابِغَةً. وَلِقُصَّةِ الاِبْنِ المُسْرِفِ فِي الإِنْجِيلِ وَلِلْمِزْمَارِ الحَادِيِ وَالخَمْسِينَ تَأْثِيرٌ شَدِيدٌ عَلَى النَّفْسِ المُسْلِمَةِ».


وَقَالَتْ مُبَشِّرَةٌ أُخْرَى: «إِنَّ مَدْرَسَةَ البَنَاتِ البْرُوتِسْتَانِيَّةِ التِي فِي الخُرْطُومِ فِيهَا مِنْ ٨٠ إِلَى ٩٠ تِلْميذَةً مُسْلِمَةً. وَلأَهْلِهِنَّ الحُرِّيَّةُ فِي السَّمَاحِ لَهُنَّ بِقِرَاءَةِ العَهْدِ الجَدِيدِ (الإِنْجِيلُ وَذُيُولِهِ) أَوْ فِي مَنْعِهِنَّ مِنْ ذَلِكَ إلاَّ أَنَّ المَدْرَسَةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهَا طَلَبُ اِسْتِثْنَاءِ وَاحِدَةٍٍٍٍ  مِنَ التِّلْمِيذَاتِ مِنْ قِرَاءَةِ الإِنْجِيلِ».


وانتقل المؤتمر بعد ذلك الى موضوع تربية ألنساء اللاتي يتطوعن للتبشير.


المُتَنَصِّرُونَ وَالمُرْتَدُّونَ: ٍٍ
تساءل القس (جون فان إيس) عن الأركان التي يشترط توفرها في الشخص المتنصر أو النصراني الشرقي الذي يدخل في المذهب البروتستاني. وبعد أن بحث في ذلك قال: «إِنَّ المَحَبَّةَ التِي يَعْرِفُهَا نَصَارَى الشُّرْقِ تُشُوبُهَا نَزْعَةُ الاِعْتِقادِ بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ وَعَقِيدَةُ الشَّرْقِيَّينَ عُمُومًا ضَرْبٌ مِنَ الخُرَافَاتِ وَإِنْ تَكُنْ مَبَادِئُ الإِيمَانِ مَوْجُودَةٌ لَدَيْهِمْ جَمِيعًا».


ثم تساءل عما إذا كان المسلم المتنصر أهلاً لنشر النصرانية، وأجاب علىذلك بأن هذا الأمر هو محك  إخلاصه لأن نشر الدعوة أمر تقتضيه روح الإسلام، وبهذا كان الإسلام دين دعوة وتبشير وكم بالحري لو انتفعنا بهذه المزية وأدخلناها في النصرانية.


ونناقش المؤتمر بعد ذلك بشأن المُتَنَصِّرِينَ المضطهدين ووسائل استخدام المخلصين منهم وإدخال الأطفال الذين اعتنقوا المذهب البروتستاني في المدارس العادية والصناعة.


شُرُوطُ التَّعْمِيدِ:
بسط القسيس «جصب» القول في هذا البحث وسأل عن الشروط التي يجب أن تتوفر في المسلم المتنصر ليكون أهلاً للتعميد ثم قال: إن المُبَشِّرِينَ الكاثوليك يعمدون الناس ليجعلوهم مسيحيين، أما نحن فنعمدهم لأنهم مسيحيون. وذكر بعد ذلك أيام التجربة
والمعلوهات الدينية التي يجب علي المتنصر معرفتها وبحث فيما إذا كان يحق له أن يتلقى سر التناول.


واستطرد المؤتمر إلى مسألة تعدد الزوجات عند
المسلمين، وعن موقف المرأة التي تعمد زوجها هل يفرق الإسلام بينها وبينه أم لا؟ وعما إذا كان يجوز للمتنصر أن يتزوج ثانية أم لا؟ فتقرر أن هذه المسائل عويصة وقد سبق الخوض فيها في مؤتمر (لمبث) سنة ١٨٨٨ وأن الظروف تقضي باعتبار المسلم المتنصر وهو ذو زوجات متعددة بأنه تحت التجربة إلا إذا كان تنصره في ساعة الاحتضار. أما هذه المسائل نفسها فقد تركت بدون حل.


كَيْفَ يَتَقَرَّبُ المُسْلِمُونَ؟:
خطب القسيس هاريك في هذا الموضوع فعرض علىالمؤتمر نتيجة أبحاثه التي أجراها في بلاد السلطنة العثمانية فمنها أنه عرف أن لا فائدة لطريقة المناظرة والجدل التي وضعها الدكتور «بفندر» المبشر ولم يكن من نتائجها غير وقوف الحكومة العثمانية في وجه المُبَشِّرِينَ والذين ينتمون إليهم.


أما ترجمة الإنجيل وكتب التبشير إلى اللغة التركية بدون مناقشة ومجادلة فكانت أكثر فائدة وأعم نفعًا وقد تبين أنه بمجرد اشتراء المسلمين لهذه الكتب ومطالعتهم لها صارت تتبدد أوهامهم القديمة. ثم قال: إن الجدل والمناظرة يبعدان المحبة التي لها وقع كبير علىقلوب الأغيار وتأثير عظيم في نشر النصرانية، فالمحبة والمجاملة هما آلة المبشر لأن طريق الاعتقاد غايته دائمًا هي قلب الإنسان. وقال بعد ذلك: يرى بعضهم أن الموازنة بين حياة وأخلاق الأمم النصرانية. وحياة وأخلاق الأمم الإسلامية تنتج دائمًا رجحان النصرانية علىالإسلام.


وأنا أيضًا أوافق علىرأي هؤلاء ولكن من الوجهة المادية. وفي هذه الأيام نجد جمهورًا عظيمًا من متنوري المسلمين يرغب في المناظرة والجدل. والعثمانيون يشيرون بازدراء إلى ما حدث في بلاد الروس النصرانية في السنة الماضية خصوصًا في أوروبا - يريد اضطهاد نصارى روسيا ليهودها - ويقولون لنا: هذه نصرانيتكم وأنتم الذين كنتم قبل زمن قليل تتهموننا بلا شفقة بأنا أرقنا قليلاً من الدماء أثناء اشتغالنا بقمع الفتنة .. وعلق القسيس علىذلك بوجوب تحلي حياة المبشر بمبدإ المسيحية قبل أن يُعْنَى بالأمور النظرية كما يظهر للمسلم أن النصرانية ليست عقيدة دينية ولا دستورًا سياسيًا بل هي الحياة كلها. وإنها تحب العدل
والطهر وتمقت الظلم والباطل: نفتح للمسلم مدارسنا ونتلقاه في مستشفياتنا ونعرض عليه محاسن لغتنا ثم نقف أمامه منتظرين النتيجة بصبر وتعلق بأهداب الأمل إذ المسلم هو الذي امتاز بين الشعوب الشرقية بالاستقامة والشعور بالمحبة ومعرفة الجميل.


بهذه الطريقة فقط يمكن للمبشر أن يدخل إلى قلوب المسلمين ولو أن أحدًا أظهر لنا شغفًا وميلاً عظيمًا إلى طرد كل العثمانيين من أوروبا ومن جهة الأرض كلها يجب أن نجيبه قائلين بل سنتحد إن شاء الله مع العثمانيين وندعوهم بكل إخلاص للاشتراك معنا في اقتباس أنوار النصرانية.


مَوْضُوعَاتٌ تَبْشِيرِيَّةٌ:
خاض المؤتمر بعد إتمامه الموضوع السابق في موضوعات كثيرة منها كيفية عرض العقيدة النصرانية والمناظرة فيها والوسائل التي يجب التذرع بها لنشر مبادئها والتحكك بالنفوس الإسلامية والوقوف أمام صبغة الإسلام والصفات التي ينبغي أن يتصف بها مبشر المسلمين بالنصرانية والإنجيل.


ثم قال القسيس (ثرونتن) وعرض علىالمؤتمر هذه النظريات الأولية:
١ - الشعب البسيط يلزمه إنجيل بسيط.
٢الشرق سئم المجادلات الدينية.
٣ - الشرق يحتاج إلى دين خلقي روحي.


واستنتج من هذه النظريات الأولية القواعد الآتية:
١ - يجب أن لا نثير نزاعًا مع مسلم.
٢يجب أن لا يحرض مسلم علىالموافقة والتسليم بمبادئ النصرانية إلا عرضًا وبعد أن يشعر المبشر بأنا الشروط الطبيعية والعقلية والروحية قد توفرت في ذلك المسلم.
٣ - إذا حدث سوء تفاهم حول الدين المسيحية فيجب أن يزال في الحال ولو أفضى الأمر إلى المناقشة.


أما (لفروا) أسقف مدينة لاهور فيرى أن المبشر الذي يعد نفسه لمجادلة المسلمين في أمور الدين يجب أن تتفوق فيه الصفات الخلقية والاستقامة التامة علىالمزايا العقلية، وأن يكون مقتنعًا بصحة البراهين التي يحتج بها وأن يكون صحيح المجاملة وأن يضع الأمل بالفوز علىخصمه نصب عينيه ويحاول حمل خصمه علىالرضوخ للحقيقة. وهذا الأسقف يستنكر قسوة التعاليم القديمة ويرى أنها كانت ترمي إلى التغلب علىالعدو لا إلى اكتساب مودته. ثم قال: ويظهر لي أن كثيرًا من إخواننا المُبَشِّرِينَ يريدون أن يبشروا الناس برشقهم بالحجارة لا بعرض الحقيقة عليهم. نعم إن هذه الطريقة قد تفيد ولكني أشك في موافقتها للتبشير وبما ينتج عنها من الحالات النفسية.


وختم كلامه قائلاً: «يجب علىالمبشر أن يتذرع بالصبر والسكينة وأن يكون حاكمًا علىعواطفه إلى الغاية القصوى. وأن لا يخالج نفسه أقل ريب في أنه هو الذي سيفوز».


وهذا كان آخر مناقشات المؤتمر. ثم قام القسيس زويمر رئيس المؤتمر وقال: «إن انعقاد هذا المؤتمر كان بالتقريب نتيجة لأعمال (شأن التبشير المتطوعين) أما البحث في أحوال العالمالإسلامي وتشيره بالنصرانية فقد سبق الخوض فيه  في مؤتمر كلفلند. هذه الخريطة التي نراها أمامنا الآن موسومة باسم (خريطة تنصير العالمالإسلامي في هذا العصر) قد بعثت الأمل في قلوب ألوف من الطلبة في مؤتمر ناشفيل الذي انعقد في شهر فبراير (شباط) الماضي والتبشير متوقف علىوجود زمرة من المُبَشِّرِينَ المتطوعين الذين يقفون حياتهم ويضحونها في هذا السبيل ثم ختم كلامه راجيًا أن يكون لندائه صدى في المدارس الجامعة في أوروبا وأمريكا».
 
العالمالإسلامي اليوم:


"العالمالإسلامي اليوم "عنوان كتاب نشره القسيس زويمر رئيس إرسالية التبشير في البحرين بمؤازرة زملاء له جمعوا فيه تقارير ومباحثات تاريخية واجتماعية كتبها المُبَشِّرُونَ عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التبشيرية. وتتلو هذه التقارير خلاصة من أعمال المُبَشِّرِينَ التي قاموا بها في الأصقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي. وقد أنشأ جامعو هذا الكتاب مقدمة له ألحوا فيها بضرورة تنصير المسلمين الذين أهمل المُبَشِّرُونَ أمرهم وهذه الفكرة قد  توسع بها أخيرًا امبراطور أهم إمبراطورية أوروبية في خطاب ألقاه علىبعض المُبَشِّرِينَ فكانت تشف عن الحكم علىالإسلام من الوجهة الخلقية عامة والدينية خاصة. أما هذه الفكرة فهي أنه لم يسبق وجود عقيدة مبنية علىالتوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وأفريقيا الواسعتين وبث في مائتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية فأصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة علىجبل المقطم أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد، ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة. تلك هي الفكرة التي أشار إليها ناشرو الكتاب في المقدمة وأردفوها بقولهم: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركها المسلمين وشأنهم إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانية بالنسبة إلى ثمانمائة مليون وثني رأت أن تشتغل بهم. رأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط علىأن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر وأن في العالم١٤٠٠٠٠٠٠٠ مسلم يرتقون الخلاص.


وفي هذه المقدمة بعض ملاحظات ونصائح للمبشرين، منها:
١ - يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
٢يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين لأنه أهم عمل مسيحي. علىأنه قد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت ٤٦ مليون صفحة من الكتب المقدس. 
٣ - تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.


٤ - ينبغي للمبشرين أن لا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وتحرير النساء، وأن تنصير أمثال كامل في بيروت وعماد الدين في الهند وميرزا إبراهيم في تبريز وأعمالاً أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا.


الإِسْلاَمُ فِي مِصْرَ:
هذا الفصل من كتاب "العالمالإسلامي اليوم "يتضمن ملخص أعمال المُبَشِّرِينَ البروتستانت في مصر، والوسائل التي يتذرعون بها، والنتيجة التي توصلوا إليها. وأهم معاهد التبشير في مصر هو الذي أسسته  "جمعية إتحاد مبشري أمريكا الشمالية "سنة ١٨٥٤. وكان المُبَشِّرُونَ قد وضعوا نصب أعينهم تبشير المسلم واليهودي والنصراني اسمًا، وقد استطاعوا أن يتحككوا بالمسلمين بواسطة مؤلفاتهم ومدارسهم. فنشروا منذ ٣٥ سنة كتاب "شهادة القرآن "ووزعوا بعض نسخ من كتاب (الكندي) وكتاب "ميزان الحق "المطبوعين في إنكلترا. ووضعوا في الأيام الأخيرة "الهداية "وهو في أربعة أجزاء ألف في الرد علىالذين طعنوا في النصرانية. والمحاضرات العامة التي يقيمها المُبَشِّرُونَ مرتين في كل أسبوع للموازنة والمناظرة بين الإسلام والنصرانية يحضرها عدد عظيم من المسلمين ويسمح لهم أن يتكلموا. وفي مدارس المُبَشِّرِينَ في القطر المصري ٣٠٠٠ طالب مسلم وَخُمُسُ هؤلاء من البنات المسلمات.  وكانت نتيجة هذه [المجهودات] منذ بداية التبشير إلى أيامنا هذه أن تَنَصَّرَ مائة وخمسون مسلمًا، وأهم ما وقع من ذلك سنة ١٩٠٣ وسنة ١٩٠٤ فقد تَنَصَّرَ في الأولى ١٤ شخصًا وفي الثانية ١٢.


وفي سنة ١٨٨٢تأسس في مصر معهد علمي للتبشير تابع لـ «جمعية تبشير الكنيسة» وله أربعة فروع: الأول - قسم طبي، والثاني - مدرسة للصبيان، والثالث - للبنات، والرابع - لنشر الإنجيل. وينشر مُبَشِّرًا المعهد مجلة أسبوعية وكراسات ولهم مكتبة خاصة بهم.


والنتيجة الأولى لمساعي هؤلاء هي تنصير قليل من الشبان والفتيات، والثانية تعويد كل طبقات المسلمين أن يقتبسوا بالتدريج الأفكار المسيحية.


وبعد المعهدين السابق ذكرهما تأتي «جمعية تبشير شمال إفريقيا» وهذه الجمعية أسست معهدًا في مصر سنة ١٨٩٢.
وأهم وظائفها تنصير المسلمين، ولهذه الجمعية ثلاثة وكلاء في الإسكندرية واثنان في شبين الكوم، وأعمال هذا المعهد قاصرة علىفتح المدارس لتعليم الإنجيل بوجه خاص وأن تزور المبشرات منازل المسلمين ويجتمعن بسيداتهم وأن يوزعن المؤلفات والكتب التبشيرية علىالمسلمين وأن يلقين المحاضرات الدينية لدرس الإنجيل في أيام الأسبوع وأن تقام الصلاة، وهذا المعهد قد نجح في تنصير خمسة أشخاص.


وفي سنة ١٨٩٨ تأسست «الجمعية العامة لتبشير مصر» وغايتها تنصير المسلمين أيضًا، ولها معاهد في الدلتا والسويس، وتدير مدارس للصبيان والبنات وتبث فيهم مبادئ النصرانية، ولها خزائن كتب تحوي كتبًا عربية ذات علاقة بالإسلام، ولها مجلة شهرية منتشرة جدًا وخاصة بين المسلمين، وفي كل  يوم سبت يطوف المُبَشِّرُونَ للتفتيش. وأقل إرساليات التبشير أهمية في القطر المصري الإرسالية الهولندية التي توطنت في قليوب وفي مدارسها المتعددة تلاميذ من كل المذاهب وهي تنشر الإنجيل في القرى بواسطة بائعي الكتب ومن أعمالها أنها أنشأت ملجأ للأيتام، وعنايتها متوزعة بين الأولاد: المسلمين والنصارى علىالسواء.


أما العقبة الوحيدة التي تقف في سبيل إرساليات التبشير فهي أنه ليس لديها قوة تزيل الضرر الذي يحفها من مقاطعة المسلمين للمتنصرين وعدم إصغائهم لهم.


الإِسْلاَمُ وَإِرْسَالِيَاتِ الهِنْدِ:
من الذين ألفوا في هذا الموضوع المستر (م. هوري) فإنه تكلم عن حالة التبشير في شمالي  الهند وعن انتشار الإسلام ووسائط نشره وأشار إلى دراويش جمعة «انجمنِ الإسلام»، وذكر التقدم الفكري والاجتماعي الذي حدث في هذه الجهات وأن الإسلام عرقل سير هذه الميول.


ثم لخص هذا المبشر تاريخ التبشير في الهند فقال إنه ابتدأ منذ مائة سنة عندما نال (جيروم كزافيه) اليسوعي إذنًا بالتبشير في لاهور ففتح باب الجدال في مسائل التوحيد والتثليث وألوهية المسيح وصحة الكتب المقدسة فتسبب في ذلك قيام (أحمد بن زين العابدين) وتأليفه كتاب "الأنوار الإلهية في دحض خطأ المسيحية ".


إلا أن المبشر البروتستاني الذي يتكلم في تاريخ التبشير في الهند لم ترق له الأعمال التي قام بها المُبَشِّرُونَ الكاثوليك وقال إن دفاعهم عن عقيدة  عبادة العذراء والآثار والصور وعن الأماكن المقدسة كان من شأنه إظهار النصرانية بغير مظهرها الحقيقي.


ثم جاء المبشر «هنري مارتين» فوضع أساسًا قويًا للتبشير بالإنجيل فترجمه إلى الفارسية والأوردية.


ثم جاء بعده «بفندر» فترجم كتابه "ميزان الحق "من الفارسية إلى الأوردية؛ وزاد عليه ترجمة كتاب "طريق الحياة "و"مفتاح الأسرار "، وبهذا أثار «بفندر» مجادلات شديدة مع علماء الإسلام في «دهلي» و «أكرا» و «لكنو» وزلزل بذلك إيمان كثير من المسلمين وإن يكن الذين تنصروا منهم قليلاً عددهم. وأعان المُبَشِّرِينَ في هذه المجادلات المسلمون المُتَنَصَّرونَ مثل السيد مولوي صفدر علي ومولوي عماد الدين وسيد عبد الله أثيم ومنشي محمد حنيف والدكتور بَرْخُدَارْ خَانْ.  وفي شمال الهند الآن ما لا يقل عن ١٢جمعية تبشيرية بين إنكليزية وأمريكية وأسترالية وكلها ترمي إلى غاية واحدة.


واجتهدت هذه الجمعيات بتنصير المسلمين منذ وطئت البلاد؛ ويتبين من تقارير هذه الإرساليات أن من المسلمين المُتَنَصِّرِينَ من وصل إلى درجة المبشر.


وقد اختصت هذه الجمعيات المسلمين بكتب يطالعونها وهي معروضة لهم في مكتبات التبشير.


وقد اشتد انتباه المُبَشِّرِينَ إلى مكافحة الإسلام في الأيام الأخيرة فنمت فيهم فكرة الاختصاص بتبشير المسلمين علىأثر كتابات الدكتور «مُرْدُوتش» وبادرت جمعيات متعددة إلى إرسال مبشرين اختصاصيين لهذا الغرض.


أما عدد المسلمين المُتَنَصِّرِينَ فلا تمكن معرفته  من الاعتماد علىالإحصائيات ولكنا عثرنا في تقارير سنة ١٩٠٤ علىأسماء إسلامية صار أصحابها قسيسين مبشرين. وعدد المُبَشِّرِينَ الذين من هذا القبيل ١٩٤، ويرى القارئ أن أسماء إسلامية في قوائم أعضاء اللجان الدينية في بشاور وغيرها. وقرأ المولوي عماد الدين في «برلمان الأديان» في شيكاغو سنة ١٨٩٣ أسماء خمسين من المسلمين المُتَنَصِّرِينَ الذين امتازوا بإخلاصهم للتبشير.


أما ثمرة التبشير في أواسط الهند فهي أضعف بكثير من ثمرة التبشير في شمالي الهند بالرغم من اجتهاد جمعية «تبشير الكنيسة» التي في مدراس وحيدر آباد، وبالرغم من تفاني إرسالية زناته التبشيرية التابعة للكنيسة الإنكليزية. وكل المُتَنَصِّرِينَ في أواسط الهند عدد قليل في جهتين أو ثلاث وفوق ذلك فإنه يكثر في  هذه الجهات انتقال النصارى إلى الإسلام لأسباب مالية ومصالح شخصية، وجمعية «انجمن إسلام» تنجح دائمًا بما لها من النشاط في حمل عدد كبير من الهندوس والمسيحيين علىاعتناق الإسلام، ومؤتمر المُبَشِّرِينَ الذي عقد في القاهرة لم يفته البحث في حركة الإصلاح التي دخلت في مسلمي الهند والإشارة إلى «السير سيد أحمد خان» زعيم تلك النهضة وما تبذله مدرسته الإسلامية في «عليكر» ومؤتمر التربية الإسلامية. ولقد خطب القسيي «وِيْتْبْرِ تْشْتْ» في مؤتمر القاهرة بموضوع «الإسلام الجديد» فذكر أن تعاليم أوروبا تقرب المسلمين من النصرانية. ثم قال:
١ - يجب علينا أن ننشئ جسرًا فوق الهاوية التي تفصل بين العناصر، وللتوصل إلى ذلك يجب أن ننتفع من وجود الطلبة المسلمين في إنكلترا.
٢أن يدرس الإنجيل علىحدة أو على جماعات قليلة العدد.
٣ - أن تلقى محاضرات ودروس منظمة بمراقبة رجال ممتازين، وأن تصرف العناية إلى المناقشات.
٤ - توسيع نطاق المطبوعات بالأوردية مثل مجلة "ترقي "وأن يترجم تاريخ التوراة للدكتور بْلاَكِي وأن يتذرع لترويج ذلك بنشر الجرائد والكتب الإنكليزية التي يأنس بها المسلمون المتعملون.


بِلاَدُ التُّرْكِ العُثْمَانِيَّةِ:
وضع القسيس «أناتوليكوس» تقريرًا في هذا الموضوع لخص فيه أعمال وحركة التبشير في بلاد الترك العثانية ولم يتوسع في تقريره لأن هناك أسبابًا سياسية وغير سياسية تمنعه من ذلك ومما قاله: إن الكتاب المقدس راجت نسخ ترجمته التركية رواجًا حسنًا وهي 

مطلوب فيدل كاسترو فورا للعمل في مصر بشروط مغرية‎ 2

$
0
0

 

كان وزير الدفاع هو السياسي البافارى القوي فرانس يوزف شتراوس. وكان عمره وقتها يقارب الخمسين عاما وله ماض سياسي لامع فى السياسة المحلية فى بافاريا حيث كان الحزب الذى أسسه يتمتع بأغلبية مطلقة فى برلمان تلك الولاية. وشتراوس رجل حاد الذكاء سريع البديهة منطلق الكلمة وله نظرة ستراتيجية ثاقبة وكان هو المرشح المرتقب لتولي منصب المستشار بعد تقاعد المستشار العجوز كونراد آديناور الذى كان قد إقترب من التسعين من العمر. وقد أغرت كل تلك العوامل شتراوس بغواية السلطة فطلب من المستشار أن يتصرف بمفرده وأن يمنحه التفويض بذلك، وحصل بالفعل عليه تليفونيا.

أصدر شتراوس أوامره بإغلاق صحيفة دير شبيجل بمقتضي سلطة لا يملكها وزير الدفاع وكذلك أمرا بضبط وإحضار مؤسس الصحيفة وصاحبها ورئيس التحرير خصمه اللدود رودولف آوجشتاين وكذلك الصحفى الذى حرر المقال وأجرى اللقاءات مع ضباط الجيش الألماني. وكان الصحفي يقضي إجازة فى إسبانيا فاتصلت الحكومة الألمانية بالسلطات الإسبانية طالبة توقيفه وإعتقاله وإعادته إلى ألمانيا. وقد تم ذلك بالفعل. ولكن عندما عاد الصحفي إلى ألمانيا وعرض على النيابة بتهمة إفشاء أسرار الدفاع عن الدولة وتعريض مصالحها للخطر، هو ورئيس التحرير، إشتعلت الدنيا خارج مبني النيابة وقامت المظاهرات تطالب بالكف عن تدخل الدولة فى شأن النشر الصحفي وكانت تنعي على الألمان فقدانهم لحريتهم فى المعلومات وأن هتلر الجديد أضحي على الأبواب علي هيئة وزير دفاع يدعي شتراوس وكان المجتمع فى حالة شبه ترقب لأي شرارة تؤدي لإشعال نيران المعارضة حيث أن الجيل الذى حضر الحرب العالمية رجالا ناضجين لم يكن يريد إفساح الطريق للأجيال التي تليه وكان يتمسك بإدارة مرافق الدولة على نفس النهج القديم الذى كان متواجدا منذ العهد القيصري المحافظ.

وعند فحص الإتهام تأكدت النيابة أن النشر لم يهدر أي أسرار عليا للدولة (كان هلموت شميدت قد تكفل بذلك عندما راجع المقال قبل نشره) وبالتالي سقطت التهمة عن الصحفيين وأخلي سبيلهما.  ولكن...

ولكن شتراوس أصبح هو المتهم الأول بالتعدي على الأسس الديموقراطية للمجتمع وعلى الدستور وبتجاوز السلطة وبتدخل المؤسسة الدفاعية فى الحياة المدنية. وفي خطاب أبيه الروحي آديناور فى البرلمان حاول أن يدافع عن شتراوس ويبرر لجوئه إلى تلك الإجراءات الدراكونية فقال عبارته الشهيرة 

Wir haben einen Abgrund von Landesverrat im Lande!!

وهي ما يمكن ترجمته إلى "إن لدينا هنا هوة سحيقة من خيانة الوطن!! وقد كان بالطبع يقصد مجلة دير شبيجل، فقاطعه الأعضاء من صف المعارضة وهللوا وضحكوا من كلامه وكان موقفه محرجا للغاية. وقد إضطر شتراوس للإستقالة والتضحية (مؤقتا) بأحلام المستشارية وخلافة آديناور حيث أنه لم يذكر أنه قد حصل على تصريح من آديناور بالقيام بهذه الإجراءات حماية لمكانة أبيه الروحي وكذلك أنكر آديناور أنه أعطاه الإذن، ولم يعرف الناس هذه الحقيقة إلى بعد ذلك بوقت طويل.

وكانت هذه آخر مرة تتدخل فيها الدولة فى عمل الصحافة فى المانيا الإتحادية وهي تحتفظ منذ يومها بموقف المتفرج على ما تنشره الصحافة الحرة المملوكة للقطاع الخاص.

 

والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكل الدول الديموقراطية لا تخرج الممارسة العامة فيها عن هذه القاعدة التي إستقرت عقب قضية دير شبيجل وأضحت تقليدا دستوريا وقانونيا فى كل الغرب.

وهذه الصحافة الحرة المتنافسة فيما بينها والمنحازة إلى هذا الحزب السياسي أو ذاك هي ما أطلق عليه هنري كيسنجر فى حديثه مع شواين لاي وسائل إتصالنا بالجماهير أو المواطنين.. أي أنها لا تتبع الدولة ولكن الدولة تتابع ما ينشر فيها ولا تتدخل.

ولهذا الغرض نجد الخطب السياسية فى الغرب شحيحة وقصيرة. فالسياسيون المنتخبون لا يتحدثون بطريقة مباشرة للشعب إلا فى مناسبات قليلة مثل إعلان حالة التأهب أو إعلان منطقة كوراث أو التهنئة بعيد الميلاد أو العيد القومي أو حالة الإتحاد فى أمريكا وكلها أمور إما طارئة أو معروفة مسبقا. أما الأمور التي يشتد فيها النزاع السياسي فيترك أمرها للإعلام ليقوم بإبلاغ الشعب بها من كافة وجوهها وتبعا للميل السياسي لتلك المحطة أو تلك الصحيفة مثل التأمين الصحي فى أمريكا أو تفويض الجيش الألماني فى حروب خارجية فى ألمانيا إلخ..

 

والآن نعود إلى مصر..

وأول سؤال يخطر علي الأذهان هو: ما علاقة كل ما سبق بمصر أولا وبالرئيس كاسترو ثانيا؟

والجواب هو أن ما سبق كان الهدف منه بيان أن الإتصال بالجماهير والمواطنين من كل الأعمار والطبقات الإجتماعية هو مما لا يستطيع أي نظام سياسي أن يستغني عنه بل يجب أن يحافظ على بقائه بنسبة 100% إن أمكن. وكل خصم يقع على هذه النسبة هو خطر على النظام بنفس النسبة بل وربما بنسبة أعلي منها.

وأهم سبب أدي إلى إنهيار وفشل نظام حسني مبارك كان إغفال اهمية تلك الحقيقة الأسايسة الحيوية الهامة. فعلي مدي 30 عاما قضاهم حسني مبارك فى الحكم لم يعرف عنه أبدا أنه خاطب الشعب أو حاول أن يقضي وقتا ملموسا فى شرح أبعاد القضايا السياسية لهذا الشعب.

كذلك لم يغير المجلس الأعلي للقوات المسلحة من ذلك الوضع العقيم شيئا، بل ظلت طريقة الحكم تسير علي نهج حسني مبارك من إهمال القيام بهذا الواجب الهام.

أما حكم الإخوان والرئيس محمد مرسي فقد جاء أكثر كارثية حيث أنه لم يقم بتوجيه خطاب واحد فقط بطريقة عامة للناس، بل كان يتوجه بخطابه فقط إلى جماعته وأنصاره وكأن هذا هو كل ما يعنيه. كما أنه كان يرسل المراسيل والمندوبين إلى عواصم الدول الغربية الكبري ويعني جدا بالحديث إليها والإصغاء إلى صوتها بينما لم يكن يهتم بالحديث إلى من قاموا بانتخابه ومن أعطوه سلطته بل ومن يدفعون مرتبه!!! كثر مما يعني بالحديث إلى من إنتخبوه وأعطوه سلطته ويدفعون مرتبه !!!ولو دقق محمد مرسي فى الأمر لأدرك أنه كان الرئيس  الوحيد الذى حصل على أغلبية – ولو ضئيلة للغاية – فى إنتخابات حرة وليس بها تزوير. وبما أن نسبته كانت فى حدود أقل من 52% فقد كان لزاما عليه أن يحاول تحسينها بالتقرب من الناس وخطب ودهم وشرح مواقفه السياسية وعرض أفكاره إن كانت لديه أفكار.. ولكنه كعادة كل من تربي فى عهد حسني مبارك أهمل أداء ذلك الواجب، ولهذا لم يقف أحد ممن قاموا بانتخابه إلى جانبه حين حلت ساعة أجله السياسي.

والرئيس السيسي ليس له موقف واضح من هذا الأمر حتي الآن رغم أنه فى الحكم منذ نصف عام تقريبا.

وهكذا إنقضي ثلث قرن بالتمام والكمال منذ أن تحدث رئيس مصري إلى شعبه مصارحا ومكاشفا وشارحا وطالبا منه تضحية أو مواقف، وهو الرئيس أنور السادات الذى خاطب الشعب لآخر مرة قبل مقتله عام 1981-  سواء كان علي حق أو على باطل - لكنه قام بأداء هذا الواجب الهام ولم يهمله.

وإذا كنا نتهكم أحيانا على رؤساء النظم الإشتراكية مثل فيدل كاسترو فى أنهم يطيلون الحديث جدا للشعب ويستفيضون فى عرض وجهات نظرهم، فلعمرى هذا أفضل كثيرا من النظم التي مرت بمصر منذ عام 1981 والتي لم يهتم رؤساؤها إلا بالحديث مع العالم الخارجي وأهملوا القيام بواجبهم الأساسي.

«الورقة الأميركية» رقماً في معادلات إيران الداخلية

$
0
0

يفصلنا أسبوع واحد عن انتهاء المهلة التفاوضية بين إيران والدول الست الكبرى حول الملف النووي الإيراني، وفي هذه الأيام تتزاحم آمال الطامحين في التوصل إلى حل سلمي مع أمنيات الراغبين بفشل المفاوضات. ولا تقتصر تلك الآمال والأمنيات على الأطراف المتفاوضة، بل تمتد إلى الساحة الإقليمية التي تترقب النتيجة بقلق كبير. ومرد ذلك أن نتيجة هذه المفاوضات، التي تضع واشنطن وطهران في مواجهة بعضهما البعض تفاوضياً، ستؤثر تأثيراً ملحوظاً في موازين القوى في المنطقة، إما بتقنين حضور إيران الإقليمي أو محاصرته أكثر. ومع أهمية البعد الإقليمي في المفاوضات الإيرانية - الأميركية، يُظهر تقليب النظر في مسار العلاقات الإيرانية - الأميركية خلال العقود الماضية أن «الورقة الأميركية» لا تقتصر أهميتها فقط على البعد الإقليمي، بل تمتد في الواقع إلى عمق المعادلة الداخلية الإيرانية. وكشفت أحداث السنوات الخمس والثلاثين الماضية أن «الورقة الأميركية» كانت - وما زالت - وسيلة ممتازة بيد التيارات السياسية المتنافسة لحشد الحلفاء ومحاصرة الخصوم، وقلب المعادلات الداخلية الإيرانية. وإذ حلّت هذا الشهر ذكرى احتلال السفارة الأميركية في طهران العام 1979، تلك التي افتتحت لأول مرة لعبة «الورقة الأميركية» في معادلات إيران الداخلية، يصبح ضرورياً تحليل الكيفية التي لُعِبَت فيها هذه الورقة من وقتها وحتى الآن؛ للخروج باستنتاج مهم حول السيناريو المرجح لنتيجة المفاوضات مع انتهاء المهلة التفاوضية الأسبوع المقبل.

احتلال السفارة الأميركية
ومفاصل الدولة الإيرانية

افتتح احتلال السفارة الأميركية في طهران في الرابع من تشرين الثاني العام 1979، فصلاً جديداً من العلاقات الإيرانية - الأميركية. حينذاك كانت الثورة الإيرانية قد انتصرت، وهرب الشاه من إيران وعاد الإمام الخميني إلى بلاده من منفاه، وتم تحييد الجيش وشكلت الحكومة الانتقالية لإجراء الاستفتاء على الجمهورية. في هذه اللحظة التاريخية وجدت العملية السياسية وعملية التغيير الثوري نفسهما في أزمة مستحكمة، كان عنوانها المؤسسي الصراع بين مجلس الثورة الموالي للإمام الخميني والحكومة الانتقالية بقيادة مهدي بازركان. أما العنوان السياسي البارز وقتها فكان الصراع الدائر بين أنصار نظرية «ولاية الفقيه» بقيادة الإمـام الخمـيني من ناحية، وباقي التيارات السياسية الإيرانية المعارضـة للنظرية، وعلى رأسها التيار القومي الليبرالي والتيار اليساري بتنويعاته، من ناحية أخرى. يومها اندفع مئات من «الطلبة السائرين على خط الإمام» إلى داخل السفارة الأميركية، متخذين من الديبلوماسيين الأميركيين رهائن. وبالتوازي مع احتلال السفارة، جرت تصفية كاملة لليسار من المشهد السياسي الإيراني، مع استبعاد الجناح القومي الليبرالي من الحكومة وإنكار دوره في انتصار الثورة. وبزخم احتلال السفارة ولعب «الورقة الأميركية»، تم تمرير ومأسسة «ولاية الفقيه» في الدستور الإيراني، فأحكم التيار الديني قبضته على مفاصل الدولة الإيرانية بالكامل.

«الورقة الأميركية»
من رفسنجاني إلى أحمدي نجاد

استمرت «الورقة الأميركية» جزءاً لا يتجزأ من صراعات إيران الداخلية، فبعد وفاة الإمام الخميني وتولي السيد خامنئي منصب الإرشاد، صعد رفسنجاني إلى منصب رئيس الجمهورية لفترتين متتاليتين (1989-1997). ومع نهايات فترته الرئاسية الثانية، جاهر رفسنجاني بأهمية تحسين العلاقات الإيرانية - الأميركية بغرض استعمالها كأداة، في ما بدا وقتها صراعاً مكتوماً بينه من ناحية وبين السيد خامنئي والتيارات المتشددة من ناحية أخرى. ثم عاد الأمر ليتكرر بطريقة أخرى مع انتخاب محمد خاتمي رئيساً لإيران العام 1997، خلفاً لرفسنجاني. حظي خاتمي وقتها بدعم قيادات «الطلبة السائرين على خط الإمام»، هؤلاء الذين تحولوا من اتخاذ الديبلوماسيين الأميركيين رهائن العام 1979 إلى المناداة بتحسين العلاقات مع أميركا في بداية الألفية الجديدة. هنا يبلغ التحليل الخاص بأهمية «الورقة الأميركية» في معادلات إيران الداخلية ذروة كفايته التفسيرية، إذ ان احتلال السفارة ثم المطالبة بعد عقدين بتحسين العلاقات مع أميركا من قِبَل الأشخاص ذاتهم، لا يعكس تحولاً عقائدياً أو «توبة فكرية»، بقدر ما يشي بمعاودة هؤلاء استخدام «الورقة الأميركية» استخداما مغايرا وبهدف واحد: تغيير موازين القوى الداخلية المائلة لمصلحة خصومهم المحافظين.
اللافت أن قيادة «الطلاب السائرين على خط الإمام» المحتلة للسفارة الأميركية العام 1979 ضمت كل قيادات التيار الإصلاحي المؤيد لخاتمي بعدها: إبراهيم أصغر زاده ومحمد رضا خاتمي وسعيد حجاريان ومعصومة ابتكار وحبيب الله بيطرف وعباس عبدي ومحسن ميردامادي وغيرهم. وبتقليب النظر في هذه الكوكبة من السياسيين، نلاحظ أن إبراهيم أصغر زاده كان من قيادات «حزب التضامن الإسلامي الإصلاحي»، أما محمد رضا خاتمي فهو شقيق الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي والزعيم التاريخي لـ«جبهة المشاركة الإصلاحية»، في حين أن سعيد حجاريان عمل في وزارة الاستخبارات أثناء فترة رئاسة خاتمي الأولى وتعرض لمحاولة اغتيال بعدما صار الدماغ الاستراتيجي في معسكر الإصلاحيين، أما معصومة ابتكار فقد كانت نائبة الرئيس خاتمي، فيما كان حبيب الله بيطرف وزيراً للطاقة في حكومة خاتمي الإصلاحية.
لم يكن توظيف «الورقة الأميركية» في تعديل التوازنات الداخلية الإيرانية حكراً على التيار الإصلاحي، إذ إن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد حاول بدوره استعمالها في توقيت داخلي صاخب. وقد بعث أحمدي نجاد بأكثر من رسالة رسمية إلى الجالس في البيت الأبيض الأميركي، وخاصة في فترة ولايته الثانية ابتداء من العام 2009 التي فَتُرَت فيها علاقته تماماً مع السيد خامنئي. لم تسمح المؤسسات الإيرانية المعادية لأحمدي نجاد وقتها بلعب «الورقة الأميركية»، فأطاحته من السلطة عملياً قبل انتهاء ولايته الرسمية. كما أن تصريحات أحمدي نجاد النارية ضد إسرائيل، كبحت قدرته الموضوعية على استعمال «الورقة الأميركية» بفعالية، مقارنة بخاتمي أو حتى رفسنجاني.

«الورقة الأميركية» في عصر روحاني

يمثل الرئيس حسن روحاني تطوراً نوعياً في لعب «الورقة الأميركية» بالصراع الداخلي الإيراني؛ فالرجل لم ينتظر حتى استقراره في كرسي الرئاسة ليستعملها كما فعل سابقوه، بل استخدمها مبكراً جداً في دعايته الانتخابية. وكان لافتاً أن يؤيد زعماء «الطلبة السائرين على خط الإمام» المرشح الوسطي روحاني بسحب المرشح الإصلاحي محمد رضا عارف من السباق الرئاسي 2013، وبالتنظير لانفتاح إيران على أميركا. أيد الإصلاحيون روحاني، مثلما أيدوا خاتمي من قبله، وفي الخلفية هدف واحد: تعديل موازين القوى الداخلية في إيران في مواجهة المؤسسات المحافظة والعسكرية المعادية لهم. ومع زيارة روحاني إلى الأمم المتحدة بعد أشهر قليلة من انتخابه رئيساً، والمكالمة الهاتفية الشهيرة التي أجراها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارته نيويورك، فقد كان اختراق روحاني الأكبر حتى الآن في العلاقات الإيرانية - الأميركية منذ حادثة احتلال السفارة الأميركية العام 1979. بالطبع لعب تغير البيئة الإقليمية في المنطقة وحضور إيران المتعاظم في الإقليم دوراً ملحوظاً في تسهيل الانفتاح على أميركا، إلا أن هذا الانفتاح لم يخلُ على الجانب الإيراني من أغراض داخلية. ومثّل الانفتاح على أميركا، بغرض إضعاف المؤسسات والتكتلات الراديكالية المنافسة، جانباً هاماً من سياسات روحاني حتى الآن. ويقول التقدير الواقعي لموازين القوى إنه برغم التقدم الذي أحرزه روحاني في هذا المضمار، فما زالت المؤسسات المحافظة تعرقل مساعيه بوسائل شتى، ولكنها لم تفلح مع ذلك في تخريب هذه المساعي حتى الآن. باختصار، ما زالت «الورقة الأميركية» أحد أمضى الأسلحة التي يمتلكها روحاني في مقابل خصومه داخل إيران.

الخلاصة

تعد «الورقة الأميركية» أداة مهمة لتعديل التوازنات الداخلية الإيرانية، وقاسماً مشتركاً في استخدامها بين رؤساء إيران على اختلاف ميولهم السياسية، سواء عبر التصادم مع واشنطن عند احتلال السفارة العام 1979، أو إطلاق دعوات التهدئة زمن رفسنجاني والحوار في عصر خاتمي والتفاوض من بعدها في عصر روحاني. لا يعني ذلك أن روحاني والوفد الإيراني المفاوض سيرفعان الراية البيضاء أمام مفاوضيهم للوصول إلى اتفاق بأي ثمن قبل انتهاء المهلة للحفاظ على «الورقة الأميركية»، إلا أن فشل المفاوضات النووية سيرتب تبعات سلبية متنوعة على إيران ورئيسها حسن روحاني. من بين هذه التبعات السلبية أن تتبخر «الورقة الأميركية» في يد روحاني بمواجهة منافسيه المحليين، الذين سيستخدمون الفشل كأداة للضغط عليه وعلى تياره. تأسيساً على ذلك، فالأرجح أن يفعل الوفد الإيراني المفاوض كل ما في وسعه لتجنب إعلان فشل المفاوضات أو رفع الراية البيضاء، فلا يتبقى في ضوء ذلك سوى التوصل إلى «اتفاق جزئي» يمدد المفاوضات لمهلة زمنية إضافية!

الصين تخترق «دولة الخلافة» من حواسيب أميركا

$
0
0

هل تحاول الصين الدخول على خط «الخلافة الإسلاميّة» ودولتها المعلنة فجأة في العراق وسورية، عبر اختراقها حواسيب خبراء أميركيين في الشأن العراقي؟

 

ففي زمن ما بعد تسريبات «ويكيليكس»، في أوقات ما بعد فضيحة التجسّس الأميركي الشامل على العالم التي فجّرها خبير المعلوماتية إدوارد سنودن، صارت السياسة مساحة مختلطة بين وقائعها ومعطيات التقنيّات المعلوماتية.

وفي مطالع العام الحالي، سارت الأمور في اتجاه أكثر لطافة، لكنه ليس أقل قوة، عبر مناورات افتراضية مشتركة بين الصين وأميركا.

ويبدو ان التعاون لا يتعارض مع التنافس في منطق تجاذب النفوذ بين القوى الكبرى، فتستمر الاختراقات والاختراقات المضادة، تحت سقف العلاقات المتشابكة بين تلك القوى.

 

والأرجح أن مجريات «دولة الخلافة» في العراق، ليست بعيدة عن تلك الصورة. إذ أعلنت شركة أمنية أميركية أمس أن مجموعة متمرسة من الـ «هاكرز» الذين ربما كانوا يلقون رعاية الحكومة الصينية، اخترقوا أجهزة الكومبيوتر لخبراء معنيين في الشأن العراقي. وجاء الإعلان بعد أيام قليلة من اجتياح «داعش» مناطق واسعة في وسط العراق وشرق سورية، وإعلان «دولة الخلافة» فيها.

 

يبدو أن الدول المعاصرة وعلاقاتها دخلت زمن «الواقع المعزّز بالافتراضي»، بمعنى أنه بات من العسير فصل البعد الافتراضي عن مجريات السياسة ووقائعها.

 

وأعرب دميتري ألبيروفيتش، مؤسس شركة «كراود سترايك»، عن ثقته بأن مجموعة سمّاها «ديب باندا» (في إشارة إلى إمكان ارتباطها بالحكومة الصينية)، اخترقت حواسيب خبراء أميركيين في الشأن العراقي، لكنه أحجم عن تقديم مزيد من التفاصيل.

 

وأشار إلى أن «ديب باندا» نظّمت هجوماً على وثائق إلكترونية لخبراء أميركيين يعملون في معاهد بحوث متخصّصة في الشأن العراقي، بالتزامن مع اجتياح «داعش» مصفاة بيجي العراقية، في 18 حزيران (يونيو) 2014.

وبحسب «كراود سترايك» سبق للمجموعة عينها أن استهدفت لسنوات خبراء أميركيين في الشؤون السياسية لقارة آسيا التي تشهد تجاذباً بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.

 

وأوضحت الشركة أن المجموعة هي واحدة من 30 جماعة متمرّسة في اختراق الكومبيوتر، تتعقبها الولايات المتحدة ، مع وجود دلائل على تمترسها في الصين.

 

في سياق الصراع في الفضاء الافتراضي للانترنت، يبدو سجل الصين «حافلاً»، خصوصاً في علاقاتها مع الولايات المتحدة، لأنها الدولة الأكثر توسّعاً في استخدام الانترنت كمساحة لقوة الدولة ونفوذها. قبل سنوات، شكت أميركا من أن الصين رعت عملية «أورورا» التي تضمّنت اختراق مجموعة من الـ «هاكرز» مواقع علمية واستخباراتية وعسكرية واقتصادية أميركية.

وتحرص الصين دوماً على التذكير بأنها لا ترعى رسميّاً مجموعات محترفة من الـ «هاكرز»، وأنها ليست المصدر الوحيد لهجمات الـ «هاكرز»، خصوصاً الهجمات الإلكترونيّة التي تحمل طابعاً سياسيّاً.

 

في المقابل، عبّرت الولايات المتحدة عن اقتناعها بأن الحكومة الصينية إنما تمارس سياسة التنصّل في شأن هجمات الـ «هاكرز»، بمعنى أنها تحرص على التمويه على العمليات التي ترعاها فعليّاً. ولم تتردّد الصحافة الأميركية في الإشارة تكراراً إلى وجود وحدات في «جيش التحرير الصيني» تخصّص في اختراق نظم الكومبيوتر وشبكاته عالميّاً.

 

ورفضت وزارة الخارجية الصينية المعطيات المتصلة باختراق حواسيب خبراء أميركيين بالشأن العراقي بأكملها. وكعهدها، أكّدت الحكومة أنها تعارض التسلل الإلكتروني وهجمات الـ «هاكرز»، نافية التقارير المتواترة عن علاقتها باختراق أجهزة الخبراء الأميركيين الشأن العراقي.

Viewing all 560 articles
Browse latest View live