Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

لقاء أول مع الصخور الثلجيّة في المجموعة الشمسية "روزيتا"ترافق مذنّبـ"ها"إلى الشمس احتفاءً بخمسينية "إيزا"!

$
0
0

 
 
(ظهر في "الحياة"يوم 6 آب 2014)
 
كأنها قصة قادمة قادمة من "ألف ليلة وليلة". إنها تتحدث عن سعي للقاء عبر طيران في السماء دامت عشر سنوات، بل تضمّنت "نوماً"قارب الألف ليلة، قطعت خلالها 6 بلايين كليومتر بين النجوم، للقاء "الحبيب"والسير معه نحو الشمس! وتسمّى تلك المرتحلة الهائمة "روزيتا"، وإسمها مقتبس من إسم "حجر الرشيد"الشهير الذي مكّن العالم الفرنسي جان- فرانسوا شامبليون من تفكيك شيفرة اللغة الهيروغليفية التي استخدمها الفراعنة، وهم اشتهروا بشغفهم الهائل بألغاز النجوم وخفاياها الساحرة. وفي منتصف الشهر الفائت، التقطت صورة لذلك "الحبيب"، بكاميرا إسمها "أوزيريس"وهو إله فرعوني اشتهر بقصة حبه لـ"إيزيس".
وعلى رغم رومانسية الكلمات السابقة، إلا أن ذلك "الحبيب"القاسي يبدو بارداً تماماً، بل أن حرارته تتدنى إلى 70 درجة تحت الصفر، إضافة إلى كونه معوج الجسم، بل أنه يشُبّهَ عجينة من قطعتين لصقتا ببعضهما بعضاً. وكي لا تكون الكلمات ظالمة، يجب القول أن الخبراء بالإبحار صوب الشمس، لا يرون في تلك الدرجات برودة، بل يعتقدون أنها "دافئة"نسبياً!
 
ربما تبدو الأمور أكثر وضوحاً، عند ترك لغة التشبيه والاستعارة، لمصلحة الحديث بلغة تألّق العقل الإنساني، عن جهود علمية صارمة استمرت عشر سنوات، قادتها "وكالة الفضاء الأوروبية" ("إيزا" ESA) بالتعاون مع نظيرتها الأميركية "ناسا"الذائعة الصيت.
وبالتزامن مع احتفال "إيزا"بمرور نصف قرن على تأسيسها، تلاقي المركبة الأوروبيّة "روزيتا"ومذنّب "67/بي شيريميوف- غيراسيمنسكي" 67P/Churyumov–Gerasimenko . وعمد "المركز الأوروبي لقيادة عمليات الفضاء" (مقرّه مدينة "دارمشتات"الألمانيّة)، إلى إطلاق مسابقة للصور عبر موقعه الشبكي، عن ذلك اللقاء الفضائي، حملت شعار "روزيتا: وصلنا".
 
ولإزالة سوء الفهم، لن يكون اللقاء الفضائي تلامساً بين الأجسام، بمعنى أن "روزيتا"لن تلامس المذنّب "67/بي"! ويحصل اللقاء بمعنى أن المركبة تدخل في مسار حول المذنّب، بعد أن تنهي عملية الدفع والكبح فيها. وتقترب المسافة بينهما. وبعد أن كانا على بعد 6 بلايين كيلومتراً في العام 2004، عند انطلاق "روزيتا"، تتقلص تلك المسافة إلى 100 كيلومتر. الأهم أن المركبة لن تعود تعمل بآلية خاصة، بل يمسكها الحقل المغناطيسي للمذنّب. وتتباطئ سرعة المركبة لتصل إلى قرابة 1.5 كيلومتراً في الساعة، لكنها ترسم مداراً قطره ثلاثين كيلومتراً حوله.
بقول أكثر نعومة، تستسلم "روزيتا"لقوة جاذبية المذنّب "67/بي"، فتغدو أسيرته، بل تدور حوله فيما يندفع المذنّب في رحلته حول الشمس، ككل المذنّبات.
 
أرشيف كوني متجمّد
 
 
خلال الـ2500 سنة الفائتة، اقترب قرابة 2000 مذنب من الأرض.
لماذا اختارت "إيزا"المذنب "67/بي"؟ عندما اكتشف في العام 1969، لاحظ العلماء أن اقترابه من كوكب المشتري العملاق أدى إلى تغيير مساره ليرسم قوساً إهليلجيّاً حول الشمس. وبقول آخر، يقدّر العلماء أن المذنّب استمر منذ ولادته عند تكوّن المجموعة الشمسيّة (قبل 4.6 بليون سنة)، وهو في البرودة والظلام بعيداً عن تأثير ضوء الشمس، ما يجعله أرشيفاً كاملاً عن تاريخ المجموعة الشمسية وتطوّرها.
 
وتحمل "روزيتا" 21 جهازاً لدراسة تركيبة المذنّب وقوة جاذبية حقله المغناطيسي ودرجة حرارته. واستطاع عبور الـ6 بلايين كيلومتراً بالاستفادة من دورانها، كحجر في مقلاع، حول الأرض ثم المريخ. وفي معظم الوقت، كانت محرّكاتها مطفئة، فبدت كأنها "الجميلة النائمة"! وعند مطلع العام الحالي، أعيد تشغيل محركاتها بعد نوم استمر 957 يوماً. واقتربت تدريجياً من المذنّب "67/بي"، قبل أن ترافقه في مدار ثابت لا يبعد عن سطحه سوى 100 كيلومتراً.
 
وفي تشرين ثاني- نوفمبر المقبل، تطلق "روزيتا"روبوت فضاء إسمه "فيلاي"، فيهبط بتؤدة على سطح المذنب، كي يبدأ دراسة مكثّفة له. والأهم، أن الروبوت و"روزيتا"يكونان جاهزين، بالكاميرات والمجسات وآلات الاستشعار، عندما يقترب المذنّب "67/بي"من الشمس، ويبدأ ثلجه في الذوبان.
 
وعندها، ينطلق منه ذيلان. ويكون أحدهما مستقيم ومكوّن من ذرات ماء مكهربة، بمعنى أنها مشحونة بالأيونات. ويتّخذ الذيل الآخر الشكل المقوّس المعروف الذي ترسمه المذنّبات خلفها عند رؤيتها من الأرض، وهو مكوّن من رذاذ أساسه بخار الماء مع بعض الصخور والأتربة.
ويدرس الروبوت "فيلاي"تلك الظاهرة وهو متمركز على سطح المذنّب (مع متابعة من أجهزة "روزيتا")، فعيطي البشرية فرصة أولى لدراسة المذنّبات وذيولها بصورة مباشرة. ويتوقع أن يستمر "فيلاي"في عمله قرابة 6 شهور.
 
وفي السابق، درست المذنّبات بطرق غير مباشرة. ومن الأمثلة المعروفة أنه في العام 1986، استطاع المسبار الأوروبي "جيوتو"تصوير مذنّب "هالي"الشهير، من مسافة 600 كيلومتراً.

 

وبذا، تتميّز مهمة "روزيتا"بأنها دراسة مباشرة أولى للمذنّبات وتكويناتها ومتغيّراتها. وتتكفل مهمة "روزيتا"التي تنتهي في آب- أغسطس 2015، قرابة 1.4 بليون يورو.

Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles