بقلم : محمد السويسي
نظام الحد الأدنى للأجور فرضته النقابات العمالية بعد نضال طويل على اصحاب المصالح والمؤسسات الخاصة لقاء بدل عادل لجهد الموظف والعامل في معظم انحاء العالم ، خاصة في الدول الغربية باستثناء ألمانيا في الغرب والصين في الشرق .
ولو نظرنا الى تطبيقاته فإن في ذلك اختلال للعدالة كبير بحيث يساوي في الأجر بين المؤسسات والمصانع الكبرى وبين المؤسسات المتوسطة والصغيرة الفردية الناشئة لباعة الجملة والمفرق .
اما نتائجه فلقد إنعكست على العالم الغربي بانفجار الأزمة المالية والإقتصادية العالمية بما ادى الى اغلاق المصانع والمؤسسات الكبرى والمتوسطة بمعظمها وتشريد ملايين العمال والموظفين وذلك لتفاوت الأجور بين دول واخرى ، اي بين العالم الغربي وآسيا .
وبذلك انتقلت الرساميل الصناعية من الغرب الى الصين لتدني الأجور فيها ، وإلى ألمانيا لعدم وجود حد أدنى لأجور لديها ؛ لانه يستحيل تطبيق نظام عالمي لتوحيد الأجور نظراً لتفاوت مستوى المعيشة بين دولة وأخرى ، وهذه الإستحالة بما فيها عدم انصاف أدت الى تحويل الأموال لصالح الصين وألمانيا على إقتصاد حساب الدول الأخرى ونموها .
وهذ الخلل تتحمله الحكومات والمجتمعات الغربية لأنه كان من الخطأ الشديد وضع حد أدنى للأجر بما يؤدي الى تعميم البطالة وبالتالي التضخم بحيث أن اي زيادة في الأجر تؤدي إلى ارتفاع في اسعار السلع والخدمات بما ينتفي الإيجاب من الزيادة ، خاصة وان تحديد الحد الأدنى للأجور فيه سلبيات اكثر منه ايجابيات اذ لايمكن لمؤسسة ناشئة برأسمال متواضع ان تدفع اجوراً لمؤسسة ناشطة تزيد مبيعاتها الشهرية عن مبيعات مؤسسسة جديدة على مدى عام كامل ..
ومن هنا كان من الخطأ توحيد الحد الأدني للأجور ، اذ من أين يمكن للمؤسسة الناشئة بإمكانياتها المالية المتواضعة ان تدفع أجوراً موازية لمؤسسة ثرية قديمة ناشطة ؟!
لذا كان لابد من اعادة النظر في هذه التنظيمات وترك حرية تحديد الأجر لكل مؤسسة لحالها وفق امكانياتها ، اذ ان ذلك لايعني ان يكون الأجر قليلاً ، بل قد يكون مضاعفاً في بعض المؤسسات .
ويبقى الأهم وهو ان تحديد الأجور ادى الى تفضيل العامل الأجنبي الآسيوي لقلة أجره على العامل الوطني او المحلي تهرباً من مسؤوليات رسمية قد تترتب عليه لاقدرات له فيها ، بما يؤدي الى انهيار اقتصادي واجتماعي وزيادة في تنامي الفقر والبطالة مع تفشي الجريمه ان لم تتم المبادرة الى اصلاح الوضع .