Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Nostalgia 2

$
0
0

كانت قواعد السفر الخاصة بمواطني ألمانيا الشرقية تسمح بقضاء الإجازات فى "الخارج الإشتراكي"والمقصود به هو الدول الأجنبية الإشتراكية أي دول حلف وارسو فقط. وبسبب الطبيعة القاسية للجو فى ألمانيا كان مسموحا لهم بالذهاب لقضاء عطلة الصيف فى فارنا ببلغاريا (يعرفها بالطبع كثير من المصريين) أو المجر فى المزارع الخضراء الجميلة أو القرم فى الإتحاد السوفيتي وكلها تتبع دول تقوم علي حراسة الحدود حتي لا يهرب هارب. فقد كانت تهمة الفرار من الجمهورية   Republikfluchtموجبة للسجن وفقا لقانون العقوبات المطبق فى ألمانيا الشرقية وفي كثير من الأحيان مفقدة لحق حضانة وتربية الأطفال !!

وقد قصصت عليكم من قبل حكاية القاضية الألمانية الشرقية اليهودية HildeBenjamin  والتي كانت تثقل فى أحكامها على من يضبط بمحاولة الهرب ولا تاخذها بهم لا شفقة ولا رحمة رغم أنها شخصيا قد تعرضت لمحنة قاسية من الإضطهاد أثناء حكم هتلر.

كذلك كان الإنتحار مجرما فى ألمانيا الشرقية ولو أن المحاولة قد باءت بالفشل كان المتهم بمحاولة الإنتحار يعاقب أيضا بمقتضي قانون العقوبات بسبب "الإضرار بالمصلحة الإقتصادية للدولة عن طريق إهدار قوي عاملة"وكأن الشخص هو ملك من أملاك الدولة !!

هكذا كان التطبيق الإشتراكي فى ألمانيا الشرقية..

كان أكتوبر من عام 1989 هو الذكرى الأربعين لقيام جمهورية ألمانيا الديموقراطية. وبهذه المناسبة قام رئيس مجلس الدول السيد إريش هونيكر بدعوة لفيف من قادة العالم الإشتراكي لحضور الحفل الكبير المقام بهذه المناسب’ وبالطبع لم يغب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ميخائيل جورباتشوف عن الحضور.. ولكنه كان هذه المرة حضورا مختلفا عن كل ما سبقه من مناسبات حضرها صاحب هذا المنصب السوفيتي الرفيع فى أي بلد إشتراكي شقيق.

كان جورباتشوف أو جوربي كما كان يحلو للصحفيين الغربيين أن يطلقوا عليه، كان قد أطلق مبادراته المتعددة لتحديث وجه الإشتراكية العلمية فى الإتحاد السوفيتي وكان من بدايات الدعوات إلى هذا الإصلاح الجهر بأن الإتحاد السوفيتي يواجه مشكلة الفودكا، وهي المشروب الكحولي القوي الذى كان إدمانه يسبب خسارة إقتصادية كبيرة للإتحاد السوفيتي.

وقد جاء هذا الإعتراف من جانب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي صادما للكثيرين داخل الإتحاد السوفيتي وبالطبع خارجه فى العالم الغربي.. فهاهو أكبر رأس فى المعسكر الشرقي يعترف بوجود نواقص إجتماعية فى مجتمع جنة العمال والفلاحين والمساواة والقضاء على المتطفلين !!

ثم جاء الإعتراف الثاني متمثلا فى سياسة المكاشفة وهو اللفظ الذى أطلق عليه بالروسية جلاسنوست وهو يعني أن هناك أخطاء لابد من الحديث عنها بصراحة وبدون مواربة وبطريقة شفافة.

وأخيرا جاء الإعتراف الثالث وهو أقواهم جميعا، وهو ما أطلق عليه وقتها بيريسترويكا، أي إعادة البناء..

وإعادة البناء كلمة قاسية الوقع حيث أنها تعني أن كثيرا مما هو قائم إنما هو قائم على أساس خاطىء أو علي غير أساس، وفى كلي الحالتين لابد من البدء من جديد..

وعلي قدر صحة هذه التشخيصات الجورباتشوفية للوضع الداخلي في الإتحاد السوفيتي جاءت الصدمة للمتشددين داخل الإتحاد السوفيتي وللحرس القديم داخل المجتمعات الإشتراكية الأخرى ومن بينها بالطبع ألمانيا الشرقية.

كان إريش هونيكر رجلا يقترب من الثمانين من العمر وقد قضى ردحا من حياته فى الشباب مناضلا ضد النازية فى ألمانيا ثم دخل السجن فترة طويلة حتي جاءه الخلاص بالهزيمة الماحقة للرايش الثالث علي يد الجيش الأحمر وإحتلال برلين حاضرة ذلك الرايش الذى قال عنه مؤسسه أدولف هتلر أنه سيدوم لألف عام، فلم يدم سوي ست سنوات فى السلم وست سنوات فى الحرب !!


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles