بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب هام وخطير، يتحدَّث فيه أعداء الإسلام بصراحة عن كل مخططاتهم لهدم هذا الدين واستعباد أهله، قام بنشره منذ سبعة وثلاثين عاماً أستاذنا الفاضل الحبيب السيد محب الدين الخطيب وصدر عن (المطبعة السلفية ومكتبتها) التي أنشأها الرجل الكبير في القاهرة لما يعلمه من خطورة الفكر والثقافة التي أصبحت اليوم من أفتك أسلحة العمل السياسي ...
واليوم، يسعد هذه (الدار السعودية للنشر) أنْ تصدر الطبعة الثانية لهذا الكتاب من مهبط الوحي ومهد القداسات لتُذّكِّر الغافلين وتُوقظ النائمين، ولتردِّد من جديد صرخة أستاذنا الجليل السيد محب الدين الخطيب جزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة الطبعة الأولى]:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد الهُداة والدُعاة والمصلحين، سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
في يوم من أيام سنة ١٣٣٠ هـ - وكنتُ أشتغل في تحرير "المؤيد " - أقبل عليَّ زميلي السيد مساعد اليافي وقال: شيء جديد لم أكن أتوقعه!
قلت: وما هو؟
قال: إنَّ ("مجلة العالم الإسلامي " la Revue du monde musulman ) التي كانت إلى الآن مجلة اجتماعية أدبية، تحولت
في هذا الشهر إلى مجلة تبشيرية. انظر، إنها أصدرت عددًا ضخمًا ليس فيه غير بحث واحد، وهو بحث تبشيري يدور حول ما تقوم به إرساليات التبشير البروتستانتية في العالم الإسلامي وما قيل في المؤتمرات التي عقدتها تلك الإرساليات في أوقات مختلفة. وقد جعلت المجلة عنوان هذا البحث (الغارة على العالم الإسلامي) أو (فتح العالم الإسلامي).
قلت له: إنَّ المجلة الفرنسية بنشرها هذا العدد الخاص بأعمال المُبَشِّرِينَ البروتستانت تقول للمبشرين الكاثوليك: أنظروا كيف سبقكم الآخرون إلى الغارة والفتح، فيجب أنْ تضاعفوا جهودكم وتنظروا في أساليبهم فتستفيدوا منها. ونحن أيها الأخ - بصفتنا مسلمين - يجب علينا أنْ نعلم ما يكيده لنا هؤلاء وأولئك، وأنْ نجعل أمتنا على علم بما يُنصب لها من شراك وما يبيَّتُ لها من شر. فأقترح عليك أنْ تترجم فصول هذا البحث فصلاً بعد فصل وتنشره في "المؤيد "تباعًا فيقف المسلمون على ما يُكاد لهم به من هذه الناحية.
فقال لي صديقي السيد مساعد، ولكن البحث طويل، والوقت الذي نعمل فيه هنا مشغول بالواجبات الأخرى.
قلت: نتعاون أنا وأنت على هذا الخير، ولا نعد هذا من واجباتنا في قلم التحرير، بل من واجباتنا نحو الإسلام والشرق. وأرى أننا عندما نفرغ كل يوم من عملنا اليومي تملي عَلَيَّ ترجمة فصل من الفصول بأي الألفاظ شئت وأنا أصوغ ما تمليه عَلَيَّ.
بعبارة عربية، فنتمكن من أداء هذا العمل بنصف الوقت اللازم له.
قال: حسن!
وفي نفس ذلك اليوم دفعنا للمطبعة مقدمة المسيو ل. شاتليه Le Chatelier رئيس تحرير "مجلة العالم الإسلامي "بعد أنْ وطأنا له توطئة باسم قلم تحرير "المؤيد ".
وما كادت هذه المقالات المتسلسلة تنتشر في مصر والعالم الإسلامي حتى كان لها وقع عظيم جدًا وبعثت اليقظة في كثير من الناس. ونقلتها عن "المؤيد "مجلات وصحف متعددة - منها مجلة "المنار "في القاهرة، وجريدة "الإخاء العثماني "في بيروت، وضاق صدر كُتَّاب "مجلة العالم الإسلامي "نفسها وأمثالهم من أنصار التبشير والاستعمار من ذيوع هذه الفصول بين المسلمين، لأنهم يَوَدُّونَ أنْ يقوم التبشير بأعماله والمسلمون نيام. فدارت مناقشة بينهم وبين "المؤيد "حول هذا الموضوع، تولى كاتب هذه السطور الإجابة عليها.
وقد جاءت مناسبات ذكرتُ فيها مقالات "الغارة على العالم الإسلامي "لكثير من أصدقائنا فكنت أراهم لا علم لهم بها، لأنَّ هذا شيء مضى عليه نحو عشرين سَنَةٍ، فاقترحوا عَلَيَّ أنْ أعيد نشر ذلك في "الفتح "، وأنْ أضعه بين أيدي الناس في كتاب مستقل، فأجبتُ سُؤْلَهُمْ
محب الدين الخطيب.
تَوْطِئَةُ مِنَ "المُؤَيِّدِ ":
عن عددها الصادر في ٢٠ ربيع الثاني ١٣٣٠ هـ.
في فرنسا جمعة إسمها (الإرسالية العلمية المغربية) مؤلفة من المستشرقين الذين درسوا الكتب الإسلامية والعادات الشرقية واللغة العربية وغيرها من لغات المسلمين خدمة لجامعات فرنسا السياسية والدينية والاقتصادية.
وقبل خمس سنوات أخذت هذه الجمعية تنشر في باريس مجلة كبرى مُصَوَّرَةً في كل شهر اسمها "مجلة العالم الإسلامي "يكتب فيها كبار المستشرقين، كالمُسيو ل. شاتليه رئيس تحريرها، وهو أيضًا أستاذ المسائل الاجتماعية الإسلامية في إحدى جامعات فرنسا، وكالمسيو لويس ماسينيون المستشرق الذي كان في مصر منذ سنتين، وغيرهما من المشتغلين بالموضوعات الإسلامية.
ويذكر القُرَّاءُ أننا كنا ترجمنا بعض أبحاث هذه المجلة منذ صدورها ليطلع القراء على آراء الكُتَّابِ الفرنساويين في آدابنا
وعاداتنا. وآخر ما ترجمناه عنها فصول للمسيو شاتليه عن (المركز الاقتصادي للعالم الإسلامي).
ولقد كانت هذه المجلة قبل الآن ظاهرة بمظهر علمي تكون الغايات السياسية فيها بالدرجة الثانية، إلى أنْ تم لفرنسا احتلال المغرب أولاً ثم دخلت [فاس] في طورها الأخير، وحلَّ بعد ذلك ما حل بطرابلس فظهرت هذه المجلة كغيرها بمظهرها الحقيقي الذي تكون فيه الدروس العلمية ذريعة لغايات سياسية ودينية.
من ذلك أنَّ "مجلة العالم الإسلامي "نشرت في أحد أجزائها الأخيرة بحثًا مطولاً أو كتابًا مفصلاً عنوانه (الغارة على العالم الإسلامي) أو (افتتاح العالم الإسلامي) سيطلع القراء على ترجمة هذه الفصول واحدًا بعد واحد، فيعلموا كيف تتبدل اللهجات بتبدل الحالات، وتتبين المقاصد مع انكشاف الحوادث.
مقدمة المسيو شاتليه عن إرساليات التبشير البروتستانتية:
قلنا في سنة ١٩١٠ عندما كنا نخوض على صفحات هذه المجلة في موضوع السياسة الإسلامية: «ينبغي لفرنسا أنْ يكون عملها في الشرق مبنيًا قبل كل شيء على قواعد التربية العقلية (١) لتسنى لها توسيع نطاق هذا العمل والتثبت من فائدته. ويجدر بنا لتحقيق ذلك بالفعل أنْ لا نتقتصر على المشروعات الخاصة التي يقوم الرهبان المُبَشِّرُونَ وغيرهم بها لأنَّ لهذه المشروعات أغراضًا اختصاصية ثم ليس للقائمين بها حول ولا قوة في هيئتنا الاجتماعية التي من دأبها الاتكال على الحكومة وعدم الإقبال على مساعدة المشروعات الخاصة التي يقوم بها الأفراد فتبقى مجهوداتهم ضئيلة بالنسبة إلى الغرض العام الذي نحن نتوخاه، وهو غرض لا يمكن الوصول إليه إلاَّ بالتعليم الذي يكون تحت الجامعات الفرنساوية، نظرًا لما اختص به هذا التعليم من الوسائل العقلية والعلمية المبنية على قوة الإرادة».
«وأنا أرجو أنْ يخرج هذا التعليم إلى حَيِّزِ الفعل ليثبت في دين الإسلام التعاليم المستمدة من المدرسة الجامعة الفرنساوية!».
هذا ما ارتأيناه يومئذ وسيظهر ما يؤيده في الفصول التالية المتعلقة بإرساليات التبشير البروتستانتي الأنجلو سكسونية والجرمانية الدائبة على العمل في العالم الإسلامي حتى أصبحت أهميتها تفوق بكثير ما اعتاد الفرنساويون أنْ يتصوروه، لأنَّ النشاط وقوة الجأش التي يظهرها القائمون بأعمال هذه الإرساليات تختلف عن التي تمتاز بها أُمَّتنا.
وكنا منذ أمد بعي نود أنْ نخوض في ذكر تفاصيل أعمال هذه الإرساليات التي اشتهرت بخطتها ووفرة الوسائل التي أعدتها وتوسلت بها لمقاومة دين الإسلام.
وحسبنا أنْ نستشهد بإرسالية التبشير الكاثوليكية في بيروت لتكون موضوع التفكير والتأمل في فرنسا، إذ بالرغم من كون (كلية القديس يوسف اليسوعية) التي تدير أعمالها هذه الإرسالية لا تأثير لها على النشوء الفكري في المحيط الإسلامي، فإنَّ التعاليم التي تنشرها وتبثها كان لها الحظ الأوفر في انتشار الأفكار الفرنساوية في سورية والقطر المصري.
نعم، إنَّ غاية المدرسة اليسوعية وطريقة التعليم فيها تختلفان عن غاية وطريقة المدرسة الكلية الفرنساوية. في غلطة (الأستانة) إلاَّ أنَّ النتائج كانت متقاربة من حيث تعميم التعاليم والأفكار التي تنشرها اللغة الإفرنسية. ومن هذا يتبين لن أنَّ إرساليات التبشير الدينية التي لديها أموال جسمية وتدار أعمالها بتدبير وحكمة تأتي بالنفع الكثير في البلاد الإسلامية من حيث أنها تبث الأفكار الأوروبية.
إلاَّ أنَّ لإرساليات التبشير مطامع أخرى كما يتبين من الجملة الآتية التي استخرجها من رسالة أرسلها إلى جزيرة البحرين (قرب عمان) في ٢ أغسطس سَنَةَ ١٩١١ حضرة القسيس المحترم صموئيل زويمر منشيء "مجلة العالم الإسلامي "الإنكليزية وهو يبني فيها صروح آمال شامخة على أعمال المُبَشِّرِينَ البروتستان قال: «إنَّ لنتيجة إرساليات التبشير في البلاد الإسلامية مزيتين: مزية تشييد ومزية هدم، أو بالحري مزيتي تحليل وتركيب. والأمر الذي لا مرية فيه هو أنَّ حظ المُبَشِّرِينَ من التغيير - الذي أخذ يدخل على عقائد الإسلام ومبادئه - الخُلُقِيَّةِ في البلاد العثمانية والقُطر المصري وجهات أخرى هو أكثر بكثير من حظ الحضارة الغربية منه. ولا ينبغي لنا أنْ نعتمد على إحصائيات (التعميد) في معرفة عدد الذين تَنَصَّرُوا رسميًا من المسلمين، لأننا هنا واقفون على مجرى الأمور ومتحققون من وجود مئات من الناس، انتزعوا الدين الإسلامي من قلوبهم، واعتنقوا النصرانية في طرف خفي» اهـ.
ولا شك في أنَّ إرساليات التبشير من بروتستانية وكاثوليكية، تعجز عن أنْ تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها، ولا يتم لها ذلك إلاَّ ببث الأفكرا التي تتسرب مع اللغات الأوربية فبنشرها اللغات الإنجليزية، والألمانية والهولندية والفرنسية، يتحكك الإسلام بصحف أوروبا، وتتمهد السبل لتقدم إسلامي مادي، وتقضي إرساليات التبشير لبانتها من هدم الفكرة الدينية الإسلامية، التي لم تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزلتها وانفرادها.
أما ما يقوله حضرة مكاتبنا (زويمر) عن وجود مئات المسلمين اعتنقوا النصرانية سرًا وينتظرون فرصة للجهر بها، فذلك أمر لا يمكننا البَتُّ فيه مع حضرة الكاتب.
على أنه ليس من الحوادث الغريبة أن ينتصر بعض أفراد ينتمون إلى أصل فارسي أو هندي، لأن اختلاف النِحَلِ والاعتقادات في هذه العناصر هو من مزاياها الاجتماعية، وكذلك الحال في الوسط السامي المتصل بالأصل العبرانين، ولكن من النادر المستغرب أن تقع حوادث التنصير في بيوت السادة العلوية وبين الباتان (الأفغانيين) الخُلَّص الموجودين في بلاد الهند أو مشايخ الهند وجيرانهم الأفغانيين، والأتراك والتركمانيين والعرب الحقيقيين والبربر.
ولا ينبغي لنا أن نتوقع من جمهور العالم الإسلامي أن يتخذ له أوضاعًا وخصائص أخرى إذا هو تنازل عن أوضاعه وخصائصه الاجتماعية، إذ الضعف التدريجي في الاعتقاد بالفكرة الإسلامية، وما يتبع هذا الضعف من الانتفاض والاضمحلال الملازم له سوف يُفْضِي - بعد انتشاره في كل الجهات - إلى انحلال الروح الدينية من أساسها لا إلى نشأتها بشكل آخر.
على أن المناقشة في هذه المسألة لا طائل تحتها، لأن الآراء تنبعث من وجهة التفكير، فلنقتصر إذن على القول بأن سير العالم الإسلامي تدرج نحو انحلال أفكاره الدينية وزوالها، وذلك أمر طبيعي ممكن التحقيق. أما فرض تدرج المسلمين إلى اعتناق المسيحية، فخارج عن حد الإمكان لأن المسلم كالمسيحي واليهودي لا تجذبه التعاليم العصرية إلى الاعتقادات الدينية.
ولكننا نعود فنقول: إنه مهما اختلفت الآراء في نتائج أعمال المُبَشِّرِينَ، من حيث الشطر الثاني من خطتهم وهو (الهدم) فإن نزع الاعتقادات الإسلامية ملازم دائمًا للمجهودات التي تبذل في سبيل التربية النصرانية. والتقسيم السياسي الذي طرأ على الإسلام سيمهد السبل لأعمال المدنية الأوروبية، إذ من المحقق أن الإسلام يضمحل من الوجهة السياسية، وسوف لا يمضي غير زمن قصير حتى يكون الإسلام في حكم مدينة محاطة بالأسلاك الأوروبية.
قد يظهر لإخواننا المسلمين أننا نتصرف في مستقبلهم بحرية وبدون تكليف، ولكن من منهم ينكر أن العالم الإسلامي أصبح هدفًا لغلطات فتيان جمعية "الاتحاد والترقي "، الذين ورثوا عبد الحميد واستعانوا بوسائله السياسية بعد أن خلعوه، ولم تكن أمامهم وسيلة لانقاذ السلطنة العثمانية والخلافة الإسلامية، غير تنظيم حكومة مؤلفة من ولايات إسلامية متحدة، وكل وسيلة غير هذه كانت تؤدي إلى نتيجة لا بُدَّ منها وهي تقسيم المملكة.
ولم نر الكلام على عواهنه، ولم نقصد غير تقرير حقيقة راهنة، عندما نَبَّهْنَا المسلمين من قُرَّاءِ مجلتنا - قبل احتلال طرابلس الغرب بستة أشهر - إلى ما تخبئه الأيام للآستانة، التي ستقع بين مخالب ألمانيا وروسيا.
إن إرساليات التبشير البروتستانية الأنجلوسكسونية تعلق أهمية كبرى على الحال الجديدة التي ظهر بها العالم الإسلامي، وقد رأينا أن نذكر معها إرساليات التبشير الألمانية لما عقد بينهما من الأواصر والروابط في مؤتمري سَنَة ١٩٠٦ وَسَنَةِ ١٩١١، ولم يبق ارتباطهما متقصرًا كسابق عهده على تناوب كرسي الأسقفية البروتستانية في بيت المقدس.
وليس من المستغرب - ونحن نبدي إعجابنا بأعمالها - أن نلح بمزاحمتها ومسابقتها، خصوصًا وأن السيطرة على أهم الأسواق البشرية صارت متفوقة على هذه المزاحمة والمسابقة. وكنا نود لو كان في الوقت متسع لبسط القول، وإيضاح مجرى الأمور في هذه المسألة بحذافيرها لأنها جديرة باهتمام رجال فرنسا بلا إضاعة وقت. إلا أننا اضطررنا إلى الاقتصار على جمع بعض أمور وقفنا عليها وسنبينها هنا على قدر الإمكان.
ونحن نكتفي بعرض هذه الأمور من غير تعليق عليها، لأننا اقتطفناها من مؤلفات وفصول شتى ونظمناها على الترتيب المتبع في هذه الظروف وأن المسألة التي تهمنا سوف تبدد شكوك ذوي البصيرة والروية لدى اطلاعهم على ما نعرضه أمام أنظار قُرَّاءِ مجلة "العالم الإسلامي ".
ونؤمل من ذوي الشأن في إرساليات التبشير البروتستانية، أن لا ينكروا علنًا انتهاج هذه الخطة التي هي بالطبع خطة مجلتنا، وهم أعلم الناس بعواطفنا وشعورنا نحو عملهم الذي لا يمكننا أن نذكر أهميته المقرونة بإلحاحنا في ذكر الضرورات التي تقتضيها السياسة الفرنساوية الوطية، كيما تحول مجهوداتها إلى التعليم التابع لطريقة المدارس الجامعة الفرنساوية، وذلك أشد العوامل تأثيرًا على بلادنا لتدخل في بلادنا لتدخل في حلبة المسابقة لنشر التعليم العقلي.
تَارِيخُ التَّبْشِيرِ:
اقتصرت مجلة "العالم الإسلامي "في هذا الفصل على تلخيص كتاب "مشروع التبشير "الذي ألفه المستر (أدوين بلس) البروتستاني، ثم أعاد طبعه قبل عشر سنوات، فزاد عليه زيادات أخرى وسماه "ملخص تاريخ التبشير "ذكر فيه إرساليات التبشير البروتستانية على اختلاف نزعاتها منذ نشأتها في القرون الغابرة إلى أيام الطبعة الثانية للكتاب، مع بيان ما بين هذه الإرساليات من ارتباط وتضامن.
وقالت مجلة "العالم الإسلامي ": إن هذا السِفْرَ نفيس في بابه، يتسنى لقارئه أن يقف على حقيقة أعمال الإرساليات البروتستانية، في بلاد الشام حتى أواخر القرن التاسع عشر، إلا أننا ننكر على مؤلفه عدم إشارته إلى الإرساليات الكاثوليكية، وهذا موضع الضعف في كتابه في أعمال إرساليات التبشير جميعًا على اختلاف نزعاتها. ولو كان المُبَشِّرُونَ الكاثوليك والبروتستان الذين يجتمعون في بلاد إسلامية، ينتبوهون إلى أن انقسامهم يحط من قدرهم ويقلل هيبتهم ويوطد أركان الإسلام، لكانوا على الأقل يوهمون بأنهم متفقون ظاهرًا، خصوصًا وأن انقسامهم هذا يمهد للإسلام السبيل لاستمداد مبادئ الحضارة من إرساليات المُبَشِّرِينَ من غير أن يقتبسوا أفكارها الدينية. ولا ريب أن نخبة الأذكياء المسلمين في مصر وسوريا - عندما يقفون على هذه التفرقة الموجودة بين الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانية والعلمانية التي تتجاهل كل منهن الأخرى - لا يترددون في الحكم على مذاهب النصرانية بأنها قد فقدت التوازن بالرغم من الخدم التي تأتي بها الحضارة الأوروبية.
واستأنفت مجلة "العالم الإسلامي "بعد هذا الاستطراد كلامها على كتاب المستر بلس، فقالت: إنه ينقسم إلى قسمين، الأول في تاريخ التبشير العام وطرائقه، والثاني في موقف الإرساليات البروتستانية وأعمالها في البلاد.
ويقول المؤلف: إن تاريخ التبشير المسيحي، يرجع إلى صدر النصرانية ومبتدأ تأسيسها. ثم ذكر الذين قاموا بوظيفة التبشير بالنصرانية في القرون الوسطى فقال: إن «ريمون لول» الإسباني هو أول من تولى التبشير بعد أن فشلت الحروب الصليبية في مهمتها، فتعلم لول اللغة العربية بكل مشقة، وجال في بلاد. الإسلام وناقش علماء المسلمين في بلاد كثيرة.
وفي الفصل الثالث ذكر المؤلف المُبَشِّرِينَ الكاثوليك والدور الذي لعبوه في ثورة البوكسر الصينية وتدخلهم في شؤون القضاء. وهنا انتقدت مجلة "العالم الإسلامي "الكاثوليكية على هذا المؤلف البروتستاني، اقتصاره على ذكر تاريخ المُبَشِّرِينَ الكاثوليك، في ثماني صفحات فقط وقوله: إن المسلمين ينظرون إلى الطقوس والاحتفالات الكاثوليكية باشمئزاز. ووصفت المجلة هذا القول بأنه لا يشف عن محبة مسيحية ...
وفي الفصل الرابع: وصف المؤلف تنظيم إرساليات التبشير في القرون الوسطى، في الهند وجزائر السند وجاوه، واختلاط المُبَشِّرِينَ بالمسلمين منذ ذلك الحين وأشار إلى «بترهِيْلِنغ» الذي احتك بمسلمي سواحل أفريقيا وإلى اهتمام هولنده بالتبشير في جاوة في أوائل. القرن الثامن عشر حتى قسمت جاوه لهذه الغاية إلى مناطق، لكل منها كنيسة ومدرسة، وقال: إن عدد الذين تنصروا سَنَةَ ١٧٢١ بلغ ١٠٠٠٠٠ وكان النصارى في سيلان سَنَةَ ١٧٢٢ (وكانت يومئذ تحت سلطة هولندة) يبلغ عددهم ٤٢٤٠٠٠ وتساءل عما بقي منهم الآن وقال: إن المسلمين كانوا فيها قليلين فصاروا الآن فئة كثيرة.
ثم ذكر تحريك البارون «دو ويتز» ضمائر النصارى سَنَةَ ١٦٦٤، إلى تأسيس مدرسة كلية تكون قاعدة لتعليم التبشير المسيحي، وتعلم فيها لغات الشرق للطلاب الذين يناط بهمه أمر التبشير. فارتأى أحد أحبار الكنيسة أن يعهد إلى الأروام بمسؤولية تبشير الأتراك، ثم فشل البارون في مشروعه.
وسرد المؤلف تاريخ تنظيم الإرساليات البروتستانية من دانمركية وإنجليزية وألمانية وهولندية، وأخبار اتصال بعضها ببعض، وأسماء الملوك والأمراء الذين كانوا عضدًا لها وَمُؤَيِّدِينَ لأعمالها في القرن السابع عشر وما بعده في كل أقطار العالم.
وانتقل إلى البحث في أعمال هذه الإرساليات في القرنين الأخيرين فقال: إن المستر كاري هو الذي فاق أسلافه في مهنة التبشير، فدرس لغة اللاَّتِينِ واليونان والفرنسيس والهولنديين والعبرانيين، كما تعلم كثيرًا من العلوم. ولما نشر كتبه في التحريض على التبشير قوبلت بالاستحسان، ففتح له باب الاكتتاب وذهب إلى الهند لهذا الغرض وصارت الأموال ترسل إليه ثم طلب أن يرسل له رجال يؤازرونه في التبشير، فتأسست سَنَةَ ١٧٩٥ «جمعية لندن التبشيرية» وما [تمت] أن تأسست جمعيات على شاكلتها في «اسكوتلندة» و «نيويورك» وانتشرت هذه الفكرة في ألمانيا. والدانمرك وهولندة والسويد ونروج وسويسرا وغيرها، وتعذر على الإفرنسيين أن يقوموا بشيء من هذا القبيل لانشغالهم بالثورة التي آلت إلى الانقلاب المشهور.
وتأسست جمعيات فرعية كثيرة مثل «جمعية التبشير في أرض التوراة العثمانية».
وبلغ الشغف بهذا العمل، إلى أن تأسست إرساليات تبشير طبية على سبيل التجربة، لتلحق بالإساليات العامة فنجحت نجاحًا باهرًا، لذلك أخذت تنمو وتزداد وتألفت لها أقسام نسائية وأرسل بعضها إلى الهند والأناضول.
وفي سَنَةِ ١٨٥٥ أسست «جمعية الشبان المسيحيين» من الإنكليز والأمريكان، ووظيفتها إدخال ملكوت المسيح بين الشبان، وعقد تلاميذ المدارس النصرانية في. نورثفيلد مؤتمرًا، اجتمع فيه ٢٥٠ مندوبًا عن ٨٠ مدرسة، تكلفت بتقديم ١٠٠ شاب للتطوع في نشر الدين المسيحي، ومن هؤلاء تألفت «جمعية الشبان المتطوعين للتبشير في البلاد الأجنبية». ويقول المؤلف أنها لعبت دورًا مُهِمًّا في تبشير المسلمين على الخصوص، لأن شعارها كان نشر الإنجيل بين أبناء الجيل الحاضر. ثم تبع ذلك تأسيس جمعيات التبشير في كل بلاد البروتستان. وفي سَنَِةِ ١٨٩٥ تأسست «جمعية إتحاد الطلبة المسيحيين» في العالم، وهي تهتم بدرس أحوال التلاميذ في كل الأقطار وببث روح (المَحَبَّةِ) بينهم، فالتحق بها ١٠٠.٠٠٠ طالب وأستاذ يمثلون أربعين قومًا، فنشأ عن وجود هذا العدد العظيم ميل إلى الانتفاع به، ولذلك تأسست سَنَةَ ١٩٠٢ «جمعية تبشير الشبان». ومن وظائف هذه الجمعيات الأخيرة استماله النساء والبنات والشبان والطلبة. إلى استماع صوت المبشرين. ثم تقرر سَنَةَ ١٩٠٧ أن تؤسس جمعية أخرى، لتبشر الكهول فأسست وأخذت تباشر أعمالها، وترفع التقارير بهذا الشأن.
هذا ملخص القسم الأول من كتاب المستر «بلس»، فيما يتعلق بتاريخ إرساليات التبشير وأعمالها في بلاد الإسلام.
وأما القسم الثاني، فخاص بذكر مراكز تنظيم هذه الإرساليات، وإدراة أعمالها في كل قطر على حدة. وإلى القارئ ملخص هذا القسم.
أَفْرِيقْيَا:
قال المستر «بلس»: «إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في أفريقياوالمسلم هو العدو اللَّدُودُ لنا، لأن انتشار الإنجيل لا يجد معارضًا لا من جهل السكان، ولا من وثنيتهم، ولا من مناضلة الأمم المسيحية وغير المسيحية. وليس خصمنا هو العربي الذي يرتاد البلاد للاتجار بالرقيق - لأن هذه التجارة صارت صعبة - بل إن هذا الخصم المعارض، هو الشيخ أو الدرويش صاحب النفوذ في أفريقيا، أكثر مما هو كذلك في فارس، فالشيخ والدرويش يجوبان شواطئ البحر الأحمر والنيجر، والمغرب، وواداي، ويبثان في الأهالي أن المهدي ينتظر ظهوره، وسينشر الإسلام في كل الأقطار. وقد ظهر مهدي منذ سنين فحارب الإنكليز ثم توفي فتولى الأمر بعده خليفة غُلِبَ على أمره.
أما الشيخ السنوسي، العدو الألد للنفوذ الفرنسي والإنكليزي فله تقاليد أخرى».
ويقول المستر «بلس»: «إن طلبة الأزهر، يعتقدون. بالمهدي. وأما المغاربة، فلا يزال يدور في خلدهم إمكان الجهاد، وهو يرى أن الملحمة الكبرى بين أوروبا والإسلام ستنشب في غربي أفريقيا أو في شمالها. ولا ينبغي أن نستدل على حقيقة هذه الملحمة المنتظرة بالقتال الذي حدث في السودان.
دخل المُبَشِّرُونَ الكاثوليك ربوع أفريقيا منذ القرن الخامس عشر، أي في أثناء الاكتشافات [البرتغالية] وبعد ذلك بكثير أخذت ترد إرساليات التبشير البروتستانية إنكليزية وألمانية وكذلك إرساليات التبشير الفرنسوية.
ولم تهتم جمعية الكنيسة البروتستانية بالتبشير في أفريقيا الغربية إلا منذ سَنَةِ ١٨٠٤، حيث تعاونت إرسالياتها وانكفأت على الكونغو، وهذه الجمعية تقاتل الآن بمؤازرة الأسقف «صموئيل كروتز» الزنجي سلطة الإسلام المتدفق في النيجر الغربية.
وفي سَنَةِ ١٨١٩ اتفقت هذه الجمعية مع الأقباط وألفت في مصر إرسالية عهدت إليها نشر الإنجيل في أفريقيا الشرقية، وقررت إرسال مبشرين إلى الحبشة، ولكنها فشلت على أثر المنافسة بين اليسوعيين والبروتستان.
ثم أخذ المُبَشِّرُونَ السويديون والإنكليز يرتادون غربي أفريقية، وتبعهم مبشرو المدرسة الجامعة فهبطوا مدينة «ممباسة» ثم عززت ألمانيا إرسالياتها عقب اتساع مستعمراتها لكن سرعان ما ظهرت المنازعات بين الكاثوليك والبروتستان وكان أهم ذلك في «أوغندة» بين مبشريها الوطنيين والرهبان البيض الذين ألف إرساليتهم الكاردينال «لافيجري».
وتوفد المُبَشِّرُونَ على أفريقية الوسطى عقب بعثة «لفنستون» و «ستانلي» سَنَةَ ١٨٧٨، فاقتسموا مناطقها مع اختلاف جنسياتهم بين ألماني واسكتلندي وإنكليزي ومورافي، وهؤلاء انتشرت إرسالياتهم بدون انقطاع من شرقي أفريقية إلى أواسطها حتى الخرطوم والحبشة وبلاد الجلا، وجاءت هذه الإرساليات بنتائج حسنة.
أما بلاد المغرب، فلها مبشرون خاصون بها ترسلهم «جمعية تبشير شمال أفريقية» وهم منشرون في الغرب والجزائر وتونس وسائر بلاد المغرب، ومنهم المُبَشِّرُونَ والأطباء التابعون لهم. ولقد شاع أن ذوي الأمر في فرنسا وإيطاليا حانقون على رجال التبشير! إلا أن حاكم الجزائر طمأن بال الأسقف «هارتزل» في الأيام الأخيرة وصرح له بأنه ينظر إلى أعمال المُبَشِّرِينَ ببعض الاستحسان.
وقبل الانتهاء من الكلام على أفريقية، لا نرى بُدًّا من الإشارة إلى جزيرة مدغشقر التي يقوم فيها المُبَشِّرُونَ البروتستانت بخدمة مهنتهم بكل جد ونشاط.
آسْيَا الغَرْبِيَّةِ:
كان للمبشر «هنري مارتن» يَدًا طولى في إرسال. المُبَشِّرِينَ إلى بلاد آسيا الغربية، فبعد أن أقام في الهند مدة، عَرَّجَ على فارس والبلاد العثمانية، وتوفي سَنَةَ ١٨١٢، وهو الذي ترجم التوراة إلى الهندية والفارسية والأرمنية، ومن بعده أخذت إرساليات التبشير تشد الرحال إلى الأناظول وفلسطين، واتخذت لها مراكز في إزمير والقسطنطينية وبيت المقدس، وتصدرت للتبشير في صفوف النسطوريين على حدود فارس والسلطنة العثمانية، وفي صفوف اليعقوبيين فيما بين النهرين. وفي مقدمة هذه الجمعيات لجنة التبشير الأمريكية، إلا أن جمعيات اليهود الإنكليزية سبقتها إلى بعض البلاد العثمانية مثل إزمير والآستانة وسلانيك، فافتتحت فيها مدارس دينية ومعابد. ومنذ سَنَةِ ١٨٤٩ أخذت ترد إرساليات أخرى على هذه البلاد فقسمتها إلى مناطق وأصابت لجنة التبشير الأمريكية منطقة قبائل النصيرية في سوريا فأخذت على عاتقها تنصير هذه القبائل وذهب قسم من هذه الجمعية إلى بلغاريا لِيُنَفِّذَ خطته هناك.
ولما حدثت حوادث سَنَةِ ١٨٦٠ في سوريا توجهت الأنظار إلى جبل لبنان، وبعد عشر سنوات انتشرت لجنة التبشير الأمريكية، في البلاد العثمانية عدا سوريا.
وعلى أثر تأسيس الكنيسة البروتستانية في الآستانة سَنَةَ ١٨٤٦، صارت الآستانة مركزًا عَامًّا آمنًا لأعمال المبشرين.
أما موقف الحكومات الإسلامية أمام إرساليات التبشير، فكان يختلف باختلاف البلاد، فالقبائل المستقلة في بلاد العرب عَدُوَّاتٌ لَدُودَاتٌ لِلْمُبَشِّرِينَ، وبلاد الفرس سائد عليها نفوذ روسيا، والسلطة الإسلامية في القطر المصري اسمية فقط. وكانت الحكومة العثمانية تبدي ضروب الاستبداد نحو المُبَشِّرِينَ على اختلاف مذاهبهم، بسبب الدور السياسي الكبير الذي يمثله نفوذ المبشرين.
على مسرح المسألة الشرقية. وكانت معاملة الحكومة العثمانية للمبشرين تتحسن بواسطة سفراء الولايات المتحدة.
ولقد شَمَّرَ المُبَشِّرُونَ عن ساعد الجد في ترجمة الكتاب المقدس "التوراة "و "الإنجيل "إلى كل لغات الشرق بأسلوب سهل يتسنى فهمه لكل الطبقات.
وأكبر ما يثير قلق المستر "بلس "، مؤلف هذا الكتاب، هو الدور الذي ستقوم به الدولة العثمانية في الحوادث المقبلة! .. ما دامت أنظار القبائل السنوسية الشديدة البأس متجهة نحو السلطنة العثمانية، التي يحكمها أمير المؤمنين وفيها بيضة الإسلام. ومثل السنوسيين الأمم الأخرى البعيدة عن الأستانة مثلى بخارى وخيوة والهندوالبلاد الإسلامية الشاسعة.
الهِنْدُ:
انتشرت إرساليات التبشير في الهند عقب إرسالية. جمعية لندن التبشيرية، التي قام بها (كاري) ثم تبعتها الإرساليات الأمريكية والإسكتلندية والهولندية والنروجيه وغيرها، وكلها تؤدي وظيفتها بنشاط وتقوم بأعمالها بكل دقة.
وكان كل هؤلاء في بادئ الأمر قد وقعوا في الحيرة لأنهم لم يعلموا بمن يبدأون في التبشير، وهل يسهل بث النصرانية في البرهمي أو المسلم المتنور أو الهندي العامي؟
ثم اهتدوا إلى التقاط الأطفال، الذين يعضهم ناب الفاقة والفقر، فيحسنون إليهم ويستجلبونهم نحوهم، ومؤتمر التبشير الذي عقد في شيكاغو، قرر أن ينظر في وسائل تعميم التبشير في الهند ونشر النصرانية وتفسير تعاليمها بين كل طبقات الأهالي.
جَزَائِرُ المَلاَيُو:
يوجد في شبه جزيرة الملايو وجزائرها المجتمعة عقائد ونزعات سقيمة، لأن أهالي هذه البلاد اعتنقوا الإسلام في القرن الثالث عشر، وموجوا به ما علق من عقائدهم القديمة، ثم اقتبسا شيئًا من مذهب الكاثوليك عقب ظهور البرتغاليين ومن مذهب البروتستان بعد استيلاء الهولنديين على هذه البلاد، والهولنديون أبدوا قسوة وعدم تسامح في القرون الوسطى لنشر عقيدتهم، وفي هذه الأيام ذهبت إرساليات كثيرة إلى الملايو لتبشيرهم بالنصرانية.
الصِّينُ:
في هذه المملكة مسلمون كثيرون بعددهم قليلون بالنسبة إلى مجموع سكان البلاد. وتاريخ ذهاب إرساليات. التبشير إلى الصين يرجع إلى سنة ١٨١٣ م، ولما افتتحت الثغور الصينية بعد ذلك انتشر فيها المُبَشِّرُونَ والأطباء والممرضون التابعون لهم انتشارًا هائلاً واتسع نطاق أعمالهم وجاء بثمرات كثيرة.