Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

لا جديد .... في البر الافريقي

$
0
0

تمتلئ الفضائيات والصحف العربية هذا الأسبوع "بقارئى الطالع"، والمحللين ، مستخلصين من "كوارث "العام السابق ، آمالا محتملة للعام الجديد ...وما أكثركوارث العالم العربى ، ولا أقل نسبة فى آماله ! ولم أستطع بدورى الهروب من هذا الموقف بشأن الحالة الأفريقية ..إلا برد بارد : إنه ليس ثمة جديد ، لا فى الأشهر الأخيرة ، ولا فى المستقبل القريب !

ذلك أن الظواهر الكبرى الجديرة بالحديث عنها ، لمن يقرأون فى "الطالع "ليست إلا فى الحديث مثلاعن تصاعد مظاهر الحرب الباردة بين "الروس"، و"الغرب" ...لكن هذا التصاعد ممتد الجذور منذ بضعة سنوات من حكم فئة "الدولة القديمة"فى روسيا السوفيتية سابقا ، والتى يجسدها بهمة ملحوظة الرئيس "بوتين" ..ولا شك أن ذلك يزعج الغرب كثيرا ، لأنه يرتبط بعدة ظواهر عالمية أخرى أكثر ازعاجا تتعلق بميل "الصين "الواضح مؤخرا أن تبدأ "تحركا "فى العالم كانت "وعدت "بتأجيله حتى عام 2020 ، عندما تكتمل دائرة هيمنتها الاقتصادية ..ولكن القيادة الجديدة بعد مؤتمر الحزب الشيوعى فى الصين ، تبدو راغبة فى الخروج على النص قليلا ، لأن العالم مفتوح أمامها ، حتى مع أزمة الغرب مع الروس...وفى مجال الاقتصاد "حصارا وبترولا "مما يجعل الصين ، على ما يبدو لى فى الوضع الأفضل . ويذكرنى ذلك بميزة حصل عليها العرب يوما فى السبعينات من القرن الماضى ، مع أفريقيا خلال أزمة الاقتصاد العالمى مع البترول لفترة ، فانتعش سوق العلاقات العربية الأفريقية ..فهل يؤدى الصراع الحالى فيما يشبه الحرب الباردة ...إلى استكمال عناصرها بتقاربات هنا وهناك ...من قبل الصين ، وحتى الروس نحو "الجنوب"؟ أم تخنق الأزمة الجميع؟ 

هنا يبرز دور "المنجمين "، وأنا لست منهم ...وإن كنت حشرت نفسى يوما أوائل العام الماضى ، بعرض عدة دراسات أمريكية فى هذا المكان عن "وفاق بيكين " Beijin Concensus الصاعد مقابل "وفاق واشنطن"القديم ، والآخذ فى الهبوط ( وجهات نظر بتاريخ ...) ! نظرا للنفوذ الدولى الجديد للاقتصاد الصينى ، بشروط قد تقتربب يوما من إحجاف "وفاق واشنطن"ونظامها العالمى ! ويومها غضب منى سمير أمين ، لما اعتبره تشاؤما تجاه التوجه الصينى كاتجاه رأسمالى ، يقترب من الإمبريالية بهذا التحليل ، مع أنه هو متفائل تماما من بقاء الصين "قوة تحرير"فى مجال الاقتصاد العالمى من هيمنة الرأسمالية الامبريالية ثلاثية الأطراف ( أمريكا – أوربا – اليابان) ! ولا أعرف الآن – باعتبارى لست منجما – هل الموقف العالمى الحالى ، لصالح دور إيجابى للصين ، أم نكسة للتفاؤل على نطاق عالمى ؟

وها نحن باقون فى أطر العولمة ، الغربية مرة والشرقية مرة ، دون أن ننتبه أن بلادنا -وأفريقيا ضمنها – تمضى فى طريق العولمة من أوسع أبوبها طوال عام 2014 ، وتبشر بالباع الطويل فيها عام 2015 ! وإلا بماذا نفسر جميعا عولمة الإرهاب ، وعولمة مواجهة الإرهاب التى تقوم على "التعبئة العامة "لشعوب الجنوب فقط وخاصة العربية والأفريقية ، ليستفيد منها منتجو السلاح وتجاره ، رغم أزمة أسعار البترول ؟. و بماذا نفسر الإعلان عن "التحالف الدولى"لكى يدخل فيه تباعا ، كل من تقلقه ظاهرة الإرهاب وأخواتها ..سواء كانت فى مجرد صراع طائفى مثلما فى أفريقيا الوسطى ، أو كانت ممن يعانون وباء "الإيبولا"ويحتاجون "للعون العسكرى "لتيسير نقل المرضى و لمحاصرة المرض ! 
ولأن العالم ليس فى حاجة إلى "منجمين"ولكن إلى نظرة علمية تقول أن الظواهر مترابطة و تفسر بعضها بعضا ، فإننا لم نكن فى حاجة إلى التفكير العميق ، لنفهم ، لماذا تنكشف الآن "المحكمة الجنائية الدولية "بهذا الشكل .، وهى تكشف تحولات النظام الدولى نفسه ! ها هى فجأة تبدأ مراجعة ميزانيتها فلا تجد تمويلا لتحقيقاتها ، وتراجع أحكامها ، فتجد أن الرئيس الكينى "أوهورو كينياتا"برئ ، أو أن "المدعى العام "السيدة "بنسودا"لا تجد الوثائق الكافية لدعم الاتهامات ، حتى بالنسبة للرئيس "عمر البشير "الذى عانى هو والسودان طوال سنوات من عبء إتهام المحكمة "الثابت"لسيادته ولسيادة السودان نفسه نتيجة هذا الاتهام ..ولكن على ما يبدو أن أمور التحالف الدولى ضد الإرهاب تتطلب ذلك ...

ومخاوفى بحق – أو قل تنبؤاتى ! – أن تكون التهدئة الجارية فى الشرق الأوسط ! ( مع إيران، وزعم القضاء على "داعش "، والغزل مع النظام السورى ، وحتى الفلسطينى ...وتسييح دور تركيا ...!) كل ذلك يجعلنى أقلق على أفريقيا ، أن تصبح هى ساحة"اللعبة"الدولية بسبب تحولات جديدة للقوى العالمية ، بين الروس والصين والغرب ، وحتى الدول البازغة التى لم تثبت براءتها تماما من التبعية ( جنوب أفريقيا – الهند – البرازيل...) ومن ثم يصبح "التحالف الدولى"فاعلا فى القارة أكثر من أى وقت آخر ، وهذا ما يبشر به عام 2015 ! 

من هنا نقول أن القارة معرضة لتحركات جديدة لتعبئة أدوار وقيادات لابد أن تنتبه لمخاطر استخدامها بحجة الدور الدولى فى مواجهة الإرهاب . نخاف من التحرك نحو مصر بهذا المنطق . مصر الوطنية التى رفضت الأحلاف الدولية المشبوهة منذ البيان الثلاثى 1951. وحلف "بغداد"و "السنتو" ( تركيا-إيران- باكستان) فى الخمسينيات والستينيات ، فكسبتا يومها "وضعا دوليا "حقيقيا مع بلدان الجنوب وعدم الانحياز ، بينما خسرتا يوم سلمتا بعد حرب 1973 بمكاسب هذه الحرب المتوقعة وسط حلف الجنوب الصاعد فى معركة البترول وقتئذ .

"التحالفات الجديدة "، قد تدعمها حالة مواجهة الإرهاب فى الشمال الأفريقى كله ، وفى نيجيريا ، والصحراء ودول الساحل ، والقرن الأفريقى ، مما يتطلب بالفعل دورا مصريا وأفريقيا عاما جيد التخطيط والآفاق ، وليس تابعا .

قد يجدى فى أفريقيا أن تتوقع قيام أكثر من خمسة رؤساء بإعداد الرأى العام عندهم لقبول تعديلات دستورية لمنح الرئيس مدة جديدة غير دستورية أصلا ! وقد لا يجدى عدم توقع اشتداد الصدام فى نيجيريا بين العسكريين والقوى المدنية ، بسبب اتهامات تتعلق باستغلال بعض الشخصيات العسكرية لعناصر من "بوكو حرام"لفرض نفوذ معين فى الحكم . كما قد لا يجدى عدم توقع عودة الصراع المسلح بين الحكم ومتمردى منطقة البحيرات العظمى ، وفى قلب الكونغو كينشاسا ، ورواندا ، وأوغندا ...الخ ، لتلتهب منطقة وسط وشرق أفريقيا كلها ، ومن ثم ينتقل الصراع الإقليمى إلى صراع دولى .

لكننا لا يمكننا إلا أن نطمع فى بعض الاشارات الإيجابية ، والمؤملة لنختتم بها هذا الحديث المتشائم ..فدعونا نقول أن عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقى ، تعتبر ردا لحق مصر إلى مكانتها التاريخية ..وردا لاعتبار الربيع العربى مهما كان الخلاف حول نظم الحكم ، لأن الشعوب هى التى تعرف طريقها وليس "حكماء الإتحاد"الذين تدور حول معظمهم الشبهات ! أما حديث الربيع الأفريقى الذى لوحت به أنتفاضة شعب "بوركينا فاسو"، فإن تفاعلاته ستأخذ طريقها أكثر خلال عام 2015....


Viewing all articles
Browse latest Browse all 560

Trending Articles