أعلن الحلفاء عن عقد مؤتمر للصلح والسلام فى فرساي في بداية عام 1919 وكان الوفد الالماني لا يحضر اي جلسات ولا يعيره أحد من المؤتمرين إلتفاتا، بل أنهم قد أنزلوهم فى بيت أبطلوا فيه عمل التدفئة إمعانا فى الإذلال. كذلك كانت حركتهم مقيدة إذ أن خروجهم من مقرهم لم يكن ممكنا حيث أن المقر أحيط بسور عالي من الخشب كأنهم حيوانات. وبعد أكثر من شهرين من المداولات قرر المنتصرون دعوة ممثلي ألمانيا إلى التوقيع (فقط) ولكن بدون نقاش فى شروط معاهدة الصلح.
وتتكون الإتفاقية من 440 بندا تقبل كلها أو ترفض كلها مع إعتبار رفضها إنهاءا لوقف إطلاق النار الذي كان يجدد شهريا.
كانت هذه من أوائل المرات التي يظهر فيها دور عالمي فى السياسة للدولة الصاعدة الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الرئيس الديموقراطي وودرو ويلسون قد تقدم بتصوره عن مؤتمر السلام حيث كان يدعو إلى سلام عادل وحق تقرير المصير للدول جميعا في ظل منظمة دولية تعمل على الحفاظ علي السلام الدولي والإبتعاد عن الحروب. وهو ما يعني تصفية الإستعمار ومعاملة ألمانيا بطريقة عادلة. إلا أن الطرفين الأوروبيين بريطانيا وفرنسا كانتا مصممتان علي الإحتفاظ بالمستعمرات بالإضافة إلى رغبة فرنسا فى تأمين نفسها من وجود ألمانيا قوية من جديد.
وكانت نقاط الرئيس ويلسون الأربع عشر تشكل أساس الأمل الالماني فى معاملة معقولة من جانب المنتصرين، لكن آمالهم ذهبت أدراج الرياح.
(كذلك كانت تلك النقاط الاربع عشرة هي أساس المطالبة المصرية بمشاركة علي قدم المساواة فى مؤتمر الصلح وإرسال وفد مصري إلى هناك، وبالطبع فشل الوفد المصري فى الحصول على أي شيء)..
ولأول مرة منذ توقف القتال ظهرت فكرة المسئولية عن قيام الحرب فى نص إتفاقية الصلح. وهذا النص كان يلقي باللوم كله فى قيام الحرب على ألمانيا دون غيرها. وبالطبع تسبب هذا النص فى حركة غليان كبيرة داخل المجتمع الالماني الذى كان منقسما منذ توقف القتال كما ذكر من قبل. وبناءا علي فكرة المسئولية عن الحرب فقد ترتبت كل من فكرة التعويضات وفكرة الإجراءات الوقائية.
إنقسم المجتمع بشدة علي نفسه بسبب نصوص الإتفاق. فالإتفاق إلي جانب التعويضات الهائلة كان ينزع عن ألمانيا أراضي فى الشرق ويمنحها لبولندا ثم ينزع عن ألمانيا أراضي فى الغرب ويمنحها لفرنسا ويحدد عدد الجيش الألماني بمائة ألف فقط وينزع عن ألمانيا أي أقاليم تملكها خارج القارة الأوروبية، أي يسترجع كل مستعمراتها ليعيد تقسيمها على المنتصرين الأوروبيين، إلى جانب حظر تجارب الطائرات وفرض رقابة مشددة على مصانع الحديد فى منطقة الرور التي كانت مركز تصنيع سلاح الحرب.
وبالإضافة إلى كل ذلك قامت القوات الفرنسية والإنجليزية باحتلال منطقة الرور بما فيها كولن ودوسلدورف كضمان حتي تلتزم ألمانيا بدفع التعويضات التي نص عليها الإتفاق. وغير ذلك كثير من البنود التي تصل إلي حد الإذلال بل وتتخطاه.
وكان أن أعلن المستشار المنتخب من قبل الجمعية الوطنية فيليب شايدمان بعد عقد أول إنتخابات عقب الحرب شاركت فيها النساء لأول مرة وفاز بها الإشتراكيون الديموقراطيون (هو نفس الشخص الذي أعلن الجمهورية علي عجل حتي يقطع علي ليبكنيشت طريق إعلان جمهورية شيوعية علي نظام السوفيتات) أعلن عقب الإعلان عن نصوص إتفاقية فرساي أن اليد التي توقع علي هذه النصوص تستحق أن تذوي أو تقطع. (نفس مصطلح النحاس باشا في مصر بعد ذلك بعشرين عاما فى شأن فصل السودان عن مصر).
فى ظل الفوضي السياسية والمجتمعية التي كانت فى البلاد وبالذات فى برلين قررت اللجنة التي كانت مكلفة بكتابة دستور جديد للجمهورية التي أعلنت بدون أساس قانوني، قررت اللجنة أن تشرع فى أعمالها ولكن ليس فى برلين العاصمة وإنما فى مدينة بعيدة عنها وهادئة هي مدينة فايمار علي بعد حوالي 250 كم من برلين بسبب القلاقل وحالة شبه الحرب الأهلية التي كانت سائدة في برلين بين الحركة الشيوعية والحركة اليمينية.