قد فشلنا وانتهي الأمر
حادثة القتل التي تعرضت لها المجلة الفرنسية لن تمر علي المجتمعات الديموقراطية بدون عواقب وخيمة. وسوف تنشأ قوة دافعة ومؤثرة تضاف إلي الحركات الأوروبية الرافضة للأجانب عموما والرافضة الكارهة للمسلمين علي وجه التحديد.
والتحقيقات حتي الآن لم تسفر عن معرفة شخوص الجناة ولكن يمكن علي الأقل من مشاهدة الفيديو الذي اذاعه البوليس إستنتاج أعمارهم التقريبية. فهم في سن الشباب وأكبرهم لن يزيد عمره عن 30 عاما.
وهذا الإستنتاج له دلالة هامة جدا بالنسبة لجيلنا نحن من ولدنا قبل عام 1960، فهؤلاء هم أولادنا.. وهم الجيل الذي ربيناه ودرسنا له سواء في البيوت أو المدارس أو الجامعات. وهذا يجعل من مسئوليتنا عما حدث مضاعفة. فهؤلاء الشباب قد تربوا فى ظل قيم وضعناها نحن لهم بإرادتنا وباختيارنا. والفشل الذي وقعوا فيه – أو بمعني أصح وقعنا نحن المربون الأفاضل فيه– هو فشل تاريخي لا أجد له مثيلا من قبل. فالجريمة كبيرة والسبب الدافع إليها جديد والنتائج التي سوف تترتب عليها هائلة والأمر برمته ينذر بخطر شديد لا يحس به إلا من يعيشون في الغرب.
أولا الجريمة هي قتل مع سبق الإصرار والترصد والنية المبيتة، وهي جريمة إرهاب بسبب عدم وجود معرفة شخصية بين الجاني والضحية. أي أن العقاب الذي اراد الجاني إنزاله بالضحية قد يصادف شخصا آخرا لا علاقة له بنشر الصور.
ثانيا السبب الدافع إليها جديد في أثره ولكنه ليس جديد فى طبيعته. فشخص الرسول هو مثل كل الرسل قد تعرض كثيرا في حياته وبعد مماته وفي كل وقت لكثير جدا من المدح وكثير جدا أيضا من القدح. وهو نفسه كان يعاني من سوءات أهل قريش معه وكذلك أهل الطائف وكم من مهانات وتعديات قد تعرض لها قبل وبعد وأثناء عمله وتبليغ دعوته، إلا أننا أبدا لم نسمع عن واقعة قتل بسبب أي من تلك الإهانات والتعديات. وهذا السباب أو التعدي أو الإنتقاد أو الإساءة أو الإقلال من القدر أو أي فعل غير قانوني وغير أخلاقي يتعرض له إسم أو سيرة الرسول ليس أول سابقة ولن تكون أبدا آخر مرة، فطالما وجد الإنسان وجدت هذه الأعمال وهي لن تتوقف. وبالتالي ليس من المعقول أن يلجأ المسلمون للعنف في كل مرة يسمع فيها واحد منهم عن صورة من صور التعديات التي ذكرتها أو التي سوف تبتدع في المستقبل.
وقد فهمت الأجيال التي سبقتنا تلك الحقائق البسيطة وبالتالي لم تغال في رد الفعل وتركت الأمر ينتهي بالتقادم المعتاد وحافظت بالتالي علي سمعة هذا الدين من السوء والتشهير.
إلا أن...
إلا أن جيلنا نحن الآباء لهذا الجيل المتواجد حاليا في سن الشباب قد أخذنا الأمور في طريق آخر..