وردني سؤال: ما هى المطالب اللى ممكن تتحقق حالا فى موضوع "ثورة الإنترنت"، أو إيه اللى ممكن يتغير في أسعار و سرعات الإنترنت في مصر الأن و فوراً بدون الدخول فى حجج الفايبر و البنية التحتية النحاسية التى تلوكها الشركات و الحكومة ؟
اجابتي:
المشكلة لا علاقة لها بالشبكة النحاسية. المشكلة أساسا هي نقص حاد في سعة الاتصالات Bandwidth المتاحة.
يجب مطالبة جهاز تنظيم الاتصالات والوزارة والمزودين بالإفصاح عن حجم السعة الإجمالي وعدد المشتركين لدى كل شركة. وحبذا لو تم الافصاح عن ذلك الرقم لكل محافظة أو سنترال. وسترى أن نسبة المشاركة Muxing Ratio تزيد عن 1000:1 من السعة المباعة للمشترك، في حين أن النسبة العالمية هي 8:1
هذا المطلب سينقل الحوار إلى القضية الحقيقية بدلا من مسرحية #ثورة_الإنترنت التي أشك أن الهدف منها هو التمهيد لاطلاق شركة جديدة لمد شبكة ألياف تقترض المليارات والتي لن تمد شبكة، بل ستبدد المليارات المقترضة والتي ستضاف إلى ديون على مصر واجبة السداد.
مع استفحال الأزمة الاقتصادية، يصبح تقليل سعة الاتصال المشتراة من أول المصاريف التي يمكن تخفيضها لتعظيم أرباح شركات الاتصالات، مع أن ما يعود من وفر إلى الدولة هو ضئيل جدا لأن حصة الدولة ضئيلة في لنك دوت نت وكذلك في تي إي داتا.
القضية الأساسية هي أننا نمرر كابلات الإنترنت الدولية عبر مصر مجاناً في حين يحق لمصر تقاضي مالا يقل عن مليار دولار سنويا بالاضافة لنسبة من سعة الاتصالات المارة. طبعا هناك أفراد مصريين مرموقين (بتواطؤ من هيئات حكومية نافذة) يتقاضون مبالغ تحت الترابيزة بدلا من الدولة.
طبعا لا يمكن تجاهل استهلاك الأمن لقدر من سعة الاتصالات للتجسس على اتصالات كل فرد. وهذا القدر من الاستهلاك قد يصبح كبيرا لو أن منفذي التجسس ليسوا مؤهلين تقنيا للاقتصاد وعدم التبذير في السعة المستهلكة في التجسس.
والمثير في هذه الثورة هو تبني وسائل الإعلام لها، حتى تلك المعروفة بصلاتها الوثيقة بالدولة. بل أُفردت لها البرامج التلفزيونية وصفحات الجرائد القومية وشبه القومية، حتى قيل لي أن جهاز تنظيم الاتصالات ومحمد النواوي، رئيس الشركة المصرية للاتصالات يشاركان في البرامج الاعلامية للاعلان عن تعاطفهم مع ثورة الإنترنت.
تصادف في أول يوم لحكومة محلب، 2 مارس 2014، الاعلان عن اطلاق المشروع القومي للبرودباند لمد شبكة ألياف ضوئية، حسبما قال رئيس جهاز تنظيم الاتصالات في برنامج آخر كلام ليسري فودة. نحن لا نعرف من الذي وافق على هذا المشروع القومي ولا أي ميزانية تم تخصيصها له، وأي مجلس تشريعي وافق على هذا الاستثمار. ولكن تزامن هذا الاعلان مع ثورة الإنترنت المدعومة حكومياً يجعلنا نتساءل: هل من علاقة بين الاثنين؟
الخوف هو أن مسرحية ثورة الإنترنت يبدو أن لها هذف ثاني بالاضافة لنهب المليارات (بحجة مد شبكة ألياف) ألا وهو قتل الشركة المصرية للاتصالات، باصدار قانون يسلبها حق مزاولة عملها، فلا يصبح لها من مورد للدخل سوى تأجير شبكتها النحاسية للشركة الجديدة التي تزعم أنها ستمد ألياف ضوئية (ولن تفعل). فينتهي الأمر إلى تكبد الدولة مليارات الدولارات من الديون المنهوبة، وقتل الشركة المصرية للاتصالات ويبقى الشعب بنفس الشبكة النحاسية (التي يزعمون أنها مهترئة)، وأهم شيء للمستهلك: يبقى سعر الإنترنت بمصر مرتفع جدا في حين أن الخدمة تظل سيئة جدا.