ضعف العرب في هجرهم لكتاب الله
الفلاح المصري (2)
إلا أن هذه الصفات التي عرفناها عن الفلاح المصري وتأكدنا من رسوخها فى نفسه وتمكنها من وجدانه أصبحت صعبة المنال فى هذا الزمن. فمنذ تنامي الحركة الفاشية العربية فى منتصف ثلاثينات القرن العشرين ثم تمكنها من الحكم فى مصر عام 1954 وقعت تحولات كبيرة وتغيرات ضخمة جعلت هذه الصفات تنزوي وتذبل بل وفى بعض الأحيان تموت ولا يعد لها وجود..
وأول هذه التغيرات هو بناء السد العالي الذى وفر لمصر مخزونا هائلا من المياه يجعلها تخرج من دائرة تهديد عوامل الطبيعة لو أن المطر قد قلت كميته أو إنقطع لعام أو إثنين فلا خوف على البلاد بسب وجود هذه البحيرة الكبيرة أمام السد..
لكن السد على الجانب الآخر منع وصول الطمي الذى كان يتوزع بمنتهي الدقة على كل بوصة من أرض مصر لكي يعطيها خصوبة ويقف حائلا فى طريق التصحر. وهذا الإنقطاع لعدد كبير من السنوات أثر بالسلب فى خصوبة الأرض حيث بدأ زحف الصحراء ينتج أثرا ملحوظا وزادت كمية الرمال فى التربة حيث لا يوازن نموها قدوم ذلك الطمي.
وثاني هذه التغيرات كان إجتماعيا حيث حابت النظم الحاكمة سكان المدن ولم تنظر إلى أحوال الفلاحين فى القري مما جعل كثيرا من هؤلاء ينزحون إلى المدينة بحثا عن لقمة العيش التي تأتي بأى وسيلة وهجروا أرضهم التي كانت قبل ذلك هي حياتهم. وهذه المحاباة كانت نابعة من فكرة خبيثة تقول بأن الفلاح لا يثور لأنه فلاح ولأنه مرتبط بالأرض ولا يتدخل فى السياسة والحكم طالما كان بيع المحصول وتحقيق مكسب معقول أمرا متاحا. بينما المرشحون للثورة دائما هم أهل المدن من العمال وصغار الحرفيين حيث أن حياتهم مرتبطة بالأحوال الإقتصادية للدولة بصورة مباشرة ولا يستطيعون غالبا ممارسة العمل الحر كالفلاحين. فكانت الفكرة الخبيثة تحاول تجنب ثورة أهل المدن بأن تستميلها إليهم بغوايات ديماجوجية شعبية مخربة للأساس الإقتصادي للبلاد.. وعلى ذلك تم توجيه جزء هائل من موارد الدولة إلى مرافق المدن وأصبحت القري نسيا منسيا. فلم يكن أحد يهتم بتطهير الترع والمصارف ولا بدعم الفلاح الذى أصبح مضطرا لشراء مزيدا من الأسمدة لتعويض الأثر المفقود بغياب الطمي. ثم جاءت الضربة الثالثة بإدخال نظام البيع الإجبارى للمحصول إلى الدولة بأسعار تحددها مسبقا ولا يصح الطعن عليها وهي ضربة تكفل القضاء المبرم على العملية الإنتاجية الزراعية بأكملها، ليس على طريقة ماوتسي تونج بضربة واحدة من خلال القفزة الهائلة إلى الأمام، ولكن بالتدريج البطىء القاتل..
وبينما كان ذلك هو الوضع فى المجال الزراعي دخلت الدولة المصرية تجارب فاشلة فى مجالات التصنيع أضاعت فيها مبالغ طائلة بدون فائدة إنتهت كلها إلى أنه حتي اليوم لا يمكن تصنيع محرك سيارة يعمل بماكينة الإحتراق الداخلي Internal Combustion Engineبأيدي مصرية خالصة، رغم أن هذه تكنولوجيا القرن التاسع عشر !!
كما أهدرت الدولة المصرية كثيرا من الثروات وتركتها للتآكل والضياع عن طريق التأميم وعن طريق قانون إيجارات المباني الذى أهدر ثروة مصر العقارية عقودا طويلة ولا تزال آثاره قائمة حتى الآن.
وهذا الوضع بالذات جعل من سكني المدن أمرا رخيصا هينا مما عجل بالهجرة من الريف والتزاحم داخل المدن.
وفي كتاب لهيكل عن أحداث فترة الستينات وقبل نكسة يونيو يروي أن مجلس الوزراء قد إنعقد برئاسة الرئيس عبد الناصر وكان الموقف الإقتصادي حرجا للغاية والمالية العامة مكشوفة بحيث أن مشاريع مرافق تم الإتفاق عليها لم يعد ممكنا تمويلها. وحسب رواية هيكل فقد قال رئيس الوزراء فى تلك الجلسة ما معناه "إن الفلاح المصري يعيش منذ آلاف السنين على العيش والبصل وجلبابه ممزق ولهذا فهو لن يتأثر كثيرا لو زدناه عاما أو إثنين يقضيها على هذا الحال" !!..
وهذه الجملة البسيطة تشرح فى وضوح كامل العقلية التي كانت تحكم البلد فى تلك الفترة وتبين النظرة الإستعلائية التي كان الفلاح محطا لها من جانب السادة الحكام..
ثم جاءت ضربة أخري جديدة هي الإنفتاح على الدول العربية التي ظهر فيها البترول وبانت أرباح بيعه للمستهلك فى الدول الصناعية. وهذه الفوائض الكبيرة نتج عنها رغبة فى الإستثمار الوحيد الذى تمارسه معظم دول العالم الثالث، وهو إستثمار العقارات.
وبذلك وقع طلب هائل على عمالة غير مدربة تتحمل الجو الصعب فى تلك البلاد وتقوم بالعمل اليدوي لسلعات طويلة وهو أمر لا يتطلب أكثر من قوة التحمل، وهل هناك من هو أكثر تحملا من فلاح مصر؟
وبالتالي إنتقل آلاف الفلاحين المصريين للعمل فى دول الخليج وليبيا قياما بأعمال لا تتعلق بالزراعة ولا بالنبات مما أنساهم الزراعة ففقدت مصر مستودعا كبيرا للخبرة الزراعية عبر سنوات تقترب من نصف القرن..
وكالعادة كان الأستاذ لويس عوض من أوائل من تنبهوا إلى هذا الخطر الإجتماعي الإقتصادي حيث أنني قرأت له رأيا قديما يصب مباشرة فى هذا الإتجاه المناهض لإرسال فلاحي مصر للعمل كعمال يومية فى الدول العربية مما سوف يجعل الفلاح بنص كلماته التي أذكرها جيدا "ينسي أي المحاصيل تزرع فى الصيف وأيها فى الشتاء بينما لا يكتسب أي خبرة جديدة سوى حمل الطوب إلى الأدوار العليا"..
بيد أن الأخطر من ذلك كثيرا هو أن ذلك الخروج من وادي مصر (الذى أضحي رمليا من بعد أن كان طينيا)، جعل العودة إليه مرتبطة بتغيير النشاط نهائيا.. فمن عرف دولارات البترول لن يلوث يديه أو قدميه أبدا بالطين، أو الرمل.!!
وهكذا تولد طلب إقتصادي جديد على عقارات للسكني داخل القرية لأن المدينة قد تكون غالية أو لأن طبيعة الفلاح لا ترتاح إليها أو لأنه لا يريد التخلي عن زيه التقليدي أو لأنه يريد مباهاة أقرانه بنجاحه وفوزه بجزء معتبر من الثروة المالية ولذلك فهو لا يريد المدينة.. تعددت الأسباب والنتيجة واحدة، وهي رغبة الفلاح فى أن يتحول إلى عمل آخر مع بقائه فى قريته..وأن نظرته للثروة قد تحولت من تركيزها على التربة إلى تركيزها على ورق البنكنوت.. وهكذا بدأت صناعة قنبلة البناء على الأراضي الزراعية..
أخبار البكائين من النار
| ||
إن النار مخلوق من مخلوقات الله عز وجل، لا تفنى ولا تبيد، وقد أعدها الله لمن عصاه، وخالف أمره، وكذب رسله وأنبياءه، فمن خافها في الدنيا، وتجنب كل عمل يقربه منها أمنه الله منها يوم القيامة. ومن لم يخف منها، واقترف ما يقربه منها خوفه الله منها يوم القيامة. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
نسخة نصية للطباعة , بكاء الأفئدة من نار الله الموقدة للشيخ : ( سيد حسين العفاني )
عدوان إسرائيل على غزة كشف الكثير
بوليفيا تقطع علاقاتها مع إسرائيل وتعتبرها دولة إرهابية بسبب عدوانها الهمجي على غزة. بينما رد الدول العربية والاسلامية خجول وعلى استحياء ومن خلال وسائط الاعلام فقط. تبنت موقف بوليفيا كل من البرازيل والإكوادور وفنزويلا وكوبا، وحتى أن تشيلي وسلفادور وبيرو سحبت سفراءها من إسرائيل. ووزيرة بريطانية استقالت، بسبب موقف حكومتها من العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين. و شهدت المدن الأميركية والأوروبية خروج مظاهرات حاشدة, صدمتها صور القتلى والمشوهين والثكالى من الفلسطينيين, وحجم الخراب الذي حول بعض الأحياء والمزارع والحقول إلى أطلال وأنقاض.حتى أن أحد المتظاهرين الإنجليز اممن تجمعوا أمام سفارة إسرائيل في لندن, حمل لافتة كتب عليها عبارة تقول: إن لوم حماس على استخدامها الصواريخ ضد الأهداف الإسرائيلية، لا يختلف في شيء عن لوم امرأة لأنها ثارت لشرفها وصفعت من اغتصبها.مما أحرج وأربك أنظمة كثيرة, وأربك واشنطن, وهيئة الأمم المتحدة وأمينها العام السيد بان كي مون. فالحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة كشفت حقائق كثيرة, والتي يمكن تلخيصها لكل مسلم وعربي وحر بالنقاط والأمور التالية:
· الموقف المخزي لهيئة الأمم المتحدة وأمينها العام ومجلس الأمن من هذا العدوان. فعدوان إسرائيل على مدن وقرى فلسطينية يقطنها عزل وتكتظ بالنساء والأطفال وكبار السن والمرضى, والعدوان على الأونروا( منظمة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) والتي ناهز عمرها على 66 عام, والدموع المنهمرة من عيني مسؤول الأونروا في غزة الذى انفجر باكياً على شاشات التلفزة ، وهو يتحدث عن تعمد إسرائيل قصف المدرسة التابعة للمنظمة الدولية في غزة, لم تحرك ضمائر رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي والأمين العام للانتصار لمسؤول أممي عن الأونروا أعتدي عليه وعلى منظمته بوحشية ودم بارد. رغم أن الأونروا والأمم المتحدة أبلغت إسرائيل 16 مرة بأنه منشآت الأونروا تؤوي مدنيين عزلاً, لاذوا بها احتماء من العدوان الهمجي والقصف الوحشي الذي طال كامل القطاع بحيث لم يعد فيه من مكان آمن. ومواقف اللامبالاة هذه من رئيس مجلس الأمن الدولي والامين العام ومساعديه دليل على أن المنظمة بمؤسساتها وأعضائها وأمينها العام ومساعديه وطاقمها من الموظفين دورهم ربما هو محصور في استهداف دول لا تنصاع لأوامر واشنطن وإسرائيل, ولضمان أمن ومصالح واشنطن وإسرائيل وحلفائهما فقط.
· السكون المفجع الذي ساد العالمين العربي والاسلامي خلال العدوان على غزة. فلا إدانات رسمية علنية لإسرائيل, ولا سحب للسفراء (كما فعلت بعض دول أمريكا اللاتينية), ولا مجتمع مدنياً تحرك, ولا مظاهرات خرجت، ولا مساعدات إغاثية قدمت إلا في حالات استثنائية ولأهداف استعراضية لكسب ود جماهير هذه الدول وتهدئة غضب الشارعين العربي والاسلامي. ولا تأنيب أو انتقاد لمواقف واشنطن الداعمة للعدوان الإسرائيلي. فرد الفعل في العالمين العربي والاسلامي مخيب للآمال على كافة الأصعدة، من الأنظمة, والنخب, والشارع, وسائط الاعلام العربية والاسلامية. وحتى رد الاعلاميين الذين يدعون العروبة او الاسلام أو المنهمكون بدعم ما يسمى بالربيع العربي والدفاع عن قيم الحرية كان ملتوي ومخجل ومخزي.
· استخفاف واشنطن بالمشهد العربي والاسلامي. والذي لخصته صحيفة نيويورك تايمز بمقال لمراسلها دافيد كير كباتريك. ونشرته في عدد 30/7/2014م بعنوان الزعماء العرب يلتزمون الصمت ويعتبرون حماس أخطر من إسرائيل. ومما قاله المراسل: أن ذلك الاصطفاف العربي إلى جانب إسرائيل يحدث لأول مرة في تاريخ الصراع. وأن جهود بعض الزعماء العرب انحصرت بضرورة إنقاذ حياة الضحايا المدنيين الذين يدفعون ثمن الصراع دون تمييز بين الفلسطينيين. ورجل كنيسة وقس فلسطيني, قال:في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك كنائس لها نفس توجهاتنا، سحبت استثماراتها ،وهي ضخمة، من 3 شركات أمريكية ، تتعامل مع الصهاينة. لأنهم لا يريدون أن تكون استثماراتهم ملطخة بدماء الفلسطينيين. وختم حديثه بقوله: أتحدى أية دولة عربية أو إسلامية، أن تسحب استثماراتها من الشركات التي تتعامل مع الصهاينة.
· موقفي كل من الجامعة العربية ومنظمة التضامن الاسلامي جاء أقل بكثير جداً من الموقف المتواضع والخلبي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. فموقف كل من هاتين المنظمتين بدا أنه انعكاس لمواقف زعماء الدول العربية والإسلامية التي تشوبها الصراعات والنزاعات والخلافات بسبب تضادها من مجريات أحداث ما يسمى بالربيع العربي, والتي يبدوا أن تجاوزها بات صعب ومن المستحيل. وهذا التناقض واضح للعيان في مواقف الفضائيات كالعربية والجزيرة من الأحداث.
· الدول التي أدانت وقاطعت إسرائيل رؤسائها نساء و يقودها يساريون. في حين أن قوى اليمين وأغلب قوى اليسار في العالمين العربي والإسلامي باتت كما يبدوا جزءاً من تحالفات متناقضة بخصوص الشأن للفلسطيني الربيع العربي وعدد من القضايا والأحداث. حتى إن صحيفة الأهالي المعبرة عن حزب التجمع المصري, نشرت بتاريخ 23/7/2014م مقالة لأحد الكتاب أعتبر أن تأييد المقاومة خيانة وطنية.
· والعدوان الإسرائيلي الهمجي جاء في الوقت التي ترأس فيه إسرائيل لجنة حقوق الإنسان المختصة بتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة.وإسرائيل هي من تستعمر فلسطين وسجلها في مجال حقوق الانسان حالك بالسواد وحافل بجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب. وواشنطن وتل أبيب ولندن وباريس قد يعملون على استصدار قرار دولي يحظر المقاومة ويطالب بنزع سلاحها. وجاء في تصريحات وزير الخارجية كيري وممثلة بلاده لدى الأمم المتحدة سوزان رايس أن تسوية الأزمة الراهنة, ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة يجب أن يقترن بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية.
· وبذريعة أمنها القومي تنتهك إسرائيل جميع المواثيق والأعراف والقوانين. فرغم الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل من واشنطن ودول أوروبا لدعمها. إلا أنها تصر أن تقود كل هؤلاء في كل حروبها واعتداءاتها بذريعة حماية مصالحها وأمنها القومي.
· والمساحة الحقيقية لقطاع غزة هي 555كم2, بينما هي حالياً362كم2.فإسرائيل سرقت منه المائتي كيلومتر بموجب اتفاقية الهدنة عام 1949م. وبمقتضاها تم تحديد خط الهدنة كما لو أنه سوراً يحيط بقطاع غزة. واقترح الإسرائيليون أن تقام منطقة عازلة بين الطرفين بحدود مائتي كيلومتر اقتطعت من المساحة التي خصصت لقطاع غزة. ورغم النص على أن الخطوط الموضوعة مؤقتة, وأنها لا تؤثر على اتفاقية الهدنة الرئيسية، إلا أن إسرائيل سطت على المساحة المقتطعة وضمتها, ومسحت خطوط الهدنة التي يفترض أن تكون المرجع الأصلي للحدود. ومع ذلك لم يثار الموضوع.
· واتفاقية كامب ديفيد واتفاقية أوسلوا تخدمان في كثير من بنودهما إسرائيل.ومن يراجع هذه الاتفاقيات يجد ان كل من مصر والسلطة الفلسطينية ملزمتان بمحاربة السلاح الفلسطيني وضرورة نزع السلاح الفلسطيني واعتبار عنصر المقاومة الفلسطينية إرهابي.
· والدعوات إلى التهدئة مع إسرائيل تعلوا, بينما التهدئة ممنوعة بخصوص الازمات والخلافات والصراعات التي تعصف العرب والمسلمون. مع أن التهدئة مع إسرائيل قال عنها أستاذ فلسطيني: كل المعارك التي ربحناها في المعركة، خسرناها بعد التهدئة.
· والمواقف العجيبة لواشنطن وبعض العواصم العربية والاسلامية من العدوان. فمنهم من تحرك كوسيط لإبرام هدنة أو أتفاق لوقف العدوان. فالوسيط الأميركي يؤيد إسرائيل في عدوانها ويعتبره دفاعاً عن النفس وحرب على الإرهاب. وباقي الوسطاء أعجز من أن يدافع عن حق, أو يدين عدو ينتهك الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية وشرعة الأمم المتحدة,، أو أن يفرط بحقوق حلف الناتو الجاثم على أراضيه, كرمى لأخ عربي أو مسلم أو صديق. ومن رضي لأرضه القواعد العسكرية لا يمكنه أن يطردها من بلاد الغير. و كيري يصر على وساطة تركية قطرية بينما, ونتنياهو يصر على وساطة مصرية. والوسيط يجب أن يتصف بالنزاهة والحيادية ويضمن الحقوق.
· والاجتماع الذي عقد في باريس يوم ٢٦ يوليو بمشاركة وزراء دول عربية وإسلامية والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.انتهى هذا الاجتماع إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يلبى الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، والاحتياجات التنموية الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية، بحسب ما أعلنه وزير خارجية فرنسا، لوران فابيوس.
· وحرب المزايدات لا تتوقف. فالبعض يقف على عظام الشهداء لا ليرقبوا العدو، إنما ليرجموا دولة أو نظام أو زعيم. أو يمشي في الجنازات ليس مواساة لأهل الشهيد، إنما ليسيء لغيره. أو يقول: هذا متواطئ أو عميل, أو عدو لقضايا العرب والمسلمين.
· والشيطنة الاعلامية التي تمارسها وسائط الإعلام الصهيوني والإسرائيلي ومعها بعض وسائط الاعلام الدولي والعربي والاسلامي, والتي يقصد منها تحقيق الأهداف التالية:
1. الاهتمام بالأصوات الاسرائيلية المنتقدة لنتنياهو ومنها كلام أبن كاسبيت كبير المعلقين في صحيفة معاريف الاسرائيلية وكلام ناحوم بارنيع في يديعوت أحرونوت. والذين اعتبرا: أن إسرائيل باتت في مواجهة جيش حماس المنظم والمدرب والمسلح والحازم، القادر على إطلاق مئات وآلاف الصواريخ على تل أبيب والقدس وأهم المدن الإسرائيلية، وإغلاق مطار بن غوريون لمدة ثلاثة أيام. وأن حديث إسرائيل الحديث عن استغاثة حماس من أجل وقف إطلاق النار، ادعاء غير صحيح. وأخطاء نتنياهو في التعامل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأن حركة حماس والوضع الإقليمي يجران إسرائيل إلى مواضع لا تريدها، الأمر الذي من شأنه زيادة التباعد الدولي في تأييدها. والتحقيق في كفاءة الجيش الإسرائيلي وإدارة المعركة, وتحديد أوجه القصور التي ظهرت فيها, ومواصلة حماس بتحدي جبروت الجيش الإسرائيلي طوال أكثر من شهر. والقلق من تدهور العلاقة مع الحليف الأمريكي, ومن أسلوب نتنياهو بتحويل الرئيس أوباما من صديق إلى عدو لإسرائيل. وإن الضباط في مقر هيئة الأركان في تل أبيب يعلمون أنه يوم يتوقف إطلاق النار في الجنوب فسيبدأ إطلاقها في تل أبيب والقدس. وماذا علمتم وماذا لم تعلموا عن الانفاق, وكيف تعاملتم بشأنها. والنقاشات التي ستبدأ في الجيش الإسرائيلي في اليوم التالي ستنحصر في عدد من القضايا المتعلقة بتأخير العملية البرية, وإلى أي مدى أضر القصف وإطلاق القذائف بالعملية؟ وهل المستقبل كامن في الأنفاق وليس في القذائف الصاروخية؟. ومع أن هذه الأصوات لم تندد بالعدوان ولا بجرائم الجيش الإسرائيلي. إلا أن بعض وسائط الاعلام اعتبرتها أنها أصابت رئيس الوزراء نتنياهو هو وفريقه بمقتل. وأنها أحدثت شرخا قوياً في الداخل الإسرائيلي, وهزيمة مدوية لإسرائيل. وكأن هدفهم طمس حجم الخراب والدمار والعدد الكبير للضحايا والذي يستوجب محاكمة حكومة إسرائيل في محاكم جرائم الحرب الدولية. على الأقل انتصاراً لهذه الضحايا, ومعاقبة مرتكبيها كما أمر الله رب العالمين.
2. تشويه صورة المقاومة أو تجريمها. وذلك من خلال أنها لو أحنت رأسها للعاصفة، لما جرى ما جرى. ولما تحول قطاع غزة من سجن إلى مقبرة. وحركات المقاومة الوطنية الفلسطينية معذورة بكل الطرق التي تتبعها مع العدو الصهيوني. لأنهم يواجهون مغتصب للأرض والحقوق والمقدسات, ويقتلع الفلسطينيين من أرضهم, ويهجرهم خارج فلسطين على مدار الساعة منذ أكثر من سبعة عقود. وأجهض كل محاولات الوصول إلى تسوية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي , بما فيها المفاوضات الفلسطينية واتفاق أوسلوا الذي مضى عليه أكثر من 20 عام.
3. ترهيب وإخافة العرب والمسلمون من ما تجره عليهم حركات المقاومة الوطنية من مآسي بسبب معارك التحرير التي تخوضها ضد عدو مغتصب للأرض. وتجاهل حقيقة أن الحروب ومعارك التحرير تقاس بخواتيمها وليس ببداياتها وجولاتها. وإحصاء الضحايا ضروري من أجل محاسبة الجناة وحث المقاتلين لتحقيق حلمهم وحلم من سبقوهم من الشهداء. لا الشماتة, أو نوع من الحفاوة بالموت وتشجيعاً عليه بالمجان, أو لاعتباره بداية الطريق إلى الهزيمة.
4. تقزيم اَضرار العدوان الوحشي على غزة من قبل إعلاميي ووسائط الاعلام العربي والإسلامي حين ينقلون الخسائر بالأرواح على أنها أعداد فقط, والخسائر بالبنية التحتية كمناظر فقط.فالواجب المهني والوطني والانساني يقتضي توثيق كل حادثة استشهاد أو جريمة ارتكبت أو ترتكب بحق مدنيين أو منشأة استهدفت ودمرت. وذلك من خلال زيارة أهل الشهيد أو الضحية أو المنشأة من قبل وفود إعلاميي الفضائيات. وتوثيقها وتوصيفها وإجراء المقابلات في مكان حدوثها, ومتابعتها مع المنظمات الانسانية والدولية لملاحقة مرتكبيها. بدل من الأسلوب المتبع من نقلها كخبر أو صورة فقط.
ما آل إليه واقعنا العربي والاسلامي وما وصلنا إليه من هذا الدرك مرعب ومخيف وغير مريح على الاطلاق. فالمطلوب مواجهة إسرائيل لأنها العدو الذي يستهدف العرب والمسلمين.
"سيلفي"تنتظر "القاعدة"كي تصبح "دروني"!
اليوم الذى هز العالم-1
اليوم الذي هز العالم
اليوم الذي هز العالم يتذكر الأيام من القرن العشرين التى ثبت أنها تحدد الحقبة، والمحور في مسار التاريخ الحديث. هذه هي الأيام التي تشمل الثورات السياسية والاختراقات التكنولوجية، والانتصارات الرياضية تأخذ مكانها، وتأثيراتها تركت الشعور فى للعالم مليئة بالآثار. بدءا من جنازة الملكة فيكتوريا التى تسرد مثل هذه الأحداث البارزة مثل كارثة المنطاد هيندينبيرغ وأزمة الصواريخ الكوبية، يتضمن أيضا سلسلة لمحات عامة موجزة المزيد من الأحداث الأخيرة مثل كارثة تسونامي الآسيوية والحدث الأوليمبى لعام 2012 .
1 جنازة الملكة فيكتوريا فبراير 1901
2 الأخوان رايتأول محاولة طيران ديسمبر 1903
3 إميلي دافيسونتلقي بنفسها تحت الحصان رويال ديربي يونيو 1913
4 معركة السوميوليو 1916
5 تنازل القيصر نيكولاس مارس 1917
6 معاهدة الدولة الأيرلندية الحرةديسمبر 1921 توقيع
7 ويمبلدون تحطم الرقم القياسى سوزان لنجلين يوليو 1925
8 بدء إضراب عام في المملكة المتحدة مايو 1926
9 تشارلز ليندبرغيطير في المحيط الأطلسي منفردا مايو 1927
10 لاعب الغولف الأمريكي بوبي جونزالانتصارات البطولات الاربع الكبرى سبتمبر 1930
11 هتلريصبح المستشار الألماني يناير 1933
12 إدوارد الثامنيتنحى ديسمبر 1936
13 تحطم المنطاد هيندينبيرغ مايو 1937
14 هتلريضم النمسا مارس 1938
15 ألمانيا تغزوبولندا سبتمبر 1939
16 إجلاء دونكيركمايو 1940
17 لندن بدء الإغاراتعلى أهداف مدنية سبتمبر 1940
18 الهجوم على بيرل هاربورديسمبر 1941
19 بدء معركة العلمينأكتوبر 1942
20 سقوط ستالينغراد - استسلام الجيش الألماني يناير 1943
21 يوم الإنزال على نورماندى -D يونيو 1944
22 تحرير باريسأغسطس 1944
23 لقاء الثلاثة الكبار في يالطالتقسيم مرحلة ما بعد الحرب لتقسيم العالم فبراير 1945
24 إستسلام الألمانإلى مونتغومري مايو 1945
25 VE احتفالات عيد مايو 1945
26 أول اختبار للقنبلة الذريةفي نيو مكسيكو يوليو 1945
27 فوز العمال بنتائج الانتخابات البرلمانيةيوليو 1945
28 أسقطت قنبلة ذرية على هيروشيما أغسطس 1945
29 الحصول على إستقلال الهند وباكستانأغسطس 1947
30 برلين بدء الجسر الجوي يونيو 1948
31 ماو و الشيوعيين يسيطرون في الصينفي أكتوبر 1949
32 بدء الحرب الكوريةيونيو 1950
33 نفجير بريطانيا أول قنبلة ذرية أكتوبر 1952
34 إطلاق الغواصة النووية الأولىيناير 1954
35 روجر بانيسترفواصل أربع دقائق مايل روجر مايو 1954
36 الاستسلام الفرنسي في ديان بيان فومايو 1954
37 كارثة سباق لومان 24 يونيو 1955
38 خروتشوف يشجب وتدين ستالينفبراير 1956
39 أول محطة للطاقة النووية أكتوبر 1956
40 السوفييت سحق الثورة المجريةنوفمبر 1956
41 غزو السويس نوفمبر 1956
42 مصرع لاعبى مانشيستر يونايتد فى كارثة ميونيخ الجوية فبراير 1958
43 كأس العالم بيليه الأداء النهائيالإثارات والحشود يونيو 1958
44 تشغيل أول حوامة يوليو 1959
45 تنصيب كينيدي يناير 1961
46 يوري غاغارين يصبح أول رجل فضاء أبريل 1961
47 تشييد جدار برلين أغسطس 1961
48 أزمة الصواريخ الكوبية أكتوبر 1962
49 خطاب مارتن لوثر كينج "لدى حلم" أغسطس 1962
50 إغتيال جون كينيدى نوفمبر 1963
من المسئول؟
ودخلت هذه الركعة الرمزية – وربما الإنسانية أيضا – التاريخ تحت إسم ركعة برانت فى وارسو.
المكان: مدينة وارسو عاصمة بولندا
الزمان: أحد أيام الربيع فى عام 1970
الموقع: النصب التذكاري لضحايا التمرد الذى قام به السكان اليهود فى جيتو وارسو ضد حكم النازية أثناء الحرب العالمية الثانية والذين تم سحقهم بقوة هائلة..
الأشخاص: المستشار الألمانى الغربي فيللي براندت الذى يزور بولندا كأول مسئول ألماني رفيع منذ نهاية الحرب قبل 25 عاما فى محاولة لتحسين العلاقات مع بولندا التي عانت الأمرين اثناء الحرب ودمرت بالكامل، ومن خلال تحسين هذه الروابط يحاول تحسين العلاقات المتوترة بين الشرق والغرب الألمانيين وأيضا الشرق والغرب السياسيين والمذهبيين.
وقف فيللي براندت وقفة فيها نوع من الخشوع الذى حرص على إظهاره ثم تقدم وحده كرئيس الوفد الألماني الغربي إلى حيث وضع جنديا حرس الشرف باقة الزهور عند شاهد النصب التذكاري لانتفاضة جيتو وارسو ثم وصل إلى موقع النصب التذكارى وقام بالحركة الشهيرة من إعادة وضع الباقة لكي يظهر وأنه هو من أشرف على وضعها النهائي ثم تراجع خطوتين للخلف فى إحترام بالغ وتوقف لفترة طويلة نسبيا دامت دقيقتين على الأكثر وكاميرات المصورين تلمع بدون إنقطاع تصور هذا الحدث الذى يعادل إعترافا ألمانيا بالندم على ما فعل بعض من أبنائهم بهذا الشعب وعلى أرضه.
وتتتابع لقطات المصورين وفيللي براندت واقف لا يتحرك كالتمثال ينظر فى أسي واضح على وجهه إلى موضع شاهد النصب التذكاري، وفجأة وقع ما لم يكن فى الحسبان..
شهد العالم بأجمعه، وكانت تلك المناسبة منقولة على الهواء فى زمن لم يكن فيه النقل المباشر قد اصبح سهلا كما هو اليوم، شهد العالم بأجمعه فيللي براندت مستشار ألمانيا الغربية الذى يحكم أكبر إقتصاد أوروبى ويمسك بيده مقادير أقوي عملة موجودة وقتها بعد الدولار الأمريكي، شهده العالم يثني ركبتيه ببطء ثم تنهار مقاومة عضلاته للحركة البطيئة فينزل بالكامل بسرعة على ركبتيه ملامسا بهما سطح الأرض لكي يعبر عن إحترامه لذكرى هؤلاء القتلي الأبرياء ولكي يظهر للعام وللبولنديين أيضا أنه نادم على فعلة بعض من بني وطنه بهؤلاء الضحايا.
وبالطبع خلبت المفاجأة ألباب الصحفيين وتسارعت أضواء الفلاش تبرق ثم تبرق ثم تعيد التصوير مرة ومرة ومرات وقد فتح كثير من أعضاء الوفد الألماني الغربي المرافق للمستشار براندت افواههم من الدهشة حيث أن ذلك لم يكن متفقا عليه ولم يكن أبدا يصلح محلا للإتفاق عليه إذ أن المستشار لا يمثل شخصه وإنما يمثل دولة وشعب ولا يصح أن يكون الرمز هو أن الشعب الألماني يجثو على ركبتيه أمام هؤلاء البولنديين، خصوصا وقد إنتهت الحرب باقتطاعهم لأجزاء كبيرة من الاراضي الألمانية المتحدثة باللغة الألمانية جزاءا على بدء ألمانيا الحرب بدون إستفزاز من جانب بولندا..
بعد حوالى دقيقة ونصف بدا المستشار فى عملية النهوض من جديد ثم وقف وألقي نظرة أخيرة على الشاهد واستدار إلى الوفد الألماني والصحفيين واستكمل برنامج الزيارة فى صمت وكانت صيحات الإستغراب منذ بداية هذه الوقفة ثم السقوط على ركبتين ثم القيام لا تتوقف بل تزيد عمقا وتعبيرا وصخبا..
ودخلت هذه الركعة الرمزية – وربما الإنسانية أيضا – التاريخ تحت إسم ركعة براندت فى وارسو..
إنتهت الزيارة بعد ذلك وعاد براندت إلى المانيا ليجد الجحيم فى إنتظاره..
مأساة طرابلس ولبنان ..والإقطاع المالي الحاكم بدعم المليشيات
تأليف : محمد السويسي
كان يجب أن يمتد الربيع العربي إلى لبنان لينسف الإقطاع المالي السياسي الحاكم الذي افتعل حرب السنتين ليعطل جميع مرافق الدولة الرسمية في مدينة طرابلس فأهمل محطة الكهرباء التي كانت تغذي الشمال وبعضاً من جبل لبنان و بيروت ..
وأرسل هذا الإقطاع وقتذاك من يقصف خزانات المصفاة من أجل تعطيلها وتدميرها ..
وحرب السنتين انفجرت قبل اشهر من تدشين معرض طرابلس عالمياً بعد أن استكملت جميع تجهيزاته ..
كما عطلوا المرفأ والسكة الحديد والمستشفى الحكومي ودمروها كما دمروا مصانع البحصاص التي كانت تضم الآف العمال زيادة في قهر طرابلس وإفقارها ..
إلى حد أنهم لم يوفروا البلدية من أذاهم بتعطليها الدائم خوفاً من تحسين المدينة وتجمليها لعرقلة مجىء السياح إليها واستحضار المليشيات الإرهابية المسلحة للتقاتل فيما بينها بتمثيليات مفتعلة لأنها كانت تتقاتل من أجل لاشيء سوى تعطيل المدينة وخرابها ..
وبعد أن رحلت فإنهم يرسلون من يفجر هنا وهناك حتى يعطلوا مصالح المدينة وتجاراتها من زوار الأقضية والجوار وليس من السواح فقط ..
كل ذلك ليضعوا يدهم على واردات الدولة ويحصرونها ببضعة اشخاص فقط بدلاً من أن يعود ريعها للخزينة والشعب عدا المتاجرة بالدواء واللحوم الفاسدة ..
ومع هذا النهب المتمادي امتنعوا عن تقديم أي ضمانات إجتماعية للشعب خوفاُ من أن تنقص أرباحهم ، فلاتأمينات إجتماعية أو صحية ولاضمان شيخوخة أو تعويض بطالة للعاطلين عن العمل ..
وكلفة ذلك كله 1300 مليون دولار تشكل 20% بالمئة من ارباحهم المنهوبة من الشعب ...
كان يمكن إرغامهم على ذلك ولكنهم اشتروا كل الأحزاب بالرشوة بالمال والمناصب والنيابة والوزارات بعد أن حصنوا أنفسهم بسلاح المليشيات التي يحمونها على حسب الشعب والوطن ..
واخترعوا مليشيا حزب اللاه لحمايتهم تحت عنوان المقاومة بمساعدة سوريا ، رغم وجود الجيش اللبناني الوطني ، زيادة في الخداع و التضليل والسرقة والنهب ..
ولو انتهى الحزب وذهب مع ذهاب النظام الإيراني فسيأتون بمليشيا أخرى حماية لأرباحهم وقد جعلوا من اي مليشيا شريكة في نهبهم وارباحهم .
ومع كل هذا الألم فإنهم لو أزاحوا عن السلطة والحكم فبالإمكان إعادة تصحيح موازنة الخزينة وإعادة التوازن للرواتب والأجور ووقف النهب وإصلاح وضع الكهرباء والإدارة وقف السرقة فيها والهدر وتحقيق كل الضمانات الإجتماعية لدفع مسيرة الوطن نحو الأفضل في خدمة الشعب والوطن ..
إنهم لايحتاجون لمن يعلمهم على إصلاح الوضع وخدمة الوطن والشعب ..ولكنهم يتعمدون أذلال الناس وقهرها بسلاح حزب اللاه في مواجهة الجيش الذي يخشونه لئلا يغضب عليهم اسوة بجيوش العالم ..وقد امنوا مع دعم الأمريكان لهم ، أعداء الحرية والإنسان .
أوباما ودولة داعش التكفيرية
الرئيس الأمريكي في حواره مع جريدة نيويورك تايمز الذي نشر في صحيفة الشرق الأوسط في 7/8/2014 أعاد تقسيم خريطة سوريا والعراق مع إعلانه وفاة إتفاقية سايكس بيكو بأنه لم يعد لها وجود وانتهاء صلاحيتها ..
وحدد تقسيماً جديداً يقوم على :
1- دولة كردية في شمال العراق مع جزء من سوريا ؟!
2- دولة داعش التكفيرية تمتد من وسط سوريا إلى وسط العراق من حدود بغداد حتى جبال كردستان وقد حدد جغرافيتها بالضربات الجوية حتى لاتتعداها ، باعتبارها دولة أمر واقع تملأ فراغاً لغياب العرب عن المشاركة الإقتصادية العالمية ..وكأن داعش دولة عالمية إقتصادية ؟!
3- دولة شيعية عراقية ، كما أطلق عليها ، تمتد من بغداد حتى الجنوب ؟!
وقد برر هذا التقسيم الجديد بفشل إيران في إحتواء المكونات العراقية بأعمال مليشياتها الشعوبية الدموية ، أي اعترافه بتسليمه أمر العراق لإيران منذ احتلاله ،مبرراً أنه فعل ذلك لأن الشيعة في العراق هم الأكثرية ؟!..
وبالعودة الى فحوى هذا المؤتمر فإن هذا التصريح يؤكد بأن شركات النفط الأمريكية هي التي تقود المعارك في العراق وسوريا كما الحال في ليبيا ، إذ أن المشاركة الإقتصادية التي افتقدها أوباما عند العرب ووجدها في داعش ، هي بيع داعش النفط العراقي والسوري للشركات الأمريكية ب/12/ دولاراً للبرميل ، الذي ينقل من العراق بواسطة شاحنات إيرانية نحو تركيا ومن ثم بناقلات النفط لصالح الشركات الأمريكية ، بينما تبيعه باقي الدول العربية النفطية وفق السعر العالمي بحدود /100/دولار للبرميل ..
وقد أعلن مسعود بارزاني بالأمس أن «إقليم كردستان لا يحارب منظمة إرهابية، بل يحارب دولة إرهابية مسلحة بأحسن أنواع الأسلحة، الأسلحة التي يملكها (داعش) أكثر تطورا وعددا من أسلحة البيشمركة، ومع كل هذا تصدت قوات البيشمركة بشكل بطولي لهؤلاء وأوقفت تقدمهم، ولن نطلب من أصدقائنا إرسال أبنائهم إلى هنا للقتال نيابة عنا، فهذه حربنا ونحن الذين سيخوضونها، لكن نحن نطلب من أصدقائنا أن يساعدونا وأن يعطونا السلاح الذي نريده لهزيمة هؤلاء، إضافة إلى توفير الإسناد الجوي لنا في المعركة عند الحاجة لذلك».
مما يدل على مدى الدعم الأمريكي لهذه الدويلة التكفيرية ، التي يخطط لها الأمريكان دوراً مستقبلياً على مايبدو لشرذمة العرب وتقسيمهم بديلاً عن إيران التي اعلن أوباما في فشلها في ضبط العراق رغم الدعم الكبير لها .
وقد اتهم الإعلام الروسي مؤخرا تنظيم داعش بأن قيادته هي من ضباط الموساد المدربين كما جاء في الصحف وفق التالي :
عاجل:
جهاز الإستخبارات الروسيه يكشف الهويّة الحقيقيّة والكاملة لأمير داعش الملقّب بأبوبكر البغدادي.
الإسم الحقيقي : شمعون إيلوت
الخطّة : عميل إستخباراتي بجهاز الإستخبارات الصهيوني موساد
---------
الإسم المزيّف الحالي : إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري الرضوي الحسيني
الخطّة : إختراق التحصينات العسكريّة والأمنيّة للدول اللّتي تشكل تهديد لأمن إسرائيل و تدميرها لإجتياحها لاحقا بغية التوسّع و تأسيس إسرائيل الكبرى
فقد توضحت الهوية الحقيقية ﻷبو بكر البغدادي
إسمه الحقيقي شمعون ايلوت وهو يهودي المولد حيث كان يعيش لعدة سنوات ويستخدم هوية مزورة وتدرب على أيدي الموساد الاسرائيلي واليوم يتم تعريفه للعالم بأنه أحد المدافعين عن المسلمين السنة حتى يزرع بذور النفاق والعداوة بين المسلمين ؟!
علماً أن إيران تشحن مجاناً من نفط البصرة ألف شاحنة يومياً منذ الإحتلال بحجة تعويض نفقات تدخلها في العراق كما تحميل ناقلة نفط متوسطة كل أسبوع ، مجاناً أيضاً ، لصالح الأسطول الأمريكي في الخليج ؟!
اليوم الذى هز العالم-2
اليوم الذي هز العالم
اليوم الذي هز العالم يتذكر الأيام من القرن العشرين التى ثبت أنها تحدد الحقبة، والمحور في مسار التاريخ الحديث. هذه هي الأيام التي تشمل الثورات السياسية والاختراقات التكنولوجية، والانتصارات الرياضية تأخذ مكانها، وتأثيراتها تركت الشعور فى للعالم مليئة بالآثار. بدءا من جنازة الملكة فيكتوريا التى تسرد مثل هذه الأحداث البارزة مثل كارثة المنطاد هيندينبيرغ وأزمة الصواريخ الكوبية، يتضمن أيضا سلسلة لمحات عامة موجزة المزيد من الأحداث الأخيرة مثل كارثة تسونامي الآسيوية والحدث الأوليمبى لعام 2012
51 فريق البيتلزالعائد من الولايات المتحدة فى إنتصار فيراير 1964
52 أكوام الأنقاض تدفن مدرسة أبيرفان أكتوبر 1966
53 مصرع دونالد كامبلفى تحطم بلوبيرد يناير 1967
54 إندلاع حرب الأيام الستةيونيو 1967
55إنتشارالاضطرابات في ميدان جروسفينور بلندن مارس 1968
56 1968 أكبر إضراب جماهيريفي التاريخ باريس –فرنسا 57 القمع السوفييتى لربيع براجأغسطس 1968
58 كونكورد الطائرة الأسرع من الصوتتطير لأول مرة مارس 1969
59 نيل أرمسترونج يضع قدمه فوق سطح القمر يوليو 1969
60 الأحد الدامي في أيرلندا الشمالية يناير 1972
61 إستقالة أول رئيس أميريكى ريتشارد نيكسونأغسطس 1974
62 آية االله الخمينييعود من المنفى فبراير 1979
63 إغتيال اللورد مونتباتن بواسطة الجيش الجمهوري الايرلنديأغسطس 1979
القوات الخاصة البريطانية تقتحم السفارة الإيرانية في لندن 1980 64
65 إجتياح جزر الفولكلاند من قبل بريطانياأبريل 1982
شيفيلد غرقت في حرب الفوكلاند مايو 1982 66 HMS
الجيش الجمهوري الايرلندي في تفجير فندق جراند برايتون 67
المجاعة الاثيوبيةتقارير بي بي سي تثير استجابة ضخمة 68
أعمال الشغب بملعب هيسل مايو 691985
70 إنفجار المركبة الفضائية تشالنجر يناير 1986
71 الهجوم الأمريكى على ليبياأبريل 1986
72 كارثة تشيرنوبيل أبريل 1986
73 1987 March مارس 1987 العبارة "هيرالد اوف فري انتربرايز"تجنح عند خروجها من مرفأ زيبروج اكسون Valdez-
انفجار طائرة لوكربيبان آم ديسمبر 741988
75 أسوأ تسرب نفطي إكسون مارس 1989
76 مذبحة ساحة تيانانمن يونيو 1989
77 تحطيم جدار برلين نوفمبر 1989
78 النهاية الرسمية للحرب الباردة - بوش / غورباتشوف ديسمبر 1989
79 الإطاحة بتشاوشيسكوديسمبر 1989
الافراج عن نيلسون مانديلا فبراير 801990
81 العراق بغزو الكويتأغسطس 1990
82 تاتشر (شلالات من الطاقة) تسقط من السلطة نوفمبر 1990
83 حرب الخليج عاصفة الصحراء - يناير 1990
84 فشل الإنقلاب السوفياتي أغسطس 1991
85 معاهدة ماستريخت ديسمبر 1991
86 أعمال الشغب بسباق لوس انجليس مايو 1992
الأسرة الملكية البريطانية في أزمة يونيو 871992
88 قلعة وندسور التي تضررت من الحريق نوفمبر 1992
89 1992 ديسمبر إنفصال أمير وأميرة ويلز
90 اتفاق السلام الاسرائيلي العربيالعربي سبتمبر 1993
91 يلتسينيسحق المتمردين السياسيين أكتوبر 1993
92 الأزمة البوسنية فبراير 1994
93 إنهياربنك بارينجز فبراير 1995
94 1995 أبريل 150 يلقون مصرغهم فى هجوم إرهابى فى أوكلاهوما
كشف النقاب عن استنساخ النعجة دوللى فبراير 95 1997أميرة ويلز تقتلفي حادث سيارة في باريس أغسطس 96 1997وفاة الأم تيريزا سبتمبر 97 1997جنازة ديانا، أميرة ويلز سبتمبر 98 1997إعصار ميتشأكتوبر 99 1998اقالة الرئيس كلينتون ديسمبر 100 1998
إصلاحات دينية مؤثرة على حركة التاريخ
إصلاحات دينية مؤثرة على حركة التاريخ
أثر تيار الإصلاح الديني الأوروبي فى القرنين السادس عشر والسابع عشر تأثيرا كبيرا فى تاريخ العالم ولعل هذا التأثير قائم حتي اليوم.
لمعرفة أبعاد هذه القضية لابد للمرء أن يعود إلى العصور الوسطي ليتعرف على طبيعة تقسيم القوي بين الدولة ممثلة أولا فى الملك ثم الأمراء ثم اصحاب الأراضي من ناحية، والكنيسة الكاثوليكية من ناحية أخرى. فالقوة ليست فقط عسكرية كما يعتقد البعض، ولكنها فى الأساس قوة إقتصادية حيث أن هذا النوع من القوة هو الذى يفرض السلطان الأقوي من سلطان الأديان.
وهذه الخصيصة من خصائص الحياة الأوروبية فى القرون الوسطي ومنذ الإدعاء بالعهدة القنستنتينية، نتج عنها أن الكنيسة كانت تتمتع – على الأقل فى المناطق الجنوبية من أوروبا - بقدر هائل من الثروة الممثلة فى الاراضى ومن عليها وما عليها. فالكنيسة كانت أكبر مالك للأراضى فى العالم سواء كان ذلك فى إسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا. بينما لم يكن هذا الوضع ماثلا فى شمال أوروبا فى دول مثل السويد أو إنجلترا أو الدنمارك.
ومنذ أن قام مارتن لوثر بالإعلان عن موضوعاته التي يطلب فيها محاججة الكنيسة ونقاشها فى تلك الموضوعات نشأت حركة مغالية فى معارضته إلى جانب حركة مغالية فى تاييده مما أدي إلى حدوث حالة من الإستقطاب نتج عنها حروب دينية كبيرة أشهرها حرب الثلاثين عاما على أرض ألمانيا والتي تصارعت فيها قوى ممتدة من السويد إلى إسبانيا.
كما نتج عن هذه الإصلاحات أن إختلف الملك هنري الثامن مع البابا على موضوع طلاق الأول من زوجته لكي يتزوج حبيبته فخرج الملك عن المذهب الكاثوليكي ودخل إلى المذهب البروتستانتي ونصب نفسه إلى جانب منصبه الملكي رئيسا للكنيسة الأنجليكانية فتوحد بذلك شخص الملك مع شخص البابا أو من يقوم بوظيفة البابا.
ونفس هذه الخطوة قام بها الملك السويدي جوستاف الذى كان قد أرهق ماليا بسبب الضرائب التي كان يدفعها للكنيسة فى روما مما جعله ينتهز الفرصة ليخرج أيضا عن سلطة روما وينشىء كنيسة السويد البروتستانتية اللوثرية التي يراسها هو شخصيا مع إعلان شطب ديون الكنيسة المستحقة على السويد حيث أن السويد منذ هذه اللحظة لم تعد تؤمن بالمذهب الكاثوليكي!!
ونفس الشىء قام به ملك الدنمارك.
وهكذا أصبح هناك فى شمال أوروبا وضع جديد يتمثل فى قطع كامل للعلاقة مع الفاتيكان بكل ما يحمله من رموز وفكر، وماضي بالطبع أيضا.
وهذا الإنقطاع جعل الفكر السياسي فى هذه الدول يعيد التفكير فى نظرته الأيديولوجية للعالم والتي إستبدل بها نظرة جديدة لا تحمل أثقال الماضي الكاثوليكي وهذا الماضي يشمل من ضمن ما يشمل الموروث الصليبي القائل بكفر المسلمين لأنهم خرجوا عن الروح المسيحية الحقة.. وهذه النظرة ترى العالم بأسره مجالا لعملها سواء فى التجارة أو البحث عن إستعمار اراضى بعيدة دون الدخول فى حلبة الصراع العقائدي.
وهكذا بدأت الحركة الإستعمارية القائمة على فكرة نشر التنوير والتمدن، بدلا من فكرة نشر كلمة الرب على الطريقة الكاثوليكية الإسبانية والبرتغالية.
وعند هذه النقطة كان دور إنجلترا فى تطوير هذا المفهوم دورا محوريا أثر على الفكر السياسي لكل العالم ولا يزال يؤثر حتي اليوم..
فانجلترا أثرت فى الفكر السياسي والإقتصادي للعالم كله كما لم تؤثر أمة أخري..
كيف؟
لقاء أول مع الصخور الثلجيّة في المجموعة الشمسية "روزيتا"ترافق مذنّبـ"ها"إلى الشمس احتفاءً بخمسينية "إيزا"!
إصلاحات دينية مؤثرة على حركة التاريخ (2)
كانت أول خليفة للملك هنري الثامن الذى حول إنجلترا إلى المذهب الجديد هي إبنته إليزابيث التي ورثت العرش من بعده وتحولت إلى الملكة إليزابيث. وقد كانت فتاة حصيفة لم تتزوج ووهبت نفسها لمنصبها الذى كانت تمارسه عن طريق مجموعة من الرجال الاقوياء بعيدي النظر ممن كانوا يخدمونها بإخلاص.
وقد وقع فى عهدها أن تحولت إنجلترا إلى القوة البحرية الأولي فى العالم عقب أن هزمت الاسطول الإسباني الذى كان فى ذلك الحين لا يقهر وحطمت سطوته على الأطلنطي وبدأت إنجلترا تزحف إلى غرب الكرة الأرضية الذى كان قاصرا على الإسبان والبرتغال.
وبسبب إختلاف المذهب المسيحي تحول الإنجليز ألي فكرة أن البروتستانتية هي صنو التقدمية بينما الكاثوليكية هي قرين التخلف. فمنذ إعتناق الملك هنري للمذهب الجديد ثم هزيمة القوة البحرية العظمي إسبانيا فى محاولتها غزو إنجلترا لإعادتها إلى المذهب الكاثوليكي فى عهد الملكة إليزابيث الأولي وطريق إنجلترا إلى السيادة والنجاح فى العالم وفى الداخل أيضا اصبح طريقا سريعا رفعها فوق كثير من الدول الأوروبية الأخري. والبروتستانتية هي بالفعل مذهب مسيحي لا يقف عثرة فى طريق الفكر الحر، خلافا للكاثوليكية التي أثقلت نفسها عبر السنوات بطقوس ومراسم ومعتقدات أفقدتها الإتصال بالعصر.
ولهذ فقد لعب أبناء الطائفة البروتستانتية من الفرنسيين دورا عظيم الثقل فى تطوير الحياة الإقتصادية والفنية والفكرية والعسكرية فى الدول التي هاجروا إليها خوفا من بطش الدولة الفرنسية الكاثوليكية بهم قبل أن تقع ثورة عام 1789، إنها طائفة الهوجينوت التي أثرت الحياة فى ألمانيا وسويسرا وإنجلترا ودول أوروبا الشمالية.
وهذه الروح البروتستانتية التقدمية إنعكست فى جميع تصرفات إنجلترا فى مواجهة العالم. ففي تلك الفترة بدأت تستعمر القارة الأمريكية، وبدأت تنشر نفوذها فى البحر الكاريبي، ووصلت إلى شواطئ الهند وحصلت على منحة السلطان نورالدين سليم جهانجير لتمارس التجارة الغير محدودة مع الهند. والواضح أن كل ما كان يهم صانعي السياسة البريطانية فى تلك الفترة هو إثبات ان النظام "الجديد"هو أكثر جدارة من التظام القديم القائم على الخضوع للبابا.. فالصراع مع أوروبا الكاثوليكية كان إثبات للذات بينما كان التعامل مع باقي دول العالم ينهض على محاولة إبداء الوجه الحسن لبريطانيا وحضارتها ومذهبها السياسي والإقتصادي..
وهكذا بدأ البريطانيون فى صناعة فكرة إمبراطورية عالمية يشترك فى صناعتها كثير من الأجناس والأعراق على أساس المصالح المشتركة، وهو مصطلح كان يتردد كثيرا جدا كلما نوقش أمر إحتلال بريطانيا لبلد من البلاد. وبالطبع لم يكن هناك أي إشتراك فى المصالح بين بريطانيا وأي من هذه البلاد، ولكنه الجهل والإنبهار بالسلاح البريطاني والتنظيم الحربي الدقيق والتقاليد العسكرية المنضبطة للغاية التي يعرضها الإنجليز أمام تلك الشعوب وتنجح باستمرار فى كسب جميع المعارك. كما أن نمو الصناعة البريطانية بسرعة كبيرة كان مبهرا أيضا لتلك الشعوب التى شهدت منتجات لم تكن قد عرضت عليهم أبدا من قبل.
ثم حدث عقب ثورة كرومويل أن تطورت فكرة الملك الذى يملك ولا يحكم بطريقة جعلتها موضع إعجاب الشعوب الأخرى، رغم معرفتها أنها غير قابلة للتطبيق خارج بريطانيا. كما تطور الفكر الإقتصادي بأفكار وليام سميث الذى كان يري فى كل العالم سوقا لا يري فيه المتعاملون دين وهوية الأطراف، ولكن القيمة المضافة والربح.
كما أن الإستعمار الإنجليزى كان حريصا فى إنتقاء نوعية ممثليه فى الدول المستعمرة، فلم يكن يسمح للخارجين عن مقتضى الخلق والآداب المقبولة بتمثيل بريطانيا بل كان يرسل إلى هذه المستعمرات رجال من الأكاديميين والدارسين وأصحاب وجهات النظر السديدة حتي تمثل الإمبراطورية خير تمثيل، بينما يمنع خروج الحرفيين والعمال واصحاب التوجهات الغير لائقة فى التصرفات. وكل ذلك خلافا للطريقة الفرنسية التي كانت تبعث بكل طوائف المجتمع الفرنسي صالحه وطالحه مما قد يؤثر على المكانة التي تكتسبها الدولة الإستعمارية فى الخارج.
لقد كان الأمر يتشابه كثيرا بالفعل مع سلوك شركة تجارية تبحث عن الربح وتريد كسب مكانة لدي "عملائها"فى الخارج بدون نظر لا للدين ولا للأيديولوجية ولا للعرق.
وفى سياق ذلك كان القضاء البريطاني يتمتع بسمعة هائلة الإحترام حتي فى المجتمعات المستعمرة حتي أن غاندي الشاب قال لزوجته فى بداية حياته أنه واثق أن دعواه التي رفعها من موطنه فى ذلك الحين فى جنوب أفريقيا أمام القضاء البريطاني فى لندن سوف تجد أذنا صاغية ولن يلقي بها فى طي الإهمال، وقد كان ذلك فعلا هو ما حدث.
وكل هذه المبهرات لا علاقة لها بالدين ولا بكلمة الرب ولا تتعارض مع أي دين موجود فى أي مكان على الأرض. ولهذا كان المستعمر البريطاني يجد الأرض ممهدة أمامه على عكس الإسباني أو حتي الفرنسي. لقد بدأ نشوء ما يطلق عليه اليوم "التقاليد البريطانية"..
وهذا هو الجانب شبه المضئ من تجربة البريطانيين مع العالم الخارجي.
إلا أن هناك جانبا مظلما لا يمكن إغفاله..
لقطات تاريخية عن مصر-1
1-رحلة نهرية إلىالأقصر،مصر (1965).
2-الملكجورجالثانيملكاليونانيزورمصر (1942).
3-الناسفيالقاهرةإعدادللانتخابات العامة.مصر (1957).
4-الملكفؤادفيمصرالعليا والسفلىAKAالملكأحمدفؤاد الأول فى مصر العليا والسفلى(1934).
5-حشودتحتفل حيثانتخبجمالعبد الناصررئيسا للجمهورية (1956)...
6-الأهرامات فيمصرولقطات من الجولجبال الألب(1950-1959).
7-مظاهراتصاخبة في مصربمناسبةدعاوى متزايدة مطالبة بالإستقلال (1921).
8-لقطاتللملكفؤادمنمصر (1921).
9-زغلولباشا يعقداجتماعاللنواب والشيوخفي مصرعلى الرغم من...(1925).
10-القوات تبحر صوب مصرمن أحواضليفربول.ميرسيسايد(1955).
11-لقطاتقصرأنطونيادس، الاسكندرية، مصر(1946).
12-موكبللاحتفال بعيداستقلالمصر والملكفؤاد يصبح سلطانا (1922).
13 - مخيم للجنود الأستراليين في مصرمعالأهرامات فيالخلفية (1914-1918).
14-بعد تأميم قناة السويس وإستمرار الأزمة الرعايا الأجانبيغادرون مصر(1956).
15-مصروسورياتشكلان دولة موحدةجديدة- الجمهورية العربية المتحدة ... (1958).
من المسئول(2)؟
بادىء ذي بدء لابد من إلقاء نظرة علي فيللي براندت نفسه لمعرفة خلفيات شخصيته.
فيللي براندت هو رجل ولد بإسم هربرت فرام فى مدينة لوبيك وهي ميناء فى شمال المانيا عام 1913 لأم لم تكن متزوجة من أبيه وإنما كان نتاج علاقة لم تستمر ولم توضع فى قالب قانوني وبالتالي خرج الطفل إلى الدنيا فى تلك المدينة العمالية الفقيرة لا يعرف له ابا إلا شخص يدعي فرام كان يعطف على الأسرة المكونة منه وأمه فاعتبره أباه وسمي على إسمه.
وهو آخر سياسي وصل للسلطة فى ألمانيا وهو من أوساط عمالية حقيقية وليس لمجرد إنتمائه للحزب الإشتراكي كما هو الحال في كل من تبعه. وهو لم يتلق قسطا من التعليم كما هو الحال فى كل جيله من العمال إذ إتجه مبكرا للعمل من أجل لقمة العيش وعن طريق النقابات شق طريقه إلى عالم السياسة.
وكما هو معروف من علم السياسة بالضرورة فإن الفاشية تساوي بين الشيوعية والإشتراكية البرلمانية لأنها تري كليهما عنصرا هداما يعمل على تقويض دعائم السيادة القومية وتخريب الإقتصاد الوطني. ولهذا فقد كانت أول خطوة إتخذها العامل الشاب هربرت فرام البالغ من العمر 20 عام عند وصول الفاشية للسلطة عام 1933 هو الهرب من المانيا سرا إلى النرويج.
وهناك تزوج إمرأة نرويجية وأنجب منها إبنه الأول وأطلق على نفسه إسم فيللي براندت، وهو الإسم الذى لصق به طيلة حياته.
نعود الآن إلى عام 1970.
عاد هذا الرجل إلى عاصمة بلاده بون بعد زيارة وارسو فوجد أبواب جهنم مفتوحة عليه من كل جانب إذ وجدت فيه المعارضة المحافظة هدفا سهلا يمكن إسقاطه بعد أن قضم من الثمرة المحرمة وأدي ركعة "مهينة لكل الالمان"أمام البولنديين.
وعلت الأصوات المطالبة باستقالته..
أنت لا تمثل نفسك ولكنك تمثل شعبا بأكمله وهذا الشعب لم يعطك الإذن لكي تقوم بتلك الركعة المهينة.. لقد تجاوز المستشار حدود ولايته ووجب عليه العزل.. لقد أساء لأرواح ومشاعر مئات الآلاف من القتلي وممن فقدوا ارضهم بسبب إستيلاء بولندا على أرض الآباء..
لقد تسبب المستشار الألماني فى إضعاف التحالف الغربي بأسره عندما قرر وحده أن يقوم بتلك السقطة فى بلد يحكمه نظام شيوعي يريد القضاء على الديموقراطية فى كل العالم..
كانت هذه بعض من الحجج التي ساقها نجوم المعارضة أمثال شتراوس وبارسل وكول ضد المستشار فيللي براندت الذى كان بسبب نشأته المعقدة وكونه طفلا لقيطا يتعرض كثيرا حتي وهو مستشار إلى حالات إكتئاب تصيبه برغبة فى البقاء بالمنزل وعدم ممارسة الحكم.. وقد كانت الحياة بالفعل قاسية عليه فهربه إلى النرويج الدولة التي إحتلتها ألمانيا أثناء الحرب وكان شعبها مستبسلا فى مقاومته للالمان وكان براندت نفسه مشاركا فى الحرب ضد بني جلدته من الألمان، كل تلك المواقف جعلت شخصيته حقا معقدة وشديدة الحساسية فى أشياء بينما تمتاز باللامبالاة فى حالات أخرى..
وقد سجل التاريخ خطابا شهيرا مليء بالحماس لونستون تشرشل رئيس وزراء إنجلترا يمتدح فيه بشدة المقاومة النرويجية ضد الإحتلال النازي ويقول عدة مرات: أنظروا إلى النرويج Look to Norway باعتبارها مثالا يحتذي على عدم التسليم بالأمر الواقع والعمل على التخلص من المحتل.. وهو لم يكن يعلم بالطبع أن من بين صفوف هذه المقاومة الشاب الإشتراكي فيللي براندت الألماني.. !!
وللتاريخ أحكام..
Brandt an die Wand!!
كانت هذه العبارة تكتب أحيانا فى صحف التابلويد وأحيانا على حوائط المدن الكبري وكانت تتردد على ألسنة الكثيرين شفاهة وهي تعني: أوقفوا براندت إلى الحائط.. (تمهيدا لإطلاق النيران عليه أى إعدامه لخيانته)..
كل هذه القصة التي يبدو أنني قد توسعت فيها الغرض منها كان لفت النظر إلى المسئولية التي كان براندت يعتقد أنها تقع علي عاتقه، رغم أنه شخصيا لم يكن له أي دور فيما حدث من أهوال علي يد النظام الفاشي بل على العكس فقد كان هو أحد رجال المقاومة المبكرة للغاية ضد هذا النظام، ولكن هذه المسئولية التي بدأ براندت ممارسة حملها لم تكن واضحة فى ذهنه كما هي واضحة اليوم فى أذهان السياسيين المحدثين.
وكالعادة فإن الخطيب المفوه والمفكر اللامع للحزب كان هلموت شميدت الذى وضع لتلك المسئولية ملامح أكثر وضوحا وأشد تحديدا فقد قال فيما بعد عندما أصبح هو نفسه مستشارا: نحن جميعا لم نشارك فى هذه الجرائم بصفة شخصية وليست لدينا مسئولية مباشرة عن وقوعها، ولكننا جميعا نحمل المسئولية السياسية لأنها إرتكبت بإسم الشعب الالماني وبالتالي فنحن نتحمل وزرها سياسيا وليس بصفة شخصية أو جنائية..
وهذه القصة تفتح لنا باب دراسة موضوع المسئولية..
إصلاحات دينية مؤثرة على حركة التاريخ (3)
كنت قد كتبت لكم من قبل عن أثر النظام البريطاني فى القانون على كل الفكر السياسي للإمبراطورية البريطانية. والنظام القانوني المقصود هنا هو نظام الشريعة العامة COMMON LAWوهي التي تنهض فى اساسها على الإعتداد بالسابقة القضائية وإعتبارها مرجعية يستند الحاضر والمستقبل إلى ماضيها.
وهكذا فإنه علي ما يبدو قد نشأ فى ذهن واضعي السياسة البريطانيين منذ منتصف القرن السابع عشر أن أفضل الطرق لتعديل الأوضاع أو إعادة رسم خطوط التماس والحدود هو العمل على إيجاد سابقة يستند إليها هذا التعديل. وهذه كانت بالضبط خطة التعامل مع أيرلندا علي يد جيش كرومويل. فقد كان الهدف هو إيجاد جو من التوتر يخلق حربالكي ينفتح باب التعديل عقب الإنتصار فى هذه الحرب. وقد نجحت هذه الخطة فى معظم الحالات تقريبا وعبر كل التاريخ الإستعماري البريطاني. ففي أيرلندا هزم الكاثوليك وبالتالي تحقق وجود سبب لتعديل الأوضاع على الأرض بطريقة نهائية وثابتة فتقرر تهجير الأيرلنديين بقانون التهجير الذي صدر عام 1652 والذى قضي عليهم بأن يتركوا أراضيهم الخصبة شرق نهرالشينونإلى غربه فى مناطق تصعب فيها المعيشة بحيث أنهم فى النهاية قد إضطروا للرحيل للعمل فى مزارع السكر فى أمريكا الوسطي أو هاجروا قسرا لأمريكا الشمالية، وكلاهما كان من ممتلكات التاج البريطاني.. ولم يروا بلادهم الأصلية بعد ذلك أبدا.. والفكرة القائمة خلف هذا التصرف تتلخص فى أن من خسر الحرب لا يحق له رفض ما يملي عليه من المنتصر، فإرادة المنتصر تتحول إلى قانون بينما إرادة المهزوم لا وجود ولا إعتبار لها..
ونفس الشىء وقع مع كل بلد دخله البريطانيون (خارج أوروبا) غزوا، إذ أن الإنتصار العسكري يعيد تكرار السابقة القانونية التي تثبت الإرادة البريطانية باعتبارها عمل قانوني.
كما أن المستعمرات البريطانية فى أمريكا الوسطي تم بناؤها بأيدي قراصنة بريطانيين كانوا يغيرون على سفن الأسطول الإسباني والبرتغالي وينهبونها بما فيها من منقولات وعندما رسخت أقدامهم على تلك الأراضي تم الإعتراف بهم من جانب الحكومة البريطانية بل أن أحدهم وهو الكابتن هنري مورجان حصل على لقب أدميرال البحرية.
كذلك كان النشاط البحري البريطاني هو القوة الدافعة خلف حركة إختطاف وحبس وترحيل مئات الآلاف من الأفارقة قسرا من غرب أفريقيا إلى الأراضي الأمريكية لإجبارهم على العمل كعبيد فى خدمة البيض وذلك فى فترة سيادة بريطانيا على الاراضي الأمريكية .
وفى الجهة الأخرى من العالم كان الأسطول البريطاني هو وسيلة نقل مخدر الأفيون من مكان زراعته فى إقليم البنجال فى الهند التابعة لبريطانيا إلى سواحل الصين لكي يتم تهريبه إلى قوارب تجار المخدرات الصينيين ليدخل البلاد ويدمر حياة مالا يقل عن 12 مليون صيني تحولوا إلى مدمنين، من بينهم إمبراطور الصين نفسه حسب الروايات المتواترة، وذلك فى القرن التاسع عشر.
وفى جميع هذه الحالات كانت الطريقة المتبعة لا تخرج عن نفس السيناريو، إختلاق سبب لدخول الحرب ثم الإنتصار فيها وإملاء الشروط على المهزوم مع الحصول على توقيعه على إتفاق يسبغ الصفة القانونية على الوضع الجديد. وعن هذا الطريق نشأت مستعمرة هونج كونج، وعن هذا الطريق تم إحتلال مصر بعد أن نجحت بريطانيا فى إستصدار قرار من السلطان العثماني بأن عرابي ضابط عاصي للسلطان وبالتالي تم خلق الغطاء القانوني لعمل بريطانيا الإحتلالي لمصر بأسرها. (وقد دفعت الدولة العثمانية بعد ذلك ثمنا غاليا جدا لهذا الإذن الصادر منها لبريطانيا بالدخول حين تبدلت الجبهات وانضمت الدولة العثمانية لألمانيا بعد 30 عاما من تلك الحادثة، إذ أن مصر كانت قاعدة العمليات الحربية البريطانية ضد الدولة العثمانية فى الحرب الأولي، وهي الحرب التي أجهزت على الدولة العثمانية وأنهت وجودها من التاريخ).
وهذه الطريقة كانت سببا فى إنتشار الجيوش البريطانية والسفن الحربية البريطانية حول الكوكب بأسره بحيث أن اصبحت بريطانيا إمبراطورية لا تغرب الشمس عن ممتلكاتها.
وهذه الطريقة هي بالضبط طريقة الإنتشار الأمريكي عبر بحار وقارات العالم فيما بعد، فقد ورثت الولايات المتحدة بريطانيا ليس فقط فى اللغة والمكانة الدولية كقوة عظمي، ولكن أيضا فى الفكر الستراتيجي والتنظيم القانوني.
فالولايات المتحدة دفعت بالهنود إلى غرب نهر أوهايو فى منتصف القرن الثامن عشر قبل الإستقلال بحيث لا يعودون إلى أرضهم فى شرقه مرة أخرى، تماما كما فعل الإنجليز بالايرلنديين فى أيرلندا قبل مائة عام من ذلك.... وهي تدفع دائما بحجة المصالح، وتقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل الوصول إلى حالة "التجارة المتحررة من القيود"وتلجأ عند اللزوم للحروب المباشرة لكي تنشئ وضعا قانونيا جديدا يتماشي مع رغبتها ومصلحتها مثلما كان الوضع مع كولومبيا فى شأن إقليم بنما الذى تحول إلى دولة مستقلة فقط لكي يتسني حفر وتشغيل قناة بنما تحت السيادة الأمريكية وذلك بتدبير ومساندة وصلت إلى حد التهديد المباشر.
وكل هذه التصرفات منشأها بريطاني مختلف تماما عما سبقه من نهج أوروبي كاثوليكي فى الحروب الصليبية.
رحلة إلى الأناضول: في حضرة مولانا جلال الدين
تجسد هضبة الأناضول مفتاح خزائن الجغرافيا التركية، وهي فوق ذلك عرش الوجدان التركي ثقافياً وحضارياً؛ فيما تمثل مناطق الساحل الغربي من بورصة إلى إزمير كنوز الفرش وبوابة تركيا المائية. من عند الشمال الشرقي وعلى تخوم البحر الأسود جاءت تاريخياً الأخطار الروسية، وهناك تنفتح كتب التاريخ التركية على ملامح ومظلوميات وتوليفة أعراق مثل الشركس واللاظ والجورجيين والأرمن، لعبت أدواراً متفاوتة في تاريخ تركيا الوسيط والحديث. كانت اسطنبول، وما زالت، بمثابة بايزيد الوقت وجنيد الزمان لتركيا، أي مركز السلاطين والحكام وباب تركيا العالي.
بعد هذه المقدمة الضرورية لروح الجغرافيا التركية، يمكننا أن نفهم الأهمية الفائقة للأناضول، بكل المعاني، فلا تزيغ الأبصار بأنوار اسطنبول وأبهتها أو انفتاح بورصة وإزمير وهويتهما البحرية الخالصة، وهي إذ لا تقلل بحال من شأنهما، فإنها تقدم الأناضول على ما سواه في السياق التركي الجغرافي والتاريخي لتقترب منه أملاً في فهم أعمق لتركيا ووجدانها. يكتفي زوار تركيا في العادة بالإطلال على معالم اسطنبول السياحية، وفي أحسن الأحوال يجازفون بزيارة إلى العاصمة السياسية أنقرة. والأخيرة وإن كانت العاصمة السياسية منذ قيام الجمهورية العام 1923، ومستقر السفارات الأجنبية، إلا أنها قليلة التأثير في وجدان تركيا، لافتقارها إلى الجذور التي تربطها بالامتدادات التاريخية لتركيا الحالية.
الأناضول وتشكله التاريخي
أطلق اسم آسيا الصغرى في العصور الغابرة على تلك المنطقة الجغرافية الممتدة بين البحار من الجهات الأربع: من بحر إيجه غرباً إلى نهر الفرات شرقاً، ومن البحر الأبيض المتوسط جنوباً إلى البحر الأسود شمالاً. تقع الكتلة السكانية الأكبر في المدن الكبرى التركية، إلا أن موزاييك الأعراق المكونة للشعب التركي الحالي تعايشت سوياً في الأناضول طيلة حقب زمانية مختلفة (كالأكراد والألبان والأرمن والعرب والأراميين والبوشناق والبلغار واليونانيين). تقلبت السيطرة على الأناضول من الرومان إلى البيزنطيين، وبعدهما من السلاجقة إلى المغول فالعثمانيين، وأخيراً من السلطنة إلى الجمهورية. تبدلت أشكال الحكم وأديانه، وبقيت هضبة الأناضول مفتاحاً للجغرافيا التركية بعد تبدل الأحوال، وخزاناً بشرياً للمدن الكبرى اسطنبول وأنقره وإزمير، ومدداً للفتوحات العسكرية والتوسعات العمرانية والاقتصادية داخل تركيا وخارجها.
تأخذك تضاريس هضبة الأناضول بجمالها الساحر، فهي ليست شاهقة كجبال لبنان ولا شديدة الاخضرار كجبال الوسط الأوروبي، ليست صخرية تماماً كجبال المغرب العربي وليست قاحلة كجبال سيناء. هي بين ذلك كله. يمتد الطريق السريع من إزمير غرباً وحتى ديار بكر شرقاً، وبينهما تتصل سلسلة الجبال نصف الصخرية الخضراء، المزروعة بمئات ملايين الشجيرات. تميز عيناك بسهولة أشجار الصنوبر والأرز والسرو، وعشرات الأنهار الصغيرة، ويتكرر عليك على مدار ساعات الرحلة الطويلة نمط عيش واحد. تلمح بسهولة مظاهر التقدم الحديث من الوسائل الزراعية المتقدمة، والمستشفيات الجامعية والعامة في كل مدينة صغيرة، وتألف تجاور أنماط معيشة مختلفة في قالب واحد: المستشفيات المتطورة ومحطات الباصات النظيفة والمنظمة، مع بائعي الخضروات والفواكه المنتشرين على طول الطريق.
يستلفت انتباهك غياب الكثافة البشرية عن الحقول المرسومة بعناية تحت سفوح الهضاب إلى جوار الأنهار وحتى أسفلت الطريق، ولا تعدم رؤية البيوت الحديثة التشييد ذات الطراز الواحد وإن كانت قليلة السكان وتحوطها أشجار الفواكه كالدراق والإجاص والمشمش. تعلم لاحقاً أن الهجرة الداخلية للمدن الكبرى والخارجية لدول أوروبا الغربية أوشكت على إفراغ الأناضول من كثافته البشرية، ولكن تلك قصة أخرى.
من كوتاهية إلى قونية
تصل كوتاهية بعد رحلة ثلاث ساعات بالباص من أنقره. تركت فيها قشرة السياسة والانتخابات الرئاسية خلفك متوجهاً إلى قلب الأناضول. هنا تعاقب تاريخياً الحثيون والفرس والإغريق والرومان والبيزنطيون والسلاجقة والأرمن والعثمانيون، في ما يشبه الحتمية. وهنا وطن السلطان العثماني سليم الأول مبلطي القيشاني الذين أسرهم من تبريز في كوتاهية، فأبدعوا وسلالاتهم وما زالوا فنوناً تخلب الألباب، وتميز كوتاهية فنياً وتجارياً عن غيرها من مدن الأناضول. هنا أيضاً في كوتاهية الواقعة إلى الغرب من الأناضول وقع السلطان محمود الثاني مضطراً وثيقة صلح كوتاهية عام 1833 مع إبراهيم باشا ابن محمد علي حاكم مصر، مقراً فيها بتبعية الشام وأضنة والحجاز وجزيرة كريت للقاهرة، بعدما انتصر المصريون على الجيوش العثمانية في نصيبين أولاً ثم قونية ثانياً، فانفتح الطريق أمام الجيش المصري إلى اسطنبول.
اخترت تعقب رحلة إبراهيم باشا في الاتجاه المعاكس، من كوتاهية حيث انتهى، إلى قونية حيث انتصر على الجيوش العثمانية بقيادة الاستراتيجي الألماني الشهير فون مولتكه وقتذاك. لم يكن التاريخ الحربي لمصر وعلاقاتها مع تركيا الباعث الوحيد للرحلة، بل أيضاً الإبحار في عمق الأناضول وصولاً إلى زيارة حضرت مولانا سلطان العاشقين جلال الدين الرومي في قونية.
في حضرة مولانا
بعد استراحة طويلة في أفيون قره حصار، تصل أخيراً إلى قونية في حضرة مولانا جلال الدين. تترك أغراضك في الفندق بسرعة وتهرول للزيارة، تقف تحت القبة الخضراء أمام الضريح من الخارج وقد كتب عليه بالفارسية: «كعبة العشاق باشد ببه اين مقام هر كه ناقص آمد اينجا تمام»، التي ترجمتها «أنت هنا في كعبة العشاق.. وما يهب الناقصين كمالهم». تدلف إلى الضريح، بعد أن تترك السياسة والانتخابات الرئاسية التركية عند الباب، مثلما تتحلل من أعباء التاريخ تاركاً إياه لذاكرة المجتهدين وأوراق الكتب والأرشيف. تجلس بجوار الضريح وتفكر في الزيارة وكرامات مولانا، تقلب في «ديوان شمس تبريزي» معشوق مولانا ومفجر طاقاته والذي أطلق جلال الدين اسمه على ديوانه الأحب، فتقع عيناك على بيت من الشعر يلخص حالك، وكانت ترجمته كما يلي: «ما دمت جالساً إلى جوار لام اسم ا...، فلا أفكر في جاه أو سلطنة، تكفيني دولة العشق منصباً وجاهاً».
ولد جلال الدين الرومي عام 1207 في بلخ القريبة وجدانياً وثقافياً وجغرافياً من سمرقند وبخارى. كانت بلخ مركزاً مهماً من مراكز التصوف الإسلامي، وتمتعت بجو روحاني خاص كونها بؤرة انصهار التعاليم البوذية والإسلامية. من وقتها وقبل ذلك حتى، اشتعلت المعارك الفكرية بين علماء الظاهر والفلسفة مثل فخر الدين الرازي وعلماء الباطن والعرفان من محيي الدين بن عربي وفريد الدين العطار وجلال الدين الرومي. عاش مولانا في قونية حتى التقى شمس الدين التبريزي، فانقلبت حياته رأساً على عقب وفجر طاقاته، فكان أن ترك الفتيا والقضاء وتوجه بكلياته إلى التأويل والعرفان. يقول مولانا في مقدمة كتابه «مثنوي»: هذا كتاب المثنوي وهو أصل من أصول الدين في كشف أسرار الوصول واليقين، وهو الفقه الأكبر، وشرع الأزهر وبرهان الدين الأظهر، وهو كنيل مصر شراب للصابرين وحسرة على آل فرعون والكافرين، والجرعة تدل على الغدير والحفنة تدل على البيدر الكبير. أبدع مولانا في وحدة الوجود ووحدة الشهود، وطاول مقامات عرفانية سامقة يستلزم الإبحار في معانيها، الغوص في بواطن معانيها.
قبيل انتهاء الزيارة، تقع عيناك على بيت آخر من أشعار مولانا فكأنه يودعك بمدده الممتد: «قدم هذه الخمرة الروحية من حانات المعاني.. واجعل ناطقة الروح تطير بعيداً.. فجواد نطقي لا يجد الميدان».
بعد حياة حافلة، مات مولانا جلال الدين سلطان العاشقين وقطب السالكين عام 1273، فصلى عليه صدر الدين القونوي وشارك في جنازته أحبار اليهود وقساوسة النصارى ورهبان البوذية. بعدها حزن عليه قطه الأليف وامتنع عن الطعام والشراب، وعندما مات كفنته ملكة خاتون، ابنة مولانا، ودفنته إلى جوار أبيها.
ما أبعد المسلمين الآن عن مولانا والعرفان والسلام الروحي بين البشر والمخلوقات وعلاقتهم جميعاً ببعضهم البعض وبخالق الوجود، وبالفعل لكم تضيق العبارة بعد الزيارة. في النهاية تعود بالطائرة إلى اسطنبول ومنها إلى القاهرة، ولا تنس في ما بين ذلك أن تذهب لوداع مولانا عند حديقة الأماني ومهوى السالكين إلى الحرية... في «جيزي بارك»!
المفهوم الخاطئ هو مشروع فاشل وآخرته سيئة
كنت قد كتبت لكم كثيرا من قبل عن أحوال المهاجرين من العرب والمسلمين الذين يعيشون منذ عقود في الغرب وبالذات في أوروبا. وكنت قد أوضحت أن نسبة عالية من هؤلاء لم تستطع أن تحقق نجاحا في المجتمع الجديد الذي هاجروا إليه طواعية واختيارا..
ووصلنا الي نتيجة أن علاقة هؤلاء المهاجرين بالمجتمعات الغربية هي غريبة في بأبها يمكن تلخيصها في كلمات الإعجاب مع الكراهية أو شئ مشابه لحال مدمن المخدرات، يتمني لو يقلع ولكنه لا يفعل أكثر من التمني... يحتقر المخدر جدا ولكنه ضعيف الإرادة لا يستطيع الحياة بدونه.
والان لابد من إلقاء نظرة جديدة علي هذه القضية الشائكة لأن الأحداث قد وضعتها في المقدمة ولأنها سوف تؤثر بشدة علي مستقبل العلاقة بين طرفي البحر المتوسط شمالا وجنوبا..
فقد ألقى أحد أعضاء تنظيم داعش بيانا باللغة الإنجليزية يهدد الرئيس أوباما بأن مزيدا من الدم الأمريكي سوف يسيل فى الشرق لو أن غارات أمريكا على قوات هذه المنظمة لم تتوقف. وأشد ما أثار الخواطر فى الدول الغربية هو اللكنة البريطانية الواضحة التي تحدث بها ملقي هذا البيان والتي تشي بأنه قد ولد فى إنجلترا أو جاء إليها صغيرا جدا بحيث أن هذه اللغة أصبحت لغته الأصلية. وقد صنف خبراء اللغة هذه اللكنة بأنها لكنة جنوب إنجلترا أو بالذات لندن والمناطق المحيطة بها، وهذه المناطق هي موطن للغالبية الكاثرة من المهاجرين. وسواء كان ملقي هذا البيان مهاجرا من أصل إسلامي أو كان رجلا إنجليزيا أصله العرقي بريطاني فسوف يكون من حقه فى أي وقت أن يعود إلى بريطانيا عقب نهاية الحرب فى العراق وسوريا، إذ أن بريطانيا هي موطنه.
وهنا تكمن المشكلة الكبري..
والمفهوم الخاطئ الذى أعنيه هو تصور أن الخروج من الشرق إلى الغرب هو خروج من نوعية السفر للكويت أو السعودية أو الإمارات. فهذه المجتمعات لا تختلف كثيرا عن مجتمع مصر أو سوريا أو الأردن لا فى اللغة ولا فى القوانين ولا فى الثقافة العامة السائدة ولا فى الدين. كما أن هذه الدول لا تعطي المقيم على أرضها جنسيتها مهما طال به زمن المعيش ومهما كانت صحيفة حالته الجنائية هناك نظيفة. وهذه البلاد لا تعطي الأجانب حق إمتلاك الأراضى ولا تعطيهم كذلك حق العمل الحر، إذ لابد دائما من شريك وطني محلي فى كل ما يتم تأسيسه من أعمال حرة.. وبالتالي فالمقيم على أرض دول العمل يعرف أن إقامته هي فى جميع الحالات غير ممتدة بل لها نهاية يمكن حسابها منذ أول يوم يصل فيه إليها.
لكن المعيشة فى الغرب لها طباع تختلف تماما عن ذلك. فهناك إمكانية الحصول على الجنسية وهناك إمكانية تملك الأراضى ولديهم إمكانية القيام بالعمل الحر بدون حدود فى منافسة كاملة مع أهل البلاد الأصليين. وهناك إمكانية المساهمة فى الإنتخابات المحلية (فقط) حتي من قبل التجنس وهناك إمكانية الإقامة الدائمة الغير منقطعة أي الهجرة بما تحمله الكلمة من معني كامل.
ولكن فى مقابل ذلك هناك اللغة السائدة التي تختلف كثيرا جدا عن اللغة الأصلية وهناك الدين المختلف بكل المواريث التاريخية لذلك الإختلاف، وهناك الزواج المختلط الذى ينتج عنه أولاد مرتبطون بالثقافة المحلية التي ولدوا داخلها وهي الثقافة التي تؤثر حتي على الأولاد الناتجين عن زيجات غير مختلطة.
وهناك فوق كل ذلك وأهم منه الثقافة المحلية التي تنهض على أسس لا علاقة لها بالأسس التي تنهض عليها الثقافة العربية والإسلامية السائدة فى هذا الزمان.
فحق الأبناء فى النقاش والإعتراض على الآباء مكفول لهم بالقانون وحق الدولة فى فرض التباعد بين الآباء وأبنائهم فى حالات العنف أو التعسف في إستخدام حق التربية هو حق أصيل من حقوق الدولة. والمساواة الكاملة بين الجنسين سواء فى الحقوق أو الواجبات هي واحدة من تلك القيم الصادمة للشرقيين.
ثم أن هناك أمور أخري تصدم الشرقيين وتعذبهم بشدة مثل حقوق المثليين وحرية الإعتقاد الديني..
وتكون نتيجة كل هذا اللبس هو رفض من جانب كثيرين ممن هاجروا، رفضهم للمجتمعات التي هاجروا إليها، وهو رفض لقيمها ولما ترمز إليه هذه القيم.
والخطأ كما رأينا ليس صادرا عن المجتمعات الغربية ولكنه صادر عن مفهوم خاطئ فى ذهن معظم المهاجرين حول طبيعة هذا الخروج الإرادي الطوعي من بلادهم.
هذا عن المفهوم الخاطئ..
الموصل هزمت "إيبولا"قبل إصابتها بـ"داعش"
"إيبولا"يفتتح عصر مكافحة الأوبئة بأدوية تجريبيّة