Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all 560 articles
Browse latest View live

العنصرية في مواجهة التعصب؟

$
0
0

هل يعقل من عقلاء فرنسا أن يؤكدوا مسائل عنصرية وهم يواجهون التعصب ؟ 

هل قتل مجموعة فرنسيين دينهم اليهودية يجعل رئيس وزراء دولة اخري ضيفا رئيسيا يتلقي العزاء. ثم ينتقل العزاء لمعبد في دولة علمانية؟ 

لماذا إذن، لو تبادلنا السخافات، لم يدع رئيس الجزائر وثمة جزائري ومسلم قتيل؟ لن أذكر هنا للطرافة ولعدم تأكدي، عن رفض دعوة حزب اليمين المتطرف وبنت لوبان للمظاهرة، وهي تمثل أكثر من 15% في الانتخابات الديمقراطية ولا يحسب ذلك إقصاء؟! في بلد الديمقراطية وإن كان ذلك لصالح الغلابة الغرباء في فرنسا.

المشكلة الحقيقية أن فرنسا وهي تتدهور في السوق العالمي، باتت تفرز ظواهر سلبية خطيرة وعدوانية مزعجة. ولكن ... المجد للحريات الحقيقية ...


وثبة الشعب العراقي الكبرى، عام 1948

$
0
0

في ذكرى الثورة العربية: 
أتذكر وثبة الشعب العراقي الكبرى، عام 1948
ذكريات ومفارقات مُلهـِمَة ومؤلـِمة.

وثبة الشعب العراقي الكبرى، 1948 - 1- الطائفية مرفوضة

$
0
0

(ملحوظة: أعتذر إن كانت هذه المادة مُعادة بالنسبة للبعض، لأنها منشورة سابقا، غير أنني أقصد بها الأخوة الذين لم يطلعوا عليها بعد) 

ذكرى هذه الثورة العربية(الربيع العربي) تثير ذكريات عزيزة، مؤلـِمَة ومُلهِمَة، لاسيما لأنها تشبه، مع الفارق، ومن بعض الجوانب، وثبة العراق الكبرى في عام 1948، التي استمرت من 4 كانون ثاني إلى 27 منه. أي يصادف تاريخها بل يتداخل مع الثورة التونسية والثورة المصرية، اللتين أسقطتا إثنين من أقسىى وأخطر الأنظمة في الوطن العربي. بينما أسقطنا في تلك الوثبة معاهدة بورت سموث وحكومة صالح جبر، التي عقدت المعاهدة، بصرف النظر الآن عن مناقشتها في ضوء الأوضاع التي تلتها حتى اليوم.

كانت ثورة شعبية بكل المقاييس، إذ واصلت الجماهير الغاضبة تظاهراتها السلمية طوال شهر تقريبا. وخلالها تحولت المظاهرات إلى مجازر دامية سالت فيها الدماء الغزيرة، لاسيما من جانب زملائي الطلاب العُزّل إلا من الحجارة، من أهمها؛ واقعة الكلية الطبية ومعركة كلية الهندسة ومعركة الجسر(جسر الشهداء) ومعركة باب المعظم. وحدث في أثنائها عصيان عام أغلقت خلاله جميع المرافق العامة والخاصة. وسقط في هذه التظاهرات المئات من الطلبة والمواطنين العاديين، بين قتيل وجريح، نتيجة استخدام الذخيرة الحيّة من جانب شرطة النظام، ومن بين الضحايا الذين نعرفهم : قيس الألوسي وشمران العلوان وجعفر الجواهري والحمّال دحام . 

و كان لي، وأنا في مرحلة الدراسة الثانوية، شرف المشاركة في جميع الأيام الحاسمة والدامية للمعركة. وقد شهدت سقوط بعض الزملاء المتظاهرين، كان أحدهم يتقدم خلفي مباشرة.

وثبة الشعب العراقي الكبرى، 1948: 2- أزيز الرصاصة القاتلة

$
0
0

مع بضعة أفراد من الطلبة، كنت أحاول كسر الحصار الذي ضربته الشرطة على الساحة المقابِلة لمدخل الكلية الطبية، المفضية إلى الشارع العام ، وذلك للوصول إلى ساحة باب المعظم للنفاذ منها إلى شارع الرشيد، باعتباره أهم شوارع العاصمة. للخروج في تظاهرة سلمية، نعلم أنها وإن بدأت بالعشرات، ستفضي إلى الآلاف. 

وأتذكر جيدا ً أنني وبعض الزملاء أخذنا نهدم السياج الخارجي للكلية بعد أن نفدت عدتنا من الحجارة القليلة التي نحتاجها لنقذف بها قوات الشرطة المدججة بالأسلحة والسيارات المدرعة التي نصبت فوقها الرشاشات. وكنا نقذف الحجارة، والرصاص يلعلع فوق رؤوسنا. 

ما يزال أزيز الرصاصة التي أخطأتني، يرن في أذني، وكأنني على موعد معه في مثل هذه الأيام من الشهر الأول من كل عام، منذ قرابة سبعين عاماً. وأتذكر بوضوح أنني كنت أول المتقدمين وأكثرهم تقحما ً وحماسة ً، لكسر الحصار فتجاوزت السياج وأصبحت في منتصف الشارع العام تقريبا مع واحد أو إثنين من الطلبة، وبيني وبين خط الشرطة بضعة أمتار. وفجأة وجدت عيني تلتقي بعين أحد أفراد الشرطة وقد أصبته إصابة خطرة. وكانت الدماء تسيل من رأسه فتغطي كامل وجهه تقريبا ً. رأيته والشرر يتطاير من بقايا عينيه، وهو يصوب بندقيته نحوي، فأيقنت أن هذه نهايتي. ودوت الرصاصة القاتلة، التي مرت من طرف أذني اليسرى فأصابت رأس زميلي الذي كان يتبعني مباشرة؛ ورأيت رأسه يتفجر وهو يهوي على بلاط الشارع . أقول؛ ما يزال ذلك الأزيز الصارخ والقاتل يعصف في أذني، ويثير في أعماقي مشاعر يختلط فيها القدر والإرادة العلوية والمصير المحتمل أوالمحتوم، فضلا عن تساؤلات مرهِقة ، في سرّ الوجود وسر الموت والتطلع نحو الخلود. وأتسائل هل أخطأتني تلك الرصاصة عمدا ً أو صدفة ً، لتستقر في رأس صاحبي الشهيد الذي كان يتبعني مباشرة، فكتب الله ليّ الحياة وكتب له الموت، الذي كان بيني وبينه ربما أقل من شعرة؟ وهل أنا أسعد منه حظا أم العكس هوالصحيح ؟ وما الفرق بين ان يـُقتل الإنسان أو يستشهد قبل العشرين أو يموت في الثمانين، إذ "كل نفس ذائقة الموت"؟ "ويقول الشاعر "ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ---- تعددت الأسباب والموت واحدُ". وهل أكرمني الله بهذه المِنـّة أو عاقبني ؟ أليس من الأشرف والأكرم والأسمى أن يموت الإنسان واقفا ً شامخا ً مكافحا ً في سبيل إعلاء كلمة الحق، من أن يقضي نحبه، ضعيفا ً مريضا ً مستلقيا ً على فراش الموتً، وهو في أرذل العمر؟ أي "يقضي على فراشه كما يموت البعير ،فلا نامت أعين الجبناء"، كما يقول خالد بن الوليد. وماذا جنيت فعلا ً من هذه الأعوام السبعين الزائدة التي عشتها؟ وإنْ لم أجنِ منها شيئا ً، على الصعيد الشخصي، فهل استفاد مني بلدي أو مجتمعي أو قومي أو البشرية، ما يكفي، لتبرير بقائي على قيد الحياة كل هذه السنين؟

جريمة «شارلي إبدو»: الرابحون والخاسرون ـ جردة أولية

$
0
0

افتتح العام الجديد 2015 بالعمل الإرهابي المشين ضد مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، فأمضى المهتمون حول العالم الأيام الماضية جل أوقاتهم في متابعة الحدث وتفاصيله الدقيقة المفزعة. كما انشغل العالم بمتابعة التظاهرة الباريسية الضخمة أمس، التي شاركت فيها شخصيات عربية وشرق أوسطية (من ضمنها الإرهابي بنيامين نتنياهو)، في محاولة لركوب موجة الحادث أو التقليل من آثاره. ومع انتهاء التظاهرة ومرور وقت التنديد والتغطيات الإعلامية، تنفتح الأبواب رويداً رويداً أمام رؤية التداعيات الجيو - سياسية الكبرى لذلك العمل الإرهابي، تلك التي ستؤثر على التوازنات في أوروبا والشرق الأوسط على حد سواء. ومرد ذلك أن الأعمال الإرهابية الكبرى تختلف عن حوادث الوفيات الاعتيادية حتى ولو فاقتها الأخيرة عدداً، فمقتل اثني عشر صحافياً اغتيالاً على خلفية إرهابية ـ كما حدث مع صحافيي «شارلي إيبدو» - له تداعيات جيو - سياسية أكبر بكثير من وفاة مئات الأفراد في حادث تصادم قطارين مثلاً أو حتى ألفي شخص في حادث شغب بملعب لكرة القدم، حيث يختصر الموضوع عندها في جانب المأساة الإنسانية فقط.

عند الحديث عن تداعيات جيو - سياسية لحدث مثل الاعتداء على مجلة «شارلي إيبدو»، من الطبيعي أن يكون هناك رابحون وخاسرون، دولاً وتنظيمات، على امتداد رقعة جغرافية أوسع كثيراً من الحيز المكاني الضيق الذي جرى فيه الحادث الإرهابي. وهنا تجدر ملاحظة أن المشاركة في تظاهرة أمس ليست معياراً لتصنيف الرابحين أو الخاسرين، فهناك من غاب وربح وهناك من خسر بالرغم من مشاركته.

الرابحون المباشرون

تتوزع مروحة الرابحين على أطراف دولتية وغير دولتية عدة، لكل منها مغانمه من الحادث الإرهابي. يتصدر اليمين العنصري في فرنسا وأوروبا قائمة الرابحين من العملية الإرهابية، إذ إن دعايته الأساسية القائمة على العداء للمهاجرين على خلفية تباطؤ الأداء الاقتصادي، تكتسب تبريراً لعنصريتها الزاعقة، خاصة بين الشرائح الاجتماعية الأدنى في أوروبا. ويضغط ذلك أكثر على الحكومات الأوروبية المتشكلة من توليفة من أحزاب الوسط يميناً ويساراً، فيدفعها إلى تبني أطروحات اليمين العنصري من تقييد أبواب الهجرة واتخاذ إجراءات للحد من دخول الأجانب إلى أراضيها.

تأتي التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط مثل «القاعدة» و «داعش» ومثيلاتها في قائمة الرابحين أيضاً، لأن العمليات الإرهابية ستزيد الاستقطاب داخل المجتمعات الغربية في أوساط المهاجرين المسلمين المتجنسين منهم أو المقيمين والذين يقدر عددهم بالملايين، فتستطيع تلك التنظيمات بالتالي تجنيد المزيد من العناصر في الغرب، حتى ولو كانت الغالبية الساحقة من المهاجرين المسلمين تعادي الإرهاب.

في قائمة الرابحين أيضاً الأنظمة العربية التي ترفع شعار «محاربة الإرهاب»، لأنها أصبحت في شراكة موضوعية مع الحكومات الغربية تحت شعار «العدو المشترك». وسيرتب ذلك غضاً غربياً للنظر عن التجاوزات بحق حقوق الإنسان في الحد الأدنى، وتنسيقاً أمنياً - سياسياً بين الحكومات الغربية والأنظمة العربية في الحد الأقصى.

ولا تغيب إيران عن قائمة الرابحين، إذ إن الحديث الموارب ونصف المكشوف عن «الإرهاب السني» سيستدعي لغوياً وسياسياً مصالح مشتركة بين إيران والغرب، في ما يخص محاربة «داعش» و «النصرة» في المشرق العربي، ما يدفع التقارب الإيراني - الغربي عموماً إلى أمام. وبرغم هجوم وسائل الإعلام القريبة من إيران على السياسات الغربية وسياسات الكيل بمكيالين و «الحرب الصليبية الجديدة» التي يتبناها الغرب ضد المسلمين، فقد كانت إيران من أوائل الدول التي أدانت العملية الإرهابية على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجیة الإيرانية مرضیة أفخم في يوم وقوعها. كما استغل «المجلس الإيراني - الأميركي»، وهو من مجموعات الضغط المؤيدة لإيران‬ في ‏أميركا،‬ الحادث الإرهابي وأصدر بياناً بعده بساعات قليلة قال فيه حرفياً: «إن أميركا وإيران تواجهان عدواً واحداً من «القاعدة» إلى «طالبان» إلى «داعش» وشبيهاتها من التنظيمات، ما يتطلب العمل المشترك للقضاء عليها. إن أحداث يوم الأربعاء المأساوية هي تذكير إضافي لهذين البلدين للتفكير بصورة أكثر استراتيجية حول ضرورة التوصل إلى صفقة مربحة للطرفين لحل الخلاف النووي وصولاً إلى علاقات أفضل». تجترح إيران خطاباً معقداً إلى حد ما، يتوجه جانب منه إلى المنطقة وشعوبها بمفردات المظلومية والمؤامرة ومعاداة الغرب، أما الجانب الآخر فيستهدف الغرب وحكوماته تحت عنوان «المصالح المشتركة في مواجهة عدو واحد». هنا بالتحديد تتشابه حكومة خاتمي مع حكومة روحاني، إذ ندد كلاهما بالأعمال الإرهابية في الحادي عشر من أيلول 2001 والسابع من كانون الثاني 2015 نائياً ببلاده عن فاعليها، ومذكراً الغرب بـ «العدو المشترك» الذي يواجهه الغرب وإيران. ‬

الخاسرون المباشرون

خسرت صورة الإسلام في العالم من جراء العمل الإرهابي، مثلما خسر المهاجرون العرب والمسلمون في أوروبا، فهؤلاء سيتعرضون لتضييق قانوني واجتماعي في أماكن عيشهم، وسيصبح على الكثير منهم تبرير أنفسهم في مجتمعاتهم. أما اللاجئون السوريون في أوروبا، والذين لم تستقر أوضاعهم القانونية بعد، فالأرجح أنهم الفئة الأكثر تضرراً من العمل الإرهابي ضد مجلة «شارلي إيبدو». لكن قائمة الخاسرين تطال أيضاً حركات سياسية كبرى ودولاً، حتى ولو لم يكن لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بما حدث.

تتصدر جماعة «الإخوان المسلمين» قائمة الخاسرين من الحادث الإرهابي في باريس من أوجه عدة، فالتغطيات الإعلامية العامة عن «الإرهاب الإسلاموي» ستخلط بالضرورة بين «داعش» و «القاعدة» والسلفيين و «الإخوان المسلمين»، ما يدمّر الأجواء الإيجابية التي أحاطت بصورة التنظيم الدولي للجماعة حول العالم. ومن ناحية ثانية ستتراجع الأصوات الغربية المطالبة بتفاهم مع الجماعة وتمكينها من السلطة ـ كما جرى في المرحلة الأولى من «الربيع العربي» - في إطار تلبية المصالح الغربية في الشرق الأوسط. وبالمقابل ستتسيد التيارات والأجنحة في الغرب والداعية إلى إرساء التحالف في المنطقة مع الأنظمة القائمة تحت شعاري «الأمن والاستقرار» مع استبعاد شعارات «المشاركة والتعددية»، والتي مكنت جماعة «الإخوان المسلمين» من الوصول إلى السلطة في تونس ومصر في العام 2012. ومن ناحية ثالثة سيتراجع الطلب الداخلي في الدول العربية على «التصالح» مع الجماعة في إطار عملية سياسية إدماجية، ويربح الصقور في أنظمة الحكم العربية الرافضين لحوار كهذا. ومن ناحية رابعة ستنسحب خسارة «الإخوان المسلمين» على حليفاتها الإقليميات مثل قطر وتركيا، لأن مساعيهما الأخيرة لإعادة الجماعة إلى المشهد الإقليمي في إطار التسليم بموازين القوى الجديدة، ستتعرض لانتكاسة قوية.

يمكن تقدير أن السعودية تأتي في قائمة الخاسرين أيضاً، فالقرابة الفكرية بين الوهابية من ناحية، و «القاعدة» و «داعش» ومن على شاكلتها من تنظيمات من ناحية أخرى تبدو عصية على الإخفاء وتجعل السعودية هدفاً إعلامياً سهلاً لخصومها. ومثلما بذلت السعودية جهوداً ضخمة بعد أحداث أيلول 2001 في حملات الديبلوماسية العامة للحفاظ على تحالفها الدولي مع أميركا، فالأغلب أن المملكة ستضطر إلى القيام بخطوات مماثلة في أعقاب عملية «شارلي إيبدو» الإرهابية، مع الفارق أن المملكة ليست في أفضل أحوالها راهناً، بسبب عدم الوضوح في عملية انتقال السلطة المرتقبة فيها.

لن تعفي مشاركة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في تظاهرة أمس تركيا من الخسارة: أولاً بسبب العدد الكبير للمهاجرين الأتراك في أوروبا وما سيتعرضون له ضمن الإطار العام للمهاجرين من تضييق، ثانياً على خلفية تراجع صورة الحليف الإقليمي المتمثل في جماعة «الإخوان المسلمين» في الغرب والعالم، ثالثاً لكون تداعيات العمل الإرهابي ستصب في مصلحة غريمي تركيا النظامين السوري والمصري اللذين «يحاربان الإرهاب»، ورابعاً بسبب الربط الجاري أوروبياً الآن بين حريات الصحافة المتراجعة في تركيا والحادث الإرهابي ضد مجلة «شارلي إيبدو»، ما يمنع تركيا من تصوير نفسها متضامناً مع الصحافيين الفرنسيين القتلى.

جردة أولية ومؤشرات متضاربة

تمثل السطور أعلاه جردة أولية فقط للرابحين والخاسرين من الحدث الإرهابي على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، وهي قراءة تحتاج بعد مرور بعض الوقت إلى مراجعات تالية. ومرد ذلك أن الحصيلة النهائية للرابحين والخاسرين سترتهن بسلوك الأطراف المعنية في التعامل مع التداعيات الجيو - سياسية للعمل الإرهابي في باريس. وبالإضافة إلى ذلك، تتوافر مؤشرات أخرى بعد عملية «شارلي إيبدو» تحتاج إلى متابعتها بدقة، بما قد يعدل من هذه الجردة الأولية. والمثال على ذلك عملية جبل محسن الإرهابية في لبنان أول من أمس، وتسريبات مجلة «دير شبيغل» الألمانية الزاعمة بوجود مجمع تحت الأرض في سوريا بالقرب من لبنان يمكنه تصنيع سلاح نووي. فهل يعني ذلك بداية تصعيد ضد النظام السوري وتحالفاته الإقليمية عبر ضرب مشروع التوافق السني - الشيعي في لبنان وحشد رأي عام دولي ضد «الخطر النووي السوري»، أم أن عملية «شارلي إيبدو» الإرهابية ونتائجها الجيو - سياسية ستجرف في طريقها المؤشرات الأخرى وتثبت الجردة الأولية للرابحين والخاسرين؟ لننتظر وسنرى!

محكمة الشعب

$
0
0

 

كان القاضي رولاند فرايزلر هو رئيس ما يطلق عليه محكمة الشعب أثناء حكم النازية في ألمانيا. وهو صاحب العبارة الشهيرة: "لأول مرة في التاريخ أصبح حب الزعيم مصطلحا قانونيا". وقد كان هو من حاكم المتآمرين علي حياة الزعيم في حركة 20  يوليو 1944 والتي استهدفت حياة هتلر لكي تنهي الحرب بعد نجاح إنزال نورماندي وقبل فوات الأوان وتدمير ألمانيا بالكامل علي يد الجيوش الهائلة  الزاحفة عليها من الشرق والغرب‏.

 ومشاهدة تسجيلات جوانب من هذه المحاكمات هو شئ جديد في عالم القضاء.

 

أولا جاءت الأحكام قاسية ولا تقبل الإستئناف ولا الاعتراض، وجاء تنفيذها خلال 24 ساعة من صدورها، إذ أعدم. حوالي 100 شخص في الليلة الثانية لصدور الحكم. كما أنهم شنقوا معلقين من خطاطيف حديدية مصطفة علي قضيب مثبت في حوائط المبني بنفس أسلوب تعليق الذبائح عند الجزارين.

 

ثانيا قاعة المحكمة وكيفية الإجراءات هي موضوع مستقل‏.

 

ثالثا وهو أهم ما في الموضوع فهو التشابه بين ما وقع في حكم الفاشية في أوروباوما ‏عرفته البلاد العربية فيما بعد أثناء الحكم "الوطني "الي درجة أن  اسم محكمة الشعب قد تم اقتباسه..

 

"الحزب اسمه هتلر، وهتلر هو الحزب"...

 

من  قول السيد / رودلف هيس، سكرتير هتلر 

 

 

"أنا ليس عندي ضمير. إن ضميري اسمه أدولف هتلر"..

 

من قول السيد / هرمان جورنج، الرجل الثاني في الدولة بعد هتلر.

 

لعل أكثر ما يهمنا في ذلك السياق هو الاثر الذي تتركه هذه الأنظمة علي عقول الناس فتجعلها تتوقف عن العمل. فهاهم الحلفاء قد نزلوا فى نورماندي وهاهو الجيش السوفيتي يتقدم نحو أرض ألمانيا من الشرق وهاهي الهزائم الألمانية تتوالي، إلا أن الجماهير كانت لا تزال مصدقة فى قدرة الجيش تحت قيادة الزعيم علي تحقيق النصر النهائي. بل أن أهل برلين ظلوا حتي اللحظة الأخيرة ينتظرون أن يستعمل الزعيم "السلاح المعجزة".

 

وهذه الغيبوبة عن الواقع هي أسوأ أثر للدكتاتورية.. بل أن الدكتاتورية التي تحول الناس إلي أطفال تستند إلي الأب الكبير تنسيهم أيضا المعارف الاساسية التي لا علاقة لها بالسياسة ولا الحكم.

 

في حديثه عن دخول الفرنسيين إلي مصر يروي الجبرتي في كتابه أن المصريين شهدوا عجبا من الأدوات التي يستعملها الفرنسيون  والتي توفر المجهود. 

 

وهو يسوق علي سبيل المثال إستعمال العربة التي تحمل بالمواد ثم تساق بشخص واحد إلي مكان الإحتياج لهذه المواد بدلا من حملها علي الأكتاف كما كان المصريون معتادين!! وهو يقصد البراويطة التي نعرفها جميعا كمهندسين!!

 

لقد تسببت الدكتاتورية فى نسيان تكنولوجيا العجلة وهي الأمر الذى كان المصريون قد عرفوه قبل الحملة بثلاثة آلاف عام إذ كانت لديهم عجلة حربية يخوضون بها المعارك وموجود منها عدة قطع أصلية فى المتحف المصري.. ولكنهم نسوا وجودها وفوجئوا بالإختراع الفرنسي عام 1800 !!

 

وبصرف النظر عن الصراع السياسي الذي يدور بين طرفيه فى مصر وعلي حكمها وإقتصادها وثرواتها، فإنه من الضرورى معرفة أثر الدكتاتورية علي تفكير المواطنين وخصوصا في ظل فساد الصفوة. فالفرحة الحماسية الغامرة التي عمت كل شعوب أوروبا عام 1914 بسبب إعلان حالة الحرب سواء فى النمسا أو في ألمانيا أو في روسيا أو فرنسا لم يكن المحرك عليها هؤلاء المواطنين البسطاء ممن سوف يتحولون بعد قليل إلي وقود للحرب يحترقون لكي تظل آلة الدمار مستمرة في عملها، ولكن الدافع إلي هذا الحماس المضر كان هو المثقفون والصفوة ممن كانوا خارج دائرة الشيوعية التي لم يكن أحد يعرف عنها شيئا بعد. فالشيوعيون لم يكنوا علي وفاق مع حالة الحماس هذه، إلا أنهم كانوا يريدون خوض صراع الطبقات، وهي أيضا نظرية قال بها أحد المثقفين ويدعي كارل ماركس.. 

 

والنتيجة هي ما عرفتم وذقتم..

 

وفي مصر أيضا وجدنا هذا الحماس اللاعقلي متواجد في نهاية فترة حكم مبارك، بل وكانت هناك نغمة في أوساط المتعلمين والأثرياء بأن إبنه جمال هو أفضل من يمسك مقاليد الحكم بعد والده العجوز "لأنه مدرب علي حياة القصور والأبهة"!! هكذا كانت تفكر صفوتنا الميمونة. 
بل أن هذه الموجة المفسدة لم تتوقف عن إغراق رأس الكنيسة القبطية البابا شنودة الذي أعلن بدون مواربة ولا تورية أن الكنيسة تؤيد رئاسة جمال مبارك، رغم أنه لم يكن قد أعلن عن ترشيح نفسه بعد ورغم أن الكنيسة لا ينبغي لها أن تنزلق إلى مثل هذا المستوي.

 

وشيخ الأزهر لم يتورع هو أيضا عن التأييد والإتيان بالآيات التي تدعم وجهة نظره وكلنا لا ننسي حديث زبر الحديد أمام مبارك..

 

وكذلك السلفيون كانوا يعلنون أن الخروج علي طاعة ولي الأمر هي فتنة لا ينبغي للمسلم الحق أن يقع في براثنها، فإن هو ظل علي تقوي الله في عباده وفي حكمه فلا ثورة عليه..

 

والإخوان كانوا أيضا قد أجروا إتصالات بالحزب الوطني أعلنوا فيها أنهم علي إستعداد لقبول رئاسة جمال مبارك مقابل السماح لهم بالعمل الحر..

 

أما القضاء فحدث عنه ولا حرج، وتكفي تصريحات معظم القضاة في ذلك الوقت دليلا علي صحة وواقعية ما أقول..

 

 

 

وهكذا تسببت الدكتاتورية العاتية التي إستمرت 60 عاما في إفساد ثلاثة أو أربعة قطاعات من صفوة المجتمع الأكاديمية والدينية والسياسية والقضاء..  وهذه هي الأركان الرئيسية، الإقتصاد والسياسة والدين والقضاء.. قولوا لي بالله عليكم لو أن أحدا منكم هو جمال مبارك، لماذا لا يعتقد أن ذلك قد أضحي حقا مشروعا وقانونيا له؟

 

كل ذلك كان المتسبب فيه هو الحكم الديكتاتوري الذي يقتل الروح الخلاقة المفكرة في النفس البشرية ويحول الإنسان إلي نوع من الحيوان المستأنس الخاضع لقوة إنسان غيره يراها بعقله القاصر المقيد وكأنها إحدي قوي الطبيعة..

 

ومن هنا حرصت دساتير كل الدول الديموقراطية على النص علي أن الناس أحرارا ويظلون أحرارا وأن حريتهم مكفولة وأن كرامتهم لا يعلو عليها شئ أو إعتبار..

 

فى حالة أخري من حالات الدكتاتورية المهشمة للإرادة كان ستالين - بعد أن نجح في تصفية جميع من خطرت بباله فكرة المعارضة ولو لثانية واحدة خلال حياته-  قد وصل إلي مرحلة عدم الإحتياج إلى طلب الخضوع من الناس، فقد كان الخضوع يأتيه من تلقاء نفسه وبلا مجهود. وكان لستالين مقولة شهيرة لم يحد عن مقتضاها يوما واحدا خلال حكمه، كان يقول المشاكل سببها البشر وفقط البشر. حينما يوجد الإنسان توجد المشاكل.. إذن لا إنسان لا مشاكل..

 

وقد بني حكمه علي أساس أن الإنسان لابد له من الإخضاع إما رضاءا أو جبرا، ولكن لا إنسان بلا خضوع..  وهو بذلك قد نزع عن الإنسان نفس هذه الصفة الوحيدة التي تميزه عن باقي مخلوقات الله، العقل والكرامة الناتجة عن هذا العقل.. فأصبح ستالين وقوته في نظر الروس شيئا قدريا مثل قوة البركان والتسونامي والأعاصير. ولا راد لقضائها.

 

ورغم كل ذلك فقد بكته النساء الروسيات فى الريف من الفلاحات بكاءا من القلوب وتتمزق له القلوب وكان ينتحبن قائلات: مات السيد العظيم الذي كان يطعمنا.. فما هو معني ذلك؟؟؟

 

معناه هو أن الدكتاتورية قد أخرجت هؤلاء النسوة من الحالة الإنسانية وحولتهن إلى حيوانات تقبل بأي شئ يلقيه لهم السيد فيأكلونه شاكرين !!!ا.

 

هذا هو بالضبط تعريف الحيوان المستأنس

 

وفي الهند عام 1913 قام الملك جورج الخامس وزجته بزيارة لأول مرة لملك بريطاني للمستعمرة الكبري ودرة التاج. وكانوا يقفون علي منصة خشبية مرتفعة بعض الشئ لكي يراهم الشعب وجاء ممثلو جميع الطوائف الهندية لكي يقدموا فروض الولاء والخضوع..
وبعد إنتهاء الحفل ومغادرة الزوج الملكي تدافع الجمهور العادي من البسطاء يتزاحمون علي مواضع أقدام الزوج الملكي علي تلك المنصة الخشبية لكي يقبلوا مواضع تلك الأقدام تبركا بها ...
فما هو معني ذلك أيضا؟

 

معناه أن الهنود رجالا ونساءا ممن ذهبوا لممارسة هذه "الطقوس"الشاذة قد فقدوا شعورهم بالإنسانية، ذلك الشعور الذي يجعلهم يدركون أن ملك إنجلترا وزوجته ما هما إلا بشر مثلهم لا تصح عبادتهما ولا يملكان من أمرهما شيئا. وفقدان الشعور هذا ناتج كما في كل مثال أوردته، عن الدكتاتورية.

 

 

 

 وقد رأينا أن الألمان قد تساووا في ذلك مع الروس والمصريين والصينيين والهنود والكوريينومعظم شعوب الأرض..

 

ولابد أن أعترف لكم بأنني كنت أفكر بنفس طريقة السيدات الروسيات اللتي كن ينتحبن علي ستالين إلي أن ردعتني أمي رحمها الله.. وقد حدث ذلك في سن الحادية عشرة عند وفاة الزعيم الخالد. ورغم أنها هي نفسها كانت تبكي عليه معتبرة أنها ماساة إنسانية أن يموت رجل في هذا العمر المبكر، إلا أنني عندما كنت مع التيار العام في المدرسة أري أنه زعيم فذ لن يعوض، إقترحت عليها وهي تطبخ لماذا لا يعينون إبنه خالد ذا العشرين عاما رئيسا تكريما لذكراه واعترافا بفضله؟

 

وهنا تحولت أمي بسرعة من الطيبة للتوحش وقالت لي لا، من هو هذا العيل ذو العشرين عاما الذي يحكم مصر؟ وما هي خبرته التي سوف يخيف بها إسرائيل ويرد الأرض؟ فافاقتني كلماتها وأدركت فيما بعد عندما كبرت أكثر معني كلماتها وهو  أن الأوطان لا تدار بالعواطف والمجاملات الوفائية.. وأن مصلحة الوطن فوق كل إعتبار..

 

ولكن هذا يعرض لكم إلي اي مدي تنجح الدكتاتوريات في غسل أدمغة الصغار مبكرا وتحويلهم إلي حيوانات مستأنسة..

وإحقاقا للحق فقد قال لنا أستاذ الموسيقي تعليقا صغيرا همسا وبدون علم المعلمين الآخرين قال فيه أنه لا يوجد زعيم خالد لأن الخالد هو الوطن فقط.. وبعد ذلك عرفت أنه كان رجلا شيوعيا، أو قيل عنه ذلك

اسباب ودوافع مجزرة شارلي ابيدو

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

فلنناقش أمر هذه المجرزة والأعمال الإرهابية بهدؤ ، إذ أن أمريكا أعلنت مطلع القرن الحالي عن تفجيرات 11 أيلول واتهمت تنظيم القاعدة بأنه من فجّر برجي نيويورك ؟

والسؤال هو : من صنع تنظيم القاعدة ومده بالسلاح ؟ ولأي هدف ؟.
والجواب : ان من صنع تنظيم القاعدة في الربع الأخير من القرن العشرين هي الولايات المتحدة الأمريكية بهدف إنهاء الاحتلال السوفياتي لأفغانستان ،إلا أنها تخلت عنه بعد أن نجحت بإجبار السوفيات على الإنسحاب وإنهاء الإحتلال الشيوعي .

إلا أن أعضاء تنظيم القاعدة بعد أن انتهت الحرب الأفغانية  اتخذوا من أفغانستان مركزاً لهم بناء لنصيحة واشنطن  لمساندة طالبان في السلطة والحكم.خاصة وأن اي من الدول العربية لم يقبل إستضافة "القاعدة "أو تمويلها خوفاً من سعيها للسلطة وقلب انظمتها  وفقاً لنهجها  التكفيري المعارض لفقه الشريعة وتعاليم الإسلام ، خاصة وأنها اضحت معروفة لديهم بأنها صناعة امريكية صهيونية اشبه بحصان طروادة للتسلل الى الدول العربية لبث الإرهاب والخراب فيها ، مستغلة جهل العامة بدينهم الإسلامي السلمي وأحكامه .

إلا أن أمريكا كانت تطمع باحتلال أفغانستان التي تضم أكبر مخزون لليورانيوم في العالم . فلجأت الى تفجير برجي نيويورك بمساندة إسرائيل ، الذي تعود ملكيتهما ليهودي ، بعد أن طلبت من اليهود الموظفين فيه أن يتغيبوا  يوم التفجير الذي تم بحرفية عاليه بتلغيمه من الداخل ومن ثم الإدعاء ان طيارين من القاعدة هم من فجروه بواسطة طائرتين ؟!

 ليبقى السؤال الأهم وهو من سهّل لهما في الداخل الأمريكي ركوب الطائرتين وارتكاب هذه الجريمة المعقدة الشبيهة بتعقيدات اغتيال الرئيس كينيدي من قبل يهود وول ستريت في أعظم دولة عسكرية واستخباراتية في العالم ، والتي تحتاج الى خبراء في التفجير الداخلي ،  بحيث ان هذا التفجير قد ادى الى انهيار البرجين في موقعهما بسرعة هائلة بما تعجز عنه خبراء الدول العربية مجتمعة ، فكيف بمجموعة من الإرهابيين العاطلين عن العمل  أن يقدروا على هذا الفعل ؟! إنه استغباء للعقول الجاهلة ؟!

وإن صح أن القاعدة دمرت البرجين  ، وهذا مستحيل نظراً لصعوبة الأمر الذي لايستطيع عليه سوى دول إرهابية كإسرائيل او ذات خبرة عسكرية كأمريكا ، فإن أمريكا هي من تتحمل مسؤولية تفجيرهما لأن تنظيم القاعدة من صنعها  وقراره وتحركه بيدها وإمرتها وإمرة الصهيونية العالمية نظراً لعدائه الشديد للأمة العربية ودينها وعقيدتها ودولها وأنظمتها والأزهر الشريف  .

وبالعودة الى مذبحة شارلي ابيدو الفرنسية فإن الإتهامات ، من قبل أن يبدأ التحقيق ،  سيقت ضد داعش والقاعدة الإرهابيتان التكفيريتان معاً وبالتالي ضد العرب والمسلمين لعداء هذان التنظيمان للإسلام والعرب  لخروجها عن الجماعة أي عن إرادة الدول العربية مجتمعة والأزهر ، مما يعني أن مصدرهما الإرهابي واحد  وهي امريكا والصهيونية العالمية التي تمولهما وتحميهما .

وقد عرفنا مصدر "القاعدة"وهي أمريكا التي أعلنت في وقت لاحق انها قد تخلت عن هذا التنظيم  بدليل أنها سعت وقتلت زعيمه بن  لادن ، ولكن بعد ان إنتهت فاعلية هذا التنظيم ولم يعد له وجود سوى إعلامي ، ليعلن الرئيس باراك أوباما في مؤتمر من البيت الأبيض آب الماضي  عن إيجاد تنظيم إرهابي بديل عن القاعدة و هو  "دولة داعش الإسلامية "  ك"دولة أمر واقع "  رغماً عن إرادة العرب ؛ فرسم  حدودها الممتدة من وسط سوريا حتى وسط العراق حيث أبار النفط لتمكينها مالياً بعد ان تم تزويدها بالسلاح والعتاد الحديث ، معلناً سقوط تقسيمات سايكس بيكو لصالح هذه الدولة التكفيرية بعنوان إسلامي مزيف معاد للعرب والمسلمين التي تعمل على قتلهم في سوريا والعراق ، كما أعلن عن تقسيم العراق الى ثلاث دول هي الدولة الكردية في الشمال ودولة داعش في الوسط ودولة شيعية في الجنوب دون استشارة اي دولة العربية أو مراعاة شعوبها  لأنه بهذه التقسيمات ، مع إعلان الإعتراف بدولة داعش الإرهابية ، إنما   يستهدف الأمة  العربية لتفتيتها وبث الفرقة والخراب فيها .

وبما أن داعش صنيعة المخابرات الأمريكية والدوائر الرأسمالية الصهيونية كما القاعدة ، فإن ذلك يعني أن ارتكاب مجزرة الصحيفة الفرنسية هي من صنع المخابرات الأمريكية دون أدنى شك  .  ولكن مع دعوة نتنياهو اليهود الفرنسيين الى مغادرة فرنسا إلى إسرائيل حيث موطنهم فإنه  فضح احد أهداف المجرزة وبالتالي محاولة  بث الكراهية ضد العرب والمسلمين في دول الغرب التي أكدها اليهودي الصهيوني روبرت ميردوخ المدير التنفيذي لشركة "نيوز كورب "العملاقة بتحميله المسلمين  مسؤولية هذه الجريمة النكراء إلى أن  يتمكنوا من الإقرار بوجود سرطان الجهاد المتنامي وتدميره "؟!

وقد ردت الكاتبة جي كاي رولينغ، مؤلفة سلسلة "هاري بوتر"الشهيرة على ميردوخ بالقول: "ولدت مسيحية، وإذا كان هذا الأمر يعني أنني أتحمل مسؤولية روبرت ميردوخ فأنا سأطرد نفسي من الكنيسة."

وتابعت: "إذا كانت غالبية المسلمين تتحمل مسؤولية أفعال قلة متطرفة فالمسيحية تتحمل وزر محاكم التفتيش الإسبانية وعنف المتشددين المسيحيين."

وقال بيل دونو هو ، رئيس الرابطة الكاثوليكية في أمريكا ، إن للمسلمين الحق في الشعور بالغضب من الرسوم الكرتونية التي نشرتها صحيفة تشارلي ابيدو الساخرة والتي تناولت في إحدى إصدارتها النبي محمد .

ولكن مع ذلك يبقى السؤال كيف بإمكان العرب أن يدمروا  دولة داعش وهي صنيعة أمريكا ورعايتها وتلقى الدعم العسكري والمالي منها  ؟! خاصة وأنها قد ولدت في العراق إثر احتلال أمريكا له الذي يعتبر قاعدة نفوذ واشنطن الأقوى في المنطقة حتى الآن ؟!

ومن هنا نتساءل كيف يمكن للعرب مقاومة داعش وقد اثتبتت تصريحات نتنياهو وميردوخ المعادية للعرب والمسلمين أن إسرائيل مشاركة في العملية الإجرامية ضد الصحيفة كما مشاركتها في تفجير برجي نيويورك ؟!.

يحمّلون العرب والمسلمين مسؤولية  داعش التي تستهدف بإجرامها شعبي سوريا والعراق على مختلف طوائفهم ومذاهبهم دون هوادة أو رحمة خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة .

وكيف يتحمل المسلمون مسؤولية داعش في نفس الوقت الذي هاجمت فيه عناصرها المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومنبع الإسلام في محاولة إقتحام معبر عرعر الحدودي قادمين من العراق حيث النفوذ الأمريكي الصهيوني ونفوذ كافة  أعداء العرب والإسلام ؟!

مجزرة شارلي ابيدو ارتكبها الموساد الإسرائيلي تحت عنوان داعش الذي يأتمر بأوامرها مع قيادته المباشرة لها من ضباط يهود مستعربين بعيون زرقاء ملثمين همهم  قتل العرب وقطع  رؤوسهم دون اي ذنب ارتكبوه سوى انهم مسلمون وعرب بدعم أمريكي  علني .

وقد تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعى ، فيس بوك وتويتر ، فيديو لاحد الصحفيات الناجيات من حادث الاعتداء على صحيفة تشارلي إيبدو حيث تقول فيه ان احد المعتدين كانت عيناة جميلتان ولونهما ازرق ، فى حين ان السلطات الفرنسية قد اتهمت أخيّن ينسب اليهم العمل ليس لديهم عينان زرقاوان ، وهذا قد يكون لغزا محيرا كما اوضحت القناة الثانية الفرنسية  وان الاخوين ليسا هما مرتكبى هذا الحادث الارهابى .

كما وأن عميدا يشغل نائبا لمدير الشرطة القضائية الفرنسية في مدينة "ليموج"وضع حدا لحياته بعد ايام من الجريمة ، في مقر الشرطة القضائية خلال مداولته الليلية، مستعملا سلاحه الوظيفي. والعميد كان ضمن فريق المحققين في قضية الاعتداء على أسبوعية "شارلي إيبدو"وكان بصدد إعداد تقرير في الموضوع. وتطرقت قناة "فرانس 3"لهذا الخبر وزادت عليه أن "عميد الشرطة المنتحر هو أرليك فريدو  الذي يشغل منصب المدير الجهوي للشرطة القضائية بمدينة ليموج الفرنسية، وانتحر قبل أن يسلم تقريره حول الهجوم الذي استهدف صحفيي "شارلي إيبدو".

وفور انتشار هذا الخبر، وجه نشطاء فرنسيون في مواقع التواصل الاجتماعي، أصابع الاتهام للمخابرات الفرنسية بمقتله، حيث رجحوا أن يكون القتيل قد اكتشف تخطيطها لهذه العملية منذ البداية، وقد يكون ضم معلومات تؤكد تورطها الفعلي في تقريره، وذلك ما لم تسمح به، فآثرت قتله بمسدسه، وتصوير الأمر على انه انتحار".

إن تمادي الصهيونية العالمية من خلال امريكا وإسرائيل في تشكيل التنظيمات الإرهابية والتكفيرية وبث الإرهاب ضد  المسلمين يعود لجبن من  الحكام العرب وأنظمتها ومثقفيها وصحافتها واجهزتها الإعلامية عن مواجهة أمريكا إعلامياً وفضحها بأنها وراء هذه التنظيمات التكفيرية ووراء كل عداء وإرهاب وعدوان ضد الأمة العربية والمسلمين .

ولكن يظل الهدف الرئيسي لجريمة باريس الإرهابية من قبل الموساد وهو انزعاج اليهود وتخوفهم من هذا التمدد المالي الخليجي العربي نحو أوروبا وأمريكا بالإستثمار في القطاع المالي وإنشاء بنوك يودعون فيه اموالهم وهم الذين اعتادوا، أي اليهود ،  على إفلاس البنوك الغربية كل عقد من الزمن وبالتالي الإستيلاء على كل المدخرات العربية . من اجل هذا بدأوا يتشددون في وضع العراقيل العديدة فيما يتعلق بتحويل الأموال من مكان الى آخر ، وبالتالي الإدعاء زوراً على البنك العربي في نيويورك بأنه يمول التنظيمات الإرهابية في سعي لإغلاقه لصالح البنوك اليهودية العائدة لوول ستريت ؟! علماً ان اليهود يمولون إسرائيل رغم أنها أكبر دولة عنصرية إرهابية في العالم .

ولكن مع كل هذا التشدد فإن المصارف الإسلامية والعربية تلاقي رواجاً في الغرب من العرب والمسلمين والغربيين ، لذا لجأوا الى بث الصهاينة الإرهاب مباشرة بايديهم بتعاون مع المخابرات الغربية وإسرائيل من اجل بث الكراهية ضد العرب وطرد استثماراتهم المصرفية من الغرب لصالح اليهود .
ويبقى تعليق أخير إذ ان سماح فرنسا لصحيفة فرنسية بالسخرية من الدين الإسلامي ورسوله  الكريم تحت عنوان الحرية الصحفية فإن هذه الحرية نفتقدها  عند اي انتقاد سياسي  لليهود بحجة معاداة السامية  فكيف لو تم انتقاد دينهم أو انبيائهم  ؟! إذ ان القوانين الفرنسية والأوروبية والأمريكة تعاقب اي شخص يتعرض لليهود بحجة معاداة السامية ، الى حد انها حاكمت وعاقبت المفكر الفرنسي روجيه غارودي لمجرد ان طلب اثباتاً من اليهود عن حقيقة المحرقة التي لم يستطع احداً أن يثبت حدوثها .وقد اختلقوها لابتزاز المانيا بمليارات الدولارات تعويضاً عن أرواح اليهود الذين ماتوا في هذه المحرقة  الوهمية التي لاأساس لها حتى الآن .

ولكن يبقى السؤال ، هل هي صدفة أن يقوم مجموعة من رسامي الكاريكاتير من رجال ونساء في أوروبا وأمريكا دفعة واحدة في وضع رسومات مسيئة للرسول الكريم والسخرية من المسلمين ؟!
فمن يمولهم ويحرضهم على هذه الرسومات ويعممها على الصحافة ويدفع لهم ؟!
لاشك إنها الصهيونية العالمية التي تحض على هذه الرسومات في نفس الوقت الذي تُنشىء فيه تنظيمات إرهابية تحت عنوان إسلامي تكفيري من حثالة المجتمع من الحشاشين والمجرمين وعملاء المخابرات من مختلف أنحاء العالم بعنوان تكفيري معادي للإسلام بتشويه صورته على غير حقيقته وموجه ضد العرب حيث يضم بمعظمه ضباط من الموساد المستعربين في أزياء رجال دين مسلمين ملثمين متطرفين مسلحين  ، بتعاون بين أمريكا وإسرائيل لبث الإرهاب في العالم العربي وتقويض أنظمته وجيوشه وبث الكراهية في أوروبا والعالم الغربي ضد العرب والمسلمين .

وأختم بأن مجزرة شارلي ابيدو الطفولية لسذاجتها ، مشابهة في تداعياتها ضد العرب والمسلمين لتفجير برجي نيويورك . وكلاهما من إنتاج وصناعة الصهيونية العالمية بتعاون بين أمريكا وإسرائيل .

كما انها مشابهة لعملية لافون التي عرفت بفضيحة لافون الشهيرة في مطلع الخمسينات في القاهرة من عملاء إرهابيين يهود مباشرين تصدت لهم حكومة الثورة المصرية وقتذاك وشهّرت بإسرائيل مما اطاح برؤوس سياسية واستخباراتية كبيرة فيها في حينه . 


إلا ان حكام الدول العربية تتحمل التمادي في هذه المؤامرة الصهيونية ضد العرب والمسلمين منذ سنوات لأنها تعرف الحقيقة ولاتتصدى لأمريكا والصهيونية العالمية وإسرائيل في فضحهم إعلامياً على الأقل بأنهم وراء كل هذه التنظيمات والأنظمة الإرهابية التي ترتدي قناعاً إسلامياً زائفاً وأن معظم ضباطها وأمرائها من ضباط الموساد من اليهود المستعربين المدربين في المعهد الديني في تل ابيب من اجل هذا الهدف لإرسالهم الى العالم العربي للتخريب فيه وتشويه رسالة الإسلام السلمية .

وعليه فأن سكوت الحكام العرب عن هذه المؤامرة تجعلهم في موضع المشارك بها بسكوتهم عن أمريكا وفضحها خوفاً من فقدانهم مناصبهم وتداعي أنظمتهم .

وفي النهاية إن الموقف الفرنسي والغربي  في السخرية من المسلمين ونبيهم في رسوماتهم الكاريكاتورية المعيبة والمهينة لهم  يدل على مستوى الإنحدار الأخلاقي لديهم وتخلفهم  ، بل إنه صراع الحضارات بين حسن الأخلاق التي يمثلها العرب  وسؤ الأدب والقاحة التي   يمثلها الغرب . إذ أن صحيفة شارلي ابيدو ممولة من الصهاينة لنشر الرسومات المسيئة للإسلام عمداً بما لامعنى ولاضرورة له ،  فقط من أجل ان يعطوا الذريعة لقتل الصحافيين المعنيين بهذه الرسومات  من قبل عناصر من الموساد تحت عنوان إرهابي إسلامي تكفيري باسم تنظيم داعش الذي لم يعترف به لم ويتبناه سوى أمريكا على لسان الرئيس اوباما الذي اعترف به كدولة إسلامية رغم اعتراض المسلمين والعرب في كل اصقاع الأرض على هذه الدولة الإرهابية التكفيرية المعادية للمسلمين والأمة العربية ؟!

 

أوكيناوا، تورجوت أوزال والدولة القومية!!

$
0
0

 

عندما كنت شابا في أواخر السبعينات كان وزير الدفاع الأمريكي هو هارولد براون في إدارة الرئيس كارتر. وكانت إدارة الرئيس كارتر تمثل مرحلة إلتقاط الأنفاس للمؤسسة العسكرية الأمريكية بعد فشل ذريع في فيتنام إستغرق الإقتناع بحتمية وقوعه 11 عاما حتي أفاقت الولايات المتحدة في ربيع عام 1975 علي واقع إنهيار حلمها بمقاومة الشيوعية في بلد صغير لم يسمع عنه أحد من قبل، فيتنام ومعه أيضا كمبوديا.

وكنت قد قرأت أيامها خبرا في الأهرام يفيد بأن وزير الدفاع الأمريكي قد زار اليابان في بداية عهد الرئيس كارتر لكي يحث حكومة اليابان علي زيادة نفقاتها العسكرية لمواجهة الأخطار المتزايدة ولكن هذه الحكومة كانت دائما تتذرع بالتوجه الياباني الجديد نحو السلمية ونبذ كل أنواع العنف وذلك منذ إلقاء القنبلتين علي أراضيها في المشهد الختامي للحرب الثانية.

وقد ذكرت صحيفة الأهرام وقتها - ولا أعلم إن كان كاتب الخبر يأتي من عنده بذلك أو أنها حقيقة - كتبت الصحيفة أن هارولد براون قد هدد اليابانيين بأنهم إن لم يسههموا بطريقة أكثر إيجابية فى نفقات الدفاع فهو علي إستعداد لسحب his boys  أي جنوده المرابطين في قاعدة أوكيناوا أكبر قاعدة أمريكية فى شرق آسيا فى ذلك الوقت.

 

وكان من ضمن ما قرأت أيامها أن الدستور السلمي الياباني الذى كتب بإشراف الأمريكيين عقب الحرب والذى كان إنقلابا تاريخيا هائلا فى الحياة الثقافية والإجتماعية والسياسية والدينية اليابانية، إذ أنه إضافة إلي أنه مكتوب من القوة الوحيدة التي نجحت في إحتلال اليابان خلال تاريخها الطويل، فهو أيضا قد ألغي الصفة المقدسة للإمبراطور وجعله إمبراطورا بشريا منزوعة عنه وعن خلفائه صفة الألوهية، كما أنه وضع أساس الحكم الحزبي التعددي بطريقة ديموقراطية تنهض علي الإنتخابات الحرة.. هذا الدستور وضع سقفا أعلي للإنفاق العسكري الياباني لايزيد عن 1% من الناتج القومي الياباني (هذه المعلومة قرأتها منذ 35 عاما وبالتأكيد قد تغير الوضع الآن). 

وكنت في تلك الفترة أيضا اقرأ عن تعدد حوادث الإغتصاب والتحرش الجنسي التي يقوم بها الجنود الأمريكيون المرابطين فى القواعد العسكرية في اليابان ضد الفتيات والنساء اليابانيات بل أن فتيات المدارس الصغار لم تسلمن من هذه الإعتداءات.

ثم كانت هناك مفاجأة في كل هذه النقاط المتصلة ببعضها..

 

كانت المفاجأة هي أن الحكومة اليابانية إقترحت علي الحكومة الأمريكية الجديدة للرئيس جيمي كارتر الدخول فيمفاوضات بغرض بحث سبيل مشاركة أوسع مناليابان فى مجهود الدفاع... عن اليابان !!!

فلم تفرح الحكومة اليابانية بأن هناك إحتمال ولو ضعيف أن يكون الوزير الأمريكي صادقا في تهديده بسحب قواته المتمركزة في أوكيناوا في اليابان، ولم تعتبر ذلك نهاية الإحتلال وبدء بزوغ عهد السيادة والإستقلال .. بل بالعكس كانت تريد للقوات الأمريكية أن تبقي فى أوكيناوا ولا تغادرها وفي سبيل ذلك قبلت الدخول في مفاوضات معها..

فما هو السبب يا تري؟

 

الحقيقة أنني لم أهتم كثيرا بمعرفة السبب ولا في البحث بعمق للتعرف عليه لأنني كنت شابا لا تشغلني أمثال هذه الأمور. لكن الأمر تبدل عندما تركت مصر وإتجهت للعمل والحياة الدائمة في ألمانيا.

فقد وقع في عام 1990 وبعد سقوط سور برلين وتهاوي قوة الإتحاد السوفيتي أن تجرأ الرئيس العراقي صدام حسين علي غزو دولة الكويت فاتحا علي بلاده وشعبه وفي النهاية علي نفسه هو شخصيا أبواب الجحيم.

وقد كان موقف الحكومة الألمانية برئاسة هلموت كول في ذلك الوقت واضحا لا مراء فيه، وهو الرفض القاطع لأي دور عسكري للجمهورية الواقفة علي أبواب الوحدة بين شطريها، جمهورية ألمانيا الإتحادية. ومهما بدا للمراقبين أن الضغط الأمريكي علي ألمانيا كبير وهائل، إلا أن هلموت كول بقي صامدا وحده دون كل الدول الأوروبية الأخرى لا ينزل عن موقفه في رفض إرسال بندقية واحدة إلي القتال فى الكويت.

لكنه في ذات الوقت لم يبخل بالمال الوفير علي الحملة العسكرية التي جرت تحت راية تحالف دولي كبير تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة للعالم الحر الذي يدافع عن حق الكويت في الوجود بمقتضي قواعد القانون والإتفاقات الدولية إلخ...

وعلي الجانب الآخر من العالم كانت نفس هذه المساومات تجري بين الولايات المتحدة واليابان حول المساهمة العسكرية للأخيرة في التحالف الذي تقوده الأولي، إلا أن الموقف الياباني لم يختلف عن موقف المانيا إلا في شىء واحد  لم يزد عن إرسال وحدات عسكرية طبية كرمز لمشاركة يابانية مع الإلتزام بالمساهمة المالية الكبيرة علي طريقة هلموت كول.

ولكن جورج بوش الأب قد تفهم ذلك جيدا ولم يلح في طلبه، وإن كان هنري كيسنجر قد إنتقد ألمانيا نقدا لاذعا حين قال أنها خذلت الولايات المتحدة التي كانت الدافع الأهم والأقوي وربما الدافع الوحيد إلي وحدة شطري ألمانيا، بينما دعا الرئيس السابق ريتشارد نيكسون الخبير الأول في العلاقات الدولية إلي عدم إستبعاد إستعمال الأسلحة النووية ضد العراق، بل وزاد في ذلك قائلا أنه كرئيس في مثل هذا الموقف لم يكن ليتورع عن إستئجار قاتل محترف لاغتيال الرئيس العراقي بسبب فعلته هذه..

تورگوت اوزال مع جورج هـ.و. بوش

وفي هذه الاثناء تعاظم جدا دور تركيا، حليف الولايات المتحدة وعضو حلف شمال الأطلنطي والتي كانت تمثل مركزا هاما لتجميع القوي العسكرية، وسلاح الطيران بالذات، إستعدادا للهجوم الوشيك لتمزيق القوات العراقية.

وقد حدث في تلك الفترة أن أجرت إحدي المجلات الألمانية حديثا مع الرئيس التركي وقتها تورجوت أوزال.

 

 فماذا قال الرئيس التركي؟


كانت لهجة الغضب واضحة في حديث الرئيس التركي. فقد إختص ألمانيا بالذات بجزء كبير من حديثه حيث إنتقد موقفها الغير داعم للتحالف بطريقة عملية، أي إرسال جنود إلي الخليج. وقد أعلن أن مجتمع الكفاية الذي أصبحت عليه ألمانيا قد جعلها تنسي أن الحياة بها مواقف تستلتزم الحرب والقتال من أجل الحفاظ علي هذا المستوي من الرخاء إذ أن العالم ليس مكانا للإسترخاء. 
وهو علي كل حال لم يطل به العمر حتي يري ما وقع في أوروبا من أمر عقب حرب تحرير الكويت، إذ أنه توفي بطريقة غامضة في ربيع عام 1993 وهناك كثير جدا من الشبهات تحوم حول موته، حتي أن أرملته وإبنه يصرحان علنا بأنه قد مات مسموما.. وقد تم إعادة إخراج جثمانه للبحث عن سبب الوفاة فوجد الأطباء الشرعيون بقايا مواد سامة وآثار لمادة البلوتونيوم في عظامه.. وليس هذا هو موضوعنا هنا..

فالذي يهمنا في حديثنا هو تعبيره عما يمكن أن يطلق عليه حالة الإسترخاء العسكري الأوروبي. وهي أمر شبيه بما كان محل جدل بين وزير الدفاع الأمريكي براون والحكومة اليابانية قبل ذلك الحديث بحوالي خمسة عشر عاما.

 

فالرئيس التركي أصاب في تحليله كبد الحقيقية. وهذا هو مربط الفرس في حديثنا هنا.. الإسترخاء العسكري الأوروبي..


أوكيناوا، تورجوت أوزال والدولة القومية!!(2)

$
0
0

عاشت أوروبا كل فترة الحرب الباردة مستندة إستنادا شبه كامل علي الحليف الأمريكي الذى كان بقوته الذاتية يمثل الملاذ الأول وربما الوحيد لكل دول اوروبا الغربية ضد خطر الهجمة السوفيتية علي القارة. وفي خلال هذه الفترة الطويلة تمت تنشئة أجيال متعددة بطريقة تقوم علي بغض الحرب والجنوح إلي الروح المسالمة بل والتظاهر كلنا لاح خطر الحرب لأي سبب وذلك لإثبات النزعة السلمية. والسبب في ذلك التطور الغير مسبوق في كل التاريخ الأوروبي هو حجم الخراب وقدر الدمار الذي حاق بكل قارة أوروبا (عدا بريطانيا إلي حد ما نظرا لأنها لم تكن مجالا للقتال). فالتاريخ الأوروبي هو كما يقول بعض المؤرخين تاريخ حروب لمدة أكثر من 2000 عام. إلا أن النزعة الجديدة التي لم تعرفها أوروبا إلا خلال السبعين عاما الماضية أصبحت من القوة والتمكن من الروح الأوروبية إلي درجة حدوث نوع من الإنفصال بين الماضي والحاضر.

وعلي الجانب الآخر من الأطلنطي لم يكن لهذه النزعة المسالمة أي نصيب من النجاح. فالولايات المتحدة منذ إنتصارها في الحرب العالمية الثانية لم تخل موقعا كسبته بهذه الحرب. بل علي العكس. فقد دأبت الولايات المتحدة علي إخلاء مواقع للإستعمار الأوروبي القديم لإحلال نفوذ أمريكي محلها. وما حرب فيتنام إلا إرث لمستعمرة فرنسية وما حرب كوريا إلا إرث لمستعمرة يابانية وما الفليبين إلا إرث لمستعمرة إسبانية بعد نصر في الحرب فى بداية القرن العشرين متحولة إلي يابانية أثناء الحرب الثانية. وما حركة القضاء علي رئيس وزراء إيران مصدق إلا إرث لأوضاع متميزة بريطانية، وهكذا...

حتي حركات الإعتراض المجتمعي داخل أمريكا ضد الحرب في فيتنام والتي خيل لكثيرين أنها تشكل بداية لانهيار أمريكا من الداخل وأنها العقاب الذي سوف تناله المؤسسة العسكرية الصناعية المالية بسبب تماديها في شن الحروب وبيع السلاح والتشاكس مع كل من لا يقبل بالهيمنة الأمريكية، حتي هذه الحركة السلمية لم تلبث أن خمدت وانطفأ وهجها بمجرد توقيع إتفاق عام 1973 الذي أنهي الوجود الفعال للولايات المتحدة في فيتنام وحول الحرب إلي حرب بين طرفين فيتناميين فقط وأخرج كل الأطراف الأجنبية من حلبة ذلك الصراع المريرتحت شعار   Vietnamization of the warأو تحويلها إلي حرب فيتنامية خالصة، أقول حتي تلك الحركة السلمية قد إنتهت وانتهي مفعولها تماما بمجرد توقيع ذلك الإتفاق الشهير..

وهذه خصيصة من خصائص المجتمع الأمريكي، النسيان السريع جدا والذاكرة شبه المنعدمة. فمجتمع أمريكا – خلافا لكل مجتمعات أوروبا- به دائما شيء جديد.وهذا الشئ الجديد ينسي الأمة الأمريكية كل ما كان قائما قبل دخول هذا الشىء الجديد حياتها..

بل أن الرئيس الجديد الذي جاء عقب سنوات إدارة كارتر الأربعة كان علي طرف نقيض تماما مع أي فكرة تقترب ولو من مسافة كبيرة من مفهوم المسالمة، إنها إدارة الرئيس ريجان التي إمتدت لثمان سنوات متبوعة بأربعة سنوات أخري تحت رئاسة نائبه جورج بوش الأب، والذي كان خير ممثل للمؤسسة العسكرية الصناعية المالية للرجل الأبيض. فانقلبت الأحوال في أمريكا بعد دخول ريجان إلي البيت الابيض وأصبحت القوات المسلحة الأمريكية طفلا مدللا من جديد وخرجت عشرات الأفلام السينمائية والأغاني التي تمجد في دورها وترفع من شأنها وتعلي من قدر تضحياتها واصبحت الوطنية الأمريكية لا تجد تعبيرا عنها يخرج عن وجوب الإشادة بالقوات المسلحة.

وكانت نتيجة ذلك كله هو أن المجتمع الأمريكي ظل وإلي اليوم بعيدا عن حركات السلام الإجتماعية التي عرفتها كل دول أوروبا والتي كان لها الدور الأول – وليس للجيوش – في تقويض أركان الشيوعية وإعادة توحيد أوروبا..

أما في أوروبا فقد ظلت حركة السلام وبغض الحروب قائمة منذ عام 1945 إلي يومنا هذا بلا أي إنقطاع.

أما في أوروبا فقد ظلت حركة السلام وبغض الحروب قائمة منذ عام 1945 إلي يومنا هذا بلا أي إنقطاع.

ولكن الدواء الموصوف من الطبيب البارع لا يوصف فقط بمجرد إسمه أو تركيبته، وإنما باتحاد عنصري الإسم والجرعة في نفس الوصفة. وهنا بالضبط تقع المحنة الأوروبية..

إذ أن الإتجاه الستراتيجي السلمي علي الرغم من أخلاقيته وتوافقه مع مقتضي العقل والصالح العام إلا أن الإفراط فيه يتحول إلي تعبير عن الضعف كما أنه ينتج عدم إكتراث بالوزن الستراتيجي لأوروبا التي يبدو للواقفين خارجها أنها لا تملك من أمرها شيئا في مسائل الأمن من حرب وسلام، فالمفاتيح يمسك بها الجالس في البيت الابيض بالإضافة إلي من يجلسون في الكابيتول من أعضاء الكونجرس.

ولعل أظهر حالات هذا الخلل الستراتيجي كانت ما وقع داخل أوروبا من حرب عاتية خلال التسعينات وارتكبت فيها العديد من المذابح التي أهين فيها الإنسان بينما وقفت أوروبا عاجزة عن الحركة تنتظر تدخلا من إدارة أمريكية..

وهذا يجرنا إلي فتح باب الحرب اليوجوسلافية التي لم يتنبه أحد وقت قيامها إلي آثارها البعيدة الممتدة في الزمان والمكان.. والتي لا تزال تلعب دورا كبيرا فى تشكيل حركة الأحداث إلي يومنا هذا..

 

فما هي القصة؟ 

 

 

الافارقه يردون : "لسنا شارلى "...ولكن !

$
0
0

استثار تعبير "أنا شارلى"الذى جرى تعميمه بسرعة إعلامية مذهلة ، ومشى تحت أعلامه رؤساء دول وحكومات من أنحاء العالم وحتى الإسلامى منه ، استثار حفيظة الكثيرين ، وأفكار آخرين ممن ليسوا طرفا مباشرا فى النزاع ، أى ممن ليسوا فى جبهات التحدى ، والتحدى المضاد ، وخاصة من أفريقيا والعالم الثالث . 

ولا أقصد تقديم حصر لذلك ، بقدر ما علينا جميعا الانتباه للتحليلات المختلفة التى قد تفيد فى خلق سياسات "أخرى "محلية أو دولية ...لكن أغرب ما عرفناه اليوم من نتائج ، أنه قبل إعلان التحالف الدولى ضد إرهاب ما بعد "شارلى إبدو "، وإذ بنا أمام إعلان عن اجتماع دول غرب أفريقيا فى إطار الإتحاد الأفريقى ، لتكوين "قوة عسكرية اقليمية "أفريقية لمواجهة الإرهاب فى غرب أفريقيا ، بدءا من "بوكو حرام "فى نيجيريا ....!! الخ ..هذا السلوك الدولتى المنافق من قِبل مجموعة كبرى من حكام غرب أفريقيا ، ينقل الجدل سريعا إلى مستويات كثيرة أبعد من التفكير الهادئ الجدير بالمسألة ....فهذا السلوك ينقل إرهاب "بوكو حرام "مباشرة من مسألة "قومية "نيجيرية إزاء جماعة متطرفة تشوه أفكار الجهاد الإسلامى عند "دان فوديو"أو "الكانمى"أو حتى الفرض الإسلامى المقدس حول الجهاد لنشر الدعوة الدينية واذ بنا امام مسألة "سياسية "إقليمية ، ومن ثم "دولية "بما يبدو تعاونا عسكريا وثيقا مع فرنسا تحديدا فى المنطقة ، منذ قتالها للسلفيين فى شمال مالى ، ووقوفها وراء الإنقلاب العسكرى هناك ( مارس 2012) ضد مسار الديمقراطية هناك ,ونزول قواتها بحجة "حماية مخطوطات تمبوكتو المقدسة "فى الشمال! بينما هى تواجه قوة مدنية تطلب حق تقرير المصير للطوارق وليس لمطلب دينى !

هذا الانتقال لتفسير "سياسى "أكبر ، هو الذى أورده أكثر من واحد من المثقفين الأفارقة ، مثل محمود ممدانى وغيره ...مبعدين حوادث الإرهاب مثل هذه من دائرة "مسلمين ونصارى"إلى دائرة الصراع السياسى وخاصة الدولى . واستعاد ممدانى آراءه منذ أصدر كتاب "المسلم الصالح والمسلم الطالح" ( ترجمناه فى مصر) وأعاد الينا - في كتابه ذاك -صورة المخابرات الأمريكية وهى تجند"المجاهدين "وتعطيهم السلاح بالتعاون مع السادات , والاسلاميين في مصر لمحاربة "الكفار"فى أفغانستان ... الخ!

هذه الصورة هى التى تقف دائما وراء تفسيرأحداث مثل "شارلى إبدو "تفسيرا سياسيا عند العقلاء ، وإن أثارت التعصبات الدينية عند آخرين . إن تحويل حدث "شارلى إبدو"إلى موقف بين الإسلام والمسيحية "هو جوهر الدعاية الغربية – مرة أخرى , كحجة لاعادة بحث وضع المغتربين المسلمين من قبل قوى اليمين الصاعد والمتوحش فى أوربا ...هذه هى الصيغة السياسية ، وهى "وارد المجتمع "الرأسمالى السياسى فى الغالب ... لكن الطريف أن الفكر الأفريقى ، لم ينشغل بذلك بهذه الصورة الفجة ...وأما مى نصوص عديدة تعلن "أنا لست شارلى "، ولكنى نيجيرى ، أو أفريقى ، او اني ضحية الاستعمار الاوربي ....الخ . وجاءت أخرى تقول فى مانشيت صحفى : "لست شارلى تماما..ولكن ...! نسعي الي تحذير أفريقى متعقل ضد "استقطاب التحليل "كما ورد فى عنوان آخر ، لأن البعض رأى أن المسلمين ليسوا كتلة واحدة ,وليس الاسلام جزءا ثابتا فى "سياسات الكثيرين منهم ، ولكن المتطرفين منهم ، انما يحسبون وفق ما حسب "الكلو كلان"فى أمريكا أو غيرهم فى فرنسا وألمانيا ...!الخ ....وهذا لا يعنى أن هذه المجموعات لا تقوم بعمل إجرامى نحاسبهم عليه امام القانون بالطبع ...

التحليلات الأفريقية ، تميل بعد وضع الاعتبارات السياسية ، إلى التحليل الثقافى والتاريخى ، والمقارن ، وليس مجرد مناقشة للثقافة الدينية ، وأظن أن ذلك يرجع إلى أن "التفكير فى أفريقيا غير العربية "أو الاسلامية لم ينشغل كثيرا طوال العقود الأخيرة "بالإسلام السياسى "على نحو ما شغل به عرب ومسلمو الشمال الأفريقى والشرق الأوسط!

من هنا تحدث بعضهم دون حرج عن تصديقه للقول أن التسامح بمعناه الليبرالى الحداثى ما زال قيمة غربية على نطاق واسع بينما ما زال قيمة دينية فقط – مع أو ضد- على المستوى الإسلامى ...ويترتب على هذا التفكير مقولة أخرى تصدرها معاندتنا للغرب بطرح نماذجهم فى التعصب أو حجب الحريات فى مثال تحريم ذكر الهولوكوست أو السخرية من اليهود ...الخ عندئذ تحدث بعض الأفارقة – مثل الأوربيين – عن أن ذلك يبقى فى حدود القضية الجنائية , حيث تبقى الإدانة فيها فردية . أما التعصب الإسلامى الدينى فيبقى جماعيا ، أى تجاه الجماعة "الأخرى "ومن ثم فالعقوبة تتجه –عند الاسلاميين - إلى مجتمع بالجملة مثل الدانماركى أو الفرنسى أو الأمريكى ...الخ وليس الي الافراد , وهذا مكمن خطر الإسلاميين الفعلى ...

كل ذلك ورد فى كتابات باقلام "بونافنتورا ", وريمي مايسيل ", وبول زيليزا "وغيرهم ، وبعضها مع الاحتداد يقول "لا"للمهرجان الغربى الفرنسى ، بل لاحظت العودة إلى نوع آخر من الاستقطاب النقدى تجاه الغرب ...مثل : أين كانوا يوم مذبحة "رواندا " ...، وأين هم من القتلى "الفلسطينيين بيد إسرائيليين ، أو قتلى الطائرات الأمريكية وغيرها فى اليمن ,,,أين الموقف الغربى الفعلي ضد الإرهاب العالمى ؟ بل ان هناك من يقول إن السلوك الفرنسى بات ينحو منحى الدول المتهمة باللجوء لاجراءات مصادرة الحريات واستخدام الاجراءات العسكرية ، أو استحضار ما قيل عن "أن أيدى "كميرون"فى انجلترا ملطخة بالدماء "هذا فضلا عن مساءلة الحروب الأوربية فى أفغانستان والعراق ، التى لم تعد بفائدة إلا للغرب وأصدقائه من النظم المحلية!

وقد أثار ذلك ايضا سؤالا دائما : هل ما زالت المشكلة هى صراع الحضارات مع الغرب ...فى ظل إتهام دائم للمسلمين بالتعصب ورفض الحوار الحضارى ؟ الإجابات متعددة حول ذلك ومعظمها فى القول بعدم نجاح الحوار بسبب تشدد المتعصبين علي الجانبين أساسا والذين يزحفون منهم على السلطة تدريجيا وبنجاح ملحوظ , علي الجانبين ايضا !، وهنا صعب القول بوجود تسامح حقيقي في الغرب 00 ذكر ممداني , وغيره , ان قوانين ازدراء المعتقدات لا تشمل الاسلام مثل غيره في دول الغرب , ومن ثم فإن قيمة "التسامح"التى يرددها الغرب هي فقط عن نفسه ، وجديرة بالمراجعة . وهنا يتوجب القول ان المسلمين ايضا لم ينجحوا في تقديم اجتهادات جديدة وحقيقية او فيما يسمونه تجديد الخطاب الديني بل انهم يتعنتون مع من يحاولون فيه 

ما زال الفكر الأفريقى يضيف إلى تحليلات الاحتجاج على إرهاب "شارلى إبدو "بالبعد الأفريقى المناسب . بدأ يتذكر الكثير مما يحدث لمجتمعاتهم ، أو تجمعاتهم ...فيصل بالفكر إلى وضع المغتربين أو المهاجرين الذين قد لايجدون حلولا مناسبة من أجل ما يطرحوه عن "الاندماج"فى المجتمع الغربى ، ويقابل بالرفض اليمينى ، فيضطر الشباب إلى "هجرة أخرى" ...إلى حل "الدولة الإسلامية "المتخيلة فى تراثه ,من "الاسلاميات"عن "الجهاد "، "والأمة الإسلامية "كخير أمة أخرجت للناس".... فضلا عن تناقضات لا تحصى فى النصوص حول "النصارى والكفار "....الخ , بما يجعل الاندفاع نحو الإرهاب ذاتيا وليس مجرد مؤامرة !

من النقاط التى أوردها البعض للتحليل المعمق أيضا دراسة لمعنى "السخرية من الذات "وتفسير موقف "الصحيفة الساخرة"فى إطار الفلسفة الحديثة عن "تطهير "المجتمعات لذاتها "عبر النقد والنقد الذاتى والسخرية من الذات , وعلي نحو ما تفعل نفس الصحيفة مع الكنيسة واليهود والسياسيين .. ! ....ويأتى الرد الأفريقى ، بأن الاصلاح أو التطهر بالنقد الساخر هو بالفعل عمل ثقافى يتناسب مع التقاليد والثقافة الوطنية و وقد يسمي عند المسلمين "الاجتهاد "وأحيانا بالتجديف"، ( وأظنه يسمى الآن تجديد الخطاب الدينى !) ولكن إلى أى حد يصل المسلمون إلى المعنى الغربى العلمانى حول التسامح والسخرية من الذات كقيمة مدنية تطهيرية ، حتى يتسامحون مع "شارلى إبدو"؟؟ ( في حديث لاحد الدعاة الجد د اشا رالي عدد من ايات سورة التوبة , وخاصة الاية" 61"التي تشير الي ايذاء النبي فيتوعدهم بعذاب الاخرة وليس بالقتل او الايذاء في الدنيا ) لكن ما حد ث من جانب "شارلي ابدو "في راي ممداني مثلا هو أقرب للتعصب او الازدراء bigotry وليس مجرد تجديف او سخرية blasphemy – ان صح التعبير - لأنه تعصب تجاه آخر ولو برسم كرتوني فيما يبدو سخرية .

وما زال الجدال متصلا ...

أوكيناوا، تورجوت أوزال والدولة القومية!!(3)

$
0
0

"رغم أن نص الخطاب ورد إليّ وقرأته إلا أنني أغفلت كما أغفلنا نحن جميعا نبرة التهديد الواضحة فيه حيث أن الوزارة كانت منهمكة في أمور ألمانيا الشرقية وما يحدث بها من مبادئ ثورة"..

هانز ديتريش جينشر وزير خارجية ألمانيا الغربية عام 1989 في حديث تليفزيوني متأخر معلقا علي خطاب الرئيس اليوجوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش فى الذكري ال 600 لمعركة كوسوفو الرهيبة عام 1389..

ومعركة كوسوفو هذه هي النقطة الفاصلة في التاريخ السياسي للصرب وكذلك في تكوين هويتهم الثقافية. إذ أنها المعركة التي تسببت في تقويض سلطة الدولة الصربية علي اراضي كوسوفو وتحول أمرائها واحدا بعد الآخر إلي التحالف مع الدولة العثمانية التي وإن كانت لم تنتصر إنتصارا مباشرا إلا أنها قطفت ثمار هذا التعادل فى النتيجة لصالحها عن طريق سياسات التهجير للأتراك لكي ينشئوا مجتمعات تركية في كوسوفو.

وتحليل معركة كوسوفو لا يهمنا كثيرا هنا ولكن المهم هو التركيز علي دور هذه المعركة في تشكيل الهوية الثقافية للمسيحيين الأرثوذكس في منطقة البلقان والذين شهدوا الإستيلاء علي عاصمتهم التاريخية كونستانتينوبل بعد وقوع تلك المعركة بحوالي ستين عاما فقط وتحويلها إلي مدينة إسلامية بل وإلي عاصمة الدولة الأوروبية الوحيدة التي تدين بالإسلام، الدولة العثمانية.

ومحنة فقدان كوسوفو عن طريق سياسات التهجير والاسلمة هي فى الوجدان الصربي قريبة الشبه بمحنة فقدان أرض فلسطين بالنسبة للفلسطينيين، محفورة في الذاكرة يتغني بها الرواة ويعيدون وصف جمال أرضها وحقهم السليب فيها عبر الزمان والذى لم ولا ولن يضيع..ولا يفوتنا هنا أن نتدبر أمر تحويل الكنيسة العظيمة آجيا صوفيا التي كانت بمثابة فاتيكان الكنيسة الشرقية إلي مسجد بعد دخول الترك إلي المدينة في عام 1453 وفي ذلك ما فيه من جرح غائر في قلوب الأرثوذكس الأوروبيين.

(قامت القوات الإسبانية المنتصرة بعد ذلك بأربعين عاما بالضبط بممارسة هذا العمل وتحويل مساجد قرطبة وأشبيلية وغرناطة ايضا إلي كنائس)..

وفي الذكري ال 600 لهذه المعركة الرهيبة ألقي الرئيس اليوجوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش خطابا ناريا في موقعها ذاته بالقرب من مدينة بريستينا في صيف عام 1989 وبدل الخطاب المبني علي الاساس الإشتراكي المعتاد من زعيم حزب شيوعي إلي خطاب يركز علي عنصر القومية وإعلاء شأنها مع التهديد والوعيد لكل من يريد أن يقف في طريق الحلم القومي.. وهي لهجة متعارضة مع اللهجة الشيوعية علي خط مستقيم.

وهذا هو الخطاب الذي غفل وزير خارجية ألمانيا وفي الغالب معظم وزراء خارجية الدول الغربية عن فهم مراميه.

كانت تلك نفسها هي الفترة التي شهدت تراجعا ملحوظا للإتحاد السوفيتي عن دوره "الرائد"في المعسكر الإشتراكي بل أن سكرتير عام الحزب الشيوعي السوفيتي كان قبل ذلك باسابيع قد بعث برسالة إلي مجلس النواب المجري يتمني فيه للمجر كل حظ وتوفيق في طريقها الجديد الذي إختارته، الخروج من الشيوعية وفتح الحدود مع الغرب في النمسا !!!

وميلوشيفتش هذا كان شخصية غريبة ومحيرة. فقد شهد في طفولته إنتحار كل من أبيه وأمه علي التوالي.

وكان إنتهازيا لا يتورع عن الإتيان بكل غريب ومريب لكي يحتفظ بالقوة والسلطان. وهو لهذا قد إنقلب علي الخط الشيوعي وتبني نهجا قوميا مغاليا فيه لأنه أدرك مبكرا علي ما يبدو أن الشيوعية تلفظ أنفاسها الأخيرة.

وهكذا ساهم نظام شيوعي إسما في إعادة إحياء الشعور بالقومية الصربية التي كانت جمهورية الصرب تشكل الجزء الأكبر من موزاييك يوجوسلافيا المتعدد الأعراق والأديان، بحيث أنه عندما طمح الكاثوليك في كرواتيا وسلوفينيا إلي الإستقلال الوطني عن الجمهورية الإتحادية وقف ميلوشيفيتش بقوات الجيش اليوجوسلافي في مواجهة تلك الحركتين الإنفصاليتين وبدأت الأعمال الحربية في صيف عام 1991.

وسلوفينيا وكرواتيا هما من مناطق النفوذ الديني والسياسي والعرقي الراسخة لكل من النمسا والمجر علي الترتيب. فهما من الكاثوليك بينما الصرب من الأرثوذكس. كما أنهما كانتا دائما من المناطق التي تضمها إمبراطورية النمسا والمجر. وعلي ذلك لم يتأخر الإعتراف الالماني بهاتين الدولتين بل صدر سريعا جدا في أعقاب إعلان الإستقلال. وإلي هنا كانت أوروبا واقفة موقفا ربما يمكن إنتقاده إلا أنه لم يصل إلي مرحلة إشتباه التآمر.

لكن الأمر إختلف بعد ذلك حينما حاولت جمهورية البوسنة والهرسك ذات الأغلبية المسلمة أن تستقل بدورها عقب خروج الجمهوريتين الكاثوليكيتين. فقد أعلن الأوروبيون أنهم غير داعمين لهذا الإستقلال وأن حظرا علي السلاح سوف يفرض (علي جميع الأطراف) لكي تتوقف الأعمال العدائية !!

وعلي مشهد من كل العالم قامت قوات الصرب وقوات جمهورية البوسنة الصربية، وهي كيان هلامي لا وجود له يستند في وجوده إلي دعم الجيش الصربي، قامت بعدد كبير من المذابح الوحشية ضد سكان البوسنة سواء كانوا مسلمين أو كاثوليك، بل أن الجنرال الفرنسي الذي كان يراس قوات الأمم المتحدة أرسل يطلب ضربات جوية فرنسية لحماية المناطق الآمنة التي حددتها الأمم المتحدة ورفض الرئيس الفرنسي كيتران ذلك فاستقال الجنرال مولينيون من عمله.

والواقع أن أوروبا باعتمادها هذا النهج المتخاذل لم تفشل أخلاقيا فقط، بل هي فشلت سياسيا وإجتماعيا.

والفشل السياسي نتج عنه نظرة إحتقار من جانب كل من الولايات المتحدة والدول الإسلامية ودول العالم الثالث بصفة عامة. ويقع اللوم هنا في الأساس علي فرنسا وربما إيطاليا وبقدر أقل علي ألمانيا، إذ أن ألمانيا كان من الصعب جدا عليها أن تبدأ حياتها كدولة موحدة حديثة النشوء بخوض حرب جديدة، وهو ما عبر عنه هلموت كول أكثر من مرة. أما فرنسا فقد كان يحكمها رئيس تخطي الخامسة والسبعين وفقد كثيرا من حسه السياسي وأصبح جامدا وأسيرا لافكار عتيقة بالية ولم يثبت أنه أهل لتحمل مسئولية دولة أوروبية كبري ذات نفوذ هائل على الإتحاد الأوروبي. وهذا هو الفشل السياسي.

أما الفشل الإجتماعي  الذى إنزلقت إليه جميع الدول الأوروبية بلا إستثناء فهو إستعداء مشاعر وعقول الجاليات المسلمة التي تعيش في أوروبا منذ عقود وكانت إلي ذلك الحين مسالمة وادعة لا تعرف فكرا جهاديا ولا منتظمة سياسيا في أي خط واضح.. وهذا الفشل هو ما تدفع أوروبا اليوم ثمنا باهظا له.. وهو فشل تاريخي بمقياس ضرره الممتد في الزمان وأثره الواسع جغرافيا.

وقبل ذلك بل وفي توقيت معاصر كانت هناك الأزمة الشيشانية داخل روسيا. وهذا باب آخر من أبواب الجحيم فتحه الأوروبيون علي أنفسهم..

 

فما هي قصته؟

إنقلاب داخل القصر الملكى السعودى

$
0
0

قال الكاتب البريطاني الشهير "ديفيد هيرست"، إن انقلابًا حدث داخل القصر الملكي السعودي خلال الساعات الأخيرة في حياة العاهل السعودي أطاح بمن وصفه بـ"رجل المؤامرات الخارجية بالقصر خالد التويجري رئيس الديوان الملكي".
وأضاف "هيرست"، في مقال له بصحيفة "هافينجتون بوست"الأمريكية، اليوم، أن كل ما حدث في المملكة خلال الساعات الماضية كان انقلابًا بمعنى الكلمة دون أن يسمى انقلابًا علنيًّا؛ حيث أطيح بفكرة دخول الأمير متعب نجل الملك الراحل عبد الله إلى سلم الخلافة، وجيء بدلًا منه بالأمير محمد بن نايف كنائب لولي العهد وذلك باتفاق مع السدايرة نسبة إلى ذرية الملك عبدالعزيز المتنفذة من زوجته من آل السديري.
وأشار إلى أن السدايرة الأغنياء والأقوياء سياسيًّا والذين أضعفوا من قبل الملك الراحل عبد الله، عادوا من جديد وأحدثوا انقلابًا داخل القصر.
وذكر "هيرست"،  أن الملك سلمان تحرك سريعًا لإفساد خطة الملك عبد الله وقرر عدم تغيير نائبه الأمير مقرن لكنه قد يختار الاتفاق معه في وقت لاحق.
وتحدث عن أن الملك سلمان جاء بالأمير محمد بن نايف وعينه نائبا لولي العهد، على الرغم من أن الملك الراحل عبد الله كان يسعى لأن يشغل نجله الأمير متعب هذا المنصب.
وذكرت الصحيفة، أن تعيين الملك سلمان لنجله محمد أمينا عاما للديوان الملكي بدلا من خالد، رجل بن زايد داخل السعودية) أهم من توليه منصب وزير الدفاع، مضيفة أن كل تلك المتغيرات حدثت قبل دفن الملك الراحل.
وتحدثت الصحيفة، عن أن خالد التويجري كان لاعبًا رئيسيًّا في ما وصفه بـ(المؤامرات الخارجية سواء في إفساد الثورة المصرية).
واعتبرت الصحيفة أن عدم حضور عبد الفتاح السيسي لجنازة الملك الراحل بحجة سوء الظروف الجوية ما هي إلا نتيجة لشعوره بتغير المزاج العام في القصر السعودي.. حسب تعبير الصحيفة الأمريكية.
وذكرت الصحيفة، أن هناك محاولتين جرت من قبل مستشارين للملك سلمان للتواصل مع قيادات من المعارضة الليبرالية المصرية بينهم محامٍ وليس منهم أحد من الإخوان المسلمين لكن توجد اتصالات بينهم.

مقرن -متعب-التويجري

$
0
0

استيقظ السعوديون صباح الجمعة 23-01-2015 على انقلاب حقيقي وكامل في نظام الحكم، بعد أن أمضت العائلة السعودية ليلتها في حالة استنفار بعد الاعلان عن وفاة الملك، حيث انتهت ليلة الخميس ومنصب ولي ولي العهد الذي استحدثه الملك الراحل شاغراً، في مؤشر بالغ الوضوح والدلالة على أنه محل الخلاف في الأسرة السعودية.

 

وبينما كان السعوديون في الرياض يؤدون صلاة الجمعة أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز تعيين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز في منصب ولي ولي العهد، وأصدر قراراً بطرد رئيس الديوان الملكي خالد التويجري من منصبه، وهو الرجل الاقوى طوال السنوات العشرة الماضية التي حكم فيها الملك عبد الله بن عبد العزيز السعودية.

 

وبتولي الأمير محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد تكون الولاية في الأحفاد قد ظهرت، ويكون مستقبل الحكم في السعودية قد ظهر لأول مرة، حيث أن محمد بن نايف سيكون أول الأحفاد الذين سيتولون الحكم في المملكة، وهو ما يعني أن الامير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز قد تلقى الضربة القاضية التي أطاحت به وخيبت أمله طوال حياته، بعد أن كان منذ سنوات يعمل من أجل أن يصل لاحقاً الى عرش السعودية.

 

وكان الأمير متعب بدعم من والده الراحل حليفاً للرجل الأقوى في المملكة خالد التويجري، الذي كان يقول عنه السعوديون إنه الملك الحقيقي وإنه الآمر الناهي في البلاد، أما الحليف الآخر لمتعب والذي كان يدفع باتجاه إيصاله الى الحكم فهو الأمير بندر بن سلطان الذي كان رجلاً قوياً في المملكة وبلغ ذروة سلطانه وجبروته عندما تولى رئاسة جهاز الاستخبارات السعودية، قبل أن يطاح به من راس الجهاز، ومن ثم الان ينهار بشكل كامل بسبب انهيار المعسكر الثلاثي: (متعب – بندر – التويجري).

 

وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز قد استحدث منصب ولي ولي العهد في السعودية لأول مرة، وعين فيه الأمير مقرن المحسوب على معسكر (متعب- بندر – التويجري) في خطة كانت ترمي الى أن يتولى متعب هذا المنصب لاحقاً، وبذلك يضمن الملك أن يكون ابنه هو أول الأحفاد الذين سينتقل اليهم الحكم في السعودية.

 

وخلال ساعات الليل التي تلت إعلان وفاة الملك عبد الله سلمت العائلة السعودية بتولي سلمان الملك كونه ولي العهد، كما تم التسليم (مؤقتاً) بأن يصبح الأمير مقرن ولياً للعهد، إلا أن منصب ولي ولي العهد ظل شاغراً، وكان الصراع بين محمد بن نايف ومتعب بن عبد الله، لينتهي بعد ساعات، وعند طلوع الصباح لصالح محمد بن نايف الذي طلب من الملك إصدار أمر تعيينه قبل دفن الملك عبد الله من أجل أن يضمن البيعة له بمنصبه في نفس الجلسة التي تنعقد بعد صلاة العشاء، أي بعد ساعات من دفن الملك الراحل.

 

 

 

وأصدر الملك سلمان القرار بالفعل، قراراً واضحاً يقضي على كل آثار الملك عبد الله قبل أن يوارى جثمانه الثرى، فتم تنصيب الأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد، وتم طرد التويجري من القصر، واختفى بندر بن سلطان، وتم الاعلان عن كل ذلك خلال صلاة الجمعة في الرياض، أي قبل دفن الملك بنحو ساعتين فقط، وقبل جلسة البيعة العامة بعدة ساعات

 

أما المعلومة الأهم التي يؤكدها مصدر سعودي مطلع فهي أن الأمير مقرن بن عبد العزيز المحسوب على معسكر متعب، والذي كان بمثابة جسر لإيصال متعب الى الحكم، فسوف يقضي فترة قصيرة، وربما تكون قصيرة جداً في منصبه كولي للعهد، ومن ثم سيتم إعفاؤه من المنصب، حيث يتوقع أن يكون محمد بن نايف ولي العهد في القريب العاجل، وبذلك يكون قد تم القضاء على معسكر كان طوال سنوات ذو ثقل كبير في العائلة السعودية.

 

ومن المعروف منذ مدة طويلة أن خلافات عميقة كانت تعصف بالعلاقة بين كل من الامير محمد بن نايف، والأمير بندر بن سلطان، حيث كان الأول يمسك بملف وزارة الداخلية والثاني بجهاز الاستخبارات، لكن الرؤية بينهما كانت متباينة، وكان الخلاف بينهما شديداً.

 

وبالتغيرات التي شهدتها المملكة يكون انقلاب كامل الأركان قد حدث داخل مؤسسة الحكم في الرياض، حيث بوفاة الملك عبد الله أطيح بمراكز قوى بالغة الأهمية، وتنحى عن المشهد السياسي في المملكة خالد التويجري الذي كان الرجل القوي والمهم طوال عشر سنوات على الاقل، فيما لا يزال مصير الأمير متعب بن عبد الله، وحليفه الأمير بندر بن سلطان غامضاًن ويتوقع كثير من المقربين من العائلة السعودية أن يضطرا لمغادرة المملكة ويختارا العيش في الخارج.

أوكيناوا، تورجوت أوزال والدولة القومية!!(4)

$
0
0

كان الشيشان عبر التاريخ من الشعوب التي تقلبت بين السيادات وتقاسمتها الدول المتتابعة إلي أن اصبحوا جزءا من الإتحاد السوفيتي وتعرضوا خلال ذلك لقهر وإضطهاد من الروس فلم تكن العلاقة بين الطرفين ودية أبدا. وبدون الدخول في تفصيلات قضية الشيشان وعلاقتهم الدموية التاريخية بروسيا فإن هذه الطائفة المختلفة عرقا ودينا عن الروس إنتهزت أيضا الفرصة السانحة بسبب ضعف الحكومة المركزية في موسكو وأعلنت إنفصالها عن روسيا والمناداة بجمهورية إشكيريا وكان ذلك عام 1994 أثناء رئاسة الرئيس بوريس يلتسين,

وقد جاء الرد الروسي مفرطا في عنفه وشديدا فى إنتهاكاته للحقوق المتفق عليها دوليا في النزاعات المسلحة وكانت السمة الغالبة إعلاميا علي هذا الصراع هو أنه صراع بين مسلمي الشيشان ومسيحيي روسيا.

والدليل علي ذلك هو أن رد فعل روسيا علي إوائل المنفصلين عن الإتحاد السوفيتي، وهي جمهوريات البلطيق الثلاثة إستونيا ولاتفيا وليتوانيا جاء مخالفا تماما فلم يتسم بأي عنف ولا صراع مسلح، بل كان جدلا سياسيا في معظمه، وهذه الجمهوريات الثلاثة هي في أغلبها مسيحية كاثوليكية. ولعلها من مصادفات القدر أن الجنرال السوفيتي الذي كان منوطا به إخماد الحركة الإنفصالية في تلك الجمهوريات أصبح هو نفسه فيما بعد قائد حركة الإنفصال الشيشانية إذ أنه كان من ابناء تلك الطائفة، الجنرال جوهر دوداييف الذي قتل في قصف للجيش الروسي للشيشان بعد ذلك بست سنوات.

وفي هذا الصراع الذي إستمر أكثر من عام ونصف لم تفلح روسيا في حسمه عسكريا فاضطرت إلي إعلان هدنة من جانب واحد ومغادرة أرض الشيشان في مناورة قد تعني الإعتراف الواقعي De Factoباستقلال الجمهورية ولكنها لم تعلن أبدا عن إستقلال قانوني De Jureلهذا القطاع من الأرض.

والذي يهمنا هنا ليس الفشل الروسي، وإنما هو الفشل الأوروبي. فقد أعلن المستشار هلموت كول وقتها في بداية المعارك أن الرئيس يلتسين صديق حميم لألمانيا (لم يكن  خروج القوات الروسية من ألمانيا قد مر عليه سوي 6 شهور فقط) وأنه لا يريد الحديث عن أزمة الشيشان لأنها شأن داخلي في روسيا. مع أن ÷لموت كول وقتها كان في مركز ممتاز يسمح له بممارسة الضغط علي روسيا بسبب ما تقدمه ألمانيا من مساعدات إقتصادية لروسيا التي شارف إقتصادها علي الإفلاس. وفرنسا أيضا لم تدل بأي تصريح ذي بال عن حقوق الإنسان التي كانت تنتهك بطريقة سافرة جلية للعيان.

إنه مرة أخري الإتجاه الأوروبي المتخوف دائما والمؤثر للسلامة والمتباعد عن خوض المعارك، حتي ولو الكلامي أو اللفظي منها !! وطائفة الشيشان هذه ليست مجهولة في العالم العربي والإسلامي. فالبلاط الملكي الاردني به الكثير ممن ينحدرون من أصول شيشانية. وكان قدر المعاناة والقهر الذي تعرض له مقاتلو الشيشان في الحرب الأولي التي أنهاها يلتسين عام 1996 والحرب الثانية التي أعاد بها يلتسين وبوتين جمهورية الشيشان إلى الحكم الروسي، كانت تلك الفظائع التي إرتكبها الروس ليست بعيدة عن عيون وقلوب المواطنين العرب والمسلمين، سواء كانوا فى عمان أو في القاهرة وطبعا لم تكن بعيدة عن مسلمي أوروبا..

وقد كان هذا هو الفشل الثاني لأوروبا خلال التسعينات، وكان مجاله ايضا السياسة والإجتماع..

وعلي الرغم من أن كثيرا من المراقبين لا يذكرون هاتين الحقيقتين، إلا أن موقف أوروبا الموحدة أو شبه الموحدة من حربي يوجوسلافيا والشيشان كان باعثا قويا للغاية علي إنعدام الثقة بين النظام السياسي الحزبي البرلماني الديموقراطي المتواجد في كل دول أوروبا من ناحية، والجاليات المسلمة المقيمة داخل أوروبا والمستقرة فيها من ناحية أخري..

لقد زادت الجاليات المسلمة إغترابا بهذه السياسة الأوروبية. فمن بعد الإغتراب الثقافي واللغوي للجيل الأول، جاء الإغتراب الإجتماعي رغم معرفة اللغة والتمكن منها في الجيلين الثاني والثالث.

فقبل إندلاع هاتين الحربين لم تكن الجاليات الإسلامية الأوروبية في معظمها تهتم بالسياسة، بل كانت عازفة عنها زاهدة حتي عن الصراعات السياسية التي كانت تجري فى الوطن الأصلي، سواء كان مصر أو العراق أو سوريا أو تركيا.

بل أن الجزائر ومحنتها الحزينة التي جرجرتها إلي حرب أهلية طاحنة منذ عام 1992 إلي عام 1999 لم تكن موضع إهتمام كثير من المسلمين في أوروبا بسبب أنه كان صراعا بين جماعات الإسلام السياسي والحكومة العسكرية. أما حربا يوجوسلافيا والشيشان فقد كان ضحاياهما من المدنيين الغير راغبين في أى قتال ولا سلطة وإنما يريدون فقط الحفاظ علي الحق في الحياة، وهو الحق الذي تنص عليه كل الدساتير الأوروبية!!

وأسوأ شيء يمكن أن يقع لأحد المجتمعات هو أن تكفر طائفة منه بالنظام الإجتماعي الموجود وتعلن عدم إحترامها له..

صحيح أن حركة الشيشان قد تحولت بعد ذلك إلي الإرهاب الصريح بأعمال خطف أطفال المدارس وإحتجاز رهائن في أوبرا وعمليات من النوع الذي لا يكسبها أي إحترام بل يغضب الراي العام ويؤلبه عليها، إلا أنه من الصعب إنكار وقوع إنتهاكات حادة لحقوق الإنسان علي جانب المدنيين الشيشان علي يد القوات الروسية علي الأقل في الفترة الأولي من الحركة الإستقلالية.. كما أن الأخوين الذين إرتكبا حادث التفجير في مدينة بوسطن الأمريكية عام 2013 كانا من المهاجرين الشيشان من أطفال تلك الفترة في بلادهم..

 

وفي خضم هذه الحركات الحربية ذات التكلفة البشرية العالية والتي واجهتها أوروبا بالعجز وقلة الحيلة مما أسفر عن إنفصال جزء لا يستهان به من الجاليات الإسلامية عن النظام الأساسي للدول الأوروبية، جاءت الكارثة الثالثة من خارج أوروبا، إنه الحادي عشر من سبتمبر..

هل يحتاج الأمر لبقية من كلام؟

$
0
0

هل يحتاج الأمر لبقية من كلام ؟ مجموعة من كوادر قيادية في حزب ديمقراطي معترف به هو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي نشأ في حضن ثورة كاسحة ( وقعنا بيان تأسيسه يوم 9 فبراير 2011 ) وخرجوا في مسيرة لتحية ذكري الثورة معلن عنها جيداً ومشت حوالي كيلو متر من مقر الحزب في شارع هدي شعراوي وسط هتافات مدققة حول شعارات يناير حتي ميدان طلعت حرب ووقفنا لا أكثر من دقائق وأنا بجانب شيماء وراء شعار كبير جدا يحمل اسم الحزب وبد هنا رفض الشرطة لوقوفنا لاول مرة فذهب الامين العام طلعت فهمي للتفاهم مع قيادة الشرطة الواقف وسط الميدان مدججا بالعشرا وربما مئات من الشرطة ليخبره بما اتفقنا عليه وهو ان مجموعة صغيرة ستنطلق حالا ببوكيه الورد الي ميدان التحرير حيث نصب الشهداء ... وفي ثواني من ذلك سمعنا غير المتوقع من طلقات كثيفة وغاز كثيف شعرت به في ضيق نفسي ... وطبيعي ان اتجه الجميع للتفرق... ومشيت بقدر من السرعة مع الهامي ميرغني في طلعت حرب في اتجاه موازي لمقهي ريش... والكل يحاول في اكثر من اتجاه تجنب الغاز وما هو باالضرورة خرطوش لان الفرقعة كانت عالية جدا ( وليس لي خبرة بنوع طلقات الاسلحة ) .. وبعد ثواني اخري وعلي بعد امتار من الميدان كنت والهامي علي الرصيف و والشرطة تلاحق البعض وزهدي الشامي قادم خلفنا يمسك حاجبه المجروح من خبطة عمود ( كما ذكر بعد )

وعند هذه اللحظة ووسط هذا اضجيج ومحاولة تجنب الغاز او ما اعتبرناه طلقات نارية نظرت خلفي لاجد شيماء مطروحة ارضا والدماء تشلب من جبهتها وجانب من وجهها في حدود رؤيتنا الجانبية وفي نفس اللحظة كان اثنان من زملائها يحملانها في ظل اعتقادي انها وقعت علي الرصيف وجرحت ويحاولون انقاذها ... والكل يتصور اننا في طريق التفرق لمعالجة الموقف والجرحي .... وكل الشهادات تقول ان من حمل شيماء ومن صاحبها كان يعتقد او يتصور انه في طريق ثضميد جروح ولسنا امام جريمة قتل تبدو تماما متعمدة ..... لاننا كنا مجموعة متقاربة وكان يمكن لو انه مجرد رشات خرطوش للامن او البوليس العادي ان يصيب معظمنا بالجروح ....الح .. ولو انه "دسيسة "ويحمل مدفعا يقصد شيماء لكان مكشوفا تماما لمئات رجال الشرطة المحيطين بنا وبالميدان كله وعرباتهم المصفحة ! ويستحيل لمواطن ان يتحرك وسط كل ذلك حركة غير عادية...

ولو صممت الشرطة علي اتهام اخرين لاصبحت الشرطة متهمة بالاهمال في حماية المواطنين.

إن تفرقنا السريع من الميدان يشىر الي اننا لم نكن ننوي ولا نقدر علي التحول الي مقاتلين ! ولم يتصور احد ان يتحول اشاوس الشرطة بهذا الشكل الي قناصة ..! ولذا اؤكد أنني، وأظن غيري، أعتبر أننا أمام بنت مجروحة حملها زملاء للمعالجة بدليل جلستها علي كرسي في مقهي البستان ولمدة ملحوظة انتظارا لعلاج بينما هي متوفاة ... لأنه لا توقع لدي كثيرين للأسف أننا أمام شرطة وحشية تعطي دروسا في التاديب لمجموعات متحضرة في هذا المجتمع ليقول الناس بعدها ما شاؤا .... إنني أربأ بالجميع ألا يتسلوا بالدخول في متاهات ساذجة بهذا الشكل العامي من بعض نحترمه لطمس الحقيقة الكبري وهي التساؤل عن حرص نظام مابعد يونيو علي مواجهة المخاطر علي هذا البلد بالتسليم بوجود حلف ديمقراطي حقيقي يسند أهداف هذا الشعب وثورته ولا أقول مجرد الحكم أمام التوغل الأمريكي الأوربي الذي بات يجبر الحكومات الهزيلة ديمقراطياً في سوريا وليبيا واليمن وغيرها علي تفاوض لا تقبله جماهيرها لكن القوي الكبري باتت تقبله وتفرضه ..... والإخوان يعبثون معهم بكل القيم. 

أيها الحاكمون ..."مالم تقبلوا بمشاركتنا، أخشي أن تضطروا لقبول مشاركة " آخرين "... والقوي المجتمعية الحقيقية لا تستجدي الرضي.


عملاق «آبل» يتأرجح بين الساعة المنتظرة ونضوب الابتكار

$
0
0

رئيسا «آبل» و«تشاينا موبايل» خلال افتتاح المخزن العملاق في بكين. (رويترز)

يصعب إطلاق صفارات الإنذار المقلقة في حفل يعزف أناشيد الاحتفال، لكن التأمل في ما بين السطور والوقائع، يحرّك الدعوة إلى التنبّه الحذر من غيوم قاتمة، بدل الاستغراق في نشوة تحقيق الانتصار الذي ترسمه أرقام الأرباح الفصلية التاريخيّة المدويّة لشركة «آبل». لماذا القلق فيما تحقّق الشركة أرباحاً فصلية صافية بـ18 بليون دولار، وهو رقم تاريخي لم تحقّقه أي شركة في أي صناعة، بل لو وزّعَت الأرباح على الشعب الأميركي لنال كل فرد 556 دولاراً. لم التحذير فيما القيمة السوقيّة للشركة تراوح بين 600 و700 بليون دولار، وهو رقم تاريخي بالمقاييس كافة، متفوّقة على «غوغل» (400 بليون)، ومايكروسوفت (387 بليوناً) و «علي بابا» (228 بليوناً).

عند التدقيق بمصدر تلك الأرباح الفصليّة التاريخيّة، يتبيّن أنها جاءت من ابتكارات سابقة للشركة، خصوصاً الزيادة في مبيعات «آي فون 6» و»آي فون 6+» ذات الشاشة الكبيرة، والطفرة في مبيعات الهواتف نفسها في الصين، بمقدار 70 في المئة، بأثر من اتفاقات مع شركة «تشاينا موبايل»، وهي أضخم مشغل للهواتف المحمولة عالميّاً.

 

أين الابتكار في تلك الصورة؟ لنتذكر أنه في مرّات سابقة، حقّقت «آبل» أرقامها القياسيّة عبر ابتكار ما هو أصيل، ولا نظير له على الأرض. عندما أطلق العبقري الراحل ستيف جوبز الـ»آي باد» ، لم يكن هنالك ألواحاً ذكيّة في الكرة الأرضيّة. ومن ينسَ وقفة جوبز مستعرضاً بضربات من طرف أصبعه على الشاشة التي تعمل باللمس للـ»آي فون» الذي فجّر صناعة جديدة حملت اسم «الهواتف الذكيّة»؟ وربما لم يحدث جهاز «آي بود» ضجيجاً مماثلاً، لكنه كان سبّاقاً كأداة فرديّة للملفات الصوتيّة كافة، وضمنها الموسيقى، التي تأتي من الإنترنت والأجهزة الإلكترونيّة وغيرها. وأطلق «آي بود» طريقة تقنيّة جديدة في الإعلام العام، حملت اسم «بود كاستينغ»، بل بفضله راجت الكتب الرقميّة الصوتيّة.

 

بفضل الابتكار الأصيل، تجاوزت «آبل» نفسها، بعدما كانت تتخبط في محاولة للحاق بالركب في صناعة الكومبيوتر، لأن كومبيوتر الـ «ماك» لم يكن سوى لاعب صغير في تلك الصناعة. وبفضل الابتكار الأصيل، استطاع جوبز أن يرتفع بـ «آبل» إلى مستويات شاهقة، بل أن الكومبيوتر كله صار يتصاغر أمام الانتشار الواسع لألواح الـ «تابلت» والهواتف الذكيّة.

 

حاضراً، لا تملك «آبل» في جعبتها سوى الرهان على ساعة «آبل ووتش» الذكيّة. وعلى عكس الابتكارات السابقة، تصل تلك الساعة إلى الجمهور، بعدما سبقتها «سمارت ووتش» من صنع شركة «سوني». وتستند «سمارت ووتش» إلى تطبيقات «آندرويد» الفائقة الانتشار بين الجمهور، فيما تلتزم «آبل ووتش» بالتطبيقات في مخزن «آبل تيونز». وإضافة إلى «سمارت ووتش» هناك ساعة «جير إس» من صنع شركة «سامسونغ» التي أطلقتها العام الماضي قبل تقديم شركة «آبل» لساعتها الذكيّة، وهي تتعامل مع تطبيقات «آندرويد» أيضاً. وهناك مجموعة من الساعات الذكيّة التي تستطيع أيضاً أن تنافس الساعة المرجوة لـ «آبل»، كـ «بايزيس بي1»، و «بيبل ستيل»، و»توك» و «نبتون باين» و»باسبورت»!

 

وفي شأن العلاقة بين الابتكار والتعملق، وضع الأميركي بول ثاييل كتاباً عنوانه «من الصفر إلى الواحد»، ينعى فيه تقلّص ظاهرة الابتكار في أميركا، خصوصاً صناعة المعلوماتية التي يرى أنها باتت تكتفي بالتوسع أفقيّاً عبر تحسين ما هو منتشر فعليّاً، ولم تعد ترنو إلى التوسّع عمودياً عبر الابتكار الأصيل.

 

ويذكر ثاييل بأنه بين 1915 و1965، شهد العالم ابتكارات أصيلة شملت الغواصة والطائرة النفاثة والتلفزيون والراديو والمسجل والقنبلة الذرية والرقاقات الإلكترونية وأشباه الموصلات والكومبيوتر. ويلفت إلى أن الخمسين سنة التالية لم تشهد فيضاً مماثلاً من الابتكارات الأصيلة. وربما يجدر بـ «آبل» أن تصغي إلى أصوات كثاييل، بدل الرقص على إيقاعات متلاعبة.

ثلاثي القوة السعودي

$
0
0

انتهت مراسم البيعة لثلاثي الحكم السعودي الجديد (الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير مقرن ولياً للعهد والأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد) لتعكس توازنات سعودية جديدة، مفادها انتصار جناح السديريين في العائلة الحاكمة على جناح الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز. وبرغم السرعة والحسم في تثبيت الانتصار السديري، فما زالت التوازنات السعودية الجديدة بحاجة إلى قراءة متأنية على قاعدة مثلث القوة الفعلي، الذي يختلف في الواقع عن ثلاثي الحكم المعلن.
يتمثل ثلاثي الحكم المعلن في الملك سلمان وولي العهد مقرن وولي ولي العهد محمد بن نايف، لكن ثلاثي القوة الفعلي يتمثل في ثلاثة من أحفاد الملك المؤسس الأمراء: محمد بن نايف ومحمد بن سلمان ومتعب بن عبد الله. يتحكم هؤلاء في الأذرع العسكرية الثلاث للسعودية، التي تتحكم وحدها في استيراد وامتلاك السلاح في المملكة، أي وزارة الدفاع (محمد بن سلمان) ووزارة الداخلية (محمد بن نايف) والحرس الوطني (متعب بن عبد الله)، وهي حقيقة لها أهميتها الفائقة في حسابات القوة الفعلية. وإذ كثر الحديث في اليومين الماضيين عن خسارة الأمير متعب بن عبد الله لطموحه الملكي ــ وهو أمر صحيح ــ بتعيين منافسه محمد بن نايف في منصب ولي ولي العهد، إلا أن متعبا ما زال ممسكا بالحرس الوطني، ما يضعه في مثلث القوة الفعلي برغم خسارة طموحه الملكي مرحليا على الأقل. ومن ناحية ثانية وفي غمرة الحديث عن انتصار محمد بن نايف وكونه الأول من أحفاد الملك المؤسس في سلسلة الحكم السعودي، إلا أن تكليف محمد بن سلمان بوزارة الدفاع، التي كانت تقليديا حكرا على ولي العهد، يحمل مضمونا صراعيا في بنيته، لأن الأمير محمد بن سلمان بحكم مناصبه سيشكل ضلعا في مثلث القوة الفعلي، حتى مع تعيين الأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد. أما تقدم عمر الملك سلمان (80 عاما)، ومحدودية سلطة الأمير مقرن (70 عاما) داخل العائلة الحاكمة لافتقاره إلى الجذر القبائلي النافذ، فيشيران إلى أن الملك وولي عهده يجسدان في الواقع مرحلة انتقالية في تاريخ السعودية الممتد إلى العام 1932.

محمد بن سلمان

تولى الأمير محمد بن سلمان (نجل الملك الجديد)، بموجب التعيينات التي أعلنها الملك سلمان بن عبد العزيز، حقيبة الدفاع في السعودية، ليصبح أصغر وزير دفاع في العالم (34 عاما). يمسك الأمير محمد بن سلمان بحقيبة فائقة الأهمية تبرم صفقات سلاح بعشرات المليارات من الدولارات، ولها ارتباطات مباشرة بالمجمع الصناعي - العسكري الأميركي وشركات السلاح الكبرى في الغرب. ولم تقتصر المناصب الجديدة التي حازها ابن الملك الجديد على حقيبة الدفاع وإنما امتدت أيضاً إلى رئاسة الديوان الملكي، بعد إعفاء خالد التويجري، ما يعني عمليا المستشار الأول للملك الجديد. وكان الملك الراحل عبد الله قد أصدر أمرا ملكيا في العام 2013 بتعيين محمد بن سلمان رئيساً لديوان والده الأمير سلمان ولي العهد آنذاك برتبة وزير، ثم أمرا ملكيا آخر بتعيينه وزيرا للدولة وعضوا بمجلس الوزراء إضافة إلى عمله كرئيس لديوان ولي العهد، في ما بدا ترضية للأمير سلمان مقابل تغييرات وتعيينات أخرى، أراد بها الملك الراحل تعبيد الطريق أمام ابنه متعب. ينتمي الأمير محمد بن سلمان، الحائز على البكالوريوس في الإدارة من جامعة الملك عبد العزيز في الرياض، إلى جذور قبلية مؤثرة، فهو مثل والده الملك الحالي وابن عمه الأمير محمد بن نايف، سديري. كما أن والدته الأميرة فهدة بنت فلاح بن سلطان هي حفيدة راكان بن حثلين، شيخ قبيلة العجمان، ما يضمن للأمير سندا قبائليا عن طريق والدته. ستظهر الشهور القادمة كفاءة الأمير محمد بن سلمان في إدارة ملفاته المهمة وفي إدارته للعلاقة مع ضلعي مثلث القوة الفعلي، أي متعب بن عبد الله ومحمد بن نايف.

متعب بن عبد الله

يعد الأمير متعب بن عبد الله أكبر الخاسرين من قرارات الملك الجديد، التي ثَبَّتَتْ منافسه محمد بن نايف كأول أحفاد الملك المؤسس في سلسلة الحكم، وأطاحت في الوقت نفسه رئيس الديوان الملكي خالد التويجري المقرب من والده الراحل. تمثلت سياسات الملك الراحل في محاولة تقليص النفوذ السديري في الحكم السعودي، وانتعش الأمل في ضم الأمير متعب إلى سلسلة الحكم السعودي مع وفاة الأميرين الراحلين سلطان ونايف وهما في منصب ولاية العهد. كان الطريق صعبا أمام الأمير البالغ واحداً وستين عاما، فوالده حتى وهو ملك في ملكية مطلقة كان يعي النفوذ التقليدي للكتلة السديرية، وكذلك التعقيد المصاحب لنقل السلطة إلى الجيل الثالث في العائلة، خصوصا أن متعبا ليس الأكبر سنا بين أحفاد الملك المؤسس. كان على الملك الراحل تصعيد أخيه غير الشقيق مقرن، كي يعبد الطريق لاحقا أمام ابنه متعب. فأقال أولا الأمير أحمد من وزارة الداخلية، وبعدها عين مقرن ولياً لولي العهد في سابقة على توريث الحكم في السعودية. الأمير متعب متخرج من أكاديمية «ساندهيرست» العسكرية البريطانية التي يتخرج منها أغلب أمراء الخليج، ويتحكم بالحرس الوطني ويرأسه، وهو قوة عسكرية ضاربة في المملكة ترأسها والده الملك الراحل لعقود، وأسندها إليه قبل سنوات. لم تسمح توازنات الحكم السعودي بأكثر من تسمية ولي ولي عهد منافس للأمير متعب، ولم تمتد إلى العزل من الحرس الوطني لحسم المعركة مع جناح الملك عبد الله بالكامل. ويعني ذلك أن الأمير متعب ما زال محتفظا بأوراق للقوة لم تشملها قرارات الملك الجديد، وبالتالي يشكل ضلعا في مثلث القوة السعودي الفعلي حتى الآن. من المبكر التكهن بإدارة الأمير متعب لعلاقاته مع ضلعي المثلث الآخرين، اللذين يبدوان سياسيا وعائلية أقرب لبعضهما البعض، لكن المعركة اللاحقة لإطاحته من رئاسة الحرس الوطني بغرض إزاحة جناح الملك الراحل نهائيا لن تكون سهلة بالمرة، كون هذه المؤسسة تملك السلاح ولها الحق في استيراده وغالبية ضباطها يوالون الملك الراحل وابنه.

محمد بن نايف

يعد الأمير محمد بن نايف البالغ من العمر خمسة وخمسين عاما أكبر الرابحين من تراتبية الحكم الجديدة، التي جعلته الثالث بعد الملك المتقدم في السن وولي العهد ذي التأثير المحدود في دائرة السلطة، كأول حفيد من أحفاد الملك المؤسس اقترابا من العرش السعودي. تخرج الأمير البالغ خمسة وخمسين عاما من العمر في «كلية لويس وكلارك» بالولايات المتحدة الأميركية العام 1981 حائزا شهادة البكالوريوس في الآداب والعلوم السياسية، وبعدها اجتاز دورات تدريبية في جهاز «اف بي أي» الأميركي الشهير خلال الفترة بين 1985 و1988. والدته الأميرة جوهرة بنت عبد العزيز بن مساعد بن جلوي، والأخير يعد فرعا من فروع آل سعود، وبالتالي يملك ولي ولي العهد حضورا قويا داخل الأسرة الحاكمة عن طريق والده ولي العهد السابق المنتمي إلى جناح السديريين. يمتلك الأمير محمد بن نايف سمعة طيبة في الولايات المتحدة والتقى قبل عامين الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن، واعتبرته صحف أميركية آنذاك «أقرب وزير في الحكومة السعودية للولايات المتحدة الأميركية». عندما عزل الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز أخاه الأمير أحمد بن عبد العزيز (الكتلة السديرية) من وزارة الداخلية، كي يفتح الطريق أمام ترفيع الأمير متعب بن عبد العزيز الأصغر سنا، فقد عين نائبه محمد بن نايف وزيرا للداخلية، في محاولة لتخفيف آثار هذا العزل، كون الوزير الجديد ينتمي للكتلة السديرية ذاتها. صحيح أن الأمير محمد بن نايف يعتبر أكبر الرابحين من الترتيبات الجديدة، إلا أن تصعيد ابن عمه الأمير محمد بن سلمان كوزير للدفاع ورئيس للديوان الملكي لا يجعل الطريق مفتوحا بالكامل أمام ولي ولي العهد، حتى ولو لم يملك وزير الدفاع مكاناً في التراتبية الثلاثية المعلنة.

الخلاصة

يتكون مثلث القوة الفعلي في السعودية من ثلاثة أمراء من الجيل الثالث، تبدلت مواقعهم خلال الأيام الأخيرة صعودا وهبوطا ولكنهم يملكون الطموح اللازم ويمسكون بأهم مفاصل القوة: السلاح. الأقرب للتوقع في ضوء الخبرات السعودية السابقة أن يتحالف الأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان في مقابل الضلع الثالث في مثلث القوة أي الأمير متعب بن عبد الله، مؤجلين المنافسة المحتملة بينهما إلى ما بعد التحييد الكامل له. حتى ذلك الحين، ستظل صور الرجال الثلاثة الملك وولي العهد وولي ولي العهد تتصدر المؤسسات الحكومية السعودية ووسائل الإعلام الرسمية، لكن العالمين بمثلث القوة الفعلي في السعودية يعرفون أن الأمراء محمد بن سلمان ومتعب بن عبد الله، إضافة إلى ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، هم فرسان الرهان الحقيقيون على السلطة في الفترة المقبلة!

أوكيناوا، تورجوت أوزال والدولة القومية(5)!!

$
0
0

والحقيقة أن تداعيات أحداث سبتمبر 2001 في نيويورك هي مما لا يمكن الخوض فيه دون التعرض لأهم جوانبه قاطبة من وجهة نظري الشخصية، وهو الأثر الذي تركته علي الحياة الشخصية للمواطن في كل العالم.

وقبل الدخول في هذا الأثر فإن أول ما يتبادر إلي الذهن في هذا الصدد هو مشهد المتظاهرين  المسلمين في معظم الدول العربية يوزعون الحلوي وترقص نساؤهم وتزغرد تعبيرا عن فرحتهم فيما وقع للولايات المتحدةمن مصاب إنساني وما أهان مكانتها بطريقة لا تنسي. وهذا الشعور بالشماتة هو مما لا يمكن أن ينساه الغرب بسهولة.إذ أن ذلك الهجوم لا يقارن إلا بضربة بيرل هاربور التي كان حاصلها النهائي يصب في مصلحة الولايات المتحدة ويغدق عليها هيمنة أمريكية على كثير من أجزاء العالم بالإضافة إلي عقاب من قام بهذه الضربة بقنبلتين إحداهما من اليورانيوم  والأخري من البلوتونيوم وهما سلاحان كانت تجربتهما لازمة للمؤسسة العسكرية الأمريكية ولم يكتب لهما أن يستعملا لا قبل ولا بعد ذلك وحتي الآن عبر كل تاريخ الإنسانية. هكذا جاء رد فعل كثير من المسلمين كما سجلته عدسات تليفزيونات كل العالم، في دول تشكل المعونة الأمريكية قدرا لا يستهان به به من مكونات دخلها القومي وعامل هام من عوامل ضبط عجز الموازنة في مالياتها.. وبذلك هبطت صورة المسلمين في العقل الجمعي الغربي هبوطا لم تعرفه من قبل. وهكذا تسببت هذه الصورة السيئة للمسلمين في الغرب في فوز رجل يكاد يكون متخلفا عقليا يصطحب معه فريقا من المنتفعين والمرتزقة وسيئي النية وأصحاب الفكر الإحتلالي الغازي، تسببت في فوز هذا الرجل بالإنتخابات الرئاسية عام 2004  لدورة ثانية بأعلي نسبة حصل عليها مرشح للرئاسة الأمريكية في كل التاريخ..!! وقد كان ذلك خطأ تاريخيا من جهة المسلمين..

 

أما الأثر السياسي والتشريعي لهذا الهجوم فقد جاء أشد عمقا..

 

فالديموقراطية الأمريكية صاحبة أول دستور مكتوب فى التاريخ والدولة التي تفخر بأن اساس قيامها هو حكم القانون الذي يحمي الحرية التي هي أسمي قيمة في نظر كتاب الدستور الأمريكي كانت معرضة لامتحان قاس ربما لن نعرف نتيجته قبل سنوات، وإن كانت بوادر النجاح في هذا الإختبار غير مشجعة. وهي الدولة التي قال عنها القاضي مارشال في حكمه الشهير منذ أكثر من مائتي عام أنها قد إختارت حكم القانون لا حكم الرجال. فقد دخلت الإدارة الأمريكية ومعها الكونجرس في حالة من الهلع والخوف دفعا بها إلي نفق التعدي علي كثير من الحريات الشخصية سواءا لمواطنيها أو للمواطن العالمي في أي مكان علي وجه الأرض. وهذا النفق لا مخرج منه إلا بالإستدارة 180 درجة والرجوع إلي حكم القانون.

والحق يقال فإن أوروبا لم تسر علي هذا النهج الأمريكي طويلا بل سايرته بقدر ما يسمح به الحال وتتيحه الظروف. إذ نسمع عن قانون حماية الجبهة الداخلية Patriot Act  في بلد من بلدان أوروبا الغربية ( أو القديمة علي نهج تقسيم وزير الدفاع الأمريكي وقتها رامسفيلد).

صحيح أنه قد فرضت رقابة أمنية علي خطاب المساجد وصحيح أن الخطابات الورقية الإلكترونية كانت وربما لا تزال تفتح وصحيح أيضا أن التليفونات وكل الإتصالات لا تزال محل تنصت هائل، ولكن القبضة القوية لجهاز الأمن ليس لها في أوروبا وجود كما هو الحال في الولايات المتحدة. وما كشفت عنه أوراق العميل المنشق سنودون تجعل من الثقة فى الديموقراطية الأمريكية أمرا مختل الأساس.

والأثر الاساسي للحادي عشر من سبتمبر علي كل مجتمعات الغرب الديموقراطي هو كشف وجه جهاز الأمن في الدولة وتأكد المواطن من عدم إحساس هذا الجهاز الأمني  بأي وخز للضمير لأنه يقوم بعمل غير قانوني.

وبالطبع لم يكن المسلمون في أوروبا بعيدين عن هذه النتيجة فقد لمسوها وأحسوا بها ربما أكثر من غيرهم بحكم الشعور بالظلم الواقع علي مسلمي أوروبا بعد وقوع الحربين السابقتين علي 11 سبتمبر.

ولنأخذ الآن حالة شاب مسلم يعيش في أوروبا في سني المراهقة سمع وقرأ عن فظائع البوسنة وموقف الرؤساء الأوروبيين ورجال الدولة والسياسيين مما يحدث، بينما هو يدرس في المدرسة الدستور وحقوق الإنسان والكرامة التي تعلو فوق كل شىء والحفاظ علي دولة القانون. إن شابا كهذا قد أصبح اليوم رجلا في سن الثلاثين بل قد تخطاه بقليل.. وهذا الرجل قد فقد الثقة منذ مراهقته في المؤسسات السياسية والقانونية القائمة في محل سكنه، بل فقد الثقة في الدولة بأكملها. وهو نتيجة خطأ وإهمال السياسيين الأوروبيين خلال فترة التسعينات وما بعدها. ولهذا الخطأ دور كبير في الوضع الذي وصلت إليه الأمور اليوم في أوروبا.

وعلي الجانب الآخر فهناك الخطأ الذي تمارسه الجاليات الإسلامية المقيمة إقامة دائمة في الدول الأوروبية حيث أنها ليست فقط ضحية كما تحب أن تصور نفسها في أحيان كثيرة. إذ أنها ترفض الإندماج في المجتمع الذي تعيش فيه والذي إختارت الإقامة علي أرضه بالهجرة الطوعية وبالتالي وجب عليها إحترام دستوره وقانونه ونظامه العام وعدم فرض أي نوع من النظام بالقوة. فالذنب إذن متبادل.

صيد العصافير / حكاية مدينة

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

كانت مدينة طرابلس لبنان حتى بداية الستينات من القرن المنصرم  ، أي من قبل إقتطاع حوالي مليون متر مربع من بساتينها العامرة بالليمون والفواكه المتنوعة لإنشاء معرض طرابلس الدولي ، كانت أسراب الطيور من بط وأوز وبجع وعرناق وعصافير أخرى عديدة مختلفة الأشكال والأنواع تغطي سماء المدينة خلال موسمي الهجرة ، ربيعاً وخريفاً ، أثناء عبورها من أوروبا  مروراً بسوريا ولبنان نحو شمال أفريقيا وبالعكس .

إلا أن هذه الطيور المهاجرة كانت تحط أثناء ترحالها وتنقلاتها بين أشجار الليمون والفواكه لبساتين طرابلس الساحلية وضواحيها  وبين كروم الزيتون والتين والبلوط في تلة أبي سمراء للإستراحة والتهام  الحشرات المضرة للأشجار لسد جوعها ، كما ولبناء أعشاش لها من قبل العصافير الصغيرة المزقزقة والمغردة لتفريخ صغارها لتستكمل معها رحلتها في الهجرة خلال بضعة اسابيع . ومن هنا كان الصيادين من المدينة وخارجها  وجوارها يتكاثرون في هذا الموسم لصيد العصافير اينما وجدت بأدوات صيد نارية ويدوية تختلف بين المحترفين و الهواة .

وسأقتصر في التحدث عن صيادي العصافير في الضواحي الذين كانوا يندرجون تحت أقسام ثلاث : تجار وباعة العصافير ، المحترفين ، الهواة .

تجار وباعة العصافير : وكان هؤلاء على درجتين ، بعضهم يملك محلات لبيع  الطيور والتجارة  بها وآخرين يحملون أقفاص العصافير الحيةّ المغردة  التي يصطادونها ويلتقطون  فراخها من أعشاشها ويجولون في المدينة ينادون عليها للبيع ، وكان أشهرها طائر الحسون الملّون الأكثر رواجاً برأسه الأحمر وجناحه الأصفر .

     لذا كانوا يعمدون إلى التوجه نحو تلة ابي سمراء  المجاورة وإلى بساتين طرابلس الساحلية حيث ينصبون "الدبق "لاصطياد طائر الحسون على أشجار الزيتون بجانب قفص فيه عصفور مغرد من جنسه ، فتتسارع الطيور اليه لتعلق ب"الدبق"الذي هو عبارة عن قضيب رمان رفيع بطول أربعين  سنتميتراً تقريباً مغطى بمادة صمغية  خضراء لاصقة بلون أغصان الأشجار للتمويه ، لتعلق به العصافير من أرجلها ومن ثم يلتقطونها ويضعونها في القفص الى جانب العصفور "المصيدة "لبيعها من الناس بمعدل نصف ليرة لبنانية ، أي خمسون قرشاً  للعصفور الذكر الواحد ، أي مايعادل ربع دولار في حينه ، أما العصفورة الأنثى فتباع بربع ليرة لانها لاتغرد كما الذكر ، بل تستعمل للتفريخ من قبل المحترفين  . أما البلابل المغردة فكانوا يصطادونها من البساتين الممتدة ساحلاً من البداوي حتى البحصاص عند مدخل المدينة حيث الليمون والفواكه المتنوعة  ، خاصة  اشجارالتين التي يغرم بها هذا الطائر الأليف برأسه الأسود الجميل .

أما العصافير التي كانت تعلق في قضبان الدبق من غير المغردة فكانوا يذبحونها ويعلقونها في مشكاك  هو عبارة عن قضيب من الشجر رفيع ، يبيعونها لمن يرغب بمعدل عشرة قروش للعصفور  الواحد ، أو بليرة واحدة  للمشكاك ، أي بمعدل نصف دولار أمريكي  ، الذي كان يحتوي على  عشرة عصافير في أغلب الأحيان .

الصيادون  المحترفون  : وكان هؤلاء يملكون أحدث البنادق الأمريكية والروسية والفرنسية وكلاب الصيد السلوقية الماهرة السريعة الحركة ، حيث يفضلون صيد طيور البط والأوز فيلطون بين الأشجار عند الساحل لاصطياد الطيور الكبيرة ، وقد يغادرون نحو سهول عكار  حيث الأنهر والبحيرات ومساقط المياه طمعاً في صيد العديد من هذه الطيور ، كما وصيد طيور الفري والحجل في المناطق الجبلية المرتفعة المجاورة لمدينة طرابلس .

الصيادون الهواة : وكان معظمهم من الفتيان  الذين كانوا يصطادون في زيتون ابي سمراء المشرفة على المدينة ،   دون معرفة اهلهم ، بواسطة بنادق خردق أو دكّ رخيصة الثمن التي أخذت اسمها من طرق استعمالها حيث كانت ماسورتها تُحشى من فوهتها  بالبارود الناعم الأسود  والخردق  ثم تُدكّ بسيخ حديد طويل بالضغط لمرات عدة ، لتنطلق النار منها لاصطياد العصافير بعد ضغط الزناد .

أما الصبية منهم فكان أسلوبهم في الصيد يختلف تماماً عن الآخرين ، إلا أن بعضهم كان يتمتع بمهارة تثير الإعجاب والدهشة ، إذ  ماأن يرون عصفوراً على الشجرة او طائراً في الجو قريباً منهم حتى يرمونه ب"النقيفة "أو المعلاق"  الذي يحملونه ويردونه  ارضاً ومن ثم يذبحونه ويعلقونه على خاصرتهم ، حتى أن طائر السنونو لم يكن لينجو منهم . والمعلاق كان عبارة عن غصن صغير مفرشخ كما شارة النصر يربطون طرفيه بشريط مطاطي بعرض سنتميتر واحد ،  ويمتد من اسفله مقبض يمسكون به لشد المطاط بعد أن يضعون به حجراً صغيراً ثم ينقفونه على العصفور ويسقطونه .

أما الآن مع تراجع هجرة الطيور وعبورها ، فقد غاب الصيد عن المدينة نهائياً مع غياب العصافير وندرتها ، ليس في مدينة طرابلس فحسب ، بل وفي معظم أنحاء لبنان مع الصيد الجائر للطيور في جميع أنحاء العالم دون شعور بالمسؤولية .

 وبذلك يخسر البشر لجهلهم  أنفس مخلوق سخره الله لخدمة الإنسان في زراعته ومصادر غذائه يعجز العالم بأسره عن صنع مثيله لتأدية نفس دوره في خدمة مزروعاته واشجاره وحمايتها من الحشرات والهوام والقوارض التي تعمل بها فتكاً على الدوام .

 

 

أوكيناوا، تورجوت أوزال والدولة القومية (الأخيرة)!!

$
0
0

والآن ما هي حصيلة السياسة الأوروبية من النزوع إلي تجنب المواجهات والإعتماد الكامل علي الولايات المتحدة التي يقول لسان حال الأوروبيين أن لها السيادة وعليها الدفاع؟

للإجابة عن هذا السؤال لابد من عقد مقارنة بين المجتمع الأوروبي الذي تمثله دول أوروبا الغربية كفرنسا وهولندا والمانيا والمجتمع الأمريكي الذي تعرفه الولايات المتحدة..

أولا فالمجتمعات الأوروبية تحمل خبرة قرون طويلة وإرث ثقيل من معرفة الحروب. وقد عانت معاناة ضخمة خلال الحروب التي وقعت علي أرضها خاصة بعد أن تحولت الحرب إلي صراع منتجات صناعية ولم يعد للفرد ولمهاراته القتالية دور كبير مثلما كان الوضع من قبل. فالدبابة الافضل تكسب الحرب حتي ولو كان قائدها اسوأ من غريمه، وكذلك الطائرة والمدفع والصاروخ. إنها حرب منتجات صناعية. وهذه الحرب بطبيعتها مدمرة لا تبقي علي شىء، وأفضل مثال لذلك هو ما وقع في مدن هامبورج وبرلين ونورنبرج وميونيخ ووارسو وستالينجراد وغيرهم كثيرون.. وهذه تجربة لم تعرفها الولايات المتحدة التي لم تعرف الحرب لأرضها طريقا عبر كل تاريخها.

 ثانيا فإن السلاح وإستعماله والتعامل معه هو أمر غائب في أوروبا حيث أن حمل السلاح أمر غير مألوف، لأنه حكر علي الدولة،  خلافا للولايات المتحدة التي يجوز أن يحمل المواطن العادي فيها سلاحه في كل مكان تقريبا وبحكم الدستور الذي ينص أيضا علي

"جواز إنشاء ميليشيا مسلحة حسنة التنظيم لضرورة الدفاع عن الدولة (الولاية).

  well regulated militia being necessary to the security of a free State 

ثالثا فإن الدور المجتمعي للدولة في أوروبا أكبر كثيرا من نظيره في الولايات المتحدة الأمريكية. فالمواطن الأوروبي يصرخ طالبا تدخل الدولة كلما عنت له مشكلة لا يقدر علي حلها، بينما المواطن الأمريكي مطالب بحل مشاكله وحده بعيدا عن الدولة. هما مجتمعان مختلفان إختلافا كبيرا وبالتالي ينعكس هذا الإختلاف علي طريقة نظر كل منهما لقضايا الدفاع والأمن.

والدولة القومية كانت وسوف تظل دائما هي المسئولة عن الدفاع عن المجتمع وذلك بنصوص الدستور في كل الدول. ولكن هذه الدولة القومية في أوروبا بدأت تتنازل عن إختصاصاتها للكيان الجديد الذي يسمي الإتحاد الأوروبي. وهكذا يطمح الأوروبيون إلي إيجاد سياسة خارجية ودفاعية جماعية لكل الدول مشتركة، ولكنه أمر صعب المنال ويحتاج إلي وقت طويل في ظل تعارض المصالح. فهناك مصالح الشركات الصناعية الأمريكية التي تريد بيع سلاحها إلي الدول التي لا تقدر علي إنتاجه مثل بولندا أو دول البلطيق أو بلغاريا أو رومانيا. وهناك مصالح الشركات في الدول الصناعية القادرة علي إنتاج السلاح مثل المانيا وفرنسا. وهناك العقد التاريخية التي تحكم علاقة ألمانيا تحديدا بالمسائل العسكرية والسلاح. كما أن هناك إنجلترا التي لا تقف علي الجانب الأوروبي حقيقة رغم أنها عضو في الإتحاد الأوروبي، بل هي أقرب في فكرها ونظرها الستراتيجي من الولايات المتحدة. وأخيرا هناك حلف شمال الأطلنطي الذي تلعب الولايات المتحدة الدور الرئيسي فيه. وهذه كلها عوامل قد تتناغم أحيانا وقد تتعارض في معظم الأحيان.

والدولة القومية في أوروبا تنتظر إنشاء هذه الآلية الأمنية الجماعية ولكنها في نفس الوقت أضحت ضعيفة بفعل هذا الإنتظار الطويل.

ناهيك عن حقيقة الصفات التي كان الرئيس التركي من عقدين من الزمان قد لحظها علي المانيا والتي يمكن إلحاقها بمعظم المجتمعات الأوروبية، عدا بريطانيا طبعا.. حب الإسترخاء والبعد عن الصراعات وأشباه الصراعات.

وهذا الموقف سوف تثبت الايام أنه لا يمكنه أن يستمر طويلا. وهو الموقف الذي عشناه في أزمة أوكرانيا الأخيرة.  فالأوروبيون يخشون بأس الروس عسكريا وإقتصاديا ويودون لو أنهم يستطيعون حل مشكلة أوكرانيا بلا عنف، ولكن السبيل إلي ذلك محفوف بمخاطر الحرب الإقتصادية التي أضحت بديلا عن الحرب العسكرية. ولئن كان سعر المواد الخام من بترول وغاز قد إنخفض بنسبة 60% منذ القمة التي وصل إليها في الصيف الماضي، فإن الأوروبيين يعرفون أن هذا الوضع لن يمكنه الإستمرار طويلا وأن روسيا لن تنسي هذه العقوبات وأثرها وسوف تبقي هذه العقوبات عالقة لفترة طويلة في ذهن الروس.

ولكن كالعادة جاء الصوت الحاسم من واشنطن ولم يجرؤ أحد من الأوروبيين أن يقترح شيئا خلافه.

بل أن الأزمة الإقتصادية العالمية التي وقعت عام 2008 بسبب تلاعب البنوك الأمريكية في تقدير أصولها جاء الإتقاذ منها ليس فقط من الدولة الأمريكية بل أيضا من الدول الصناعية الكبري المانيا واليابان حيث طرحت كل منهما مجموعة إجراءات للإنقاذ ولإنعاش للبنوك المذنبة والتي شارفت علي الإفلاس، وهي محاكاة لما وقع في الولايات المتحدة وغالبا بطلب منها.

وفي النهاية فإن الأوروبيين لن يتمكنوا من حل كل هذه المشاكل المتراكمة بالتمادي في سياسة الإعتماد علي الولايات المتحدة والتسليم لها بوضع القوة العظمي الآمرة والناهية مع تحميلها بكافة أعباء الدفاع والأمن، فلا الولايات المتحدة تستطيع الإستمرار في ذلك ولا هو من مصلحة أوروبا علي المدي المتوسط والطويل. وما قال به تورجوت أوزال قبل ربع قرن ثبتت صحته،  فأيام الحرب الباردة قد ولت وآن لكل أن يحمل أعباء نفسه، سواء عن طريق الدولة القومية كما كان الحال عبر كل التاريخ، أو بالإسراع في إنشاء المؤسسات الإتحادية القادرة علي الحسم..

وكما بدأت الحديث باليابان وقاعدة أوكيناوا أنهيه بها أيضا إذ قد تنبهت اليابان مؤخرا إلي أهمية الإنفاق في مجال الدفاع خاصة في وجود عملاق آسيوي صاعد ينازعها ملكية بعض الجزر وهي الآن بصدد إعادة ترتيب أولوياتها وتعديل وضع ميزانية الدفاع لتلائم الأوضاع الجديدة ولا تعتمد علي الولايات المتحدة إعتمادا كاملا تخشي عواقبه كما وقع أمام ناظريها في أوروبا..

Viewing all 560 articles
Browse latest View live