Quantcast
Channel: Marefa.org
Viewing all 560 articles
Browse latest View live

حقد شعوبي ..أم إنتهازية ؟

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

سؤال غاب عن الطرح منذ غزو المغول لبغداد واجتياحها قبل سبعة قرون عندما انتصر الشعوبيين العراقيين للمحتل المغولي الوثني على ابناء جلدتهم ودينهم معادين ربهم ومواطنيهم وبلدهم  وعروبتهم ؟

وقد تكررت خيانة الشعوبيين لأبناء جلدتهم ودينهم مع مؤازرتهم للغزو الأميركي ، بحجة انهم يؤيدون إيران الشيعية التي نصرت هذا الإحتلال وأيدته .

منطق شعوبي غريب ، لأن تركيا المسلمة ثار ضدها العرب  بعد 500 عام من سلبها الخلافة من العباسيين واحتلال البلاد العربية ، عندما اتيحت لهم الفرصة  رافضين التخلي عن عروبتهم التي حافظوا عليها طوال تلك الفترة .

فماالذي دعا بعض الشيعة العرب  الى هذه الخيانات المتوالية  على مدى التاريخ  عند كل غزو أجنبي  للبلدان العربية وكأن العرب اعداء لهم او كأنهم ليسوا مسلمين مع تفضيلهم الوثنيين وأبناء الديانات الأخرى عليهم ؟

ولكن بعدالتدقيق والتمحيص فإننا نجد ان الخلفيات الحقيقية ليست شعوبية شيعية أو مذهبية او دينية أو سياسية ، بل إنتهازية وعمالة واضحة من عديمي الأخلاق  والشرف والوطنية لأي مذهب او دين أو عرق  انتموا.

وبالعودة الى الواقع العربي الحالي فإن غزو العراق واحتلاله من قبل أميركا في العام 2003 تم بتنسيق مع إيران التي عمدت الى تشكيل مليشيات إرهابية عراقية شعوبية من المذهب الشيعي حصراً عقب الإحتلال الأميركي مباشرة حيث قاموا باستهداف المسلمين السنة وارتكاب المجازر الدموية بحقهم وتهجيرهم من المدن والقرى بحقد غير مسبوق دون اي مبرر سوى انتماءهم الديني  بإسلوب محاكم التفتيش الإسبانية  رغم حسن الجوار فيما بينهم والمصاهرة على مدى قرون لم يعكر صفوها سوى هذا التصرف الإيراني بتشجيع من اميركا التي تسعى للفتنة ترسيخاً لاحتلالها .

 أما القصد من هذا التصرف الإيراني اللاأخلاقي فهو لسعي طهران بأن تكون مرجعية الشيعة العرب في العراق وسائر العالم العربي ، لذا جندت من شاء منهم في مليشيات إرهابية  لتنفيذ مخططاتها في نشر الفوضى والإرهاب ضد الأنظمة العربية لإخضاعها وتقويضها لصالحها ، على أمل ان يتحقق حلمها بأن تصبح  دولة عظمى وفق تصريحاتها التي لاتنفك ترددها بأنها ، بعد غزو العراق والهيمنة على سوريا ولبنان ، أضحت دولة عظمى وأن على أميركا أن تعترف بذلك ؟!

لاشك انه قصر نظر من حكام طفوليين سياسياً لاعتقادهم ان الإمبراطوريات تبنى بالبندقية والإرهاب   وتشكيل العصابات لإقلاق راحة الشعوب الأخرى دون أن يدركوا بان الدول العظمى تبنى  بقوة الإقتصاد والوفرة  المالية وقوة النقد والصناعة  مع إكتفاء ذاتي بترافق مع تصنيع حاجتها من السلاح وليس استيراده . وهذا كله لاتملك إيران منه شيئاً لاعتمادها في كل هذا على الدول الأخرى ، ومن هنا كانت أمية حكامها وجهلهم .

ومع كل هذا فإن أمر إيران وتصريحات حكامها الإستفزازية  ضد الأمة العربية لاتعنينا إلإ في الدفاع عن انفسنا من عدوانها علينا . فهي لاتفتأ تدعي بأن بغداد قد أصبحت عاصمة إيران  وأن حكومات سوريا ولبنان واليمن موالية لها وتصنع بإرادتها ؟!

وذلك غير صحيح إطلاقاً إذ أنه رغم تواجدها في العراق فالكلمة الأولى ليست لها بل لأميركا وللمرجعية الدينية في النجف . فالمليشيات الشعوبية الإرهابية وإن كانت موالية لها إلا انها تخضع في النهاية للنفوذ الأميركي صاحب السلطة في بغداد .

ولكن لو تعمقنا في العلاقة التي تربط إيران  بالمليشيات المذهبية الشيعية في العالم  العربي فإنها نجدها علاقات  مادية إنتهازية من أناس استغلوا انتسابهم للمذهب الشيعي للتقرب من إيران لعرض خدماتهم الإرهابية لقاء مبالغ مالية خيالية . وكما اشرت فإن إيران كانت سخية مع هؤلاء في محاولة لمصادرة المرجعية الشيعية العربية لصالحها  .

إلا أن  تظاهرات الشيعة العراقيين في بغداد التي جرت خلال شهري  آب / أغسطس وايلول/سبتمبر من العام الجاري ضد إيران ودعوتها للخروج من العراق واتهام انصارها السياسين بالفساد ،قوضت كل جهود إيران في هذا الشأن وعرّتها أمام أميركا والغرب بان لاهيمنة لها على الشيعة في العالم العربي إلا بالنسبة للمأجورين بالمال إن من شيعة او من مذاهب وأديان اخرى كما علاقات المخابرات الأميركية بعملاء لها في العراق وسائر انحاء العالم من جميع المذاهب والعقائد والأديان  .

ولنأخذ مثلاً حزب الله الشيعي الموالي لإيران في لبنان الذي رفع شعار المقاومة ضد إسرائيل لتحرير جنوب لبنان المحتل من قبل عملاء العدو الإسرائيلي الذي كان لديه مليشيا لبنانية موالية له بقيادة الرائد سعد حداد  ومن ثم الجنرال انطوان لحد  الذي كان ضابطاً في الجيش اللبناني إلا انه لجأ لإسرائيل وتجند لديها  لمقاتلة المقاومة الفلسطينية التي كنت تنهك العدو الإسرائيلي بهجماتها المتكررة لإنهاء احتلاله لجنوب لبنان وبالتالي القيام بهجمات على مستعمرات الجليل شمالي إسرائيل مما دفعها الى تشكيل جيش موال لها من شيعة الجنوب اللبناني بقيادة الضابطين حداد ولحد على التوالي .

بعد تشكيل حزب الله من قبل إيران بمساعدة سوريا كان يجب إخراج ياسر عرفات وحركته وحلفائه من القوى والأحزاب الوطنية والإسلامية المقاومة  من الجنوب بعد معارك مع الشيعة ،  ومن ثم إخراجه من كل لبنان منتصف ثمانينات القرن المنصرم ليخلو الجنوب اللبناني لحزب الله الذي عمد الى مقاتلة قوات الجنرال لحد الى ان انسحبت إسرائيل وسحبت معها  قوات العميل  لحد في العام 2000 .

القصد من هذه التوطئة إظهار دور المال في تغيير مبادىء بعض الشيعة من الشعوبيين وغيرهم .فقد قاتل بعضهم مع ياسرعرفات وقاتل بعضهم الآخر مع إسرائيل ثم انضموا جميعاً  الى حزب الله لمقاتلة الفلسطينيين وجيش انطوان لحد الموالي لإسرائيل ، مقابل السخاء المالي الإيراني  وقد اضحوا مأجورين لمن يدفع .

وهنا يقع خطأ إيران إذ اساءت للشيعة العرب بإنشاء حزب شيعي طائفي مذهبي بإعلام لبناني هجومي يتهم كل شيعي عربي مخالف لخطها  بأنه عميل للسفارات الغربية ،  كما وتتهم كل عربي ضدها بأنه عميل اميركي صهيوني ، وفي تلك الإتهامات المعيبة المغرضة محنة عظيمة ، لانها تصادر حرية الرأي .

 كما أخطأ حزب الله في قبول مطلب إيران بجعل حركته مذهبية شيعية . لانهم بذلك حصروا الخيانة والعمالة  بالشيعة ضد وطنهم وقومهم وأمتهم وعروبتهم ، علماً بان هناك اطرافاً مسلمة سنية موالية لإيران كما حركة حماس الإسلامية  والجهاد الإسلامي وامثالهما المنبثقة عن حزب الإخوان المسلمين الأكثر تعصباً للذهب السني  ، ولكن لقاء مصالحهم انحازوا الى طهران رغم مجازر المليشيات الإيرانية التي تجري ضد مسلمي العراق وسوريا مقابل إعانتها المالية لحماس والجهاد والقسّام.

 بل ان أحد قادة حماس تشيّع وافتتح مكتباً له في غزة يدعو فيه الى التشيع وإلى تاييد السياست الإيرانية والإشادة بها  في مزيد من التقرب من طهران لطمع من اجل الحصول على المزيد من المال  .

ورغم ان حركة الإخوان المسلمين معادية للنظام السوري المدعوم من إيران فإن طهران لاتقطع الصلة بهم ولاتقطع الصلة مع حماس ، رغم رفضها تأييد النظام السوري ، فقط من اجل تعميق الخلاف بين المسلمين و بين اطراف المقاومة الفلسطينية وفق المبدأ البريطاني فرق تسد .

لذا من الخطأ  اتهام جميع الشيعة  العرب بالشعوبية والعمالة والخيانة والتبعية لإيران التي تنتهج نهجاً عدائياً ضد العرب والمسلمين وفق ممارساتها وتصريحاتها المعادية لهم منذ تحالفها مع اميركا على  غزو العراق ودعهما حزب الله ضد الحكومة اللبنانية ومساندتها النظام السوري ضد شعبه والحوثيين الشيعة ضد حكومتهم وشعبهم ووطنهم ، طالما ان هناك مسلمين ومسيحيين موالين لطهران مقابل المال الإيراني ، وطالما ان هناك شيعة ومسلمون سنة ومسيحيين معارضين لإيران في العراق ولبنان و العالم العربي .

وأختم بجزء من مقال للدكتور نبيل الحيدري :
للأسف هناك من ينظر للشيعة العرب بأنهم جميعا في السلة الإيرانية وان عروبتهم وهويتهم مشكوك فيها، وهذا ليس دقيقا على الاطلاق، فكثير من الشيعة وقعوا ضحية التأثير الإيراني، وهم ينتظرون ان تفرز الساحة العربية مصادر قوة حقيقية لوقف المد الفارسي، فهم من قاتل الاستعمار البريطاني وقاتل في فلسطين، وقاتل إيران في حربها على العراق في الثمانينيات رغم اختلافي ومنطق الحرب الا انها كانت نتاجا لسياسة تصدير الثورة الخمينية.

Top of Form

 


محنة ال ‏Deutsche Bank (ا)

$
0
0

 محنة الDeutsche Bank

 

هناك عدد هائل من القضايا مرفوعة ضدنا في المحاكم سواء داخل ألمانيا أو خارجها..‏ وسيرة البنك أصبحت في كل الصحف مقترنة بالأنباء السلبية. وهو أمر يضر بسمعتنا..

 

من قول رئيس مجلس إدارة الدويتشه بنك في الجمعية العمومية الأخيرة في أبريل 2015.وفي سياق ذلك تردد منذ عام أن عدد تلك القضايا يصل إلي 6000 قضية مرفوعة ضد البنك سواء من شركات كبري أو من صغار المودعين.

والدويتشه بنك كان حتي يوم 7 يونيو 2015 تحت إدارة ثنائية من السيدين يورجن فريتشن وآنشو جين. وقد تقدم الإثنان باستقالتهما في ذلك التاريخ وأعلن عن تولي البريطاني جون كرايان رئاسة مجلس الإدارة محلهما..

فما هي القصة؟

الدويتشه بنك هو مؤسسة ألمانية مالية عريقة كان نشاطها دائما يتسم بالعمل علي تمويل الصناعة الالمانية ومدها بالقروض والتسهيلات اللازمة حتي يمكنها إنجاز الأعمال المسندة إليها وبذلك كان له دور فاعل في تقوية الإقتصاد الألماني خلال أكثر من قرن من الزمان.وهو نوع من النشاط لا يتطلب السرعة والحرية الواسعة الممنوحة لموظفيه بل كان بنكا تقليديا.

كان الفريد هرهاوزن هو رئيس مجلس إدارة الدويتشه بنك خلال الثمانينات. والثمانينات كانت هي الفترة التي قفز خلالها الاقتصاد الألماني قفزات واضحة بحيث أصبحت البنوك الألمانية ثرية تريد أن توسع من مجال عملها‏..

وألفريد هرهاوزن كان رجلا متعدد المواهب صاحب رؤي ووجهات نظر وكان مقتنعا أن للدويتشه بنك إمكانيات كبيرة لم تستغل بعد. وقد كان مديرا غير تقليدي من مديري البنوك، فقد كان يدعو مثلا إلي أن للبنوك مسئولية إجتماعية إلي جانب عملها في مجال المال، وكان يدعو إلي ربط عمل البنوك بالمؤسسات المجتمعية حتي لا تنفصل البنوك عن المجتمع وتصبح عالما منفردا بذاته. بل أنه كان يدعو إلي شطب الديون المستحقة للدول الفقيرة لدي البنوك. وهو قد عاش في عقد الثمانينات وهو وقت المناداة في الإتحاد السوفيتي بسياسات المكاشفة وإعادة البناء فكان هو أيضا يدعو إلي الجلاسنوست في عالم المال والمصارف. وبالطبع فإن أمثال تلك الدعوات لا تجعل منه مديرا عاديا كالآخرين.

وقد كان ألفريد هرهاوزن مقتنعا بأن النظام المالي العالمي يقترب من التكامل والتداخل بين أعضائه بشدة ولذلك أراد أن يكون للبنك الذي يرأسه دور عالمي. ولهذا فقد كان حريصا علي شراء العديد من الشركات والبنوك الأخري وخصوصا في العالم الأنجلوساكسوني حيث تسود ثقافة البنوك الإستثمارية التي يتكون نشاطها الرئيسي من أعمال البورصة والمضاربة سواء في الأسهم أو في المواد الأساسية.

وكانت آخر عملية قام بها السيد ألفريد هرهاوزن هي شراء بنك مورجان جرينفل البريطاني المتخصص في مجال الإستثمار في البورصة. وحين سئل في المؤتمر الصحفي المصاحب للإعلان عن الصفقة عن اللغة التي سيتم بها التخاطب في البنك قال أن من لا يتحدث الإنجليزية لا مستقبل له في عالم البنوك !!

ولكن القدر له تصرفاته. إذ أن ألفريد هرهاوزن بسبب نجاحه في تصعيد الدويتشه بنك إلي مصاف البنوك العالمية الكبري كان يجد معارضة من المتهوسين والأيديولوجيين جعلت منه هدفا لعملية إغتيال قامت بها جماعة الجيش الأحمر الالمانية عام 1989 عقب سقوط سور برلين مباشرة وعقب توقيع صفقة شراء البنك البريطاني بأسبوع واحد. ومات هرهاوزن مباشرة ولكن أفكاره لم تمت. وبقي البنك محتفظا بالرغبة في التمدد والإتساع ولعب دور أكبر علي الساحة العالمية.

والحقيقة أن هذه الرغبة في التوسع والنمو لم تكن شاملة كل مناحي النشاط المصرفي وإنما كانت محدودة بمجال البنوك الإستثمارية Investment Banking  وهو كما سلف البيان مجال التعامل مع البورصة والمضاربات. وهو مجال جديد نسبيا علي البنوك الألمانية حيث أنه متسع ومنتشر أكثر في الدول الأنجلوساكسونية إنجلترا والولايات المتحدة. ومجال عمل البورصة هو مجال مختلف تماما حيث تقوم به مجموعة من الشباب  الذين لا تزيد أعمارهم عن الخامسة والثلاثين ولديهم تفويض بالتعامل في المليارات خلال ساعات النهار بيعا وشراءا ومضاربة ويتقاضون أرباحا ومكافآت تصل إلي عشرات بل مئات الملايين كل عام.

وكلنا نتذكر قضية المضارب الشاب نيك ليسون الذي تسبب في إفلاس بنك بيرنج أقدم بنوك إنجلترا في عام 1995 بسبب مضارباته وتزويره للمستندات وكان عمره وقتها لا يزيد عن 30 عاما وتم إلقاء القبض عليه في فرانكفورت. وهو بالطبع بريطاني !!

وهكذا وفي ظل تراجع الدولة في العالم الغربي عن دور الرقابة وتبني فكر السوق الكبير المفتوح الذي يتمتع بالحرية وينزع عنه ما يطلق عليه الإنجليز red tape  أي رقابة الدولة وإشرافها، تبني الدويتشه بنك فكرة التحول من بنك تجاري النشاط إلي بنك إستثماري وكانت الخطوة الأولي هي شراء بنك مورجان جرينفل عام 1989 كما سلف البيان.

وفي ذلك الوقت برزت مجموعة من المتخصصين في النشاط الإستثماري ومضاربات البورصة في بنك ميريل لينش كان يترأسها البنكير المعروف Edson Mitchell الذي كان له مساعد متميز من أصل هندي درس عقب خروجه من الهند في الولايات المتحدة وأصبح مرؤوسا لميتشل وهو آنشو جين، وكان مجال خبرته هو "المشتقات"من الأوراق المالية derivatives  وهي منتجات بنكية لا وجود حقيقي لها وإنما هي أوراق إفتراضية تعتمد في تحديد سعرها علي أوراق مالية حقيقية أو علي عقارات مديونة بالرهن العقاري أو علي مؤشرات البورصة تشتق منها قيمتها وتباع وتشتري ولكنها في النهاية ليست لا صك ملكية (سهم) ولا إثبات مديونية (سند)..

كان الدويتشه بنك حريصا علي أن يستفيد أقصي إستفادة ممكنة من فوائض أرباحه الكبيرة في مجال جديد ولذلك كان حريصا للغاية علي ضم هذه المجموعة التي يراسها ميتشل لكي يدخل بها في مجال الإستثمار والمضاربة. وهكذا تحولت مجموعة ميتشل عام 1995 إلي الدويتشه بنك التواق إلي دخول عالم بنوك الإستثمار وبالطبع كان مقر هذا النشاط من أنشطة البنك هو لندن..

والفرق بين البنوك الإستثمارية والبنوك التجارية التمويلية المألوفة هو ما لفت نظر المشرعين الأمريكيين عقب وقوع الأزمة الإقتصادية الهائلة عام 1929 والتي نتجت عن المغالاة الجشعة في المضاربات في البورصة بحيث كان مسموحا بشراء اسهم حتي وإن لم يكن المشتري يملك الثمن لهذه الاسهم فانهار النظام بأكمله واتضح أن البنوك قد ضاربت بأموال العملاء وضاعت مدخرات كثير من الناس.

ولهذا تنبه المشرعون في الكونجرس وأصدروا قانون يفصل بين عمل البنوك الإستثمارية والبنوك التجارية وهو يعد من أوائل القوانين التي وقعها الرئيس الأمريكي الجديد فرانكلين روزفلت عام 1933 وهو ما أطلق عليه حينها قانون Glass – Steagall Act  والذي كان الغرض منه حماية أموال عملاء البنوك من الدخول في مضاربات.

إلا أنه فيما بعد اثناء حكم الرئيس بيل كلينتون قام الكونجرس بإلغاء هذا القانون وكان ذلك علي ما يبدو برغبة البنوك التي ارادت حرية واسعة للحركة فتم إلغاؤه عام 1999 وأصبح الطريق مفتوحا أمام البنوك لكي تضارب كما تشاء وهو بالضبط ما حدث مرتين أحدهما تسببت في أزمة الإنترنت عام 2000 والأخري في أزمة العقارات عام 2008. وفي الحالتين كانت المضاربة بأموال المودعين الذين خسروا مدخراتهم. ويلاحظ أن الإدارات الأمريكية منذ ربع قرن تحيط نفسها دائما بخبراء في الإقتصاد والتمويل من جهة واحدة هي بنك جولدمان ساكس (بنك إستثماري بالطبع) وهو الذي يقدم النصيحة دائما للحكومات الأمريكية المتعاقبة. وفي الأغلب كان جولدمان ساكس هو صاحب فكرة إلغاء القانون القديم. 

 

وفي هذه الأجواء المحمومة بدأ فريق دويتشه بنك عام 1995 (وهو أول عام من أعوام الإرتفاع الشاذ الغير عادي في أسعار الأسهم)، بدأوا عملهم في مجال البنوك الإستثمارية بقدر كبير من الحرية والمال المتاح. فماذا فعلوا؟

(2) محنة ال Deutsche Bank

$
0
0

 

أولا لابد من معرفة سبب خروج هذه المجموعة من الموظفين من بنك ميريل لينش وتحولهم إلي الدويتشه بنك.

 

Let's make America great again !!

 

هذا هو الشعار الذي رفعه المرشح الجمهوري رونالد ريجان في حملته الإنتخابية عام 1980 ليفوز بالبيت الأبيض إذ أنه كان يتهم حكم الرئيس الديموقراطي جيمي كارتر بالضعف والتخاذل والإضرار عن هذا الطريق بمركز أمريكا في العالم. وبالفعل فقد فاز الرئيس ريجان فوزا مؤزرا واكتسح الدوائر الإنتخابية وخرج كارتر من السلطة مدموغا بخاتم الرئيس الضعيف الساذج.

وفي سياق إعادة العظمة لأمريكا من جديد بدأت الجامعات الأمريكية الكبري برامج تحديث مناهج التدريس فيها بإدخال مواد جديدة ومعارف متطورة لم يكن لها من قبل وجود.

ومن ضمن هذه المعارف الجديدة كان التمويل وإدارة الإستثمار  وهو "العلم"الذي نشأت عليه المنتجات الجديدة في أسواق المصارف أو ما يطلق عليه "المشتقات المالية Derivatives  التي لا يفهم من يبيعها ولا من يشتريها ولا من يقوم بتسويقها كيفية عملها..

وخلال الثمانينات كانت هذه المواد تدرس فى جامعات الصفوة في الولايات المتحدة للجيل الجديد والذي كان أحد أفراده هو السيد آنشو جين. وآنشو جين كان مرؤوسا للمدير إدسون ميتشل وكان ثالثهما هو وليام بروكسميت الذي كان أيضا مرؤوسا لميتشل. وكان الثلاثة يعملون لدي بنك ميريل لينش كما سبق البيان.

في عام 1992 كان الإتحاد السوفيتي قد إنتهي من الوجود وأصبحت الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة في العالم التي يحسب لها حساب حيث أن الصين كانت منكفئة علي نفسها في أعقاب الزلزال السياسي الذي وقع فيها عام 1989 وأوروبا لم تكن يوما ندا للولايات المتحدة في المجال الستراتيجي خصوصا وأن قاطرتها الإقتصادية ألمانيا كانت مشغولة أيضا بنفسها عن العالم بسبب مشاكل الوحدة بين شطريها.

وهكذا بدا أن البنوك الأمريكية تحمل في جيبها وصفة النجاح المؤكد والثراء السريع مما أغوي معظم البنوك الكبري غير الأمريكية أن تبادر بالعمل داخل السوق الأمريكي من خلال شركات في أمريكا تكون البنوك هي مالكتها.

وفي تلك الفترة ساد الإعتقاد بأن إستثمار فوائض المعاشات وأموال المودعين يحقق أفضل العوائد إن تم توجيهه إلي تلك المنتجات الجديدة المشتقة. وقد كان.

تقع مقاطعة أورانج في جنوب ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة وهي ثاني أكبر مقاطعة بعد لوس أنجيليس وتقوم علي إدارتها إدارة محلية كانت تريد في ظل بدء تدفق أرباح ضرائب الشركات العاملة في وادي السليكون، كانت تريد إستثمار فوائضها لتحقيق أعلي عائد ممكن.

وهكذا كان أن إستثمرت مقاطعة أورانج أموال بلغ قدرها 1.6 مليار دولار في أوراق باعها لها بنك ميريل لينش علي أمل تحقيق ربح أعلي من ربح السوق العادي.

وكان المسئول عن هذه الصفقة هو فريق العمل بقيادة إدسون ميتشل ومعه كل من وليام بروكسميت والعضو الأصغر سنا كان الهندي آنشو جين.

لم تفلح سياسة ميريل لينش في تحقيق نسبة الأرباح الموعودة لمجلس الحكم المحلي لمقاطعة أورانج بل علي العكس تعرض راس المال للخطر وخسر المجلس المحلي أمواله المودعة في هذه الأوراق المشبوهة وبالطبع لكونها أموالا عامة فإنه لجأ للقضاء حتي يحصل علي تعويض من المستشار المالي الذي قام بنصحه في هذا الشأن، وهو بنك ميريل لينش. وظل الأمر معروضا علي القضاء حتي تم الوصول إلي تسوية بين الطرفين دفع بمقتضاها بنك ميريل لينش تعويضا قدره 400 مليون دولار مقابل إنهاء الأمر برمته.ومن الأمور الملحوظة في هذا الأمر أن مدير المبيعات في بنك ميريل لينش كان في أصله ضابط مشاة بحرية يدعي مايكل ستيمنسون كل مؤهلاته هي الحماس وتحفيز العاملين علي بيع الأوراق المالية للعملاء وكان يطالبهم بلأشياء غريبة لا تتناسب مع العمل المصرفي مثل التخفي كالتمساح والتعامل بنعومة الأفعي إلخ.. وكلها مصطلحات قد يكون محلها عمل المارينز ولكن ليس عمل بيع الأوراق المالية. وقد تم خروجه أو إخراجه من البنك عقب هذه القضية.

ولعل هذه الحادثة كانت سببا في سن قانون من مجلس العموم في بريطانيا يحظر علي الإدارات المحلية التعامل مع بنوك الإستثمار وعقد أي صفقات معها بشأن أموال عامة.

والذي يهمنا هو أن الفريق المكون من ثلاثة أشخاص يرأسهم ميتشل قد ترك العمل لدي ميريل وأصبح يستعد للعمل المستقل ولكن كان ينقصه رأس المال حيث أن القانون يشترط للعمل في مجال البنوك رأس مال كبير لم يكن متوافرا لهم. وكان ذلك في عام 1995. ولما كان الدويتشه بنك يسعي إلي تقوية مركزه في مجال البنوك الإستثمارية فقد تلقي هذا الفريق بسرور بالغ وقام بتسليمه قسم البنوك الإستثمارية وأصبح الثلاثة من العاملين بمرتبات ضخمة وبرنامج للحوافز الهائلة لدي الدويتشه بنك في مقره الإستثماري في لندن.

وفي نهاية التسعينات خطا الدويتشه بنك خطوة أخري بشراء مصرف بانكرز ترست الأمريكي (بالطبع بنك إستثماري أيضا) وبذلك أصبح الدويتشه هو أكبر بنك في العالم.

والآن لابد من محاولة فهم ما كان فريق الإستثمار يفعله لأنه من الأمور المعقدة..

أولا لابد من ذكر أن السيد إدسون ميتشل قد غادر الحياة مبكرا بعد أن تحطمت طائرته الخاصة أثناء هبوطها عام 2000 وبذلك أصبح آنشو جين هو المسئول عن الفرع الإستثماري للبنك.

أما الموظف الثالث وليام بروكسميت فقد كان مدير لإدارة تقييم المخاطر وهي الإدارة التي تعطي المخاطر المصاحبة للإستثمار نسبة مئوية يتقرر علي اساسها إن كان البنك سيقوم بهذه العملية أم لا.

هناك موضوعان يتعلقان بالمشاكل التي وقع فيها البنك الألماني وهما الذهب والتلاعب في اسعاره والتلاعب الآخر في ما يطلق عليه LIBOR وهو ما يسمي في اللغة العربية معدل الصرف بين البنوك وفقا لبورصة لندن. London Inter Banking Offered Rate  وهو مؤشر يتم تحديده يوميا بالتوافق بين عدد من المتعاملين في تلك البورصة حيث يعلن كل منهم سعر الفائدة التي يمكنه الإقراض بها ثم يؤخذ المتوسط، وهو أمر معقد يعتمد علي العرض والطلب كما هو ماثل أمام كل من هؤلاء المتعاملين.

ولنبدأ بالذهب.

يتحدد سعر الذهب أيضا وفقا للعرض والطلب وهذا يقع يوميا في محادثة بين أكبر خمسة من ممثلي الشركات الكبري المنتعاملة في الذهب وقد كان الدويتشه بنك واحدا منها.

والخدعة التي قام بها الدويتشه بنك هي إعطاء رقم أعلي من السعر الماثل أمامه والمحسوب وفقا للعرض والطلب وذلك بحيث يهبط السعر فور الإعلان عن هذا الرقم وبالتالي يقوم البنك بشراء الذهب رخيصا ثم يعيد بيعه بعد ذلك ويتربح من الفرق الذي مهما كان ضئيلا فهو ينتج كميات كبيرة من المال بسبب ضخامة التعاملات. وقد تم كشف هذا التلاعب من جانب الدويتشه بنك وأقر فرع لندن بأنه يمارس هذا الغش في الذهب ودفع غرامة باهظة بسبب تلك المخالفات.

وتلزم الإشارة هنا إلي أن السيد ميتشل رئيس هذه المجموعة كان يجاهر بأنه يكسب أمواله عن طريق

OPM  .. وهي نظرية إبتدعها قبل وفاته وملخصها هي العمل بنشاط وهمة علي كسب المال الكثير بصفة شخصية عن طريق اللعب بأموال أناس آخرين وتعريضها للخطر.. ولهذا جاء إسمها معبرا عنها.

 

Other People’s Money.

الدين الإسلامي والمذاهب

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

المذهب ليس ديناً بل اجتهاداً من بعض الأئمة لتفسير آيات القرأن الكريم حصراً دون سواها .

وتعدد المذاهب كان في الخطأ بتنسيب الإجتهاد  لأئمة  معينين ليس من ضرورة له طالما انهم اعتمدوا على الأصول من القرآن والسنة النبوية في اجتهادهم وليس من عندهم .

 كما كان من الخطأ التوقف عند اجتهادهم والتمسك به وكأنه نص منزل دون اي تعديل مع مرور الوقت رغم مافيه من اخطاء وهنات ، إذ يكفي اختلافه ، مما أعاق نهوض المسلمين على مدى عقود طويلة وتخلفهم عن اللحاق بالركب العلمي لجمودهم عند اجتهادات فقهية عفى عليها الزمن لحاجتها  للحداثة والتطوير والتغيير استتباعاً للمتغيرات الحياتية والإكتشافات العلمية مع تطور حاجات الناس وتعدد اغراضها   بحيث تعددت المذاهب وتوالدت   الى مذاهب عدة من الصعب حصرها بأربعة مذاهب أو خمسة مع اعتراف الأزهرالشريف  في وقت متأخر من  القرن الماضي بالمذهب الشيعي كمذهب صالح للتعبد .

وخطأ الازهر هنا انه لم يحصر  الإعتراف بالمذهب الشيعي العربي فقط دون المذهب الإيراني الذي يدعي التشيع لأن فحواه تختلف تماما عن محتوى واجتهاد الشيعة العرب ، بما فيه من الوثنية والكفر والإشراك بالله ، فهم يؤلهون الإمام الحسين في الإتكال عليه ورفع الدعاء اليه  دون الله والتبرك بقبر ابو لؤلؤة المجوسي قاتل الخليفة عمر بن الخطاب ، وفي ذلك إشراك كامل وكفر صريح مما يدل عن جهلهم بالنص القرآني لاعتمادهم على الحديث الذي اختلقوه وصدقوه خلال العهد العباسي ، واخذ به بعض السنة والأئمة العرب لتقاعسهم عن الإجتهاد الذي يحرم الإشراك بالله في التوسل  بغيره تحريما قاطعاً .

عدا لعنهم لأبي بكر وعمر وعثمان عند كل صلاة وفي ذلك تحد لله وتعريض به وبقدراته ورحمته بما اختاره من أئمة أخيار للمسلمين فجر الإسلام ، كما  وإساءة للرسول الكريم في لعنهم زوجته أم المؤمنين .

اما باقي المذاهب كالدرزي  أوالإسماعليي أوالعلوي وغيرهم فيتم تنسيبهم وتوزيعهم بين مذاهب السنة والشيعة والصوفية  رغم التباين الواسع في الإجتهاد ، عدا الفرق التكفيرية تحت شعار الإسلام التي انبثقت جميعها عن العقيدة الفارسية المجوسية .

 ولولا ان علماء السلف قد  اوقفوا الإجتهاد ، لضعفهم في الرد على واضعي الأحاديث المضللة من قبل الفرس  الذين غيبوا القرأن والسنة النبوية الشريفة وسيرة الرسول الكريم ومن تبعه من والخلفاء الأمويين التي تحصر الإمامة بالمسلمين في العرب القرشيين خاصة  وعرب الجزيرة عامة في الولاة والقضاء والجيش والإدارة ، لفاق عدد  المذاهب افسلامية الألف مذهب وفق الخطأ المرتكب في الأصل من قبل علماء المسلمين في تنسيب العامة لكل من يأت من العلماء باجتهاد جديد .

 لذا حصروا الأمر بأربعة علماء فقط من الائمة المجتهدين  وتوزيع المسلمين والتعريف عنهم  حسب اجتهادات كل إمام رغم تطابقها جميعاً للنص واحكام القرآن والسنة النبوية وقبولها اجتهادها  في مجموعها وإن اختلفت ، واعني بها المذاهب السنيّة الأربع ، رغم عدم الضرروة لذلك لوجود كتاب الله المتاح لكل مسلم في معرفة دينه واحكامه .

وياليت الأزهر يصحح الموقف ويكتفي بالتعريف عن المسلم كمسلم دون تنسيبه لأي مذهب ، لان في ذلك عودة للاصول درءاً للفتنة .

والتوقف عن الإجتهاد في الاصل كان للحد من تعدد المذاهب وكثرتها ،  إلا أن ذلك كان خطأ ، لأن بذاك الحد المذهبي أضحى الدين جامداً وغير قادر على التطور والتفاعل مع المستجدات الدنيوية رغم ان النص القرآني متطور جداً وصالح لكل زمان ومكان الى حد الذهول ، هذا لمن يفقه معانية ويفقه اللغة العربية ويجيدها ،ولاأقصد بذلك الصرف والنحو ،  بل اقصد معاني اللغة واسرارها وتورياتها لانه لاقدرة على فهم معاني القرآن ومقاصده وتفسير آياته  إلا بإجادة اللغة وفهمها نصاً وروحاً بترافق مع الإطلاع على السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين والتاريخ العربي ومسيرته منذ الفتح الإسلامي وحتى الآن ، وهذا ماعجز عنه الأعاجم الذين دخلوا في الإسلام واساؤوا اليه بوضعهم الحديث هرباً من تعاليم القران الذي فضل العرب على كل أمم الأرض بقوله تعالى  :

كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله . ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم . منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ".

وعدم فهم اللغة العربية وإتقانها  أظهر المذهب الفارسي أو العقيدة الفارسية بالأحرى ،  من قبل الاعاجم حسداً من العرب ، بما في عقيدتهم  من جهل لتعارضها مع عقيدة التوحيد الإسلامية والنص القرآني  في عبادة الله الواحد الأحد الذي ادت اجتهادات الفرس المخزية الجاهلة  الى الإشراك  به بتقديس الأشخاص وادعاءالعصمة لهم  والتوسل بهم والعياذ بالله  بحجة قرابتهم للرسول الكريم ، وكأن الرسول  كان إلها عند المسلمين وليس عبداً لله وبشراً في سيره ومأكله ومشربه كسائر البشر كما وفي خضوعه لله والتوسل به والدعاء اليه .

وبذلك غلب على عقيدة الفرس الأعاجم خرافات وثنية تأثرت بالمجوسية التي كانت ولازالت تعمر قلوبهم وتحرك غرائزهم ضد العرب والمسلمين منذ العصر العباسي وحتى الآن   بحيث امتنعوا عن تعلم العربية رغم انها فرض عين على كل عالم مسلم ، وإلا لايحق له المناقشة في الدين او الإجتهاد إلا بما يمليه عليه العلماء العرب ، هذا إذا كان إيمانه صادقاً وليس منافقاً ، فكيف إن وضع الحديث كذباً عن لسان الرسول الكريم وتم تنسيبه له زوراً بالاسانيد والأباطيل ، لانه يستحيل صدق التنسيب وصحة التواتر بعد مرور قرن ونصف على وفاة الرسول إلا نفاقاً وجهلاً ومسايرة للحكام العباسيين الذين تحالفوا مع الأعاجم الفرس على العرب للوصول الى السلطة  ، بالتالي اتاحوا لهم وضع الحديث وتشويه معاني الإسلام ورسالته  استرضاءاَ  لهم .

وليقل لي احدهم هل يستطيع أخ له او قريب ان ياتي بحيث صحيح وسليم بالتواتر عن جده المتوفي قبل 150 عاماً ؟إن قال نعم فإنه دون شك جاهل وغافل وأهبل وساذج .

 وهكذا  وقع علماء المسلمين في المحظوربالإساءة  للإسلام والمسلمين مسايرة للحكام الأعاجم الذين هيمنوا على السلطة والحكم  زمن الدولة  العباسية  لقبولهم بالحديث المنسوب كذباً للرسول على حساب النص القرآني المحفوظ في الصدور بدعم من الله وعهد منه وفق قوله تعالى :

"إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز  لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد "

والمشكلة في ضعف إيمان الفرس وغلبة الوثنية على فهمهم للإسلام وتطبيق احكامه  فيعود لعجزهم  عن فهم اللغة العربية التي هي لغة القرآن وبالتالي عجزهم عن فهم فحواه بحيث يفسرون آياته كيفما اتفق ويؤلونه على غير مقاصده رافضين شرح العرب لمعانيه ، إذ يعتبرون انفسهم معصومين لقرابتهم  للحسين بن علي عليه السلام وفق مايدعون وأنهم اكثر اهلاً لحمل الدعوة الإسلامية من العرب رغم وضوح توكيلها لهم في نص قراني واضح لالبس فيه .  

مع العلم أن الإمام الحسين وجميع أئمة المسلمين وجميع البشر ليسوا معصومين عن الأخطاء ، باستثناء الأنبياء والرسل بما يوحي اليهم من الله من تعاليم وكتب لإبلاغ دعوتهم .

فكيف بأئمة الفرس من البشر يدعون العصمة عن الخطأ وكأنهم اولياء الله ورسله  ؟ ولو تعمقنا قليلاً فانهم لم يدعوا العصمة إلا تضليلاً للنيل من تعاليم الإسلام وتشويه معاني القران ومقاصد الشريعة الإسلامية في العبادة والزواج والأرث والصيام والزكاة،  اي بكل المبادىء الاساسية و مناحي الحياة الإسلامية ومواقيت الصلاة وأصول الوضوء والصوم والحج ، الى حد انهم اضحوا يحجون للبشر وليس لله ،  ويتمسحون بقبورهم ويتباركون بها كما الجاهلية الأولى ثم يدعون  انهم مسلمون ويضعون الأحاديث من عندهم وينسبونها للرسول رغم مافيها من تضليل وإفتراء ، فكيف نقبل بها مع وضوح سؤ نيتهم ضد الإسلام المسلمين ؟

كما وأنهم نظراً لعجزهم عن فهم القرأن ومعانيه فقد هربوا الى الأحاديث الموضوعة  من قبلهم على لسان الرسول الكريم بعد قرن ونصف من وفاته بما لاعلم له ولاللمسلمين الاوائل بها ،  ليعملوا من خلالها فتكاُ بالإسلام وتهديماً بحيث كانت معظم هذه الأحاديث تَرِد وتساق وفق نهج معين مرسوم بتخطيط باطني مستهدفين مبادىء الإسلام والرسول  الكريم بالطعن بزوجته واصحابه في لوم خفي وإساءة بالغة بأنه  لم يحسن اختيار زوجته وأصحابه  ومساعديه لعلة فيه تجعله غير مؤهل لحمل الرسالة . وفي ذلك طعن صريح بقدرة الله وانكار له ولقدراته  وليس إنكاراً  للرسول الكريم فقط ؟!

بينما  اختاره الله من بين جميع البشر لما فيه من مزايا يفتقدها كل أهل الارض ، بينما الفرس يهدفون بافتراءتهم الى نزع صفة النبوة عنه والعصمة بمحاولة الإيحاء بأنه شخص عادي . وعليه فإنه لايمكن ان يكون نبياً مختاراُ لافتقاده للعصمة التي حصروها بأئمة  عرب اختاروهم من أقرباء الرسول ومن ثم نقلوها اليهم بحجة مصاهرتهم ووراثتهم  وكأن عصمة الأنبياء تورث .

ولو كان الأمركذلك لما كفر ابي لهب ولكان معصوماً من الكفر ومن حقه وراثة الرسول بصفته عمه ، ولما غرق ابن النبي نوح في رفضه الصعود بالسفينة لغضب الله عليه .

ولم يكتفوا باختراع الأحاديث بل توسعوا في اختلاق القصص والروايات بما فيها رواية غدير خم وارفقوها بأحاديث ملخصها بأن الرسول الكريم قد أشهد ابي بكر وعمر على رغبة الله  واخذ منهم ميثاقاً غليظاً بناء لأمر من الله تعالى بان يولوا علياً من بعده نظراً لصلة قرابته له ؟!.

والخطأ في ذلك انه لاتوريث في الإسلام ، فالرسول لايورث لاعقارات او مال ، إذ أن كل مالديه إن وجد هو لخزينة المسلمين وليس لأهله او اقربائه ،فكيف يورث السلطة والعصمة ؟
 والنص القرآني واضح في انتخاب خليفة للمسلمين بالشورى بين المسلمين لابالتعيين ولو اراد الله علياً وخاف من عجزه عن توليته فيما  لو رفض عمر وابي بكر توليته ، لذكر ذلك في القرآن الكريم على الأقل بما يحرجهم ؟.

إلا ان الخطأ الاكبر لدى الفرس هو في اعتقادهم ، عندما تمت البيعة لابي بكر ، ان الله كان عاجزاً عن تولية علي لأن عمر وابي بكر رفضا ذلك ؟!

 وفي ذلك فهم خاطىء من الفرس لقدرة الله تعالى إله المسلمين والبشر والسموات والأرض  والكون اجمعين على فعل مايشاء . إذ انهم على مايبدو يعتقدون بالله كما يعتقدون بإله المجوس  بأن اي إنسان قادر على مخاصمته بل ومبارزته وقتله إن احتاج الأمر ؟

وعليه لو شاء الله ان يكون علياً اول خليفة للمسلمين لما استطاع عمر او ابي بكر او العالم اجمع عن رد إرادة الله في توليته .

 كما وقعوا في خطأ آخر وهو ان الله قد اشهد ابي بكر وعمر على توصية الرسول وأخذ منهم  القسم والبيعة بتولية علي بعد وفاة الرسول  مباشرة  ؟!

 وقد جهلوا لكفرهم أن  الله سبحانه وتعالى جلت قدرته ، ليس بحاجة لقسم أو عهد من أحد من مخلوقاته ، إذ انه إذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون .

ولكن القصد من هذه الرواية الفارسية  هو الإساءة للرسول ولعائشة أم المؤمنين في عدم حسن اختيار زوجاته واصحابه والإساءة لابي بكر وعمر بانهم خائئي العهود والمواثيق وعليه فلايعتد بسلطانهم لانه لاذمة لهم ولادين .

مما يدل عن سؤ اخلاق الفرس وكفرهم كزنادقة مختلين واعداء للعروبة وإلاسلام حيث  دخلوا بالإسلام تقية لتشويه معانية واهدافه  دون ان يؤمنوا به بما نرى من كتاباتهم وافعالهم ومجازرهم على مدى التاريخ العربي وآخرها في المجازر ضد المسلمين في سوريا والعراق وتهجيرهم و قتلهم بسبب دينهم .

ومن مساوىء وضع الفرس للحديث  انهم قد ابتدعوا ونسبوا للرسول حديثاً مفاده بانه في آخر الزمان سيظهر المهدي سيد العصر والزمان من أرض فارس ويتجه نحو مكة لهدم الكعبة لاقامة العدل ؟
وقد انطلى هذا الحديث  وما تبعه من روايات   على بعض  الائمة العرب وصدقوها وتبنوها مع تبني الأعاجم الترك لها لانهم كانوا محتلين لارض فارس بما يزيد عن الف عام فتأثروا بهم دون ان يدركوا ان لاسند لها في القرآن الكريم مرجع المسلمين الوحيد الذي اخبرنا الله فيه انه قد وضع فيه من كل مثل بما لاحاجة للحديث الوضعي بما قد يشوبه من تضليل  منعاً للفتنة والجدل  ، وفق قوله :

 "ولقد صرفنا في هذا القرأن من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ".

إلا انه ساد التباين في كيفية ظهور المهدي بين بعض العرب والترك والفرس الذين يقولون انه هارب ومختبىء من حكام بني أمية منذ 1400 عام وحتى الآن ولايظهر إلا على حكام الفرس فقط ويهاتفهم ويقاتل معهم وينصرهم لقوته الخارقة ، إلا انه يخشى الظهور خوفاً من ان يقتل ؟

 إلا ان المسلمين العرب والترك من المؤمنين به عدلوا في رواية الفرس عن المهدي بعد ان صدقوها  بانه  سياتي اخر الزمان ، ولكن بالولادة كما سائر البشر وليس بالظهور لاختبائه في العراق خوفاً من الحكام الظلمة منذ 14 قرناً وحتى الآن ، وأنه لازال حياً الى ان يأذن الله له بالخروج ويفرج عنه ، كما يدعي الفرس .

والقصد من رواية الفرس عن المهدي ، الشبيهة جداً بروايات الهنود الوثنيين عن آلهتهم ، هو ان رسالة الدين الإسلامي لم تكتمل على يدي محمد صلى الله عليه وسلم ولن تكتمل إلا بظهور المهدي الفارسي الذي هو الإمام المختار عند الله لاتمام رسالة الدين الإسلامي بديلاً عن محمد صلى الله عليه وسلم  وبدلاً عن تعاليم القرآن الكريم التي تحوي كل مايحتاجة  الإنسان من عدالة ورحمة وإنسانية وحسن تعامل بين الناس .

علماً ان القران قد اكد اتمام رسالة الدين ألإسلامي علىى يد الرسول ولم يشر الى اي  نبي من بعده أو رسول في نصوص عدة منها:

"اليوم اتممت لكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .

كما ويدّعون بأن المهدي إن لم يكن فارسيا فإنه كاذب ومحتال لاتقوم دعوته بينما يعتقد بعض العرب ان المهدي المنتظر عربي سيظهر من مكة وإلا كان دجالاً إن ظهر من مكان آخر او كان غير عربي . وهذا الخلاف يؤكد عدم صحة الاحاديث التي تنبأ ت به لتعارضها التام ، بل أن الإمام خامنئي اشار في احدى خطبه الى ان المهدي المنتظر هو نفسه السيد المسيح وليس من احد آخر ، وعلى اليهود والمسيحيين وسائر المسلمين ان يتبعوه  لخلاصهم ؟!  

 مع ذلك فإن هناك فريق من المسلمين الذين يجهلون هذا الأمر  قد يكفرون اي شخص مسلم لايؤمن به رغم عدم وجود اي تأكيد لظهوره في القرآن الكريم إلا الأحاديث الموضوعة من الأعاجم الفرس .

ويلاحظ ان الأعاجم الاقدمين لخبثهم وسؤ نيتهم لم يكتفوا بوضع الأحاديث المضللة عن ظهور المهدي لاتمام الرسالة ألإسلامية بل واخترعوا رواية عودة المسيح الى الأرض  ، على غير رأي خامنئي ، بتوافق مع ظهور المهدي مما يدل على التنسيق بين اليهود والمجوس منذ القدم على هذا الدس  .

إذ ان اليهود لايعترفون بمؤامرتهم ضد المسيح وسعيهم لصلبه بل يدعون انهم عملوا على صلب إنسان آخر ادعى انه المسيح وليس المسيح نفسه ، مما يودون قوله أن المسيح الحقيقي لم يظهر حتى الآن لتبرئة انفسهم من التآمر ضده لصلبه . وفي ذلك إخراج لهم غير موفق او مقبول لأن المسيح قد ظهر فعلاً وانتقل الى السماء بعد موته بما جاء من تاكيد في القرآن الكريم على هذا ألأمر ، إلا انه لم يأت على ذكر مهدي الفرس لعدم وجوده إلا في رواياتهم وادعاءتهم وفي ذهن الجهلة والعوام .

ومع ذلك فقد وقع بعض علماء المسلمين وأئمتهم في هذا الفخ ليقولوا كما قول الفرس واليهود بقرب عودة المسيح مجدداً الى الأرض لاتمام رسالة الإسلام في الأمن والعدالة ورفع الظلم ، دون ان يتساءلوا  لما يجب ان يظهر المهدي ويعود المسيح لترسيخ تعاليم الإسلام ولايعود الرسول نفسه لاتمام ذلك وهو صاحب الرسالة الإسلامية الذي فضله الله على جميع الأنبياء والرسل  ؟

هذا إذا كانت دعوته  لم تكتمل كما يدعي الفرس واليهود  في تعريض للقرآن ؟!.

وفي هذا الإدعاء  جهل وفسق وفجور ، إذ ان الدين عند الله الإسلام وقد اتم رسالته مع وفاة  الرسول وفق الآية الكريمة :

 "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".

واختم بأنه قد يكون هناك من إيجاب وفائدة لدى البعض من وضع الحديث وإن كان غير صحيح ، ولكن ثبت ان ضرره اكثر من نفعه كما الخمر  ، لذا كان الأفضل تجنبه والعودة لآيات القرآن الكريم كما امرنا الله في كتابه العزيزوفق الآية الكريمة :
"ولقد صرفنا في هذا القرأن من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ".

(3) محنة ال Deutsche Bank

$
0
0

أصبح آنشو جين هو رئيس الفرع الإستثماري للبنك وأصبح بروكسميت هو رئيس فرع إدارة المجازفة Risk Management أي أنه من يقوّم المخاطرة ويعطها نسبة مئوية يتحدد علي أساسها هل يدخل البنك في تلك الصفقة أم لا.

ومن ضمن ما دخل البنك فيه من أنشطة مساعدة بعض صناديق الإستثمار الأخري علي التهرب من الضرائب وذلك عارفا ومدركا لما يفعله. وقد تنبه بالطبع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلي تلك الأنشطة الإجرامية وفتح تحقيقا مع مديري الدويتشه بنك وكان من ضمنهم بروكسميت مدير دراسة المخاطرة وأنكر أنه يعرف أي شيء وادعي أنها ممارسات لموظفين صغار.

ولكن بالطبع ما لم يكن يعرفه هو أن مكالمات البنك تسجل وتفرغ في محاضر كانت جميعها أمام لجنة الكونجرس للأمن الداخلي التي كانت تباشر التحقيق. وبالطبع دفع البنك غرامة أخري هائلة للسلطات الأمريكية قدرها 2.5 مليار دولار.

وفي عام 2013 أيضا قام بروكسميت بإصدار تحذيرات متتالية إلي إدارة البنك التي يتشارك فيها آنشو جين الهندي مع يورجين فريتشن الألماني عن أن المخاطر كبيرة وأن المعاملات تتعرض لخطر جسيم ولكن أحدا لم يسمع له. وفي النهاية وجد مشنوقا في شقته في لندن بعد كتابة خطابات وداع لأسرته ولأصدقائه وقال البوليس البريطاني أنه إنتحار ونشرت تقارير أنه كان يتلقي علاجا نفسيا.

وهكذا بقي من الثلاثة المنتقلين عام 1995 من ميريل لينش إلي الدويتشه بنك واحد فقط هو الهندي آنشو جين والذي أصبح رئيسا مشتركا لمجلس إدارة البنك وعمره 50 عاما.

وآنشو جين هو خبير في مجال المشتقات التي يحولها البنك إلي أوراق مالية تباع للعملاء بصرف النظر عن قيمتها الحقيقية فيما بعد. وهذه المشتقات كانت سبب الأزمة الشديدة التي حلت بالإقتصاد العالمي عام 2008.

والآن وقد عرفنا أن هذه الممارسات الغير مشروعة في مجال التهرب من الضرائب قد تم كشفها ودفع غرامتها في الولايات المتحدة بصفة أساسية وفي بريطانيا بصفة فرعية، وعرفنا أيضا أن البنك قد خسر في دعوي قضائية أقامها ضده بنكان أمريكيان للإستثمار العقاري بسبب أوراق مالية مرتبطة بعقارات ليس لها قيمة الأوراق واتهم فيها البنك الألماني بالتحايل وتمت تسويتها بأن دفع البنك مبلغ 1.9 مليار دولار لهذين البنكين فقد تقدم المحامي الأمريكي دانيل بروكيت المنتصر في هذه الدعوي ضد البنك الألماني بدعوي جديدة في عام 2015 ضد الدويتشه بنك تتعلق بتلاعبه في أسعار الذهب خلال العقد الماضي بحيث أنه تسبب في خسارة المتعاملين في مجال المضاربة علي الذهب. وهذه الدعوي لم تبدأ بعد ولكن إجراءات جمع المستندات وطلبها قد بدأت بالفعل عملية جمع الأدلة  Discovery. كل هذا بالرغم من أن البنك قد إنسحب من مجال العمل في المضاربات علي الذهب !!

 

ولكن الدعوي الأكبر والتي تنتظر البنك الألماني في بريطانيا هي دعوي إبطال كل التعاملات التي قام بها البنك خلال العشر سنوات الماضية بسبب التلاعب في أسعار الفائدة عن طريق ال Libor وهي الدعوي التي قد تعصف بالبنك بأسره لأن أساس الدعوي هو إرجاع الأمور إلي ما كانت عليه قبل تنفيذ عقود تلك المضاربات لأن الغش يفسد كل شىء !! Fraus omnia corrumpit   

وبهذه الدعوي لو أنها قبلت يكون البنك قد خطا الخطوة النهائية لإفلاسه لأن كم التعويضات المرتبط بالتعاملات التي وقعت خلال كل هذه المدة هو كم هائل لن يقدر عليه أي بنك. بالطبع لن تعود المعاملات وكأنها لم تكن ولكن لو أن هذه القضية قد قبلت فسوف تقصم القيمة الهائلة للتعويضات ظهر البنك. ولعل هذا هو السبب المباشر لاستقالة رئيسي مجلس الإدارة مع التشديد في الإعلان عنها علي أن الهندي آنشو سوف يغادر منصبه فورا بينما يبقي الألماني فريتشن لمدة عام قادم.

 

واستقالة رئيسي مجلس الإدارة جاءت مفاجئة للجميع في أسلوبها حيث أن المديرين كانا يبدوان مليئين بالثقة قبل ذلك بستة أسابيع فقط. وهي تلقي ضوءا علي جانب هام من جوانب الحياة الإقتصادية في عالم ما بعد الحرب الباردة وهو جانب النصب بالقانون.

إن الإستثمار البنكي كما شهده العالم في الفترة من 1992 إلي 2008 هو عمل من أعمال النصب الصريح ولعل كل هذه الأحداث تدفع المشرعين في الدول لكي يتحوطوا في إصدار تراخيص عمل أمثال هذه البنوك التي لا تنفع أحدا إلا موظفيها وتضر بالإقتصاد القومي ضررا بليغا.

 

فالذي يحدث هو نقل منظم للثروة من جيوب أصحابها الذين تعبوا في جمعها وتنميتها عبر العقود الطويلة ثم قاموا بإيداعها لدي البنوك طمعا في الحصول علي عائد محترم يقيهم شر الحاجة في السن المتقدم أو يجعلهم غير مضطرين للقبول بأعمال لم تعد تناسب سنهم الذي تخطي عمر الشباب.

ولهذا تحرص البنوك جميعا علي عدم التفريط في أعضاء فريق الفرع الإستثماري لأن هذا الفرع هو جلاب المكسب وليس أي فرع آخر.

والبنوك أصبحت في عملها تعتمد علي الفرع الإستثماري وتنقل إليه إن أمكن حاصلاتها من مدخرات المودعين. وهذا النقل هو بالضبط ما كان يمنعه قانون  Glass Steagal Actالذي سنه الكونجرس وأصدره الرئيس روزفلت عام 1933 ليمنع الخلط بين مجالات العمل المصرفي وليحافظ علي ودائع المواطنين. ولكنه أعيد فألغي عام 1999 علي يد الرئيس كلينتون وهو نفس العام الذي شهد بداية الفقاعة التي إنفجرت عام 2000 وسميت بفقاعة الإنترنت ولم تكن سوي بروفة لما حدث من أزمة حقيقية عام 2008.

 .  

ونقل الثروة بهذه الطريقة الإجرامية من جيوب أصحابها إلي جيوب مديري البنوك هي عملية تبدو في ظاهرها قانونية وسليمة إذ أن المودع يوقع إقرارا بأنه عارف ومدرك للمخاطر الإستثمارية.. وهذا الإقرار شرط وضعه المشرع قبل فتح تلك الحسابات لكي يحمي المواطنين.

ولكن المشكلة تقع أولا في طبيعة تلك المشتقات التي لا يفهم أحد ماهي وكذلك في التلاعب بسبب القدرة علي تحريك مبالغ هائلة في وقت قصير من وعاء للآخر مما يجعل الغواية هائلة والتلاعب سهلا. وهو ما وقع فيه الدويتشه بنك.

ثانيا فإن المشكلة تقع في سيطرة روح كاسحة من الجشع علي العاملين في هذا المجال وذلك بسبب صغر السن وسعة السلطة الممنوحة لهم والقدر الكبير من الحوافز التي تصرف لهم في حال نجاحهم.

ومحاكم ألمانيا أصبحت مليئة بالقضايا المرفوعة من "الآخرين"الذين خسروا مدخراتهم في أوراق لبنوك عرفنا فيما بعد أنها مشبوهة مثل ليمان براذرز والتي لا تساوي شيئا وليس لها أي غطاء حقيقي.

وهذا الذي تعيشه الحياة المصرفية الإقتصادية حول العالم الآن مركزه كان الولايات المتحدة ثم إنتشر منها إلي بقية العالم الغربي والشرقي وهو بالضبط ما كان ألفريد هرهاوزن يحذر منه منذ ربع قرن.

 

 

المشكلة باختصار هي ضعف الدولة وجشع البنوك.. 

الغرب العظيم

$
0
0

الغرب العظيم

هناك قضية جنائية شهيرة وقعت أحداثها في في انجلترا في بدايات القرن العشرين هي قضية مقتل الشاب المصري الثري علي كامل فهمي وهو شقيق السيدة  عائشة فهمي  صاحبة قصر يطل علي النيل مباشرة في نهاية كوبري ابو العلا بالزمالك وهو قائم  حتي الآن، وأحد زوجات يوسف وهبي الممثل.

كانت هذه القضية محل اهتمام الصحافة المصرية والرأي العام لكون الضحية مصري‏ ميسور الحال وشهير والمتهم امرأة فرنسية هي زوجة القتيل.

كان علي كامل فهمي هذا شابا في بدايات العشرينات وكان موظفا في سفارة مصر بباريس في بداية إفتتاحها بعد زوال الحماية البريطانية علي مصر بمقتضي تصريح 28 فبراير وقد إنتقل إلي مقر عمله في باريس حيث تعرف هناك علي فتاة فرنسية فتن برقتها وأخذ بجمالها فعرض عليها الزواج وقبلت هي وبدأت حياتهما الزوجية.

وكان علي فهمي هذا علي ما يبدو من أوراق القضية غريب الأطوار ذا وجهين أحدهما رقيق وهادئ والآخر محب للسادية يقطر قسوة وأذي. 

وكان أن الزوجين كانا يقضيان إجازة في لندن حيث نزلا في أحد فنادقها الفخمة للغاية وفي أحد الليالي الصيفية إجتاحت لندن عاصفة حادة مبرقة ومرعدة وفي منتصفها سمع خادم الفندق صوت طلقات رصاص إلي جانب صوت الرعد فلما بحث عن مصدرها وجد الزوجة الفرنسية مذعورة أمام جثة زوجها المصري ثم ألقت من يدها بمسدس قامت باستعماله لقتل زوجها بثلاث رصاصات إخترقت رأسه. وقد ألقي القبض عليها طبعا ووجهت النيابة إليها تهمة القتل العمد ولم تدل في أقوالها بما يفيد أنها كانت في حالة دفاع عن النفس أو أن القتيل كان يهم بإيذائها. وبالتالي كانت القضية شبه واضحة المعالم حيث كانت عقوبة الإعدام (في ذلك الوقت) هي جزاء القتل العمد في معظم دول العالم ومنها دول أوروبا.

وجد محامي المتهمة أن الوضع ميئوس منه وأن القضية خاسرة وبالتالي تنحي عنها. 

وهناك ممارسة معروفة في عالم المحاماة هي أن يتقدم محامي طواعية للدفاع في قضية هامة تشغل الرأي العام بغرض إظهار قدراته والدخول إلي عالم المشاهير تمهيدا للحصول علي موكلين من القادرين والأغنياء صعودا إلي عالم مزيد من المجد والثراء.

وبهذه الطريقة تقدم محامي بريطاني مشهور وقتها هو مارشال هول للدفاع عن مارجريت فهمي الزوجة القاتلة المعترفة بجريمتها.

والقضاء في بريطانيا يتبع نظام المحلفين ممن يختارون بعناية لكي يمثلوا المجتمع بأسره وهم من يقررون ذنب المتهم أو براءته أما الحكم فهو للقاضي. والفكرة الكامنة وراء ذلك هو إعادة الحق في حماية قيم المجتمع إلي أفراد المجتمع ذاته وليس إلي مؤسسة بيروقراطية هي القضاء، حتي وإن كان قضاءا محترفا يقوم في عمله علي الدراسة الأكاديمية متبوعة بالممارسة العملية. وهو نظام إختلف في جدواه المختلفون.

والحرفية التي ينبغي أن يثبتها المحامي والإدعاء في هذا النظام تتركز في المقدرة علي إقناع هؤلاء المحلفين بصحة ما يقول به أو بفساد ما يقول به خصمه. وهؤلاء المحلفون يكونون في معظم الأحوال من آحاد الناس ممن لم يتلقوا تعليما قانونيا حتي لا يؤثروا بمهارتهم علي غيرهم من أعضاء هيئة المحلفين. وهكذا يجد المرء بينهم ربة بيت ومبيض محارة وموظف في شركة إلخ...

المهم أن الإدعاء في حالتنا هذه قد بدأ مرافعته بالإشارة القوية إلي أن الأجانب ممن يحضرون إلي بريطانيا أو يعيشون فيها عليهم أن يدركوا أن القانون المعمول به علي هذه الأرض هو القانون البريطاني الذي إرتضته الجماعة البريطانية الوطنية لنفسها وقد كان ذلك بمناسبة أن القاتل والقتيل كلاهما من الأجانب.

والآن أنقل لكم ما كتبه لويس عوض في كتابه أوراق العمر في صفحة 188 عن هذه القضية التي حضر النشر الصحفي عنها عندما كان صبيا عام 1923

"عندما يأتي الأجانب إلي هذه البلاد فهم يخضعون للقوانين المعمول بها فيها. وكل إزهاق للنفس يعد قتلا ما لم يثبت العكس. ومن صميم إعترافهانعرف أنها هي التي سببت موت زوجها، ومادام ليس هناك ظرف يغير من توصيف الجريمة فلابد أن تدينوها بتهمة القتل".

كانت هذه هي طلمات المدعي العام.

أما كلمات المحامي مارشال هول فقد جاءت كالتالي

"في ليلة 9 يوليو 1923 كانت تدوي في سماء لندن عاصفة رعدية تعاقب فيها هزيم الرعد وضياء البرق حتي ما بعد منتصف الليل وكانت عاصفة رهيبة لم تر لندن مثيلا لها لسنوات خلت، بدأت بعد يوم قائظ يزهق الأنفاس من ناحية كينجستون وريتشموند وبلغت لندن نفسها بعد أن كان أكثر رواد المسرح قد عادوا إلي بيوتهم. واستمرت أكثر من ساعتين تخلع القلوب بقعقعة غيومها السوداء وبروقها التي مزقت الظلام بالضياء الخاطف المتعاقب وسقطت في الليل صاعقة كأنها كرة  النار التي تناثرت إلي ألف شظية".. 

وقد عقب لويس عوض علي هذا الأسلوب بأنه لم يستخدم إلا من قبل شكسبير في وصف الليلة التي إغتال فيها ماكبث مولاه الملك دانكن كأنما الطبيعة نفسها قد شاركت في إعداد مسرح الجريمة.

وبالطبع فالغرض من إستعمال هذه الألفاظ وتلك التوصيفات هو التأثير علي نفسية المحلفين لكي يدخلوا بواسطة المحامي إلي حالة من التعاطف المتفهم لظروف السيدة مارجريت المتهمة بالقتل.

بني هول دفاعه عن المتهمة الفرنسية علي أساس أنها كانت معذبة تعيسة في حياتها القصيرة مع زوجها المصري "الشرقي"وأن عقد الزواج المدني الذي وقع عليه الزوجان كان مشطوبا من نصه عبارة أن الطلاق من حق الطرفين حيث أن الزوج أراد الإحتفاظ لنفسه فقط بهذا الحق وأن الزوجة لا يحق لها مراجعته في هذا القرار إن هو إتخذه بإرادته المنفردة.

وكتاب لويس عوض يتتبع المرافعة التي قام بها مارشال هول المحامي تتبعا دقيقا ولا مجال هنا لإعادته ولكن الفقرة النهائية من المرافعة هي التي تهمنا فيما نحن بصدده.

"هذه المرأة أخطأت خطأ فاحشا بزواجها من شرقي. وأنا أستطيع أن أقول أن الحضارة المصرية ربما تكون بالفعل واحدة من أقدم حضارات العالم ومن أروعها ولكن إذا نزعنا عنها القشرة الخارجية وجدنا تحتها الشرقي علي حقيقته. إن علي كامل فهمي إستدرج هذه المرأة الغربية إلي حديقته الشرقية وهذا يفسر لكم الرعب الذي كانت تعيش فيه هذه المرأة. إن اللعنة في هذه القضية هي الجو الذي نعجز عن فهمه، شعور الشرقي بامتلاك المرأة كالتركي في حريمه وهو شئ يتجاوز قدرتنا علي الفهم ولا نستطيع التعامل معه.

إنني أطالبكم بالإفراج عن هذه المرأة الغربية إذ سوف تفتحون بوابة السجن لكي تعود هذه المرأة لتمشي في الضياء ضياء شمس الله الغربية العظيمة، لا لتمشي في ظلام الصحراء كما مشت المرأة في رواية هيتشنز بيللا دونا"..

ولكم بالطبع أن تخمنوا كيف جاء حكم المحلفين في المحكمة البريطانية..!!

البراءة..

وبسبب عدم معرفتي بالقوانين البريطانية لا أستطيع القول هل كان قرار المحلفين مبناه رفض تهمة القتل فقط التي دفعت بها النيابة،  أم أنه رفض تهمة القتل والقتل الخطأ أيضا.

فالذي حدث كما صوره المحامي هو توافر لأركان القتل الخطأ .. ولكن المحلفين عندما سألهم القاضي عن حكمهم وجه إليهم - وفقا للويس عوض - سؤالين وليس سؤالا واحدا

هل هي مذنبة بالقتل؟

هل هي مذنبة بالقتل الخطأ؟

وجاءت الإجابتان متماثلتين.. لا.. ليست مذنبة !!

ومن غير الواضح بالنسبة لي إن كانت النيابة وجهت لمارجريت أصلا تهمة القتل الخطأ..

 

ولكن يبدو أن المحلفين والقاضي جميعا قد إستبقوا المدعي ورفضوا التهمتين..

والآن علينا أن نبحث في أمر هذا "الغرب العظيم"..

الغرب العظيم (2)

$
0
0

الحقيقة أن مصطلح "الغرب"هذا لم يكن موجودا إلا في المرحلة أعقبت نشأة البروتستانتية في أوروبا خلال القرن السادس عشر. فتمدد الدولة العثمانية "المسلمة"إلي داخل القارة الأوروبية "المسيحية"أوجد نوعا من الشعور الأوروبي الغريب والذي لا يمكن وصفه عن طريق بعد واحد، فهو لم يكن شعورا دينيا خالصا ولم يكن شعورا قوميا خالصا وكذلك لم يكن تعبيرا عن رغبة في التحكم الإقتصادي في مقدرات العالم في ذلك الوقت، بل هو كان خليطا من كل تلك العناصر مجتمعة.

فعقب حصار فيينا من جانب العثمانيين وهبّة ملك بولندا لنجدتها في اللحظة الأخيرة  بعد أن كانت قد إعتبرت في عداد الساقطين في يد الأتراك بسبب تقاعس الدول الأوروبية الأخري وعلي رأسها فرنسا عن نجدتها تبدت للأوروبيين فوائد الإرتكان إلي قليل من الدين في حشد الجيوش لتحقيق إنتصارات عسكرية ذات منافع إقتصادية. وهذه الفترة هي أيضا ما شهدت تمددا إستعماريا في شرق آسيا (إندونيسيا الآن) علي يد الهولنديين وفي شمال أمريكا ايضا علي يد الهولنديين وفي جنوب القارة الأمريكية علي يد البرتغال والإسبان وجميعهم كانوا يقولون بأن هدفهم هو نشر كلمة الرب (المسيحية).

وهي هجمة تالية للهجمة الأولي التي عرفها الشرق من قبل تحت إسم الحملات الصليبية، ولكن الفرق  يقع في أن الغرب كان هذه المرة مستعدا بالعلوم والمعارف والخديعة إلي جانب السلاح، أما الدين فقد كان دوره فرعيا هذه المرة، خلافا للمرة الأولي عندما كان الحماس الديني يؤجج كل شىء.

وفي هذه الفترة وقبلها أيضا تنبهت الدول الأوروبية المختلفة إلي أهمية الإمتيازات التي يحصل عليها تجارها في دول غريبة بعيدة مثل مصر المملوكية ثم العثمانية والكويت والشام ثم جاء الإستيلاء علي الهند من جانب البريطانيين خطوة هامة في سبيل إنشاء ما يطلق عليه حتي اليوم "الغرب".

وقد عرفنا من خطابات فولتير إلي القيصرة كاترينا في روسيا كيف كانت النظرة الأوروبية المثقفة في ذلك الوقت إلي الأتراك والمسلمين و"الشرق"بصفة عامة.

ثم جاءت الثورة الفرنسية التي كانت تعادي المسيحية ولا تعترف بها اساسا يصلح لإنشاء الممالك وكان الاساس لديها هو مبادئ الثورة المعروفة الحرية والإخاء والمساواة. بيد أن هذه الثورة قد أخمدت عقب هزيمة قوات الثورة بقيادة نابليون بونابرته وإنعقاد مؤتمر فيينا في نفس عام 1815 لكي يعيد الأوضاع في أوروبا إلي ما كانت عليه قبل تلك الثورة.

وقد ظل هذا الغرب متنازعا علي زعامته حتي فازت بها بريطانيا بدون منافس يعتد به وذلك منذ 200 عام بالضبط عندما هزم نابليون هزيمة نهائية أنهت المنافسة الفرنسية علي هذه الزعامة بصورة أبدية.

إلا أن  الايام قد جاءت بكتلتين كبيرتين تجعلان من إنجلترا قزم غير جدير بالزعامة، ألمانيا الموحدة عام 1871 والولايات المتحدة التي خرجت من الحرب الأهلية لكي تتحول بعدها مباشرة إلي عملاق إقتصادي ينمو بسرعة كبيرة فيما بعد عام 1865 الذي سجل نهاية الحرب الأهلية.

وهكذا وجدت بريطانيا نفسها في موقف صعب حيث كانت زعامتها مهددة بالتآكل بسبب هذين المنافسين العتيدين. وكانت المانيا هي الاقوي عسكريا حيث أن القيصر الألماني الشاب فيلهلم الثاني عقب توليه عرش البلاد في عام 1888 إتجه بكل قوته إلي بناء اسطول ألماني ينافس به الأسطول البريطاني بالإضافة إلي قوة عسكرية برية كان يعمل لها حساب كبير. وكان أن إتجه التفكير البريطاني إلي التوجه محاولة حصار ألمانيا سياسيا أولا فجاء الإتفاق الودي بين الغريمتين القديمتين بريطانيا وفرنسا عام 1904 لكي يوحد جهودهما وينهي خلافاتهما إلي الابد ليقفا في مواجهة مقبلة ضد المانيا.

وهكذا أصبح "الغرب"هو بريطانيا وفرنسا مجتمعتين.

وبهذا الوضع وقعت أحداث الحرب العالمية الأولي التي خاضتها بريطانيا بلا تردد إلي جانب فرنسا حليفتها الجديدة ليس حبا فيها وإنما رغبة في الإجهاز علي القوة الألمانية الإقتصادية العسكرية الهائلة التي كانت تتمدد في كافة أرجاء الأرض.

إلا أن المانيا لم تكن علي هذه الدرجة من السهولة فقد إستطاعت الإيقاع بالحليف "الغير غربي"للغرب وهو روسيا عن طريق تدبير الثورة البلشفية داخل روسيا القيصرية حتي نجحت في إخراج روسيا من الحرب بصلح بريست ليتوفسك الذى أنهي وجود روسيا كطرف محارب في أوائل عام 1918.

ولكن..

ولكن العملاق الآخر الصاعد كان قد بدأ في الإستيقاظ وعرف أن هناك قوة عظمي قد بدأت في الترهل وآن موعد ميراثها قد حل فلم يتردد الرئيس وودرو ويلسون في اللحاق بقطار المحاربين ولو متأخرا عن البداية وفوجئ الألمانب بمليوني جندي أمريكي يقفون علي أرض فرنسا مستعدين للقتال ضد الجيوش الألمانية بمصاحبة أسلحة لم يرها أحد من قبل هي الدبابة والطائرة.

وهكذا أعيد تعريف "الغرب"ليصبح بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

إلا أن إعتبارات سياسية أمريكية داخلية تسببت في عدم متابعة الولايات المتحدة لطريق صعودها للزعامة الدولية عقب الحرب العالمية الأولي مباشرة حيث أن رغبة كل من فرنسا وبريطانيا في إهانة وإذلال المانيا بعقوبات إقتصادية قاسية جعلت الإدارة الأمريكية تخرج من مؤتمر فرساي مفضلة أن تعود إلي أرض الميعاد علي الجانب الآخر من الأطلنطي منتظرة فرصة أفضل للدخول من جديد إلي الزعامة.

والواقع أنه لا توجد فروق ثقافية كثيرة ولا حتي قليلة بين كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الجوهر، ولكن الرفض الأنجلو فرنسي لأي تكامل أو حتي تقاسم مع ألمانيا كان هو ما أنتج النظام النازي في ألمانيا عام 1933 حيث أن المانيا كانت تشعر أن نصيبها من النفوذ والاسواق العالمية لا يتناسب مع قدراتها ولا مع نصيبها من العطاء الحضاري ولذلك تمردت علي أحكام معاهدة فرساي وأصبحت الواقعة وشيكة بعد أن مزق هتلر مواثيق تلك المعاهدة وخرقها جهارا نهارا بإنشاء جيش ألماني لم يسبق له وجود.

وهنا يكمن الخطأ التاريخي لكل من فرنسا وبريطانيا، إذ أنهما كانا يرفضان بقوة أي تقاسم للقوة مع ألمانيا رغم كونها الثقل السكاني والإقتصادي والعسكري والعلمي الأكبر في أوروبا في هذا الوقت.

وهكذا تلبدت السماء بغيوم حرب جديدة كان يمكن تفاديها من قبل كما حذر السيد جون ماينارد كينز الإقتصادي البريطاني الشهير والذي نبه الحلفاء المنتصرين في الحرب الأولي أن محاولة كسر ألمانيا بعقوبات قاسية لن تنتج سوي فوضي في العالم بأسره لأن هذه القوة الإقتصادية الكبيرة لا يمكن إهمالها أو تهميشها عقابا علي حرب ساهم الجميع في ذنب بدايتها. 

والحقيقة أنه يذكر لإدارة الرئيس الديموقراطي فرانكلين روزفلت أنه كان من أوائل من تنبهوا مبكرا إلي المكانة التي يمكن للولايات المتحدة أن تحصل عليها لو أنها دخلت الحرب لتقلب الموازين مرة أخري.

ويلاحظ المرء ذلك في طريقة إدارته للحرب علي جبهتين وفي دعوته لمؤتمر بريتون وودز بعد اقل من 4 أسابيع من تلقيه أخبار نجاح إنزال الحلفاء علي شواطئ النورماندي لكي يضمن سيادة العملة الأمريكية علي الاسواق وأخيرا في بعد نظره في شأن بترول الشرق الأوسط  الذي ربما كان آخر ما ختم به حياته السياسية إذ أنه توفي قبل نهاية الحرب علي جبهة الأطلنطي بشهر واحد فقط.

كذلك فإن هذا الرئيس الأمريكي هو الذي نادي إلي إنشاء منظمة دولية تكون اصوات الدول فيها متساوية بغض النظر عن ثقلها المالي أو السكاني أو العسكري بل وأعطاها بنفسه إسمها وهو نفس المصطلح الذي كان يطلق علي التحالف بين كل من أمريكا وبريطانيا والإتحاد السوفيتي، الأمم المتحدة.

وبإنشاء حلف شمال الأطلنطي عام 1949 أصبح الغرب متسعا أيضا لكل من تركيا واليونان ثم بدخول ألمانيا ذلك الحلف عام 1955 أصبحت منتمية للعائلة "الغربية"، ناهيك عن أن اليابان علي الجانب الآخر من العالم قد تم إدخالها ايضا إلي التحالف الغربي إلي جانب كوريا الجنوبية وبذلك نشأ الغرب الذي نعرفه اليوم، الزعامة للولايات المتحدة بلا منافس والطاعة للآخرين بلا نقاش ولا مجادلة.

وبين كل هذه الأحداث إنضمت قوة جديدة إلي المعسكر الغربي ولكن دون قيود ولا شروط ولا إتفاقيات، بل هي عضو في كل نشاط غربي سواء كان رسميا أو غير رسمي، إنها إسرائيل.

ثم كان الإصرار الأمريكي الهائل علي توسيع حلف شمال الأطلنطي شرقا ليشمل كل دول حلف وارسو القديم عدا روسيا التي أصبحت جارا لصيقا 'للغرب".

وبالطبع لا يمكن إغفال الجزء الجنوبي من الغرب وهو أستراليا ونيوزيلاند، أي أن ما يطلق عليه "الغرب"هو تكتل من دول تمسك القطبين وتتوزع في الشرق والغرب وعمادها السكاني هو في أغلبيته الكاسحة من الأصل الأوروبي الأبيض مدعوما ببعض السود في الولايات المتحدة بالإضافة إلي اليابان.

واليابان بالذات لها وضع غير معتاد في التحالف الغربي حيث أن الفروق الثقافية والدينية والعرقية لا يمكن إغفالها. فاليابان كانت الدولة الوحيدة التي هاجمت الولايات المتحدة علي أرض موانيها في عام 1941 وكانت الدولة التي خشي الأمريكيون أن تقوم بغزو بلادهم عقب تلك الغارة الجوية وهي البلد الوحيد الذي تم تجربة القنبلة الذرية مرتين علي أرضه. وكذلك هو البلد الوحيد الذي تتفشي فيه منذ عقود ظاهرة إغتصاب الفتيات من قبل الجنود الأمريكيين المتمركزين علي أرضه رغم أن كل دول التحالف الغربي الأخري بها أمثال هذه القواعد التي تغص بالجنود الأمريكيين. وهو علي ما يبدو قرينة علي عدم تمتع اليابان في عيون الأمريكيين بمركز الشريك المتكافئ.

 

وبذلك أصبح الغرب يشمل العالم الأول الصناعي الذي يحتفظ وحده بثلاثة أصوات فيتو في مجلس الأمن وله مجتمع أكبر ترسانة عسكرية شهدها التاريخ الإنساني مؤيدة بمؤسسة مالية ومصرفية تتحكم في كل اقتصاديات العالم عن طريق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تساندها آلة إعلامية هائلة ‏ تقوم وحدها بتغطية كل أحداث العالم عن طريق وكالات الأنباء الغربية وشبكات التليفزيون وحديثا الانترنت الأمريكي. وهي التي تحدد ماذا بعرف المواطن العالمي  ومتي يعرف وبأي أسلوب!!

 وأحدث من كل ذلك إمكانية  الاطلاع علي أفكار الناس في كل العالم  عن طريق تويتر وفيس بوك..

 

 

هذا هو الغرب..

سوريا واهداف التدخل الروسي

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

بدأت الامور تتوضح وتتكشف اكثر فأكثر في سوريا  منذ بدء التدخل الروسي العلني بطيرانه ضد مواقع المعارضة السورية بما فيها الجيش الحر .

إذ ان هذا التدخل الروسي يختلف تماماً في نظرته واهدافه عن اسلوب التدخل الإيراني العشوائي الطائفي المذهبي في سوريا .

والفرق ان روسيا دولة كبرى نظامية مستقلة تعمل على حل الأزمة السورية بالتوافق والتفاهم مع الغرب للبقاء على سوريا موحدة بإعادة بناءها وفق نظام الدولة التي قد ينفرط عقدها الى دويلات عدة من جراء الحرب القائمة فيها  لتصبح مقراً للإرهاب العالمي  فيما لو اطيح سريعاً بالأسد الذي لم يقترح بديل له من قبل الدول الكبرى حتى الآن مع إصرار روسيا على وجوده  . خاصة وان عناصر إرهابية قد تجمعت في سوريا من مختلف انحاء العالم ومن روسيا و البلدان الإسلامية المحيطة بها ومن افغانستان والعراق بتشجيع وتمويل من إيران معظم الأحيان  لسؤ تدبير وقصر نظرحكامها بتدخلهم فيما لايعنيهم او يفيدهم حاضرا اومستقبلاً .

إذ أن إيران تهدف من هذا التدخل بالشأن السوري  والإستقطاب المليشيوي الإرهابي التكفيري الى دعم الرئيس  السوري تحديداً بتشابه مع نظامها  ،لان نظامها"ثوري "وفق تعريفها قائم على المليشيات المسلحة التي تعتبرها أفضل من الجيش النظامي في التحرك والمرونة والإنتشار  عند الضرورة ، فكان لديها الحرس الثوري والباسيج وتنظيمات أخرى بأسماء مختلفة ، تفوق قوتها ونفوذها قوة الجيش ونفوذه ، دعماً للنظام في قمع اي تظاهرة  ضده او اي تحرك للمعارضة داخل البلاد .

وقد اتخذت إيران من النظام المليشياوي المذهبي  الذي رسخته في العراق ، نسخة عن نظامها بكل سلبياته إنموذجاً لتطبيقه في سوريا رغم كل مافيه من مآىس للشعب العراقي والإيراني ، إلا انه كان ملائماً بالنسبة اليها وفق مفهومها  بما انه يتيح لها التدخل والنفوذ من خلال هذه المليشيات  التي خلفتها فيه وأعاثت فساداً ولاتزال  في ارض العراق اثناء الإحتلال الاميركي وبعده .

وبالمقارنة بين احداث سوريا والعراق فإنا نلحظ الفرق في النظرة والأسلوب بين اميركا وروسيا .

فاميركا شجعت إيران ودعمتها عسكرياً اثناء غزوها للعراق على بناء نظام مليشياوي طائفي مذهبي عنصري إرهابي لتسهيل تقسيمه مذهبياً وعرقياً ، لذلك فإنه لازال في فوضى وتراجع غير مستقر منذ العام 2003 وحتى الآن رغم إنسحاب اميركا منه في العام 2011 لتبقى المليشيات المذهبية الموالية لإيران تعيث فساداً فيه بما يعيق نهوضه ونموه بما ادى الى انتفاضة شيعية ترجمت باسابيع من التظاهرات في بغداد ضد إيران  داعية الى رفع الهيمنة الإيرانية ومليشياتها عنه محملة المسؤولية الى طهران بكل ماحل في العراق من فوضى وتخلف وإرهاب وفقر وتقسيم .

بينما روسيا في تدخلها في سوريا ، المغاير عن التدخل الاميركي في العراق ، فإنما تهدف الى اعادة بناء الدولة على أسس وطنية بعيدة عن الطائفية والمذهبية لانها الطريقة الوحيدة ، وفق تصريحاتها ، للمحافظة على وحدة سوريا ارضا"وشعباً ومؤسسات ،رغم تفتت كل شيء ،  مصرة على موقفها هذا لئلا تتكرر التجربة الليبية والعراقية  في سوريا بما فيها من تفتت وانقسام وفوضى منذ سنوات وحتى الآن .

ومن هنا كان الإفتراق في النظرة بين اميركا وروسيا في الشأن السوري والعربي بشكل عام .

إذ ان اميركا بتشجعيها المليشيات التكفيرية في العراق وسوريا قياساً على تشجيعها تنظيم القاعدة في وقت ما ورعايته ، إنما تسعى الى تفتيت كل من ليبيا والعراق واليمن وسوريا وليبيا وسائر العالم العربي ، وفق ممارساتها والمخططات التي سبق ان نشرت في الصحافة الغربية ، على اسس طائفية ومذهبية وعنصرية دعماً للعنصرية الإسرائيلية الطائفية ، بما يتلائم ومصالحها الإقتصادية المستقبلية ومصالح الصهيونية العالمية وإسرائيل .

 وبذلك تلتقي النظرة الاميركية مع نظرة  ايران في التقسيم والتفتيت للدول العربية وإن اختلفت المرامي والاهداف  . من اجل هذا تحالفت واشنطن مع طهران وتعاونتا عند غزوالعراق العربي في العام 2003 لتختطفه وتسلمه فيما بعد لإيران الفارسية ، كما سبق ان فعلت بريطانيا بفلسطين وسلمتها لليهود ،  لاتمام المشروع الأميركي التقسيمي فيه ، حيث لازالت واشنطن على دعمها لإيران  من اجل هذا الهدف مع تواجد قوى اميركية باسلحتها الثقيلة  وطائراتها في بغداد لدعم وإتمام المشروع التقسيمي المذهبي الإيراني العنصري العرقي  للعراق بشكل فوضوي بتهجير المسلمين  السنة من مناطق الى اخرى لتغيير ديمغرافية بعض المدن والقرى لصالح المليشيات الشيعية الموالية لإيران  بما يؤدي الى مزيد من المآسي للشعب العراقي بكل طوائفه لان هذا التسيب  وهذه المخططات لامعنى لها مطلقاً في بناء الحضارة والإنسان او بناء العراق سوى العدوان الأميركي وعنهجيته وقصر نظر حكام إيران الذي يحاولون باعمالهم تلك تقربهم من اميركا لتعترف بهم كدولة عظمى وفق تصريحاتهم الطفولية المتكررة .

وقد غاب عن رجال الدين الفرس  ان الدول العظمى تبنى  باقتصادها وقوة نقدها قبل سلاحها وعسكرها وهذا ماتفقتر اليه إيران ، علماً انها الأكثر تضررا على الإطلاق مما يجري في العراق وسوريا .ولكن بما ان نظامها نظام ديكتاتوري لامكان فيه للإصلاح اوالنقد ، فإنها عاجزة عن تبيان الصواب  من الخطاً في سياساتها الداخلية والخارجية بما انها نظام شمولي قائم على حكم الفرد المعصوم الذي يستمد حكمه وسلطاته من الإلهام الإلهي الغيبي  ، في نظرة ظلامية عفى عليها الزمن ، نابعة من القرون الوسطى لم يعرفها الإسلام . وعليه فإنه نظام لا يقبل اي نقد او نقاش او  إصلاح .

ومن هنا التباين والإفتراق ايضا بين النظرة الروسية والإيرانية الى الأزمة السورية . إذ ان إيران تريد تطبيق كل سلبيات العراق على سوريا ،  فبدلاً من ان تعمد الى تقوية الجيش السوري ودعمه بالأعتدة والسلاح وإقرار اصلاحات دستورية تتيح المشاركة لكل الأطياف السياسية في سوريا على اسس ديمقراطية عادلة لاتاحة الإستمرار  للنظام ، فإنها عمدت الى عكس ذلك تماماً .

إذ انها حرضت الأسد وأعانته على استعمال اقصى حالات العنف المسلح ضد التظاهرات السلمية التي  انطلقت من مدينة سوريّة في ربيع العام 2011 ، التي حاول الرئيس الأسد احتواءها مع تغييرات إدارية وعسكرية إرضاء للمتظاهرين  ، إلا ان النفوذ الإيراني في البلاد الذي كان قد تغلغل في سوريا منذ العام 2000 عطل كل جهود الأسد  في استيعاب مطالب المتظاهرين مع انتصار الفريق الإيراني في البلاد على محاولته رأب الصدع بحيث سقط في مستنقع الفوضى الطائفية باعمال القمع المذهبي من طائفته التي جندتهم إيران بسخاء اموالها بحيث زاد تورطه في إرهاب الشعب وقمعه بما لاحاجة له فيه  .

وبالطبع فإن هذا التجاهل الإيراني الذي انعكس انهياراً في النظام الأسدي كان لابد من ان يواجه من بعض العقلاء من داخل النظام بمحاولات تصحيحية إصلاحية ، ردت عليها إيران التي اصبحت لها الكلمة الاولى في البلاد مع تعاظم نفوذها ، بعلميات تصفية جسدية لكل معارض لتدخلها في سوريا . فكان اغتيال كل اعضاء خلية الأزمة من صناع القرار  المقربين من الاسد وغيرهم ، وبذلك سقطت سوريا في حضن إيران بما في ذلك من فوضى وإرهاب وجهل .

هذه الاسلوب الإيراني القائم على القوة والإرهاب  في معالجة الأزمة السورية لايتطابق والنظرة الروسية التي عرضناها آنفاً .لذا فإن الرئيس الاسد مع تصاعد سيطرة المعارضة العسكري ووصولهم  الى مشارف دمشق جعله يتخلى عن الحماية الإيرانية وينحاز الى الروس ودعوتهم للدخول الى سوريا وفق معاهدة الدفاع المشترك بينهما للدفاع عنه وعن النظام ، بما سهل مجيئهم بطائراتهم ودباباتهم وجيوشهم واساطيلهم وتوسيع قاعدتهم العسكرية البحرية على الساحل السوري لتقوم الطائرات الروسية اعتباراً من اول تشرين الاول / اكتوبر 2015 بقصف كل مواقع المعارضة بما فيه الجيش الحر تمهيداً لفرض رأيهم في إخراج سوريا من مأزقها بالمحافظة على وحدة اراضيها ونظامها ، وإن كان ذلك قد اضحى متعذراً مع اعتراف واشنطن بدولة داعش في آب من العام 2014 ورسم حدودها بين سوريا والعراق ، ومع ذلك فإنها تتعرض للقصف من اميركا وحلفائها مع اصرار هذه  التنظيم التكفيري على التمدد خارج حدودها نحو الأكراد بما يتعارض مع مصلحة اميركا .

 إلا أن روسيا تهدف وتسعى آنياً الى الحفاظ على وحدة ماتبقى من سلطة للنظام للحفاظ على الإستمرار في دفع الرواتب والأجور للموظفين في كل انحاء سوريا وتوزيع الدقيق و الكهرباء والمياه وجميع خدمات الدولة .لان انفراط عقد الدولة قد يؤدي الى انهيار كل المؤسسات والإدارة مما يزيد من الفوضى والهجرة كما حصل في العراق وليبيا ، وفق رأيها .

لذا فإن التدخل الروسي كان مشروطاً على الأسد بإطلاق يد روسيا في الإصلاحات التي تؤدي الى الإبقاء عليه في منصبه ، وقد اقترب الخطر منه كثيراً مع عجز إيران ومليشياتها عن وقفه على مدى اربع سنوات كاملة .

وقد وافق الأسد ، مكرهاً اخاك لابطل ، على كل الشروط الروسية مقابل النجاة بنفسه إذ لم يعد له من خلاص للخروج من هذا المأزق الذي ورطته فيه إيران مع فشلها المتنامي في سوريا بما زاد من تمزيقها وتصاعد الإرهاب فيها .

وعليه فقد اشترطت روسيا انهاء كل المليشيات الطائفية والمذهبية التي شكتلها إيران في وقت سابق لانها سبب تفاقم الأزمة السورية  وتصاعدها ، إذ لم يكن من حاجة لها او ضرورة مع وجود الجيش السوري النظامي ،كمدخل لإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا .

وذلك ضروري لتحسين صورة الأسد  امام العرب لانهاء الازمة والتفاوض بوجوده في السلطة في حال انهى النفوذ الإيراني في سوريا ،  بما يتيح للروس فيما بعدم باجتثاث تنظيم داعش والقضاء عليه بتصفية قياداته بما يحد من النفوذ الأميركي والإيراني في المنطقة ، على أن  يتم توطين عناصره في سوريا والعراق  لاستحالة إعادة معظمهم الى بلدانهم التي ترفض عودتهم يما يحملون من افكار  إرهابية خطيرة على انظمتهم ، خاصة العناصر الروسية والشيشانيىة والأفغانية .

لذا عمدت روسيا من قبل البدء في قصفها للمعارضة بكل أطيافها واتجاهاتها دون تمييز  الى إحلال قوة روسية مدرعة ومجوقلة في القصر الجمهوري في دمشق  بديلاً عن القوة الإيرانية من الحرس الثوري التي استبعدها  الأسد نهائياً عن القصر بعد ان بدأ يتوجس خيفة منها مع استبعادها للقوة السورية التي كانت حول القصر من الحرس الجمهوري وضباطه في إجازات مفتوحة .

 ومن ثم الطلب الى إيران الخروج من الساحل السوري وحل اربعة عشر مليشيا مذهبية شكلها الحرس الثوري من "الشبيحة "  لتكون رديفاً للجيش السوري بدءاً، ثم لتحل محله مع انفراط عقده وتعاظم تسليحها بحيث لامسؤولية عن اعمالها في كل ماترتكبه من جرائم ومجازر وتصفيات مذهبية وطائفية واعمال تهجير بإشراف وتوجيه إيراني .

وقد استقبلت المناطق الساحلية العلوية طلب الاسد بحل هذه المليشيات بفرح ظاهر ، إذ كان الحرس الثوري يعامل هذه المناطق الموالية للاسد بقسوة بالغة بفرض التجنيد الإجباري المليشيوي عليهم ودفع ابنائها المجندين  للمواقع الأمامية دعماً لمليشياتها المذهبية العراقية واللبنانية في سوريا مما اثار سخط العلويين .

وقد كان الاسد من قبل دخول القوات الروسية عاجزاً عن مد يد المساعدة اليهم او نجدتهم و الدفاع عنهم امام الغطرسة الإيرانية مع هيمنتها على كل مرافق الدولة في سوريا بما يشبه الإحتلال . لذا فإن سكان المناطق الساحلية استقبلوا التوسع الروسي  استقبال الفاتحين بفرح ظاهر لتخلصهم من التجنيد الإيراني الإجباري بما دفعهم لتمزيق صور القيادات الإيرانية التي كانت في مناطقهم  وإغلاق كل مكاتب الحرس الثوري وتلك الموالية لإيران تحت عناوين مختلفة في الساحل وطردهم منها وتعليق صور الأسد وبوتين مكانها ، ليعود الأمر الى ماكان عليه قبل تولي بشار الاسد السلطة . وبذلك تناقصت توابيت الموت التي كانت تفد يومياً الى  اللاذقية وطرطوس والقرى المحيط بهما الى حد كبير .

هذا الدخول الروسي ومانتج منه من استبعاد للنفوذ الإيراني  دفع اللواء حسين همداني قائد الحرس الثوري الإيراني  في سوريا الى الطلب من حزب الله ومن المليشات التي شكلها الى مقاومة الإحتلال الروسي وطرده من سوريا في بيان علني ، مما اغضب الرئيس الأسد واحرج القيادة الإيرانية التي ارسلت خلف همداني ، الا انه ظل على موقفه لايتزحزح ، مما دفع القيادة الإيرانية الى التخلص منه سريعاً لرأب الصدع مع بشار الأسد والروس خوفاً من إخراجهم نهائيا من سوريا واستبعادهم من اي حل يطرح بالشأن السوري .

لذا فإن التدخل الروسي هو محاولة من موسكو لتسويق   مشروعها  في الشأن السوري الذي كانت تنادي به منذ سنوات لإنهاء الأزمة وتحاول اليوم فرضه عسكريا بتغيير موازين القوى على الأرض بعد ان عجزت عن تسويقه  ديبلوماسياً بالحوار مع اميركا والأطراف المتحاربة والذي يقتضي القضاء على كل المليشات والمعارضات في سوريا للجلوس على الطاولة والقبول بالطرح الروسي على ان يبحث مصير الأسد فيما بعد .

إلا ان وجود الأسد على راس السلطة هو العقبة الكأداء الوحيدة امام القبول بالطرح الروسي ، من قبل الغرب والعرب ، لتمسك موسكو  به ولو لفترة مؤقتة ، لأن جميع الأطراف ترفض ان يكون جزءاً من الحل .. وهنا العقدة .

بينما تعتقد روسيا وتصر انه لامجال للحل إلا بوجود الأسد، ولو في مراحل الحل المؤقت  الى ان يستقر الوضع ، ليصبح بالإمكان بعدها إجراء انتخابات على كامل الأراضي السورية تحت سلطة الدولة الموحدة بإشراف دولي أممي لانتخاب رئيس جديد ووضع دستور مقبول من كل الاطراف  .


(1) ?They shoot horses, don't they

$
0
0

They shoot horses, don't they? - 1

 

في عام 1974 شهدت  عرض فيلم أمريكي إسمه "إنهم يقتلون الجياد، أليس كذلك؟"

?They shoot horses, don't they

 من بطولة جين فوندا ومايكل سارازان. وقد ذهبت أسرتنا المكونة من خمس أفراد لحضور هذا الفيلم الذي لا أزال أذكر مشاهد منه رغم غرابة قصته علي عقلي في ذلك السن.

تدور أحداث الفيلم في بداية ثلاثينات القرن العشرين في خضم الأزمة الإقتصادية التي عصفت بجميع الطبقات في الولايات المتحدة أثناء حكم المهندس هربرت هوفر (يناير 1929 - يناير 1933).

والواقع أنني لم أفهم أيامها كثيرا من هذا الفيلم  وفي طريق العودة للمنزل قام أبي بشرح مختصر لأحداث الفيلم التي كانت عبارة عن مسابقة للرقص لأطول مدة ممكنة وكانت هذه الطريقة منتشرة في ذلك الوقت للحصول علي المال عن طريق جائزة مالية للفائز عرفت فيما بعد أنها كانت تبلغ 500 دولار. فالمال كان شحيحا جدا والبطالة كانت واسعة الإنتشار والكساد تسبب في فقدان كثيرين جدا لأعمالهم ووظائفهم. إنه فيلم سياسي أذكر منه أن البطلين كلما حاولا أن يستريحا إستيقظا علي صوت منفر لصفارة مزعجة للغاية تعلن بدء الرقص من جديد وفي النهاية قام سارازان بقتل زميلته في الرقص جين فوندا رأفة بها ثم نطق عبارته الشهيرة متسائلا عن سبب القبض عليه، حيث أنهم يقتلون الجياد عندما تصبح عاجزة عن العمل، أي أنه قام بقتلها برصاصة الرحمة لأنه أراد إراحتها من عجزها أمام تحديات الحياة..

فكرة صعبة بالطبع علي فهم صبي في الخامسة عشرة من عمره..

وهذه الحادثة تذكرتها أمس عندما وقع في يدي كتاب يصف حال المجتمع الأمريكي أثناء تلك الفترة العصيبة والتي كادت أن تدفع بالبلاد إلي حرب أهلية حقيقية لولا أن الرئيس التالي للرئيس المهندس هوفر، وكان حقوقيا هو روزفلت، قد تقدم للإقتصاد والتشريع بباقة من الإجراءات والقوانين سماها هو في خطابه أثناء الحملة الإنتخابية في صيف عام 1932 الصفقة الجديدة أو إعادة التوزيع New Dealومن يومها دخلت التاريخ باعتبارها فتحا في عالم الفكر الإقتصادي وظلت تحمل هذا الإسم إلي اليوم.

ولفظ New Deal  يعني إلي جانب الصفقة الجديدة أو الإتفاق الجديد التوزيع من جديد حيث أن كلمة Deal  تعني في لعب الكوتشينة توزيع الأوراق.

 

بداية الأزمة

خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الأولي عام 1918 منتصرة بل وبصفتها الطرف الأساسي الفاعل في إنتصار التحالف البريطاني الفرنسي علي المانيا والنمسا حيث أن قوتها العسكرية الضاربة في العدد والعتاد كانت عاملا حاسما في طلب الإستسلام من جانب المانيا. وقد أعطي هذا النصر الأمريكيين نوعا من الإقتناع بأن كل ما يريده المرء يمكن تحقيقه وأنه لا يوجد مستحيل علي الإرادة القوية والتخطيط السليم. وهذه بالفعل حقائق راسخة ولكن هناك حدود لعملها.

فالنجاح الإقتصادي والنمو السنوي لا يمكن أن يكون بلا نهاية. ولكن هذه الحقيقة كانت غائبة عن الفكر الجمعي الأمريكي في تلك الفترة حيث إعتقد معظم الأمريكيين أن نمو الإقتصاد لن يوقفه واقف.

وهكذا إتجهت كثير من الشركات إلي قيد نفسها في البورصة لتستطيع جمع النقد اللازم لنموها. وكان أن تحولت البورصة إلي مكان لقاء كل طبقات المجتمع من الطامعين والطامحين في نصيب من هذا المنجم الغير منتهي من المال. وهكذا سرت بين المواطنين حمي المضاربة في البورصة مهما كان الوضع الإجتماعي والإقتصادي لهم حيث عمت فكرة تري أن حركة اسعار الاسهم في البورصة لا تعرف إلا  طريقا واحدا هو لأعلي.وبالتالي كان كثيرون يقترضون حتي يضعوا الأموال المقترضة في مضاربات البورصة أملا في الربح الكبير. بل أن صغار الموظفين كانوا يختلسون من العهدة التي يحملونها لكي يضاربوا بهذه الأموال في البورصة بسرعة ثم يعيدون أصل المال المختلس قبل أن يلاحظ صاحب العمل ذلك حيث أن تصاعد الأسهم كان سريعا يسبق مواعيد الجرد المعروفة !! إلي هذا الحد بلغ الإقتناع بقدرة البورصة علي خلق الارباح..

 وكانت القوانين السائدة تسمح بالشراء دون تغطية كامل الثمن بل كان يكفي فقط مجرد 10% من الصفقة لكي تتم. ولذلك فقد أصبحت مكاتب السمسرة في البورصة أكثر كثيرا من محلات بيع الخبز وكانت الإغراءات كبيرة بحيث بدا لمن ينظر من الخارج أن الولايات المتحدة بأسرها تمارس هذه اللعبة التي كانوا يرونها مضمونة.!!

?(2) They shoot horses, don't they

$
0
0

وكان النمو الإقتصادي الغير مسبوق في التاريخ الإنساني سرعة وحجما واتساعا والذي أعقب الحرب الأهلية الأمريكية قد أدي إلي ظهور نمط من حياة الناس في المدن جعل الفرد العامل يتمني أن يمتلك شقته أو منزله الصغير مما أدخل كثيرا من هؤلاء الموظفين في عقود رهن عقاري مع البنوك بقصد تمويل شراء المسكن الخاص بهذه الأسر الغير موسرة.

حتي أن الرئيس الجديد الذي بدأ رئاسته في يناير 1929 أي قبل هذه الأزمة بتسعة شهور كاملة إختار لحملته شعارا يناسب تلك الروح المستشرية بين الأمريكيين حيث كان شعاره

 "إن الرخاء في متناول أيدينا"   Prosperity is right around the cornerوهو ما قام كثيرون بتصديقه وتخطيط حياتهم تأسيسا عليه.

وكان هذا الرئيس الجمهوري قد فاز بمنصب الرئاسة في إنتخابات عام 1928  ضد مرشح ديموقراطي كاثوليكي من نيويورك هو آل سميث الذي كان ينتمي إلي طبقة المعدمين الفقراء ممن لم يتلقوا تعليما بسبب الفقر ولكنه حصل علي ترشيح الحزب الديموقراطي وخاض حملة إنتخابية ضد المرشح الجمهوري الأوفر حظا ومالا والذي حوّل الأمر ليبدو علي أنه صراع بين الكاثوليك والبروتستانت.

 

ضربت الأزمة الإقتصادية الولايات المتحدة في مقتل، إذ تسبب جشع المضاربين في بورصة نيويورك في هبوط الاسهم بالطريقة المتسارعة التي وقعت في ذلك اليوم المشئوم من شهر أكتوبر عام 1929 تسبب في تحول عدد كبير من الشركات المساهمة إلي شركات غير جديرة بالإقراض وبالتالي طالبت البنوك فجأة عددا كبيرا من الشركات بإرجاع القروض التي كانت قد حصلت عليها مما أساء كثيرا لمركز كل من المقرض والمقترض. فالسوق المالي يعتمد في حياته علي الثقة ويخشي المخاطرة.

وبسبب فقدان القروض أو إستحالة الحصول علي المزيد منها أخلت الشركات الصناعية الكبري والصغيرة سبيل ملايين العمال بالفصل الفورى مما زاد عدد العاطلين زيادة كبيرة وذلك في ظل غياب أي مظلة تأمينية تغطي تلك الحالات. بل وفي ظل غياب تشريع ينظم عمل النقابات والإتحادات العمالية التي كان أصحاب الأعمال ينظرون إليها علي أنها شر يضر ولا يفيد وبالتالي كانوا يسعون بكل جهد لمنع صدور مثل تلك التشريعات.

فلما وقع إنهيار البورصة بسبب جشع بعض المضاربين (عائلة ويتني بالتحديد) وفصل مئات الآلاف من الموظفين والعمال عجزوا عن دفع أقساط القرض العقاري فقامت البنوك بالإستيلاء علي تلك العقارات بغرض بيعها في مزاد علني لاستيفاء القروض مما نتج عنه طرد الآلاف من منازلهم وبقاؤهم في الشارع بلا مأوي. وهكذا نشأت في كثير من المدن الأمريكية ملاجىء من الكرتون والصفيح والخيام لإيواء هؤلاء الموظفين السابقين ممن عجزوا عن سداد ديونهم للبنوك وقد أسماها الناس سخرية وتهكما Hoovervillesاي قري هوفر نسبة إلي الرئيس الأمريكي الموجود وقتها هربرت هوفر.

وبديهي أن خروج الآلاف من وظائفهم فجأة وبصورة جماعية ينتج إنهيارا في حجم المال المتاح في أيدي الكتل البشرية مما يتسبب في كساد كبير تعاني منه الشركات الصناعية حيث توقف الطلب علي منتجاتها أو كاد أن يتوقف لعدم وجود مشترين.

وقد بلغ حجم الثروات التي تم تبخرها في إنهيار البورصة الأمريكية في نيويورك خلال تلك الأزمة إلي 30 مليار دولار أي ما يساوي  850 مليار دولار بأسعار زماننا هذا.

وهكذا دخلت البلاد في حالة من الخمود الإقتصادي لا يتحرك فيها لا منتج ولا مستهلك، إنه الكساد الكبير

Great Depression  أما في الريف والمناطق القروية فقد أدي فقدان القوة الشرائية المتاحة للمستهلك إلي هبوط أسعار الحاصلات الزراعية التي اراد المزارعون أن يتخلصوا منها بأي سعر قبل أن تتعرض للتلف والهلاك مما جعل بعضهم يعرضها بنصف الثمن الأصلي ومع ذلك فشل كثيرون في إجراء البيع.

والآن لابد من دراسة الخطر السياسي والإجتماعي المصاحب لهذه الحالة الإقتصادية النادرة في التاريخ.

لقد أصبح الوضع علي درجة هائلة من الخطورة. فالمساكن التي أخلاها ملاكها المقترضون لم يمكن بيعها في المزاد العلني بالسعر الذي يعوض المقرض عما أقرضه. وبالتالي ظل كثير منها خاويا لا سكان فيه ولكنه لا يباع ولا يؤجر لغياب القوة الشرائية.

والمواد الغذائية التي اصبح سعرها رخيصا للغاية حتي هبط إلي اقل من النصف أصبح تخزينها عبئا علي المزارعين الغير قادرين علي بيعها وهم أيضا من المقترضين من البنوك وليس لهم قدرة علي السداد. وبذلك وضعت البنوك يدها علي الاراضي الزراعية المملوكة لهؤلاء الفلاحين تمهيدا لبيعها. ولكن البيع ايضا لم يتم بسبب عدم توافر النقد اللازم للشراء.

وبدأ بعض المزارعين في التخلص من الحاصلات الزراعية بإلقائها في الأنهار أو حتي علي قارعة الطريق حتي لا يتكبدوا مصاريف تخزينها وحراستها وهم علي كل حال كانوا في طريقهم لترك الاراضي بسبب المديونية.

وهكذا أصبحت المساكن والمواد الغذائية متوافرة ولكنها غير داخلة في أي دورة إقتصادية !!

وبينما لا يجد كثيرون مساكن ويبيتون في خيام وعشش كرتون وصفيح كانت المساكن تقف خالية غير مأهولة (تكررت هذه الظاهرة من جديد عقب أزمة العقارات عام 2008 حتي أنه قد نشأ نشاط تجاري جديد يقوم علي السماح للراغبين في سكني هذه العقارات بالإقامة فيها بسعر زهيد لمجرد ألا تغلق وتتأثر حالتها من جراء هذا الإغلاق).

 وبينما لا يجد كثيرون طعاما بسبب قلة مواردهم كان المزارعون يلقون بإنتاجهم من الطعام في القمامة.

كذلك فإنه بينما يرتدي الفقراء أسمالا بالية وخرقا مهلهلة كانت مخازن المتاجر ممتلئة بالملابس الجديدة التي لا تجد من يشتريها !!

وهذا التناقض الصارخ هو الوجه السييء للرأسمالية التي تنهض علي تبادل السلع وتحركها بين الايدي وتتحطم إذا توقفت هذه المبادلات.

وهو وضع كان يبشر بفشل كبير وشلل شبه كامل للحياة الإقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.

ولم يجد أحد حلا لهذه المعضلة حيث أن الإنتاج كان ينتظر الطلب بينما الطلب غير موجود.

وكان الرئيس الموجود وقتها هو المهندس هربرت هوفر الذي كان مهندس مناجم ناجح ومدير مشروع متميز ووزير إقتصاد ولكنه لم يكن يمتلك الجرأة والمقدرة علي الخروج بفكره عن حدود المالوف فلم يكن عهده سوي سلسلة من الإخفاقات.

وقد جاء رد الرئيس هوفر علي أحداث البورصة وما تبعها من زلزال إقتصادي ردا فاترا إذ أنه لم يغير موقفه القائل بأنه يثق كل الثقة في الإقتصاد الأمريكي وأنه يعلم أنه سوف يخرج قريبا من عثرته المؤقتة وهو كلام لا ينم إلا عن عقل غير واع بحجم المشكلة التي كانت الولايات المتحدة تقف بكل هذه الموارد عاجزة أمامها. فالمشكلة لم تكن كامنة في قدرة الولايات المتحدة وإنما في النظم القانونية والمالية التي كانت سارية فيها. وكما عرفنا فقد كان الإنتاج يكفي ويفيض ولكن التوزيع كان سيئا للغاية. وهذه المشكلة لا تحل بمعسول الكلمات وإنما بتشريعات تغير من الوضع وتحرك السوق الراكد. وهذا ما عجز عنه هوفر. فقد هبط إنتاج الحديد مثلا إلي 10% من نسبته العادية وهو العنصر الذي يدخل تقريبا في كل الصناعات. إلا أن هذه المؤشرات لم تنتج أي أثر يذكر علي نهج الرئيس هوفر.

بيد أنه إتخذ في عام 1930 قرارا باسترداد القروض التي كانت الولايات المتحدة قد وفرتها لجمهورية ألمانيا وبذلك وجد البنك المركزي الألماني نفسه مضطرا إلي سداد 14 مليار دولار فجأة (أكثر من 400 مليار دولار باسعار اليوم) وهو ما أثر بشدة علي مركز ألمانيا المالي إلي درجة أن كثير من المؤرخين يذهبون إلي أن سحب تلك الأموال من السوق الألماني كان سببا مباشرا في النتيجة الهائلة التي حققها حزب العمال الالماني القومي الإشتراكي (حزب هتلر) بسبب إرتفاع البطالة في ألمانيا نتيجة قرار الرئيس هوفر، (بلغت نسبة البطالة في ألمانيا في تلك الفترة حوالي 25% من القوي العاملة وهي تقريبا نفس النسبة التي كانت موجودة في الولايات المتحدة، ذلك أن إقتصاد ألمانيا تأثر كثيرا بأزمة الولايات المتحدة).

كذلك وقع في تلك الفترة من حكم الرئيس هورفر أن إحتشد حوالي 15 ألف شخص من بينهم زوجات وأطفال العاملين السابقين في القوات المسلحة ممن خدموا في الحرب الأولي ووعدتهم القوات المسلحة بصرف مكافآت لهم ولكنها لم توف بالوعد. فلما وقعت الأزمة أرادوا الحصول علي تلك المكافآت لكي تعينهم علي مشاق الحياة ولكن القوات المسلحة رفضت وكذلك رفض الكونجرس أن يصدر قانونا يسمح بالصرف لهم. ولذلك تجمهروا أمام مبني الكابيتول في واشنطن في خيام نصبوها مطالبين بالصرف.

 

وبعد فشل عدد من المحاولات لإثنائهم عن عزمهم إستدعي الرئيس هوفر قوات الجيش (رغم أن ذلك ممنوع بمقتضي Posse Comitatus Actالذي يحظر إستعمال القوات المسلحة داخل الولايات المتحدة لأغراض حفظ النظام. وكان سبب ذلك هو التخوف الكبير من وقوع إتقلاب شيوعي أو إقتحام لمبني الكابيتول (الكونجرس) وكان من المناظر التي لا تنسي منظر طفل يختنق من دخان القنابل وطفل آخر ضرب بالسونكي في ساقه لأنه أراد إحضار لعبة الدب القماش (تيدي بير) من خيمة والديه أثناء إطلاق النار من قوات الخيالة والدبابات التي أرسلها هوفر.

They shoot horses, don't they ?3

$
0
0

 

الآثار السياسية

والآن لابد أن ندقق النظر فيما كان عليه الحال السياسي للبلاد.

تقوم الفكرة الشيوعية علي مبدأ أن كل ياخذ علي قدر إحتياجه بحيث تكفي الموارد الجميع ولا يحدث تراكم للثروة في أيدي طبقة أو أفراد بعينهم. وهي فكرة تبدو جذابة لغاية قبل أن تطبق، أما تطبيقها فقد أثبتت الأحداث التاريخية أنه لا يحقق إلا نتائج مدمرة للإنسان وللموارد وللعقول.

ولكن في بداية ثلاثينات القرن العشرين لم تكن هذه المعارف متوافرة للبشرية فكانت الشيوعية تمثل أملا للإنسانية تعبر من خلاله إلي العدالة والسلام.

والولايات المتحدة لم تكن بمعزل عن العالم الخارجي في ذلك الوقت إذ أن بها طبقة كبيرة من المثقفين المرتبطين بالأحداث العالمية والعارفين بما يجري في الدول البعيدة والقريبة علي السواء.

وهكذا بدأت حركة شيوعية يقودها الحزب الشيوعي الأمريكي في التكوين داخل الولايات المتحدة تنادي بنفس ما ينادي به الشيوعيون في بلاد مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا بل والإتحاد السوفيتي. وفي ظل هذا الخلل الهائل بين المستهلك الذي لا يستطيع الشراء والمنتج الذي لا يستطيع البيع كانت الشيوعية قد بدأت تصبح جذابة لكثير من الأمريكيين الذين إكتووا بنار الأزمة الخانقة التي عرفنا كيف نشأت وماذا كان أثرها عليهم.

ولما كانت أعراض الأزمة بادية للعيان، وهي سوء توزيع الثروة في الولايات المتحدة رغم تمتع هذه الدولة بكافة الموارد التي يعرفها البشر، فقد كان الإستنتاج المنطقي للمواطن الأمريكي البسيط هو أن الراسمالية قد فشلت وأن الشيوعية قد تطرح حلا لمشكلته. !!

وهنا بالتحديد يكمن فضل فرانكلين روزفلت وقوانينه الجديدة، في تحاشي حرب أهلية في الولايات المتحدة بين التيار المحافظ التقليدي والفكر أن الشيوعية فيها مخرج من المحنة.

وفرانكلين روزفلت كان في فترة بداية الأزمة حاكم ولاية نيويورك وكان من خلال العمل الإجتماعي لزوجته إليانور قد توصل إلي فهم أكثر وعيا بأبعاد الأزمة حيث أنها كانت تقوم بزيارات دورية للعائلات المتضررة من البطالة ولسكان الخيام والعشش الصفيح ممن فقدوا منازلهم سواء كانت ملكا أو إيجارا.

وفرانكلين روزفلت كان يمثل أملا للفقراء في الخروج من الأزمة الخانقة اللتي إستمرت تقريبا طوال عهد الرئيس هوفر. وقد أعلن أثناء الحملة الإنتخابية عن إلتزامه بصفقة جديدةNew Deal  لكل الأمريكيين لو أنه فاز بالرئاسة، وكان هذا الوعد سببا في نصر مزلزل لصالح روزفلت حيث حصل علي 23 مليون صوت مقابل 16 للمرشسح الجمهوري صاحب المنصب الرئاسي، هربرت هوفر.

والحديث حول النيو ديل قد لا تكفيه كتب ومجلدات ولكن هذه القوانين كانت باختصار تطبيقا للفكر الإقتصادي الذي نادي به المفكر البريطاني جون ماينارد كينز منذ نهاية الحرب العالمية الأولي. وهذا الفكر يري أن دور الدولة في الإقتصاد هو مما لا يمكن التساهل في أهميته ولا يمكن التنازل عن وجوده المستمر. فالدولة عامل أساسي ورئيسي في كل التعاملات الإقتصادية ليس فقط عن طرق فرض الضرائب وإنما عن طريق المساهمة الفعالة في الحياة الإقتصادية بالمشروعات الكبيرة مثلا أو بمنح القروض للمؤسسات الإقتصادية أو بأي طريق آخر قد لا ترضاه القواعد الإقتصادية التقليدية.

وهذا الخلاف بين المدرستين الفكريتين ربما لا يزال قائما حتي يومنا هذا. فما وقع في عام 2008 هو أوضح مثال علي عدم إنتهاء هذا الخلاف الفكري رغم مرور 80 عاما علي روزفلت وأيامه.

لاحظ روزفلت عن حق أن القدرة الإستهلاكية هي التي نحرك الإقتصاد وليس القدرة الإستثمارية، فوجود النقد في يد الأفراد هو ما يخلق حركة نقل البضائع وبالتالي هو ما يحفز المنتجين علي العمل وعلي مزيد من الإنتاج. وقد كانت مشكلة أمريكا الكبري في ذلك الوقت هي إنهيار الإنتاج بسبب إنخفاض الطلب علي المنتجات سواء كانت صناعية أو زراعية.

سياسة روزفلت الإقتصادية

وبالتالي كان الحل الذي إرتآه هو تسهيل حصول الكتل البشرية علي نقد متاح في أيديها لكي تبدأ دخول السوق مشترية لبضائع مما يحرك الركود ويعجل بإنهاء الأزمة. ولكن كيف يمكن الوصول إلي هذا الحال؟  

rulers of the exchange of mankind's goods have failed through their own stubbornness and their own incompetence, have admitted their failure, and have abdicated. Practices of the unscrupulous money changers stand indicted in the court of public opinion, rejected by the hearts and minds of men.

ان المسئولين عن عملية تبادل السلع بين الناس. قد اخفقوا بسبب عنادهم وعجزهم، وقد أدركوا ذلك وخرجوا ‏من مناصبهم.

أما الممارسات عديمة الضمير من جانب الهيئات المالية فقد ادانتها الجماهير في محكمة الرأي العام ورفضتها عقول وضمائر الناس.

 

هذه هي الكلمات التي اراد الرئيس الحقوقي أن يبدأ بها عهد حكمه في حفل تدشين حكمه وفي حضور الرئيس السابق هوفر  وهي موجهة لحكومة سلفه المهندس  وللبنوك وشركات المضاربة التي تسبب جشعها فيما وقعت فيه البلاد من أهوال إقتصادية واجتماعية اقتربت بها من حافة  الحرب الأهلية .وهو تشخيص صادق لحال الإقتصاد الأمريكي والمجتمع الأمريكي بصفة عامة في تلك الفترة.

وقد حضر الإحتفال نصف مليون أمريكي وسمعوا هذا التقريع من الرئيس الجديد للرئيس القديم.

والآن إلي الخطوات التي اتخذها في بداية رئاسته..

الخطوات العملية

تبدأ الفترات الرئاسية في العشرين من يناير أي عقب الإنتخابات بحوالي شهرين. وفي ذلك الزمان كان  عمل الرئيس يبدأ في مارس عقب أداء اليمين الدستورية. وقد بدأ روزفلت عمله وسط توقعات هائلة من الفقراء والمنتمين للطبقة المتوسطة التي أفقدتها الأزمة الإقتصادية تقريبا كل شىء كما رأينا. وقد كان صعوده للسلطة يمثل أملا للخروج من هذه الأزمة الإقتصادية الإجتماعية الأخلاقية التي كادت أن تفضي إلي حرب أهلية.

وكما يفعل كل رئيس عاقل يعيش بلدا له كيان منضبط فقد بدأ روزفلت بمجموعة من التشريعات التي مررها من الكونجرس بمجرد توليه الرئاسة.

وكان أولها قانون بتخفيض مرتبات كل العاملين في الدولة والقوات المسلحة بنسبة 15% وذلك دون إستثناءات. كذلك إستصدر من الكونجرس قانونا بخفض مخصصات الإدارات الحكومية جميعا بنسبة 25% حتي يتسني له توفير جزء من عوائد الضرائب يمكن توجيهه إلي تنفيذ خطط النيو ديل. وقد نتج عن هذين القانونين توفير مبلغ يعادل مليار دولار أي حوالي 30 مليار دولار بأسعار اليوم.

ثم أعقب ذلك بقوانين الإصلاح الإقتصادي التي تعددت مجالات عملها فمنها ما كانت طبيعته عمالية تنظم ساعات العمل وتحدد القدر الأدني من الأجور وتمنع عمل الأطفال ومنها ما كان ينشىء هيئة حكومية تتولي تمويل المشاريع القومية بأموال دافعي الضرائب ومنها ما كان يسمح بإنشاء النقابات العمالية المختلفة ويعطيها الشخصية القانونية التي تسمح لها بإجراء التفاوض مع أصحاب الأعمال.كما أنه إستصدر قانونا يجبر أصحاب الأعمال علي الإعتراف بالنقابات المهنية والتفاوض معها للتوصل إلي صيغة توافقية لحل خلافات العمل. وعلي صعيد الزراعة فقد إستصدر قانونا آخرا يسمح بدعم المزارعين بقدر معين حتي لا ينتجوا أكثر مما يمكنهم تسويقه وذلك حتي تمر الأزمة الإقتصادية التي خنقت المزارعين بالفائض من المحاصيل التي لا سوق لها.

وقد بلغ عدد القوانين التي إستصدرها روزفلت من الكونجرس 15 قانونا في العام الأول لرئاسته 1933 وكلها ذات إنعكاسات وآثار إجتماعية عميقة علي المجتمع الأمريكي.

وكان من ضمن الأفكار التي جاءت بها النيو ديل مفهوم الدولة التي تقوم بدور صاحب العمل، وذلك من أجل خلق تراكم نقدي في أيدي الفقراء يجعل منهم قوة شرائية تحرك الركود الذي كانت تعاني منه الاسواق في كل مجال.

وتبنت الحكومة الفيدرالية مشاريع بنية أساسية غير مطلوبة أو تقع في مناطق لا تحتاج إليها، ولكن فقط لكي تخلق فرص عمل وكسب القوت اليومي لمئات آلاف العمال من العاطلين.

بل ووصل الأمر إلي أن الدولة كانت تستأجر عمالا بسطاء تعطي كل منهم معدات حفر كالفأس مثلا أو عربة نقل ناتج حفر بحيث يقومون في الأسبوع الأول بنقل أتربة أو رمال من موقع أ إلي موقع ب وبعد إنهاء هذا النقل تطلب منهم الدولة في الاسبوع الذي يليه إعادة الأتربة من موقع ب إلي موقع أ. فالغرض من ذلك كان تمكين هؤلاء العمال البسطاء من الإمساك بأي مبلغ مالي يتجهون به إلي المتاجر المختلفة لشراء أي سلعة مما يحرك السوق الراكد تماما وبالتالي يدفع السوق إلي الخروج من هذا الحال الكارثي.

وبالطبع فإن أي نظرة تقليدية ومتعقلة لأوجه الصرف من هذا النوع لا تجعله وجها مقبولا، فأموال الضرائب المقصود بها العمل علي خدمة المواطنين وليس العمل علي التبديد بهذا الأسلوب. وبالفعل رفعت دعاوي كثيرة في المحاكم ضد النيوديل وصلت منها إلي المحكمة العليا عدة دعاوي تتهم القوانين الجديدة بعدم الدستورية وبخيانة دافعي الضرائب الذين يستأمنون الحكومة علي أموال ضرائبهم فإذا بها تبددها بهذه الطريقة الغير مسئولة!!

بل أنه من ضمن هذه القوانين كان هناك قانون مثلا بإنشاء هيئة بأموال الحكومة الفيدرالية تقوم بالحلول محل أصحاب المساكن المحملة برهن عقاري وتسدد عنهم الأقساط !!

فكيف يمكن تكييف ذلك وتبريره أمام المحكمة العليا؟ 

 

وهكذا وجد روزفلت نفسه في مواجهة مع المحكمة العليا حيث كانت أغلبيتها من المعادين للقوانين التي جاءت بها النيو ديل.  

دور يهود وول ستريت في صناعة هتلر

$
0
0

تأليف : محمد السويسي

بعد كل ندوة أو مؤتمر إقتصادي تجابه بأسئلة عدة تتضمن الإستنكار او الإستفسار لماذا الدعوة إلى تجميد أسعار الأسهم ؟ وماهي إيجابيات ذلك ؟ وهو سؤال في محلة لتوضيح الأمر لعدم إقتناع القطاعين المالي والإقتصادي بجدوى ذلك لتعارضه مع مصالحهم ، مع إتباعهم مدرسة "وول ستريت "رغم سلبياتها ، وقد أوصلت الإقتصاد الأمريكي إلى الهاوية في الثلاثينات التي لم ينقذها منها سوى إتفاقية "برايتون وودز"التي كانت قمة العبقرية المالية التي أعطت للنقد الأمريكي قوة أسطورية دون تغطية ذهبية ، دُعمت ورسخت بخلق الذرائع والدوافع لإشعال الحرب العالمية الثانية التي أدت إلى تدمير اوروبا وجزءاً من آسيا واحتلال الدول العربية  والإستيلاء على  فلسطين 
 .وكان الحزب النازي العنصري في الثلاثينات ، وفقاً لتحليلات الكتاب الروس منتصف الستينات في كتاب أصدروه بعنوان "من صنع هتلر"، قد نُظم سراً وحُرض من قبل الصهيونية العالمية وتمويلها لشن الحروب التدميرية للمنشآت والمصانع في أوروبا لإفقارها وتعطيل إقتصادها ، لإجبارها على التوجه نحو أمريكا لاستيراد البضائع من أغذية وآلآت ومصانع ومعدات عسكرية ، وبذلك تتخلص أمريكا من فائض البضائع المكدسة لديها في المستودعات بما يعيد تنشيط إقتصادها لعقود طويلة بمكيافيلية إجرامية مفرطة على حساب دماء ملايين القتلى ألأبرياء نتيجة الحرب ، مما عزز من قيمة الدولار مع إشتداد الطلب عليه بحيث أضحى وحدة نقدية عالمية ومقياساً للقيم أقوى من الذهب أحياناً 
لقد نجحت أمريكا بهذا التخطيط الشيطاني الذي كان كان قد أشار إليه عملاق الصناعة الأمريكية "هنري فورد"في كتاب له بعنوان "اليهودي العالمي – أكبر مشكلة في العالم "، إذ حذر من تسلل اليهود إلأوروبيين إلى أمريكا والإستيلاء على الصناعة والإعلام فيها ، لأن ذلك سيكون بداية النهاية لحرية القرار الأمريكي في السياسات الدولية والتنظيم الإقتصادي والمالي . ولقد صحّت تنبؤات هنري فورد ، لأنه كان مشاركاً في بعض السياسات الخارجية لأمريكا وتأمين معظم حاجياتها من الآلة الحربية والمعدات الثقيلة ، وبالتالي مطلعاً على وضع أوروبا وما يجري فيها. وكان من نتائج الحرب العالمية الثانية الإستيلاء على أموال اليهود والأوربيين في البنوك من قبل الصهيونية العالمية بحجة إفلاسها وتهريبها إلى أمريكا والإدعاء بأن النازيين هم من استولوا على تلك الأموال المودعة من ذهب ونقد وأودعوها في الخارج ؟!.

ولكن السؤال المطروح مع إنتهاء الحرب وانهزام النازية هو : أين ذهبت مدخرات المواطنين الأوربيين التي كانت موجودة في مصارفهم بالمليارات ؟! بالطبع لم تجرؤ أوروبا على إثارة الموضوع وقد أضحت مَدِينَةً لأمريكا بتحريرها من النازية وحمايتها من خطر التوسع السوفياتي الذي اكتسح قسماً كبيراً من اوروبا واحتلها في ما كان يعرف بأوروبا الشرقية ، عدا الخوف من معاداة السامية إن أثير هذا الموضوع ، وقد أسكتها تقديم المساعدة الأمريكية لإعادة بنائها بقيمة 13 مليار دولار بموجب مشروع مارشال .
ومن هنا سادت الصهيونية بقوة مالية هائلة في صناعة القرار الأمريكي بما جنته من الأموال الأوربية نتيجة الحرب المعدة من قبلها ، خاصة وأن كبار العائلات اليهودية كانت تشرف على هذه البنوك و تديرها ، كما وأن الحرب التي أعلنتها النازية على اليهود وتمجيد العنصر الآري عجل تماماً في ترحيل الأموال من كافة أنحاء أوروبا نحو أمريكا . وبذلك سقط تحذير "هنري فورد "واستولت الصهيونية على الصناعة والتجارة والإعلام في أمريكا و حازت على القرار السياسي فيها بما يتناسب ومصالحها مع تدخلها في العمليات الإنتخابية لأعضاء الكونغرس ولرئاسة الجمهورية بقوتها الإعلامية والمالية .
ومع التراجع الإقتصادي الأمريكي في الربع الأخير من القرن العشرين حاولت أمريكا والصهيونية إعادة تكرير سيناريو هتلر والنازية ، بخلق بن لادن والقاعدة كعدو لأمريكا والغرب لنهب أموال العرب والمسلمين ، بحيث جعلوا منهما أسطورة كرتونية مشابهة لحكايات سوبرمان وطرزان والرجال الخارقين الخرافيين الذين هم جزء أساسي من صناعة الفكر السينمائي الأمريكي ، ولما لم تؤت "أسطورة القاعدة"ثمارها عمدوا مع بداية هذا القرن إلى التدخل العسكري المباشر باحتلال أفغانستان والعراق والسعي إلى تقسيمه وتقسيم اليمن والسودان وبذر الشقاق بين الإيرانيين والعرب بقصد دفعهم للحرب والتقاتل فيما بينهم ، كما سبق وأن فعلوا بأوروبا ، لإحياء الترسانه الصناعية العسكرية لدول الغرب في تصنيع السلاح وبيعه للمتقاتلين في محاولة عقيمة لكسر الجمود الإقتصادي والتخفيف من حدة البطالة لديهم .
ومع فشل كل تلك المخططات العقيمة لجأت أمريكا إلى الكي بإعلان الإفلاس المتعمد لأعظم المؤسات المالية لديها خريف العام 2008 وبالتالي الإستيلاء على آلاف المليارات من أموال الدول العربية التي اعتادت بدون سبب وجيه إيداع معظم أموالها في البنوك الأمريكية ، رغم توقع مصادرتها بين لحظة وأخرى كما جرت العادة في أوقات وظروف سابقة . ولكن السؤال الذي لايزال مطروحاً بعد هذه الإحتلالات و"تأميم"المؤسات المالية إن صح التعبير بالإستيلاء على أموالها بإفلاس إحتيالي : هل أن أمريكا قد تخلصت من أزمتها المالية الحادة ؟ بالطبع لا نظراً لغلبة الفساد السياسي والإداري فيها بشكل خطير الذي يمنع ويعرقل تقديم الحلول الملائمة التي سنأتي على إيرادها .
والقصد من إيراد تنظيم القاعدة الوهمي كمثل ، فلأنه كذبة دنكوشتية صنعها الغرب وأطلقها لتشكل الغطاء للإضرار بمصالح الأمة العربية ، وماذلك إلا إفلاس سياسي يدل على المأزق المالي والإقتصادي والإجتماعي الذي يجتاح أمريكا بحيث تورطت في أعمال إرهابية غير مفيدة لاستعادة وضعها المالي ؛ فالحروب لاتخلف سوى الفقر للشعوب المغلوبة أو الضعيفة بحيث تفقد قدرتها الشرائية لصالح السلع الرخيصة بديلاً عن السلع الأمريكية الغالية الثمن وبالتالي تزيد من مشاكل المصانع الأمريكية وصعوباتها .
وبالمقارنة ، بين الأمس واليوم ،فإن أمريكا هي التي تحملت تكاليف ثمن البضائع التي أرسلت إلى أوروبا زمن الحرب العالمية الثانية تحت شعار مشروع مارشال نظراً لأنها ، أي اوروبا ، كانت في وضع المفلس وقد دمرت ونهبت أموالها مع إنتهاء الحرب ولم تتمكن مطلقاً من تسديد أثمانها ، كما ولم تكن الحكومة الأمريكية لتتمكن من تحمل هذه النفقات لولا اتفاقية برايتون وودز التي تخلت عن التغطية الذهبية لصالح النقد الأمريكي الورقي .
الأسهم والبورصة :
كانت الأسهم عبارة عن صك بِقيَم حقيقية شبه ثابتة لشراكة بين مجموعات مالية غنية أو متوسطة من أجل بناء مشروع صناعي أو تجاري يتطلب مالاً يتعذر على شخص واحد القيام به ، ولم يكن ثمن الأسهم ليزداد إلا بنسب بسيطة وفقاً لنسب أرباحه وبعد مرور وقت طويل ، ومن هنا نجحت الصناعة الأمريكية ، بتواز مع النهضة الأوروبية ، واتسعت منذ الثورة الصناعية وتطور الآلة حتى بدايات القرن العشرين حيث ظهر التنافس الحاد بين القارتين ، أمريكا وأوروبا، في إنتاج السلع والتنافس على الأسواق التجارية في آسيا والشرق الأوسط اللذان كانا لايزالان رهينة لشركة الهند البريطانية و"ورثتها"من الأوربيين ، فكان لابد مع تسلل الرأسمال اليهودي إلى أمريكا مع تعاظم قواها العسكرية واتساع أسواقها الداخلية للبضائع المختلفة ، وتنامي الشعور القومي للأمريكيين لتعزيز إنتاجهم وحمايته بفرضهم المكوس العالية على البضائع المستوردة .
ومع كل هذا الحرص فلقد بدأ الكساد يدب في توريد السلع الأمريكية مع ضعف أسواقها الخارجية قياساً بأوروبا ، فكان لابد من ضرب الإقتصاد الأوربي وتدمير مصانعه بتحريض من الصهاينة وتمويل الإستعدادات العسكرية بعد استحداث فتنة ما ، إعتمدت على الحس القومي بين الشعوب الأوروبية ، فكان إستحضار شخص عنصري ملائم كهتلر هو الشرارة المناسبة لاقتتال الأوروبيين إنطلاقاً من ألمانيا ، ووسيلة ناجحة ليس لضرب إقتصادها فحسب بل ونهب مدخراتها المالية الموجودة في المصارف تحت عنوان الحرب . ولقد نجح هذا التدبير من اليهود الصهاينة الذين لازالوا يتبعونه ، فاحترفوا المهن المصرفية وتملكها وتفرغوا لها للسيطرة على معظم القطاعات والمؤسسات المالية للإستيلاء على أموال الناس وأموال الحكومات الأجنبية المودعة في المصارف الأمريكية والغربية في زمن السلم ،بعد كل عقد ونصف تقريباً بادعاء إفلاسها .
ولإحكام السيطرة اليهودية على السوق الأمريكية ، كان هذا التطور في أسواق "وول ستريت"في نيويورك ، بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث أكبر تجمع للجاليات اليهودية الأمريكية الثرية من الأموال الأوروبية ، فعمدت إلى صالات البورصة بالتعاون مع السلطات الأمريكية وموافقتها إلى طرح الأسهم في بازار المزايدات الوهمية خارج الرقابة المالية بحجة إمتصاص التضخم المالي للمحافظة على قوة النقد الأمريكي وسيادته في الأسواق العالمية ، مما يعني السيطرة الحكومية على كبريات الشركات الإحتكارية الضخمة لإفلاسها عند اللزوم وإعادة تجزئتها بشكل مؤسسات عائلية صغيرة مما يتيح تشغيل أكبر للأيدي العاملة المستقلة لأضعاف سلطة الإتحادات العمالية التي كانت تقلق الأمريكين ، وقد غذت مخاوفهم كتابات "كارل ماركس"وخطابات لينين النارية التي كانت تبنىء بقرب سقوط الرأسمالية الأمريكية من الباب العمالي . وما كانت المكارثية سوى صوت اليهود لإحكام السيطرة علىى السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية والسيطرة على مجلسي الشيوخ والكونغرس مما زاد من نفوذ الصهاينة في الإمساك بالقرار المالي الأمريكي وبالتالي نشر الفساد الإداري والسياسي بما يُمكّنهم من حماية مصالحهم مع إمساكهم بسلطة المال .
التلاعب بالأسهم وضررها على الإقتصاد :
إن التلاعب بأسعار الأسهم جعل الشركات الأمريكية وبالتالي الإقتصاد الأمريكي برمته بيد اليهود الصهاينة ولن أتوسع فكل من هو ملم بالسياسات المالية ومسيرة البورصة يدرك تماماً كيف بالإمكان إفلاس أي مصنع أو شركة مما بلغت قوتها بالتلاعب بأسهمها من خلال سوق البورصة ودعاياتها . ولكن هذا التلاعب اللامسؤول بأسهم الشركات الضخمة برفع أسعارها بسبب الجشع ، يؤدي أحياناً إلى رفع أسعار السلع بتناسب مع ارتفاع قيم الأسهم لمزيد من خداع المساهمين وبالتالي ضعف إستهلاكها من قبل المواطنين مع ضيق إحتياجاتهم أو متطلباتهم وفقاً لمدخولهم . وهذا التلاعب بأسعار الأسهم كان بداية لكساد منتوجات المصانع الأمريكية مع إرتفاع أسعارها بصورة طردية متوازية ، وبالتالي كان هذا الإرتفاع الغير ضروري مضراً بالإقتصاد الوطني مع بداية غزو الصناعات الإستهلاكية الصينية للأسواق الأمريكية ولأسواق العالم أجمع .
ومع هذا التورط اللامسؤول لم يعد بالإمكان التراجع أو إعادة التقويم الإقتصادي لمواضع معينة لإصلاح الحال المتردي الذي يقتضي بداية تخفيض الأجور لوقف ارتفاع أسعار السلع وقد أضحت حقاً مكتسباً يصعب إنتزاعه ، لذا عمدت الرأسمالية الأمريكية بما تضم من شراكة بين اليهود والأمريكيين إلى الخروج من هذا المأزق الحالي منذ بداية الأزمة المالية العالمية إلى إعادة "تهريب "أموالها نحو أوروبا والصين بشكل رئيسي لإعادة توظيفها في مصانعها مع إتساع اسواق صادراتها ، خاصة وأن أجر العامل الصيني الشهري يكاد يعادل أجر العامل الأمريكي اليومي وقد يقل أحياناً مما يرفع أسعار السلع الأمريكية بشكل كبير يعجز عن المنافسة ؛ وتلك كارثة حقيقية يواجهها الإقتصاد الأمريكي الذي يتخبط في كيفية الخلاص من أزمته الحالية التي حاول التهرب منها بحروب الخارج التي تزيد من أزماته وتعقدها ، إذ أن تركيبة النظام الأمريكي تجعله غير ذي حاجة لأموال البلدان الأخرى ، التي يسعى إليها بكل الأساليب والطرق ،إلا للإبقاء عليها في حالة من التخلف العلمي والصناعي لإجبارها على شراء منتجاته ، وكان هذا الأمر مقبولاً قبل نهوض الصين الإقتصادي ، أما الآن فقد أضحى الأمر معقداً وخطيراً بالنسبة للوضع الإقتصادي الأمريكي . وهنا نتسأل ونطرح السؤال الشهير عند الأزمات .. ماالعمل ، لوقف هذا الإنهيار الأمريكي المتسارع والمضطرم تحت الرماد بقوة نحو إنفجار إجتماعي مرتقب وفق القوانين الإقتصادية ؟
كيفية تجاوز الأزمة المالية :
إن التصرف والتخبط الأمريكي منذ بدء الأزمة المالية التي اجتاحتها تنطبق والمثل السائر"أنا أعمى مابشوف أنا ضرّاب السيوف"، وهذا أمر مؤسف لأنه يزيد من الطين بلة . وليس من مخرج له سوى بالإقدام على قرارت جريئة بقدر الزلة التي أعلن فيها جورج بوش الحرب الصليبية لغزو أفغانستان والعراق ،عدا نشر الإرهاب والفوضى في العالم بادعاء الخوف من طوطم وهمي صنعته أمريكا واطلقت عليه أسم "القاعدة"مما وضعها في موضع الشك عن مسؤوليتها في تفجير برجي نيويورك التي أدانها العالم الإسلامي ، وأثار الهزؤ والسخرية من ضحالة وسخافة السياسات الأمريكية وقلل من إحترام مسؤوليها لمحاولتهم الإستهزاء بعقلية الشعوب وفهمها بما ينطبق عليه القول "الغبي من استغبي الناس ".
لذا فإن الإصلاح المالي والإقتصادي يقتضي من الأمريكيين للخروج من مأزقهم ، مايلي مزقهم مأزقهم مايلي :
أ-التوسع في الضمانات الصحية والإجتماعية وتعويضات البطالة لتشمل كافة الشرائح دون إستثناء والتمسك بها لتكون قاعدة صلبة لإعادة النظر في كل القوانين المالية والضريبية برفع نسبها على الأرباح إلى حدود 99% ، بعد تخفيض سقف مستوى الأرباح وتحديده بما يتلائم ومكافحة التضخم المالي .
ب- تخفيض الأجور إلى الحد المقبول ، بداية لتخفيض أسعار السلع لإعادة رواجها لتصبح قادرة على المنافسة للبضائع الأجنبية إلى حد ما ، بما يضمن لجم تزايد أعداد المصانع والمؤسسات التجارية المغلقة وبالتالي وقف تنامي البطالة والجريمة .
ج- تصفية المصانع الضخمة ماأمكن بمنع إقراضها من البنوك منعاً لتلاعبها في أسواق البورصة على حساب مدخرات المواطنين ، وإعادة تشجيع الصناعات والمصانع العائلية الصغيرة لأنها تعتمد على المنافسة والقبول بالأرباح مهما تدنت بما يكفيها سد حاجاتها الضرورية بالتخلي عن الرفاهية التي كانت تحياها ، مع إلغاء الفائدة على الودائع المصرفية بصورة نهائية لحث المواطنين على المشاركة والتعاون بإعادة البناء الصناعي والتجاري .
د- إعادة تنظيم أسواق البورصة بما يتلائم والوضع المستجد بتثبيت أسعار الأسهم على أن تصدر الشركات أسهماً إسمية متنوعة على ثلاثة درجات بأسعار مختلفة بين عشرة ومائة دولار ، وإلغاء أسهم لحامله لمنع المضاربات وأعمال الإحتيال التي كانت ترفع من أسعار الأسهم إلى ثلاثمائة ضعف أحياناً ! مما يعني زيادة أسعار السلع بشكل مؤذ مما يفقد القدرة على شرائها مع وجود سلع منافسة مستوردة .
وقد يتم التلاعب بقيم الأسهم بأعمال المضاربة الإحتيالية بما يؤدي إلى تخفيض أسعارها إلى أدنى مستوى رغم وجود الأصول الفائضة التي تزيد عن قيمها ولكن الخوف والجهل مع وجود الدعاية المؤذية هو الذي يؤدي إلى إفلاس الشركة أو المصنع مع فقدان المساهمين الثقة بها وبأسهمها .
لذا كان من الضروري تثبيت سعر الأسهم لكسب ثقة المواطنين ليقبلوا على شرائها توخياً للربح بدل الإحتفاظ بمدخراتهم في البنوك دون فائدة ، وبذلك يساهمون في إعادة إعمار بلادهم والتخفيف من حدة البطالة ، شرط إلغاء الفوائد المصرفية على ودائع الإدخار لإنجاح الأمر .
ه- وقف العمل بإتفاقية "منظمة التجارة العالمية "التي ليست سوى خدعة تورطت بها أمريكا من قبل واضعيها من المستشارين اليهود بحجة الهيمنة على أسواق الخارج وسيطرة البضائع الأمريكية الزراعية والصناعية مع رفع الرسوم عنها من قبل البلد المستورد الموقع على الإتفاقية ، مما أدى إلى عكس المتوقع منها مع فقدان معظم الدول النامية قدرتها على الإستيراد للبضائع الأمريكية كما في الماضي مع فقدان موردها الأساسي من الرسوم الجمركية ، عدا إرتفاع أسعارها قياساً لسلع منافسة من دول أخرى .
إن مجرد قراءة بنود هذه الإتفاقية لمنظمة التجارة العالمية فإنك تعجب كيف أن دولة عظيمة كأمريكا قاصرة عن إدراك أن كل بند فيها يؤدي إلى ضرر بالغ في تجارتها وإقتصادها ويفسح المجال لدول أخرى موقعة عليها الإستفادة منها على حسابها . إلا أننا نستنتج من هذا الجهل أن أمريكا أضحت إمبراطورية عجوز مصابة بالخرف الحيزبوني وفقدان الذاكرة بحيث تسير بتسارع إلى حتفها المحتوم ، وفقاً لمنطق التاريخ في عمر الأمم ، بما أنها لاتستطيع التمييز بين الصواب والخطأ ،وهذا أمر مؤسف ينعكس سلباً عليها وعلى العالم أجمع .

They shoot horses, don't they ?4

$
0
0

 

الملحوظ هو أن الولايات المتحدة هي آخر دولة صناعية تبنت نظام التأمين ضد البطالة ونظام المعاشات ونظام الضمان الإجتماعي وقد جاءت هذه النظم جميعا في سياق قوانين النيوديل. (نظام التأمين الصحي لم يكن جزءا من النيوديل وهو النظام الذي يحاول الرئيس الحالي أوباما أن ينجزه بعد 80 عاما من النيوديل.

وهذا يوضح لنا كيف كانت هذه النيوديل إنقلابا في حياة الأمريكيين ويفسر لنا سبب المقاومة العنيدة التي لاقاها الرئيس وإدارته من الكونجرس والمحكمة العليا واصحاب الأعمال بل ومن المواطنين العاديين ومن الكنيسة البروتستانتية.

فقد تسببت هذه القوانين في طلاء سمعة الرئيس باللون الأحمر الشيوعي.

وهذه الصفحة علي الإنترنت تختصر بإيجاز القوانين التي إستصدرتها إدارة الرئيس روزفلت لكي تواجه بها أزمة الكساد التي ضربت أمريكا في مقتل.

http://www.historylearningsite.co.uk/modern-world-history-1918-to-1980/a.../

وكما نري فإن العلاج الناجع في الدول التي لها نظام قانوني مكتمل ومنضبط هو اللجوء إلي التشريعات القانونية التي ينمكنها أن تغير وتعدل من مسار الحياة الإقتصادية وليس إلي المشروعات العاجلة التي لا تترك أثرا يذكر.

كان الرئيس روزفلت حصيفا في تناوله لشأن البنوك. فالبنوك كانت متسببة بطريقة مباشرة فيما وقع للإقتصاد من إنهيار بسبب أنها لم تكن تتورع عن المضاربة بأموال المودعين في البورصة. ولذلك فقد سعي بمجرد وصوله للحكم إلي إستصدار قانون Glass  Steagall Act

الذي أوجب علي البنوك أن تفرق بين كونها بنوك إسنثمارية عملها ينصب علي مضاربات البورصة بأموال مودعين موافقين علي ذلك مقدما ومقدمين علي المخاطرة عن علم وقبول وبين بنوك تجارية تقوم بتمويل المشروعات المدروسة سواء منها الصناعي أو الزراعي أو التجاري أو العقاري. وقد ظل هذا القانون ساريا حتي ألغاه رئيس ديموقراطي آخر هو بيل كلينتون في نهاية التسعينات أي عقب حوالي 65 عاما.

ثم خطا الرئيس خطوة أخري لو أن شخصا قد قال بها اليوم لرماه الناس بالجنون.

فهو لم يغلق كل البنوك مرة واحدة وإنما أغلقها في مجموعات متتابعة حيث أعلن إغلاق البنوك حتي يتم فحصها بهدف دراسة جديتها وبعد ذلك أعلن عن إعادة فتحها واحدا واحدا. وهي خطوة ليس لها مغزي إقتصادي وإنما هو مغزي نفسي سيكولوجي حيث أن المودعين والمدخرين كانوا يحتاجون لمن يعطيهم نوعا من الضمان بأن هذا البنك أو ذاك هو بنك جاد لن يضيع أموالهم.

وهكذا خرج الرئيس في خطاب لاحق علي الشعب يؤكد لهم بالحرف أنه من الأكثر أمنا وعقلا أن يبقي المدخرون أموالهم في بنك أعيد إفتتاحه عن أن يضعوا هذه المدخرات تحت المرتبة !! (هكذا قال بالفعل). وهذه العملية لم تستغرق سوي أقل من شهرين من مارس إلي مايو 1933. وبذلك عادت الثقة إلي البنوك من جانب المودعين.

علي أن أهم صفة كان روزفلت يتحلي بها هي أحاديثه المستمرة إلي الجمهور عن طريق الإذاعة والتي كان يطلق عليها أحاديث المدفأة. 

كما أن الرئيس الجديد سعي بمجرد وصوله للحكم إلي تحقيق وعده الإنتخابي بإنهاء الإحتقان الطائفي الذي كان موجودا في البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الأولي والذي تمثل في منع الخمور نكاية في الكاثوليك من الأمريكيين حيث أن البروتستانت كانوا يعتبرون أن الكحول رذيلة جالبة لسوء الخلق ولذا فمن الأفضل منعه !!!

بينما الواقع هو أن الغرض كان محاصرة الكاثوليك وإثبات السيادة البروتستانتية (سيادة الواسب WASPعلي الولايات المتحدة الأمريكية)، إذ أن الإيطاليين والهسبانيك ليس لديهم تلك العقلية البيورتانية التي تمنع الكحول. وهكذا إنتهي حظر الكحول بعد أكثر من 12 عاما من إنشائه. (الرجا الرجوع إلي مقال بيتون بليس منذ عام 2012 ).وهذا الوعد الإنتخابي بالذات كان سببا هاما من أسباب تفوق روزفلت الساحق في الإنتخابات.

والآن علينا أن نتفحص سبب أو أسباب رفض فئات عديدة في المجتمع لهذه القوانين التي عرفت كحزمة واحدة تحت إسم النيو ديل.

أولا هناك طبقة رجال الأعمال وأصحاب الصناعات الكبيرة ممن كانت القوانين الجديدة تمثل تحديا كبيرا لسلطتهم المطلقة. فقد عرفنا كيف كانت العلاقات العمالية قبل تلك القوانين (راجع مقال الثمن منذ 4 شهور) وكيف كانت سلطة أصحاب العمال  علي عمالهم مطلقة إلي درجة أن بعضهم كان يري أن من لا يعمل لا يستحق حتي أن يسكن !! ورأينا كيف كانت طريقة معركة جبل بلير
 
Blair Mountainفي وست فرجينيا عام 1921 عنيفة بحيث سقط فيها ما يقارب من 100 قتيل من الطرفين وكان محلها الفكرة النقابية والحق في الإضراب. وقد عرفنا أن فكرة ضرب العمال المضربين باستعمال سلاح الطيران كانت محل تداول من رئيس الدولة بل وفكرة ضربهم بالغازات السامة المتبقية من مخلفات الحرب العالمية الأولي !! فالإضراب كفكرة لم تكن شرعية، بل ممنوعة !!

وفي ظل هذه العقلية يمكن للمرء أن يتصور صعوبة تقبل أن تنحاز الدولة بعد 10 سنوات فقط إلي الجانب الآخر لكي تصدر قوانين تحدد ساعات العمل وتسمح بإنشاء النقابات وقوانين تنشىء مظلة إجتماعية وقوانين تضمن أجر في حال البطالة وفي نهاية المطاف قوانين تجبر أصحاب العمل علي قبول النقابات كشخصية إعتبارية تقوم علي تمثيل العمال ورعاية مصالحهم وقوانين تبيح الإضراب.. فهذه القوانين كانت تمثل إنقلابا هائلا في مجتمع لم يسمع بمثل هذه الأمور من قبل.

وإذا أضفنا إلي ذلك أن الولايات المتحدة هي مجتمع يقوم أساسا علي فكرة الحرية والمشروع الخاص بحيث أن هذا المفهوم لو أنه تأثر أو أخفق تنفيذه لأصبحت الولايات المتحدة مجتمعا آخرا غير ما نعرفه ويعرفه العالم أجمع. فالحرية الإقتصادية لم يكن مفهومها في ذلك الزمان مرتبطا بالبعد الإجتماعي الذي عرفته أوروبا قبل الولايات المتحدة بحوالي 60 عاما. فالتأمين الصحي وتأمين المعاشات مثلا عرفته ألمانيا منذ عهد المستشار بسمارك الذي أنشأه في سبعينات القرن التاسع عشر. وهذا الفكر الألماني ذو المركبة التكافلية الإجتماعية كان موجودا بطريقة أو بأخري أيضا بدرجة أقل في بريطانيا وفرنسا أما الولايات المتحدة فقد ظلت بعيدة عنه حتي وقعت أزمة عام 1929.

كذلك فإن الرئيس فرانكلين روزفلت الذي ينحدر من أصول هولندية كان من العائلات التي هاجرت مبكرا جدا من أوروبا إلي القارة الجديدة ونجحت في تكوين ثروة كبيرة رفعت أبناءها إلي مصاف الأغنياء، وبالتالي لم يكن أغنياء أمريكا قادرين علي تفهم أن يتبني أحدهم أفكار كانوا يصفونها بالشيوعية والتخريبية nihilistالتي تحرم أصحاب الأموال من عوائد أموالهم وتضع أموال دافعي الضرائب في أيدي من لا يستحقونها من "الكسالي والفاشلين والمتسلقين الطفيليين". فكانوا يعتبرونه خائنا لطبقته مارقا علي تقاليده وأصوله.

ومما زاد الطين بلة هو أن المثقفين الأمريكيين كانوا يقرأون عن الأحداث التي تقع يوميا في الإتحاد السوفيتي تحت قيادة الرفيق ستالين (هذا ليس إسمه وإنما هي إضافة تعني الحديدي أو الصلب) من تعسف في إنفاذ النظرية الشيوعية وتصفيات جسدية للمعارضين وعبادة الفرد والتعدي علي كل معاني الحرية. وبالطبع لم يكن أحد مستعدا أن يقبل أن تتحول الولايات المتحدة إلي مجتمع من هذا النوع. وبالطبع وكرد فعل علي إنتشار الفكرة الشيوعية بين الأوساط الفقيرة والمتوسطة نشأت أيضا الفكرة الفاشية المتأثرة بشدة بالفاشية الالمانية التي كان يمثلها أدولف هتلر حتي أن الفاشيين الأمريكيين كانوا يرفعون ذراعهم اليمني للتحية ويرددون الكلمة الألمانية Sieg - Heil  وكل هؤلاء كانوا ينادون بالموت للمفسد روزفلت الذي يأتي بأفكار تخريبية تدمر أسس الولايات المتحدة كما يتبدي في مفهوم سيادة العرق الأوروبي الأبيض ويحاول قلب النظام الإجتماعي القائم ويستعين باليهود في إدارة أعماله..

لقد كانت أمريكا بالفعل علي شفا حرب أهلية ثانية في نهاية رئاسة هربرت هوفر..

 

ومن ناحيته كان الرئيس يرد عليهم بقوله أنكم تكرهونني رغم أني أحاول إنقاذ الرأسمالية من نفسها ومن الفشل. فالرأسمالية بالأسلوب الذي مارستموها به أودت بكم إلي ما أنتم فيه من أمر، وما أفعله هو محاولة إخرج البلاد من أزمة الرأسمالية حتي لا تنهار أسس المجتمع الرأسمالي.

وقد وقعت بالفعل محاولة لاغتياله عقب نجاحهفي الإنتخابات بشهرين بل وقبل أن يؤدي القسم كرئيس وراح ضحيتها شخص آخر هو عمدة شيكاجو الذي كان يزور ميامي مع الرئيس في حفل جماهيري.

هذا عن أصحاب الأعمال..

They shoot horses, don't they? (الأخيرة)

$
0
0

أما المحكمة العليا فقد كان إنقسامها واضحا إزاء قوانين النيو ديل، ولكن كانت الأغلبية تعارض تلك الحزمة من القوانين أولا لأنها كانت غريبة علي العقلية السائدة حيث أن تبديد أموال دافعي الضرائب لا يمكن تكييفه علي أنه من أعمال الإدارة السليمة التي ينبغي علي الحكومة ألأن تراعيها وفقا لأحكام الدستور. وهذا هو السبب الظاهر. أما السبب الكامن خلف معارضة المحكمة فقد كان مبناه أن الرئيس كان في كثير من الأمور يلجأ للقرارات الإدارية دون العودة إليها وهو ما كان يجعل قضاة المحكمة يشعرون بالتعدي علي الدستور من جانب الرئيس. كما أن المحكمة العليا كان معظم قضاتها من الطبقة التي سوف تجعلها النيوديل تخسر بعضا من نفوذها وسلطتها، وهذا لا يعني أن القضاة يعملون بالسياسة أو يدافعون عن مصلحة طبقة ضد أخري، بالطبع لا، ولكن التربية التي حصل معظمهم عليها لم تكن تهيئهم لقبول مثل تلك الإجراءات الجديدة.

وفي ظل هذا التنازع بين الكونجرس والمحكمة لم يكن الرئيس يتدخل بالقول أو التصريح بل كان يترك الأمر كله للصحف والإعلام أملا في خلق رأي عام مؤيد للنيوديل ومعارض للمحكمة. وبالطبع فقد نجحت هذه السياسة حيث أن ملايين العاطلين من الناخبين كانوا منحازين للإدارة ضد المحكمة حيث أنهم رأوا في النيوديل أملا يخرجهم من المحنة القاسية. وهكذا بدأت المحكمة تفقد أجزاءا من تعاطف الجمهور معها حيث أن النغمة السائدة كانت أن هؤلاء القضاة ممن يتقاضون مرتبات متضخمة مدي حياتهم بالإضافة إلي معاش سخي لأسرهم عقب وفاتهم لا يحسون بالمعاناة التي يتجرعها الفقراء في مذلة الحاجة كل يوم بل كل دقيقة.

وهكذا قلبت المحكمة عدة قوانين من ضمنها قانون الإنعاش الإقتصادي وقانون الدعم المادي للمزارعين حيث أن هذه المجالات واقعة في إختصاص الولايات وليست من مجالات الصرف الفيدرالي. ووصل عدد القوانين التي دمغتها المحكمة بعدم الدستورية 11 قانونا وهو عدد كبير جدا.

وقد عمد الرئيس روزفلت إلي تمرير قانون في الكونجرس يعطي قضاة المحكمة العليا الحق في الحصول علي المعاش كاملا حتي ولو لم يتوفاهم الله في المنصب، حيث أن قضاة المحكمة العليا حتي اليوم لا يحالون إلي التقاعد في أي سن بل يظلون في مناصبهم حتي الموت إن هم ارادوا. وبصدور هذا التعديل القانوني فتح الباب أمام القاضي ويليس فان ديفانتر Willis Van Devanterأشد المعارضين للنيو ديل من قضاة المحكمة لكي يخرج إلي التقاعد في سن الثامنة والسبعين دون أي خصومات من معاشه. وكان هذا القاضي قد صرح علنا أنه طالما كان هذا "المقعد إبن العاهرة"في البيت الأبيض فإن النيو ديل لن تمر من المحكمة. وحل محله قاضي آخر هو القاضي هوجو بلاك الذي عينه روزفلت نفسه وصادق الكونجرس علي ترشيحه وفقا لنظام تعيين قضاة المحكمة العليا فانفتح بذلك الباب أمام قوانين النيو ديل.

كما أن الأمر لم يسلم من كثير من الإنتكاسات في الشارع وليس فقط في المحكمة.

فالقوانين الجديدة التي كانت تعطي العمال حق تكوين النقابات والإتحادات وتجبر أصحاب الأعمال علي الإعتراف بها والتفاوض معها تفاوضا جماعيا كانت شرارة لإشعال حماس العمال في طول البلاد وعرضها بحيث تضاعف عدد العمال النقابيين إي عشرات المرات في فترة زمنية قصيرة مما أساء للعلاقات العمالية رغم إنتشار البطالة حيث أن بعض أصحاب الأعمال رفضوا تنفيذ هذه القواعد الجديدة مما تسبب في إضرابات عمت كثيرا من المواقع في البلاد، شيكاجو سان فرانسيسكو، مينيابوليس بالإضافة إلي إضرابات عمال النسيج في الولايات الجنوبية... إلخ..

وعلي سبيل المثال فإن شركات إنتاج السيارات لم تتقبل هذه القوانين بسهولة بل ظلت طويلا لا تعترف بها إلي أن بدأت شركة جنرال موتورز أولا بالإعتراف ثم تلتها كايزلر وبقي هنري فورد صاحب شركة فورد صقر الصقور وأشد المعاندين لهذه القوانين، رغم أن عدد العاملين في مصانعه قد إنخفض من 130 ألف إلي 37 الف عامل فقط بسبب هذه الأزمة التي تسببت في فصل الكثيرين وتخفيض أجر من لم يفصل منهم، ولكن فورد ظل علي موقفه المناهض للنقابات  إلي أن أقرها إبنه بالتفاوض مع العمال علي إنشاء نقابة يعترف بها فاضطر الأب إلي قبول ذلك علي مضض. وقد تسبب هذا الرفض المتفشي بين أصحاب الشركات في موجة من الإضرابات والإضطرابات عمت البلاد.

وهذا الموقف العصيب بالطبع كان مسيئا لمركز الإدارة الديموقراطية وبالذات للرئيس روزفلت حيث أن أصحاب الأعمال رأوا أن سياساته "الإشتراكية"قد أفسدت العلاقات العمالية وشجعت العمال علي "التخريب"ولذلك فقد باعد الرئيس بين نفسه وبين حركات العمال المضربين بل وأرسل الحرس الوطني (وحدات شبه عسكرية) إلي شيكاجو لفض هذه القلاقل بعد أن فقد 10 اشخاص حياتهم وجرح ما يزيد عن مائة شخص وهو موقف إعتبره العمال تخاذلا عن تأييدهم من الرجل الذي أعطاهم حقوقهم !!

صحيح أن الرئيس كان دائما يردد أنه خلافا لمن سبقوه همه الأول هو رجل الشارع common manوليس أصحاب الأعمال أو الأغنياء ولكنه في تلك الظروف إرتأي ألا يزيد الأمر إشتعالا بأن يقف موقفا مؤيدا للعمال بل وقف موقفا ضدهم ولعله أراد أن يبين لهم أن للتأييد حدودا لا يمكن تعديها.

وفي ظل هذه الظروف العصيبة نشأت في المدن الأمريكية تلك المسابقات للرقص اللا نهائي والتي كان محلها قوة تحمل رجل وامرأة راقصين علي أقدامهما لأطول فترة ممكنة دون أن يسقط أي منهما طمعا في جائزة مالية كانت وقتها تعتبر كبيرة هي 500 دولار.

وسبب إقبال كثير من الناس علي أمثال هذا العبث اليائس هو أن المشاركين في هذه المسابقة كانوا يحصلون علي طعام مجاني وعلاج طوال أيام مدة الرقص التي كانت تتخللها أوقات راحة بسيطة لا تزيد عن ساعتين يمكنهم خلالها الحصول علي طعام وراحة علي سرير خشن، وهاتان الميزتان لم تكنا موجودتين في الحياة خارج صالة الرقص، أي أن حتي من يخسر المسابقة يكون قد عاش أياما يجد فيها طعاما ومأوي.. وهذا كان موضوع الفيلم السينمائي الذي بدأت به حديثي.

هي منتهي المهانة لإنسانية شخص محطم تماما بل علي شفا الإنتحار كما وقع لبطلة الفيلم..

 

وفي النهاية ينبغي أن يتساءل المرء: ما هو الدرس المستفاد من هذا التاريخ؟

يقع السبب الحقيقي في الإهتمام المجدد بقضية تشريعات النيوديل في محاولة البحث عن حلول إجتماعية لقضايا حادة تعاني منها كل المجتمعات العربية بلا إستثناء. فتوزيع الثروة في جميع الدول العربية يعاني من خلل حيث تتفاوت الدخول تفاوتا هائلا وبالتالي يتفاوت النفوذ السياسي علي إدارة شئون الدول.

فما هي الدروس التي يمكن إستخلاصها من النيوديل؟

هذا موضوع شاق والبحث فيه طويل ولهذا فله حديث آخر.. 

 

 

 

 

طرابلس وفشل هيئات المجتمع المدني

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

تعاني مدينة طرابلس اللبنانية من فشل مزمن لنشاط هيئات المجتمع المدني فيها الى الحد ان هذه الهيئات  أضحت إحدى أسوأ المشكلات  المضافة الى مشاكل المدينة  العديدة المتراكمة ، رغم ان معظم العاملين في هذه الهيئات على مستوى علمي واكاديمي عال وفي مراكز تعليمية جامعية وإدراية وإجتماعية ونقابية وإعلامية مرموقة إلا انها فاشلة في النهوض بالمدينة وتحسين وضعها .

ويعود فشل هذه الهيئات لأسباب عدة لم نكن نعرفها في القرن الماضي رغم حضور الدولة القوي والفعاليات والمراجع السياسية والحزبية ومع ذلك فكانت كلمتها مسموعة ونشاطها ملحوظ في خدمة  المدينة ومواطنيها بما تملك من خبرة ووعي وغيرة على المدينة .

والفارق بين الأمس واليوم هو أن هيئات الماضي  ، بما فيها الجمعيات والنوادي الثقافية والإجتماعية والأحزاب ، كانت تقر بوجود المرجعيات السياسية وتعترف بها على تعددها دون اي سعي منها او محاولة للحلول محلها أو الغائها ، بل على العكس كانت لاتجد حرجاً في زيارة هذه المرجعيات السياسية لعرض مشاكل المدينة  وتوسل حلها بالتعاون فيما بينهما .

اما اليوم فقد اختلف الأمر تماماً مع تغير النفوس بتنامي الغرور والأنانية لهؤلاء المثقفين الجدد المغرورين من هيئات المجتمع المدني  لفقدان الخبرة وغياب الوعي لديهم الذي يعود الى بداية انفجار حرب السنتين في لبنان من العام 1975 ، التي كانت حرباً من قبل الإقطاع المالي السياسي الحاكم ضد مصالح المواطنين ومكتسباتهم  خلال فترة الإنتداب الفرنسي والعهد الشهابي في الستينات ، بتحالف مع الاحزاب المسلحة والمليشيات لاحتكارموارد لبنان لمصلحته دون الشعب .

 إذ اعتقدوا وقتذاك   إثر احتلال إسرائيل للضفة والقدس وغزة والجولان في العام 1967 وتعاظم المشكلة الفلسطينية واشتداد الصراع بين المقاومة الفلسطينية والوطنية وبين إسرائيل أن لبنان الى تقسيم لحل مشكلتي الجولان والضفة باقتطاع طرابلس وعكار والضنية من شمالي لبنان وضمها لسوريا تعويضاً لها عن الجولان واقتطاع جنوب لبنان ليكون وطناً للفلسطينيين بديلا عن الضفة والقدس .

هذا التصور الخاطىء للإقطاع المالي الحاكم  جعله يستعين بسوريا لدخول جيشها الى لبنان بداية الحرب الاهلية ليضع يده على شمال لبنان ويحكم قبضته ، بما مكنهم بالتعاون معه على تعطيل مرافق طرابلس الحيوية بأكملها ، فأغلق المعرض  ومصفاة تكرير النفط والسكة الحديد والمنطقة الحرة والحوض الجاف وتراجعت اعمال المرفأ ومصافي مياه الشرب بشكل خطير عدا إغلاق العديد من المصانع المميزة في طرابلس  وسرقة محتوياتها وتدمير وحرق بعضها ليحصر نشاط انتاج هذه المرافق بمرافق موازية لها في العاصمة وساحل جبل لبنان بشراكة مع الإقطاع الحاكم والمليشيات ،كما استفادة مرافق صناعية ومرفأية سورية من هذه التوقف  والتعطيل على حساب مدينة طرابلس .

خلال أحداث السنتين وما قبلها كانت نشاط  هيئات المجتمع المدني واجتماعاتها من نقابات وجمعيات وأحزاب محصورة بالأندية الثقافية لتتطور الى هيئة التنسيق الشمالية التي انتدبت بعض هيئات المجتمع المدني والإداري والعسكري  والديني بقيادة حزبية بدءاً ومن ثم بقيادة سياسية فيما بعد .

وبالمقارنة بين الأمس واليوم  فإن هيئات المجتمع المدني في الماضي بنشاطها من داخل  الجمعيات قد استطاعت تحقيق خطوات اجتماعية مهمة في إنشاء المستشفيات الشبه مجانية ودور العجزة الخيرية  الى حد المعاينات  المجانية تماماً حيث كان معظم الأطباء يخصصون يوماً او يومين اسبوعياً لمعاينة الفقراء دون مقابل عدا المساعدات الإجتماعية من تقديم اموال للمحتاجين وأدوية ومواد غذائية بشكل دوري شهري  .

اما اليوم فإننا نجد أن دور الأندية الثقافية قد انحسر عن النشاط الثقافي من ندوات ومحاضرات  وعن استقطاب  هيئات المجتمع المدني لعقد اجتماعاتها والمشاركة بها لاسباب  عدة منها ان بعضها ، اي الأندية وقادتها ، قد جيّر نفسه لمراجع سياسية معينة لتامين التمويل اللازم لنشاطاته المتواضعة وربما لمصالح شخصية من توظيف لعائلته او بعض اقاربه  او في سبيل الحصول على منصب بلدي او وزاري او نيابي مستقبلاً ، كما وان هيئات المجتمع المدني التي تنامت  كما الفطريات في الجسم المريض  اصبحت  تفضل عقد اجتماعاتها في المقاهي الي أضحت سمة المدينة مع تنامي الفقر والبطالة فيها بسب تعطيل جميع مرافقها الحياتية عمداً من قبل الطبقة الرأسمالية الحاكمة .

وبالمختصر فإن دور هيئات المجتمع المدني في خدمة المدينة قد سقط عندما قدمت مصالحها الشخصية على المصلحة العامة الى الحد الذي ركب فيه بعضها موجات الغوغاء بانتهازية مفرطة في معارضة اي عمل أو مشروع يقدم عليه اي سياسي او بلدي فقط من اجل حب الظهور مع تجييش الإعلام المفتوح الذي اصبح متاحاً لاي شخص  في اعمال التضليل بترافق مع لغة سوقية من الشتم والسب لكل المسؤولين دون أي قيم اخلاقية ، لم يسبق للمدينة ان اعتدتها بما يندي له الجبين ، في سبيل فرض رأيهم الباطل اكثر الأحيان لضعف رأيهم وضحالة  عروضهم ومشاريعهم إن وجدت .

ولو استعرضنا نشاط هيئات المجتمع المدني على مدى سنوات عدة  فإنها نجدها فارغة المحتوى لاقيمة لها سوى المزايدة على المسؤولين دون تقديم اي مشروع مقابل المشاريع والاعمال التي يعترضون عليها  وكأنها تحاول ان تفرض نفسها بديلاً عن المؤسسات والإدارات بخفة وعدم مسوؤلية متجاهلة واجبها الاساسي في العمل على اجتثاث الفقر من خلال التعاون مع الجمعيات المختصة او إنشاء جمعيات جديدة في هذا الشأن كما  فعل من سبقها .

كما السعي الى ترميم المدينة الأثرية القديمة في استقدام الجهات العالمية وفق الأصول المعروفة والتعاون مع الجهات الرسمية والبلدية لتحقيق هذا الأمر لتمويله  بدل تركه للجهلة والناشئة وعديمي الخبرة من الإنتهازيين الذين يمنعون اي تطوير أو تجديد فيها ، بينما هي تتقادم وتتساقط دون اي محاولة لترميمها وتجديدها سوى بالصراخ والعويل على المواقع الالكترونية للإصلاح  الكاذب دون اتخاذ اي خطوة جدية في هذا السبيل .

لذا على المجتمع المدني الذي اضحى بمعظمه منبوذاً من الناس مع افتضاح مراميه  وخداعه واهدافه في البروزالإعلامي ان يكف عن اعمال التهريج  التي يمارسها والإلتفات الى التعاون الجدي مع البلديات والجمعيات النشيطة والقيادات السياسية بأعمالها الإيجابية ،دون التزلم عندها ،  في سبيل مساعدة الفقراء وإطعامهم وتقديم الإعانات المالية والطبية  لهم ، وفي سبيل النهوض بالمدينة والعمل على نظافتها لتصبح مدينة سياحية نموذجية بمعني الكلمة بترافق مع توجيه الجهد نحو إعادة تشغيل  مرافقها المعطلة التي لايمكن للمدينة ان تنهض او تزدهر إلا بعودتها للعمل خاصة وان مشاريع فصل طرابلس عن لبنان والحاقها  بسوريا قد ذهبت الى غير رجعة .


الأرض والتفاحة

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

كان يتنزه في البرية عندما لفت نظره شجرة وارفة خضراء فاقترب منها ليجد تفاحة حمراء شهية  وحيدة تتدلى من الغصن ويلوح بها الهواء وكأنها في أرجوحة ، فمد يده اليها وماكاد ان يقطفها بعد جهد حتى سمع صوتاً عميقاً يصرخ به :

إياك ثم إياك أن تأكلها ؟

التفت حوله ليعرف مصدر الصوت فلم يجد احداً ، فاعتقد انه مجرد وهم حملته نسمة هواء قوية جالت بين الأغصان وتلاعبت بها لتصدر اصواتاً خيل اليه انها جملة غير مفيدة ، فعاود الكرة ليقطف تفاحته ، فتكرر الإنذار بصوت أعلى وأعمق ، فاضطرب وارتج وتراجع سريعاً خطوات الى الوراء وهو يلهث حتى سقط على الأرض دون حراك من الرعب والخوف  إذ لم يجد احداً حوله ، فاستسلم دون حراك باسطاً يديه ليسمع همساً ناعماً قائلاً : مرحباً يابني ؟

فانتفض واقفاً وبدأ الجري بأقصى سرعته لايلوي على شيء دون ان يلتفت خلفه ، ثم توقف منحنياً ويديه على ركبتيه ليلتقط أنفاسه مذعوراً ليأته الصوت مجدداً ، لاتخف يابني توقف  وانصت لي إنني الارض  أتكلم اليك ؟

عندها سقط على الارض مستسلماً مغشياً عليه لايقوى على الحراك لفترة من الوقت الى ان استجمع قواه وقلبه يخفق بشدة ليزحف نحو شجرة سنديان عجوز ليستند اليها وعيناه جاحظتان ليعود الصوت مجدداً بنعومة وعمق قائلاً :

لاتخشى شيئاً واسمعني أنا الأرض التي انجبت اجدادك ووالديك وانجبتك ؟

فأجابها بعد ان التقط انفاسه وهدأ روعه  و دار بينهما الحوار التالي :

-         أنت الأرض ..وهل الارض تتكلم عربي ؟

-         نعم الأرض تتكلم عربي من المحيط الى الخليج الى روابي حيفا  ويافا والجليل  والقدس وقلنديا وكل ذرة على ارض فلسطين والعرب .

-         ولكن لما منعتني أن أتناول التفاحة ؟

-         لم أمنعك ولكني حذرتك !

-         ولما حذرتني ؟

-         لان هناك ثمناً ستدفعه إن أكلتها يجب ان تعرفه كما دفعه كل من سبقك ، فهل انت مستعد ؟

-         ولكن ماهو هذا الثمن ؟

-         إن كل ماهو على الأرض من ثمار وخضار تعود ملكيته لي ، إذ انا من انتجه . لذا فإن من يأكل التفاحة يجب أن اضمه وادفنه سريعاً خلال عقود أو سنوات أو أيام قليلة وأحوله الى  تراب وسماد ، فهل انت مستعد لدفع هذا الثمن ؟

-         فرد مستغرباً كيف ذلك ، فأبونا آدم اكل التفاحة وعاش طويلاً لمئات الاعوام ولم يمت سريعاً كما تقولين فلما تشترطين ذلك على احفاده ؟

-         أجابت ، أبوك آدم أكل تفاحة من الجنة فطال عمره ألف عام إلا أنه طرد من الجنة ، وكان سيظل حياً حتى الآن لولا انه نسي مجدداً واكل على  الارض تفاحة  من تفاحاتي فمات لفوره بعد 950 عام من الحياة ، إذ هذا شرطي !.

-         وإن لم افعل ..هل سيطول عمري ؟

-         من المؤكد سيطول عمرك ولكن هل سبق لك أن اكلت تفاحة من تفاحاتي قبل الآن ؟

-         بالطبع اكلت الكثير .

-         إذن لاحظ لك فإنك ستموت باكراً كما الآخرين ولن تعمر كما آدم أو نوح .

-         اوه ..ولما لم تقولي لنا ذلك قبل الان ، اعتقد ان كلامك كله خداع ولاعلاقة للتفاحة بقصر العمر او طوله .

-         ويحك الا تعلم ان إبليس اللعين هو من اغرى جدك آدم وأمك حواء  بأكل التفاحة ؟

-         بلى ولكن ماعلاقة ذلك بتفاحاتك ؟

-         إبليس كان يعلم ذلك وقد حسد جدك آدم على النعيم الذي فيه فأغراه بالتفاحه ليتسبب بطرده من الجنة ثم اغراه على الأرض مجدداً بأكل التفاحة ليقصر عمره . أما هو فامتنع عن أكل التفاح ، لذا فلازال حياً حتى الآن ، ولن يموت قبل زوال السموات والأرض إلا إن أكل احدى تفاحاتي عندها سيموت كما البشر ويهلك .

-         ولكن كان يجب ان تحذرينا قبل الان ؟

-         لقد سبق ان حذرت  نيوتن ولكنه تجاهل الامر وأخذ يبحث ويتفلسف  لما سقطت التفاحة الى أسفل وليس الى أعلى ، إلا انه اعترف انها سقطت على الأرض بفعل جاذبيتي التي ضمته فيما بعد وستضمك كما جاذبية هموم الدنيا التي ستودي بك وتعجل  بنهاية عمرك وعمر جميع البشر الى ان يرث الله الارض وما عليها .

 

لم نجرم المسيحية ولم نصفها باﻹرهاب !!..

$
0
0

إﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ
 
ﺍﻗﺮﺅﻭﺍ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ، ﻭﺑﻠّﻐﻮﺍ ﻗﻮﻣﻲ ﺃﻧﻲ ﻟﻦ ﺃﻛﻮﻥ ﺷﺮﻳﻜﺔ ﺑﺄﻱ ﺗﻔﺮﻳﻂ ﻭﻟﻮ ﺃُﺣﻴﻂ ﺑﻲ:
 
1 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﺏ، ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﺜﻴﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ 7 ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺠﺮﺣﻰ 21 ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ .
 
2 - ﻭﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻎ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ 50 ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ ﻭﺍﻟﺠﺮﺣﻰ 90 ﻣﻠﻴﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺑﻠﻐﺖ ﻧﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﺏ 37 ﺗﺮﻟﻴﻮﻥ ﺟﻨﻴﻪ ﺍﺳﺘﺮﻟﻴﻨﻲ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﻫﻈﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺟﻨﻴﻪ .
 
3 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﺭﻏﻢ ﻫﻤﺠﻴﺔ ﻭﻭﺣﺸﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ، ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻫﻮﻻ ﻭﻓﻈﺎﻋﺔ ﺣﻴﻦ ﻗﺘﻠﺖ ﺑﻘﻨﺒﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ 500 ﺃﻟﻒ ﺇﻧﺴﺎﻥ.
 
4 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ، ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻃﺎﻋﻮﻥ ﺍﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﺃﺛّﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﻌﺪﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ 100 ﻣﻴﻞ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ ﻇﻬﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﻌﺪﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻣﻴﺎﻝ .
 
5 - ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻐﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻟﻔﺘﻚ ﻭﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ، ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ﺗﺼﻨﻊ ﻗﻨﺒﻠﺔ ﺗﻔﻮﻕ ﺍﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﺑﻤﻠﻴﻮﻥ ﻣﺮﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺟﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺮﻯ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻣﺎﺭﺱ 1954.
 
6 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ، ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ؛ ﻣﻊ ﺃﻥ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺯﻋﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﺮ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻗﺘﻠﺖ 3 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻭ 400 ﺃﻟﻒ ﻓﻴﺘﻨﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻨﺼﻴﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﻣﻮﺍﻟﻲ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﻗﻢ ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﻑ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ‏(ﺭﻭﺑﺮﺕ ﻣﺎﻛﻨﺎﻣﺎﺭﺍ).
 
7 - ﻟﻢ ﻧﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﻤﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺠّﺮ 7 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻻﺟﺊ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻬﻢ، ﻭﻭﻫﺒﻬﺎ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ﺑﺰﻋﻢ ﻭﻭﻋﺪ ﺗﻠﻤﻮﺩﻱ ﺗﻮﺭﺍﺗﻲ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﻠﻢ ﺍﻟﻬﺮ ﻣﺠﺪﻭﻥ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ .
 
8 - ﻟﻢ ﻧﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ، ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻗﺪﺓ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺣﻮّﻝ ﺟﺰﺭ ﺳﺎﻣﺎﺭ ﺍﻹﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺳﻢ ‏( ﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻴﻦ ‏) ؛ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻠﻚ ﺃﺳﺒﺎﻧﻴﺎ .
 
9 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺻﺤﻔﻲ ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ ﺭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺰﺭ ﺳﺎﻣﺎﺭ ﻣﺎ ﻧﺼّﻪ : ‏( ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻛﻞ ﺭﺟﻞ ﻭﻛﻞ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﻛﻞ ﻃﻔﻞ ﻭﻛﻞ ﺳﺠﻴﻦ ﻭﺃﺳﻴﺮ ﻭﻛﻞ ﻣﺸﺘﺒﻪ ﻓﻴﻪ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻨﻲ ﻟﻴﺲ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻛﻠﺒﻪ، ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ‏( ﻓﺮﺍﻧﻜﻠﻴﻦ ‏) ﻛﺎﻧﺖ : ‏(ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﺳﺮﻯ ﻭﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺳﺠﻼﺕ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ‏) . ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺟﻤﻴﻌﺎ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻧُﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﻘﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻣﺎ ﺍﺩّﻋﻮﻩ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ .
 
10 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ 80 ﺃﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻣﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﻣﺪﻏﺸﻘﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ
ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺑﻀﺮبة ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺴﺮﻓﺔ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﺒﺮ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻄﺎﻭﻝ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪﻫﺎ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ .
 
11 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺴﺊ ﻟﻬﺎ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﺍﻟﻔﺎﺷﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ 700 ﺃﻟﻒ ﻟﻴﺒﻲ ﻭﻧﻔﺬ ﺣﺮﺏ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ ﺍﻵﻣﻨﻴﻦ، ﻭﻟﻢ ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺜﺄﺭ ﻟﻬﻢ، ﺑﻞ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﺪﺏ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ.
 
12 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻭﻓﻲ ﻣﺬﺑﺤﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺧﺰﺍﻃﺔ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ 40 ﺃﻟﻒ ﻣﻮﺣﺪ ﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ .
 
13 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﻓﻲ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﺔ ﻭﺍﻟﻬﺮﺳﻚ . ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺃﺣﺪ ﺿﺒﺎﻁ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻳﻘﻮﻝ : ‏( ﺇﻧﻪ ﻗﻀﻰ ﺷﻬﻮﺭًﺍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺇﻻ ﻟﻄﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻭﻻ ﻳﺮﻯ ﺳﻮﻯ ﻗﺬﺍﺋﻒ ﺍﻟﺼﺮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻮﺍﻟﻰ ﺗﺒﺎﻋًﺎ ﻓﻮﻕ ﺃﺷﺒﺎﺡ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ، ﻭﻫﻲ ﻋﻄﺸﻰ ﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺜﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺬﺑﺤﺔ ‏ ﺳﺮﺑﺮﻧﻴﺘﺸﺎ ﺍﻟﻤﺮﻭﻋﺔ.
 
14 - ﻟﻢ ﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ، ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺼﺮﺑﻴﺔ ‏( ﻓﻮﺷﺘﻴﻚ ‏) ﻟﻤﺠﻠﺔ ‏ﺩﻳﺮ ﺷﺒﻴﺠﻞ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﺎﻟﺤﺮﻑ: ‏( ﻟﻘﺪ ﻗﺘﻠﺖ
ﻭﺣﺪﻱ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻗﻤﺖ ﺷﺨﺼﻴًﺎ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺮﻯ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ‏) . ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺒﻬﺘﻪ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺪﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮﻡ ﻗﺘﻞ ﺍﻷﺳﺮﻯ ﻗﺎﻝ : ‏( ﻟﻢ ﺃﺟﺪ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﻟﻨﻘﻠﻬﻢ ﻭﺃﻥ ﺃﺭﺧﺺ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻫﻮ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﺟﻬﺰ ﺭﻓﺎﻗﻲ ﻋﻠﻰ 640 ﻣﺴﻠﻤﺎ .. ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻗﻮﻡ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﺨﺮﻕ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻻﺳﺮﻯ ﻭﺗﻌﺬﻳﺒﻬﻢ ﺃﻭ ﺗﻬﺸﻴﻢ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺑﺒﻂﺀ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﺃﺭﻳﺪ ‏) .
 
15 - ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻳﺆﻛﺪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻣﺎ ﺻﺮﺡ ﺑﻪ ﺟﺰﺍﺭ ﺍﻟﺼﺮﺏ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺲ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﻭﻣﺠﺮﻡ ﺍﻟﺤﺮﺏ ‏( ﺳﻠﻮﺑﻮﺩﺍﻥ ﻣﻴﻠﻮ ﺳﻮﻓﻴﺘﺶ ‏) ، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﻴﻦ ﺳُﺌﻞ ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﺔ ﻓﻘﺎﻝ : ‏( ﺇﻧﻨﻲ ﺃُﻃﻬّﺮ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﻣﺤﻤﺪ ‏) .
 
16 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ؛ ﺭﻏﻢ ﺃﻥّ ‏( ﺳﺮﺑﺮﻧﻴﺘﺸﺎ ‏) ﻭ‏( ﺑﻴﻬﺎﺗﺶ ‏) ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺘﺎ ﺇﻻ ﺍﺛﻨﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﻓﻴﻬﺎ - ﻃﺒﻘًﺎ ﻟﻺﺣﺼﺎﺋﻴﺎﺕ - ﻗﺘﻞ ﻭﺗﻌﺬﻳﺐ ﻭﺣﺮﻕ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ 300 ﺃﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻏﻠﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ، ﻣﻨﻬﻢ 70 ﺃﻟﻒ ﻗﻀﻮﺍ ﻧﺤﺒﻬﻢ ﻓﻮﺭًﺍ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﺯﺭ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ50 ﺃﻟﻒ ﻣﻌﺎﻕ ﻭﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ 120 ﺃﻟﻒ ﻣﻔﻘﻮﺩ ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﻫﺪﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 800 ﻣﺴﺠﺪ ﻭﻃﺮﺩ ﺟﻤﺎﻋﻲ ﻗﺴﺮﻱ ﻟﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻣﻠﻴﻮﻧﻴﻦ ﻭﻧﺼﻒ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻼ ﻣﺄﻭﻯ ﻭﻻ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﻻ ﺧﻴﺎﻡ.
 
17 - ﻟﻢ ﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻣﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺗﺜﺒﺖ ﺍﻏﺘﺼﺎﺏ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ 75 ﺃﻟﻒ ﺟﻨﺪﻱ ﺻﺮﺑﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﻌﺴﻜﺮًﺍ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ
700 ﺃﻟﻒ ﻃﻔﻠﺔ ﻭﺳﻴﺪﺓ ﺯﺭﻋﺖ ﺃﺭﺣﺎﻡ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻨﻬﻦ ﺑﺄﺟﻨّﺔ ﺫﺋﺎﺏ ﻭﻛﻼﺏ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺗﻨﺘﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺯﺍﺋﻔﺔ ﻃﺎﻏﻴﺔ ﻣﺘﻮﺣﺸﺔ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﻻ ﺗﻤُﺖّ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻻ ﻟﻠﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﺑﺄﺩﻧﻰ ﺻﻠﺔ .
 
18 - ﻭﻟﻢ ﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻳﻮﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻻﻏﺘﺼﺎﺏ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺃﻯ ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻭﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻭﺍﻷﺯﻭﺍﺝ  ﻭﻛﺎﻥ ﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻹﻧﻘﺎﺫ ﺃﻱ ﻣﻨﻬﻦ وابلا ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻳﺨﺘﺮﻕ ﺭﺃﺳﻪ ﻳﺮﺩﻳﻪ ﺻﺮﻳﻌًﺎ ﻣﻀﺮﺟًﺎ ﻓﻲ ﺩﻣﻪ .. ﻭﻭﺳﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ، ﺗﺮﻭﻱ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻥ ﺁﻻﻑ ﺍﻷُﺳﺮ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻻﻋﺘﺪﺍﺀﺍﺕ ﺗﻔﻮﻕ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ .
 
19 - ﻳﺆﻛﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻘﺮﻳﺮ ‏( ﺷﻔﺎﺭﺗﺰ ‏) ﻋﻀﻮ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻭﻋﻀﻮ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﻧﺸﺮﺍﺕ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺒﺮ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ /16 7/1992 ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ‏( ﺭﺃﻳﺖ ﺑﻌﻴﻨﻲ ‏) ﻭﻓﻴﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ‏( ﺭﺃﻳﺖ طفلاً ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻘﻄﻮﻉ ﺍﻷﺫﻧﻴﻦ ﻣﺠﺪﻭﻉ ﺍﻷﻧﻒ .. ﺭﺃﻳﺖ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺤﺒﺎﻟﻰ ﻭﻗﺪ ﺑﻘﺮﺕ ﺑﻄﻮﻧﻬﻦ ﻭﻣُﺜّﻞ ﺑﺄﺟﻨﺘﻬﻦ .
ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻭﻗﺪ ﺫُﺑﺤﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺭﻳﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﻳﺪ . ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺍﺕ ﻣﻤﻦ ﻫُﺘﻜﺖ ﺃﻋﺮﺍﺿﻬﻦ ﻭﻣﻨﻬﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻮﻻﺩﺓ ﻣﺎ ﺑﺄﺣﺸﺎﺋﻬﻦّ ﺳﻮﻯ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ . ﺭﺃﻳﺖ ﺻﻮﺭًﺍ ﻟﻢ ﺃﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺔ ﺷﺎﺷﺎﺕ ﺗﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﺃﻭ ﺷﺮﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ .. ﻭﺃﺗﺤﺪﻯ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻷﺣﺪ ﺍﻟﺠﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﺒﺜﻬﺎ ‏) .
 
20 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ، ﻭﻟﻢ ﻧﺘﻬﻤﻬﺎ ﺑﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﺑﺘﺴﻠﻴﻂ ﺍﻟﻜﻼﺏ ﺍﻟﻤﺪﺭﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻬﺎﻡ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺔ ﻟـ 300 ﻣﻌﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ “ﺃﺑﻮ ﻏﺮﻳﺐ” ،
ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺢ ﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﻋﻨﻮﺓ ﻋﺒﺮ ﻗﻴﻮﺩ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ ﻭﻭﻓﺎﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ.
 
21 - ﻟﻢ ﻧﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻻ ﺣﻤّﻠﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺼﺮﻉ 60 طفلاً ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ “ﺃﺑﻮ ﻏﺮﻳﺐ ” ﺑﻌﺪ ﺗﻘﻄﻴﻊ ﺃﻃﺮﺍﻓﻬﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻣﻬﺎﺗﻬﻢ .. ﻋﺒﺮ ﺭﺑﻂ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﻟﺴﻨﺔ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻷﺳﻼﻙ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ  .
 
22 - ﻟﻢ ﻧُﺠﺮّﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺭﻏﻢ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺑﻮﺵ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﺠﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺻﻞ ﻭﺃﻡ ﻗﺼﺮ ﻭﺑﻮﻛﺎ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎﻫﺪﻱ ﻃﺎﻟﺒﺎﻥ ﻓﻲ ﺳﺠﻮﻥ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭﻓﻲ ‏( ﺟﻮﺍﻧﺘﺎﻧﺎﻣﻮ ‏) ﺑﻛﻮﺑﺎ .
ﻭﻟﻢ ﻧﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﻤﺎ ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺻﺤﻴﻔﺔ ‏( ﺩﻳﻠﻲ ﺳﺘﺎﺭ ‏) ﻣﻦ أن ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻗﺪ ﺃﻣﺪﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﺑﺂﻟﻴﺎﺕ ﻭﻧﻈﻢ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﻻﻧﺘﺰﺍﻉ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻓﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﻯ ﻭﻣﻌﺘﻘﻠﻲ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ، ﺣﺘﻰ ﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮﻥ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮﻥ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺒﺮﺍﺀ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﻴﻦ ﻟﻠﺘﺰﻭﺩ ﺑﺨﺒﺮﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎبقة ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ.
 
23 - ﺳﺆﺍﻝ ﺃﺧﻴﺮ ﻧﻮﺟﻬﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﺮﻫﻔﺔ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻌﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻣﻤﻦ ﻳﺘﻌﺎﻣﻮﻥ ﻋﻦ ﺟﺮﺍﺋﻤﻪ ﻭﻳﺒﺮﺭﻭﻥ ﻣﺴﻴﺮﺓ ‏( ﺷﺎﺭﻟﻲ ﺇﺑﻴﺪﻭ ‏)
ﺳﺆﺍﻟﻲ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﺆﻟﻤﺔ ﺗﻘﺸﻌﺮّ ﻟﻬﻮﻟﻬﺎ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ :
ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺣﺸﻲ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻲ ﺍﻟﻤﺠﺮﻡ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻳﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻔﺼﻮﻣﻴﻦ ؟
ﻭﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺟﻌﻲّ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻒ ﻳﺎﻣﻦ ﺗﺪّﻋﻮﻥ ﺃﻧﻲ ﻭﺃﻣﺜﺎلي أصحاب ﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠّﻒ ؟
حسبي الله ونعم الوكيل
 
انشرها في جميع الجروبات ليستيقظ  المستغربون . ً ً ًًًًًًًًًًً ًًً ً

ميشال عون وعقدة الرئاسة

$
0
0
 تأليف : محمد السويسي

الصدفة وحدها لعبت دوراً في دفع العماد ميشال عون الى الواجهة السياسية إذ أنه كلف في نهاية سنوات الفوضى في لبنان برئاسة مجلس الوزراء من قبل الرئيس أمين الجميل بتشكيل حكومة عسكرية بعد تعذر انتخاب رئيس للجمهورية جديد يخلفه، وكان هو في حينه قائدًا للجيش اللبناني.

وقام الرئيس الجميل بتسليمه السلطة بعد أن شكل حكومة عسكرية في 22 ايلول 1988 ، على أن يدعو مجلس النواب إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد خلال ثلاثة اشهر كحد اقصى .

إلاان الجنرال عون عمد الى عرقلة اجتماع المجلس النيابي ومنع وصول النواب الى المجلس   لئلا يصار الى انتخاب رئيس جديد مع طرح نفسه رئيساً للبلاد مصراً على انتخابه ، فعمد الى اعمال القصف بالمدفعية لشرق بيروت وغربها والإستيلاء على السلطة بالقوة الى ان تم إسقاطه عقب إتفاق الطائف بعد معارك ضارية تم إقصائه على إثرها من قصر بعبدا الرئاسي في 13 تشرين الاول / أكتوبر1990 بعمليةعسكرية لبنانية / سورية مشتركة فهرب إلى السفارة الفرنسية في بيروت وبقي هناك لفترة من الزمن حتى سمح له من بعدها بالتوجه إلى منفاه في فرنسا في 28 آب 1991.

خلال ولايته صعّد من معارضته للقوات السورية الموجودة في لبنان طالباً اليها الرحيل مما أكسبه شعبية بين فريق كبير من اللبنانيين على مختلف طوائفهم الذين رأوا ان الوجود السوري في لبنان قد تحول الى جيش احتلال مطالبين برحيله مما زاد من حدة العداء بينه وبين السوريين الى ان ادى الامر الى إخراجه من القصر وهربه الى السفارة الفرنسية بعد قصفه بالطيران السوري .

وجوده في فرنسا ادى الى مشاكل بين السكان حيثما حل ، إذ كانوا يتخوفون من هجمات محتملة على مكان سكنه من قبل عملاء سوريين ، لذا فإن الرئيس شيراك تمنى على الرئيس رفيق الحريري ان يعيده الى لبنان بعد التصالح معه .

ولكن كان هناك مشكلة قضائية وهو ان السوريين بعد رحيله ضغطوا على لبنان فاضحى مطلوباً للقضاء بتهمة اختلاس 80 مليون دولار من اموال الخزينة العامة .

إلا ان الرئيس الحريري استجابة لوساطة الرئيس الفرنسي عالج هذا الأمرمع نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام الذي لم يبد أي اعتراض على عودته شرط ضبط لسانه ومناصريه من التهجم على سوريا . وقد وعد ميشال عون الرئيس رفيق الحريري بالإستجابة للشروط السورية والعودة الى لبنان دون القيام باي نشاط ضد السوريين .

وبالفعل فقد أعلن الرئيس الحريري من بيروت نهاية العام 2004 أن لامشكلة من عودة العماد ميشال عون الى لبنان وباستطاعته ممارسة نشاطه السياسي بحرية إذ ليس هناك أي ملاحقة ضده .

إلا أن الإيرانيين اتصلوا بالرئيس الأسد رافضين عودة ميشال عون من خلال رفيق الحريري مفضلين ان يكون ذلك من خلالهم ليكون حليفاً لحزب الله الذي يحتاج الى غطاء مسيحي ماروني في مواجهة القوات اللبنانية الذي يرفضون اي تواصل مع السوريين أو حزب الله ، وفي مواجهة البطريرك صفير الذي يرفض زيارة دمشق رغم كل الدعوات التي وجهت له تكراراً، لتعاطفه مع حزب القوات اللبنانية وفق تصور السوريين . 

وعليه فإنه اللواء غازي كنعان رئيس فرع المخابرت السورية في لبنان اعلن بعد ايام من تصريح الحريري انه في حال مجىء ميشال عون الى لبنان فهناك ملف اختلاس مالي بانتظاره وسيتم اعتقاله فوراً في المطار وسوقه للسجن والمحاكمه ، مما اجهض مبادرة الرئيس رفيق الحريري لعودة عون الى لبنان قبل نهاية العام 2004 .لينشط بعدها حزب بالله من خلال وسطاء عدة بدعوة ميشال عون الى لبنان مع ضمان حمايته وعدم ملاحقته نظراً لعلاقتهم الوثيقة بسوريا مع وعدهم له بانتخابه رئيساً للجمهورية ان عقد تحالفاَ معهم إلى جانب تلقيه مخابرة هاتفية من اللواء كنعان شخصياً بعدم ملاحقته طالما انه على علاقة مع الحزب الذي اضحى ملفه بعهدتهم.

وبالفعل فقد عاد ميشال عون الى لبنان في 7 أيار/مايو 2005 من منفاه في فرنسا التي قضى فيها 15 عامًا، وعند عودته إلى لبنان استقبله عدد كبير من مناصريه في المطار. وخاض بعدها الانتخابات النيابية التي أجريت في شهري ايار/ مايو وحزيران/ يونيو من العام 2005 ودخل البرلمان بكتلة نيابية مؤلفة من إحدى وعشرين نائبًا وهي ثاني أكبر كتلة في البرلمان تحت عنوان التيار الوطني الحر.

وقد قام خلال هذه الفترة بالتوقيع على وثيقة تفاهم مع حزب الله في 6 شباط / فبراير  2006 في كنيسة مار مخايل.

ثم شارك في مؤتمر الدوحة الذي انتهى بالتوقيع على اتفاق الدوحة في أيار 2008، ليتم بعد توقيع اتفاق الدوحة تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل الفئات اللبنانية حيث نالت كتلته النيابية خمسة وزراء بدعم من حزب الله .

ثم سعى إلى إقامة علاقة حسن الجوار مع سوريا ، بدفع من حزب الله ،بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، لينسج معها أفضل العلاقات. وتوج التحسن الكبير في العلاقة مع سوريا بزيارته لها في 3 كانون أول / ديسمبر  2008 ولقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد . وفي انتخابات عام 2009 تمكن من زيادة عدد نواب تكتل التغيير والإصلاح إلى 27 نائباً .

لذا فإن تحالف ميشال عون مع حزب الله هو تحالف قسري قهري ، ليس طمعاً في دعمهم لرئاسة الجمهورية فقط ، بل لتهديدهم الدائم له بإحالته للمحاكمة بتهمة إلإختلاس وسجنه إن حاول فك تحالفه معهم ، لذا فإنه تحالفه هذا هو استسلام لهم بحيث لايستطيع مخالفتهم او معارضتهم او فك ارتباطه بهم خوفاً من تحريك ملف الإختلاس ضده ، لذا يصرون على إيصاله لرئاسة الجمهورية لانه القيادي الماروني الوحيد الذين يستطيعون التحكم به وفق إرادتهم لخوفه منهم ، بحيث يكون رئيس صوري ليحكموا لبنان من خلاله كما حال الرئيس الجزائري الذي ليس سوى دمية بيد العسكر الذين اتوا به واصروا عليه على كبر سنه وضياعه الدائم ومرضه .

ولو وصل ميشال عون الى سدة الرئاسة لاضطر إلى تسليم امور لبنان مكرهاً الى إيران لتغزوه ، كما فعل على عبدالله صالح وبشار الاسد قبل ان ينحاز للروس ،ليتحول لبنان عندها الى ساحة حربية دموية بأعمال التفجير والإبادة للشعب اللبناني وتهجيره وقتله وتدمير مدنه وقراه من خلال المليشيات الإيرانية العراقية بترافق مع تنظيم داعش والقاعدة وجميع التنظيمات الإرهابية والتكفيرية في العالم الموالية جميعها لإيران والممولة منها كما هو حال سوريا والعراق ، بحيث لن يبق من لبنان سوى الخراب والدمار ، عدا جحافل الجيش الإسرائيلي التي ستسرع لاقتسام حصتها من لبنان طمعاً في اراضية ومياهه وجباله وجنوبه في تنافس مع المحتل الإيراني .

المملكة السعودية ومخاطراستثماراتها الخارجية

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

تنقسم الإستثمارات الخليجية  الخارجية الى عدة انواع ، مالية وتجارية صناعية وزراعية . والإستثمارات المالية تمثلت في المؤسسات  والمصارف والشركات  في معظم انحاء العالم مع التركيز على أوروبا وأميركا مؤخراً بشكل خاص وناجح .

اما الإستثمارات الصناعية والزراعية فقد اقتصرت تقريباً على العالم العربي ودول العالم الثالث في افريقيا وآىسيا .

وما يهمني هنا هو التركيز على الإستثمار الزراعي السعودي داخل المملكة وخارجها في كل من مصر والسودان والحبشة لما يشكل ذلك من أهمية على أمن الخليج الغذائي والإجتماعي .

ولكن قبل أن أسترسل ، لابد من المرور على مشاكل وخلفيات الإستثمارات المصرفية الخليجية في أميركا وأوروبا .

وبالعودة إلى مرحلة السبعينات من القرن الماضي  وماتلاها ، مع ارتفاع اسعار النفط بشكل متسارع ومفاجىء لعدة اضعاف ، بدأ الثراء يظهر على دول الخليج الذي انعكس بناء ونهوضاً واسعاً على كل الصعد استفادت منه الشركات الغربية في الإلتزامات وأعمال البناء ، مما جعل الغرب يضاعف أسعار النفط مجدداً بما فيه من عوائد مجزية له من خلال إستثماراته الخليجية .

إلا أن الخليج كان يواجه إشكالات عدة  مع المصارف الغربية التي اعتادت منذ عقود على الإفلاس  المتعمد لبنوكها كل عشر سنوات ونيف ومن ثم الإستيلاء على اموال الحكومات الخليجية وأفرادها المودعة فيها ، اي معظم اموال النفط  المدخرة بمئات أو ربما آلآف المليارات من الدولارات .

أمام تكرار هذه الممارسات  الإحتيالية إتجهت دول الخليج نحو تأسيس بنوك عربية في كل من أميركا وأوروبا لإيداع أموالها فيها وإنشاء محافظ استثمارات مالية وعقارية وإعلامية واسعة من خلال مصارفها مع التمدد في أعمال التسليف والرهن مما أزعج رأسماليي وول ستريت من يهود واميركان ، إذ اعتبروا ذلك تعدياً على اعمالهم وتجارتهم الأساسية التي نشأوا واعتادوا عليها لتكديس ثرواتهم .

فكان أن وضعت خطة أميركية صهيونية مضللة  لمواجهة الخليجيين في مسعى لتفتيت دولهم بالإساءة للدين الإسلامي وتحميله تعسفاً مسؤولية تفجير برجي نيويورك الذي تم من قبل المخابرات الأميركية تحت يافطة تنظيم القاعدة الإرهابي واتهام المسلمين به .

 علماً ان تنظيم القاعدة التي انشأته اميركا بتعاون مع دول الخليج في وقت سابق ، فإن هذه الدول تخلت عنه مع الإنتفاء الحاجة إليه  بعد تحرير أفغانستان من الإحتلال السوفياتي فاحتضنته المخابرات الاميركية بتمويل  من إيران بعدما  جعلت مقره الجديد في طهران بدلاً من أفغانستان مع إحتلال اميركا لهذا البلد  الى ان انتهى اجل التنظيم  مع مقتل زعيمه بن لادن واستبداله بتنظيم داعش التكفيري.

واحتلال أميركا لأفغانستان كان القصد منه السيطرة على طالبان وهزيمتها لدفع مقاتلي الهزارة والباكستانيين المعادين لها من الشيعة الموالين  لإيران للتفرغ والتوجه نحو العراق   لمشاركة اميركا في غزوه وتسليمه لطهران ليكون منطلقاً عدوانياً ضد البلدان  الخليجية ، من بوابات العراق وسوريا واليمن ، لتقويضها وتفتيتها وتدمير اقتصادها وجيوشها على اسس مذهبية شعوبية ، لوضع حد لتمدد الخليجيين  المالي والمصرفي في أوروبا وأميركا في منافسة مع اليهود .

ومن هنا كان الإعلام الغربي الصهيوني شديد العداء للإسلام خاصة بعد إنشاء أميركا  تنظيم داعش بتعاون مع إيران وإسرائيل وتسليحه بأسلحة أميركية  من خلال  الجيش العراقي تحت يافطة إسلامية تكفيرية إرهابية  معادية للعرب ودول الخليج والمنطقة باستثناء إيران وإسرائيل .

ولم يكتف الغرب بذلك بل قام بتعاون مع الموساد الإسرائيلي  وتوجيه من  المخابرات الأميركية ، بعملية شارلي إيبدو إلإرهابية مطلع العام 2015 وقتلت اثنى عشر صحفياً ورساماً باريسياً تحت يافطة إسلامية إرهابية حيث أتهم مسلمان لم يتم القبض عليهما ابداً بل اعلنوا مقتلهم لإخفاء الجريمة . وقد اعقب هذه العملية عمليات اخرى من الموساد  في بلاد الغرب تحت يافطة إسلامية إرهابية ،لمزيد من الإساءة للمسلمين .

والقصد من كل ذلك هو تهيئة الاجواء لغزو بلدان الخليج بالإساءة لسمعتها  ، كما سبق ان هيأوا الأجواء لاحتلال افغانستان بعملية برجي نيويورك واحتلال العراق بحجة  إزالة أسلحة الدمار الشامل حيث لم يتبين وجودها بعد الغزو ، كما أن البرجين لم يتبين وجود أي شخص قام بتدميرهما مدعين انهم قتلوا جميعاً في الطائرات التي فجروها في المبنيين ؟!

إلا أن  تصدي السعوديين في وجه الغزو الإيراني المحتمل لمملكة البحرين في العام 2014  والتصدي للمليشيات الحوثية الموالية لإيران في العام 2015، ونصرة الشعب السوري ضد الغزو الإيراني لبلاده ، أفشل المخططات الاميركية الصهيونية لغزو الخليج العربي وتدميره من خلال إيران وداعش   قياساً لما جرى في العراق وسوريا واليمن من دماروحشي هائل  .

مع فشل المخططات الصهيونية ضد المملكة والخليج من خلال إيران ، فيبدو ان اميركا تخلت عن دعمها المطلق لطهران  في اعمالها الإرهابية ضد الدول العربية الذي بدأ يلاحظ مؤخراً بتغير الموقف الاميركي الرسمي بالإنقلاب  ضدها في سوريا والعراق واليمن  مع قرب إنتهاء ولاية اوباما ، وذلك لتسليمها سوريا للروس لانقاذ وضعها المتردي وهزيمتها المتوقعة التي كان لامفر منها من قبل الثورة السورية .

 التخلي الإيراني عن سوريا للروس أغضب اميركا بشدة ، لأن الوجود الإيراني من الهين اقتلاعه من سوريا والعراق متى ارادت ، اما الوجود الروسي فمشكلة حقيقة قد تمتد الى العراق وتركيا وسائر العالم العربي إن لم تسارع اميركا إلى  معالجة الوضع بالتقرب من المملكة ومصر لإزالة داعش وسائر المليشيات التكفيرية التي تشكل الأخطبوط الإرهابي الإيراني  الشعوبي في المنطقة ، شرط  وقف حملاتها الإعلامية الغربية المغرضة ضد العرب والمسلمين عقب كل عملية يقوم بها الموساد الإسرائيلي في اوروبا وبلاد الغرب  بتوجيه من اميركا تحت عناوين إرهابية إسلامية تكفيرية لاأساس لها من الصحة لها إطلاقاً .

ومع فشل الهجمات الإرهابية الأميركية الصهيونية بقناعها الإيراني ضد أراضي دول الخليج كما فعلوا ببلدان عربية اخرى ، فإنه لم يعد أمامهم  سوى التركيز على المصالح الخليجية الإستثمارية في الخارج لمضايقتها تمهيداً لإخراجها من الأسواق الغربية التي أشرنا عنها آنفاً إن نجحوا في مخططاتهم .

وبالعودة الى الإستثمارات الزراعية  السعودية في العالم العربي وافريقيا وآسيا ، فإن المملكة   سعت اليها كتنويع لاستثماراتها وكمساعدة لهذه الدول للنهوض باقتصادها . ولكن لو استعرضنا ، كعينة ، مسيرة هذه الإستثمارات في كل من مصر والسودان والحبشة ، فإننا نذهل من هذا الجحود الذي تقابل فيه الإستثمارات السعودية في القطاع الزراعي الذي  تسعى من خلاله الى الأمن الغذائي لمواطينها  .

إذ يعاني المستثمرون السعوديين في هذه البلدان لعوائق جمة ومؤذية بعرقلة استثماراتهم عمداً إذا لم يدفعوا خوات وأتاوات مالية متواصلة ، خاصة في السودان واثيوبيا الى حد احتجاز حرية بعض المستثمرين والصاق التهم بهم وسجنهم بحجج مختلفة لاسند قانوني لها بداعي عدم صحة الاوراق التي تقدموا بها للترخيص او اتهامهم بالتلاعب بأجورعمالهم ، حتى دفع الخوّة . مما جعل بعض المستثمرين السعوديين يتخلون عن استثماراتهم ويتكبدون  ملايين  الدولارات من الخسارة هرباً من الإعتقال والسجن مع استفحال الأمر .

 أما مصر ، كما حال السودان ، فمشكلتها في البيروقراطية وعدم الكفاءة الإدارية التي تعيق الإستثمارات الصناعية والزراعية العربية فيها كما ينبغي ، ناهيك عن الرشوة احياناً لعدم وجود ضوابط رقابية ملائمة . ويعتبر ملف أراضي توشكي للإستثمار الزراعي إحدى اكبر الفضائح .

مع تفاقم هذه المشاكل وسلبياتها أمام الإستثمارات السعودية كان على المملكة ان تجد حلاً لهذه المشاكل المستفحلة بأن تغير أسلوب استثماراتها من السلبية نحو الإيجاب وإن في نفس المواقع . ويكون ذلك بوقف استئجار الاراضي الزراعية واستثمارها في هذه الدول وأمثالها لعجز حكوماتها عن حماية أصحاب هذه الإستثمارات من الإبتزاز وضياع المشروع والمال .

لذلك كان من الأفضل العمل على شراء الإنتاج الزراعي من التجار المحليين أو الشركات مباشرة إذا كان لها وجود ، والإستثمار المالي من خلال تأسيس مصارف سعودية في هذه الدول  كما وشركات مالية تعمد الى تسليف كبار المزارعين الأفارقة والمصريين وغيرهم بضمان رهن الأرض والإنتاج على أن تعمد شركات مختصة الى التعاقد لشراء المواسم قبل حصادها من مستثمريها الافارقة والآسيوية بضمان وتوجيه من  البنوك السعودية  وفق الآليات المتبعة في هذا الشأن .

إلا أن المصلحة الوطنية للمحافظة على الامن الغذائي الحالي والمستقبلي  للمملكة تقتضي العودة الى زراعة القمح والأعلاف وكل انواع الحبوب التي تلائمها الاراضي الزراعية  السعودية  كما كان عليه الامر قبلا مهما بلغت التكلفة ولو اضطر الامر الى استجرار المياه من امكنة بعيدة في المملكة او تحلية مياه البحر ، إذ لايؤمن ولا يمكن الإعتماد على الخارج في تأمين مادة استراتيجية  لحاجة  المواطن كالقمح والحبوب والشعير والأعلاف لمواشيه بما يحافظ على سلامة الثروة الحيوانية .

 

 

 

الإسلام والأحزاب الدينية

$
0
0

 

تأليف : محمد السويسي

كل من ينتسب لحزب سياسي تحت عنوان إسلامي ، هو خروج عن الجماعة والامارة وعن الطاعة وفيه عودة الى الجاهلية الأولى وبالتالي فسق وجحود ، وفقاً لمبادىء الإسلام وشريعته ، يعود لجهل المنتمين اليه من المسلمين. 
تماماً كما حال الإنتساب لمذهب معين ثم العداء للمذاهب الاخرى عن جهل بالشريعة الإسلامية من  المنتمين اليه بما  أدى الى شرذمة المسلمين وانقسامهم لجهل السلف وتقاعس الخلف عن التصحيح والتصويب والتوحيد .
اذ ان المذاهب في تعددها ومضمونها ليست  سوى مدارس فقهية اجتهادية كانت تعد بالعشرات الا أن الخطاً كان في حصرها بأربع مدارس فقط أسموها مذاهباً لخطأ جسيماً  ادى الى وقف الإجتهاد وإلى الفرقة والتشرذم  الذي  وقع فيه السلف لعدم الحاجة للتصنيف ، بما سمح للاعاجم من اعداء الدين بالتسلل بمذهب لهم نسبوه للدين الاسلامي افتراء بما لاعلاقة له به بما تضمن في نواحية من شرك وكفر صريح كما كفر المنتسبين للأحزاب ذات العناوين الإسلامية  التي لاتختلف في مضمونها عن مذاهب الشرك الأعجمية المتعددة . 
وقد جاء في الدرر السنية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال : ( لا إسلام بلا جماعة ولا جماعة بلا أمير ولا أمير بلا طاعة). 
فاستغل احد المغرضين لجهله او لسؤ نيته إن كان عالماً هذا القول بضرورة تأليف حزب سياسي ديني أدى الى انقسام المجتمع الاسلامي مع تعدد الأحزاب الإسلامية في ظل الإحتلال البريطاني بداية القرن الماضي فكان عمله فعل انتصار للشيطان وأعداء الاسلام في هذا الجهل والتحريف لاسباب عدة .
اذ لايجوز بناء توجه اسلامي بهذه الخطورة ، بما نتج عنه من إنقسام وجدل ، إستناداً  لقول غير مؤكد للخليفة عمربن الخطاب  مع وجود النص القرآني الذي هو دستورالمسلمين ونورهم  الغير القابل للطعن أو الشك .

 لان هذا النقل عن عمر  قابل للتحريف والتزوير والافتراء كما الحديث الموضوع او الضعيف مع وجود اعداء الاسلام وقد مر عليه الوقت الطويل خاصة وأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد اوصانا قبل وفاته بأنه قد ترك فينا كتاب الله وسنته كما جاء في السلف : (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي )، فكيف نتركهما الى مايضرنا وما لاينفعنا لمكاسب دنيوية خاصة زائلة ؟!
ومع ذلك سنفترض صحة ماجاء في قول عمر رضى الله عنه بالتمحص والتحليل والإستدلال لنجد انه لم يخرج عن مبادىء الاسلام وتأكيداته التي تتلخص في الدعوة المسلمين الى التكتل حول أميرهم اي ولي أمرهم وهو الحاكم صاحب السلطة اي صاحب الدولة وليس صاحب حزب او صاحب حي متمرد على الدولة في نزاع للاستيلاء على السلطة ، لأن في ذلك فسق وفجور صريح .
إذ كان علماء السلف الصالح ان رأوا اعوجاجاً يجتمعون ويتوجهون الى الحاكم بالنصح والارشا د ، ولايتبعون التحريض والشتم والعصبية القبلية والتحزب لجماعة ما في حي او موقع والدعوة الى الخروج عن طاعة الامير لأن في ذلك فسق وكفر وتعطيل لصلاحياته وتعطيل للسلم ونشر الفوضى لانه كما جاء في قول عمر بأنه لاأمير بلا طاعة .
لذا كان من الخطأ الجسيم تأليف أحزاب أو تنظيمات او مليشيات او عصابات بيافطة اسلامية والانتساب اليها والتعصب لها ولمبادئها مع وجود يافطات اخرى سياسية واجتماعية ، لانها عمل استعماري وإسرائيلي  تخريبي في مضمونها ونهجها اذ تعمد الى اعادة المسلمين الى عصر الجاهلية والعصبية الأولى .

وقد حذرنا الله تعالى في كتابه الكريم من الوقوع في مثل هذا الشرك بقوله :"ومن كان في هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة اعمى وأضل سبيلا" .
لذا يتحمل كل منتسب الى هذه الأحزاب  الدنيوية ، ان كان على علم بالدين ، وزر المنتسبين الآخرين من الجهلة اذا لم ينصحه بالخروج منها وليهتدي  بقوله تعالى في اتباع الطريق القويم وفق التالي  :

 "وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً "

كما يتحمل نفس الوزر علماء الأمة اذا لم يدعوا عن المنابر هؤلاء المضللين للخروج من هذه الأحزاب الجاهلية الخارجة عن الدين واجماع الأمة والجماعة.
لذا كان من الاصح في هذا الزمن والعصر ان يكون عنوان هذه الأحزاب سياسي او اجتماعي أو اي عنوان بيافطة أخرى إلإ الدين ، حتى لا تكون تجارة دنيوية تنعكس سلباً على المجتمع الاسلامي وتقسيمه لأننا نجد في فحوى كتب هذه الاحزاب تكفير للمجتمع الاسلامي وجموع المسلمين من غير المنتسبين اليهم وفي ذلك كفر صريح وخروج عن الاسلام والدين يتحملون وزره في عذاب جهنم يوم العرض  لأنه لايجوز تكفير من قال بالشهادة وآمن بها واطمئن اليها قلبه .
وقد جاء في القرآن الكريم في باب الإطاعة قوله تعالى :

"ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ".
وأولي الأمر هو الحاكم وليس صاحب الحزب الجاهلي او صاحب الحي أو المدينة او القرية ، هذا في نظام الحكم والدولة ضمن المجتمع الاسلامي .
وتقاعس علماء الأمة في توضيح هذا الأمر أدى الى ضياع جموع من المسلمين المغررين في انتساب بعضهم الى هذه الأحزاب الجاهلية السياسية بعنوانها الديني بما لاحاجة له بما ادى شرذمة المجتمع الاسلامي في بذر الخلاف  .
اذ أن هذه الاحزاب قد ميزت نفسها عن سائر المسلمين ، وفقاً لافعالها وممارساتها ، فحملت  عليهم بتكفيرها لهم وامتناعها عن يد العون لجموعهم وافرادهم، اذ حصرت المنافع بجماعتها كما العصبية والجاهلية الاولى وفي ذلك كفر صريح بالخروج عن مبادىء الاسلام في الاخوة الإسلامية  وفق قوله تعالى : "إنما المؤمنون اخوة " .وجاءفي الحديثالشريف :لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه أي يحب للمسلم ما يحب لنفسه .

وفي حديث صحيح مسلم : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم .
الى حد ان الجهلة من الأحزاب الاسلامية ومن تولوا الامور في مناطق معينة واحياء وقرى ومدن داخل سوريا والعراق وليبيا واليمن قد عملوا قتلاً بالمسلمين المؤمنين بعد تكفيرهم باعتبارهم انهم غير منتسبين لحزبهم الجاهلي التكفيري او جماعتهم أو مذهبهم بما يزيد من ذنوبهم ، إلا أن عين الله لاتنام عن امثال هؤلاء .

وقد جاء في قوله تعالى :"قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو اهدى سبيلاً " .
علماُ بأن حزب هؤلاء  الذين قتلوا ويقتلون  هو الدين الاسلامي الذي انزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، ودستورهم هو القرآن الكريم الذي جعله الله  شفاء ورحمة للمؤمنين ، اي الايمان بالله وتعاليمه وليس تعاليم الأحزاب وكتبهم القائمة في جوهرها ومضمونها على الفسق والفجور بما فيها من تحريف خبيث وتضليل لايدركه الا صاحب العلم الذي أنعم الله عليه بقلب سليم فاخلص لله بعيداً عن اطماع الدنيا ومكاسبها بما يرضي الله ورسوله وعباده المؤمنين.

 

Viewing all 560 articles
Browse latest View live